حَيَاةُ الامامِ مُحمَّد الجَواد ( عليه السَّلام ) ::: 1 ـ 10
باقر َشريف القَرَشي
حَيَاةُ
الأمامِ مُحمَّدَ الجَوادِ (عليهِ السّلام)
دِراسَةٌ وتَحليلٌ
طَبعَةٌ مُنَقَّحَةٌ


(5)


(6)

(7)
الاهداء
    إلى العقل الملهم .. الذيي صنع الحياة العلمية والفكرية في الأرض إلى الفكر المبدع .. الذي صنع التجديد والابتكار للمسلمين.
    إلى الغمام الأعظم .. جعفر الصادق عليه السلام.
    أرفع بكل تواضع وخشوع هذا المجهود الذي تشرّفت فيه بالبحث عن سيرة حفيده الإمام محمّد الجواد معجزة الفكر والعلم في الإسلام ، آملاً أن يحظى بالقبول ..


(9)
مُقدّمة
(1)
     من أروع صور الفكر والعلم في الإسلام الإمام أبو جعفر الثاني محمّد الجواد ( عليه السلام ) الذي حوى فضائل الدنيا ومكارمها ، وفجر ينابيع الحكمة والعلم في الأرض ، فكان المعلّم والرائد للنهضة العلمية ، والثقافية في عصره ، وقد أقبل عليه العلماء والفقهاء ورواة الحديث ، وطلبة الحكمة والمعارف ، وهم ينتهلون من نمير علومه وآدابه ، وقد روى عنه الفقهاء الشيء الكثير ممّا يتعلّق بأحكام الشريعة الإسلامية من العبادات والمعاملات وغير ذلك من أبواب الفقه ، وقد دوّنت في موسوعات الفقه والحديث.
    لقد كان هذا الإمام العظيم أحد المؤسّسين لفقه أهل البيت ( عليه السلام ) الذي يمثّل الإبداع والأصالة ، وتطور الفكر.
    وروى عنه العلماء ألواناً ممتعة من الحكم والآداب التي تتعلّق بمكارم الأخلاق وآداب السلوك ، وهي من أثمن ما أثر عن الإسلام من غرر الحكم التي عالجت مختلف القضايا التربوية والأخلاقية.


(10)
(2)
     ودلّل الإمام أبو جعفر الجواد ( عليه السلام ) بمواهبه وعبقرياته ، وملكاته العلميّة الهائلة التي لاتُحدّ على الواقع المشرق الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية من أنّ الإمام لابدّ أن يكون أعلم أهل زمانه وأفضلهم من دون فرق بين أن يكون صغيراً أو كبيراً ، فإنّ الله أمدَّ أئمّة أهل البيت ( عليه السلام ) بالعلم والحكمة وفصل الخطاب كما أمدَّ اُولي العزم من أنبيائه ورسله ، وتعتبر هذه إحدى العناصر الحيّة في عقيدة الشيعة.
    لقد برهن الإمام أبو جعفر ( عليه السلام ) على ذلك فقد تقلّد الإمامة والزعامة الدينية بعد وفاة أبيه الإمام الرضا ( عليه السلام ) وكان عمره الشريف ـ فيما أجمع عليه المؤرّخين ـ لايتجاوز السبع سنين ، وهو دور لايسمح لصحابة ـ حسب سيكلوجية الطفل ـ أن يخوض في أي ميدان من مياتدين العلوم العقلية ، أو يدخل في عالم المناظرات والبحوث الجدلية ، مع كبار العلماء والمتخصّصين فإنّ ذلك غير ممكن لمن كان في سن الطفولة. إلاّ أنّ الإمام الجواد ( عليه السلام ) وهو بهذا السنّ قد خرق هذه العادة.
    فقد سأله أشهر علماء عصره عن أعقد المسائل الفلسفية والكلامية والفقهية فأجابهم عنها ، وكان ممّن سأله يحيى بن أكثم قاضي قضاة بغداد الذي انتخبه العباسيون لامتحان الإمام فسأله عن مسألة فقهية ، ففرّع الإمام عليها عدّة فروع ثمّ سأله عن أي فرع أراده منها ، فلم يهتدِ يحيى لذلك ، ولم يستطع أن يتخلّص ممّا هو فيه ، واعترف بعدم قدرته على مجاراة الإمام (1).
    ولقد شغلت مناظراته مع يحيى وغيره من علماء عصره الرأي العام في بغداد وغيرها ، فكانت حديث الأندية والمجالس ، وتحدّث بها الركبان ، ولا تزال تسجّل له الاعجاب على امتداد التاريخ ..
1 ـ سنعرض لهذه المسألة وغيرها في البحوث الآتية.
حَيَاةُ الامامِ مُحمَّد الجَواد ( عليه السَّلام ) ::: فهرس