لان الله عزوجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام في غيباتهم ، وإنه لا بد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله تعالى : « لتركبن طبقا عن طبق » ( 1 ) أي سنن من كان قبلكم .
7 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن مسعود قال : حدثني عبد الله بن محمد بن خالد قال : حدثني أحمد بن هلال ، عن عثمان بن عيسى الرواسي ، عن خالد بن نجيح الجواز ( 2 ) ، عن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه السلام ، يا زرارة لا بد للقائم من غيبة ؟ قلت : ولم ، قال : يخاف علي نفسه ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ .
8 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن مسعود قال : حدثني محمد بن إبراهيم الوراق قال : حدثنا حمدان بن أحمد القلانسي ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت : ولم ؟ قال : يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ .
9 ـ حدثني عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال : حدثنا علي ابن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن للقائم غيبة قبل ظهوره ، قلت : ولم ؟ قال : يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه . ـ قال زرارة : يعني القتل .
10 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : للقائم غيبة قبل قيامه ، قلت : ( 3 ) ولم ؟ قال : يخاف على نفسه الذبح .
11 ـ حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال : حدثني
____________
( 1 ) الانشقاق : 19 .
( 2 ) في بعض النسخ « الجوان » ولعله هو الصواب .
( 3 ) في بعض النسخ « قيل » .

( 482 )

علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال : حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري قال : حدثني أحمد بن عبد الله بن جعفر المدائني ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : إن لصاحب هذا الامر غيبة لا بد منها يرتاب فيها كل مبطل ، فقلت : ولم جعلت فداك ؟ قال : لامر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ( 1 ) ؟ قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة ( 2 ) في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما ( 3 ) .
يا ابن الفضل : إن هذا الامر أمر من ( أمر ) الله تعالى وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف .

45
( باب )
* ( ذكر التوقيعات الواردة عن القائم عليه السلام ) *
1 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال : حدثني جعفر ابن محمد بن مسعود وحيدر بن محمد بن السمرقندي قالا : حدثنا أبو النضر محمد بن مسعود قال : حدثنا آدم بن محمد البلخي قال : حدثنا علي بن الحسن الدقاق ، وإبراهيم ابن محمد قالا : سمعنا علي بن عاصم الكوفي يقول : خرج في توقيعات صاحب الزمان : « ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس » ( 4 ) .
____________
( 1 ) يعني على التفصيل .
( 2 ) يعني على سبيل الاجمال .
( 3 ) في بعض النسخ « الا وقت افتراقهما » .
( 4 ) قال علي بن عيسى الاربلي ( ره ) : من العجب أن الشيخ الطبرسي والشيخ المفيد

( 483 )

2 ـ حدثنا أبي ؛ ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدثني محمد بن صالح الهمداني قال : كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام : إن أهل بيتي يؤذونني ويقرعونني ( 1 ) بالحديث الذي روي عن أبائك عليهم السلام أنهم قالوا : قوامنا وخدامنا شرار خلق الله ، فكتب عليه السلام : « ويحكم أما تقرؤون ما قال عزوجل : « وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة » ( 2 ) ونحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة » .
قال عبد الله بن جعفر : وحدثنا بهذا الحديث علي بن محمد الكليني ، عن محمد ابن صالح ، عن صاحب الزمان عليه السلام .
3 ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : سمعت أبا علي محمد بن همام يقول : سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول : خرج توقيع بخط أعرفه « من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله » قال أبو علي محمد بن همام : وكتبت أسأله عن الفرج متى يكون ؟ فخرج إلي « كذب الوقاتون » .
4 ـ حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب ( 3 ) قال : سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد [ ت في ] التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام :
____________
رحمهما الله قالا : انه لا يجوز ذكر اسمه ولا كنيته ، ثم يقولان : ان اسمه اسم النبي وكنيته كنيته صلى الله عليه وآله . وهما يظنان أنهما لم يذكرا اسمه ولا كنيته ، وهذا عجيب والذي أراه أن المنع من ذلك انما كان في وقت الخوف عليه والطلب له والسؤال عنه ، فاما الان فلا ، والله أعلم انتهى ، وتقدم الكلام فيه ص 369 .
( 1 ) التقريع : التعنيف ( الصحاح ) وفي بعض النسخ « يفزعونني »
( 2 ) السبأ : 18 .
( 3 ) مجهول الحال لم أجده في الرجال ولا الكتب الا في نظير هذا الباب .

( 484 )

أما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا ، فاعلم أنه ليس بين الله عزوجل وبين أحد قرابة ، ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح عليه السلام .
أما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف عليه السلام .
أما الفقاع فشربه حرام ، ولا بأس بالشلماب ( 1 ) ، وأما أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا ، فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع فما آتاني الله خير مما آتاكم .
وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله تعالى ذكره ، وكذب الوقاتون .
وأما قول من زعم أن الحسين عليه السلام لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال .
وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ( 2 ) فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم .
____________

( 1 ) شراب يتخذ من الشيلم وهو الزوان الذي يكون في البر ، قال أبو حنيفة : الشيلم حب صغار مستطيل أحمر قائم كانه في خلقة سوس الحنطة ولا يسكر ولكنه يمر الطعام امرارا شديدا . وقال مرة نبات الشيلم سطاح وهو يذهب على الارض وورقته كورقة الخلاف البلخى شديدة الخضرة رطبة ، قال : والناس يأكلون ورقه إذا كان رطبا وهو طيب لا مرارة له وحبه اعقى من الصبر ( التاج ) وقال استاذنا الشعراني في هامش الوسائل ج 17 ص 291 : « ان الشلماب شراب يتخذ من الشيلم وهو حب شبيه بالشعير وفيه تخدير نظير البنج وان اتفق وقوعه في الحنطة وعمل منه الخبز اورث السدر والدوار والنوم ويكثر نباته في مزرع الحنطة ويتوهم حرمنه لمكان التخدير واشتباه التخدير بالاسكار عند العوام » .
( 2 ) قيل : الحوادث الواقعة ما يحتاج فيه إلى الحاكم كاموال اليتامى فيثبت فيه ولاية الفقيه . وليس بشيء ، والظاهر ما يتفق للناس من المسائل التي لا يعلمون حكمها فلا بد لهم أن يرجعوا فيها إلى من يستنبطها من الاحاديث الواردة عنهم . والمراد برواة الحديث الفقهاء الذين يفقهون الحديث ويعلمون خاصه وعامه ومحكمه ومتشابهه ، ويعرفون صحيحه من سقيمه ، وحسنه من مختلقه ، والذين لهم قوة التفكيك بين الصريح منه والدخيل وتمييز الاصيل من المزيف المتقول . لا الذين يقرؤون الكتب المعروفة ويحفظون ظاهرا من ألفاظه ولا يفهمون معناه وليس لهم منة الاستنباط وان زعموا أنهم حملة الحديث .

( 485 )

وأما محمد بن عثمان العمري ـ رضي الله عنه وعن أبيه من قبل ـ فإنه ثقتي وكتابه كتابي . وأما محمد بن علي بن مهزيار الاهوازي فسيصلح الله له قلبه ويزيل عنه شكه . وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر ، وثمن المغنية حرام ( 4 ) .
وأما محمد بن شاذان بن نعيم فهو رجل من شيعتنا أهل البيت .
وأما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الاجدع فملعون وأصحابه ملعونون فلا تجالس أهل مقالتهم فإني منهم بريء وآبائي عليهم السلام منهم براء .
وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكله فأنما يأكل النيران .
وأما الخمس فقد ابيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث .
وأما ندامة قوم قد شكوا في دين الله عزوجل على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال ، ولا حاجة في صلة الشاكين .
وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عزوجل يقول : « يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم » ( 2 ) إنه لم يكن لاحد من آبائي عليهم السلام إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإني أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي .
وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الابصار السحاب ، وإني لامان لاهل الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء ، فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ، ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإن ذلك فرجكم والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى بن اتبع الهدى .
5 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني قال : حدثني محمد بن شاذان بن نعيم
____________
( 1 ) في بعض النسخ « ثمن القينة حرام » يعني الاماء المغنيات .
( 2 ) المائدة : 102 .

( 486 )

النيسابوري قال : اجتمع عندي مال للغريم عليه السلام ( 1 ) خمسمائة درهم ، ينقص منها عشرين درهما فأنفت ( 2 ) أن أبعث بها ناقصة هذا المقدار ، فأتممتها من عندي وبعثت بها إلى محمد بن جعفر ( 3 ) ولم أكتب مالي فيها فأنفذ إلي محمد بن جعفر القبض ، وفيه « وصلت خمسمائة درهم ، لك منها عشرون درهما » .
6 ـ حدثني أبي رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إسحاق بن يعقوب قال : سمعت الشيخ العمري رضي الله عنه يقول : صحبت رجلا من أهل السواد ومعه مال للغريم عليه السلام فأنفذه فرد عليه ، وقيل له : أخرج حق ولد عمك منه وهو أربعمائة درهم ، فبقي الرجل متحيرا باهتا متعجبا ونظر في حساب المال وكانت في يده ضيعة لولد عمه قد كان رد عليهم بعضها وزوى عنهم بعضها فإذا الذي نض لهم ( 4 ) من ذلك المال أربعمائة درهم ، كما قال عليه السلام ، فأخرجه وأنفذ الباقي فقبل .
7 ـ حدثني أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علي بن محمد الرازي قال : حدثني جماعة من أصحابنا أنه ( 5 ) بعث إلى أبي عبد الله بن الجنيد وهو بواسط غلاما وأمر ببيعه ، فباعه وقبض ثمنه ، فلما عير الدنانير نقصت من التعيير ثمانية عشر قيراطا وحبة ، فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطا وحبة وأنفذها فرد عليه دينارا وزنه ثمانية عشر قيراطا وحبة .
8 ـ حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني قال : حدثني محمد بن جبرئيل الاهوازي ، عن
____________
( 1 ) في بعض النسخ « للقائم عليه السلام » . واطلاق الغريم على الصاحب لكونه صاحبا للحق عجل الله تعالى فرجه .
( 2 ) أي كرهت ، وفي بعض النسخ « فأبيت »
( 3 ) هو محمد بن جعفر الاسدي أبو الحسين الرازي أحد الابواب كما في « ست » .
( 4 ) في النهاية الاثيرية « خذ صدقة ما نض من اموالهم » أي حصل وظهر من أثمان أمتعتهم وغيرها .
( 5 ) يعني صاحب الامر عليه السلام .

( 487 )

إبراهيم ومحمد ابني الفرج ، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار أنه ورد العراق شاكا مرتادا ، فخرج إليه « قل للمهزياري قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بنا حيتكم فقل لهم : أما سمعتم الله عزوجل يقول : « يا أيها الذين آمنوا أطيعو الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم » هل أمر إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة ، أو لم تروا أن الله عزوجل جعل لكم معاقل تأوون إليها وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام إلى أن ظهر الماضي ( أبو محمد ) صلوات الله عليه ، كلما غاب علم بدا علم ، وإذا أفل نجم طلع نجم ، فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله عزوجل قد قطع السبب بينه وبين خلقه كلا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة ( 1 ) ويظهر أمر الله عزوجل وهم كارهون .
يا محمد بن إبراهيم لا يدخلك الشك فيما قدمت له فإن الله عزوجل لا يخلي الارض من حجة ، أليس قال لك أبوك قبل وفاته : أحضر الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي : فلما ابطئ ذلك عليه وخاف الشيخ على نفسه الوحا ( 2 ) قال لك : عيرها على نفسك وأخرج إليك كيسا كبيرا وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرة فيها دنانير مختلفة النقد فعيرتها وختم الشيخ بخاتمة وقال لك : اختم مع خاتمي ، فإن أعش فأنا أحق بها ، وإن أمت فاتق الله في نفسك وأولا ثم في ، فخلصني وكن عند ظني بك . أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر دينارا واسترد من قبلك فإن الزمان أصعب مما كان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل » .
قال محمد بن إبراهيم : وقدمت العسكر زائرا فقصدت الناحية فلقيتني امرأة وقالت : أنت محمد بن إبراهيم ؟ فقلت : نعم ، فقالت لي : انصرف فإنك لا تصل في هذا الوقت و ارجع الليلة فإن الباب مفتوح لك فادخل الدار واقصد البيت الذي فيه السراج ، ففعلت وقصدت الباب فإذا هو مفتوح فدخلت الدار وقصدت البيت الذي وصفته فبينا أنا بين القبرين أنتحب وأبكي إذ سمعت صوتا وهو يقول : يا محمد اتق الله وتب من كل ما أنت عليه ( 3 ) فقد قلدت أمرا عظيما .
____________
( 1 ) في بعض النسخ « إلى أن تقوم الساعة » .
( 2 ) الوحا : السرعة والبدار ، والمعنى انه خاف على نفسه سرعة الموت .
( 3 ) يعني من الوكالة وقد تقدم أنه من وكلاء الناحية .

( 488 )

9 ـ وحدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله عن علي بن محمد الرازي ، عن نصر بن الصباح البلخي قال : كان بمرو كاتب كان للخوزستاني ـ سماه لي نصر ـ واجتمع عنده ألف دينار للناحية فاستشارني ، فقلت : أبعث بها إلى الحاجزي ، فقال : هو في عنقك إن سألني الله عزوجل عنه يوم القيامة ، فقلت : نعم قال نصر : ففارقته على ذلك ، ثم انصرفت إليه بعد سنتين فلقيته فسألته عن المال ، فذكر أنه بعث من المال بمائتي دينار إلى الحاجزي فورد عليه وصولها والدعاء له ، و كتب إليه كان المال ألف دينار فبعثت بمائتي دينار فإن أحببت أن تعامل أحدا فعامل الاسدي بالري .
قال نصر وورد علي نعي حاجز فجزعت من ذلك جزعا شديدا واغتممت له ( 1 ) فقلت له : ولم تغتم وتجزع وقد من الله عليك بدلالتين قد أخبرك بمبلغ المال وقد نعي إليك حاجزا مبتدئا .
10 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن علي بن محمد الرازي قال : حدثني نصر بن الصباح قال : أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلى حاجز وكتب رقعة وغير فيها اسمه ، فخرج إليه الوصول باسمه ونسبه والدعاء له .
11 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبي حامد المراغي عن محمد بن شاذان بن نعيم ، قال : بعث رجل من أهل بلخ بمال ورقعة ليس فيها كتابة قد خط فيها بإصبعه كما تدور من غير كتابة ، وقال للرسول : احمل هذا المال فمن أخبرك بقصته وأجاب عن الرقعة فأوصل إليه المال ، فصار الرجل إلى العسكر وقد قصد جعفرا وأخبره الخبر ، فقال له جعفر : تقر بالبداء ؟ قال الرجل : نعم ، قال له : فإن صاحبك قد بدا له وأمرك أن تعطيني المال ، فقال له الرسول : لا يقنعني هذا الجواب فخرج من عنده وجعل يدور على أصحابنا ، فخرجت إليه رقعة قال : هذا مال قد كان
____________
( 1 ) فيه تصحيف والصواب « فورد على نعي حاجز فأخبرته فجزع من ذلك جزعا شديدا واغتم ، فقلت له ـ الخ » كما يظهر من الخرائج . أو خطاب للنفس و « له » زائد .
( 489 )

غرر به ( 1 ) وكان فوق صندوق فدخل اللصوص البيت وأخذوا ما في الصندوق وسلم المال وردت عليه الرقعة وقد كتب فيها كما تدور وسألت الدعاء فعل الله بك وفعل .
12 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الصالح قال : كتبت أسأله الدعاء لباداشاله ( 2 ) وقد حبسه ابن عبد العزيز ، وأستأذن في جارية لي أستولدها ، فخرج « استولدها ويفعل الله ما يشاء ، والمحبوس يخلصه الله » فاستولدت الجارية فولدت فماتت ، وخلي عن المحبوس يوم خرج إلي التوقيع .
قال : وحدثني أبو جعفر ولدلي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع أو الثامن ، فلم يكتب شيئا فمات المولود يوم الثامن ، ثم كتبت أخبر بموته فورد « سيخلف عليك غيره وغيره فسمه أحمد ومن بعد أحمد جعفرا » فجاء كما قال عليه السلام : قال : و تزوجت بامرأة سرا ، فلما وطئتها علقت وجاءت بابنة فاغتممت وضاق صدري فكتبت أشكو ذلك ، فورد « ستكفاها » فعاشت أربع سنين ثم ماتت ، فورد : « إن الله ذو أتاة وأنتم تستعجلون » .
قال : ولما ورد نعي ابن هلال لعنه الله ( 3 ) جاءني الشيخ فقال لي : أخرج الكيس الذي عندك ، فأخرجته إليه فاخرج إلي رقعة فيها : « وأما ما ذكرت ( 4 ) من أمر الصوفي المتصنع ـ يعني الهلالي ـ فبتر الله عمره » ثم خرج من بعد موته « فقد قصدنا فصبرنا عليه فبتر الله تعالى عمره بدعوتنا » ( 5 ) .
____________
( 1 ) التغرير حمل النفس على الخطر . وفي بعض النسخ « غدر به » وفي بعضها « عوربه » من التعوير وعوربه أي صرف عنه ، قال في الصحاح : عورته عن الامر تعويرا أي صرفته عنه
( 2 ) كذا . وفي بعض النسخ المصححة صححه بـ « باداشاكه » وعلى ما في المتن كانه اسم رجل مركب من فارسي هو « بادا » ومن « ان شاء الله » فان أهل الفرس كثيرا ما يستعملونها « شاله » .
( 3 ) يعنى أحمد بن هلال العبرتائي . والمراد بالشيخ « أبو القاسم الحسين بن روح » كما يظهر من كتاب الاحتجاج .
( 4 ) الخطاب للشيخ ظاهرا .
( 5 ) البتر بتقديم الموحدة على المثناة : القطع

( 490 )

13 ـ حدثني أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن علان الكليني عن الحسن بن الفضل اليماني قال : قصدت سر من رأى فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوبان فرددتها وقلت في نفسي : أنا عندهم بهذه المنزلة فأخذتني الغرة ( 1 ) ، ثم ندمت بعد ذلك : فكتبت رقعة أعتذر من ذلك وأستغفر ، ودخلت الخلاء وأنا احدث نفسي وأقول : والله لئن ردت إلي الصرة لم أحلها ولم أنفقها حتى احملها إلى والدي فهو أعلم بها مني ، قال : ولم يشر علي من قبضها مني بشيء ولم ينهني عن ذلك . فخرج إليه « أخطأت إذ لم تعلمه أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا وربما يسألونا ذلك يتبركون به » . وخرج إلي « أخطأت بردك برنا ، فإذا استغفرت الله عزوجل فالله يغفر لك فأما إذا كانت عزيمتك وعقد نيتك أن لا تحدث فيها حدثا ولا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك وأما الثوبان فلا بد منهما لتحرم فيهما » .
قال : وكتبت في معنين وأردت أن أكتب في معنى ثالث فقلت في نفسي : لعله يكره ذلك ، فخرج إلى الجواب للمعنيين والمعنى الثالث الذي طويته ولم أكتبه .
قال : وسألت طيبا فبعث إلي بطيب في خرقة بيضاء فكانت معي في المحمل ، فنفرت ناقتي بعسفان ( 2 ) وسقط محملي وتبدد ما كان فيه ، فجمعت المتاع وافتقدت الصرة واجتهدت في طلبها ، حتى قال لي بعض من معنا ما تطلب ؟ فقلت : صرة كانت معي قال : وما كان فيها ؟ قلت نفقتي قال : قد رأيت من حملها ، فلم أزل أسأل عنها حتى أيست منها ، فلما وافيت مكة حللت عيبتي وفتحتها فإذا أول ما بدر علي منها الصرة وإنما كانت خارجا في المحمل ، فسقطت حين تبدد المتاع .
قال : وضاق صدري ببغداد في مقامي ، وقلت في نفسي : أخاف أن لا أحج في هذه السنة ولا أنصرف إلى منزلي وقصدت أبا جعفر أقتضيه جواب رقعة كنت كتبتها ، فقال لي : صر إلى المسجد الذي في مكان كذا وكذا ، فإنه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه فقصدت المسجد وأنا فيه إذ دخل علي رجل فلما نظر إلي سلم
____________
( 1 ) في بعض النسخ « العزة » وفي بعضها « الغيرة » .
( 2 ) كعثمان موضع على مرحلتين من مكة .

( 491 )

وضحك ، وقال لي : أبشر فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك سالما إن شاء الله تعالى .
قال : وقصدت ابن وجناء أسأله أن يكتري لي ويرتاد عديلا فرأيته كارها ثم لقيته بعد أيام فقال لي : أنا في طلبك منذ أيام قد كتب إلي وأمرني أن أكترى لك وأرتاد لك عديلا ابتداء ، فحدثني الحسن أنه وقف في هذه السنة على عشر دلالات والحمد الله رب العالمين .
14 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني قال : كنت مقيما ببغداد ، وتهيأت قافلة اليمانيين للخروج فكتبت أستأذن في الخروج معها فخرج « لا تخرج معها فمالك في الخروج خيرة وأقم بالكوفة » فخرجت القافلة وخرجت عليها بنو حنظلة فاجتاحوها ( 1 ) . قال : و كتبت أستأذن في ركوب الماء ، فخرج « لا تفعل » فما خرجت سفينة في تلك السنة إلا خرجت عليها البوارج ( 2 ) فقطعوا عليها .
قال : وخرجت زائرا إلى العسكر فأنا في المسجد [ الجامع ] مع المغرب إذ دخل علي غلام فقال لي : قم ، فقلت : من أنا وإلى أين أقوم ؟ فقال لي : أنت علي بن محمد رسول جعفر بن إبراهيم اليماني ، قم إلى المنزل ، قال : وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي ( 3 ) ، قال : فقمت إلى منزله واستأذنت في أن أزور من داخل فأذن لي .
15 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علان الكليني ، عن الاعلم المصري ( 4 ) عن أبي رجاء المصري ( 5 ) قال : خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد
____________
( 1 ) اجتاح الشيء : اسنأصله ، والجائحة : الافة .
( 2 ) جمع البارجة وهي سفينة كبيرة للقتال ، والشرير .
( 3 ) وافيت القوم : أتيتهم .
( 4 ) في بعض النسخ « عن الاعلم البصري » .
( 5 ) في بعض النسخ « البصري » .

( 492 )

عليه السلام بسنتين لم أقف فيهما على شيء ، فلما كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد لابي محمد عليه السلام بصرياء ( 1 ) ، وقد سألني أبو غانم أن أتعشى عنده ، وأنا قاعد مفكر في نفسي وأقول : لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين ، فإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول : « يا نصر بن عبد ربه ( 2 ) قل لاهل مصر : آمنتم برسول الله صلى الله عليه وآله حبث رأيتموه ؟ » قال نصر : ولم أكن أعرف اسم أبي وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني النوفلي وقد مات أبي ، فنشأت بها ، فلما سمعت الصوت قمت مبادرا ولم أنصرف إلى أبي غانم وأخذت طريق مصر .
قال : وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما فورد « أما أنت يا فلان فآجرك الله ودعا للاخر فمات ابن المعزى »
16 ـ قال : وحدثني أبو محمد الوجنائي قال : اضطرب أمر البلد وثارت فتنة فعزمت على المقام ببغداد [ فأقمت ] ثمانين يوما ، فجاءني شيخ ، وقال لي : انصرف إلى بلدك ، فخرجت من بغداد وأنا كاره ، فلما وافيت سر من رأى وأردت المقام بها لما ورد علي من اضطراب البلد ، فخرجت فما وافيت المنزل حتى تلقاني الشيخ ومعه كتاب من أهلي خبرونني بسكون البلد ويسألوني القدوم .
17 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن هارون قال : كانت للغريم عليه السلام علي خمسمائة دينار فأنا ليلة ببغداد وبها ريح وظلمة ( 3 ) وقد فزعت فزعا شديدا وفكرت فيما علي ولي ، وقلت في نفسي : حوانيت اشتريتها بخمسمائة و ثلاثين دينارا وقد جعلتها للعزيم عليه السلام بخمسمائة دينار ، قال : فجاءني من يتسلم مني الحوانيت وما كتبت إليه في شيء من ذلك من قبل أن أطلق به لساني ولا أخبرت به أحدا
____________
( 1 ) قد مر هذه اللفظة في حكاية غانم الهندي ص 440 .
( 2 ) في بعض النسخ « نصر بن عبد الله » .
( 3 ) في بعض النسخ « وقد كان لها ريح وظلمة » .

( 493 )

18 ـ حدثني أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ( 1 ) قال : حدثني أبو القاسم ابن أبي حليس ( 2 ) قال : كنت أزور الحسين عليه السلام ( 3 ) في النصف من شعبان فلما كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان وهممت أن لا أزور في شعبان ، فلما دخل شعبان قلت : لا أدع زيارة كنت أزورها فخرجت زائرا وكنت إذا وردت العسكر أعلمتهم برقعة أو برسالة ، فلما كان في هذه الدفعة قلت لابي القاسم الحسن بن أحمد الوكيل : لا تعلمهم بقدومي فإني اريد أن أجعلها زورة خالصة قال : فجاءني أبو القاسم وهو يتبسم وقال : بعث إلي بهذين الدينارين وقيل لي : ادفعهما إلى الحليسي وقال له : من كان في حاجة الله عزوجل كان الله في حاجته ، قال : واعتللت بسر من رأى علة شديدة أشفقت منها فأطليت ( 4 ) مستعدا للموت ، فبعث إلى بستوقة فيها بنفسجين ( 5 ) وأمرت بأخذه ، فما فرغت حتى أفقت من علتي والحمد لله رب العالمين .
قال : ومات لي غريم فكتبت أستأذن في الخروج إلى ورثته بواسط وقلت : أصير إليهم حدثان موته لعلي أصل إلى حقي فلم يؤذن لي ، ثم كتبت ثانية فلم يؤذن لي ، ثم كتبت ثانية فلم يؤذن لي ، فلما كان بعد سنتين كتب إلي إبتداء « صر إليهم » فخرجت إليهم فوصل إلي حقي .
قال أبو القاسم : وأوصل أبو رميس ( 6 ) عشرة دنانير إلى حاجز فنسيها حاجز
____________
( 1 ) الظاهر سقط هنا « عن علان الكليني » بقرينة ما تقدم في قصة الكابلي
( 2 ) في بعض النسخ « أبي حابس » والظاهر الصواب ما في المتن لان في المحكى عن نسخة ثمينة من الخرائج للراوندي « قال أبو القاسم الحليسي : كنت أزور العسكر في شعبان في أوله ثم ازور الحسين عليه السلام في النصف ـ الخ » بأدنى تفاوت في لفظها .
( 3 ) كذا وفي بعض النسخ « أزور الحير » والظاهر هو الاصوب وهو اسم القصر الذي كان بسر من رأى فيه قبر العسكريين عليهما السلام . والله أعلم .
( 4 ) في بعض النسخ « أشفقت فيها » . وأطلى فلان اطلاء : مالت عنقه للموت .
( 5 ) شيء يعمل من البنفسج والانجبين كالسكنجبين .
( 6 ) في بعض النسخ « ابن رميس » وفي بعضها « أبودميس » .

( 494 )

أن يوصلها ، فكتب إليه « تبعث بدنانير أبو رميس » ابتداء .
قال : ( 1 ) وكتب هارون بن موسى بن الفرات في أشياء وخط بالقلم بغير مداد يسأل الدعاء لابني أخيه وكانا محبوسين ، فورد عليه جواب كتابه وفيه دعاء للمحبوسين باسمهما .
قال : وكتب رجل من ربض حميد يسأل الدعاء في حمل له فورد عليه « الدعاء في الحمل قبل الاربعة أشهر وستلد انثى » فجاء كما قال عليه السلام .
قال : وكتب محمد بن محمد البصري ( 2 ) يسأل الدعاء في أن يكفي أمر بناته ، وأن يرزق الحج ويرد عليه ماله ، فورد عليه الجواب بما سأل ، فحج من سنته ومات من بناته أربع وكان له ست ، ورد عليه ماله .
قال : وكتب محمد بن يزداذ ( 3 ) يسأل الدعاء لوالديه ، فورد " غفر الله لك ولوالديك ولاختك المتوفاة الملقبة كلكي ، وكانت هذه امرأة صالحة متزوجة بجوار ( 4 ) .
وكتبت في إنفاذ ( 5 ) خمسين دينارا لقوم مؤمنين منها عشرة دنانير لابنة عم لي ( 6 ) لم تكن من الايمان على شيء ، فجعلت اسمها آخر الرقعة والفصول ، ألتمس بذلك الدلالة في ترك الدعاء فخرج في فصول المؤمنين تقبل الله منهم وأحسن إليهم وأثابك ولم يدع لابنة عمي بشيء .
قال : وأنفذت ( 7 ) أيضا دنانير لقوم مؤمنين فأعطاني رجل يقال له : محمد بن سعيد
____________
( 1 ) يعني قال سعد أو علان الكليني وهو الصواب وهكذا إلى آخر الخبر .
( 2 ) في بعض النسخ « القصري » .
( 3 ) محمد بن يزداذ بالياء المثناة من تحت والزاي والدال المهملة والذال المعجمة . ( رجال ابن داود ) .
( 4 ) الجوار ـ ككتان ـ الاكار .
( 5 ) في بعض النسخ « أنقاد » .
( 6 ) في بعض النسخ « لابن عمي » والضمائر فيما بعد مذكرة .
( 7 ) في بعض النسخ « وأنقذت » ونقدت له الدراهم ونقدته الدراهم أي أعطيته فانتقدها أي قبضها . ونقدت الدراهم وانتقدتها إذا اخرجت منها الزيف صلى الله عليه وآله .

( 495 )

دنانير فأنفذتها باسم أبيه متعمدا ولم يكن من دين الله على شيء ، فخرج الوصول من عنوان اسمه محمد .
قال : وحملت في هذه السنة التي ظهرت لي فيها هذه الدلالة ألف دينار ، بعث بها أبو جعفر ومعي أبو الحسين محمد بن محمد بن خلف وإسحاق بن الجنيد ، فحمل أبو الحسين الخرج إلى الدور واكترينا ثلاثة أحمرة ، فلما بلغت القاطول ( 1 ) لم نجد حميرا فقلت لابي الحسين : احمل الخرج الذي فيه المال واخرج مع القافلة حتى أتخلف في طلب حمار لاسحاق بن الجنيد يركبه فإنه شيخ ، فأكتريت له حمارا ولحقت بأبي الحسين في الحير ـ حير سر من رأى ـ وأنا اسامره ( 2 ) وأقول له : احمد الله على ما أنت عليه ، فقال : وددت أن هذا العمل دام لي ، فوافيت سر من رأى وأوصلت ما معنا ، فأخذه الوكيل بحضرتي ووضعه في منديل وبعث به مع غلام أسود ، فلما كان العصر جاءني برزيمة ( 3 ) خفيفة ، ولما أصبحنا خلابي أبو القاسم وتقدم أبو الحسين وإسحاق ، فقال أبو القاسم للغلام الذي حمل الرزيمة جاءني بهذه الدراهم وقال لي : ادفعها إلى الرسول الذي حمل الرزيمة ، فأخذتها منه ، فلما خرجت من باب الدار قال لي أبو الحسين من قبل أن أنطق أو يعلم أن معي شيئا : لما كنت معك في الحير تمنيت أن يجئني منه دراهم أتبرك بها ، وكذلك عام أول حيث كنت معك بالعسكر . فقلت له : خذها فقد آتاك الله ، والحمد لله رب العالمين .
قال : وكتب محمد بن كشمرد يسأل الدعاء أن يجعل ابنه أحمد من ام ولده في في حل ، فخرج : « والصقري أحل الله له ذلك » فأعلم عليه السلام أن كنيته أبو الصقر .
قال ( 4 ) : وحدثني علي بن قيس ، عن غانم أبي سعيد الهندي ، وجماعة ، عن
____________
( 1 ) موضع على دجلة .
( 2 ) المسامرة : المحادثة بالليل في بعض النسخ « اسايره » . وتقدم ان الحير قصر كان بسر من رأى
( 3 ) تصغير « رزمة » وهي بالكسر ما شد في ثوب واحد . و « جاءني » أي أبو الحسين .
( 4 ) من هنا إلى تمام الخبر تقدم في باب من شاهد القائم عليه السلام ص 438 عن سعد عن علان الكليني عن علي بن قيس عن غانم أبي سعيد الهندي ولا مناسبة له ظاهرا بهذا الباب .

( 496 )

محمد بن محمد الاشعري ، عن غانم قال : كنت أكون مع ملك الهند بقشمير الداخلة ونحن أربعون رجلا نقعد حول كرسي الملك وقد قرأنا التوراة والانجيل والزبور ، ويفزع إلينا في العلم فتذاكرنا يوما أمر محمد صلى الله عليه وآله وقلنا : نجده في كتبنا واتفقنا على أن أخرج في طلبه وأبحث عنه ، فخرجت ومعي مال ، فقطع علي الترك وشلحوني فوقعت إلى كابل وخرجت من كابل إلى بلخ والامير بها ابن أبي شور ( 1 ) فأتيته وعرفته ما خرجت له فجمع الفقهاء والعلماء لمناظرتي فسألتهم عن محمد صلى الله عليه وآله فقالوا : هو نبينا محمد بن عبد الله وقد مات ، فقلت : ومن كان خليفته ؟ ؟ فقالوا : أبو بكر ، فقلت : أنسبوه لي فنسبوه إلى قريش ، فقلت : ليس هذا بنبي إن النبي الذي نجده في كتبنا خليفته ابن عمه وزوج ابنته وأبو ولده ، فقالوا للامير : إن هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر مر بضرب عنقه ، فقلت لهم : أنا متمسك بدين لا أدعه إلا ببيان ، فدعا الامير الحسين بن إسكيب وقال له : ناظر الرجل فقال له : العلماء والفقهاء حولك فمرهم بمناظرته ، فقال له ناظره كما أقول لك واخل به وألطف له ، فقال : فخلا بي الحسين فسألته عن محمد صلى الله عليه وآله فقال : هو كما قالوه لك غير أن خليفته ابن عمه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، ومحمد ابن عبد الله بن عبد المطلب وهو زوج ابنته فاطمة ، وأبو ولديه : الحسن والحسين ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . وصرت إلى الامير فأسلمت ، فمضى بي إلى الحسين ففقهني ، فقلت : إنا نجد في كتبنا أنه لا يمضي خليفة إلا عن خليفة ، فمن كان خليفة علي ؟ قال : الحسن ، ثم الحسين ، ثم سمى الائمة حتى بلغ إلى الحسن عليهم السلام .
ثم قال : تحتاج أن تطلب خليفة الحسن وتسأل عنه فخرجت في الطلب . فقال محمد بن محمد : فوافى معنا بغداد ، فذكر لنا أنه كان معه رفيق قد صحبه على هذا الامر فكره بعض أخلاقه ففارقه ، قال : فبينما أنا ذات يوم وقد تمسحت في الصراة ( 2 ) وأنا مفكر فيما خرجت له إذ أتاني آت وقال لي : أجب مولاك ، فلم يزل يخترق بي المحال حتى أدخلني دارا وبستانا ، فإذا مولاي عليه السلام قاعد فلما نظر إلي كلمني بالهندية وسلم
____________
( 1 ) في بعض النسخ « ابن أبي شبور » .
( 2 ) تقدم سابقا أنها اسم نهران بالعراق وهما العظمى والصغرى .

( 497 )

علي وأخبرني باسمي وسألني عن الاربعين رجلا بأسمائهم عن اسم رجل رجل ، ثم قال لي : تريد الحج مع أهل قم في هذه السنة فلا تحج في هذه السنة وانصرف إلى خراسان وحج من قابل .
قال : ورمى إلى بصرة وقال : اجعل هذه في نفقتك ولا تدخل في بغداد إلى دار أحد ولا تخبر بشيء مما رأيت .
قال محمد : فانصرفنا من العقبة ولم يقض لنا الحج ، وخرج غانم إلى خراسان وانصرف من قابل حاجا وبعث إلينا بألطاف ولم يدخل قم وحج وانصرف إلى خراسان فمات بها ـ رحمة الله ـ .
قال محمد بن شاذان ، عن الكابلي : وقد كنت رأيته عند أبي سعيد فذكر أنه خرج من كابل مرتادا طالبا وإنه وجد صحة هذا الدين في الانجيل وبه اهتدي . فحدثني محمد بن شاذان بنيسابور قال : بلغني أنه قد وصل ( 1 ) فترصدت له حتى لقيته فسألته عن خبره فذكر أنه لم يزل في الطلب وأنه أقام بالمدينة فكان لا يذكره لاحد إلا زجره فلقى شيخا من بني هاشم وهو يحيى بن محمد العريضي فقال له : إن الذي تطلبه بصرياء ، قال : فقصدت صرياء وجئت إلى دهليز مرشوش فطرحت نفسي على الدكان فخرج إلي غلام أسود فزجرني وانتهرني وقال لي : قم من هذا المكان وانصرف ، فقلت : لا أفعل فدخل الدار ثم خرج إلي وقال : ادخل ، فدخلت فإذا مولاي عليه السلام قاعد وسط الدار فلما نظر إلى سماني باسم له يعرفه أحد إلا أهلي بكابل وأجرى لي أشياء ، فقلت له : إن نفقتي قد ذهبت فمر لي بنفقة ، فقال لي : أما إنها ستذهب منك بكذبك و أعطاني نفقة فضاع مني ما كان معي وسلم ما أعطاني ، ثم انصرفت السنة الثانية ولم أجد في الدار أحدا .
19 ـ حدثني أبي رضي الله عنه قال : حدثني سعد بن عبد الله قال : حدثني علي بن محمد بن إسحاق الاشعري قال : كانت لي زوجة من الموالي قد كنت هجرتها دهرا فجاءتني فقالت : إن كنت قد طلقتني فأعلمني ، فقلت لها : لم = اطلقك ونلت منها
____________
( 1 ) يعني إلى الحضرة عليه السلام .
( 498 )

في هذا اليوم فكتبت إلي بعد أشهر تدعي أنها حامل ، فكتبت في أمرها وفي دار كان صهري أوصى بها للغريم عليه السلام أسأل أن يباع مني وأن ينجم علي ثمنها ( 1 ) فورد الجواب في الدار « قد اعطيت ما سألت » وكف عن ذكر المرأة والحمل ، فكتبت إلي المرأة بعد ذلك تعلمني أنها كتبت بباطل وأن الحمل لا أصل له ، والحمد لله رب العالمين .
20 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله قال : حدثني أبو علي المتيلي ( 2 ) قال : جاءني أبو جعفر فمضى بي إلي العباسية وأدخلني خربة وأخرج كتابا فقرأه علي فإذا فيه شرح جميع ما حدث على الدار وفيه « أن فلانة ـ يعني ام عبد الله ـ تؤخذ بشعرها وتخرج من الدار ويحدر بها إلى بغداد ، فتقعد بين يدي السلطان ـ وأشياء مما يحدث » ثم قال لي : احفظ ، ثم مزق الكتاب وذلك من قبل أن يحدث ما حدث بمدة .
21 ـ قال ( 3 ) : وحدثني أبو جعفر المروزي ، عن جعفر بن عمرو قال : خرجت إلى العسكر وام أبي محمد عليه السلام في الحياة ومعي جماعة ، فوافينا العسكر فكتب أصحابي يستأذنون في الزيارة من داخل باسم رجل رجل ، فقلت : لا تثبتوا اسمي فإني لا أستأذن فتركوا اسمي فخرج الاذن « ادخلوا ومن أبى أن يستأذن » .
22 ـ قال : وحدثني أبو الحسن جعفر بن أحمد قال : كتب إبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي في أشياء وكتب في مولود ولد له يسأل أن يسمى ، فخرج إليه الجواب فيما سأل ولم يكتب إليه في المولود شيء ، فمات الولد ، والحمد لله رب العالمين . قال : وجرى بين قوم من أصحابنا مجتمعين على كلام في مجلس فكتب إلى رجل منهم شرح ما جرى في المجلس .
23 ـ قال : وحدثني العاصمي أن رجلا تفكر في رجل يوصل إليه ما وجب
____________
( 1 ) أي يقرر أداءه في اوقات معلومة متتابعة نجوما لا دفعة واحدة .
( 2 ) في بعض النسخ « المسلي » وفي بعضها « النيلي » .
( 3 ) يعني سعد بن عبد الله .

( 499 )

للغريم عليه السلام وضاق به صدره ، فسمع هاتفا يهتف به : « أوصل ما معك إلى حاجز » .
قال : وخرج أبو محمد السروي إلى سر من رأى ومعه مال فخرج إليه ابتداء « فليس فينا شك ولا فيمن يقوم مقامنا شك ورد ما معك إلى حاجز » .
24 ـ قال : وحدثني أبو جعفر قال : بعثنا مع ثقة من ثقات إخواننا إلى العسكر شيئا فعمد الرجل فدس فيما معه رقعة من غير علمنا فردت عليه الرقعة من غير جواب .
قال ( 1 ) أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الكندي قال : قال لي أبو طاهر البلالي : التوقيع الذي خرج إلي من أبي محمد عليه السلام فعلقوه في الخلف بعده وديعة في بيتك ، فقلت له : احب أن تنسخ لي من لفظ التوقيع ما فيه ، فأخبر أبا طاهر بمقالتي ( 2 ) فقال له : جئني به حتي يسقط الاسناد بيني وبينه ، فخرج إلي من أبي محمد عليه السلام قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إلي بعد مضيه بثلاثة أيام يخبرني بذلك ( 3 ) فلعن الله من جحد أولياء الله حقوقهم وحمل الناس على أكتافهم ، والحمد لله كثيرا .
____________
( 1 ) كلام سعد بن عبد الله ، أو علان الكليني الساقط في السند على ما استظهرناه . وكذا قوله « فقلت له » فيما يأتي وضمير « له » راجع إلى الحسين . وكذا المستتر في قوله « فأخبر » فيما يأتي .
( 2 ) في بعض النسخ « بمسألتي »
( 3 ) حاصل المعنى أن الحسين بن اسماعيل سمع من البلالي أنه قال : التوقيع الذي خرج إلى من أبي محمد عليه السلام في أمر الخلف القائم هو من جملة ما أودعتك في بيتك ـ وكان قد أودعه أشياء كان في بيته ـ فأخبر الحسين سعدا بما سمع منه فقال سعد للحسين : احب أن ترى التوقيع الذي عنده وتكتب لى من لفظه ، فاخبر الحسين أبا طاهر بمقالة سعد ، فقال أبو طاهر : جئني بسعد حتي يسمع مني بلا واسطة ، فلما حضره أخبره بالتوقيع . كما قال العلامة المجلسي في البحار وأيد بيانه بالخبر المروي في الكافي ج 1 ص 328 باب الاشارة والنص على صاحب الدار تحت رقم 1 . حيث روى هذا التوقيع عن علي بن بلال .

( 500 )

25 ـ قال : وكتب جعفر بن حمدان : فخرجت إليه هذه المسائل : « استحللت بجارية وشرطت عليها أن لا أطلب ولدها ولا الزمها منزلي ، فلما أتى لذلك مدة قالت لي : قد حبلت ، فقلت لها : كيف ولا أعلم أني طلبت منك الولد ؟ ثم غبت و انصرفت وقد أتت بولد ذكر فلم انكره ولا قطعت عنها الاجراء والنفقة ، ولي ضيعة قد كنت قبل أن تصير إلي هذه المرأة سبلتها على وصاياي وعلي سائر ولدي على أن الامر في الزيادة والنقصان منه إلي أيام حياتي ، وقد أتت هذه بهذا الولد ، فلم الحقه في الوقف المتقدم المؤبد ، وأوصيت إن حدث بي حدث الموت أن يجري عليه ما دام صغيرا فإذا كبر اعطي من هذه الضيعة جملة مائتي دينار غير مؤبد ولا يكون له ولا لعقبه بعد إعطائه ذلك في الوقف شيء ، فرأيك أعزك الله في إرشادي فيما عملته وفي هذا الولد بما أمتثله والدعاء لي بالعافية وخير الدنيا والاخرة » ؟
جوابها : « وأما الرجل الذي استحل بالجارية وشرط عليها أن لا يطلب ولدها فسبحان من لا شريك له في قدرته ، شرطه على الجارية ( 1 ) شرط على الله عزوجل هذا ما لا يؤمن أن يكون ، وحيث عرف في هذا الشك وليس يعرف الوقت الذي أتاها فيه فليس ذلك بموجب البراءة في ولده ، وأما إعطاء المائتي دينار وإخراجه [ إياه وعقبه ] من الوقف فالمال ماله فعل فيه ما أراد » . قال أبو الحسين : حسب الحساب قبل المولود فجاء الولد مستويا ( 2 ) .
وقال : وجدت في نسخة أبي الحسن الهمداني : أتاني ـ أبقاك الله ـ كتابك و الكتاب الذي أنفذته وروى هذا التوقيع الحسن بن علي بن إبراهيم ، عن السياري .
____________
( 1 ) في بعض النسخ « شرطه في الجارية ـ الخ » . وفي بعض النسخ « شرط على الجارية شرطا على الله » وفي بعضها « شرط على الجارية شرط على الله » وكذا في البحار وقال المجلسي ( ره ) : شرط على الجارية مبتدأ و « شرط على الله » خبره أو هما فعلان والاول استفهام انكاري . وما اخترناه في المتن معناه ظاهر .
( 2 ) الظاهر أن الرجل حسب حسابه التقديرى قبل ميلاد الولد ، فجاء الولد حسبما قدره فعرف أنه ولده . والله أعلم .