أمّا لو عدنا إلى التأريخ الإسلاميّ سنجد أنّ للقرآن الكرَيم مكانةً كبرى عند المسلمين لم تكن لأيّ كتابٍ آخر سواه، فمنذ نزوله أحبُّوه، وتَلَوْا ما تيَسَّر لهم منه آناء اللّيل وأطراف النّهار، وحَفِظُوا آياته، وحَفَّظوهُ أبناءهم، واعتنَوا بتفسيره، واستجلاء مقاصده.
وهذا الأمر طبيعيٌّ جداً، فهو كتاب الله العظيم، الجامع لجميع عناصر الرّوحانيّة والجمال، وهو الذي أوجدَ من سكّان شبه الجزيرة العربيّة أُمّةً عظيمةَ الشّأن، منيعةَ الجانب، ساميةَ الحضارة، محترمةً بين الشّعوب والأمم، وأعطاها شخصيّةً وسموّاً في الذّات والمعنى.
لكن ما يبعث في النفس السرور هي الحركةُ النهضويّة التي تُعيد الروح القرآنيّة للمجتمع، خصوصاً بعد عام (2003) من خلال ما شهده العراق من تحوّلٍ جذريّ، فقد عادت العتباتُ المقدّسة لتكون مصدر إشعاعٍ فكريّ وحضاريّ يبثّ للعالم أجمع رسالة كربلاء الإنسانيّة، فكان من الأولويّات هو تأسيس معاهد ومراكز تهتمّ بالشأن القرآنيّ وأطلقت مشاريع عديدة ومسابقات عديدة في هذا الشأن، كالمسابقة الفرقيّة الوطنيّة التي يُقيمها مركزُ المشاريع القرآنيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة، والدورات القرآنيّة الصيفيّة للمراحل الدراسيّة الابتدائيّة والمتوسّطة، ومشروع الألف حافظ، وغيرها العديد من الأنشطة التي ستُحدث إن شاء الله نقلةً نوعيّة في الحراك القرآنيّ الوطنيّ.