|
|||
(31)
وكان صلى الله عليه وآله يأكل البرد ويتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله ويقول إنه يذهب بأكلة الاسنان (1) ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما فلا يوجد لما أكل ريح.
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أكل الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا ، ثم مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه ، وكان لا يأكل وحده ما يمكنه وقال : ألا أنبئكم بشراركم ؟ قالوا : بلى قال من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده (2). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا شرب بدأ فسمى وحسا حسوة وحسوتين (3) ثم يقطع فيحمد الله ثم يعود فيسمي ثم يزيد في الثالثة ، ثم يقطع فيحمد الله فكان له في شربة ثلاث تسميات وثلاث تحميدات ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا ، ويقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الكباد من العب (4) وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يتنفس في الاناء إذا شرب فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن فيه حتى يتنفس ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام ، ويشرب في الاقداح التي يتخذ من الخشب ، وفي الجلود ، ويشرب في الخزف ويشرب بكفيه ، يصب فيهما الماء ويشرب ويقول : ليس إناء أطيب من الكف ويشرب من أفواه القرب والاداوي (5) ولا يختنثها اختناثا ويقول : إن اختناثها ينتنها (6). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشرب قائما وربما يشرب راكبا 1 ـ أكل وتأكل السن ، صار منخورا وسقط. 2 ـ الرفد : الضيف. 3 ـ الحسوة بالضم والفتح : الجرعة ، وحسا حسوا : شرب منه شيئا بعد شيء. 4 ـ الكباد بالضم : وجع الكبد. 5 ـ اداوي : جمع أدواة ، المطهرة وهي إناء صغير من جلد يتطهر ويشرب. 6 ـ الاختناث من خنث السقاء : كسر فمه وثناه إلى الخارج. (32)
وربما قام فشرب من القربة أو الجرة (1) أو الاداوة وفي كل إناء يجده وفي يديه.
وكان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن ويشرب السويق وكان أحب الاشربة إليه الحلو. وفي رواية : أحب الشراب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحلو البارد. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشرب الماء على العسل. وكان يماث له الخبز فيشربه أيضا. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة وربما كانت لبنا وربما كانت الشربة خبزا يماث فهيأتها له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات ليلة فاحتبس النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس ، فجاء ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد العشاء بساعة فسألت بعض من كان معه : هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد ؟ فقال : لا ، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله خوف أن يطلبها مني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا يجدها ، فيبيت جائعا فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة. ولقد قرب إليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن يساره ، فشرب ثم قال لعبدالله بن عباس : إن الشربة لك أفتأذن أن أعطي خالد بن الوليد ـ يزيد الاسن ـ ؟ فقال ابن عباس : لا والله لا اوثر بفضل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحدا ، فتناول ابن عباس القدح فشربه. ولقد جاءه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال : شربتان في شربة وإناءان في إناء واحد ، فأبى أن يشربه ثم قال : ما احرمه ولكني أكره الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا واحب التواضع ، فإن من تواضع لله رفعه الله. وكان صلى الله عليه وآله إذا غسل رأسه ولحيته غسلهما بالسدر. 1 ـ الجرة المرة من الجر : إناء من خزف له بطن كبير ، وعروتان ، وفم واسع. (33)
في دهنه صلى الله عليه وآله
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحب الدهن ويكره الشعث ويقول : إن الدهن يذهب بالبؤس (1). وكان يدهن بأصناف من الدهن. وكان إذا ادهن بدأ برأسه ولحيته ويقول : إن الرأس قبل اللحية. وكان يدهن بالبنفسج ويقول : هو أفضل الادهان. وكان صلى الله عليه وآله إذا ادهن بدأ بحاجبيه ثم بشاربيه ثم يدخله في أنفه ويشمه ثم يدهن رأسه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدهن حاجبيه من الصداع ويدهن شاربيه بدهن سوى دهن لحيته.
في تسريحه صلى الله عليه وآله
وكان صلى الله عليه وآله يتمشط ويرجل رأسه بالمدرى (2) وترجله نساؤه وتتفقد نساؤه تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن المشاطة ، فيقال : إن الشعر الذي في أيدي الناس من تلك المشاطات ، فأما ما حلق في عمرته وحجته فإن جبريل ( عليه السلام ) كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء. ولربما سرح لحيته في اليوم مرتين. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يضع المشط تحت وسادته إذا تمشط به ويقول : إن المشط يذهب بالوباء. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول : إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم. وفي رواية عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه داء أبدا.
في طيبه صلى الله عليه وآله
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفرقه (3). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب
1 ـ الشعث : تلبد الشعر ، ومنه رجل أشعث وامرأة شعثاء ، وأصله الانتشار والتفرق. 2 ـ المدرى : نوع من المشط ، يقال درى الرأس : حكه بالمدرى. 3 ـ وبيصه : من وبص وبصا : لمع وبرق والمفرق : موضع افتراق الشعر كالفرق. ( مكارم الاخلاق ـ 3 ) (34)
بذكور الطيب (1) وهو المسك والعنبر. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يطيب بالغالية تطيبه بها نساؤه بأيديهن. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستجمر بالعود القماري (2). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بالطيب. فيقال : هذا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينفق على الطيب أكثر من ينفق على الطعام. وقال الباقر ( عليه السلام ) : كان في رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثلاث خصال لم تكن في أحد غيره : لم يكن له فئ. وكان لا يمر في طريق فيمر فيه أحد بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له. وكان لا يعرض عليه طيب إلا تطيب به ويقول : هو طيب ريحه خفيف حمله ، وإن لم يتطيب وضع إصبعه في ذلك الطيب ثم لعق منه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : جعل الله لذتي في النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة والصوم. في تكحله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين. وقال : من شاء اكتحل ثلاثا وكل حين. ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج. وربما اكتحل وهو صائم. وكانت له مكحلة يكتحل بها بالليل. وكان كحله الاثمد.
في نظره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المرآة
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينظر في المرآة ويرجل جمته (3) ويتمشط. وربما نظر في الماء وسوى جمته فيه. ولقد كان يتجمل لاصحابه فضلا عن تجمله لاهله.
وقال ذلك لعائشة ، حين رأته ينظر في ركوة (4) فيها ماء في حجرتها ويسوي فيها جمته وهو يخرج إلى أصحابه ، فقالت : بأبي أنت وأمي تتمرأ (5) في الركوة 1 ـ الذكارة والذكورة : ما يصلح للرجل. وهو ما لا لون له كالمسك والعنبر والعود. 2 ـ القمارى بالفتح : نوع من عود منسوب إلى القمار ، وهو موضع. 3 ـ الجمة بالضم : مجتمع شعر الرأس. 4 ـ الركوة : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. 5 ـ من الرؤية والميم زائدة ، أي تنظر. (35)
وتسوي جمتك وأنت النبي وخير خلقه ؟ فقال : إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل.
في اطلائه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يطلى فيطليه من يطليه حتى إذا بلغ ما تحت الازار تولاه بنفسه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن والمكحلة والمقراض والمسواك والمشط. وفي رواية يكون معه الخيوط والابرة والمخصف والسيور فيخيط ثيابه ويخصف نعله. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا استاك إستاك عرضا (1)
في لباسه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس الشملة ويأتزر بها ويلبس النمرة ويأتزر بها أيضا (2) فتحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما يبدو من ساقيه وقدميه. وقيل : لقد قبضه الله جل وعلا وإن له لنمرة تنسج في بني عبدالاشهل ليلبسها ( صلى الله عليه وآله وسلم ). وربما كان يصلي بالناس وهو لابس الشملة. وقال أنس : ربما رأيته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلي بنا الظهر في شملة عاقدا طرفيها بين كتفيه.
في عمامته وقلنسوته ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس القلانس تحت العمائم ويلبس القلانس بغير العمائم ، والعمائم بغير القلانس.
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس البرطلة (3) وكان يلبس من القلانس اليمنية ومن البيض (4) 1 ـ استاك استياكا : أي تدلك بالمسواك. 2 ـ الشملة : كساء دون القطيفة يشتمل به. والنمرة بالفتح والكسر : شملة أو بردة من صوف فيها خطوط بيض وسود. 3 ـ البرطلة : قلنسوة طويلة وفي بعض النسخ البرطل. 4 ـ البيض : الخوذة وهو من آلات الحرب لوقاية الرأس. (36)
المصرية ويلبس القلانس ذوات الاذان في الحرب ومنها يكون من السيجان (1) الخضر وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه يصلي إليها. وكان صلى الله عليه وآله كثيرا ما يتعمم بعمائم الخز السود في أسفاره وغيرها ويعتجر اعتجارا (2) وربما لم تكن له العمامة فيشد العصابة على رأسه أو على جبهته وكان شد العصابة من فعاله كثيرا ما يرى عليه وكانت له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمامة يعتم بها يقال لها : السحاب ، فكساها عليا ( عليه السلام ) وكان ربما طلع علي فيها فيقول : أتاكم علي تحت السحاب يعني عمامته التي وهبها له.
وقالت عائشة : ولقد لبس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جبة صوف وعمامة صوف ثم خرج فخطب الناس على المنبر ، فما رأيت شيئا مما خلق الله تعالى أحسن منه فيها. في كيفية لبسه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا لبس ثوبا جديدا قال : الحمد لله الذي كساني ما يواري عورتي وأتجمل به في الناس. وكان إذا نزعه نزع من مياسره أولا. وكان من أفعاله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا لبس الثوب الجديد حمد الله ثم يدعو مسكينا فيعطيه القديم ثم يقول : ما من مسلم يكسو مسلما من شمل ثيابه لا يكسوه إلا لله عزوجل إلا كان في ضمان الله عز وجل وحرزه وخيره وأمانه ، حيا وميتا. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا لبس ثيابه واستوى قائما قبل أن يخرج قال : اللهم بك استترت وإليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهمني وما لا أهتم به وما انت أعلم به مني عز جارك وجل ثناءك ولا إله غيرك ، اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير حيثما توجهت ثم يندفع لحاجته. وكان له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثوبان للجمعة خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة. وكانت له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرقة ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء وربما لم يكن مع المنديل فيمسح وجهه بطرف الرداء الذي يكون عليه.
1 ـ السيجان جمع الساج : الطيلسان الواسع المدور. 2 ـ إعتجر : لف عمامته. والاعتجار : لبس العمامة دون التلحي وهو أن يلفيها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه. (37)
في خاتمه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبس خاتما من فضة وكان فصه حبشيا فجعل الفص مما يلي بطن الكف. ولبس خاتما من حديد ملويا عليه وفضة أهداها له معاذ بن جبل فيه محمد رسول الله ، ولبس خاتمه في يده اليمنى ثم نقله إلى شماله ، وكان خاتمه الاخر الذي قبض وهو في يده خاتم فضة فصة فضة ظاهرا كما يلبس الناس خواتيمهم وفيه محمد رسول الله.
وكان يستنجئ بيساره وهو فيها ويروى أنه لم يزل كان في يمينه إلى أن قبض. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ربما جعل خاتمه في إصبعه الوسطى في المفصل الثاني منها. وربما لبسه كذلك في الاصبع التي تلي الابهام. وكان ربما خرج على أصحابه وفي خاتمه خيط مربوط ليستذكر به الشيء. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يختم بخواتيمه على الكتب ويقول الخاتم على الكتاب حرز من التهمة. في نعله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس النعلين بقبالين (1) وكانت مخصرة (2) معقبة حسنة التخصير مما يلي مقدم العقب مستوية ليست بملسنة وكان منها ما يكون في موضع الشيء الخارج قليلا. وكان كثيرا ما يلبس السبتية (3) التي ليس لها شعر. وكان إذا لبس بدأ باليمنى وإذا خلع بدأ باليسرى. وكان يأمر بلبس النعلين جميعا وتركها جميعا كراهة أن يلبس واحدة دون اخرى. وكان يلبس من الخفاف من كل ضرب.
في فراشه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان فراشه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي قبض وهو عنده من أشمال وادى القرى محشوا وبرا وقيل : كان طوله ذراعين أو نحوهما وعرضه ذراع وشبر.
1 ـ القبال بالكسر : زمام النعل. 2 ـ مخصرة : أي مستدقة الوسط ، وكانت نعله مخصرة أي لها دقة في الوسط ، وكانت معقبة أي جعل لها العقب ، غير ملسنة : أي ما جعلت شبيهة باللسان في دقة مقدمه. 3 ـ السبت : الجلد المدبوغ. (38)
عن علي ( عليه السلام ) : كان فراش رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عباءة. وكانت مرفقته (1) أدم حشوها ليف. فثنيت ذات ليلة ، فلما أصبح قال : لقد منعني الليلة الفراش الصلاة فأمر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يجعل له بطاق واحد. وكان له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فراش من أدم حشوه ليف ، وكانت له عباءة تفرش له حيثما انتقل وتثنى ثنتين. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كثيرا ما يتوسد وسادة له من أدم حشوها ليف ويجلس عليها. وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتحنشع بها ، وكانت له قطيفة مصرية قصيرة الخمل (2) ، وكان له بساط من شعر يجلس عليه وربما صلى عليه.
في نومه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينام على الحصير ليس تحته شيء غيره. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أوى إلى فراشه اضطجع على شقه الايمن ووضع يده اليمنى تحت خده الايمن ، ثم يقول : أللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.
في دعائه عند مضجعه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان له أصناف من الدعوات يدعو بها إذا أخذ مضجعه ، فمنها أنه كان يقول : اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك ، اللهم إني لا أستطيع أن أبلغ في الثناء عليك ولو حرصت أنت كما أثنيت على نفسك.
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول عند منامه : بسم الله أموت وأحيا وإلى الله المصير ، اللهم آمن روعتي واستر عورتي وأدعني أمانتي. ما يقول عند نومه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
كان يقرأ آية الكرسي عند منامه ويقول : أتاني جبرئيل فقال : يا محمد إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي.
1 ـ المرفقة : المخدة. 2 ـ الخمل بالفتح : ما يكون كالزغب على القطيفة والثوب ونحوهما وهو من أصل النسيج. (39)
ما يقول عند اسيتقاظه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ما استيقظ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من نوم إلا خر لله ساجدا. وروي أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا نهض بدأ بالسواك.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي. وكان مما يقول إذا استيقظ : الحمد لله الذي أحياني بعد موتي إن ربي لغفور شكور. وكان يقول : اللهم إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته ، اللهم إني أسألك خيره وخير ما فيه وأعوذ بك من شره وشر ما بعده. في سواكه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستاك كل ليلة ثلاث مرات : مرة قبل نومه ومرة إذا قام من نومه إلى ورده ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح. وكان يستاك بالاراك ، أمره بذلك جبرئيل ( عليه السلام ).
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إني لاكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يأت بها. (40)
الباب الثاني
روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أميرالمؤمين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : تنظفوا بالماء من الرائحة المنتنة فإن الله تعالى يبغض من عباده القاذورة. وعنه ( عليه السلام ) قال : غسل الثياب يذهب الهم وهو طهور للصلاة. وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لانس : يا أنس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك ، فإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل ، فإنك تكون إذا مت على طهارة مت شهيدا.
في آداب التنظيف والتطييب والتكحل والتدهن والسواك ثلاثة فصول الفصل الاول في التنظيف والتطييب وما يجري مجراه في التنظيف من كتاب روضة الواعظين قال الصادق ( عليه السلام ) : من توضأ وتمندل كتب له حسنة ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوئه كتب له ثلاثون حسنة. عن علي بن أسباط قال : سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) يقول : أربع من أخلاق الانبياء : التطيب والتنظف وحلق الجسد بالنورة وكثرة الطروقة (1). 1 ـ الطروقة : فعولة من طرق النحل الناقة أي ضربها ، وكل امرأة طروقة بعلها ويمكن أن يراد بها الملاعبة. (41)
في التطيب
عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : الرائحة الطيبة تشد القلب.
من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي (1) قال الصادق ( عليه السلام ) : إن الله تعالى يحب الجمال والتجمل ويكره البؤس والتبأس وإن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى عليه أثرها ، قيل : وكيف ذلك ؟ قال : ينظف ثوبه ويطيب ريحه ويجصص داره ويكنس أفنيته (2) ، حتى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ويزيد في الرزق. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : أربع من سنن المرسلين : السواك والحناء والطيب والنساء. عنه ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب في كل جمعة ، فإذا لم يجد أخذ بعض خمر (3) نسائه فرشه بالماء ويمسح به. عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما نلت من دنياكم هذه إلا النساء والطيب. وعنه ( عليه السلام ) قال : ما أنفقت في الطيب فليس بسرف. وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا أتى أحدكم بريحان فليشمه وليضعه على عينيه فإنه من الجنة. من الروضة قال مالك الجهني : ناولت أبا عبد الله شيئا من الرياحين فأخذه 1 ـ هو أبوجعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفى سنة 460 ه. كان من أجل علماء الشيعة في القرن الخامس ، الملقب بشيخ الطائفة ، صاحب التهذيب والاستبصار من الكتب الاربعة وكان من تلامذة المفيد ( ره ) والسيد المرتضى ( ره ) قدم العراق في سنة 408 ه. وأقام ببغداد واشتغل بها ، ثم انتقل إلى النجف الاشرف واستوطن بها إلى أن توفي ودفن في داره ، وقبره مزار معروف في المسجد الموسوم بالمسجد الطوسي. 2 الافنية جمع فناء : فضاء البيت وأمامه ومنه الخبر إكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود. 3 ـ الخمر جمع خمار مثل كتب وكتاب : وهو ثوب تغطي به المرأة رأسها. (42)
فشمه ووضعه على عينيه ثم قال : من تناول ريحانة فشمها ووضعها على عينيه ثم قال :
اللهم صل على محمد وآل محمد ، لم تقع على الارض حتى يغفر له.
وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : إذا ناول أحدكم أخاه ريحانا فلا يرده ، فإنه خرج من الجنة. من صحيفة الرضا ( عليه السلام ) عنه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : التطيب نشرة والغسل نشرة والنظر إلى الخضرة نشرة والركوب نشرة (1). عن الرضا ( عليه السلام ) : كان يعرف موضع جعفر ( عليه السلام ) في المسجد بطيب ريحه وموضع سجوده. وقال الرضا ( عليه السلام ) : من أخلاق الانبياء عليهم السلام التطيب. وقال الصادق ( عليه السلام ) : ركعتان يصليهما متعطرا أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير متعطر. وعنه ( عليه السلام ) قال : ثلاثة من النبوة : طم الشعر (2) وطيب الريح وكثرة الطروقة. عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام إنهما سئلا عن الرجل يرد الطيب ؟ فقالا : لا ترد الكرامة. وعنه ( عليه السلام ) لا يأبى الكرامة إلا الحمار ، يعني الذي عقله مثل عقل الحمار. وعنه ( عليه السلام ) قال : الطيب في الشارب من أخلاق الانبياة وكرامة الكاتبين. وعنه ( عليه السلام ) قال : كانت للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مسكة إذا هو يتوضأ أخذها بيده وهي رطبة فكان إذا خرج عرفوا أنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ). عن الرضا ( عليه السلام ) قال : كان لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) مشكدانة (3) من رصاص معلقة فيها مسك ، فإذا أراد أن يخرج ولبس ثيابه تناولها وأخرج منها فمسح به. ومن كتاب عيون الاخبار روى الصولي عن جدته وكانت تسأل عن أمر الرضا 1 ـ النشرة بالضم : رقية يعالج بها المجنون والمريض. أو من النشر بمعنى الحياة. 2 ـ طم الشعر : جزه أو عقصه. وفي بعض النسخ ضم الشعر. 3 ـ مشكدانة فارسي. وفي بعض النسخ وشاندانة. (43)
( عليه السلام ) كثيرا فتقول : ما أذكر منه شيئا إلا أني كنت أراه يتبخر بالعود الهندي النئ ويستعمل بعده ماء ورد ومسكا تمام الخبر.
من مسموعات السيد ناصح الدين أبي البركات قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية وأطيب الطيب المسك. قال الصادق ( عليه السلام ) : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ينفق على الطيب أكثر ما ينفق على الطعام. وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : يا علي عليك بالطيب في كل جمعة ، فإنه من سنتي وتكتب لك حسناته مادام يوجد منك رائحته. وعنه ( عليه السلام ) قال : ينبغي للرجل أن لا يدع أن يمس شيئا من طيب في كل يوم فإن لم يقدر فيوم ويوم لا فإن لم يقدر ففي كل جمعة لا يدع ذلك. عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أيما إمرأة تطيبت ، ثم خرجت من بيتها فهي تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت. في التجمير
عن مرازم قال : دخلت أبي الحسن ( عليه السلام ) الحمام ، فلما خرج إلى المسلخ دعا بمجمر فتجمر (1) ، ثم قال : جمروا مرازما قال : قلت من أراد أن يأخذ نصيبه يأخذ ؟
قال : نعم. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ينبغي للرجل أن يدخن ثيابه إذا كان يقدر. عن عمير بن مأمون ـ وكانت ابنته عمير تحت الحسن ( عليه السلام ) ـ قال : قالت : دعا ابن الزبير الحسن إلى وليمة فنهض الحسن ( عليه السلام ) وكان صائما فقال له ابن الزبير : كما أنت حتى نتحفك بتحفة الصائم : ، فدهن لحيته وجمر ثيابه. وقال الحسن ( عليه السلام ) : وكذلك تحفة المرأة تمشط وتجمر ثوبها. 1 ـ المسلخ : موضع نزع اللباس للدخول إلى الحمام. والمجمرة والمجمر : ما يوضع فيه الجمر يعني النار. وأجمر الثوب : نجره بالطيب. (44)
عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : طيب النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه وطيب الرجال ما خفي لونه وظهر ريحه.
إلى هنا من هذا الباب مختارة من كتاب اللباس المنسوب إلى العياشي رحمة الله عليه (1). في الورد وماء الورد
من كتاب طب الائمة (2) عن الحسن بن منذر يرفعه قال : لما أسرى بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى السماء حزنت الارض لفقده وأنبتت الكبر (3) فلما رجع إلى الارض فرحت فأنبتت الورد ، فمن أراد أن يشم رائحة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فليشم الورد.
وفي حديث آخر لما عرج بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عرق فتقطر عرقه إلى الارض فأنبتت من العرق الورد الاحمر ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الاحمر. عن الفردوس عن أنس قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الورد الابيض خلق من عرقي ليلة المعراج والورد الاحمر خلق من عرق جبريل والورد الاصفر خلق من البراق. وروي عنه ( عليه السلام ) قال : إن ماء الورد يزيد في ماء الوجه وينفي الفقر. وروى الثمالي عنه ( عليه السلام ) أنه قال : من مسح وجهه بماء الورد لم يصبه في ذلك 1 ـ هو أبونضر محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السمرقندي المعروف بالعياشي صاحب التفسير المشهور بالتفسير العياشي ، كان رحمه الله من الفقهاء الشيعة وعلمائهم في القرن الرابع ، المعاصر للشيخ الكليني ( ره ) وقيل في حقه : إنه أوحد دهره وأكبر أهل المشرق علما وفضلا وأدبا وفهما ونبلا في زمانه. وأنفق جميع تركة أبيه ـ وكانت ثلاثمائة ألف دينار ـ على العلم والحديث ، كانت داره مملوة من الناس كالمسجد بين ناسخ أو قار أو مقابل أو معلق وكان له مجلس للخاص ومجلس للعام وكان في أول عمره عامي على مذهب أهل السنة ثم تبصر وعاد إلى مذهب الشيعة الامامية وصنف كتبا كثيرة. 2 ـ من مؤلفات حسين بن بسطام بن سابور الزيات كان من أكابر علماء الامامية ومحدثيهم وأجلاء رواة أخبارهم. 3 ـ الكبر بفتحتين : شجر الاصف. (45)
اليوم بؤس ولا فقر. ومن أراد التمسح بماء الورد فليمسح به وجهه ويديه وليحمد ربه وليصل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
عن الحسن بن علي ( عليه السلام ) أنه قال : حباني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكلتا يديه بالورد وقال : هذا سيد ريحان أهل الدنيا والاخرة. في النرجس
روى الحسن بن المنذر رفعه قال : للنرجس فضائل كثيرة في شمه ودهنه. ولما أضرمت النار لابراهيم ( عليه السلام ) فجعلها الله عزوجل عليه بردا وسلاما ، أنبت الله تبارك وتعالى في تلك النار النرجس فأصل النرجس مما أنبته الله عزوجل في ذلك الزمان.
في المرز نجوش
عن أنس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليكم بالمرز نجوش فشموه ، فإنه جيد للخشام (1). وعنه قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا رفع إليه الريحان شمه ورده إلا المرز نجوش ، فإنه كان لا يرده.
عن الكاظم ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : نعم الريحان المرز نجوش ، نبت تحت ساق العرش وماؤه شفاء العين. من كتاب من لا يحضره الفقيه (2) عن الباقر ( عليه السلام ) قال : الاكتحال بالاثمد ينبت الاشفار ويحد البصر ويعين على طول السهر. 1 ـ الخشام : الانف. 2 ـ من الكتب الاربعة للشيعة من مؤلفات الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المتوفى سنة 381 في بلدة الري والمدفون فيها. |
|||
|