لذا نجد جموع المعزّين الذين وفدوا لمدينة الشهادة والإباء كربلاء المقدّسة، ليعيشوا بوجدانهم تفاصيل هذه الأحداث المؤلمة، مستقبلين ليلة العاشر ليلة الوداع بين الأحبّة وكيف قضاها سيّد الشهداء وهو يُجيل بصره الشريف بين أرجاء المخيّم، وهو مطّلعٌ تمام الاطّلاع على ما سيحلّ به وبأهل بيته وأنصاره صبيحة يوم غدٍ.
المفجوعون بهذا المصاب وكما هي عادتُهم في كلّ ليلة عاشوراء أن يُحيوا هذه اللّيلة العصيبة على آل الله في أرض كربلاء، وعند المرقدين الطاهرين للإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس(عليهما السلام) وما بينهما، قضوا ليلتهم ما بين راكعٍ وساجد وقائمٍ وقاعد، تالين الكتاب كما كان أصحابُ الحسين(عليه السلام) الذين كان لهم دويٌّ كدويّ النحل –كما يذكر أرباب المقاتل-، ليتحسّسوا عظم تلك الرزيّة والفاجعة الأليمة الكبرى.