|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(196)
قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم ، والله لا يحب كل مختال فخور.
تباً لكم (37) ، فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حل بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب (38) ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنه الله على الظالمين. ويلكم ، أتدرون أية يد طاعنتنا منكم ؟! وأية نفس نزعت (39) إلى قتالنا ؟! أم بأية رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا ؟! قست والله قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطبع على أفئدتكم ، وختم على أسماعكم و أبصاركم (40) ، وسول لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون. فتباً لكم يا أهل الكوفة ، أي ترات (41) لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم وذحول (42) له لديكم بما عندتم (43) بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي وبنيه وعترة النبي الأخيار (44) صلوات الله وسلامه عليهم ، وافتخر بذلك مفتخركم فقال :
(37) أمثالكم ، بدلاً من : تباً لكم ، في ر. (38) ب : فيسحتكم بما كسبتم. (39) ر : ترغب. (40) ب. ع : سمعكم وبصركم. (41) ر : تراث. (42) ر. ع : ودخول ، والمثبت من ب. (43) ر : غدرتم. (44) ب : وعترة النبي الطاهرين الأخيار. ع : وعترته الطيبين الأخيار. (45) ر : وعلياً وولده قد قتلنا. (197)
أحسدتمونا (48) ـ ويلاً لكم ـ على ما فضلنا الله (49). شعر :
قال : وارتفعت الأصوات بالبكاء ، وقالوا : حسبك يابنة الطيبين ، فقد أحرقت قلوبنا وانضحت نحورنا (51) واضرمت اجوافنا ، فسكتت. (46) ر : نساءه. (47) الكثكث : فتاة الحجارة والتراب. وكذا الأثلب يأتي بهذا المعنى. الصحاح 1 / 290 كثث ، و 94 ثلب. وفي نسخة ب : ولك الأثلب. (48) ب : حسدتمونا. (49) ب : الله عليكم ، ولفظ : شعر ، لم يرد في ب. (50) ر : وبحرك ناج ما يواري ... وذكر الجوهري الشطر الأول هكذا : فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم. وقال : الدعموص : دويبة تغوص في الماء. الصحاح 3 / 1040 دعمص. (51) ر : وانضجت نحورنا. وفي الصحاح 1 / 412 نضح الشجر : إذا تفطر ليخرج ورقه. وفي ب : وانضجت نحورنا واضرمت اجوافنا ، فسكتت عليها وعلى أبيها وجدتها السلام. (198)
قال : وخطبت أم كلثوم ابنت علي عليهما السلام في ذلك اليوم من وراء كلتها ، رافعة صوتها بالبكاء ، فقالت :
يا أهل الكوفة ، سوءاً (52) لكم ، مالكم خذلتم (53) حسيناً وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه ؟! فتباً لكم وسحقاً. ويلكم ، أتدرون أي دواه دهتكم ؟ وأي وزر على ظهوركم حملتم ؟ وأي دماء سفكتموها ؟ وأي كريمة اهتضمتموها (54) ؟ وأي صبية سلبتموها ؟ وأي أموال نهبتموها ؟ قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله ، ونزعت الرحمة من قلوبكم ، ألا إن حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون. ثم قالت :
(52) ع : سوئة. (53) ر : ماخذلتم ، والمثبت من ع. (54) ع : اصبتموها. (55) ع : لفي سقر حقاً يقيناً تخلدوا. (56) ع : دائماً. (57) الراوي ، من نسخة ع. (199)
شعورهن ، وحثين (58) التراب على رؤوسهن ، وخمش وجوههن ، ولطمن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم (59) ، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم.
ثم ، أن زين العابدين عليه السلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا ، فسكتوا ، فقام (60) قائماً ، فحمد الله وأثنىعليه وذكر النبي بما هو أهله فصلى عليه ، ثم قال : « أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات (61) ، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله ، أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً. أيها الناس ، ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه ؟! فتباً لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً (62) لرأيكم ، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي ؟! ». قال الراوي (63) : فارتفعت اصوات الناس من كل ناحية ، ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون. فقال : « رحم الله أمرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وأهل (58) ع : ووضعن. (59) ونتفوا لحاهم ، لم يرد في ر ، واثبتناه من ع. (60) ر : فقال. (61) ر : من غير دخل ولا تراث. (62) ع : وسوءة. (63) الراوي ، من ع. (200)
بيته ، فان لنا في رسول الله أسوة حسنة ».
فقالوا بأجمعهم : نحن كلنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك ، فأمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنا حرب لحربك وسلم لسلمك ، لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا. فقال عليه السلام : « هيهات هيهات ، أيها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى أبي من قبل ؟! كلا ورب الراقصات ، فان الجرح لما يندمل ، قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته معه ، ولم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وآله وثكل أبي وبني أبي ، ووجده بين لهواتي (64) ، ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصصه تجري في فراش صدري. ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا ». ثم قال :
قال الراوي (66) : ثم ، أن ابن زياد جلس في القصر ، وأذن إذناً عاماً ، وجيء برأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه ، وأدخل نساء الحسين وصبيانه إليه. (64) في متن ر : لهاتي ، وفي حاشيتها : لهواتي خ. (65) كذا في ب. ع. وفي ر :
(201)
فجلست زينب ابنت عي متنكرة ، فسأل عنها ، فقيل : هذه زينب ابنت علي.
فأقبل عليها وقال : الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم !!! فقالت : إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا. فقال ابن زياد : كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك ؟ فقالت : ما رأيت إلا جميلاً ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم ، فتحاج وتخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ ، هبلتك (67) أمك يابن مراجانة. قال الراوي (68) : فغضب وكأنه (69) هم بها. فقال له عمرو بن حريث (70) : أيها الأمير إنها إمرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها. فقال لها ابن زياد : لقد شف الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك !!! فقالت : لعمري لقد قتلت كهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فان كان هذا شفاؤك (71) فقد اشتفيت. (67) ب : ثكلتك. (68) الراوي ، من ع. (69) ر : فكأنه. (70) ر : عمر بن حريث. وهو : عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله المخزومي ، روى عن أبي بكر وابن مسعود ، وروى عنه ابنه جعفر والحسن العرني والمغيرة بن سبيع وغيرهم ، كانت داره مأوى لأعداء أهل البيت ولي الكوفة لزياد بن أبيه ولأبنه عبيد الله ، مات سنة 85 هـ. سير اعلام النبلاء 3 / 417 ـ 419 ، الأعلام 5 / 76 (71) ب. ع : شفاك. ر : فإن كان هذا شفاؤك فقد أشفيت. (202)
فقال ابن زياد لعنه الله : هذه سجاعة ، ولعمري لقد كان أبوك شاعراً (72).
فقالت : يا بن زياد ما للمرأة والسجاعة (73). ثم التفت ابن زياد لعنه الله إلى علي بن الحسين فقال : من هذا ؟ فقيل : علي بن الحسين. فقال : أليس قد قتل الله علي بن الحسين ؟! فقال له علي : « قد كان لي أخ يسمى علي بن الحسين قتله الناس ». فقال : بل الله قتله. فقال له علي : « الله يتوفى الأنفس حين موتها (74) ». فقال ابن زياد : وبك جرأة على جوابي ، إذهبوا به فاضربوا عنقه. فسمعت به عمته زينب ، فقالت : يا بن زياد ، إنك لم تبق منا أحداً ، فان كنت عزمت على قتله فاقتلني معه. فقال علي لعمته : « اسكتي يا عمة حتى أكلمه ». ثم أقبل إليه فقال : « أبالقتل تهددني يا بن زياد ، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة ». ثم أمر ابن زياد بعلي بن الحسين عليهما السلام وأهل بيته فحملوا إلى بيت في جنب (75) المسجد الأعظم. فقالت زينب ابنت علي : لا يدخلن علينا عربية إلا أم ولد أو مملوكة ، فإنهن سبين كما سبينا. (72) ر : ... هذه شجاعة ولعمري لقد كان أبوك شجاعاً. ع : ... لقد كان أبوك شاعراً سجاعاً. (73) ر : والشجاعة. (74) الزمر 39 : 42. (75) ب : ... وأهله فحملوا إلى دار إلى جنب. (203)
ثم أمر ابن زياد برأس الحسين عليه السلام ، فطيف به في سكك الكوفة.
ويحق لي أن أتمثل هنا أبياتاً (76) لبعض ذوي العقول ، يرثي بها قتيلاً من آل الرسول صلى الله عليه وآله فقال :
فما زاد على هذا الكلام شيئاً ، حتى قام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي (79) ـ وكان من خيار الشيعة وزهادها ، وكانت عينه اليسرى قد ذهبت يوم الجمل والأخرى يوم صفين ، وكان يلازم المسجد الأعظم فيصلي فيه إلى الليل ـ فقال : يا بن مرجانة ، إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك ، ومن استعملك وأبوه ، يا عدو الله ، أتقتلون أولاد (80) النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين (81). (76) ب : ههنا بأبيات. (77) هذا البيت في ب مقدم على البيت الذي قبله. (78) الراوي ، من ع. (79) في أنساب الأشراف صفحة 210 : عبد الله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي ، كان شيعياً ، وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل واليمنى يوم صفين ، وكان لا يفارق المسجد الأعظم. (80) ب. ع : أبناء. (81) ب. ع : المؤمنين. (204)
قال الراوي (82) : فغضب ابن زياد وقال : من هذا المتكلم ؟
فقال : أنا المتكلم يا عدو الله ، أتقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنها الرجس (83) ، وتزعم أنك على دين الإسلام. وا غوثاه ، أين أولاد المهاجرين والأنصار ينتقمون (84) منك ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين ؟ قال الراوي (85) : فازاداد غضب ابن زياد لعنه الله ، حتى انتفخت اوداجه وقال : علي به ، فتبادرت الجلاوزة (86) من كل ناحية ليأخذوه ، فقامت الأشراف من الأزد من بني عمه ، فخلصوه من أيدي الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به إلى منزله. فقال ابن زياد : اذهبوا إلى هذا الأعمى ـ أعمى الأزد ، أعمى الله قلبه كما أعمى عينه ـ فأتوني به. قال : فانطلقوا إليه ، فلما بلغ ذلك الأزد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم. قال : وبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم إلى محمد بن الأشعث وأمرهم بقتال القوم. قال الراوي (87) : فاقتتلوا قتالاً شديداً ، حتى قتل بينهم جماعة من العرب. (82) الراوي ، من ع. (83) ر : ... ذرية الطاهرة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. والمثبت من ب. ع. (84) ع : لينتقمون. (85) الراوي ، من ع. (86) ب : فبادر إليه الجلاوزة. (87) الراوي ، من ع. (205)
قال : وصل أصحاب ابن زياد لعنه الله إلى دار (88) عبد الله بن عفيف ، فكسروا الباب واقتحموا عليه.
فصاحت ابنته : أتاك القوم من حيث تحذر. فقال : لا عليك ناوليني سيفي ، فناولته إياه ، فجعل يذب عن نفسه ويقول :
قال : وجعل القوم يدورون عليه من كل جهة ، وهو يذب عن نفسه وليس (91) يقدر عليه أحد ، وكلما جاؤوه من جهة قالت : يا أبت جاؤوك من جهة كذا ، حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به. فقالت ابنته : وا ذلاه يحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به. فجعل يدير سيفه ويقول :
فلما رآه قال : الحمد لله الذي أخزاك. (88) دار ، لم يرد في ر. (89) ر : جندلته مغاور. ب : جدلته مغادر. (90) ب : أخاصم بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة. (91) ب. ع : فلم. (92) الراوي ، من ع. (206)
فقال له عبد الله بن عفيف : يا عدو الله ، بماذا أخزاني الله (93).
فقال : يا عبد بني علاج ، يا بن مرجانة ـ وشتمه (96) ـ ما أنت وعثمان بن عفان أساء أم أحسن (97) ، وأصلح أم أفسد ، والله تعالى ولي خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل (98) والحق ، ولكن سلني عنك وعن أبيك وعن يزيد وأبيه. فقال ابن زياد : والله لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت غصة بعد غصة. فقال عبد الله بن عفيف : الحمد لله رب العالمين ، أما أني قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة من قبل أن تلدك أمك ، وسألت الله أن يجعل ذلك على يدي العن خلقه وأبغضهم إليه ، فلما كف بصري يئست من الشهادة ، والآن فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها ، وعرفني الإجابة بمنه (99) في قديم دعائي. (93) جاء بعد هذا في نسخة ر كلمة شعر. (94) ب. ع :
وعثمان هو : ابن عفان بن أبي العاص بن أمية ، أسلم بعد البعثة ، صارت إليه الخلافة بعد موت عمر سنة 23 هـ ، نقم عليه الناس اختصاصه أقاربه من بني أمية بالولايات والأعمال وتقسيم الأموال الكثيرة بينهم ، فحصروه في داره وقتلوه سنة 35 هـ. ابن الأثير حوادث سنة 35 ، شرح نهج البلاغة 2 / 61 ، البدء والتاريخ 5 / 79 ، الأعلام 4 / 210. (96) لفظة : وشتمه ، لم ترد في ر. (97) ب : ما أنت وعثمان إن أساء أم أحسن. (98) ر : والله علي ولي خلقه يقضي بينهم بالعدل. (99) ب. ع : منه. (207)
فقال ابن زياد : اضربوا عنقه ، فضربت عنقه وصلب في السبخة (100).
قال الراوي (101) : وكتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين وخبر أهل بيته ، وكتب أيضاً إلى عمرو بن سعيد بن العاص (102) أمير المدينة بمثل ذلك. فأما عمرو ، فحين وصله الخبر صعد المنبر وخطب الناس وأعلمهم ذلك ، فعظمت واعية بني هاشم ، وأقاموا سنن المصائب والمآتم ، وكانت زينب بنت عقيل بن أبي طالب (103) تندب (104) الحسين عليه السلام وتقول :
(100) في معجم البلدان 3 / 30 : السبخة بالتحريك واحدة السباخ : الأرض الملح النازة ، موضع بالبصرة ... والسبخة من قرى البحرين. أقول : لم أجد في كتب البلدان واللغة من ذكر أن السبخة موضع بالكوفة ، ولكن يوجد موضع بين مسجد السهلة ومسجد الكوفة كان يعرف بين الناس بالسبخة ، وقيل : المراد بالسبخة هنا : الكناسة. (101) الراوي ، من ع. (102) عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي ، كان والي مكة والمدينة لمعاوية وابنه يزيد ، وقدم الشام ، فلما طلب مروان بن الحكم الخلافة عاضده عمرو ، فجعل له ولاية العهد بعد ابنه عبد الملك ، ولما ولي عبد الملك أراد خلعه من ولاية العهد ، فنفر عمرو ، ولم يزل عبد الملك يتربص به حتى تمكن منه فقتله سنة 70 هـ. الإصابة ترجمة رقم 6850 ، فوات الوفيات 2 / 118 ، تهذيب التهذيب 8 / 37 ، الأعلام 4 / 78. (103) في أنساب الأشراف صفحة 221 : كانت زينب هذه عند علي بن يزيد بن ركانة من بني المطلب بن عبد مناف ، فولدت له ولداً ، منهم عبدة ولدت وهب بن وهب أبا البختري القاضي. (104) ر : تندب على. (208)
قال : فلما جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفاً ينادي ويقول :
فاستدعى ابن زياد بمحفر بن ثعلبة العائذي (106) ، فسلم إليه الرؤوس والأسارى والنساء ، فسار بهم محفر إلى الشام كما يسار بسبايا الكفار ، يتصفح وجوههن أهل الأقطار. روى ابن لهيعة (107) وغيره حديثنا أخذنا منه موضع الحاجة ، قال : كنت أطوف بالبيت ، فإذا أنا برجل يقول : اللهم اغفر لي وما أراك فاعلاً. (105) ع :
وهو محفر بن ثعلب بن مرة بن خالد ، من بني عائذة ، من خزيمة بن لؤي ، من رجال بني أمية في صدر دولتهم. نسب قريش : 441 وفيه : مخفر ، جمهرة الانساب : 165 ، الأعلام 5 / 291. (107) ر. ع : فروى ابن لهيعة ، والمثبت من ب. وابن لهيعة : عبد الله بن لهيعة بن فرعان الحضرمي المصري ، ابوعبد الرحمن ، محدث مصر وقاضيها ، ومن كتاب للحديث والجماعين للعلم والراحلين فيه ، توفي بالقاهرة سنة 174 هـ. الولاة والقضاة 368 ، النجوم الزاهرة 2/ 77 ، ميزان الاعتدال 2 : 64 ، الأعلام 4 : 115. (209)
فقلت له : يا عبد الله اتق الله ولا تقل مثل هذا ، فان ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمصار وورق الأشجار فاستغفرت الله غفرها لك ، إنه غفور رحيم.
قال : فقال لي : أدن مني حتى أخبرك بقصتي ، فأتيته ، فقال : إعلم أننا كنا خمسين نفراً ممن سار مع رأس الحسين إلى الشام ، فكنا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت وشربنا الخمر حول التابوت ، فشرب أصحابي ليلة حتى سكروا ، ولم أشرب معهم. فلما جن الليل سمعت رعداً ورأيت برقاً ، فإذا أبواب السماء قد فتحت ، ونزل آدم ونوح وابراهيم وإسحاق وإسماعيل ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين ، ومعهم جبرئيل وخلق من الملائكة. فدنا جبرئيل من التابوت ، فأخرج الرأس وضمه إلى نفسه وقبله ، ثم كذلك فعل الأنبياء كلهم ، وبكى النبي صلى الله عليه وآله على رأس الحسين وعزاه الأنبياء. وقال له جبرئيل : يا محمد ، إن الله تعالى أمرني أن أطيعك في أمتك ، فان أمرتني زلزلت الأرض بهم ، وجعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط. فقال النبي صلى الله عليه وآله : لا يا جبرئيل ، فإن لهم معي موقفاً بين يدي الله يوم القيامة. ثم جاء الملائكة نحونا ليقتلونا. فقلت : الأمان يا رسول الله. فقال : اذهب ، فلا غفر الله لك (108) (109). (108) ب : فان لهم معي موقفاً بين يدي الله يوم القيامة ، قال : ثم صلوا عليه ، ثم أتى قوم من الملائكة وقالوا : إن الله تبارك وتعالى أمرنا بقتل الخمسين ، فقال لهم النبي : شأنكم بهم ، فجعلوا يضربون بالحربات ، ثم قصدني واحد منهم بحربته ليضربني ، فقلت : الأمان الأمان يا رسول الله ، فقال : اذهب لا غفر الله لك ، فلما اصبحت رأيت أصحابي كلهم جاثمين رماداً. (109) جاء بعد هذا في نسخة ع : (210)
قال الراوي (110) : وسار القوم برأس الحسين عليه السلام ونسائه والأسرى (111) من رجاله ، فلما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من الشمر ـ وكان من جملتهم (112) ـ فقالت : لي إليك حاجة.
فقال : وما حاجتك ؟ قالت إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل الناظرة ، وتقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنا ، فقد خزينا من كثرة النظر (113) إلينا ونحن في هذه الحال. فأمر في جواب سؤالها : أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل ـ بغياً منه وكفراً ـ وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة ، حتى أتى بهم إلى باب دمشق ، فوقفوا على درج (114) باب المسجد الجامع حيث يقام السبي. وروي (115) أن بعض التابعين لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلما وجدوه بعد إذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك ، فقال : ورأيت في تذييل محمد بن النجار شيخ المحدثين ببغداد ، في ترجمة علي بن نصر الشبوكي ، باسناده زيادة في هذا الحديث ما هذا لفظه : قال : لما قتل الحسين بن علي وحملوا برأسه جلسوا يشربون ويجيء بعضهم بعضاً برأس ، فخرجت يد وكتبت بقلم الحديد على الحائط :
(110) الراوي ، من ع. (111) ر : والأسارى. والمثبت من ب.ع. (112) ر : وكانت في جملتهم ، والمثبت من ب. ع. (113) ر : الناظر. (114) درج ، لم يرد في ر. (115) ب. ع : فروي. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|