غنمتم من شيئ فان لله خمسه ... الى آخره. ج ـ ولمّا حفر زمزم
سمّاها سقاية الحاج ، فأنزل الله عزّوجلّ ( اجعلتم سقاية الحاج و
عماره المسجد كمن آمن بالله واليوم الآخر ) ... الآيه. د ـ وسنّ
في القتل مائة من الابل ، فأجري الله عزوجل ذلك في الاسلام. ه ـ
ولم يكن الطواف عدد عند قريش ، فسنّ فيهم عبد المطلب سبعة
اشواط ، فأجري الله تعالى ذلك في الاسلام ... يا علي ان عبد
المطلب كان لا يقسم بالازلام ، ولا يعبد الأصنام ، ولايأكل ما ذبح
على النصب ويقول : أنا على دين أبي ابراهيم على نبينا وآله وعليه
السلام ... الخصال ، باب الخمسة ، ص 254 ، الحديث 90.
2 ـ قال سيد الموحّدين وقائد الغزّ المحجّلين امير المؤمنين فداه
روحي وارواح العالمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابنائه الطاهرين
الى يوم الدين : عقّوا عن اولاد كم يوم السابع وتصدقوا بوزن شعرهم
فضّة على مسلم ، وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم
بالحسن والحسين عليهما السلام وسائر ولده عليهم السلام ... المواعظ
العددية ، باب الاربعمائة ، ص 294.
من العجيب الذي لا يكاد يصدّق ـ لو لا الايمان ـ أن نبيّا من
اولى العزم يرى في المنام أنه يذبح ولده ، ثم يقصد تصديق منامه ، وتلّه
للجبين ، وناديناه ان يا ابراهيم قد صدّقت الرؤيا. وهكذا سيّد
قريش عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه ينذر ذبح ولده العاشر وهو
عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، فيفدي بمائة من
الابل كما أفدي اسماعيل بذبح عظيم فبهذه وذلك يدفع عنها الذبح
ويبقى الفحر مدي الزمان حتى يقول الله عليه وآله :
أنا ابن الذبيحين.
1 ـ حدثنا احمد بن الحسن القطّان ، قال : اخبرنا احمد بن
محمد سعيد الكوفي ، قال : علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن
ابيه قال : سألت ابا الحسن علي بن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام
عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم انا ابن الذبيحين ، قال
عليه السلام : يعني اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليه السلام ، وعبد
الله بن عبد المطلب. أما اسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشّر الله
به ابراهيم ، فلما ابلغ معه السعي ، قال يابني اني أرى في المنام
أني اذبحك ، فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ولم يقل له
يا ابت افعل ما رأيت ، ستجدني ان شاء الله من الصابرين ، فلّما عزم
(133)
على ذبحه فداه الله بذبح عظيم ، بكبش املح يأكل في سواد ، ويشرب
في سواد ، وينظر في سواد ، ويمشي في سواد ، ويبول ويبعر في
سواد ، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة اربعين عاماً ، وما خرج
من رحم انثى ، وانّما قال الله جلّ وعزّ له كن فكان ليفدي به اسماعيل ،
فكلما يذبح بمنى فهو فديه لا سماعيل الى يوم القيامة ، فهذا احد
الذبيحين. وأمّا الآخر ، فان عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة
ودعا الله عزوجلّ أن يرزقه عشرة بنين ، ونذرالله عزوجلّ ان يذبح
واحداً منهم متى اجاب الله دعوته ، فلما بلغوا عشرة (( اولاد )) قال
قد وفي الله لي ، فلأوفّين لله عزوجل ، فأدخل ولده الكعبة ، واسهم
بيتهم ، فخرج سهم عبج الله أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
وكان احبّ ولده اليه ، ثم اجالها ثانيه ، فخرج سهم عبد الله ، ثم
اجالها ثالثه ، فخرج سهم عبد الله ، فأخذه وحبسه ، وعزم على ذبحه
فاجتمعت قريش وقنعته من ذلك ، واجتمع نساء عبد المطلب يبكين و
يصحن ، فقالت له ابنته عاتكه ، يا ابتاه اعذر فيما بينك وبين الله عزّ و
جلّ في قتل ابنك ، قال فكيف اعذر يا بنيّة فانك مباركة ؟. قالت اعمد
الى تلك السوائم التى لك في الحرم ، فاضرب باقداح على ابنك وعلى
الابل ، واعط ربك حتى يرضى ، فبعث عبد المطلب الى ابله ، فأحضرها
وعزل منها عشراً ، وضرب بالسهام فخرج سهم عبد الله ، فما زال يزيد
عشراً عشراً حتى بلغت مائة ، فضرب فخرج السهم على الابل ، فكبرت
قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة ، فقال عبد المطلب لا ، حتى اضرب
بالقداح ثلاث مرّاة ، فضرب ثلاثا ، كل ذلك يخرج السهم على الابل ،
فلمّا كان في الثالثة ، اجتذبه الزبير وابو طالب واخوانه من تحت رجليه
فحملوه وقد انسلخت جلده خدّه الذي كان على الارض ، واقبلوا
(134)
يرفعونه ، ويقبّلونه ، ويمسحون عنه التراب ، وأمر عبد المطلب ان تنجر
الابل بالخروره ، ولا يميع احد منها ، وكانت مائة. وكانت لعبد
المطلب خمس سنن اجراها الله عزوجل في الاسلام : حرّم نساء الآباء
على الابناء ، وسن الديه في القتل من الابل ، وكان يطوف بالبيت
سبفة اشواط ، ووجد كنز فاخرج منه الخمس ، وسمي زمزم كما حفرها
سفايه الحاج. ولو ان عبد المطلب كان حجه ، وأنّ عزمه على ذبح ابنه
عبد الله شبيه بعزم ابراهيم علىنبينا وآله وعليه على ذبح ابنيه
اسماعيل لما افتخر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالانتساب اليهما
لأجل أنهما الذبيحان ، في قوله صلى الله عليه وآله وسلم انا ابن
الذبيحين ، والعلة التى من اجلها رفع الله عزوجلّ الذبح عن
اسماعيل هي العلّة التى من اجلها رفع الله الذبح عن عبد الله ، وهي
كون النبي صلى الله وآله وسلّم والأئمّة عليهم السلام في صلبيهما
فببركة النبي والأئمّة عليهم السلام رفع الله الذبح عنهما ، فلم تجر
السنه في الناس بقتل اولادهم ولو لا ذلك لوجب علىالناس كل اضحى
التقرّب الى الله تعالى ذكره بقتل اولادهم ، وكلّما يتقّرب الناس به
الى الله عزّوجّل من اضحيى فهو فداه لا سماعيل الى يوم القيمة ...
الخصال ، باب الاثنين ، ص 45 ، الحديث 78.
2 ـ حدثنا احمد بن هارون الفاصي ، وجعفر بن محمّد بن مسرور
( رض ) قالا : حدّثنا محمد بن جعفر بن بطة ، عن محمّد بن حسن
الصفار ، عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى ، عن حريز ،
عمن اخره ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أول من سوهم عليه مريم
بنت عمران ، وهو قول الله عزوجل ( وما كنت لديهم اذ يلقون
(135)
اقلامهم ايهم يكفل مريم ) ( آل عمران ـ 44 ) ، والسهام ستة ثم
استهموا في يونس لما ركب مع القوم ، فوقفت السفينة في اللجّة ،
فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرّات ، قال : فمضى يونس الى
صدر السفينة ، فاذا الحوت فاتح فاه ، فرمي بنفسه.ثم كان عبد المطلب
ولد له تفسعة فنذر في العاشر ، ان يرزقه الله تعالى غلاماً أن يذبحه ،
قال عليه السلام : فلمّا ولد عبد لم يكن يقدر أن يذبحه رسول الله
صلى الله عليه وأله وسلّم صلبه ، فجاء بعشر من الابل وساهم
عليها وعلى عبد الله ، فخرج السهام علي عبد الله ، فزاد عشرا ، فلم
يزل السهام يخرج على عبد الله ويزيد عشرا ، فلما (( لأن )) بلغت
مائة خرجت السهام على الابل ، فقال عبد المطلب ما انصفت ربي فأعاد
السهام ثلاثاً فخرجت على الابل ، فقال الآن علمت أن ربي قد رضى ،
فنحرها ... الخصال ، باب الثلاثة ، ص 124 ، الحديث 198.
الدنيا دار محفوفة باليلاء والمصائب ، فلا يسلم نزّالها ، ولا بد لكل
انسان عاش وجه البسيطه أن يصاب بها ، فمن صبر ضفر، ومن
لجّ كفر.
1 ـ قال الحسن بن على عليهما السلام : مصائب الدنيا اربع منها
موت الوالد وهو قاصم الظهر ، وموت الولد وهو صدع الفوآد ...
معدن الجواهر ، باب ذكرماء في اربعة ، ص 42.
لاشك ولا ريب أن الولد قطعة من الكبد ، فهو اذ يمشي على
الأرض يتحرك كبد والديه بتحرك قدميه ، وما من ابوين الاّ ويعقدان
آمالاً على ولدهما ، متى يجنيا ثمره ، ويرو أثره. فالله الله من ساعة
يدنوا اليه هادم اللذات ومفرّق الجماعات ، الملك المقرب عند الملك
العلاّم ، فسسترّد الأمانه ، وعندها تشب النيران في قلوب الأهل و
الأحبة والاخوان ، فتحرق كبد الأبوين بلهب الفقد والفرقة.
1 ـ قال أمير المؤمنين عليه صلوة رب العالمين ، فقد الولد محرّق
الكبد. جاء في درر الكلم حرف الفاء ، ص 209.
2 ـ حدثنا ابو احمد محمد بن جعفر البنداد ، قال : حدثنا أبو
العباس الحمادي ، قال : حدثنا محمد بن علي الصايغ ، قال : حدّثنا
عمرو بن سهلو بن زنجله الرازي ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن
الاوزاعي ، عن أبي سلام الاسود ، عن ابي سالم راعي رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلّم أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلّم يقول خمس ما أثقلهنّ في الميزان : سبحان الله. والحمد لله
ولا اله الاّ الله. والله اكبر. والولد الصالح يتوفّى لمسلم فيصبر ويحتسب
.... الخصال ، باب الخمسة ، ص 217 ، الحديث 1.
(138)
3 ـ ( أقول ) كان خمسة من المشركين قد استهزؤا بالنبي صلى
الله عليه وآله وسلّم ، فأنزل الله تعالى بلاء عليهم في آن واحد ، و
نزلت الآيه الكريمه ( انّا كفيناك المستهزئين ). حدثنا احمد بن
الحسن القطّان ، قال : حدثنا ابوالقاسم عبد الرحمن بن محمد
الحسني ، قال : حدّثنا ابو العباس محمد بن على الخراساني ، قال :
حدثنا ابو سعيد سهل بن صالح العياشي ، عن ابيه ، وابراهيم بن
عبد الرحمن الأبلي ، قال حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي
بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام ، قال : حدثني
أبي جعفربن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بي علي قال : حدثنى
أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن على عليهم
السلام جميعا ، أن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام ، قال :
ليهودي من يهود الشام ـ الى أنّ قال ـ وأما الاسود بن عبد يغوث
.... الى آخر في القصّه .... . قال مصنّف الكتاب ـ يعني الخصال ـ ويقال
في خبر آخر في الأسود قول آخر ، يقال أن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم كان قد دعا عليه ان يعمي الله بصره ، وأن يثكله ولده ، فلّما كان
في ذلك اليوم اي يوم نزول البلاء على النفرات الخمس ـ جاء حتى
صار الى كدا ـ وهو جبل في اسفل مكة عن طريق اليمن ـ فأتاه جبرئيل
عليه السلام بورقة خضراء ، فضرب بها وجهه فعمي ، وبقى حتى اشكله
الله عزّوجلّ ولده يوم بدر ، ثم مات ( عليه ما يستحق من العذاب ).
لابد من تعزية من يصاب بمصيبة ، وأي مصيبة أدهي وأشد من
فقد الولد فلقلبه الله وعظّم الله تعالى اجره ، وأجزل ثوابه ، وأجمل
صبره ، وأخذ بيده يوم لا ينفع مال ولا بنون ، ان شاء الله
تعالى وتقّدس.
1 ـ عزّى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام من ربّ الأنام رجلا مات
له ولد : ورزق ولد فقال عليه السلام : عظم الله اجرك فيما اباد ، و
بارك لك فيما افاد. جاء في كتاب درر الكلم ، في حرف العين ص 205.
ينبغي بل يجب على كل مسلم فطن أن يعلم أن كل ما عنده هو من
عند الله تعالى ، وأنّ الله حق في كل ما ملّكه وسلّطه عليه ما دام في
قيد الحياة ، فلا يبخل بمال ولا ولد ولا أهل ولا نفس ، ويعطي ، وان
كان الجميع ، في سبيل الله ولا تأخذه في الله شح نفس ، اوغلّ
يد ، فان العبد وما في يده كان امولاه.
1 ـ قال رسول الله صلى عليه وآله وسلّم بوما : أيها الناس
مالرقوب فيكم؟. قالوا : الرجل يموت ولم يترك ولداً. فقال صلى الله
عليه وآله وسلم : بل الرقوب حق الرقوب رجل مات ولم يقدّم من ولده
احداً يحتسبه عند الله تعالى ، وان كانوا كثيرا بعده ... تحف
العقول ، مواعظ النبي ، ص 33.