فكان المعتصمُ قد حاول مرّاتٍ عديدة اغتيال الإمام الجواد(عليه السلام) واختار في خاتمة محاولاته الخبيثة من أجل النيل من القمر التاسع من أئمّة الهدى(عليهم السلام) أُمّ الفضل لتنفيذ جريمته، وممّا يشير إلى أسباب استغلال المعتصم لأُمّ الفضل وكيفية تحريضها على الإقدام على قتل الإمام(عليه السلام) ما رُوي من شدّة غيرتها أيام أبيها وتوريط أبيها لها على ارتكاب جريمة قتل الإمام من قبل المأمون نفسه.
قال أبو نصر الهمداني: "وروى أبو جعفر -رحمه الله- قال كان سبب وفاة الإمام(عليه السلام) أنّ زوجته أمّ الفضل بنت المأمون اللّعين لمّا رزق الله محمداً الجواد ابنه عليّاً الهادي(عليهما السلام) من غيرها انحسرت عنه وسمّته بتسع عشرة حبّة عنب، فلمّا أكلها بكت، فقال لها: (ممّا بكاؤك، والله ليضربنّك فقرٌ لا ينجبر وبلاءٌ لا يستتر)، فبُليت بعده بعلّةٍ في أغمض المواضع من بدنها وأنفقت عليها ملكها حتى احتاجت الى رفد الناس".
أمّا ما كان من أمر الإمام الجواد(عليه السلام) فإنّه لما تجرّع السمّ صار يتقيّأ دماً عبيطاً فرمى بنفسه على الفراش وأخذ يتقلّب ذات اليمين وذات الشمال حتّى رمى كبده قطعةً قطعة، فقضى إمامنا(سلام الله عليه) نحبه شهيداً مظلوماً صابراً محتسباً، فقامت عليه الواعية في داره وعلا الضجيج والبكاء والعويل من الهاشميّين والعلويّين من آل عدنان فهم ما بين نادبٍ ونادبة وباكٍ وباكية بأصواتٍ عالية ونوح وعويل، وصارت الشيعة في حزنٍ شديد وهمّ مبيد وكلٌّ منهم يُنادي: وإماماه.. وجواداه.. واكفيل اليتامى والمساكين.. ومأوى الضائعات والضائعين..
وكان يوم استشهاده(سلام الله عليه) في آخر ذي القعدة الحرام عام (220هـ)، وهو (سلام الله عليه) في عنفوان شبابه حيث كان يبلغ من العمر 25سنة . وانطفأت بشهادته(عليه السلام) شُعلَةٌ مشرقة من الإمامة والقيادة الواعية المفكّرة في الإسلام، وأفل نجم من نجوم الهدى والتقى.. وانطوت بموته صفحةٌ من صفحات الرسالة الإسلامية التي أضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الأرض وحُفِر للجثمان المقدَّس قبرٌ ملاصقٌ لقبر جدِّه الإمام الكاظم(عليه السلام) في مقبرة قريش بـ(بغداد)، فَوَارَوهُ فيه.