أنت في الصفحة : مقالات

مقالات
الزّينة والتّجمّل من وجهة نظر الإسلام
الزّينة والتّجمّل من وجهة نظر الإسلام
الكاتب : أحمد الخالدي

تأريخ النشر : 2019-03-01

عليّ الخفاجي
انطلاقا من شعار (إنّ الله جميل يحب الجمال) كان وما يزال يوصينا الإسلام بالعناية بالصورة التي يخرج بها المسلم أمام أعين الناس فالإسلام هو دين يغرس الحبَّ والجمال في النفوس ويشجع على التجمّل وحسن المظهر لأن هذا من نعم الله على عباده والله يحب أن تظهر آثار نعمته على عباده حيث قال سيد البشر (صلى الله عليه وآله وسلم)):إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ‏ عَلَى‏ عَبْدِه‏( (بحار الأنوار، العلامة المجلسي 70/207).
فانعكاس هذا الشيء على الفرد المسلم يظهر حتى على أخلاقه وتعامله مع أقرانه لأنّ كلمة التَّجمّل لا تشمل اللباس فقط بل للتّجمّل الكثير من المصاديق منها: التجمل بمكارم بالأخلاق والتّجمّل بسائر الصفات الأخلاقية التي يحث عليها الإسلام، قال الإمام علي (عليه السلام):)التَّجَمُّلُ‏ مِنْ‏ أَخْلَاقِ‏ الْمُؤْمِنِين‏( فهو إذًا خلق من أخلاق المؤمنين وغريزة لدى كل إنسان يحب أن يراه الناس جميلا وبمظهر تجتذبه النفوس عند رؤيته.
فعند قراءة التاريخ نرى أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) عند حضور وقت الصلاة كان يرتدي أجمل الثياب وأحسنها مظهراً، وحين سُئل لماذا تلبس أحسن ثيابك يا ابن رسول الله؟ قال:)إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُ‏ الْجَمَالَ‏ فَأَتَجَمَّلُ‏ لِرَبِّي‏ وَهُوَ يَقُولُ‏ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ( (وسائل الشيعة ‏3: 452) .
إنّ الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون المترامي الأطراف وفيه كل هذه الصور الجميلة المعبرة عن حبّه سبحانه وتعالى لكل شيء جميل ومنتظم فهذا يدل على شيء واحد عظمة خالق هذا الكون الواهب للجمال الطبيعي لبني آدم حيث أوصاهم بالانتفاع بهذا الجمال الإلهيّ والإفادة منه ليكونوا شاكرين له على نعمائه لهم. ومن دقق وأمعن النظر في النفوس الإنسانية وجد أنها تنجذب للأشياء الجميلة التي تعطي طابع الجمال وتعبر عنه بكل تفاصيلها لتكون أقرب شيء للقلوب.
فالإنسان إذًا هو ذلك المخلوق الذي فضّله الله سبحانه وتعالى على جميع خلقه وأحسن صورته وأعطاه كل شيء جميل، وأراد الله من هذا التفضيل وحسن الصورة أن يكون العبد ممتثلا لأوامر خالقه في كل شيء وهذا يعطي تجملا روحيا للنفس الإنسانية، فما أكثر تلك النعم التي أنعمها الله علينا ووهبها لنا. جعلنا الله وإياكم من المتجملين بثوب الإيمان صعوداً في سلم سمو النفس وطهارتها إلى مرضاة ربها وخالقها جلا وعلا ورسوله وأئمته المنتجبين.
وقد بيّن الله جماله في خلقه، قال تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) (ق_ 6) فقد عبّر النص القرآنيّ عن جمال السماء وزينتها والتجليات الإلهيّة لجمال الخلق الإلهي وما هذا إلّا دعوة إلى الجمال الذي يريد الله من عباده العمل به.
ورُبَّ سائلٍ يسأل ما مقومات التجمّل وسماته في الإسلام، والإجابة كالآتي: قراءة القرآن. قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا) (الشورى: 52). والبعد عن الذنوب والمعاصي، قيام الليل، الصلاة، ذكر الله: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر: 22 ). وقال تعالى: (إنّا جَعَلْنا ما عَلَى الأَرْضِ زينةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (الكهف: 7).
فالجمال إذًا هو أيضا اختبار للإنسان وتمحيص لنفسه فظهور الجمال على الإنسان نعمة لابدّ من شكرها والمحافظة عليها.
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

الرجاء الضغط على المربع أدناه

جاري التحميل ...

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...

جاري التحميل ...