انطلق وفدُ العتبتين المقدّستين صباح يوم الخميس (26 جمادى الآخرة 1436هـ) الموافق لـ(16نيسان 2015م) من العاصمة الباكستانية إسلام آباد قاصداً مدينة (سكاردو) في أقصى الشمال الباكستانيّ بمحاذاة الصين وقد وصل إليها بالطائرة، وفور وصوله استقلّ الوفدُ سيارات الدفع الرباعيّ لتسير به بين سلسلة جبالٍ شاهقة حتى وصل إلى مدينةٍ تقع في وادٍ عميق يقال لها (شِگر) وهي تنتمي الى إقليم بلتستان وسكّانها من الموالين لأهل البيت(عليهم السلام).
فما إنّ حطّ الوفدُ رحاله حتى تعالت الأصوات ممزوجةً بالبكاء مناديةً (لبيك يا حسين) لتكتظّ بهم الطرقات، فسار الوفدُ وسط هذا الحشد الكبير وهو يحمل راية الإمام الحسين(عليه السلام) ليرفعها على ساريةٍ في وسط المدينة أُعِدّت لهذا الغرض، وقد تدافع المؤمنون لنيل شرف التبرّك بها.
ووسط أجواءٍ سادها الخشوع والإجلال والبكاء استذكاراً لمصاب أهل البيت(عليهم السلام) بفاجعة الطفّ الخالدة، رُفعت الرايةُ المباركة ورفرفت في تلك البلاد النائية والتي قد يتعجّب المرءُ أن تكون هناك حياة في تلك البقعة من الأرض، بيد أنّها كانت مزدحمة بالحياة وتنبض بحبّ آل البيت(عليهم السلام) والموالاة لهم.
وقد عبّر أهالي هذه المدينة عن شكرهم وامتنانهم الكبير لقدوم وفد العتبتين المقدّستين الذي نقل لهم نسيماً من كربلاء، وأكّدوا أنّ هذا شرفٌ عظيم مَنَّ اللهُ به عليهم، بعد أن تقطّعت بهم السبل للوصول إلى كربلاء بسبب بُعْدِ المسافة وبساطة الحال.
فسلام الله عليك سيدي أبا عبدالله، وسلامٌ على الأرواح التي حلّت بفنائك، وسلامٌ على أهل بيتك وأصحابك الذين استشهدوا معك، أنتم نور هذه الأرض تبثّون الحياة فيها وتهدونها إلى طريق رسالة جدّك محمّد(صلى الله عليه وآله).
من الجدير بالذّكر أنّ العتبة الحسينية المقدّسة بالتعاون مع جامعة الكوثر ومشاركة العتبة العباسية المقدّسة أقامت أسبوعاً ثقافيّاً يُعدّ الثاني من نوعه ثقافياً على مرّ التأريخ في شبه القارة الهندية بعد مهرجان أمير المؤمنين(عليه السلام) في الهند الذي تُقيمه العتبةُ العباسيةُ المقدّسة للسنة الثالثة على التوالي، والأوّل من نوعه على مدى عامين فيها من حيث التعاون في إقامته مع جامعةٍ أكاديميةٍ في هذه المنطقة، حيث يسهم هذا الأسبوع في تثقيف محبّي أبي عبدالله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) ضمن سلسلة الأسابيع الثقافية التي تُقيمها العتبتان المقدّستان الحسينية والعباسية في بلدانٍ شتّى لنقل الفكر الصافي للنبيّ وأهل بيته(صلوات الله عليهم) إلى كافة أرجاء المعمورة نشراً للهدى والسلام فيها، ودفعاً للتطرّف الذي يتّخذ من الإسلام المزيّف شعاراً له. وقد حمل هذا المهرجان المقامُ في إسلام آباد اسم (نسيم كربلاء)، وشهد هذا العام مشاركة العتبة الكاظمية المقدّسة إلى جانب العتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية.