كتاب تربية الطفل في الاسلام ::: 111 ـ 112
(111)
البطيء (1)الذي يستحكم في العقل والعاطفة ومن مصاديقه التقليد والاقتداء ، والنماذج العالية من الشخصية هي المؤثرة في التشبه ، فأهل الكرامة وأهل القدوة يكرمهم الشعب ويبجلهم وهم الذين (يقتدي بهم عامة الشعب) (2)
     والطفل غالباً ما يتشبه بمن لهم سلطان روحي ونفسي على الناس ومنهم الملوك والحكام ، والفائزون والناجحون في الحياة ، وكلّ من له تأثير على الناس كالمعلم وعالم الدين.
     ويرى بعض علماء النفس الحاجة إلى تصور المثل الاعلى لدى كل انسان (3)وهي حاجة ضرورية ، والمثل الاعلى في رأي هؤلاء العلماء يختلف باختلاف الناس ، ويتبدل بتبدل ظروفهم المادية والنفسية والاجتماعية ، ويعتبرون المثل الاعلى متجسداً في القيم المعنوية والاهداف المتوخاة في الحياة.
     والمثل الاعلى بهذا المفهوم ضروري جداً لكلِّ انسان وخصوصاً الطفل في الاعوام المتأخرة من هذه المرحلة ، ولكنّ المثل الاعلى ان لم يتحول من المفهوم إلى المصداق وإلى من تتجسد فيه قيم هذا المثل الاعلى يبقى محدوداً في حدود التصورات ، فالطفل بحاجة إلى التشبه والاقتداء بما هو ملموس في الواقع الموضوعي ، وخير من يتجسد به المثل الاعلى هو النموذج الاعلى للشخصية الانسانية.
1 ـ علم الاجتماع نقولا الحدّاد : 86.
2 ـ علم الاجتماع : 140.
3 ـ علم النفس جميل صليبا : 728.


(112)
    والاقتداء بالاسلاف (أكثر من الاقتداء بالطبقة العليا) (1)
     ومن هنا فالضرورة الحاكمة في الاقتداء هي الاقتداء بالسلف الصالح وهم الانبياء والاَئمة من أهل البيت ، والصالحين من الصحابة والتابعين ، والماضين من علماء الدين ، فهم قمم في الفضائل والمكارم والمواقف النبيلة ، وممّا يساعد على التشبّه والاقتداء بهم تأثيرهم الروحي على مختلف طبقات الناس الذين يكنّون لهم التبجيل والتقديس.
     وحياة الصالحين مليئة بجميع القيم والمكارم التي يريد الانسان التمسك بها. والاقتداء هو الذي يجعل الطفل انساناً عظيماً تبعاً لمن يقتدي بهم ، واذا فقد الاقتداء جمدت جذوة الحياة وضعف الطموح وانحرف عن مساره للتعلق والاقتداء بالهامشيين من الاَشخاص العاديين.
     فالواجب على الوالدين توجيه انظار الطفل وأفكاره وعواطفه ومواقفه نحو الشخصيات النموذجية ابتداءً من آدم وانتهاءً بالعظماء المعاصرين ، ولكلِّ نبي أو امام من أئمة الهدى تاريخ حافل بجميع المكارم والقيم والمواقف السائدة في الحياة.
     والقدوة الصالحة لها تأثير ومواقف مشرّفة في كلِّ زاوية من زوايا الحياة ، والاقتداء بها تنعكس آثاره على جميع جوانب شخصيّة الطفل العاطفية والعقلية والسلوكية ، فتندفع الشخصية للوصول إلى المقامات العالية التي وصلها الصالحون المقتدى بهم.
والحمدُ لله أولاً وآخراً
تربية الطفل في الاسلام ::: فهرس