|
|||
(406)
وأقول : إبراهيم هذا أحد إخوة الرضا عليه السلام الّذين ضمّهم الكاظم عليه السلام إليه في الوصيّة في الظاهر ، وأفرد الرضا عليه السلام في الباطن. وإخوته : إبراهيم ـ هذا ـ والعبّاس ، والقاسم ، وإسماعيل ، وأحمد ، وأضاف إليهم : أم أحمد. وفي حديث وصيّته عليه السلام المرويّ في الكافي (1)
نبزوه بهذا اللقب ، لأنّ من يأخذ بثأر عشيرته ، ويقتصّ من قاتلي قبيلته لا يسمّى بالجزّار. وقد ضبط البلاد أيام إمارته ، وأمّن السبل ، ولمّا قتل أبو السرايا استشفعوا له عند المأمون فعفا عنه وأمنه ، ولمّا حجّ بالناس سنة 202 ووجد فرصة ثأر أيضاً على السلطة الظالمة الغاشمة ، واقتص من أعداء أهل بيت النبوة وقتلهم قتلا ذريعاً ، ولا غرو فإنّ للشجاعة والشهامة والإباء منطقاً لا يدركه ولا يفهمه ، بل ولا يتعقّله من هو حقير النفس ، جبان الروح ، خامل الهمّة ، وقد أوجدت واقعة الطف وواقعة فخ والجرائم الّتي اقترفوها من قبل معاوية ويزيد والمنصور والرشيد من طغاة بني أميّة وبني العبّاس في نفوس العلويّين وشيعتهم غيظاً عظيماً ، وأيقظت حفيظتهم بحيث سلبت الكثير منهم الصبر والسلوان ، فاستماتوا في سبيل الانتقام ، وبذلوا كلّما في وسعهم من حول وطول لينالوا من أعدائهم قصاص بعض دمائهم ، وهذا أمرٌ طبيعي ، فجرائم آل أميّة وآل العبّاس لعنهم الله من تتبّع أبناء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وشيعتهم تحت كلّ حجر ومدر ، وقتلهم الرضيع ، وسبيهم حتّى المخدرات ، وتعذيبهم بأنواع العذاب ، والتمثيل بهم ، وجعلهم في الأسطوانات والحيطان والبناء عليهم ، وردم الحبوس عليهم ، ودفنهم أحياء في الحفر والآبار ، لابدّ وأن تستتبع ردّ الفعل من مثل المترجم ، وإن شئت الاطلاع على جرائم هاتين الفئتين الضالتين من الأموييّن والعبّاسييّن وأذنابهم ، فعليك بمراجعة العبر ، ومقاتل الطالبيين ، والطبري ، والكامل. وقد حاول بعض المعاصرين في قاموسه 1/208 ـ 210 وبذل غاية جهده في الحطّ عن سيّدنا المترجم بأمور لفّقها ، وحسب أ نّها تفي بمقصوده ، وهيهات أن تحجب أجنحة الذباب ذكاء الشمس ! والتاريخ وأئمّة الأنساب يكذّبان دعاويه ، من مثل قوله : لم يكن للإمام عليه السلام سوى إبراهيم واحد بدليل أنّ المفيد رحمه الله لم يذكر سوى ولد واحد له مسمّى بـ : إبراهيم ، وحيث إنّه لم يستند على سند قويم أعرضنا عن نقل قوله ، وأحلنا تفنيد رأيه إلى التاريخ ، وكتب الأنساب ، فتفطّن. 1 ـ الكافي 1/316 ـ 318 حديث 15 بتقديم وتأخير واختلاف يسير ، فراجع ، وقد أخذه المصنّف قدّس سرّه من عيون أخبار الرضا عليه السلام. (407)
والعيون (1) ، قوله : « .. وإنّما أردت بإدخال الّذين أدخلت معه من ولدي ، التنويه بأسمائهم ، والتشريف لهم ، وأنّ الأمر إلى عليّ عليه السلام ، إن رأى أن يقرّ إخوته ـ الّذين سمّيتهم في كتابي هذا ـ أقرّهم. وإن كره ، فله أن يخرجهم غير مثرّب (*) عليه ، ولا مردود ، فإن آنس منهم غير الّذي فارقتهم عليه ، فأحبّ أن يردّهم في ولاية ، فذلك له .. » ، إلى أن منع عليه السلام في أواخر الوصيّة من فض وصيّته ، ولعن من فضّها غير الرضا عليه السلام.
وفيه (2) أيضاً : أنّه لمّا توفّي مولانا الكاظم عليه السلام خاصم الرضا عليه السلام إخوته ، وقدّموه إلى الطلحي قاضي المدينة ، وكان العبّاس بن موسى هو الّذي تولّى خصومته ، وأساء الأدب معه ومع أبيه. وفضّ خاتم الوصيّة الّذي لعن عليه السلام مَن فضّه. وعليك بمراجعة تمام الرواية في باب النصّ على الرضا عليه السلام من الكافي ، فإنّ فيه ذمّاً كثيراً للعبّاس ، ومن وافقه من إخوته على مخاصمة الرضا عليه السلام ، ومدحة (3) وشرفاً لإبراهيم ـ هذا ـ ، حيث صدّق الرضا عليه السلام ، وكذّب العبّاس وتكلّم عليه بكلام وحش (4) ، وسننقل ما تضمّن ذلك 1 ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام : 21 باب 5 حديث 1. (*) التثريب : التعيير والتوبيخ. [ منه ( قدّس سرّه ) ] . راجع : تاج العروس 1/162 ، لسان العرب 1/235 ، صحاح اللغة 1/92 ، و .. غيرها. 2 ـ الكافي 1/317 ـ 318 ذيل حديث 15. 3 ـ في الأصل : مدحه ، وما أثبت أظهـر. 4 ـ صريح عبارة الكافي من نسختنا والعيون أنّ الّذي صدّق الرضا عليه السلام وكذّب العبّاس واستقبله بكلام وحش هو : إبراهيم بن محمّد الجعفري أحد شهود الوصيّة ، وليس إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام ، ولعلّ نسخة المؤلّف كانت محرّفة ، فراجع. (408)
من الخبر في ترجمة العبّاس بن موسى بن جعفر [ عليهما السلام ] إن شاء الله تعالى.
فإذا انضمّ ذلك إلى ما سمعته من الجماعة في حقّ الرجل ، ظهر لك كونه من أجلاّء الحسان. لا يقال : إنّ ظاهر عدّة من الأخبار كون إبراهيم بن موسى بن جعفر واقفيّاً ، فكيف بنيت على حسنه ؟!. فقد روى في الكافي (1) ، في باب أنّ الإمام متى يعلم أنّ الأمر صار إليه ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط ، قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ رجلا عنى (*) أخاك إبراهيم فذكر له 1 ـ الكافي 1/380 حديث 2. (*) نسخة بدل : عَزّ. [ منه ( قدّس سرّه ) ] . الظاهر هذا : غرّ أخاك بالغين المعجمة والراء ، وقد أشار إلى هذا الاختلاف العلاّمة المجلسي في مرآة العقول 4/236 حديث 2 نقلاً عن شيخه المحدّث الفيض الكاشاني [ الوافي 3/673 حديث 1278 بيان الحديث ] قائلاً : وقال بعض الأفاضل : عنى أخاك : أوقعه في العناء والتعب بتلبيسه الأمر عليه في أمر أخيه ، وفي بعض النسخ : غرّ أخاك بالغين المعجمة والراء وهو أوضح وكأن الرجل قد دلّس أو كان واقفياً يقول بحياة الكاظم عليه السلام وأنّه الّذي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً. انتهى ما في مرآة العقول. وأمّا المولى محمّد صالح المازندراني رحمه الله في شرحه لأُصول الكافي 6/344 فقد قال : وفي بعض النسخ : غر أخاك ، قيل ذلك الرجل أخوهما عبّاس. انتهى. وفي حاشية الكافي الموجودة وفي النسخة المصححة [ الكافي 1/312 حديث 2 من ] قبل الشيخ نجم الدين الآملي كلّها صرّحت بأنّ هناك نسخة اُخرى لهذه الكلمة وهي : غرّ أخاك ، فلاحظ. أقول : وقد تقرأ : عَنّ ، أي عني أي قصد وعنَّي ـ بالتشديد ـ أي جعله في عناء وضيق. قال في المصباح المنير : 593 ـ 594. وفيه : عنيته عنياً ـ من باب رمى ـ : قصدته .. ويعدّى بالتضعيف فيقال : عَنّاه يُعَنِّيه إذا كلّفه ما يشق عليه. وفي لسان العرب 15/106 : وعَنَيْتُ بالقول كذا : أردت ، وفي الصحاح 6/2440 بزيادة قوله : وقَصَدْتُ. (409)
أنّ أباك في الحياة ، وأ نّك تعلم من ذلك ما لا يعلم (1) ، فقال : « سبحان الله ! يموت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا يموت موسى ، قد ـ والله ـ مضى كما مضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولكنّ الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم .. هلمّ جراً يمنّ بهذا الدّين على أولاد الأعاجم ، ويصرفه عن قرابة نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم .. هلمّ جرّاً ، فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء. لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجّة ألف دينار ، بعد أن أشرف على طلاق نسائه ، وعتق مماليكه. وقد سمعت (2) ما لقي يوسف من إخوته ».
وروى في العيون (3) ، عن الهمداني ، عن عليّ (4) ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، قال : قلت لإبراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر : ما قولك في أبيك ؟ قال : هو حيّ ، قلت : فما قولك في أخيك أبي الحسن عليه السلام ؟ قال : هو ثقة صدوق. قلت : فإنّه يقول : إنّ أباك قد مضى. قال : هو أعلم وما يقول .. ! فأعدت عليه .. فأعاد عليّ ، قلت : فأوصى أبوك ؟ قال : نعم ، قلت : إلى من أوصى ؟ قال : إلى خمسة منّا ، وجعل عليّاً عليه السلام المقدّم علينا. ويأتي في : محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ما يدلّ على كونه وأبيه على الوقف. لأنّا نقول : أوّلا : إنّ نصرته للرضا عليه السلام عند القاضي (5) ، تكشف عن عدم وقفه ، 1 ـ في المصدر : من ذلك ما يعلم. 2 ـ في الكافي : ولكن قد سمعت. 3 ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام : 24 باب 5 حديث 4. 4 ـ في المصدر : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم .. 5 ـ أقول : إنّ الّذي نصر الإمام الرضا عليه السلام هو إبراهيم بن محمّد الجعفري أحد (410)
ضرورة أنّ نفوذ وصيّة أبيه ، لا تكون إلاّ بعد موته. فنصرته للرضا عليه السلام تكشف عن أنّه يومئذ معتقد موت أبيه ، وحجّيّة أخيه عليه ، فيمكن أن يكون ما في هذه الأخبار شبهة عرضت له في بدو الأمر ، لقول الواقفين بحياته ، ويكشف عن ذلك أنّه شهد في الخبرالثاني بكون الرضا عليه السلام ثقة صدوقاً ، فإنّ الاعتراف بذلك يقضي بكونه عليه السلام عنده مقبول الشهادة ، ممضي الحكم.
ولا ينافيه قوله : هو أعلم وما يقول .. عند إعادة بكر بن صالح عليه قول أخيه ، ضرورة أنّه لديانته وتقواه ، وعروض الشبهة له ، صدّق أخاه ، وتوقّف في الاعتقاد بموت أبيه ، لكون نقل بكر عن أخيه موت أبيه شهادة رجل واحد لا حجّة فيه. فجمع بين تصديق أخيه ، وبين التوقّف من القول بموت أبيه ، إلى أن يراجع أخاه ، ويسمع منه ، ويعتقد لذلك بموت أبيه. ولو كان جازماً بحياته لم يكن لتصديقه وصيّة أبيه ، وجعله عليّاً عليه السلام مقدّماً عليهم وجه. وبالجملة ، فمن أمعن النظر في الخبر الثاني ، علم أنّ الرجل في غاية درجة التقوى ، حيث إنّ الشبهة كانت شبهة دينيّة ، لم توجب رفعه اليد عن الحقّ من توثيق أخيه ، وتصديقه إيّاه ، واعترافه بوصيّة أبيه ، وكون الوصيّ مجموعهم ، وكون عليّ عليه السلام مقدّماً عليهم ، بل لولا [ كذا ، ولعلّه : لو لم ] في ترجمة الرجل إلاّ هذا الخبر لكفى الفطن البصير في استفادة عدالة شهود الوصيّة. لا إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام ، كما هو مصرّح في الكافي وعيون الأخبار ، ولعلّ في نسخة المؤلّف من الكافي والعيون : إبراهيم بن موسى ، وحيث إنّه ليس في نسختنا ذلك ، لا يسعنا القول بنزاهة إبراهيم بن موسى بن جعفر عليهما السلام عمّا نسب إليه ، فتفطّن. (411)
الرجل وديانته من أجوبته ، وكون وقفه يومئذ لشبهة عرضت له ، ويبيّن زوال الشبهة عنه نصرته لأخيه عند القاضي ، فإنّ إنفاذ وصيّة أبيه ، ونصرته أخاه عليّاً عليه السلام لا يجامع حياة أبيه ، لأنّ الوصيّة لا تنفذ إلاّ بعد الموت.
وأمّا الخبر الثالث (1) : فلا دلالة فيه على وقف إبراهيم ، وإنما يدلّ على وقف ابنه : عليّ وابن ابنه : محمّد ، فلا يضرّنا. وثانياً : إنّ ما ذكرته إنّما يتمّ أن لو كان المسمّى بـ : إبراهيم ، منحصراً في واحد ، وذلك وإن كان ظاهر من اقتصر على ذكر رجل واحد مسمّى بـ : إبراهيم من أولاد الكاظم عليه السلام ـ كالمفيد رحمه الله في الإرشاد (2) ، والطبرسي في 1 ـ المرويّ في الكافي 1/506 حديث 3 بسنده : .. عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ، قال : ضاق بنا الأمر ، فقال لي أبي : امض بنا حتّى نصير إلى هذا الرجل ـ يعني أبا محمّد عليه السلام ـ فإنّه قد وصف عنه سماحة ، فقلت : تعرفه ؟ فقال : ما أعرفه ولا رأيته قطّ ، قال : فقصدناه ، فقال لي ـ وهو في طريقه ـ : ما أحوجنا أن يأمر لنا بخمسمائة درهم ، مائتا درهم للكسوة ، ومائتا درهم للدين ، ومائة للنفقة ، فقلت في نفسي : ليته أمر لي بثلاثمائة درهم مائة اشتري بها حماراً ، ومائة للنفقة ، ومائة للكسوة ، وأخرج للجبل ، وقال : فلمّا وافينا الباب ، خرج إلينا غلامه ، فقال : يدخل عليّ بن إبراهيم ( خ. ل : وابنه محمّد ) ، فلمّا دخلنا عليه ، سلّمنا ، وقال لأبي : يا عليّ ! ما خلّفك عنّا إلى هذا الوقت ، فقال : يا سيّدي ! استحييت أن ألقاك على هذا الحال ، فلمّا خرجنا من عنده ، جاءنا غلامه ، فناول أبي صرة ، وقال : هذه خمسمائة درهم مائتان للكسوة ، ومائتان للدين ، ومائة للنفقة ، وأعطاني صرة ، وقال : هذه ثلاثمائة درهم : إجعل مائة في ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل ، وصر إلى سوراء .. فصار إلى سوراء ، وتزوّج بامرأة ، ودخله اليوم ألفا درهم ، ومع هذا يقول بالوقف ، قال محمّد بن إبراهيم الكردي : فقلت له : ويحك ! أتريد أمراً أبين من هذا ؟! قال : فقال : هذا أمر قد جرينا عليه. 2 ـ الارشاد : 283 [ الطبعة المحقّقة 2/ 245 ] باب عدد أولاده وطرف من أخبارهم. (412)
الإعلام (1) ، والسروي في المناقب (2) ، والإربلي في كشف الغمّة (3) و .. غيرهم ـ ولكن الّذي صرّح به علماء الأنساب ، أنّ للكاظم عليه السلام ولدين مسميين بـ : إبراهيم : أكبر ، وأصغر ، فقد عدّ في عمدة الطالب (4) له عليه السلام ثلاثة وعشرين ابناً ، وسمّى منهم خمسة لم يعقّبوا ، بغير خلاف ، وثلاثة لم يعقّبوا إلاّ إناثاً ، وخمسة في أعقابهم خلاف ، منهم : إبراهيم الأكبر. وعشرة عقّبوا بغير خلاف ، وعدّ منهم إبراهيم الأصغر ، ولقبه : المرتضى ، وأمّه أم ولد نوبيّة ، اسمها : نجيبة ، وهو الّذي أعقب كثيراً ، وقبره في رواق سيّد الشهداء عليه السلام (5) ، ومن ذريته الرضي والمرتضى علم الهدى.
وبالجملة ، فقد صرّح جمع من أهل الأنساب بتعدّد إبراهيم في أولاد الكاظم 1 ـ إعلام الورى : 301 الفصل السادس في ذكر عدد أولاده. 2 ـ المعروف بـ : مناقب ابن شهرآشوب 4/324. 3 ـ كشف الغمّة 3/39. 4 ـ عمدة الطالب : 196 ـ 201 ، إلاّ أنّه جاء في صفحة : 201 ما يلي : وأمّا إبراهيم بن موسى الكاظم وهو الأكبر ، وأمّه أم ولد نوبية اسمها : نجيّة ، قال الشيخ أبو الحسن العمري : ظهر باليمن أيّام أبي السرايا. وقال أبو نصر البخاري : إنّ إبراهيم الأكبر ظهر باليمن ، وهو أحد أئمّة الزيديّة ، وقد عرفت حاله ، وأنّه لم يعقّب ، وأعقب إبراهيم الأصغر المرتضى ابن الكاظم عليه السلام من رجلين موسى أبو سبحة وجعفر .. إلى آخره. وقال أبو نصر البخاري في سرّ السلسلة العلويّة : 37 : وفي أولاد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام وإبراهيم بن موسى الأكبر توقّفوا في عقبه ، وأكثرهم على أنّه لم يعقّب ، وباليمن وغيره عدّة من المنتسبين إليه ، وهو إبراهيم الأكبر الخارج باليمن أيام المأمون أحد أئمّة الزيديّة ، وأمّا إبراهيم الأصغر فلا شكّ في عقبه. وقال البيهقي في لباب الأنساب المخطوط : 102 من نسختنا في جدول عدّ أولاد الكاظم عليه السلام إبراهيم الأصغر وإبراهيم الأكبر ، ثمّ عدّ جماعة ثمّ قال : وهؤلاء لا شكّ فيهم .. ثمّ ذكر ستّة أسماء وقال : وفيهم شكّ .. إلى آخره. 5 ـ عمدة الطالب : 204. (413)
عليه السلام ، فيمكن أن يكون الواقف هو الأصغر ، كما لعلّه يشهد عليه ما تسمعه في ترجمة محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر من وقف محمّد وعلىّ (1) ، فإنّ الظاهر كونهما من نسل إبراهيم الأصغر ، الّذي خلّف كثيراً.
لكن الإنصاف أنّ الخبر المزبور في كلام السائل ، يدلّ على أنّ الواقف هو الأكبر الشريك في الوصيّة. فالعمدة في الجواب عن السؤال ما ذكرناه أوّلا ، من كون قوله بحياة أبيه شبهة عرضت له في أول الأمر ، وأ نّها زالت بعد ذلك ، فالتزم بالوصيّة ، ونصر الرضا عليه السلام. وعلى فرض كون عليّ ـ والد محمّد المذكور ـ في هذا الخبر ابن إبراهيم الأكبر ، فلا شهادة في وقفهما على امتداد وقف إبراهيم الأكبر إلى آخر أمره ، سيّما مع كون أعقاب الأكبر محلّ خلاف ، فيكشف عن كون عليّ ـ والد محمّد المشار إليه ـ ابن الاصغر. فالحقّ والتحقيق : أنّ للكاظم عليه السلام ابنين مسمّيين بـ : إبراهيم : أكبر ، وهو خيّر ، ديّن ، عرضت له شبهة الوقف ، وزالت عنه. وأصغر ، لم يعرف حاله أصلا. ومن غريب ما في الباب ، ما صدر من الحائري في المنتهى (2) ، فإنّه أشار إلى دلالة الخبر الأوّل على ذمّ إبراهيم ، ثمّ ردّه بضعف السند. فإنّ فيه ، إنّ الخبر الأوّل صحيح السند على المختار في عليّ بن أسباط ، وموثّق على القول الآخر فيه. وتفرّد ابن داود بتضعيفه إلاّ أنك ستسمع ـ إن شاء الله تعالى في محلّه ـ وهن مقاله. فالمناقشة في سند الخبر ، كما ترى. نعم ، الرواية الثانية ضعيفة ببكر بن 1 ـ وقد نقلنا الرواية عن الكافي ، فراجع ما نقلناه. 2 ـ منتهى المقال : 27 الطبعة الحجريّة [ وفي الطبعة المحقّقة 1/205 برقم 83 ] . (414)
صالح. وعلى فرض صحّتها ، لا تضرّنا كما عرفت (1).
بقي هنا أمور ينبغي التنبيه عليها : الأوّل : إنّ بين الأخبار ، وبين كلمات علماء النسب وبين كلام بعضهم مع آخر اضطراباً بيّناً. فقد نصّ غير واحد منهم بأنّ إبراهيم الأكبر لم يخلف ، وأنّ الأصغر الملقّب بـ : المرتضى لم يعقّب إلاّ موسى أبا شجة (2) ، وجعفراً. ومنهم : من زاد أحمد وإسماعيل ، ولم يذكر أحد عليّاً من ولده ، وحينئذ فعليّ ـ المزبور في الخبر المشار إليه الآتي في ترجمة محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى ـ يبقى مشكوك الحال. لكنّ أهل التحقيق ذكروا أنّ عليّاً المذكور ، هو : ابن إبراهيم الأكبر ، فيكون الخبر مؤيّداً للقائل بأنّ الأكبر أعقب. 1 ـ المترجم في ذمّة التاريخ قال الطبري في تاريخه 8/535 : ذكر الخبر عن خروج إبراهيم بن موسى باليمن وفي هذه السنة [ أي سنة مائتين ] خرج إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن حسين بن عليّ بن أبي طالب [ عليهم السلام ] باليمن .. إلى أن قال : وكان يقال لإبراهيم بن موسى : الجزّار ، لكثرة من قتل باليمن من الناس وسبى وأخذ من الأموال. وفي صفحة : 540 قال : وفي هذه السنة وجّه إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد الطالبي بعض ولد عقيل بن أبي طالب من اليمن في جند كثيف إلى مكّة ليحجّ بالناس فحورب العقيلي فهزم ، ولم يقدر على دخول مكة. وفي صفحة : 567 في حوادث سنة مائتين واثنتين قال : وحجّ بالناس في هذه السنة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد ، فدعا لأخيه بعد المأمون بولاية العهد. وفي مروج الذهب 3/349 في حوادث سنة تسع وتسعين ومائة : وظهر في هذه السنة وهي سنة تسع وتسعين ومائة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ [ عليهم السلام ] ، وفي صفحة : 441 في حوادث سنة مائتين قال : وحجّ بالناس إبراهيم بن موسى بن جعفر أخو الرضا [ عليه السلام ] بأمر المأمون. 2 ـ في المجدي : 122 وفيه : أبا سبحة بالسين المهملة ولا يبعد صحّة أبا شجة ، فراجع وتفحّص. (415)
وعلى كلّ حال ، فلا تتوهّم أنّ وقف محمّد وعليّ يكشف حينئذ عن بقاء إبراهيم الأكبر على الوقف إلى آخر أمره ، ضرورة أنّ وقف الابن لا يدلّ على وقف الأب بشيء من الدلالات.
وعلى التحقيق المذكور يسلم جدّ المرتضى والرضي رحمهما الله من تهمة الوقف ، فإنّهما من نسل الأصغر الملقّب بـ : المرتضى ، الّذي أعقب : موسى أبا شجة (1) ، وجعفراً. وأعقب موسى من ثمانية : منهم : محمّد الأعرج. وأعقب محمّد الأعرج ، موسى الأصغر وحده ويعرف بـ : الأبرش. وأعقب موسى الأصغر من ثمانية : منهم : أبو أحمد الحسين بن موسى النقيب الطاهر ، والد المرتضى والرضي رضوان الله عليهما ، فجدّهما رضي الله عنهما سالم من تهمة الوقف ، ومن إساءة الأدب ، لأنّ المخاصم للرضا عليه السلام هو إخوته الكبار ، وليس إبراهيم الأصغر منهم. الثاني : إنّ في كون الخارج باليمن في أيام أبي السرايا هو الأكبر أو الأصغر ، خلافاً بين أهل النسب والتاريخ. فعن أبي نصر البخاري أنّه الأوّل ، وأنّه من أئمّة الزيديّة (2). وعن الشيخ أبي الحسن العمري الثاني (3). ولا يهمّنا تحقيق ذلك هنا. ويكفينا الإشارة إلى هذا الخلاف. 1 ـ خ. ل : أبا شجة ، ولعلّه الصحيح. 2 ـ في سرّ سلسلة العلويين : 37 ـ 38. 3 ـ قاله في العمدة : 201 ، إلاّ أنّ فيه هكذا : قال الشيخ أبو الحسن العمري : ظهر [ إبراهيم ابن موسى الكاظم وهو الأكبر ] باليمن أيام أبي السرايا ، وقال أبو نصر البخاري : إنّ إبراهيم الأكبر ظهر باليمن وهو أحد أئمّة الزيديّة وقد عرفت حاله وأنّه لم يعقب. (416)
الثالث : إنّه زعم بعضهم أنّ الضريح الّذي في الزاوية الشمالية الغربيّة من رواق أبي عبد الله الحسين عليه السلام هو قبر : إبراهيم الأصغر المزبور ، جدّ المرتضى والرضي. ولعلّي كنت سابقاً على هذا الزعم ، ولكن الّذي ظهر لي بالتتبّع ، أنّ الضريح المذكور لإبراهيم المجاب ، ابن محمّد العابد ، ابن موسى الكاظم عليه السلام ، وقد نصّ على ذلك غير واحد.
قال في عمدة الطالب (1) : وقبر إبراهيم المجاب في الحائر معروف مشهور. وإنما لقّب أبوه محمّد بـ : العابد ، لكثرة عبادته وصومه وصلاته ، كما ذكره المفيد قدّس سرّه في الإرشاد (2) و .. غيره.(*) 1 ـ جاء في عمدة الطالب : 216 : والعقب من محمّد العابد بن موسى الكاظم عليه السلام في إبراهيم المجاب وحدّه ومنه ثلاثة رجال ، محمّد الحائري ، و .. 2 ـ الإرشاد : 284 ، وفي طبعة مؤسسة آل البيت 2/245. (*) حصيلة البحث
إنّ جلالة المترجم ، وما منحه الله من قداسة النسب ، وشرف الخصال من شجاعة وشهامة وآباء ، وما وفقه الله تعالى للأخذ ببعض ثأره من الطغاة المارقين ، لا ينبغي أن يختلف فيه اثنان ، ونحن ننحني أمام تلك الشخصية العلويّة الهاشميّة ، تعظيماً وإجلالا ، إلاّ أنّ إمامته للزيديّة وبعض الملاحظات الأخرى ، توجب التروي في الحكم له أو عليه ، حيث إنّه لم يشر التاريخ إلى أنّ إمامته للزيدية هل كانت بمعنى الزعامة والرئاسة الزمنية ؟ أو أ نّها كانت بمعنى الزعامة الدينية ؟ ثمّ هل كان أخذه للثار من الطغاة بإذن من الإمام المعصوم عليه السلام أم كان من اندفاعه الشخصي ؟! وعليه لا أحكم عليه بالحسن ولا الضعف ، والله الهادي إلى الصواب.
[ 589 ]
في رجال النجاشي : 327 برقم 1112 في ترجمة معلّى بن موسى الكندي قال : معلى بن موسى الكندي كوفي ثقة عين ، هو جدّ الحسن بن محمّد بن سماعة ، وإبراهيم اخوه.
حصيلة البحث
المعنون لم يذكره أرباب الجرح والتعديل فهو مهمل.
(417)
[ 590 ]
[ الترجمة : ]
لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله له في رجاله (1) من أصحاب الكاظم عليه السلام (2). وظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أنّ حاله مجهول.(*) مصادر الترجمة
رجال الشيخ : 343 برقم 21.
1 ـ رجال الشيخ : 343 برقم 21. 2 ـ احتمل بعض المعاصرين أنّه : إبراهيم بن أبي البلاد ، مولى بني عبد الله بن عطفان ، ولا شاهد له ، وعليه فالاحتمال ساقط. (*) حصيلة البحث
المعنون مجهول الحال.
|
|||
|