أنت في الصفحة : الاخبار

المُتوليّ الشرعيّ للعتبة العبّاسيّة المُقدّسة: المَجمَع العلميّ يمثّل وجودًا مميزًا للعتبة العبّاسية في السَّاحة القُرآنيّة
المُتوليّ الشرعيّ للعتبة العبّاسيّة المُقدّسة: المَجمَع العلميّ يمثّل وجودًا مميزًا للعتبة العبّاسية في السَّاحة القُرآنيّة
تأريخ النشر : 2023-05-21

التقى سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية السيد أحمد الصافي -دام عزه-، ملاكات المجمع العلمي للقرآن الكريم التابع للعتبة المقدسة، وأثنى على جهود العاملين، خلال كلمة له بيّن فيها أهمية الكتاب العزيز، وأهمية تعليمه، وتطبيق تعاليمه.
الصافي خلال كلمته بيّن أن المَجمَع العلميّ يمثّل وجودًا مميزًا للعتبة العباسية في الساحة القرآنية، وأصبح النشاط القرآنيّ من السمات التي تميزت بها العتبات سواء في موسم الدراسة أو في العطلة الصيفية، واستثمار أوقاتها أفضل استثمار، للأعمار التي تكون محط عنايتنا.
كما أكد سماحته ضرورة العمل بالقرآن الكريم لأهميته قائلاً: إن القرآن الكريم لا شك أنه عميق وهو المعجز الذي تحدى به الله تعالى كلَّ البشر، وسيبقى هذا القرآن معجزًا ما بقيت الشمس تشرق على الأرض، فهو معجزة خاتم الأديان، والكتب، معجزة النبي الأكرم عندما علّم الإمام عليّ بن ابي طالب -صلوات الله عليهم- الف باب من العلم، والأئمة أيضاً أن علمهم يتوارث، لا شك أن جميع علوم القرآن مخزونة عند أوليائه، وفي زماننا هذا هو الإمام المهدي -عجل الله فرجه الشريف-؛ وهذا العمق القرآني لا ريب أنه يحتّم على القارئ التدبّر، والتفكرّ، والإفادة من المطالب القرآنية، فيجب أن لا تعطى للمتعلمين الآيات وحدها فلا بد أن تُعزز ببعض الدروس الفقهية، والعقائدية، والجانب الفقهي هو الأهم، فالإنسان قد يقرأ القرآن ويزينه بصوته وهذا يكون عنده إبداع لكن فهم القرآن مطلب آخر، على الإنسان أن يفهم القرآن، وأفضل شخص عندما يقرأ القرآن يكون عارفًا للقرآن، وأيضًا يفهم معاني القرآن الكريم، ونتمنى من الإخوة الأعزاء في هذا الجانب أن تنفتح على أيديكم علوم القرآن، وهي علوم كثيرة والمدارس التفسيرية في علوم القرآن مختلفة في منهجية التفسير، لكن على أيديكم إن شاء الله تعالى تكتمل، وتشغلون الفراغ في مكتباتنا لأن هناك حاجة حقيقية لئن تملأ بعلوم القرآن، والقرآن تبقى علومه غير منقطعة بوصفه معجزة وفي كل زمان.
كما أكد ضرورة الاستماع والتأمل في آيات الله قائلًا: إن الأذن التي تعشق القرآن الكريم، لا شك أنها ستستوحش إذا سمعت غير كلام الله سبحانه وتعالى، هذا التعوّد على أن يسمع الإنسان القرآنَ الكريم ويتلفظ بالقرآن، سيتوحش من أي كلام آخر لا يتعلّق بالقرآن، والعترة، لأن لذة هذه الكلمات صادرة من الله تعالى لا يمكن أن تدانيها لذة، فإذاً نحن _ لا شك _ أننا أمام كنز كبير جداً فيجب أن نتأمّل آياته ونستفيد منها، هناك إنسان يهتم بعمل معين ويتصف بصفة عمله، ولاشك أن العناية بالقرآن الكريم سننتزع منه صفته، فهذا الذي يقضي عمراً في القرآن لاشك أنه تصدق عليه هذه النسبة أنه هذا القرآني، وهذا الذي ينسب نفسه للقرآن ويكون قرآنيًّا هذه نسبة جليلة ومهمة وشريفة، كما إن الإنسان ينسب نفسه إلى النبي -صلى الله عليه وآله- أو إلى الإمام جعفر الصادق، أو إلى الإمام الحسين -عليهما السلام- فيقال له هذا جعفري وهذا حسيني، لكن كما قلت سابقًا إن النسبة دائمًا تحتاج إلى تصديق الطرف الآخر يعني لا يكفي أن الإنسان يدّعي النسبة، كما العشيرة الآن أن تدّعي أنك تنتمي إلى عشيرة (سين) فإذا شككنا بنسبتك إلى العشيرة نسأل رئيس العشيرة هل هذا الشخص الذي نسب نفسه منكم؟ إنْ قال: نعم تثبت النسبة، فالإنسان ينسب نفسه إلى القرآن والقرآن ينطق يوم القيامة، وينسب نفسه للإمام الصادق والإمام الحسين –عليهما السلام- لازم أن تصدّق النسبة بسؤال الطرف الآخر حتى تتحقق النسبة فأهل الأصول يقولون إن النسبة معنى حرفي وهذا المعنى الحرفي ليس له وجود إلا بوجود طرفيها، فأنا طرف والإمام الحسين طرف، أنا حسيني فإذا الإمام الحسين –عليه السلام- قال: انا لا أعرفك. لا تتحقق النسبة، وإن ادعيت ما ادعيت حتى وإنْ اثبتها فهي لا تثبت.

فيما وجه المنتسبين العاملين في المَجمَع إلى ضرورة العمل بالقرآن وإيصاله للناس قائلًا: إخوتي الأحبة فضلًا عن عنايتكم بالقرآن الكريم، حببوا القرآن الكريم إلى الناس وتحبيب الناس إلى القرآن الكريم حتى الناس تخشع، وتصغي، وتسمع، لذلك نحن لا أقدس عدنا من القرآن والعترة، كما نحبب الأئمة الأطهار -عليهم السلام-، كيف نحبب، وما الآلية؟ هي أن ننقل علومهم ومحاسنهم، وأن مجالسنا لا تخلو من ذكر أقوالهم، وبعض الروايات تقول لكل شيء حقيقية، والإمام الصادق -عليهم السلام- في مقامه كان يظهر كلام أهل البيت ويبيّن أنه نور حقيقي، والبعض يراه مجازيًّا. بالنتيجة هو نور هداية، فالشاهد لابد أن نحبب القرآن للناس، وجزء من تحبيب القرآن للناس أن نزيّن القرآن بأصواتنا ونتعلّم طريقة الترتيل، أو التجويد بشكل جميل يجعل الطرف الآخر يخضع لسماع آيات الله تعالى، والله سبحانه أودع فينا الحواس وهذه الحواس قد ترغب لشيء، فاليد مثلًا تقبل الشيء الناعم، فالإنسان يتجنب أن يلمس بيده شيئًا خشنًا، خوفًا من أن يُجرح، الأُذن كذلك تنفر من الأشياء القبيحة فضلًا عن المحرمات، والإنسان في بعض الحالات هو ينزّه نفسه أن يسمع أشياء قبيحة، بالمقابل الأذن تنجر، وتُصغي إلى الأشياء الجميلة ولا أجمل من كلام الله، وينقل أن الإمام الحسن -عليه السلام- كان إذا قرأ القرآن تنسد الطرقات وهذه ليست مبالغة بل حقيقة واقعية، وطريقة قراءة الإمام كانت تشد الناس إلى أنه لابد أن تسمع، ولعله في العصر الحالي إن كثيرًا من غير مسلمين عندما يسمعون قراءة القرآن تذهب أذنه إلى شيء جميل يرى أنه شيء جديد حتى وإن لم يفهم الكلمات، فلا بد أن نحبب القرآن إلى الناس بأيّ طريقة.
كما وجه سماحته كلمته إلى أساتذة التعليم القرآني قائلًا: يجب على الأستاذ أن يكون له سعة صدر ويتحمّل، وأفضل طريقة للإنسان المعلّم للقرآن أن يكون هو عامل بالقرآن، وهذه طريقة رائعة جدًا أن الانسان يؤثر بالناس من خلال أفعاله، من خلال سمته، من خلال وقاره، وإلا الكلام قد يسهل على الناس، مثلًا أنا أتكلم عن الصبر وأذكر آيات الصبر، وروايات الصبر، لكنني عمليًا لا أصبر، وبالنتيجة الكلمة لا تدخل إلى القلب، وأيضًا أحبب كلام الأئمة الأطهار -عليهم السلام- إلى الناس وهذا الكلام في حياتنا اليومية، سواء في الوضوء، أو في الصلاة، بالنتيجة هذا دين الله، جاء شخص إلى الإمام الباقر -عليه السلام- يسأله عن فأرة ماتت في زيت والإمام قال له هذا أصبح نجسًا لابد أن يتلف، فقال الرجل من أجل فأرة ما قيمة الفأرة مقابل الزيت، فالإمام من جملة ما قال بدين الله تستهزئ انت؟، فلا تستهزئ بالحكم فيعتبر استهزاء بدين الله تعالى، الله يريد أن يُعبدنا بهذا الطريق ونحن عباد لا نفقه شيء إلا ما علمنا الله تعالى، فنريد أن نجتهد بغير مورد الاجتهاد،  وأن نعترض، فلذلك إخوني أمامكم فرصة جيدة أزيدوا فيها نسبة الوعي عند الناس وهذه مسألة في غاية الأهمية والخطورة، كيف الإنسان يصل إلى مرحلة لا يخاف عليه من الانحراف. فالثبات وعدم الانحراف يحتاجان إلى قوة، وعقيدة، وبصيرة، والانحراف ايضًا له مناحٍ، ليس دائمًا الإنسان أمام المال ينحرف، قد هو لا يحصل على المال، لكن ينحرف لأنه يحب الشهرة، ويصاب بغرور، أو يحب مواقع معينة، والشيطان يستغل هؤلاء، لا يأتي إلى قارئ القرآن يقول له أشرب الخمر، هذا الطريق لا ينفع مع قارئ القرآن لأنه سيرد الشيطان، لكن يمكن أن يقول له إن صوتك أجمل من صوت فلان وعليك ان تحرص أن فلانًا لا يأخذ محلًا، بل انت أحرص دائمًا أن تكون بالمواقع  لأن صوتك أجمل، ويبقى إلى أن يتحول إلى حسد أو مرض والإنسان يسقط من شاهق، الحقيقة أفضل اصحاب كانوا وبمستوى من النقاء بعيدين عن هذه الأمور هم أصحاب سيد الشهداء، حتى أصحاب النبي –صلى الله عليه وآله- لم يكونوا بهذا المستوى، القرآن يعترف ويقول {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا}، يعني انت بواد وهم بواد، بالنتيجة ليس شرطًا أن نعرف أسماءهم لكن هؤلاء كانوا يتحينون الفرص، ولكن أصحاب سيد الشهداء لم يكونوا بهذه الطريقة، الوفاء فيما بينهم، كانوا يتدافعون إلى نصر سيد الشهداء، والتعبير كانوا يأنسون بالمنية، كما يأنس الطفل بمحالب أمه، تعبير في منتهى الرقي، لاحسد، ولا مجاملة، ولا أحدهما يرمي الآخر، الإنسان إذا لم يستطع أن يصل إلى مرحلة زهير أو حبيب مثلًا، لكن عليه ألا يكون كعمر بن سعد، وهذه المنازل منازل حبيب أو زهير بالوضع الطبيعي بإمكان الانسان أن يسعى لذلك، نعم سبقونا بمراتب لكن الإنسان إذا جرّد نفسه لموقع المسؤولية، فخارج المسؤولية ما مبتلى، فيمكن أن لا يصاب بالرياء، ولا بالغرور، ولا حب الدنيا، لأنه غير مبتلى، لكن عندما يبتلى ليس من المعلوم أن يثبت أمام المغريات، فإذا الإنسان يبدأ يربي نفسه من الآن يستطيع أن يثق بعد التوكّل على الله تعالى أن تكون عاقبته إلى خير، والتعبير الدقيق في بعض الروايات بالنسبة إلى الرياء كالنملة العمياء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء كيف الإنسان يحس بذلك، صخرة صماء لا تحدث صوت، وفوقها نملة لا ترى، وليلة ظلماء، وإذا المؤمن دائماً نفسه منه في تعب، والناس منه في راحة، لم يأتِ هذا من فراغ، فالإنسان يُتعب نفسه في المراقبة، أو المجاهدة، الله يُعين {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، فالإنسان عمله مع القرآن  وعلاقته مع العترة الطاهرة والله يكون من وراء القصد، فكيف تكون النتيجة بلا شك تكون النتيجة عالية، الحمد لله هذا الجهد الكبير الذي يقدّمه المَجمَع والناس الآن بشوق إلى انطلاق الدورات الصيفية، ليس انتم فقط، المتلقي ينتظر الآن إلى أن يستثمر هذه العطلة استثمارًا جيدًا، فنِعم الإنسان من يعين الآخرين على عبادة الله تعالى، حببوا الناس في الآخرة، في القرآن في الأئمة –عليهم السلام-، حقيقة هذا هو الذكر، ومن خلاله طريقة الادراك والوعي، الإنسان يكون دائمًا ذهنه ملتفت قوي، لماذا لم يتراجع أصحاب الإمام الحسين –عليه السلام-؟ بسبب الطاقة القوية عندهم والإدراك القوي، فيجب أن نربي أطفالنا، وشبابنا، وأبنائنا، على ذكر الآل، ولله الحمد الأئمة من مهدوا لنا ذلك، واعطونا دماءهم من أجل أن يبقى الحق، والحمد لله، الحق باق بأمثالكم، وحقيقة أنا اغبطكم على مكانكم، وعلى الجهد الذي يُبذل، وعلى الرعاية من الإخوة في المَجمَع، وإن شاء الله تعالى ترون ذلك في صحيفة أعمالكم، والله يسهّل الأمور، ولعل لذائذ العمل بالصعوبات، كل ما تجد صعوبة يعني عملك _إن شاء الله_ موفق ومبارك، ونبقى نعمل في كل الظروف، الله سبحانه وتعالى لا يعطي الشيء مجانًا، حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، أنا واقعًا كناقل التمر إلى هجر، وأنتم _إن شاء الله_ من حملة القرآن،  ومن حفظة القرآن، ومن الدارسين، وأنتم قرآنيون، نسأل الله تعالى لكم دوام التوفيق والتسديد، ونسأل الله تعالى أن لا يحرمكم هذه النعمة.
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

الرجاء الضغط على المربع أدناه

جاري التحميل ...

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...

جاري التحميل ...