الى

كيف أحيى المعزّون اليوم السابع وليلة الثامن من محرّم الحرام؟؟..

مابين الحرمين الشريفين
تشهد كربلاء مراسيم عزاء بطلٍ من أبطال الطفّ الخالدة، وهو الشهيد الشاب القاسم بن الحسن السبط(عليه السلام) الذي ضحّى بنفسه، وبذل مهجته في سبيل النهج الرساليّ القويم لشريعة جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وإحياء الدين والعقيدة التي حاول الظالمون طمسها وحجبها عن وعي الأمّة وفكرها الوقّاد.. حيث يشهد محرّم الحرام في يومه السابع مراسيم حزينة لذلك الشاب المعبّأ بالإيمان، الذي ورث الشجاعة والجرأة في الحروب من أبيه الحسن المجتبى وجدّه أمير المؤمنين وعمّه أبي عبدالله الحسين(عليهم السلام) وسائر هذه السلالة الطاهرة لأهل البيت(عليهم السلام).
فكانت الهيئات والمواكب الحسينية تحمل الشموع والحنّاء وقرع الطبول العزائية المناسبة لهذه الواقعة الأليمة باستشهاد هذا الفارس المقدام الذي ترك الدنيا بزخرفها وزبرجها وآلى على نفسه إلّا المضيّ قدماً في نصرة سيد بني هاشم، والإمام المفترض الطاعة أبي الأحرار(عليه السلام) فنال المنزلة العُليا في جنّات النعيم، والعزّ والفخر والمحبّة في قلوب محبّيه ومواليه.

حيث يخرج أصحابُ المواكب المعزّية وهم يرتدون الملابس البيضاء ويحملون الشموع، وخلال مسيرتهم تصدح حناجرهم بمآثر القاسم وما قدّمه في يوم عاشوراء واستشهاده بين يدي عمّه الحسين(عليه السلام)، وبعض المواكب يُدخلون معهم الأطفال في مسيرتهم، وآخرون يأتون بشابٍّ يمتطي فرساً أو يكون راجلاً أحياناً وهو يُلقي الأرجوزة المشهورة:

(إِنْ تُنْكروني فَأَنا نَجْلُ الحَسَنْ *** سِبْطُ النَبِيِّ المُصْطفى والمُؤْتَمَنْ)

(هذا حُـسَيْنٌ كالأَسِـيرِ المُرتَهَنْ *** بَيْنَ أُناسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُـزنْ)

ويُعدّ هذا من التشابيه الخاصة لشخص القاسم(عليه السلام) وتمثيلاً ليوم زفافه الى الجنة.

يُذكر أنّه ورد عن الإمام الحجّة(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في زيارة الناحية المقدّسة عند ذكر القاسم بن الحسن المجتبى: (السلام على القاسم بن الحسن المضروب على هامته، المسلوب لامته، الذي نادى عمّه الحسين فجلى عليه كالصقر فرآه يفحص بيديه ورجليه، فقال: يعزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يُجيبك، أو يجيبك فلا يعينك، أو يعينك فلا يغني عنك، بُعْداً لقومٍ قتلوك، ومَنْ خصمهم يومَ القيامة جدُّك وأبوك، هذا والله يومٌ كثر واتره وقلّ ناصره).

القاسم(رضوان الله عليه) على صغر سنِّه بحيث عُبِّر عنه أنَّه لم يبلغ الحُلُم (أي كان عمره حوالي 12 أو 13 سنة)، كان متهيّئاً لنصرة عمّه الحسين(عليه السلام) ومتدرّباً على القتال كالفرسان الشجعان، وليس عجيباً أمره إذ إنَّه ابنُ الحسن وجدّه أمير المؤمنين وتربّى في حجر الحسين(عليه السلام) فغدا كاملاً في أخلاقه وإيمانه وثباته، وقدوةً للعارفين والسالكين إلى الله في عشقه للشهادة، يسأله عمّه الحسين(عليه السلام) عندما أراد القاسم أن يعرف هل هو في جملة من يُرزقون الشهادة -كما بشّر بها الإمامُ الحسينُ أصحابَه ليلةَ عاشوراء-، فقال له الحسين: ولدي قاسم كيف تجد طعم الموت؟ قال: يا عمّاه، والله.. الموت بين يديك عندي أحلى من العسل. فبشَّره الحسينُ بالشهادة وأنّه في جملة من يكون لهم هذا الفوز وهذه السعادة معه من الشهداء.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: