الثامنُ والعشرون من صفر ذكرى شهادة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وعروجه الى الملكوت الأعلى

الثامن والعشرون من صفر تبلغ أحزان أهل البيت(عليهم السلام) ذروتها.. ففيه الفاجعة التي أبكت عيونهم وأدمت قلوبهم وكانت بداية المآسي الأخرى التي ألمّت بهم.. ففي مثل هذا اليوم من سنة (11هـ) انتقل الى الرفيق الأعلى أشرفُ المخلوقات وسيّدُ الأنبياء والمرسلين محمد(صلّى الله عليه وآله)، وكان عمره الشريف (6۳) عاماً.

تولّى الإمام علي(عليه السلام) تجهيزه ولم يشاركه أحدٌ فيه، فقام(عليه السلام) بتغسيله وتكفينه، والصلاة عليه ودفنه، ووقف على حافّة قبره قائلاً: (إنّ الصبر لَجَميلٌ إلّا عنك، وإنّ الجزع لَقَبيح إلّا عليك، وإنّ المُصابَ بك لَجَليل، وإِنّه بَعدَكَ لَقليل).

وقد رثاه أميرُ المؤمنين الإمامُ علي(عليه السلام) بقوله:

أمِن بعدِ تكفينِ النبيِّ ودفنِهِ ** بأثوابِهِ أسى على هالكٍ ثوى

رُزئنا رسولُ اللهِ فينا فلن نرى ** بذاكَ عديلاً ما حيينا من الورى
ورثته فاطمة الزهراء(عليها السلام) بقولها:
قُل للمغيّبِ تحتَ أطباقِ الثرى ** إن كُنتَ تسمعُ صرختِي وندائيا
صُبّت عليَّ مصائبٌ لو أنَّها ** صُبّت على الأيّامِ صرنَ لياليا
فلأجعلنَّ الحُزنَ بعدَكَ مُؤنسي ** ولأجعلنَّ الدمعَ فيكَ وشاحيا
ماذا على مَن شمَّ تربةَ أحمدَ ** ألّا يشمَّ مدى الزمانِ غواليا

وعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال:( لمّا حضرت النبيّ(صلّى الله عليه وآله) الوفاة نزل جبرائيل(عليه السلام) فقال له: يا رسول الله، هل لك في الرجوع؟ قال (صلّى الله عليه وآله): (لا.. قد بلّغتُ رسالات ربّي)، ثمَّ قال له: أتريد الرجوع إلى الدنيا؟ قال (صلّى الله عليه وآله): (لا.. بل الى الرفيق الأعلى).

ثمَّ قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله) للمسلمين وهم مجتمعون حوله: (أيّها الناس.. لا نبيّ بعدي ولا سنّة بعد سنّتي، فمن ادّعى ذلك فدعواه وبدعته في النار، ومن ادّعى ذلك فاقتلوه ومن اتّبعه فإنّهم في النار.

أيّها الناس، أحبّوا القصاص وأحبّوا الحقّ ولا تفرّقوا، وأسلموا وسلّموا تَسْلموا (كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)).