26 ـ وكتب علي بن محمد الصيمري رضي الله عنه يسأل كفنا فورد « إنه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدي وثمانين » . فمات رحمه الله في الوقت الذي حده وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر .
27 ـ [ حدثنا علي بن أحمد بن مهزيار ] قال : حدثني أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم قال : دخلت على حكيمة ( 1 ) بنت محمد بن علي الرضا اخت أبي الحسن العسكري عليهم السلام في سنة اثنين وثمانين بالمدينة فكلمتها من وراء الحجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم به ، ثم قالت : فلان بن الحسن عليه السلام فسمته ، فقلت لها : جعلني الله فداك معاينة أو خبرا ؟ فقالت : خبرا عن أبي محمد عليه السلام كتب به إلى امه ، فقلت لها : فأين المولود ؟ ( 2 ) فقالت : مستور ، فقلت : فالى من تفزع الشيعة ؟ فقالت : إلى الجدة ام أبي محمد عليه السلام فقلت لها : أقتدي بمن وصيته إلى المرأة ؟ ( 3 ) فقالت : اقتداء بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام إن الحسين بن علي عليهما السلام أوصى إلى اخته زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام في الظاهر ، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين من علم ينسب إلي زينب بنت على تسترا على علي بن الحسين ، ثم قالت : إنكم قوم أصحاب أخبار ، وأما رويتم أن التاسع من ولد الحسين عليه السلام يقسم ميراثه وهو في حياة ( 4 ) .
28 ـ وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه قال : كنت أحمل الاموال التي تجعل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه فيقبضها مني ، فحملت إليه يوما شيئا من الاموال في آخر ايامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين فأمرني بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي رضي الله عنه وكنت اطالبه بالقبوض
____________
( 1 ) في بعض النسخ « حليمة » وفي بعضها « خديجة » .
( 2 ) في بعض النسخ « فأين الولد » .
( 3 ) في بعض النسخ « اقتدأتم في وصيته بامرأة » .
( 4 ) لا مناسبة بين هذا الحديث وما يأتي وبين عنوان الباب .

( 502 )

فشكا ذلك إلى أبي جعفر العمري رضي الله عنه فأمرني أن لا اطالبه بالقبض ( 1 ) ، وقال : كلما وصل إلى أبي القاسم وصل إلي ، قال : فكنت أحمل بعد ذلك الاموال إليه ولا اطالبه بالقبوض .
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : الدلالة في هذا الحديث هي في المعرفة بمبلغ ما يحمل إليه والاستغناء عن القبوض ولا يكون ذلك إلا عن أمر الله عزوجل .
29 ـ وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه أن أبا جعفر العمري حفر لنفسه قبرا وسواه بالساج ، فسألته عن ذلك ، فقال : للناس أسباب ، ثم سألته بعد ذلك فقال : قد امرت أن أجمع أمري . فمات بعد ذلك بشهرين رضي الله عنه .
30 ـ وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه قال : دفعت إلي امرأة سنة من السنين ثوبا وقالت : احمله إلى العمري رضي الله عنه ، فحملته مع ثياب كثيرة ، فلما وافيت بغداد أمرني بتسليم ذلك كله إلى محمد بن العباس القمي ، فسلمته ذلك كله ما خلا ثوب المرأة . فوجه إلي العمري رضي الله عنه وقال : ثوب المرأة سلمه إليه ، فذكرت بعد ذلك أن امرأة سلمت إلي ثوبا وطلبته فلم أجده ، فقال لي : لا تغتم فإنك ستجده فوجدته بعد ذلك ، ولم يكن مع العمري رضي الله عنه نسخة ما كان معي .
31 ـ وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه قال : سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رضي الله عنه بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله عزوجل أن يرزقه ولدا ذكرا قال : فسألته فأنهى ذلك ، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعا لعلي بن الحسين وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع [ الله ] به وبعده أولاد .
قال أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه وسألته في أمر نفسي أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا ذكرا فلم يجبني إليه وقال : ليس إلى هذا سبيل ، قال : فولد
____________
( 1 ) في بعض النسخ « بالقبوض » .
( 503 )

لعلي بن الحسين رضي الله عنه محمد بن علي وبعده أولاد ( 1 ) ، ولم يولد لي شيء .
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : كان أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه كثيرا ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد ابن الوليد رضي الله عنه ، وأرغب في كتب العلم وحفظه ـ : ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم ، وأنت ولدت بدعاء الامام عليه السلام .
32 ـ حدثنا أبو الحسين صالح بن شعيب الطالقاني رضي الله عنه في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال : حضرت بغداد عند المشايخ رضي الله عنهم فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه ابتداء منه : « رحم الله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي » قال : فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم فورد الخبر أنه توفي ذلك اليوم ، ومضى أبو الحسن السمري رضي الله عنه بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة .
33 ـ أخبرنا محمد بن علي بن متيل ، عن عمه جعفر بن محمد بن متيل ( 2 ) قال : لما حضرت أبا جعفر محمد بن عثمان العمري السمان رضي الله عنه الوفاة كنت جالسا عند رأسه أسائله واحدثه ، وأبو القاسم الحسين بن روح ، فالتفت إلي ثم قال لي : قد امرت أن أوصى إلى أبى القاسم الحسين بن روح قال : فقمت من عند رأسه ( 3 ) وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحولت عند رجليه .
34 ـ وأخبرنا محمد بن علي بن متيل قال : كانت امرأة يقال لها : زينب من أهل آبة ، وكانت امرأة محمد بن عبديل الابي معها ثلاثمائة دينار فصارت إلى عمي جعفر ابن محمد بن متيل وقالت : احب أن اسلم هذا المال من يد إلى يد أبي القاسم بن
____________
( 1 ) في بعض النسخ « فولد لعلي بن الحسين ( ره ) تلك السنة ابنه محمد وبعده أولاد » .
( 2 ) كذا وفي بعض النسخ وفي غيبة الشيخ « جعفر بن أحمد بن متيل » .
( 3 ) في بعض النسخ « فقمت من مكاني » .

( 504 )

روح قال : فأنفذني معها اترجم عنها ، فلما دخلت على أبي القاسم رضي الله عنه أقبل يكلمها بلسان آبي فصيح فقال لها : « زينب ! چونا ، خويذا ، كوابذا ، چون استه » ( 1 ) ومعناه كيف أنت ؟ وكيف كنت ؟ وما خبر صبيانك ( 2 ) ؟ قال : فاستغنت عن الترجمة و سلمت المال ورجعت .
35 ـ وأخبرنا محمد بن علي بن متيل قال : قال عمي جعفر بن محمد بن متيل : دعاني أبو جعفر محمد بن عثمان السمان المعروف بالعمري رضي الله عنه فأخرج إلي ثويبات معلمة وصرة فيها دراهم ، فقال لي : يحتاج أن تصير بنفسك إلى واسط في هذا الوقت وتدفع ما دفعت إليك إلى أول رجل يلقاك عند صعودك من المركب إلى الشط بواسط ، قال : فتداخلني من ذلك غم شديد ، وقلت مثلي يرسل في هذا الامر ويحمل هذا لشيء الوتح ؟ ( 3 ) .
قال : فخرجت إلى واسط وصعدت من المركب فأول رجل يلقاني سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني ( 4 ) وكيل الوقف بواسط فقال : أنا هو ، من أنت ؟ فقلت : أنا جعفر بن محمد بن متيل ، قال : فعرفني باسمي وسلم علي وسلمت عليه ، و تعانقنا ، فقلت له : أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام ودفع إلي هذه الثويبات وهذه الصرة لاسلمها إليك ، فقال : الحمد لله فإن محمد بن عبد الله الحائري ( 5 ) قد مات و خرجت لاصلاح كفنه ، فحل الثياب وإذا فيها ما يحتاج إليه من حبر وثياب وكافور في الصرة ، وكرى الحمالين والحفار ، قال : فشيعنا جنازته وانصرفت .
____________
( 1 ) لسان آوجى محلى معناه بالفارسية الدارجة اليوم « چطورى ، خوشى ، كجابودي ، بچه هايت چطورند » .
( 2 ) في بعض النسخ « كيف أنت ؟ وكيف مكثت ؟ وما خبر صبيانك ؟ » .
( 3 ) الوتح ـ بالتحريك وككتف ـ : القليل التافه من الشيء .
( 4 ) الصيدلان قرية من قرى الواسط .
( 5 ) في بعض النسخ « العامري » .

( 505 )

36 ـ وأخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ابن أخي طاهر ببغداد طرف سوق القطن في داره ، قال : قدم أبو الحسن علي بن أحمد بن علي العقيقي ببغداد في سنة ثمان وتسعين ومائتين إلى علي بن عيسى بن الجراح وهو يومئذ وزير في أمر ضيعة له ، فسأله . فقال له : إن أهل بيتك في هذا البلد كثير فإن ذهبنا نعطي كلما سألونا طال ذلك . ـ أو كما قال ـ فقال له العقيقي : فإني أسأل من في يده قضاء حاجتي ، فقال له علي بن عيسى : من هو ؟ فقال : الله عزوجل ، وخرج مغضبا ، قال : فخرجت و أنا أقول : في الله عزاء من كل هالك ، ودرك من كل مصيبة .
قال : فانصرفت فجاءني الرسول من عند الحسين بن روح رضي الله عنه وأرضاه فشكوت إليه فذهب من عندي فأبلغه فجاءني الرسول بمائة درهم عددا ووزنا ومنديل وشيء من حنوط وأكفان ، وقال لي : مولاك يقرئك السلام ويقول لك : إذا أهمك أمر أو غم فامسح بهذا المنديل وجهك ، فإن هذا منديل مولاك عليه السلام ، وخذ هذه الدراهم وهذا الحنوط وهذه الاكفان وستقضى حاجتك في ليلتك هذه ، وإذا قدمت إلى مصر يموت محمد بن إسماعيل من قبلك بعشرة أيام ، ثم تموت بعده فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وهذا جهازك .
قال : فأخذت ذلك وحفظته وانصرف الرسول وإذا أنا بالمشاعل على بابي والباب يدق ، فقلت لغلامي « خير » : يا خير انظر أي شيء هو ذا ؟ فقال خير : هذا غلام حميد بن محمد الكاتب ابن عم الوزير فأدخله إلي فقال لي : قد طلبك الوزير ويقول لك مولاي حميد : اركب إلي ، قال : فركبت ( وخبت الشوارع والدروب ) وجئت إلى شارع الرزازين ( 1 ) فإذا بحميد قاعد ينتظرني ، فلما رآني أخذ بيدي وركبنا فدخلنا على الوزير ، فقال لي الوزير : يا شيخ قد قضى الله حاجتك واعتذر إلي ودفع إلي الكتب مكتوبة مختومة قد فرغ منها ، قال : فأخذت ذلك وخرجت .
قال أبو محمد الحسن بن محمد فحدثنا أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي رحمه الله بنصيبين بهذا وقال لي : ما خرج هذا الحنوط إلا لعمتي فلانة لم يسمها ، وقد نعيت
____________
( 1 ) في بعض النسخ « فركبت وفتحت الشوارع والدروب وجئت إلى شارع الوزانين » .
( 506 )

إلي نفسي ( 1 ) ولقد قال لي الحسين بن روح رضي الله عنه : إني املك الضيعة وقد كتب لي ( 2 ) بالذي أردت ، فقمت إليه وقبلت رأسه وعينيه ، وقلت : يا سيدي أرني الاكفان والحنوط والدراهم ، قال : فأخرج إلى الاكفان وإذا فيها برد حبرة مسهم ( 3 ) من نسيج اليمن وثلاثة أثواب مروي ( 4 ) وعمامة ، وإذا الحنوط في خريطة و اخرج إلي الدراهم فعددتها مائة درهم ( و ) وزنها مائة درهم ، فقلت : يا سيدي : هب لي منها درهما أصوغه خاتما ، قال : وكيف يكون ذلك خذ من عندي ما شئت ، فقلت : اريد من هذه وألححت عليه ، وقبلت رأسه وعينيه ، وفأعطاني درهما فشددته في منديل وجعلته في كمي ، فلما صرت إلى الخان فتحت زنفيلجة ( 5 ) معي وجعلت المنديل في الز نفيلجة وقيد الدرهم مشدود وجعلت كتبي ودفاتري فوقه ، وأقمت أياما ، ثم جئت أطلب الدرهم فإذا الصرة مصرورة بحالها ولا شيء فيها ، فأخذني شبه الوسواس فصرت إلى باب العقيقي فقلت لغلامه خير : اريد الدخول إلى الشيخ ، فأدخلني إليه فقال لي : مالك ؟ فقلت : يا سيدي الدرهم الذي أعطيتني إياه ما أصبته في الصرة فدعا بالز نفيلجة وأخرج الدراهم فإذا هي مائة درهم عددا ووزنا ، ولم يكن معي أحد أتهمته . فسألته في رده إلي فأبى ، ثم خرج إلى مصر وأخذ الضيعة ، ثم مات قبله محمد بن إسماعيل بعشرة أيام ( كما قيل ) ثم توفي رضي الله عنه وكفن في الاكفان الذي دفعت إليه .
____________
( 1 ) كذا في البحار نقلا عن الغيبة للطوسي ( ره ) فيحتمل أن تكون عمته في بيت الحسين بن روح فخرج إليها . وفي بعض النسخ من الاكمال و « وقد بغيته لنفسي » والمعنى ما خرج هذا الحنوط أولا الالعمتى ثم طلبت حنوطا لنفسي فخرج مع الكفن والدراهم .
( 2 ) على بناء المجهول ليكون حالا عن ضمير « املك » أو تصديقا لما أخبر به أو على بناء المعلوم فالضمير المرفوع راجع إلى الحسين أي وقد كان كتب مطلبي إليه ( ع ) فلما خرج أخبرني به قبل رد الضيعة .
( 3 ) المسهم : المخطط .
( 4 ) في بعض النسخ « فروى » .
( 5 ) معرب زنبيلچه » .

( 507 )

حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدثني محمد بن جعفر قال : حدثني أحمد بن إبراهيم قال : دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا ، اخت أبي الحسن صاحب العسكر عليهم السلام في سنه اثنتين وستين ومائتين فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم ، ثم قالت : والحجة ابن الحسن بن علي فسمته ، فقلت لها : جعلني الله فداك معاينة أو خبرا ؟ فقالت خبرا عن أبي محمد عليه السلام كتب به إلى امه ، فقلت لها : فأين الولد ؟ فقالت : مستور ، فقلت : إلى من تفزع الشيعة ؟ فقالت ( لي ) إلى الجدة ام أبي محمد عليه السلام فقلت لها : أقتدي بمن وصيته إلى امرأة ؟ فقالت : اقتداء بالحسين بن علي عليهما السلام فإن الحسين بن علي عليهما السلام أوصى إلى اخته زينب بنت علي في الظاهر فكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليهما السلام من علم ينسب إلى زينب سترا على علي بن الحسين عليهما السلام ، ثم قالت : أنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن علي عليهما السلام يقسم ميراثه وهو في الحياة ( 1 ) .
37 ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه مع جماعة فيهم علي بن عيسى القصري فقام إليه رجل فقال له : إني اريد أن أسألك عن شيء ، فقال له : سل عما بدا لك ، فقال الرجل ، أخبرني عن الحسين بن علي عليهما السلام أهو ولي الله ؟ قال : نعم ، قال : أخبرني ، عن قاتله أهو عدو الله ؟ قال : نعم ، قال الرجل : فهل يجوز أن يسلط الله عزوجل عدوه على وليه ؟ فقال له أبو القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه : افهم عني ما أقول لك إعلم أن الله عزوجل لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم بالكلام ، ولكنه جل جلاله يبعث إليهم رسلا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم ، ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم ، فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الاسواق قالوا لهم : أنتم بشر مثلنا ولا نقبل منكم
____________
( 1 ) تقدم الخبر في ص 501 مع الاختلاف في السند إلى الاسدي . ولا مناسبة له بالباب .
( 508 )

حتى تأتوننا بشيء نعجز أن نأتي بمثله فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه فجعل الله عزوجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها ، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الانذار والاعذار ، فغرق جميع من طغى وتمرد ، ومنهم من ألقي في النار فكانت بردا وسلاما ، ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة وأجرى من ضرعها لبنا ، ومنهم من فلق له البحر ، وفجر له من الحجر العيون ، وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون ، ومنهم من أبرا الاكمه والابرص وأحيى الموتى بإذن الله ، وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، ومنهم من انشق له القمر ، وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك .
فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق عن أمرهم وعن أن يأتوا بمثله ( 1 ) كان من تقدير الله عزوجل ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه عليهم السلام مع هذه القدرة و المعجزات في حالة غالبين وفي اخرى مغلوبين ، وفي حال قاهرين وفي اخرى مقهورين ولو جعلهم الله عزوجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لا تخذهم الناس آلهة من دون الله عزوجل ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار ولكنه عزوجل جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين ، وفي حال العافية والظهور على الاعداء شاكرين ، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين ، وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام إلها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله ، وتكون حجة الله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبية ، أو عاند أو خالف وعصى وجحد بما أتت به الرسل والانبياء عليهم السلام « ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة » .
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه فعدت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح قدس الله روحه من الغد وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر ما لنا يوم أمس من عند نفسه ، فابتدأني فقال لي : يا محمد بن إبراهيم لان أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوى بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقول في دين الله عزوجل برأيي أو
____________
( 1 ) في بعض النسخ « عجز الخلق من اممهم عن أن يأتوا بمثله » .
( 509 )

من عند نفسي ، بل ذلك عن الاصل ومسموع عن الحجة صلوات الله عليه وسلامه .
38 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا أبى قال : حدثنا محمد بن شاذان بن نعيم الشاذاني قال : اجتمعت عندي خمسمائة درهم ينقص عشرين درهما فوزنت من عندي عشرين درهما ودفعتهما إلى أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه ولم اعرفه أمر العشرين ، فورد الجواب « قد وصلت الخمسمائة درهم التي لك فيها عشرون درهما » ( 1 ) . قال محمد بن شاذان : أنفذت بعد ذلك مالا ولم افسر لمن هو ، فورد الجواب « وصل كذا وكذا ، منه لفلان كذا ولفلان كذا » قال : وقال أبو العباس الكوفي : حمل رجل مالا ليوصله وأحب أن يقف علي الدلالة ، فوقع عليه السلام « إن استر شدت أرشدت وإن طلبت وجدت ، يقول لك مولاك : احمل ما معك » قال الرجل : فأخرجت مما معي ستة دنانير بلا وزن وحملت الباقي ، فخرج التوقيع « يا فلان رد الستة دنانير التي أخرجتها بالاوزن ووزنها ستة دنانير وخمسة دوانيق وحبة ونصف » قال الرجل : فوزنت الدنانير فإذا هي ( 2 ) كما قال عليه السلام .
39 ـ حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين بن إسحاق الاسروشني رضي الله عنه قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن الخضر بن أبي صالح الخجندي ( 3 ) رضي الله عنه أنه خرج إليه من صاحب الزمان عليه السلام توقيع بعد أن كان اغري بالفحص والطلب وسار عن وطنه ليتبين له ما يعمل عليه .
وكان نسخة التوقيع « من بحث فقد طلب ، ومن طلب فقد دل ، ومن دل فقد أشاط ، ومن أشاط فقد أشرك » قال : فكف عن الطلب ورجع .
وحكي عن أبي القاسم بن روح ـ قدس الله روحه ـ أنه قال في الحديث الذي روي في أبي طالب أنه أسلم بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثة وستين أن معناه إله
____________
( 1 ) تقدم الحديث سابقا .
( 2 ) في بعض النسخ « فإذا أنها » وفي بعضها « فإذا بها » .
( 3 ) في البحار « الجحدري » .

( 510 )

احد جواد ( 1 ) .
40 ـ حدثنا أحمد بن هارون القاضي ( 3 ) رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن إسحاق بن حامد الكاتب قال : كان بقم رجل بزاز مؤمن وله شريك مرجئي فوقع بينهما ثوب نفيس فقال المؤمن : يصلح هذا الثوب لمولاي ، فقال له شريكه : لست أعرف مولاك ، ولكن افعل بالثوب ما تحب ، فلما وصل الثوب إليه شقه عليه السلام بنصفين طولا فأخذ نصفه ورد النصف ، وقال : لا حاجة لنا في مال المرجئي .
41 ـ قال عبد الله بن جعفر الحميري : وخرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمد ابن عثمان العمري في التعزية بأبيه رضي الله عنهما في فصل من الكتاب « إنا لله وإنا إليه راجعون تسليما لامره ورضاء بقضائه ، عاش أبوك سعيدا ومات حميدا فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام ، فلم يزل مجتهدا في أمرهم ، ساعيا فيما يقر به إلى الله عزوجل وإليهم ، نضر الله وجهه وأقاله عثرته » وفي فصل آخر : « أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء ، رزئت ورزئنا و أو حشك فراقه وأوحشنا ، فسره الله في منقلبه ، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله عزوجل ولدا مثلك يخلفه من بعده ، ويقوم مقامه بأمره ، ويترحم عليه ، وأقول : الحمد لله ، فإن الانفس طيبة بمكانك وما جعله الله عزوجل فيك وعندك ، أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك ، وكان الله لك وليا وحافظا وراعيا وكافيا ومعينا » .

توقيع من صاحب الزمان عليه السلام
كان خرج إلى العمري وابنه رضي الله عنهما رواه سعد بن عبد الله .
42 ـ قال الشيخ أبو عبد الله جعفر رضي الله عنه : وجدته مثبتا عنه رحمه الله « وفقكما الله لطاعته ، وثبتكما على دينه ، وأسعدكما بمرضاته ، إنتهى إلينا
____________
( 1 ) سيأتي مسندا ص 519 .
( 2 ) في بعض النسخ « أحمد بن هارون الفامي » .

( 511 )

ما ذكرتما أن الميثمي ( 1 ) أخبركما عن المختار ومناظراته من لقى واحتجاجه بأنه لا خلف غير جعفر بن علي وتصديقه إياه وفهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكما عنه وأنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء ، ومن الضلالة بعد الهدى ، ومن موبقات الاعمال ومرديات الفتن ( 2 ) ، فإنه عزوجل يقول « ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 3 ) » ، كيف يتساقطون في الفتنة ، ويترد دون في الحيرة ، و يأخذو يمينا وشمالا ، فارقوا دينهم ، وأم ارتابوا ، أم عاندوا الحق ، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والاخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون إن الارض لا تخلو من حجة إما ظاهرا وإما مغمورا .
أو لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الامر بأمر الله عزوجل إلى الماضي ـ يعني الحسن بن علي عليهما السلام ـ فقام مقام آبائه عليهم السلام يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، كانوا نورا ساطعا ، وشهابا لامعا ، و قمرا زاهرا ، ثم اختار الله عزوجل له ما عنده فمضى على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل على عهد عهده ، ووصية أوصى بها إلى وصي ستره الله عزوجل بأمره إلى غاية وأخفى مكانه بمشيئة للقضاء السابق والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ، ولو قد أذن الله عزوجل فيما قد منعه عنه وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لاراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية ، وأبين دلالة ، وأوضع علامة ، ولا بان عن نفسه وقام بحجته ولكن أقدار الله عزوجل لا تغالب وإرادته لا ترد وتوفيقه لا يسبق ، فليدعوا عنهم اتباع الهوى وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا عما ستر عنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عزوجل فيندموا ، وليعلموا أن الحق معنا وفينا ، لا يقول ذلك سوانا إلا كذاب مفتر ، ولا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي ، فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير ، ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله .
____________
( 1 ) في النسخ « الهيثمي » .
( 2 ) أي مهلكاتها . أوبقه : أهلكه .
( 3 ) الروم : 2 .

( 512 )

( الدعاء في غيبة القائم عليه السلام )
43 ـ حدثنا أبو محمد الحسين بن أحمد المكتب قال : حدثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء ، وذكر أن الشيخ العمري قدس الله روحه أملاه عليه وأمره أن يدعو به وهو الدعاء في غيبة القائم عليه السلام .
« اللهم عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ( 1 ) ، اللهم عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ، اللهم لا تمتني ميتة جاهلية ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، اللهم فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته علي من ولاة أمرك بعد رسولك صلوات الله عليه وآله حتى واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين والحسن و الحسين وعليا ومحمدا وجعفرا وموسى وعليا ومحمدا وعليا والحسن والحجة القائم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين ، اللهم فثبتني على دينك واستعملني بطاعتك ، ولين قلبي لولي أمرك ، وعافني مما امتحنت به خلقك ، وثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك ، فبإذنك غاب عن بريتك ، وأمرك ينتظر وأنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الاذن له بإظهار أمره وكشف ستره ، فصبرني على ذلك حتى لا احب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ، ولا أكشف عما سترته ، ولا أبحث عما كتمته ، ولا انازعك في تدبيرك ، ولا أقول : لم وكيف ؟ وما بال ولي الامر ( 2 ) لا يظهر ؟ وقد امتلات الارض من الجور ؟ . وأفوض اموري كلها إليك .
اللهم إني أسألك أن تريني ولي أمرك ظاهرا نافذا لامرك مع علمي بأن لك السلطان والقدرة والبرهان والحجة والمشيئة والارادة والحول والقوة ، فافعل ذلك بي وبجميع المؤمنين حتى ننظر إلى وليك صلواتك عليه وآله ظاهر المقالة ، واضح الدلالة ، هاديا من الضلالة ، شافيا من الجهالة ، أبرز يا رب مشاهده ، وثبت
____________
( 1 ) في بعض النسخ « رسولك » وكذا ما يأتي .
( 2 ) في بعض النسخ « ولى أمر الله » .

( 513 )

قواعده ، واجعلنا ممن تقر عينه برؤيته ، وأقمنا بخدمته ، وتوفنا على ملته ، واحشرنا في زمرته .
اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصورت واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به ، واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك . اللهم ومد في عمره ، وزد في أجله وأعنه على ما أوليته واسترعيته ، وزد في كرامتك له فانه الهادي والمهتدي والقائم المهدي ، الطاهر التقي النقي الزكي والرضي المرضي ، الصابر المجتهد الشكور .
اللهم ولا تسلبنا اليقين لطول الامد في غيبته وانقطاع خبره عنا ، ولا تنسنا ذكره وانتظاره والايمان وقوة اليقين في ظهوره والدعاء له والصلاة عليه حتى لا يقنطنا طول غيبته من ظهوره وقيامه ، ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسولك صلواتك عليه وآله ، وما جاء به من وحيك وتنزيلك ، وقو قلوبنا على الايمان به حتى تسلك بنا على يده منهاج الهدى والحجة العظمى ، والطريقة الوسطى ، وقونا على طاعته ، وثبتنا على متابعته ( 1 ) واجعلنا في حزبه وأعوانه وأنصاره ، والراضين بفعله ( 2 ) ولا تسلبنا ذلك في حياتنا ولا عند وفاتنا حتى تتوفانا ونحن على ذلك غير شاكين ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذبين .
اللهم عجل فرجه وأيده بالنصر ، وانصر ناصريه ، واخذل خاذليه ، ودمر على من ( 3 ) نصب له وكذب به ، وأظهر به الحق ، وأمت به الباطل ( 4 ) ، واستنقذ به عبادك المؤمنين من الذل ، وانعش به البلاد ( 5 ) ، واقتل به جبابرة الكفر ، واقصم به رؤوس
____________
( 1 ) في بعض النسخ « على مطايعته » . وفي بعضها « على مشايعته »
( 2 ) في بعض النسخ « راغبين بعفله » .
( 3 ) في بعض النسخ « دمدم على من » ودمدم عليه أي أهلكه .
( 4 ) في بعض النسخ « به الجور » .
( 5 ) نعشه الله أي رفعه ، وانتعش العاثر : نهض من عثرته .

( 514 )

الضلالة ، وذلل به الجبارين والكافرين ، وأبر ( 1 ) به المنافقين والناكثين وجميع المخالفين والملحدين في مشارق الارض ومغاربها ، وبرها وبحرها ، وسهلها وجبلها حتى لا تدع منهم ديارا ولا تبقي لهم آثارا ، وتطهر منهم بلادك ، واشف منهم صدور عبادك ، و جدد به ما امتحى من دينك ( 2 ) ، وأصلح به ما بدل من حكمك ، وغير من سنتك حتى يعود دينك به وعلى يديه غضا ( 3 ) جديدا صحيحا لا عوج فيه ولا بدعة معه حتى تطفئ بعدله نيران الكافرين ، فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك وارتضيته لنصرة نبيك ، واصطفيته بعلمك ، وعصمته من الذنوب وبرأته من العيوب ، وأطلعته على الغيوب ، وأنعمت عليه وطهرته من الرجس ونقيته من الدنس .
اللهم فصل عليه وعلى آبائه الائمة الطاهرين ، وعلى شيعتهم المنتجبين ، وبلغهم من آمالهم أفضل ما يأملون ، واجعل ذلك منا خالصا من كل شك وشبهة ورياء وسمعة حتي لا نريد به غيرك ولا نطلب به إلا وجهك .
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا ، وغيبة ولينا ، وشدة الزمان علينا ، ووقوع الفتن [ بنا ] ، وتظاهر الاعداء [ علينا ] ، وكثرة عدونا ، وقلة عددنا .
اللهم فافرج ذلك بفتح منك تعجله ، ونصر منك تعزه ( 4 ) ، وإمام عدل تظهره إله الحق رب العالمين .
اللهم إنا نسألك أن تأذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك ، وقتل أعدائك في بلادك حتى لا تدع للجور يا رب دعامة إلا قصمتها ولا بنية إلا أفنيتها ، ولا قوة إلا أوهنتها ، ولا ركنا إلا هددته ( 5 ) ولا حدا إلا فللته ، ولا سلاحا إلا أكللته ( 6 ) ولا راية إلا
____________
( 1 ) أباره أي أهلكه ، والمبير : المهلك . وفي بعض النسخ « أفن » .
( 2 ) أي ما زال وذهب منه .
( 3 ) الغض : الطري .
( 4 ) في بعض النسخ « وبصبر منك تيسره » .
( 5 ) الهدة : الهدم والكسر .
( 6 ) الحد : السيف والفل : الكسر والثلمة . وما يقال بالفارسية ( كند شدن وكند كردن ) والكلل ـ بفتح الكاف ـ بمعناه .

( 515 )

نكستها ، ولا شجاعا إلا قتلته ، ولا جيشا إلا خذلته ، وارمهم يا رب بحجرك الدامغ ، واضربهم بسيفك القاطع ، وببأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين ، وعذب أعداءك وأعداء دينك وأعداء رسولك بيد وليك وأيدي عبادك المؤمنين .
اللهم اكف وليك وججتك في أرضك هول عدوه وكد من كاده ، وامكر من مكر به ، واجعل دائرة السوء على من أراد به سوءا ، واقطع عنه مادتهم ، وارعب له قلوبهم ، وزلزل له أقدامهم ، وخذهم جهرة وبغتة ، وشدد عليهم عقابك ، واخزهم في عبادك ، والعنهم في بلادك ، وأسكنهم أسفل نارك ، وأحط بهم أشد عذابك و ، وأصلهم نارا واحش قبور موتاهم نارا ، وأصلهم حر نارك ، فإنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وأذلوا عبادك .
اللهم وأحي بوليك القرآن ، وأرنا نوره سرمدا لا ظلمة فيه ، وأحي به القلوب الميتة ، واشف به الصدور الوغرة ( 1 ) ، واجمع به الاهواء المختلفة على الحق ، وأقم به الحدود المعطلة والاحكام المهملة حتى لا يبقى حق إلا ظهر ، ولا عدل إلا زهر ، واجعلنا يا رب من أعوانه ومقوي سلطانه ( 2 ) والمؤتمرين لامره ، والراضين بفعله ، و المسلمين لاحكامه ، وممن لا حاجة له به إلى التقية من خلقك ، أنت يا رب الذي تكشف السوء وتجيب المضطر إذا دعاك ، وتنجي من الكرب العظيم ، فاكشف يا رب الضر عن وليك ، واجعله خليفة في أرضك كما ضمنت له .
اللهم ولا تجعلني من خصماء آل محمد ، ولا تجعلني من أعداء آل محمد ، ولا تجعلني من أهل الحنق والغيظ على آل محمد ، فإني أعوذ بك من ذلك فأعذني ، وأستجير بك فأجرني .
اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلني بهم فائزا عندك في الدنيا والاخرة ومن المقربين " .
____________
( 1 ) الوغرة ـ بالتسكين ـ : شدة توقد الحر . وفي صدره على وغر أي ضغن والضعن الحقد والعداوة .
( 2 ) في بعض النسخ « وممن يقوى بسلطانه » .

( 516 )

44 ـ حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري ـ قدس الله روحه ـ فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :
« بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة الثانية ( 1 ) فلا ظهور إلا بعد إذن الله عزوجل وذلك بعد طول الامد وقسوة القلوب ، وامتلاء الارض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه . ومضى رضي الله عنه ، فهذا آخر كلام سمع منه .
45 ـ حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن أحمد بن بزرج بن عبد الله بن منصور بن يونس بن برزج صاحب الصادق عليه السلام قال : سمعت محمد بن الحسن الصيرفي الدورقي ( 2 ) المقيم بأرض بلخ يقول : أردت الخروج إلى الحج وكان معي مال بعضه ذهب وبعضه فضة ، فجعلت ما كان معي من الذهب سبائك وما كان معي من الفضة نقرا وكان قد دفع ذلك الماك إلي لاسلمه من الشيخ ( 3 ) أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدس الله روحه ـ قال : فلما نزلت سرخس ضربت خيمتي على موضع فيه رمل ، فجعلت اميز تلك السبائك والنقر فسقطت سبيكة من تلك السبائك مني وغاضت في الرمل وأنا لا أعلم قال : فلما دخلت همدان ميزت تلك السبائك والنقر مرة أخرى اهتماما مني بحفظها ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل - أو قال : ثلاثة وتسعون
____________
( 1 ) في بعض النسخ « الغيبة التامة » .
( 2 ) في بعض النسخ « الدوري » .
( 3 ) في النسخ « ذلك المال إليه لتسليمه إلى الشيخ » .

( 517 )

مثقالا ـ قال : فسبكت مكانها من مالي بوزنها سبيكة وجعلتها بين السبائك ، فلما وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح ـ قدس الله روحه ـ وسلمت إليه ما كان معي من السبائك والنقر ، فمد يده من بين [ تلك ] السبائك إلى السبيكة التي كنت سبكتها من مالي بدلا مما ضاع مني فرمى بها إلي وقال لي : ليست هذه السبيكة لنا وسبيكتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت خيمتك في الرمل فارجع إلى مكانك وانزل حيث نزلت واطلب السبيكة هناك تحت الرمل فإنك ستجدها وستعود إلى ههنا فلا تراني .
قال : فرجعت إلى سرخس ونزلت حيث كنت نزلت ، فوجدت السبيكة تحت الرمل وقد نبت عليها الحشيش ، فأخذت السبيكة وانصرفت إلى بلدي ، فلما كان بعد ذلك حججت ومعي السبيكة فدخلت مدينة السلام وقد كان الشيخ أبو القاسم الحسين ابن روح رضي الله عنه مضى ، ولقيت أبا الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فسلمت السبيكة إليه .
46 ـ وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن أحمد البرزجي قال : رأيت بسر من رأى رجلا شابا في المسجد المعروف بمسجد زبيدة في شارع السوق وذكر أنه هاشمي من ولد موسى بن عيسى لم يذكر أبو جعفر اسمه وكنت اصلي فلما سلمت قال لي : أنت قمي أو رازي ؟ فقلت : أنا قمي مجاور بالكوفة في مسجد أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي : أتعرف دار موسى بن عيسى التي بالكوفة ؟ فقلت : نعم ، فقال : أنا من ولده قال : كان لي أب وله أخوان وكان أكبر الاخوين ذا مال ولم يكن للصغير مال ، فدخل على أخيه الكبير فسرق منه ستمائة دينار ، فقال الاخ الكبير : أدخل على الحسن بن علي ابن محمد بن الرضا عليهم السلام وأسأله أن يلطف للصغير لعله يرد مالي فانه حلو الكلام ، فلما كان وقت السحر بدا لي في الدخول على الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام قلت : أدخل على أشناس التركي صاحب السلطان ( 1 ) فأشكو إليه ، قال : فدخلت على أشناس التركي وبين يديه نرد يلعب به ، فجلست أنتظر فراغه ، فجاءني رسول الحسن بن علي
____________
( 1 ) في بعض النسخ « حاحب السطان »
( 518 )

عليهما السلام فقال لي : أجب ، فقمت معه فلما دخلت على الحسن بن علي عليهما السلام قال لي : كان لك إلينا أول الليل حاجة ، ثم بدالك عنها وقت السحر ، إذهب فان الكيس الذي أخذ من مالك قدرد ولا تشك أخاك وأحسن إليه وأعطه فإن لم تفعل فابعثه إلينا لنعطيه فلما خرج تلقاه غلاما يخبره بوجود الكيس .
قال أبو جعفر البزرجي : فلما كان من الغد حملني الهاشمي إلى منزله وأضافني ثم صاح بجارية وقال : يا غزال ـ أو يا زلال ـ فإذا أنا بجارية مسنة فقال لها : يا جارية حدثي مولاك بحديث الميل والمولود ، فقالت : كان لنا طفل وجع ، فقالت لي مولاتي : امضي إلى دار الحسن بن علي عليهما السلام فقو لي لحكيمة : تعطينا شيء نستشفي به لمولودنا هذا ، فلما مضيت وقلت كما قال لي مولاي قالت حكيمة ( 1 ) : ايتوني بالميل الذي كحل به المولود الذي ولد البارحة ـ تعني ابن الحسن بن علي عليهما السلام ـ فأتيت بميل فدفعته إلي وحملته إلى مولاتي فكحلت به المولود فعوفي ، وبقي عندنا وكنا نستشفي به ثم فقدناه .
قال أبو جعفر البزرجي : فلقيت في مسجد الكوفة أبا الحسن بن برهون البرسي فحدثته بهذا الحديث عن هذا الهاشمي فقال : قد حدثني هذا الهاشمي بهذه الحكاية كما ذكرتها حذو النعل بالنعل سواء من غير زيادة ولا نقصان .
47 ـ حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي قال : كنت ببخارى ، فدفع إلي المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهبا وأمرني أن أسلمها بمدينة السلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدس الله روحه ـ فحملتها معي فلما بلغت آمويه ( 2 ) ضاعت مني سبيكة من تلك السبائك ولم أعلم بذلك حتى دخلت مدينة السلام ، فأخرجت السبائك لاسلمها فوجدتها قد نقصت واحدة فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها وأضفتها إلى التسع السبائك
____________
( 1 ) في بعض النسخ المصححة « فدخلت عليها وسألتها ذلك فقالت حكيمة ـ الخ » .
( 2 ) ويقال : أمويه ـ بالفتح وتشديد الميم وسكون الواو وفتح الياء ـ وهي آمل المعروف : مدينة بطبرستان .

( 519 )

ثم دخلت على الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدس الله روحه ـ ووضعت السبائك بين يديه فقال لي : خذ تلك السبيكة التي اشتريتها ـ وأشار إليها بيده ـ وقال : إن السبيكة التي ضيعتها قد وصلت إلينا وهو ذا هي ، ثم أخرج إلي تلك السبيكة التي كانت ضاعت مني بآمويه فنظرت إليها فعرفتها .
قال الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي علي البغدادي ورأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة فسألتني عن وكيل مولانا عليه السلام من هو ؟ فأخبرها بعض القميين أنه أبو القاسم الحسين بن روح وأشار إليها فدخلت عليه وأنا عنده ، فقالت له أيها الشيخ أي شيء معي ؟ فقال : ما معك فألقيه في الدجلة ثم ائتيني حتى أخبرك ، قال : فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فألقته في الدجلة ، ثم رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي ـ قدس الله روحه ـ فقال أبو القاسم لمملوكة له : اخرجي إلي الحق ، فأخرجت إليه حقة فقال للمرأة : هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في الدجلة أخبرك بما فيها أو تخبريني ؟ فقالت له : بل أخبرني أنت ، فقال : في هذه الحقة زوج سوار ذهب ، وحلقة كبيرة فيها جوهرة ، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر ، وخاتمان أحدهما فيروزج والاخر عقيق . فكان الامر كما ذكر ، لم يغادر منه شيئا . ثم فتح الحقة فعرض علي ما فيها فنظرت المرأة إليه ، فقالت : هذا الذي حملته بعينه ورميت به في الدجلة ، فغشي علي وعلى المرأة فرحا بما شاهدناه من صدق الدلالة .
ثم قال الحسين لي بعد ما حدثني بهذا الحديث : أشهد عند الله عزوجل يوم القيامة بما حدثت به أنه كما ذكرته لم أزد فيه ولم أنقص منه ، وحلف بالائمة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدث به وما زاد فيه وما نقص منه .
48 ـ حدثنا أبو الفرج محمد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي ( 1 ) ، عن أبيه قال : كنت عند أبي القاسم الحسين ابن روح ـ قدس الله روحه ـ فسأله رجل ما معنى قول العباس للنبي صلى الله عليه وآله : « إن
____________
( 1 ) كذا وهكذا في معاني الاخبار ص 285 وفي بعض النسخ « البروذاني » .
( 520 )

عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل ـ وعقد بيده ثلاثة وستين ـ ( 1 ) » فقال : عنى بذلك إله أحد جواد .
وتفسير ذلك أن الالف واحد ، واللام ثلاثون ، والهاء خمسة ، والالف واحد ، والحاء ثمانية ، والدال أربعة ، والجيم ثلاثة ، والواو ستة ، والالف واحد ، والدال أربعة . فذلك ثلاثة وستون .
49 ـ حدثنا محمد بن أحمد الشيباني ، وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق ، والحسين ابن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا : حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي رضي الله عنه قال : كان فيما ورد علي من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان ـ قدس الله روحه ـ في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان عليه السلام :
« أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقولون إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان فما أرغم أنف الشيطان أفضل من الصلاة ، فصلها وأرغم أنف الشيطان ( 2 ) .
وأما ما سألت عنه من أمر الوقف على ناحيتنا وما يجعل لنا ثم يحتاج إليه صاحبه ، فكل ما لم يسلم فصاحبه فيه بالخيار ، وكل ما سلم فلا خيار فيه لصاحبه ، إحتاج إليه صاحبه أو لم يحتج ، افتقر إليه أو استغنى عنه .
وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا ، فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه يوم القيامة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله : « المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل
____________
( 1 ) راجع تفصيل ذلك هامش معاني الاخبار ص 285 .
( 2 ) اعلم أن العامة لا يجوزون الصلاة بعد فريضة الغداة إلى طلوع الفجر وبعد العصر إلى المغرب وزعموا ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنها في هذين الوقتين . راجع تحقيق الكلام هامش كتاب الخصال طبع مكتبتنا ص 70 .