وفي استحباب ثقب الأُذن والختان قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « إنّ
ثقب أُذن الغلام من السُنّة ، وختانه لسبعة أيام من السُنّة » (1).
وللختان في اليوم السابع آثار صحية على الوليد ، قال الإمام
الصادق عليه السلام : « اختنوا أولادكم لسبعة أيام ، فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللّحم ،
وإنّ الأرض لتكره بول الأغلف » (2).
والختان في هذا اليوم يؤدي إلى سرعة الشفاء مع قلة الألم.
أحكام النفاس :
أقل مدة للطهر من دم النفاس عشرة أيام (3).
وحكم النفساء حكم الحائض في جميع المحرّمات والمكروهات (4).
فيحرم عليها : قراءة سور العزائم ، ومسّ كتابة القرآن وأسماء الله
تعالى ، ودخول المساجد ووضع شيء فيها.
ويجب عليها منع زوجها من وطئها في الفرج.
ويبطل صومها ، ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة ، ولا يصحّ
للزوج طلاقها.
1 ـ الكافي 6 : 35.
2 ـ الكافي 6 : 34.
3 ـ الكافي في الفقه : 315. والمسائل الاتفاقية : 115 ـ 116.
4 ـ جامع المقاصد 1 : 349. والمسائل الاتفاقية : 118. والوسيلة إلى نيل الفضيلة : 61.
(52)
حكم تبني الوليد :
إذا ولدت امرأة على فراش الرجل لأكثر من ستة أشهر فصاعداً لزمه
قبوله ، ويحرم عليه نفيه منه ، وإن ولدت لأقلّ من ذلك وليداً حيّاً سوياً
ينبغي نفيه منه ، فإن أقرّ به قُبل منه ، ولم يسعه بعد ذلك الانتفاء منه(1).
الرضاع :
حليب الاُم هو الغذاء الأمثل للطفل ، فهو (أوفق بمزاجه وأنسب
بطبعه) (2) ، وأفضل من يمنحه الحنان ، فيكون الطفل أقل توتراً وأهنأ بالاً
وأسعد حالاً ، فيستحب ارضاع الطفل من حليب أُمّه ، قال الإمام عليه عليه السلام
: « ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أُمّه » (3).
وهذا ما يؤكده العلم الحديث وهو يكشف مناسبة حليب الاُم لحاجة
الرضيع من حيث مكوناته ، ومن حيث درجة حرارته أيضاً ، فإن مكوناته
وحرارته تتغير مع نحو الطفل ، وبحسب ما يتطلبه النمو السليم.
وعلى الرغم من استحباب إرضاع الطفل من حليب أُمّه إلاّ أنّه
لايتوجب عليها إرضاعه (4) ، سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن الرضاع فقال :
« لاتجبر الحرّة على رضاع الولد ، وتجبر أُمّ الولد » (5).
1 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 317. وجواهر الكلام 31 : 224. ومنهاج الصالحين ـ المعاملات :
112 ـ 113.
2 ـ الحدائق الناضرة 25 : 71.
3 ـ الكافي 6 : 40.
4 ـ الحدائق الناضرة 25 : 71. وجواهر الكلام 31 : 272. والصراط القويم : 214.
5 ـ الكافي 6 : 41.
(53)
وعدم الوجوب مشروط بوجود الأب وقدرته على دفع الاُجرة ، أو
عدم تبرع الاُمّ ، أو وجود مال للولد ، ووجود مرضعة أُخرى ، وفي حالة
عدم توفر هذه الشروط ، يجب على الاُمّ إرضاعه ، كما يجب عليها الانفاق
عليه إذا كان الأب معسراً أو مفقوداً (1).
وفي الظروف الاستثنائية التي تقف حائلاً دون ارضاع الاُمّ لطفلها
بسبب قلّة الحليب ، أو مرض الاُمّ ، أو موتها ، أو رفضها للرضاعة مجاناً ،
يستحبّ اختيار المرضعة المناسبة والملائمة ضمن مواصفات معينة ، قال
أمير المؤمنين عليه السلام : « اُنظروا من ترضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبُّ عليه » (2)
ويستحب اختيار المرأة المرضعة التي تتوفر فيها أربع خصال : العاقلة ،
المسلمة ، العفيفة ، الوضيئة (3).
قال الإمام محمد الباقر عليه السلام : « استرضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك
والقباح فإنّ اللبن قد يعدي » (4).
وقال عليه السلام : « عليكم بالوضاء من الظؤرة ، فإنّ اللبن يعدي » (5).
ويكره استرضاع الحمقاء ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تسترضعوا الحمقاء
، فإن الولد يشبُّ عليه » (6).
1 ـ الحدائق الناضرة 25 : 72. وجواهر الكلام 31 : 272.
2 ـ الكافي 6 : 44. وجواهر الكلام 29 : 307.
3 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 316. وجامع المقاصد 12 : 208. وجواهر الكلام 29 : 306.
4 ـ الكافي 6 : 44. وجواهر الكلام 29 : 306.
5 ـ الكافي 6 : 44.
6 ـ مكارم الاخلاق : 237. وجواهر الكلام 29 : 306.
(54)
وكذا البغيّة والمجنونة ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « توقّوا على أولادكم من لبن البغيّة
والمجنونة ، فإنّ اللبن يعدي » (1).
ويجوز استرضاع الكتابيات على كراهية ، وفي حال عدم وجود
مرضعة مسلمة ، وترتفع الكراهة في حال منعهنَّ من شرب الخمر ، قال
الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « إذا أرضعن لكم ، فامنعوهنَّ من شرب
الخمر » (2).
وكراهية استرضاع تلك الأصناف ناجمة من تأثير اللبن على الطفل ،
ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ... فإنّ اللبن يعدي ، وإنّ الغلام ينزع إلى
اللبن » (3).
ومن أجل تحسين حليب الطفل ، يستحبُّ اطعام النساء في نفاسهنَّ
التمر ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب » (4).
ويفضّل اطعام نوع خاص من التمر وهو البرني ، قال الإمام الصادق عليه السلام
: « أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنَّ ، تحلم أولادكم » (5).
وللاُم حق الارضاع لطفلها إن رضي الأب بغير أُجرة ، ولها حق الامتناع
من الرضاعة ، إمّا إذا كانت مطلقة ، فهي أولى برضاعه سواء رضي الأب أم
لم يرض ، ولها أُجرة المثل ، فإن طلبت أُجرة زائدة على ما يرضى به
1 ـ مكارم الاخلاق : 223. وجواهر الكلام 29 : 306 ، 308.
2 ـ الكافي 6 : 42. وجواهر الكلام 29 : 307.
3 ـ الكافي 6 : 43.
4 ـ الكافي 6 : 22.
5 ـ الكافي 6 : 22.
(55)
غيرها ، كان للأب حقّ انتزاعه من يدها (1).
ولا يجوز للأب أن يسلم الطفل إلى مرضعة تذهب به إلى منزلها إلاّ
برضى الاُمّ (2).
ومدة الرضاع هي سنتان ، وأقلّه واحد وعشرون شهراً ، ويجوز الزيادة
على السنتين مقدار شهرين ، والزيادة لا أُجرة فيها (3).
ويستحسن في مرحلة الرضاع مناغاة الطفل ، لأنّها تؤثر على سرعة
النطق ، ونموّه اللغوي والعاطفي في المستقبل ، حيث يشعر من خلال
المناغاة بوجود الأمن والطمأنينية والهدوء ، ولنا في سُنّة أهل
البيت عليهم السلام خير منار واقتداء ، فكانت سيدة نساء العالمين فاطمة
الزهراء عليها السلام تناغي الحسن عليه السلام في هذه المرحلة وتقول :
أشبه أباك يا حسنواعبد إلهاً ذا منن
واخلع عن الحق الرّسنولا توالِ ذا الإحَـــنْ
وكانت تناغي الحسين عليه السلام :
أنت شبيه بأبي
لست شبيهاً بعـــليّ (4)
الفطام :
حددت الشريعة الإسلامية مدة الارضاع التامة بأربع وعشرين شهراً
1 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 315 ـ 316.
2 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 315 ـ 316. ومنهاج الصالحين ، المعاملات : 120.
3 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 315 ـ 316. والصراط القويم : 214.
4 ـ بحار الأنوار 43 : 286.
(56)
كما جاء في قوله تعالى : ( والوالِداتُ يُرضِعنَ أولادَهُنَّ حَولَينِ كامِلينَ لِمن
أرادَ أن يُتمَّ الرَّضَاعةَ ... ) (1).
واقل الرضاع ـ كما تقدّم ـ واحد وعشرون شهراً ، وينبغي على الوالدين
ان أرادا فطام الصبي في هذه المدة أن يتشاورا فيما بينهما ، قال تعالى :
( ... فإن أرادَا فِصَالاً عن تراضٍ مِّنهما وتَشاورٍ فلا جُناحَ عَليهِما.. ) (2).
ويجوز تأخير الرضاع إلى شهر أو شهرين بعد مدة التمام وهي أربع
وعشرون شهراً ، ويحرم الرضاع بعد ذلك ، لأنّ لبن المرأة يصير من
الخبائث ومن فضلات مالا يُؤكل لحمه ، فيحرم على المكلف شربه ، وكل
ما حرّم على المكلف شربه يحرم إعطاؤه لغير المكلف (3).
فيجب على الاُم أو الأب المستأجر لمرضعة مراعاة وقت الرضاع
ووقت الفطام ، بلا افراط ولا تفريط ، فيحسن ارضاع الولد واحداً وعشرين
شهراً ولا ينبغي ارضاعه أقل من ذلك (4) ، قال الامام الصادق عليه السلام :
« الرضاع واحد وعشرون شهراً ، فما نقص فهو جور على الصبي » (5) ، ذلك
لأنّ الطفل بحاجة إلى اللبن في هذه المدة ، وبحاجة إلى الدفء العاطفي
والحنان على حدٍّ سواء.
1 ـ سورة البقرة : 2 / 233.
2 ـ سورة البقرة : 2 / 233.
3 ـ مهذب الاحكام 25 : 275.
4 ـ منهاج الصالحين ، المعاملات : 120.
5 ـ الكافي 6 : 40.
(57)
الحضانة :
الحضانة هي الولاية على الطفل لفائدة تربيته ، وما يتعلق بها من
مصلحته (1) ، ومرحلة الحضانة هي أهمّ المراحل في نموّ الطفل البدني
واللغوي والعقلي والأخلاقي ، وهي مرحلة تشكيل البناء النفسي الذي
تقوم عليه أعمدة الصحة النفسية والخلقية ، وتتطلب هذه المرحلة من
الوالدين ابداء عنايةٍ خاصةٍ في رعاية الطفل وحمايته ، وتوفير ما يحتاجه
من مقومات النموّ البدنية والروحية ، ليكون عنصراً فعالاً في المجتمع.
والاُمّ أحقُّ بحضانة الولد مدّة الرضاع ، فلا يجوز للاب أن يأخذه في
هذه المدة منها ، فإذا انقضت مدة الرضاع ، فالأب أحق بالذكر ، والاُمّ أحق
بالاُنثى حتى تبلغ سبع سنين من عمرها ، ثم يكون الأب أحقّ بها ، وإن
فارق الاُمّ بفسخ أو طلاق قبل أن تبلغ سبع سنين لم يسقط حقّ حضانتها
ما لم تتزوج بالغير ، فلو تزوجت سقط حقّها ، وكانت الحضانة للأب (2).
قال الإمام الصادق عليه السلام : « المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج » (3).
وعنه عليه السلام قال : « ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية ، فإذا
فطم فالأب أحقُّ به من الاُمّ ، فإذا مات الأب فالاُمّ أحقُّ به من
العصبة ... » (4).
وفي حال فقدان الأبوين تكون الحضانة لأب الأب مقدماً على غيره
1 ـ الحدائق الناضرة 25 : 83.
2 ـ مهذب الاحكام 25 : 278.
3 ـ وسائل الشيعة 21 : 471.
4 ـ الكافي 6 : 45.
(58)
من الاخوة والأجداد (1).
وإن فقد أب الأب تكون الحضانة لأقارب الطفل على ترتيب مراتب
الارث الأقرب منهم يمنع الأبعد (2).
ومن شروط حق الحضانة للاُمّ (3) :
1 ـ أن تكون مسلمة.
2 ـ أن تكون عاقلة.
3 ـ أن تكون سالمة من الأمراض المعدية.
4 ـ أن تكون فارغة من حقوق الزوج ، فلو تزوّجت سقط حقها من
الحضانة.
5 ـ أن تكون أمينة.
6 ـ وأضاف بعض الفقهاء شرط عدم فسق الاُمّ (4).
ولا يجوز للاُم الحاضنة أن تسافر بالولد إلى بلد بغير رضا أبيه ،
ولايجوز للأب أن يسافر به ما دام في حضانة أُمّه (5).
1 ـ الحدائق الناضرة 25 : 96.
2 ـ مهذب الاحكام 25 : 281.
3 ـ الحدائق الناضرة 25 : 90 ـ 91 ، 93. والصراط القويم : 214.
4 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 288.
5 ـ مهذب الاحكام 25 : 283.
وضع المنهج الإسلامي حقوقاً وواجبات على جميع أفراد الاُسرة ،
وأمر بمراعاتها من أجل إشاعة الاستقرار والطمأنينة في أجواء الاُسرة ،
والتقيّد بها يسهم في تعميق الأواصر وتمتين العلاقات ، وينفي كل أنواع
المشاحنات والخلافات المحتملة ، والتي تؤثر سلباً على جوّ الاستقرار
الذي يحيط بالاُسرة ، وبالتالي تؤثر على استقرار المجتمع المتكون من
مجموعة من الاُسر.
أولاً : حقوق الزوج :
من أهمّ حقوق الزوج حقّ القيمومة ، قال الله تعالى : ( الرِجالُ قوّامُونَ
على النِّساءِ بما فَضّلَّ اللهُ بَعضهُم على بَعضٍ وبما أنفقُوا مِن أموالِهم ) (1).
فالاُسرة باعتبارها أصغر وحدة في البناء الاجتماعي بحاجة إلى قيّم
ومسؤول عن أفرادها له حقّ الاشراف والتوجيه ومتابعة الأعمال
1 ـ النساء 4 : 34.
(60)
والممارسات ، وقد أوكل الله تعالى هذا الحق إلى الزوج ، فالواجب على
الزوجة مراعاة هذا الحق المنسجم مع طبيعة الفوارق البدنية والعاطفية
لكلٍّ من الزوجين ، وأن تراعي هذه القيمومة في تعاملها مع الأطفال
وتشعرهم بمقام والدهم.
ومن الحقوق المترتبة على حق القيمومة حق الطاعة ، قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدّق من بيتها شيئاً إلاّ باذنه ،
ولاتصوم تطوعاً إلاّ باذنه ، ولا تمنعه نفسها ، وإن كانت على ظهر قتب ،
ولاتخرج من بيتها إلاّ بإذنه ... » (1).
حتى إنّه ورد كراهة إطالة الصلاة من قبل المرأة لكي تتهرب من زوجها ،
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تطوّلن صلاتكن لتمنعنَّ أزواجكن » (2).
ويجب عليها احراز رضاه في أدائها للأعمال المستحبة ، فلا يجوز لها
الاعتكاف المستحب إلاّ باذنه (3) ، ولا يجوز لها أن تحجّ استحباباً إلاّ باذنه ،
وإذا نذرت الحج بغير إذنه لم ينعقد نذرها (4).
ومن أجل تعميق العلاقات العاطفية وإدامة الروابط الروحية وادخال
السرور والمتعة في نفس الزوج ، يستحب للمرأة الاهتمام بمقدمات
ذلك ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فقالت : يا رسول الله ، ما حقّ الزوج على المرأة ؟ قال : أكثر من ذلك ،
1 ـ من لا يحضره الفقيه 3 : 277.
2 ـ الكافي 5 : 508.
3 ـ الكافي في الفقه : 187.
4 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 191.