أللّهُمّ اجْعَلْني أهَابُهُما هيَبْةَ السّلْطَانِ الْعسُوفِ ،
وَأبَرهُما بْر الأمّ الرّؤوفِ ؛ وَاجمْعل طَاعتني لِوالدَيّ
وَبِرّي بهِمَا أقَرّ لِعيْني من رقدة الوسنان ،
وأثلج لصدري من شَربة الظّمآنِ ؛ حَتّى الوْسْنانِ ،
وَأستكثْر بِرّهُمَا بي وإن قَلّ ، وَأستْقِلّ بِرّي بِهِمَا
وَأنْ كثُرَ.
( اللهم صل على محمد وآله كما شرفتنا به ) أي بميراثنا لعلمه ، وعملنا
بسنته ، وسيرنا على طريقته ، لا بمجرد الانتساب اليه ، قال سبحانه : « فاذا
نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ـ 101 المؤمنون ...
ان أكرمكم عند الله أتقاكم ـ 13 الحجرات ». وسئل الرسول الأعظم ( ص )
عن أحب الناس الى الله ؟ فقال : « أنفعهم للناس ». ويأتي في الدعاء 42 :
« لترفعنا فوق من لم يطق حمله » أي حمل علم الكتاب والسنة ( كما اوجبت
لنا الحق على الخلق بسببه ) يشير بهذا الى الآية 23 من الشورى : « قل لا
أسألكم عليه أجراً الاّ المودة في القربى » وما وجبت هذه المودة الا لأن أهل
البيت ( ع ) امتداد لجدهم الرسول ( ص ) علماً وعملا وسيرة وسريرة.
( أللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف ) : الظلوم ، يهاب والديه
على دنوه منهما وعلمه بأنهما أرأف به من نفسه ، ولا غرابة ، ايها هيتة التعظيم
والتقدير ، لاهيبة الخوف من العقاب العسير ، هيبة الأبوة التي لا يشعر بها
الا العارفون. كانت فاطمة ( ع ) بضعة من النبي ( ص ) ، وأحب الخلق الى
قلبه ومع هذا كانت تقول : ما استطعت أن أكلم أبيمن هيبته ( وأبرهما
(152)
بر الأم ... ) ولا شيء عند الأبوين أغلى وأثمن من بر الابن بهما ، علماً
بأنه وفاء لدين سابق ... ومع هذا يسعدان به سعادة الغارس بثمرات
غرسه ، وبهذه السعادة نفسها يشعر الابن البار اذا تأكد من سعادة أبويه به ،
ورضاهما عنه.
( الوسنان ) : من أخذ النعاس ( واستكثر برهما بي وان قل ، واستقل
بري بهما وان كثر ) الخير منه ضئيل وصغير بالغاً ما بلغ ، ومنهما جليل وكبير
وان كان حبة من خردل ؟! وليس هذا تواضعاً ، بل ايماناً وعظمة نفس ،
وشعوراً حياً بمسؤولية التكليف ، وهو أمره تعالى : « ان اشكر لي ولوالديك ـ 14 لقمان » وكل شيء قليل في جنب الله والشكر له لمن قرن شكره بشكره.
وهكذا العظيم يستصغر الحسنة منه وان كبرت ، ويستكبر السيئة وان صغرت
على العكس تماماً من الحقير ، وفي الحديث الشريف : « المؤمن يرى ذنبه
فوقه كالجبل ، يخاف ان يقع عليه ، والنافق يرى ذنبه كذباب مر على أنفه
فأطاره ». وقال قائل لأحد المتقين حقاُ : رأيت في منامي أنك في الجنة.
فقال له : ويحك أما وجد الشيطان من يخرمنه غيري وغيرك ؟.
أللّهُمّ خَفَض لهُمَا صوتي ، وَأطبْ لَهمُا كَلامي،
وَألنْ لَهمَا عرَيكتي ، وَاعطفْ عَليهْما قلْبي ،
وَصَيرّني بهِما رَفيقاً ، وَعليْهما شفيقاً ؛ أللّهُمّ
اشْكُرْ لَهُما تربِيَني ، وأثِبْهُما عَلى تَكْرِمتي ،
وَاحْفظ لَهُما مَا حَفظَاه مِنّي في صِغَري.
أللّهُمّ وَمَا مَسّهُمَا مِنّي مِنْ أذىّ ، أوْ خَلَصَ
اليَهْماَ عنّي مِنْ مَكْرُوهٍ ، أوْ ضاعَ قِبَلي لَهمُمَا مِنْ
(153)
حَقّ ... فاجْعَلْهُ حِطّةّ لِذُنوبِهِمَا ، وَعَلُوّا
في دَرَجَاتِهِمَا ، وَزياَدَةً في حَسَناَتِهِماَ ، يَا مُبَدّلَ
السّيئّاتِ بأضْعَافِهَا مِنَ الحْسَناَتِ.
( أللهم خفّض لهما صوتي ) غض الصوت وخفضه من الآدب الشرعية
والعرفية ، بخاصة عند مخاطبة الكبار وأهل المكانة. وفي الآية 19 من لقمان :
« واغضض من صوتك ان أنكر الأصوات لصوت الحمير » ( وأطب لهما
كلامي ) قال سبحانه : « فلا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريماً
ـ 23 الأسراء » على أن الكلمة الطيبة بوجه عام كالشجرة الطيبة « أصلها
ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين ـ 25 ابراهيم » ( عريكتي )
طبيعي ( رفيقاً ) : لطيفاً لا فظاً غليظاً.
( أللهم واشكر لهما ... ) أجزهما بالاحسان احساناً ، وبالسيئات غفواً
وغفراناً ( واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري ) أجزل لهما الأجر والثواب
على ما لقيا من التعب والعناء في سبيلي رضيعاً وصبياً. وقال رجل للنبي (ص) :
ان أبوي بلغا من الكبر عتياُ ، وأنا أولي منهما ـ أباشر ـ ما وليا مني في الصغر
فهل قضيت حقهما ؟ قال : لا ، فانهما كانا يفعلان ذلك وهما يحتان بقاءك ،
وأنت تفعله ، وتريد موتهما ( أللهم وما مسهما مني من أذى ... ) كل ما
أصابهما بسبي من مكروه ( فاجعله حطة ) : محواً ( لذنوبهما وعلواً ) لمقامهما
عندك بحيث يكون شقاؤهما بي في الدنيا سبباً لسعادتهما في الآخرة.
( يا مبدل السيئات بأضعافها حسنات ) لمحو السيئات العديد من الطرق
منها التوبة ، ومنها اصلاح ذات البين وكل عمل نافع مفيد للفرد والجماعة ،
ومنها المرض فانه يحط السيئات ، ويحتها حت الأوراق ، على حد تعبير
(154)
نهج البلاغة ، ومنها العدوان حيث يتحمل المعتدي سيئات المعتدى عليه ، وأيضاً
يأخد هذا حسنات ذاك ، وسبقت الاشارة الى ذلك في الدعاء 22 عند تفسير
« تقاضي به من حسناتي وتضاعف به من سيئاتي ».
أللّهُمَّ وَمَا تَعَدّيَا عَلَيّ فيِه مِنْ قَوْل ، أوْ
أسْرَفا عِلِيّ فِيٍه مِنْ فعٍل ، أوْ ضَيَّعاهُ لي مِنْ حَقّ ،
أوْ قَصّرا بي عنَْهُ مِنْ واجِبٍ ... فَقَدْ وهَبْئُهُ
لَهُمَا ، وَجُدْتُ بِهِ علَيْهِمَا ، وَرَغبتُ اليَك في
وَضْع تبَعتِه عَنْهمَا ، فانّي لا أتهّمُهُمَا ، عَلى نَفْسي ،
وَلا أستْبْطئُهُمَا في بِرّي ، وَلا أكْرهُ مَا تَولَياَهُ
مِنْ أمرْي يَارَبّ ؛ فهُمًا أوجبُ حَقاً عَلَيّ ،
وَأقْدم احْساناً الَيّ ، وأعظَمً منّةً لَدَيّ ...
مِنْ أنْ أقاَصّهُمَا بِعَدلٍ ، أوْ أجَازِيهُمَا عَلى سِئْلٍ.
أيْن اذاً يَا الَهي طُولُ شُغْلِهِما بترَبيَني ؟ وأيْنَ
شِدُةُ تَعَبهِمَا في حِراستي ؟ وأيْنَ اقْتَارُهُمَا
عَلى أنفْسِهمَا للتَوْسِعَة عَلَيّ ؟ ؛ هًيْهَاتَ مَا
يسَتْوفِيَانِ مِنّي حَقّهُمَا ، وَلا أدْركُ مَا يَحِبُ
عَلَيّ لَهُمَا ، وَلا أنَا بِقَاضٍ وَظيفَةَ خِدْمَتِهِمَا.
( أللهم وما تعديا علي فيه.. ) كما أوجب سبحانه حقوقاً للوالدين
على والولد ، أوجب أيضاَ حقوقاً له عليهما ، ومن أهمل وقصّر استحق اللوم
والعقاب والداً كان أو ولداً ، والامام السجاد ( ع ) يتجاور ويتنازل عما
(155)
افترضه الله له على أبويه ، وحملهما من حقه أياً كان نوعه ويكون ، وعبّر
عن هذا التسامح والتجاوز بقوله : ( وهبته لهما ... ) أسألك اللهم أن لا تؤاخذ
أبوي على أي شيئ يتصل بي من قريب أو بعيد ( فاني لا أتهمهما على نفسي ... )
هما عندي وفي عقيدتي من الناصحين المخلضين لا تواني منهما في ولا
تقصر ( ولا أكره ما توليا من أمري ) مهما أبي من المحبوب محبوب ،
والعكس بالعكس.
( فهما أوجب حقا علي واحساناً الي .... ) لي حق ولهما حق ، ولكن
حقهما اقدم وأعظم ( من أن أقاصهما بعدل ... ) لا مقاصة عادلة الامع
المساواة ، ولا مكان لها بين المنعم والمنعم عليه. ومن هنا يُقتل الولد بوالده ،
ولا يُقتل الوالد بالولد.
( أين اذن يا الهي طول شغلهما ... ) لقد تحملا الضيق والشدة لاعيش
في سعة ، والتعب والعناء لأكون في راحة ، والذل والهوان من أجل سعادتي
( هنهات ) بفتح التاء وكسرها وضمها : اسم فعل بمعنى بعد ( ما يستوفيان
حقهما ... ) أقر وأعبرف بالعجز عن القيام بحقهما مهما اجتهدت وبالغت ،
لأنه جسيم وعظيم.
وبعدُ ، فمن أراد أن يستدرك ما فرط من حق أبويه بعد موتهما ،
فليستغفر الله لهما ، ويقض دينهما ، ان كان عليهما شيء منه الله أو للناس
والا تصدق عنهما بما يستطيع. وفي الحديث : من الابرار يوم القيامة رجل
برّ والديه بعد موتهما.
فَصَلّ عَلى مُحمّدٍ وَآلِه ، وَأعِنّي يَا خيْرمَنْ
أسْتَعينُ بِهِ ، وَوَ فقْني يَا أهْدى مَنْ رُغبَ الَيْهِ ،
( 156)
وَلا تَجْعَلْني في العْقُوقِ للأباءِ وَألأمّهَاتِ يَوْمَ
تجزْى كُلّ نَفْسٍ بمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.
أللّهُمّ صَلّ عَلى مُحَمّدٍ وَآلهِ وَذُرّيّتِهِ ، وَاخْصُصْ
أبَويّ بأفْضلِ مَا خَصَصْتَ بِهِ آباء عِبَادك المُؤمنينَ
وَأمّهَاتِهِمْ ، يَا أرْحم الرّاحِمينَ.
( وأعني يا خير من أستعين به ... ) كل أدعية أهل البيت (ع)
ومناجاتهم ، تهدف الى طلب الهداية والعون والتوفيق للعلم بالحق والخير
والعمل بموجبه ، لأن التوفيق هو الأصل والمنطلق لكل نفع وصلاح دنيا
وأخرة ( ولا تجعلني في أهل العقوق ) : العصيان والتمرد ( للآباء والأمهات )
ولا أدري كيف يعق الولد والديه ، وهو على علم اليقين أنهما أرحم به من
نفسه ، وأنهما يضحيان بالنفس والنفيس من أجله ، ولا يجزي الاحسان بالاساءة
الا من فيه طبع الحية والعقرب.
( وصل على محمد وآله وذريته ) قيل : الذرية أخص من الآل ، لأن
الآل لكل ذي رخم ، والذرية للنسل فقط. ولكن المراد هنا العكس ، لأن
القصد من كلمة الآن في الصلاة عليه وعليهم ، المعصومون بالخصوص ،
أما الصلاة على الذرية فتعم كل مؤمن صالح من نسل الرسول الأعظم ( ص )
( واخصص أبوي بأفضل ) ما تخص به المقربين لديك.
أللّهُمّ لا تُنْسنِي ذِكْرَهُمَا في أدْبَار صَلَواتي ،
وفي انيً مِنْ آنَاءِ لَيْلي ، وفي كُلّ سَاعَةٍ مِنْ
سَاعَاتِ نَهَاري.
( 157)
أللّهُمّ صَلّ عَلى مُحَمّدٍ وَآلِهِ ؛ واغْفِرْ لي
بدُعَائي لهَما وَاغْفِرْ لَهُمَا بِبِرّهِمَا بي مَغْفِرةً
حَتْماً ؛ وَارْضَ عَنْهُما بِشَفاعتَي لهُما رضىً
عَزْماً ، وَبَلغْهُمَا بِالْكرامَةِ مَواطِنَ السّلامَةِ.
أللّهمّ وَانْ سَبَقَتْ مَغْفِرتُكَ لَهُمَا فَشَفَّعهُما
فيَّ ، وَانْ سَبَقَتْ لَهُمَا مَغْفرتُكَ لي فَشَعْني فِيهِما ،
حَتّى نَجْتْمِع بِرأفتِكَ في دارِ كَرامَتِكَ وَمَحَلّ
مَغْفْرتُكَ وَرَحْمَتِكَ.
إنّكَ ذُو الْفضلِ العْظِيمِ ، وَالمْنّ الْقديمِ ،
وَأنْتَ أرحْمُ الرّاحِمنَ.
( أللهم لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي ) كان الشعب العاملي ،
المعروف الآن بجنوب لبنان ، من أشد الناس ولاء لأهل البيت (ع) وأحرصهم
على حفظ مناقبهم وآثارهم ، وبخاصة الأدعية حيث يكررونها صباح مساء ،
وكان من عادة العامليين أن يقرأوا سورة الفاتحة بعد الصلاة ، يهدون ثوابها إلى الأبوين ، وما زال الكثير منهم على ذلك. وغير بعيد أن يكون المصدر هذا الدعاء بالذات ( وفي آناء من آناء ليلي وفي كل ساعة ... )
لا تنسني ذكرهما في أي وقت وحين.
( واغفر لي ... ) اجعل ثوابي عندك على البر بهما ، وثوابهما على
البر بي ـ مغفرتك ورحمتك لي ولهما ( حتماً ) : غفراناً محتوماً ( رضىّ
عزماً ) : معزوماً أي مقصوداُ ( وبلغهما بالكرامة ومواطن السلامة ) تكرم
(158)
عليهما بالجنة وتفضل ( وإن سبقت مغفرتك لهما ... ) إن تك منزلتهما
لديك أعلى وأرفع من مكانّي فارحمني بشفاعتهما ، وإن تك منزلتي أعلى
فارحمهما بشفاعتي ( حتى نجتمع ) في جنانك ، ونسعد برضوانك.
والخلاصة أن للوالدين حقوقاً تمتاز عن أكثر الحقوق حتى عن حق المؤمن
على المؤمن ولو كان الأبوان مشركين بنص القرآن الكريم : « وإن جاهداك
على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ـ
15 لقمان ».
أللّهُمّ وَمُنّ عَلَيَّ بَبقَاء وُلْدي ، وَبإصْلاحِهِم
لَي وَبِإمتاعَي بهِم ، إلهَي امْدُدْ لي في أعْمَارِهِمْ ،
وَزِدْ لي في آجَالهِم ْ ، وَرَبّ لي صَغيرَهُمْ ، وَقًوّ
لي ضَعِيفَهُمْ ، وَأصحّ لي أبدْانَهُمْ وأدْيَانَهُمْ
وَأخْلاقَهُمْ ، وعَافِهِم في أنْفٌسهِم وَفي جَوارِحهِم
وفي كُلّ ما عُنُيتُ بِهِ مِنْ أمْرهِمْ ، وَأدْرِر لي وَعلَىَ
يَدي أرْزاقَهُمْ ، وَاجْعلْهُم أبْراراُ أتْقياءَ بُصَراءَ
سَامعينَ مُطيعينَ لَكَ ، وَلأوْلِيَائكَ مُحبّينَ مُنَاصحينَ ،
وَلِجَميعِ أعْدَائِكَ مُعانِدينَ وَمُبَغِضينَ ؛ آمينَ ...
( أللهم ومنّ عليّ بيقاء ولدي ) يتمنى الوالد طول الحياة لولده ، لأنه
امتداد لوجوده وذكره وأجله وعمره ( وبإصلاحهم لي ) اجعلهم من أهل
الإيمان والصلاح كي يطيعوك شاكرين ، ويسمعوا مني غير عاصين
( وبامتناعي بهم ... ) أتقوى بهم في شيخوختي ، ويخدموني في ضعفي
وعليّ ( وربّ لي صغيرهم ) مدني بالعون من فضلك على تربيتهم تربية
صالحة نافعة.
(160)
التوكل في العمل لا في البطالة والكسل
( وقوّ لي ضعيفهم وأصح ... ) أسألك يا إلهي أن يكون أولادي بالكامل
اصحاء آقوياء وأبراراً أتقياء ... وليس معنى هذا أن يهمل الوالد شأن أولاده
بالمرة ، ويترك تدبير هم لله وهو واقف ينظر ويتفرج ، بل معناه أن يأخذ
للأمر هبته من أجلهم ويكافح بلا كلل وملل ، في سبيلهم متوكلاً على الله
مستعيناً به في التوفيق وبلوغ الغاية ، والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن
عملاً ، كيف وقد أمر بالجهاد والنضال وقال فيما قال : « اعملوا فسيرى
الله عملكم ـ 105 التوبة » وندد بمن يعيش كلا على سواه في الآية 76
من النحل.
وما من شك أن من ترك الكدح والعمل مع طاقته وقدرته بزعم الإتكال
على الله ـ فقد تمرد على أمره تعالى ، و وضع رأيه فوق مشيئة الخالق وإرادته
من حيث يريد أو لا يريد ، وتوابر عن الرسول الأعظم (ص) : ((إعقلها
وتوكل )) وقال حليم قديم : إن الله سبحانه أمرنا بالتوكل عليه في العمل
لا في البطالة والكسل. وبكلام آخر أن التربية من صنع الإنسان ، ولها أسس
وقوانين تماماً كالصناعة والزراعة وغيرهما ، والإمام (ع) في دعائه هذا
يسأل الله سبحانه أن يهد له السبيل إلى التنفيذ والقيام بما فرضه عليه من
تربية الأولاد والعناية بهم والكدح من أجنهم ، وسبق الكلام عن ذلك في
الدعاء رقم 20 وأيضاً قد يأتي بأسلوب ثالث أو رابع.