|
||||||
(136)
قال : ممن الكتاب وإلى من ؟
قال من الحسين بن علي عليهما السلام إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم. فغضب ابن زياد وقال : والله لا تفارقني حتى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم ، أو تصعد المنبر فتلعن الحسين وأباه وأخاه ، وإلا قطعتك إرباً إرباً. فقال قيس : أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم ، وأما لعن الحسين وأبيه وأخيه فأفعل. فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ، وأكثر من الترحم على علي وولده صلوات الله عليهم ، ثم لعن عبيدالله بن زياد وأباه ، ولعن عتاة بني أمية عن آخرهم. ثم قال : أيها الناس ، أنا رسول الحسين بن علي عليهما السلام إليكم ، وقد خلفته بموضع كذا وكذا ، فأجيبوه. فأخبر ابن زياد بذلك (206) ، فأمر بإلقائه من أعلا القصر ، فألقي من هناك ، فمات رحمة الله. فبلغ الحسين عليه السلام موته ، فاستعبر باكياً ثم قال : « اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك إنك على كل شيءٍ قدير ». وروي أن هذا الكتاب كتبه الحسين عليه السلام من الحاجز (207) ، وقيل : غير ذلك. (206) بذلك ، لم يرد في ر. (207) في إرشاد المفيد 2/70 : من الحاجز من بطن الرمة. وفي مراصد الاطلاع 2/634 : بطن الرمة منزل يجمع طريق البصرة والكوفة إلى المدينة. وفي معجم البلدان 1/666 : بطن الرمة واد معروف بعالية نجد ، وقال ابن دريد : الرمة قاع عظيم بنجد تنصب إليه أوديه. (137)
قال الراوي (208) : وسار الحسين عليه السلام حتى صار على مرحلتين من الكوفة ، فاذا (209) بالحر بن يزيد (210) في ألف فارس.
فقال له الحسين عليه السلام : « ألنا أم علينا ؟ » فقال : بل عليك يا أبا عبدالله. فقال : « لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ». ثم تراد القول بينهما ، حتى قال له الحسين عليه السلام : « فإذا كنتم على خلاف ما أتتني به كتبكم وقدمت به علي رسلكم ، فإني أرجع إلى الموضع الذي أتيت منه ». فمنعه الحر وأصحابه من ذلك ، وقال : لا ، بل خذ يا بن رسول الله طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يوصلك إلى المدينة لأعتذر إلى ابن زياد بأنك خالفتني الطريق. فتياسر الحسين عليه السلام ، حتى وصل إلى عذيب الهجانات (211). (208) الراوي ، لم يرد في ر. (209) ر : وإذاً. (210) الحر بن يزيد بن ناجيه بن سعيد من بني رياح بن يربوع ، من الشخصيات البارزة في الكوفة ، قائد من أشراف تميم ، أحد أمراء الجيش الأموي في كربلاء ، وكان يقود ربع تميم وهمدان ، التقى مع الحسين عليه السلام عند جبل ذي حسم ، تاب قبل نشوب المعركة لما أقبلت خيل الكوفة تريد قتل الحسين وأصحابه وأبى أن يكون منهم ، فانصرف إلى الحسين ، فقاتل بين يديه قتالاً عجيباً حتى قتل. تاريخ الطبري 5/422 و 400 و 427 ، تسمية من قتل مع الحسين : 153 ، رجال الشيخ : 73 ، البداية والنهاية 8/172 ، الكامل في التاريخ 4/19 ، أنصار الحسين : 84 ـ 85 ، الأعلام 2/172. (211) عذيب الهجانات قريب من عذيب القوادس ، وعذيب القوادس ماء بين القادسية والمغيثه ، بينه وبين القادسية أربعة أميال ، وقيل : غير ذلك. معجم البلدان 4/92. (138)
قال : فورد كتاب عبيدالله بن زياد إلى الحر يلومه في أمر الحسين عليه السلام ، ويأمره بالتضييق عليه.
فعرض له الحر وأصحابه ومنعوه من المسير. فقال له الحسين عليه السلام : « ألم تأمرنا بالعدول عن الطريق ؟ » فقال الحر : بلى ، ولكن كتاب الأمير عبيدالله بن زياد قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك ، وقد جعل علي عيناً يطالبني بذلك. قال الراوي (212) : فقام الحسين عليه السلام خطيباً في أصحابه ، فحمدالله وأثنى عليه وذكر جده فصلى عليه ، ثم قال : « إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون ، وإن الدنيا قد تنكرت وتغيرت وأدبر معروفها واستمرت جذاء ، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برما ». فقام زهير بن القين ، فقال : لقد سمعنا هدانا الله بك يابن رسول الله مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين لآثر النهوض معك على الاقامة فيها. قال : ووثب هلال بن نافع البجلي (213) ، فقال : والله ما كرهنا لقاء ربنا ، وإنا (212) قال الرواي ، لم يرد في ر. (213) ظاهراً هو نفسه نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج المذحجي الجملي ، ويخطئ من يعبر عنه : البجلي ، كان سيداً شريفاً شجاعاً قارءاً من حملة الحديث ومن أصحاب أمير المؤمنين ، وحضر معه حروبه الثلاثة في العراق ، وخرج إلى الحسين فلقيه في الطريق ، وأخباره في واقعة الطف كثيرة ، ذكرت في المقاتل. إبصار العين : 86 ـ 89 ، الطبري 6/253 ، ابن الأثير 4/29 ، البداية 8/184. (139)
على نياتنا وبصائرنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك.
قال : وقام برير بن حصين (214) ، فقال : والله يابن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فتقطع فيك أعضاؤنا ، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة. قال : ثم أن الحسين عليه السلام قام (215) وركب ، وصار كلما أراد المسير يمنعونه تارةً ويسايرونه أخرى ، حتى بلغ كربلاء ، وكان ذلك في اليوم الثاني (216) من المحرم. فلما وصلها قال : « ما اسم هذه الأرض ؟ » فقيل : كربلا. فقال : « انزلوا ، هاهنا والله محط ركابنا وسفك دمائنا ، هاهنا والله مخط قبورنا ، وهاهنا والله سبي حريمنا ، بهذا حدثني جدي (217) ». فنزلوا جميعاً ، ونزل الحر وأصحابه ناحية ، وجلس الحسين عليه السلام يصلح سيفه ويقول : (214) ع : خضير. وفي بعض المصادر : بدير بن حفير ، والظاهر أن خضير هو الأولى. هو سيد القراء ، كان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القراءة في جامع الكوفة ، وله في الهمدانيين شرف وقدر ، وكان مشهوراً ومحترماً في مجتمع الكوفة ، وهو همداني من شعب كهلان موطنه الكوفة ، بذل محاولة لصرف عمر بن سعد عن ولائه للسلطة الأموية. تاريخ للطبري 5/421 و 423 و 432 ، معجم رجال الحديث 3/289 ، المناقب 4/100 ، البحار 45/15. (215) ر : نزل. (216) ب : الثامن. (217) ع : فقيل كربلا ، فقال عليه السلام : اللهم إني أعوذبك من الكرب والبلاء ، ثم قال : هذا موضع كرب وبلاء. انزلوا ، هاهنا محط رحالنا ومسفك دمائنا وهنا محل قبورنا ، بهذا حدثني جدي رسول الله صلى الله عليه وآله. (140)
فقال : « نعم يا أختاه ». فقالت زينب : واثكلاه ، ينعى إلي الحسين نفسه. قال : وبكى النسوة ، ولطمن الخدود ، وشققن الجيوب. وجعلت أم كلثوم (221) تنادي : وامحمداه واعلياه واأماه وافاطمتاه واحسناه (218) ع :
وإنما الأمر إلى الجليل
(219) الراوي ، لم يرد في ر.
(220) زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام ، عقيلة بني هاشم ، شقيقة الحسن والحسين ، زوجها ابن عمها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، حضرت مع أخيها الحسين وقعة كربلاء ، حملت مع السبايا إلى الكوفة ، ثم إلى الشام ، كانت صابرة ثابتة الجنان رفيعة القدر فصيحة خطيبة ، توفيت سنة 62 هـ ، وقيل غير ذلك ، دفنت في مصر على أشهر الأقوال. الإصابة 8/100 ، نسب قريش : 41 ، الطبقات 8/341 ، الأعلام 3/67. ولزيادة الإطلاع راجع كتاب زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي ، فانه أحسن وأجاد في دراسته عن هذه الشخصية البارزة سيدة النساء بعد أمها الزهراء عليها السلام. (221) أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وأمها فاطمة عليها السلام ، وهي أخت الحسن والحسين وزينب عقيلة بني هاشم ، ومسألة زواجها من عمر من أشد المسائل اختلافاً بين المسلمين ، وكثيراً ما يقع الخلط (141)
واحسيناه واضيعتاه بعدك يا أبا عبدالله.
قال : فعزاها الحسين عليه السلام وقال لها : « يا أختاه تعزي بعزاء الله ، فإن سكان السموات يموتون ، وأهل الأرض لا يبقون ، وجميع البرية يهلكون ». ثم قال : « يا أختاه يا أم كلثوم ، وأنت يا زينب ، وأنت يا رقية (222) ، وأنت يا فاطمة (223) ، وأنت يا رباب (224) ، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيباً ولا تخمشن علي وجهاً ولا تقلن علي هجراً ». وروي من طريق آخر : أن زينب لما سمعت الأبيات ـ وكانت في موضع منفرد عنه مع النساء والبنات ـ خرجت حاسرة تجر ثوبها ، حتى وقفت عليه وقالت : عند المؤرخين بينهما وبين أختها زينب الكبرى ، لاتحادهما في الكنية. راجع من مصادر ترجمتها : أجوبة المسائل السروية : 226 ، الاستغاثة : 90 ، الاستيعاب 4/490 ، أسد الغابة 5/614 ، أعلام النساء المؤمنات : 181 ـ 220 ، وذكر فيه الكثير من مصادر ترجمتها. (222) لم يذكرها المؤرخون ، وذكرها السيد الأمين في الأعيان 7/34 قائلا : ينسب لها قبر ومشهد مزور بمحلة العمارة من دمشق ، الله أعلم بصحته ، جدده الميرزا علي أصغر خان وزير الصدارة في ايران عام 1323هـ ... (223) فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام ، تابعية من روايات الحديث ، روت عن جدتها فاطمة مرسلاً وعن أبيها ، حملت إلى الشام مع أختها سكينة وعمتها زينب وأم كلثوم ، قيل : عادت إلى المدينة فتزوجها ابن عمها الحسن بن الحسن بن علي ، ومات عنها فتزوجها عبدالله بن عمرو بن عثمان ، ومات فأبت الزواج إلى أن توفيت سنة 110 هـ. الطبقات 8/347 ، مقاتل الطالبيين : 119 و 120 و 202 و 237 ، الأعلام 5/130. (224) الرباب بنت امرئ القيس بن عدي ، زوجة الحسين السبط الشهيد ، كانت معه في وقعة كربلاء ، وبعد استشهاده جيء بها مع السبايا إلى الشام ، ثم عادت إلى المدينة ، فخطبها الأشراف ، فأبت ، وبقيت بعد الحسين سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمداً ، وكانت شاعرة لها رثاء في الحسين عليه السلام. المحبر 3/13 ، أعلام النساء 1/378 ، الأعلام النساء 1/378 ، الأعلام 1/378. (142)
واثكلاه ، ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت أمي فاطمة الزهراء ، وأبي علي المرتضى ، وأخي الحسن الزكي ، يا خليفة الماضين وثمال الباقين.
فنظر الحسين عليه السلام إليها وقال : « يا أختاه لا يذهبن حلمك ». فقال : بأبي أنت وأمي أستقتل ؟! نفسي لك الفداء. فرد غصته وتغرغرت عيناه بالدموع ، ثم قال : « هيهات هيهات ، لو ترك القطا ليلاً لنام ». فقالت : يا ويلتاه ، أفتغصب نفسك اغتصاباً ، فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي ، ثم أهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها. فقام عليه السلام فصب على وجهها الماء حتى أفاقت ، ثم عزاها عليه السلام بجهده وذكرها المصيبة بموت أبيه وجده صلوات الله عليهم أجمعين. ومما يمكن أن يكون سبباً لحمل الحسين عليه السلام لحرمه معه ولعياله : أنه لو تركهن بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية لعنه الله أرسل من أخذهن إليه ، وصنع بهن من الإستيصال وسوء الأعمال ما يمنع الحسين عليه السلام من الجهاد والشهادة ، ويمتنع عليه السلام ـ بأخذ يزيد بن معاوية لهن ـ عن مقام السعادة. (143)
(1) حال ، لم يرد في ر. (144)
(145)
قال الراوي (2) : وندب عبيدالله بن زياد أصحابه إلى قتال الحسين عليه السلام ، فاتبعوه ، واستخف قومه فأطاعوه ، واشترى من عمر بن سعد آخرته بدنياه ودعاه إلى ولاية الحرب فلباه ، وخرج لقتال الحسين عليه السلام في أربعة (3) آلاف فارس ، وأتبعه ابن زياد بالعساكر ، حتى تكاملت عنده إلى ست ليال خلون من المحرم عشرون ألفاً ، فضيق على الحسين عليه السلام حتى نال منه (4) العطش ومن أصحابه.
فقام عليه السلام واتكى على قائم (5) سيفه ونادى بأعلى صوته ، فقال : « أنشدكم الله هل تعرفونني ؟ » قالوا : اللهم نعم ، أنت ابن رسول الله وسبطه. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة ابنت محمد ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب ؟ » (2) الراوي ، لم يرد في ر. (3) أربعة ، لم يرد في ر. (4) ر : من. (5) قائم ، لم يرد في ر. (146)
قالوا : اللهم نعم.
قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد (6) أول نساء هذه الأمة إسلاماً ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن حمزة (7) سيد الشهداء عم أبي ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطيار (8) في الجنة عمي ؟ » (6) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى ، من قريش زوج رسول الله صلى الله عليه وآله الأولى ، وكانت أسن منه ، بخمس عشرة سنة ، ولدت بمكة ، كانت ذا مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام ، تستأجر الرجال ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله الخامسة والعشرين من عمره خرج في تجارة لها فعاد رابحاً ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل النبوة ، دعاها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام ، فكانت أول نساء هذه الأمة إسلاماً ، وكانت تصلي مع النبي صلى الله عليه وآله سراً ، توفيت خديجة بمكة لثلاث سنين قبل الهجرة. الطبقات الكبرى 8/7 ـ 11 ، الإصابة قسم النساء ، صفة الصفة 2/2 ، تاريخ الخميس 1/301 ، الأعلام 2/302. (7) حمزة ، لم يرد في ر. وحمزة بن عبد المطلب بن هاشم أبو عمارة ، سيد الشهداء ، استشهد سنة 3 هـ ، عم النبي صلى الله عليه وآله ، أحد صناديد قريش وسادتهم في الجاهلية والاسلام ، هاجر مع النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة ، حضر وقعة بدر وغيرها ، قتل يوم أحد ودفن في المدينة. تاريخ الاسلام 1/99 ، صفة الصفوة 1/144 ، الأعلام 2/278. (8) جعفر بن أبي طالب عليه السلام ، يكنى أبا عبدالله ، صحابي هاشمي من شجعانهم ، أول قتيل من الطالبيين في الإسلام ، ويكنى أبا المساكين أيضاً ، وجعفر هو الثالث من ولد أبيه بعد طالب وعقيل ، وبعد جعفر علي عليه السلام ، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، استشهد سنة 8 هـ ، حضر وقعة مؤتة ، فنزل عن فرسه وقاتل ، ثم حمل الراية وتقدم صفوف المسلمين ، فقطعت يمناه ، فحمل الراية باليسرى ، فقطعت أيضاً ، فاحتضن الراية إلى صدره وصبر حتى وقع شهيداً وفي جسمه نحو تسعين (147)
قالوا : اللهم نعم.
قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله صلى الله عليه وآله أنا متقلده ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله صلى الله عليه وآله أنا لا بسها ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن علياً عليه السلام كان أول الناس إسلاماً وأجزلهم (9) علماً وأعظمهم حلماً وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة ؟ » قالوا : اللهم نعم. قال : « فبم تستحلون دمي وأبي صلوات الله عليه الذائد عن الحوض غداً ، يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر على الماء ، والواء الحمد بيد أبي يوم القيامة ؟!! » قالوا : قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشاً !!! فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته وأخته زينب كلامه بكين وندبن ولطمن (10) وارتفعت أصواتهن. طعنة ورمية. مقاتل الطالبيين 6/18 ، البداية والنهاية 4/255 ، تهذيب التهذيب 2/98 ، أسد الغابة 1/286 ، الإصابة 1/237 ، الطبقات الكبرى 4/22 ، حلية الأولياء 1/114 ، صفوة الصفوة 1/205 ، الأعلام 2/125. (9) ع : كان أول القوم إسلاماً وأعلمهم. (10) وندبن ولطمن ، لم يرد في ر. (148)
فوجه إليهن أخاه العباس (11) وعلياً (12) ابنه وقال لهما : « سكتاهن فلعمري ليكثرون بكاؤهن ».
قال الراوي (13) : وورد كتاب عبيدالله على عمر بن سعد يحثه على القتال وتعجيل النزال ، ويحذره من التأخير والإمهال ، فركبوا نحو الحسين عليه السلام. وأقبل شمر بن ذي الجوشن (14) لعنه الله فنادى : أين بنو أختي (11) العباس بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد العامري ، وهو أكبر ولدها ، ويكنى أبا الفضل ، كان وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض ، يقال له قمر بني هاشم وهو السقاء ، كان لواء الحسين عليه السلام معه يوم قتل ، هو آخر من قتل من اخوته لأمه وأبيه ، قتله زيد بن رقاد الجنبي وحكيم بن الطفيل الطائي النبسي ، وكلاهما ابتلي في بدنه. مقاتل الطالبيين : 84 ـ 85 ، تسمية من قتل مع الحسين : 149 ، رجال الشيخ : 76 ، أنصار الحسين : 131 وقال : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي. (12) علي بن الحسين الأكبر ، يكنى أبا الحسن ، من سادات الطالبيين وشجعانهم ، أمه ليلى بنت أبي مرة ( قرة ) بن عروة ( عمرو ) بن مسعود بن مغيث ( معبد ) الثقفي ، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب ، كان له من العمر سبع وعشرون سنة ، وردت رواية أنه كان متزوجاً من أم ولد ، هو أول من قتل من بني هاشم ، طعنه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي وهو يحوم حول أبيه ويدافع عنه ويقيه ، وانهال أصحاب الحسين على مرة فقطعوه بأسيافهم ، قيل : مولده في خلافة عثمان ، وسماه المؤرخون الأكبر تمييزاً له عن أخيه زين العابدين علي الأصغر. مقاتل الطالبيين : 8 ـ 81 ، الطبقات 5/156 ن تسمية من قتل مع الحسين : 150 ، رجال الشيخ : 76 وفيه : علي بن الحسين الأصغر ، نسب قريش : 57 ، البداية والنهاية 8/185 ، الأعلام 4/277 ، أنصار الحسين : 129 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والإصفهاني والخوارزمي والمسعودي. (13) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر. (14) شمر بن ذي الجوشن ـ واسمه شرحبيل ـ بن قرط الضبابي الكلابي ، ابو السابغة ، من كبار قتلة (149)
عبدالله (15) وجعفر (16) والعباس وعثمام ؟ (17).
ومبغضي الحسين الشهيد عليه السلام ، كان في أول أمره من ذوي الرئاسة في هوازن موصوفاً بالشجاعة ، وشهد يوم صفين مع علي عليه السلام ، سمعه أبو إسحاق السبيعي يقول بعد الصلاة : اللهم إنك تعلم أني شريف فاغفرلي !!! فقال له : كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن رسول الله ؟! فقال : ويحك كيف نصنع ، إن امراءنا هؤلاء أمرونا بأمرٍ فلم نخالفهم ! ولو خالفناهم كنا شراً من هذه الحمر ؟! ثم أنه لما قام المختار طلب الشمر ، فخرج من الكوفة وسار إلى الكلتانية ـ قرية من قرى خوزستان ـ ففجأه جمع من رجال المختار ، فبرز لهم الشمر قبل أن يتمكن من لبس ثيابه فطاعنهم قليلاً وتمكن منه أبو عمرة فقتله وألقيت جثته للكلاب. الكامل في التاريخ 4/92 ، ميزان الاعتدال 1/449 ، لسان الميزان 3/152 ، جمهرة الأنساب : 72 ، سفينة البحار 1/714 ، الأعلام 3/157 ـ 176. (15) عبدالله بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام ، كان عمره حين قتل خمساً وعشرين سنة ، قال له أخوه العباس : تقدم بين يدي حتى أراك وأحتسبك ... ، قتله هاني بن ثبيت الحضرمي ، وقيل : رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم وأجهز عليه رجل من بني تميم. مقاتل الطالبيين : 82 ، تاريخ الطبري 6/89 ، تسمية من قتل مع الحسين : 149 ، رجال الشيخ : 76 ، أنصار الحسين : 129 ـ 130 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي. (16) جعفر بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام ، كان عمره حين قتل تسع عشر سنة ، قتله خولي بن يزيد الأصبحي ، وقيل : هاني بن ثبيت الحضرمي. مقاتل الطالبيين : 83 ، تسمية من قتل مع الحسين : 149 ، رجال الشيخ : 72 ، أنصار الحسين : 130 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي. (17) عثمان بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام ، كان عمره حين قتل إحدى وعشرين سنة ، رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأضعفه ، وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله وأخذ رأسه ، وعثمان هذا هو الذي روي عن علي عليه السلام أنه قال : إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون ، وفي رواية أخرى عن هبيرة بن مريم قال : كنا جلوساً عند علي عليه السلام ، فدعا ابنه عثمان ، فقال له : يا عثمان ، ثم قال : إني لم اسمه باسم عثمان الشيخ الكافر ، وإنما سميته باسم عثمان بن مظعون. مقاتل الطالبيين : 84 ، تسمية من قتل مع الحسين : 150 ، تقريب المعارف : مخطوط ، أنصار الحسين : 130 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والإصفهاني والمسعودي والخوارزمي. (150)
فقال الحسين عليه السلام : « أجيبوه وإن كان فاسقاً ، فإنه بعض أخوالكم ».
فقالوا له : ما شأنك ؟ فقال : يا بني أختي أنتم آمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية. فناداه العباس بن علي : تبت يداك ولعن ماجئت به من أمانك يا عدو الله ، أتأمرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة وندخل في طاعة اللعناء أولاد اللعناء. فرجع الشمر إلى عسكره مغضباً. قال الراوي (18) : ولما رأى الحسين عليه السلام حرص القوم على تعجيل القتال وقلة انتفاعهم بالوعظ (19) والمقال قال لأخيه العباس : « إن استطعت أن تصرفهم عنا في هذا اليوم فافعل ، لعلنا نصلي لربنا في هذه الليلة ، فانه يعلم أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه ». قال الرواي (20) : فسألهم العباس ذلك ، فتوقف عمر بن سعد ، فقال له عمر (21) بن الحجاج الزبيدي : والله لو أنهم من الترك والديلم وسألوا ذلك لأجبناهم ، فكيف وهم آل محمد ، فأجابوهم إلى ذلك. قال الراوي (22) : وجلس الحسين عليه السلام فرقد ، ثم استيقظ وقال (23) : « يا أختاه إني رأيت الساعة جدي محمداً صلى الله عليه وآله وأبي علياً وأمي فاطمة وأخي الحسن (18) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر. (19) ع : بمواعظ الفعال. (20) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر. (21) ع : عمرو. (22) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر. (23) ب : قال ، ع : فقال. |
||||||
|