نعم لقد شاء الله عَزَّ و جَلَّ أن يُظهر ما ظلّ مستوراً من العلوم والأحكام التي أودعها نبيَّه المصطفى(صلّى الله عليه وآله) على يد الإمام محمد بن علي الباقر(عليه السَّلام)، حيث تغيَّرت الظروف وحصل بعض الانفراج، فقام الإمام الباقر(عليه السَّلام) باغتنام هذه الفرصة اغتناماً تامّاً فنشر تلك العلوم بين الناس، وتمكَّن من تربية ثُلَّةٍ من العلماء والمحدّثين الذين أصبحوا فيما بعد من أعلام الأمّة ونجبائها وثقاتها المتميّزين، أمثال محمد بن مسلم وزرارة بن أعين وبُريد بن معاوية العجلي وأبي بصير بن ليث البختري المرادي الذين قال عنهم الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السَّلام) أنّهم أوتاد الأرض وأعلام الدين ولولاهم لانقطعت آثار النبوّة و اندرست.
ولقد كان الرسول المصطفى(صلّى الله عليه وآله) قد أخبر عن الإمام الباقر(عليه السَّلام) وقيامه بهذا الدور العلميّ الكبير في حديثه الخاصّ الذي أدلى به إلى الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري، فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ أنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ سُمِّيَ الْبَاقِرُ بَاقِراً؟ قَالَ: لِأَنَّهُ بَقَرَ الْعِلْم بقْراً، أَيْ شَقَّهُ شَقّاً وَأَظْهَرَهُ إِظْهَاراً، وَلَقَدْ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ(صلّى الله عليه وآله) يَقُولُ: (يَا جَابِرُ إِنَّكَ سَتَبْقَى حَتَّى تَلْقَى وَلَدِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَعْرُوفَ فِي التَّوْرَاةِ بِبَاقِرٍ فَإِذَا لَقِيتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ).