(261)
الدين من العميل الى التاجر ، او ان البنك يفاوت بين القسمين ، فيأخذ
من التاجر في الصورة الثانية اعلى على تحصيل الدين من الصورة الاولى ؟
فاذا
اختلفت الاجرة في الصورتين ، فمعنى هذا ان العملية ليست كما صوّرت من القرض الحسن
بل النسبة التي اخذت من ثمن البضاعة هي فائدة على تقديم الثمن الى التاجر.
اذن
خلاصة كلامنا : لابد من توجيه هذه الاسئلة للبنك فيُنظر في اجابته ، حتى نعرف قصد
البنك الحقيقي عند اخذه للنسبة من الثمن بعنوان الاجرة على تحصيل الدين مع تقديمه
القرض للتاجر ، وعلى اجابات البنك يكون الحكم الشرعي واضحا.
التكييف الثالث ( اجر على قبول البنك لضمان العميل ) :
قيل ان البنك انما
يقدم ثمن البضاعة الى التاجر لانه تعهد من الاول ان يدفع ثمن السلعة المشتراة من
قبل حامل البطاقة ، فهو يكون ضامناً لما يتلقاه العميل من المؤسسة التجارية ، فينتقل ما في ذمة العميل من الدين الى البنك المصدّر للبطاقة. وعلى هذا فلا توجد
هنا عملية اقراض للتاجر بل في الحقيقة هي عملية اقراض للعميل بقبول البنك ضمانه مع
طلبه ، فيرجع البنك على العميل بما دفعه الى التاجر. وعلى هذا يكون اخذ البنك
المصدّر للبطاقة نسبة من ثمن البضاعة اجرا على قبول البنك للضمان ، وليس هو تنازلا
من التاجر الى الضامن حتى يقال بان البنك لا يتمكن ان يرجع على العميل الا بما اداه
الى التاجر.
وقبول الضمان هذا وان كان عقداً ارفاقيا للعميل لا يجوز اخذ الاجرة
عليه منه ، الا انه ليس عقدا ارفاقيا للتاجر ، فيمكن للبنك ان يأخذ نسبة من الثمن
لقاء قبوله الضمان للتاجر عن العميل.
وهذا الوجه لا يفرق فيه بين ان يكون
للعميل رصيد في البنك يكفي للمشتريات ولتلقي الخدمات ام لا ، لانه حتى اذا كان عند
العميل رصيد عند البنك
(262)
فهو دائن للبنك ، الا ان الدائن يتمكن ان يضمن المدين لغيره. وسوف
تأتي مناقشة هذا الوجه فيما بعد.
التكييف الرابع ( اجر على قبول البنك للحوالة من العميل على البنك للمحتال وهو
التاجر ) :
وقد يقال : ان العميل عندما يشترى من التاجر ويوقِّع قسيمة البيع ، فيكون قد احال التاجر على البنك المصدّر للبطاقة ، ومن حق البنك المصدّر للبطاقة ان
يقبل الحوالة عليه بشرط ان يأخذ نسبة من الثمن ، اي للبنك ان لا يقبل الحوالة الا
اذا التزم التاجر باداء مبلغ الى البنك عمولة على قبوله الحوالة. وبما ان التاجر
له نفع في قبول البنك للحوالة عليه ، فمن حق البنك ان يأخذ اجرة مقابل هذا النفع
الذي قدمه للتاجر (1).
وهنا ايضا نقول كتتميم لهذا الوجه : ان قبول الحوالة من
قبل البنك وان كان عقد ارفاقيا للمشتري لا يحق ان يأخذ منه في قباله اجرا ، الا ان
هذا العقد ليس ارفاقيابالنسبة للتاجر ، فيحق للبنك ان يأخذ في مقابل قبوله الحوالة
اجرا من المحتال.
ويرد على هذا الوجه بالخصوص : ما اذا كان للعميل رصيد دائن عند
البنك ، فمن حق العميل ان يحيل التاجر على البنك ليأخذ من حساب العميل ، وفي هذه
الصورة يقول الفقهاء : « يجب على البنك ان يدفع الى التاجر من حساب العميل لانه
مدين للعميل ، ويجب على البنك اداء الدين للعميل او الى من يحوّله عليه » ، وعلى
هذا فلماذا يأخذ البنك عمولة على قبوله الحوالة حتى في هذه الصورة ؟
وقد يجاب
على هذا الاشكال : بان يقول البنك الذي هو مقترض من صاحب الحساب حسب الفرض : « انما
اقبل منك ايها العميل الاقتراض بشرط ان
(1) ان هذا التكييف قَبِلَهُ اكثرية اعضاء مجمع فقه اهل البيت ( عليهم السلام )
وهو رأي ارتآه رئيس المجمع آية الله الشيخ محمد المؤمن عند بحثه لبطاقات الائتمان
في مجلس درسه في قم المقدسة.
(263)
لا تحيل عليّ » وبهذا لا يجب على البنك قبول الحوالة بحسب الشرط ، فاذا احال العميل على البنك ، فللبنك ان يقول للمحتال : انا اقبل الحوالة عليّ بشرط
ان تلتزم بدفع نسبة من الثمن.
والخلاصة : فان هذا الوجه يجوّز للبنك ان يأخذ
اجرا من المحتال على قبوله الحوالة الّتي حوّلت عليه من قبل العميل.
ويرد على
هذا الوجه والوجه الثالث مايلي :
1 ـ ان هذا التسهيل الذي اعطاه البنك للتاجر
حين صدور البطاقة ، وتعهد بضمان العميل وقبول حوالته ، قد اخذ عليه اجراً سميناه
رسم صدور البطاقة ، فان البطاقة التي تصدر ، لها خدمات مصرفية ، منها :
ان البنك
ضامن لما يشتريه العميل من المؤسسات التجارية ، وما يستفيده من اصحاب الخدمات ، او
قل ان البنك يقبل حوالة العميل اذا حوّل على البنك التجار او اصحاب الخدمات ، وعلى
هذا فكيف يجوز للبنك ان يأخذ على نفس هذا العمل أجراً مرة ثانية ؟
ولو اُجيب عن
هذا الاشكال بان رسم الاشتراك ليس هو في مقابل الخدمة الممنوحة ومقدماتها المتمثلة
في : « شراء السلع والخدمات وعملية السحب النقدي من فروع بعض البنوك الاعضاء او من
اجهزة الصرف الآلي التابعة لها ومن قبول طلب العميل واجراء فتح الملف وتعريف الجهات
الخارجية التي سيحتاج الى التعامل معها وبيان حدود الاستخدام وما الى ذلك من امور
تتعلق بالخدمة » (1) بل ان رسم الاشتراك يكون في مقابل مقدمات الخدمة الممنوحة
بالبطاقة ، اما نفس الخدمة الممنوحة بالبطاقة لقبول الحوالة من قبل البنك فهو عمل
يصح اخذ الاجرة عليه ، فياتي الاشكال الآتي.
(1) راجع بطاقات الائتمان ، بيت التمويل الكويتي ص 30 ـ 31.
(264)
2 ـ ان الارتكاز العرفي والعقلائي يقول : ان عملية الاقتراض او قبول
الحوالة على المحتال عليه ، او قبوله لعملية الضمان ليست مما تقابل بالمال ، لا من
المقترض ولا من قبل المسدّد له. بل ان العمولة حقيقة هي بازاء المال المقترض لا في
مقابل نفس الاقتراض او نفس الضمان او قبول الحوالة ، وجعل العمولة في مقابل عملية
الاقراض وقبول الحوالة والضمان هي مجرد لفظ فقط.
3 ـ ثم لو فرضنا ان البنك
والتاجر قد تحررا من الارتكاز العقلائي المتقدم ، وجعلت نسبة الثمن في مقابل قبول
الحوالة والضمان ، فهل هي صحيحة ؟
الجواب : انها غير صحيحة ، وذلك : لان النسبة
من الثمن الذي هي اجر انما تصح اذا كان في مقابلها عمل قام به البنك قابل للضمان.
اما مالا ضمان له من الالفاظ والاعمال فلا يصح اخذ الاجرة في مقابله ، وهنا نقول :
ان مالية قبول الضمان وقبول الحوالة هي نفس مالية المال المعطى الى المؤسسة
التجارية ، وليس لقبول الحوالة والضمان مالية مستقلة زائدة عن المال المعطى الى
التاجر ، وهذا المال المعطى الى التاجر مضمون على العميل ، فلا يصح اخذ اجرة على
نفس عملية قبول الضمان او الحوالة.
اذن تبين انه ليس عندنا الامالية واحدة وهي
( المال الذي يعطيه البنك المصدّر للتاجر ) وهذه المالية تضاف الى قبول الحوالة او
الضمان باعتبار نفس المال الذي يعطى الى التاجر ، وحينئذ ليس عندنا الاضمان واحد
وهو ضمان المال المقترض للعميل وقد سدد الى التاجر ، اذن لا يصح اخذ اُجرة عليه ولو
من قبل التاجر ، فانه اما أكل للمال بالباطل او انه قرض للعميل مع اخذ فائدة من
التاجر ، وهو محرم لان القرض لا يشترط فيه الا ارجاع نفس المال المقترض.
التكييف الخامس ( اجرة سمسرة الى البنك المصدّر للبطاقة ) :
إنَّ البنك
المصدّر للبطاقة للعميل وللمؤسسة التجارية ، يقوم بجملة اعمال تنفع الطرفين. فهو
يقوم بعملية ترويج التعامل مع المؤسسات التجارية ، اذ يؤمِّن
(265)
لهم زبائن من الدرجة الاولى ويحصّل لهم الدين ، كذلك يقوم بتقديم
منفعة للعميل ، اذ يمكّنه من شراء او تلقي الخدمات في اماكن بعيدة من دون ان يقدم
النقد لهم بالفعل ، ويسهِّل عليه كثيراً من الصعوبات التي تنجم من حمل النقود معه ، فالبنك يتمكن ان يأخذ عمولة سمسرة من الطرفين او من التاجر فقط لقاء هذه المنافع
التي يقدمها لهم اذا حصلت صفقات بيع او تلقي الخدمات في الخارج. اما الضمان الذي
يوجد في بعض الحالات ( كما اذا كان العميل ليس له حساب دائن لدى البنك ) فلا اثر له
وذلك لانه لا تزداد العمولة في مقابله.
اذن يكون ما يأخذه البنك من المؤسسات
التجارية هو اُجرة سمسرة عن كل عميل يقوم بالانتفاع من هذه البطاقة بالفعل ، وهذا
الوجه يصحح ايضا ما يأخذه البنك من العميل كنسبة على مشترياته وانتفاعه ايضا. وهذه
الاجرة تختلف عن اجرة رسم الاشتراك التي هي ثمن للبطاقة وخدماتها الممكنة سواء
استفاد منها التاجر او العميل ام لا اما هنا فان السمسرة هي اجرة على وقوع الانتفاع
بالبطاقة في الخارج فعلا.
اقول : ان هذا الوجه جيد اذا اطمأننا بان التاجر يقوم
بدفع هذه النسبة من قيمة القسيمة حتى اذا لم يدفع البنك المصدّر للبطاقة قيمة
البضاعة الى التاجر. ونتمكن ان نتاكد من هذا في حالة ما اذا كان هناك عميلان للبنك
وقد استفادا من هذه البطاقة وكان احدهما له رصيد دائن لدى البنك ، بينما لم يكن
الآخر مثله ، وقد قام البنك بأخذ هذه النسبة من التاجر ومن العميل على حدّ سواء.
فبهذا يثبت ان الضمان الذي ضمنه البنك لمن لم يكن عنده حساب دائن لدى البنك ، وتسديد قيمة القسيمة كان قرضاً حسناً ، ولا اثر له في ازدياد العمولة.
التكييف السادس ( عقد بيع بين المصدِّر والتاجر على ان يبيعه بأقل من الثمن ، وعقد بين المصدّر والعميل على ان يبيعه بأكثر من الثمن ) :
الى هنا كان مسير
البحث ينظر الى العميل على انه هو المشتري الحقيقي من
(266)
المؤسسة التجارية ويكون البنك متعهدا لتسديد قيمة القسيمة. اما هنا
نريد ان نغيّر مسير البحث بادعاء : أنَّ الحقيقة والواقع تقول : بأن البنك هو
المشتري الحقيقي للبضاعة التي يريدها العميل ، ويشهد لهذا بان المؤسسة التجارية لا
تعرف العميل ولا تطمئن اليه ، بل هي تعرف البطاقة الائتمانية بواسطة مصدّرها ، كما
ان الذي يدفع قيمة قسيمة البيع هو البنك المصدّر للبطاقة ، واذا ما افترضنا ان
المؤسسة التجارية لم تتمكن ان تحصل على قيمة قسيمة البيع او الخدمة من البنك فلا
يحق لها ان ترجع على العميل الذي اشترى بواسطة البطاقة ، فان هذه الامور الثلاثة
تشير الى ان المشتري الحقيقي هو البنك ، وعلى هذا نتمكن تكيف اخذ البنك لحصة من
الثمن ، باتفاق بين البنك المصدّر والمؤسسة التجارية مفاده : تعهد المؤسسة التجارية
للبنك في صورة شراء البنك لما يريده عميله ، بان البيع يقع بالسعر اليومي مخصوماً
منه نسبة من الثمن. وبهذا صححنا اخذ البنك لحصة من الثمن بعد عقد صفقة البيع.
ثم يقوم العميل بشراء هذه السلعة من البنك على ان يسدد الثمن في ضمن شهر واحد
مثلا. ومفاد هذا العقد الثاني هو : ان العميل يشتري هذه السلعة من البنك بزيادة
على ثمنها اليومي بنسبة معينة. وهكذا نقول بالنسبة لتقديم الخدمات : فان الحقيقة
وجود عقدين :
1 ـ عقد بين المصدّر والتاجر ، مفاده : اذا ارسلت لي اتباعك
لتستفيد من خدماتي فانا اعطيك نسبة من الثمن الذي استلمه منك او اقدم لك خدماتي
بانقص من الثمن اليومي بنسبة معينة.
2 ـ عقد بين المصدّر والعامل ، مفاده : اذا
استفدت ايها العميل من الخدمات التي اهيئها لاتباعي فانا اريد منك ربحا بنسبة كذا
من ثمنها اليومي بشرط ان تسدد الثمن في ضمن شهر واحد مثلا.
وهذا التكييف السادس
وان كان خلاف ما هو المشهود من ان المشتري
(267)
الحقيقي هو العميل ، الا ان المشهود كان عبارة عن اندماج عقدين
مستقلين ، كانت نتيجتهما حصول العميل على ما اراد ، ولكن الدقة في مراحل العمل
بالبطاقة الائتمانية يمكن ان تكون عبارة عن عقدين مستقلين :
الاول منهما : كون
المشتري الحقيقي هو البنك ( لما يريده عميله ) بواسطة.
والثاني منهما : هو بيع
البنك ما اشتراه الى عميله بزيادة معينة لمدة شهر واحد مثلا. ولا بأس بأخذ نسبة من
الثمن من التاجر ومن العميل معاً.
ومما يؤيد هذا التكييف السادس ما ذكروه من
قولهم : بعد اتمام عملية الشراء ببطاقة الائتمان اذا رغب العميل ان يعيد كل البضاعة
المشتراة الى التاجر ووافق التاجر على ذلك ، فان التاجر في هذه الحالة لا يقوم بدفع
وارجاع قيمة البضاعة المرتجعة نقداً الى العميل ( حامل البطاقة ) بل يحرر له قسيمة
دفع بقيمة البضاعة المرتجعة ، يحتفظ العميل بنسخة من هذه القسيمة للمتابعة ، بينما
يقوم التاجر بايداع هذه القسيمة لدى بنك التاجر الذي يتعامل معه ، وذلك حتى يتم خصم
القيمة من قسيمة البيع الاصلية وايداع القيمة الصافية المستحقة له في حساب التاجر ، وحينئذ اذا كان بنك التاجر قد سحب هذا المبلغ من البنك المصدّر ، فيرجع اليه قيمة
القسيمة الثانية ، ويبقى البنك المصدّر يطالب العميل بتسديد القيمة الصافية فقط. (1)
فان اعادة البضاعة لو كان المشتري حقيقة هو العميل كان من حقه ان يتسلم
المبلغ الذي يساوى البضاعة المرتجعة ، الا اننا نرى انهم لا يسلمون الى العميل قيمة
البضاعة المرتجعة مما يؤيد القول القائل : بأنَّ المشتري حقيقة من المؤسسة التجارية
هو البنك. لذا يوضع في حساب البنك المصدّر قيمة البضاعة المرتجعة.
(1) بطاقات الائتمان ، بيت التمويل الكويتي ص 25.
(268)
التكييف السابع ( عمولة تحويل البنك المصدّر لما استفاده العميل خارج البلاد )
:
قد يقال ان التاجر اذا اشترى سلعا خارج البلاد ، فالبنك وان كان ضامنا له ، الا ان التسديد في هذه الصورة يستوجب جهدا زائدا على مجرد دفع المال للسلع المشتراة ، فيصح للبنك ان يأخذ عمولة على التسديد من العميل كما يصح له ان يأخذها من التاجر. وهذا الكلام يأتي ايضا فيما اذا استفاد العميل من خدمات خاصة او سحب نقداً معيناً
خارج البلاد.
ولكن هنا لابدّ من ان تكون العمولة المأخوذة هي عمولة التحويل
والتسديد فقط ، وهي تختلف عن الفائدة ، اذ اذا قبلنا ان البنك قد ضمن العميل او قبل
حوالته فهو قد اصبح مدينا للتاجر. ويمكن أن يقول للتاجر : ان الدين الذي كان على
العميل قد انتقل الى ذمتي ، وانا حاضر لدفع المال اليك في بلدي ( بلد الضمان ) ، فاذا اردت ان ادفع لك المال في بلدك ، فانا آخذ منك نسبة من الثمن. وحينئذ يقوم
بنك التاجر بالموازنة بين ما يطلبه البنك المصدّر للبطاقة من العمولة وما يطلبه بنك
آخر على عمولة تحويل الثمن ، فان كانت العمولة واحدة فان بنك التاجر او التاجر سوف
يوافق على اعطاء العمولة التي هي عمولة التحويل ، اما اذا كانت العمولة واحدة فان
بنك التاجر او التاجر سوف يوافق على اعطاء العمولة التي هي عمولة التحويل. اما اذا
كانت العمولة كبيرة تختلف عن عمولة تحويل نفس المبلغ من قبل بنك آخر ، فان التاجر
سوف يقول للبنك المصدّر : اعطني المبلغ في بلدك ، ثم يأمر بنكاً آخر بتحويل المبلغ
اليه في مقابل اجر التحويل الذي هو يختلف عن الفائدة ، لزهادته.
والخلاصة :
ان بعض الوجوه المتقدمة ـ كالخامس والسادس ـ تجوّز اخذ البنك
المصدّر للبطاقة نسبة من ثمن قسيمة البيع من التاجر ومن العميل ايضا ، بشرط ان لا
(269)
يرتبط هذا بالقرض الذي يحصل من البنك في بعض الحالات ولا بالأجل الذي
يشترط فيه تسديد القرض ، فمع هذين الشرطين يكون ما يأخذه البنك من المؤسسة بل من
العميل ايضا جائزا. (1)
6 ـ فرق تحويل العملة :
وهي اخذ البنك فرق تحويل عملته الى
عملة اجنبية :
كما اذا سحب العميل ببطاقته مبالغ نقدية من فروع بعض البنوك
الخارجية المرتبطة ببنكه بواسطة منظمة الفيزا مثلا ، مباشرة او من طريق اجهزة الصرف
الآلي ، فان البنك المصدّر يقوم بتسديد الدين الذي اخذه عميله ( صاحب البطاقة ) ، وعملية التسديد تقتضي أوّلا ان يقرض البنك عميله عملة محليّة أو أن العملة المحليّة
موجودة لدى حساب العميل ثم يقوم بتحويلها الى العملة الخارجية ، فيستحق البنك
المصدّر الفرق في تحويل هذه العملة ، وهو ما يسمى بالصرف ، فيبيع نقده الذي هو
دينار الى العميل بدولار ثم يسدد دين عميله في الخارج بواسطة الدولار ، فيحصل البنك
على فائة الصرف ، وهو امر مشروع اذا كان بهذا القدر.
ثم لا يخفى ان هذا السحب
المالي من البنك الخارجي هو عبارة عن اذن من
(1) قد يقال : ان النسبة المأخوذة ( من التاجر الى البنك المصدّر للبطاقة مثلا
) هي عبارة عن بيع الدين بأقل منه ، وهو صحيح للعمومات الدالة على جواز بيع الدين
بأقل منه ، فان العميل عندما يشتري يكون مدينا الى التاجر ، وقد اعطى سند الدين وهو
توقيعه على القسيمة ، ويتمكن التاجر ان يبيع هذا الدين على البنك او غيره بالاقل ، ولا مانع منه شرعا ، لان المانع ان يأخذ الدائن على دينه اكثر مما اعطى ، وهنا
الدائن اخذ الاقل فهو عكس الربا مثلا.
ولكن هذا التوجيه بالاضافة الى انه غير
الذي يجري في الخارج من تعهد البنك المصدّر لأداء دين العميل لا يقبله بعض الفقهاء
لوجود روايات تقول بوجوب ان يأخذ المشتري لهذا الدين ما دفع الى الدائن لا اكثر.
(270)
المصدّر للبطاقة لبنك خاص او لكل احد في ان يؤدّي قرضاً عليه لمن
يحمل بطاقته ، فحامل البطاقة يأخذ النقد على ذمة المصدّر وهو مأذون في التصرف فيه ، ويتملكه الساحب اما بعنوان اداء الدين الذي له على المصدّر ( ستيفاء ) فيما اذا كان
الساحب صاحب حساب دائن لدى البنك المصدّر للبطاقة وهو امر لا باس به ، أو بعنوان
الاقتراض من البنك المصدّر ان لم يوجد له حساب دائن لدى البنك المصدّر للبطاقة.
7 ـ اجرة نقل وحفظ المال :
ولو اضيف الى فائدة بيع الصرف ، اجر نقل وحفظ المال من البلد الذي فيه البنك الى البلد الذي استخدم حامل البطاقة
بطاقته فيه ، فان هذا يدخل تحت عنوان الحوالة بأجر ، بشرط ان لا يرتبط هذا الاجر
بالأجل الذي يجب على العميل التسديد فيه ، والاّ كان الربا مستترا تحت عنوان
الحوالة بأجر ، كما اذا كانت النسبة تكثر اذا كانت البطاقة تجوّز التسديد لمدة اطول.
ومن اجل الاطمئنان بأنَّ الاجر الذي يحصل عليه البنك المصدّر هو أجر على
الحوالة فيجب ان تكون النسبة التي يأخذها البنك كأجر على حوالته في النسبة التي
تحوّل بها هذه الكمية من الثمن الى الخارج في بنوك اخرى ، او ان يسمح البنك المصدّر
للعميل في ان يحوّل هذا المبلغ بواسطة أي بنك آخر اذا كان يتقاضى أجراً على حوالته
اكثر من البنوك الاخرى ، فان في هذين الامرين نكشف عن القصد الحقيقي للبنك المصدّر
للبطاقة ونجزم بانه بعيد عن شائبة الربا.اما اذا كانت هذه النسبة التي تؤخذ كأجر
على الحوالة هي اكثر بكثير من قيمة الحوالة التي تحوّل بها هذه الكمية من الثمن الى
الخارج في بنوك اخرى ولم يسمح البنك المصدّر بتحويل ما اقرضه لعميله الى البنك
الخارجي ، فان هذا يكشف عن ان القصد الحقيقي هو مستتر وراء الاجر على الحوالة او
الوكالة لقضاء الدين ، وهو اخذ النسبة من الثمن في مقابل المال الذي يقرضه البنك
المصدّر للعميل ويحوله الى