|
|||
(451)
بهم ويمسخهم قردة وخنازير. قال : فبكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبكينا لبكائه وقلنا : يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال : رحمة للاشقياء ، يقول الله تعالى : ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب ). يعني العلماء والفقهاء.
يا ابن مسعود : من نعلم العلم يريد به الدنيا وآثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب سخط الله عليه وكان في الدرك الاسفل من النار مع اليهود والنصارى الذين نبذوا كتاب الله تعالى ، قال الله تعالى : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ). يا ابن مسعود : من تعلم القرآن للدنيا وزينتها حرم الله عليه الجنة. يا ابن مسعود : من تعلم العلم ولم تعمل بما فيه حشره الله يوم القيامة أعمى. ومن تعلم العلم رئاء وسمعة يريد به الدنيا نزع الله بركته وضيق عليه معيشته ووكله الله إلى نفسه ، ومن وكله الله إلى نفسه فقد هلك ، قال الله تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ). يا ابن مسعود : فليكن جلساؤك الابرار وإخوانك الاتقياء والزهاد ، لان الله تعالى قال في كتابه : الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين. يا ابن مسعود : إعلم أنهم يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا ففي ذلك يطبع الله على قلوبهم فلا يكون فيهم الشاهد بالحق ولا القوامون بالقسط ، قال الله تعالى : كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والاقربين. يا ابن مسعود : يتفاضلون بأحسابهم و أموالهم ، يقول الله تعالى : وما لاحد عنده من نعمة تجزى ، إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى ، ولسوف يرضى. يا ابن مسعود : عليك بخشية الله تعالى وأداء الفرائض ، فإنه يقول : هو أهل التقوى وأهل المغفرة. ويقول : رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه. يا ابن مسعود : دع عنك ما لا يغنيك و عليك بما يغنيك ، فإن الله تعالى يقول : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ). يا ابن مسعود : إياك أن تدع طاعة الله وتقصد معصيته شفقة على أهلك ، لانه الله تعالى يقول : يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ، إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. يا ابن مسعود : إحذر الدنيا ولذاتها وشهواتها و زينتها وأكل الحرام والذهب (452)
والفضة والركب والنساء ، فإنه سبحانه يقول : زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ، قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد.
ياابن مسعود : لا تغترن بالله ولا تغترن بصلاحك وعلمك وعملك وبرك وعبادتك. ياابن مسعود : إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي فرددها نظرا وإعتبارا فيها ولا تسه عن ذلك ، فإن نهيه يدل على ترك المعاصي وأمره يدل على عمل البر والصلاح ، فإن الله تعالى يقول : فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. ياابن مسعود : لا تحقرن ذنبا ولا تصغرنه واجتنب الكبائر ، فإن العبد إذا نظر يوم القيامة إلب ذنوبه دمعت عيناه قيحا ودما ، يقول الله تعالى : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا. ياابن مسعود : إذا قيل لك : اتق الله فلا تغضب ، فإنه يقول : وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم. ياابن مسعود : قصر أملك ، فإذا أصبحت فقل : إني لا أمسي ، وإذا أمسيت فقل : إني لا أصبح. واعزم على مفارقة الدنيا وأحب لقاء الله ولا تكره لقاءه ، فإن الله يحب لقاء من يحب لقاءه ويكره لقاء من يكره لقاءه. ياابن مسعود : لا تغرس الاشجار ولا تجر الانهار ولا تزخرف البنيان ولا تتخذ الحيطان والبستان ، فإن الله تعالى يقول : ألهاكم التكاثر. ياابن مسعود : والذي بعثني بالحق ليأتي علبى الناس زمان يستحلون الخمر ويسمونه النبيذ. عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أنا منهم برئ وهم مني برآء. ياابن مسعود : الزاني بامه أهون عندالله ممن يدخل في ماله من الربا مثقال حبة من خردل. ومن شرب المسكر قليلا كان أو كثيرا فهو أشد عند الله من آكل الربا ، لانه مفتاح كل شر. يا ابن مسعود : اولئك يظلمون الابرار ويصدقون الفجار [ والفسقة ] ، الحق (453)
عندهم باطل والباطل عندهم حق هذا كله للدنيا وهم يعلمون أنهم على غير الحق ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ، رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون اولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون.
ياابن مسعود : قال تعالى : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ، وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ، حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين. ياابن مسعود : إنهم ليعيبون على من يقتدي بسنتي وفرائض الله ، قال الله تعالى : فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ، إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون. ياابن مسعود : إحذر سكر الخطيئة ، فإن للخطيئة سكرا كسكر الشراب بل هي أشد سكرا منه ، يقول الله تعالى : صم بكم عمي فهم لا يرجعون. ويقول : إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ، وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا. ياابن مسعود : الدنيا ملعونة ، ملعون من فيها وملعون من طلبها وأحبها ونصب لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى : كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام. وقوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ). ياابن مسعود : إذا عملت عملا فاعمله لله خالصا ، لانه لا يقبل من عباده الاعمال إلا ما كان له خالصا ، فإنه يقول : وما لاحد عنده من نعمة تجزى ، إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى ، ولسوف يرضى. ياابن مسعود : دع نعيم الدنيا وأكلها وحلاوتها وحارها وباردها ولينها وطيبها والزم نفسك الصبر عنها ، فإنك مسؤل عن هذا كله ، قال الله تعالى : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم. ياابن مسعود : لا تلهينك الدنيا وشهواتها ، فإن الله تعالى يقول : « أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ). ياابن مسعود : إذا عملت عملا من البر وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا ، فإنه يقول : فلا نقيم له يوم القيامة وزنا. (454)
يا ابن مسعود : إذا مدحك الناس فقالوا : إنك تصوم النهار وتقوم الليل وأنت على غير ذلك فلا تفرح بذلك ، فإن الله تعالى يقول : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم.
يا ابن مسعود : أكثر من الصالحات والبر ، فإن المحسن والمسئ يندمان ، يقول المحسن : يا ليتني ازددت من الحسنات. ويقول المسئ : قصرت ، وتصديق ذلك قوله تعالى : ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ). يا ابن مسعود : لا تقدم الذنب ولا تؤخر التوبة ولكن قدم التوبة وأخر الذنب فإن الله تعالى يقول في كتابه : بل يريد الانسان ليفجر أمامه. يا ابن مسعود : إياك أن تسن سنة بدعة ، فإن العبد إذا سن سنة سيئة لحقه وزرها ووزرها من عمل بها ، قال الله تعالى : ونكتب ما قدموا وآثارهم. وقال سبحانه : ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر. يا ابن مسعود : لا تركن إلى الدنيا ولا تطمئن إليها فستفارقها عن قليل ، فإن الله تعالى يقول : فأخرجناهم من جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم. يا ابن مسعود : تذكر القرون الماضية والملوك الجبابرة الذين مضوا ، فإن الله يقول : ( وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ). يا ابن مسعود : إياك والذنب سرا وعلانية ، صغيرا وكبيرا ، فإن الله تعالى حيثما كنت يراك و هو معكم أينما كنتم. ياابن مسعود : اتق الله في السر والعلانية والبر والبحر والليل والنهار ، فإنه يقول : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا. ياابن مسعود : إتخذ الشيطان عدوا ، فإن الله تعالى يقول : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ). ويقول عن إبليس : ( ثم لاتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ). ويقول : فالحق والحق أقول لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. يا ابن مسعود : لا تأكل الحرام ولا تلبس الحرام ولا تأخذ من الحرام ولا تعص الله ، لان الله تعالى يقول لابليس : واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم (455)
بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا.
وقال : فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. ياابن مسعود : خف الله في السر والعلانية ، فإن الله تعالى يقول : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ). ولا تؤثرن الحياة الدنيا على الاخرة باللذات والشهوات ، فإنه تعالى يقول في كتابه : ( فأما من طغى ، وآثر الحيوة الدنيا ، فإن الجحيم هي المأوى ) يعني الدنيا الملعونة والملعون ما فيها إلا ما كان لله. ياابن مسعود : لا تخونن أحدا في مال يضعه عندك أو أمانة ائتمنك عليها ، فإن الله تعالى يقول : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ). ياابن مسعود : لا تتكلم بالعلم إلا بشيء سمعته ورأيته ، فإن الله تعالى يقول : ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا. وقال : ستكتب شهادتهم ويسئلون. وقال : وإذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قوله إلا لديه رقيب وعتيد. وقال : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ). ياابن مسعود : لا تهتم للرزق ، فإن الله تعالى يقول : وما من دابة في الارض إلا على الله رزقها. وقال : وفي السماء رزقكم وما توعدون. وقال : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير. ياابن مسعود : والذي بعثني بالحق [ نبيا ] إن من يدع الدنيا ويقبل على تجارة الاخرة ، فإن الله تعالى يتجر له من وراء ، قال الله تعالى : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار. فقال ابن مسعود : بأبي أنت وأمي يا رسول الله كيف لي بتجارة الاخرة ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تريحن لسانك عن ذكرالله ، وذلك أن تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فهذه التجارة المربحة. وقال الله تعالى : يرجون تجارة لن تبور ، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله. ياابن مسعود : كل ما أبصرته بعينك واستخلاه قلبك فاجعله لله فذلك تجارة الاخرة ، لان الله يقول : ما عندكم ينفذ وما عند الله باق. ياابن مسعود : إذا تكلمت بلا إله إلا الله ولم تعرف حقها فإنه مردود عليك. (456)
ولا يزال يقول : لا إله إلا الله إلا أن يرد غضب الله عن العباد حتى إذا لم ينالوا ما ينقص من دينهم بعد إذ سلمت دنياهم ، يقول الله تعالى : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه.
ياابن مسعود : أحب الصالحين ، فإن المرء مع من أحب ، فإن لم تقدر على أعمال البر فأحب العلماء ، فإنه يقول : من يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. ياابن مسعود : إياك أن تشرك بالله طرفة عين وإن نشرت بالمنشار أو قطعت أو صلبت أو أحرقت بالنار ، يقول الله تعالى : والذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم. ياابن مسعود : إصبر مع الذين يذكرون الله ويسبحونه ويهللونه ويحمدونه ويعملون بطاعته ويدعونه بكرة وعشيا ، فإن الله تعالى يقول : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم. ياابن مسعود : لا تختر على ذكر الله شيئا ، فإن الله يقول : ( ولذكر الله أكبر ). ويقول : فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون. ويقول : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ويقول : ادعوني أستجب لكم. ياابن مسعود : عليك بالسكينة والوقار وكن سهلا لينا عفيفا مسلما تقيا نقيا بار طاهرا مطهرا صادقا خالصا سليما صحيحا لبيبا صالحا صبورا شكورا مؤمنا ورعا عابدا زاهدا رحيما عالما فقيها ، يقول الله تعالى : إن إبراهيم لحليم أواه منيب. وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ، وقولوا للناس حسنا ، وإذا مروا باللغو مروا كراما ، [ والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ] ، والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ، اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ، خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما. وقال الله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ، والذين هم عن اللغو معرضون ، والذين هم للزكاة فاعلون ، والذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك (457)
هم العادون ، والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون ، والذين هم على صلواتهم يحافظون ، اولئك هن الوارثون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ). وقال الله تعالى : اولئك في جنات مكرمون. وقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) إلى قوله : اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم.
ياابن مسعود : لا تحملنك الشفقة على أهلك وولدك على الدخول في المعاصي والحرام ، فإن الله تعالى يقول : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ). وعليك بذكر الله والعمل الصالح ، فإن الله تعالى يقول : ( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ). ياابن مسعود : لا تكونن ممن يهدي الناس إلى الخير ويأمرهم بالخير وهو غافل عنه ، يقول الله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ). ياابن مسعود : عليك بحفظ لسانك ، فإن الله تعالى يقول : ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ). ياابن مسعود : عليك بإصلاح السريرة ، فإن الله تعالى يقول : ( يوم تبلي السرائر فما له من قوة ولا ناصر ). ياابن مسعود : إحذر يوما تنشر فيه الصحائف وتظهر فيه الفضائح ، فإنه تعالى يقول : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ). ياابن مسعود : اخش الله بالغيب كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ويقول الله تعالى : ( من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ، ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ). ياابن مسعود : أنصف الناس من نفسك وانصح الامة وارحمهم ، فإذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة أنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك ، يقول الله تعالى : ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ). ياابن مسعود : إياك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للادميين وأنت فيما بينك وبين ربك مصر على المعاصي والذنوب ، يقول الله تعالى : ( يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ). ياابن مسعود : لا تكن ممن يشدد على الناس ويخفف عن نفسه ، يقول الله تعالى : (458)
( لم تقولون ما لا تفعلون ).
يا ابن مسعود : إذا عملت عملا فاعمل بعلم وعقل ، وإياك وأن تعمل عملا بغير تدبر وعلم ، فإنه جل جلاله يقول : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. ياابن مسعود : عليك بالصدق ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا وأنصف الناس من نفسك وأحسن ، وادع الناس إلى الاحسان ، وصل رحمك ، ولا تمكر بالناس ، وأوف الناس بما عاهدتهم ، فإن الله تعالى يقول : ( إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ). يقول مولاي أبي طول الله عمره الفضل بن الحسن : هذه الاوراق من وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابي ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ التي أخبرني بها الشيخ المفيد أبوالوفاء عبد الجبار بن عبد الله المقرئ الرازي والشيخ الاجل الحسن بن الحسين بن الحسن أبي جعفر محمد بن بابويه ـ رضي الله عنهما ـ إجازة قالا : أملى علينا الشيخ الاجل أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي ـ قدس سره ـ وأخبرني بذلك الشيخ العالم الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني في مشهد الرضا ( عليه السلام ) ، قال : أخبرنا الشيخ الامام أبوعلي الحسن بن محمد الطوسي ، قال : حدثني أبي الشيخ أبوجعفر ـ قدس سره ـ ، قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن المطلب الشيباني ، قال : حدثنا أبوالحسن رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب سنة أربع عشر وثلاثمائة وفيها مات ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن ميمون ، قال : حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الاصم ، عن الفضيل بن يسار ، عن وهب بن عبد الله الهناء ، قال حدثني أبوحرب بن أبي الاسود الدئلي ، عن أبي الاسود قال : قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب ابن جنادة ـ رضي الله عنه ـ فحدثني أبوذر قال : دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مسجده فلم أرفي المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي ( عليه السلام ) إلى جانبه جالس فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله بأبي أنت (459)
وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها ؟ فقال : نعم وأكرم بك يا أباذر إنك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية فاحفظها ، فإنها جامعة لطرق الخير وسبله ، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان.
يا أباذر : اعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك. واعلم أن أول عبادة الله المعرفة به فهو الاول قبل كل شيء فلا شيء قبله ، والفرد فلا ثاني له ، والباقي لا إلى غاية ، فاطر السموات والارض وما فيهما وما بينهما من شيء وهو الله اللطيف الخبير وهو على كل شيء قدير ، ثم الايمان بي والاقرار بأن الله تعالى أرسلني إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. واعلم يا أباذر : إن الله عزوجل جعل أهل بيتي في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخلها كان آمنا. يا أباذر : احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا في الدنيا والاخرة. يا أباذر : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ. يا أباذر : اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك. يا أباذر : إياك والتسويف بعملك فإنك بيومك ولست بما بعده ، فإن يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم. وإن لم يكن غدا لم تندم على ما فرطت في اليوم. يا أباذر : كم من مستقبل يوما لا يستكمله ، ومنتظر غدا لا يبلغه. يا أباذر : لو نظرت إلى الاجل ومسيره لابغضت الامل وغروره. يا أباذر : كن كأنك في الدنيا غريب أو كعابر سبيل. وعد نفسك من أصحاب القبور. يا أباذر إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء. وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح. وخذ من صحتك قبل سقمك. ومن حياتك قبل موتك ، فإنك لا تدري ما اسمك غدا. يا أباذر : إياك أن تدركك الصرعة عند العثرة ، فلا تقال العثرة ، ولا تمكن من الرجعة. ولا يحمدك من خلفت بما تركت. ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به. (460)
يا أباذر : كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك.
يا أباذر : هل ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا أو فقيرا منسيا أو مرضا مفسدا أو هرما مقعدا أو موتا مجهزا ، أو الدجال ، فإنه شر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر. إن شر الناس منزلة عندالله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه. ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة. يا أباذر : من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة. يا أباذر : إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل : لا أعلمه ، تنج من تبعته ، ولا تفت بما لا علم لك به ، تنج من عذاب الله يوم القيامة. يا أباذر : يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون : ما أدخلكم النار وقد دخلنا الجنة بتأديبكم وتعليمكم ، فيقولون : إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله. يا أباذر : إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد. وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين. يا أباذر : إنك في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة. ومن يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا. ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع مثل ما زرع ، لا يسبق بطئ لحظة ولا يدرك حريص ما لم يقدر له ومن أعطي خيرا فالله أعطاه ومن وقى شرا فالله وقاه. يا أباذر : المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم الزيادة. إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه ، وإن الكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه. يا أباذر : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه [ ممثلة والاثم عليه ثقيلا وبيلا ]. وإذا أراد بعد شرا أنساه ذنوبه. يا أباذر : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيته. يا أباذر : إن المؤمن أشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه. يا أباذر : من وافق قوله فعله فذاك الذي أصابه حظه. ومن خالف قوله فعله فإنما يوبق نفسه. يا أباذر : إن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه. يا أباذر : دع ما لست منه في. فلا تنطق بما لا يعنيك. واخزن لسانك (461)
كما تخزن ورقك.
يا أباذر : إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم قوم في الدرجات العلى ، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون : ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال : هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤن حين تروون ويقومون حين تنامون ويشخصون حين تخفضون. يا أباذر : جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة. وحبب إلي الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام ، وإلى الظمآن الماء. وإن الجائع إذا أكل شبع وإن الظمآن إذا شرب روى ، وأنا لا أشبع من الصلاة. يا أباذر : أيما رجل تطوع في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة. يا أباذر : إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك الجبار ، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح له. يا أباذر : ما من مؤمن يقوم مصليا إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش ووكل به ملك ينادي : يا ابن آدم لو تعلم ما لك في الصلاة ومن تناجي ما انفتلت. يا أباذر : طوبى لاصحاب الالوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة ، ألا : هم السابقون إلى المساجد بالاسحار وغير الاسحار. يا أباذر : الصلاة عماد الدين واللسان أكبر ، والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر ، والصوم جنة من النار واللسان أكبر ، والجهاد نباهة واللسان أكبر. يا أباذر : الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والارض ، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع لذلك فيقول : ما هذا ؟ فيقال : هذا نور أخيك ، فيقول : أخي فلان كنا نعمل جميعا في الدنيا وقد فضل علي هكذا ، فيقال له : إنه كان أفضل منك عملا ، ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى. يا أباذر : الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا ، فكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله جل ثناؤه إنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها وليلقين أمراضا ومصيبات وأمورا تغيظه وليظلمن فلا ينتصر ، يبتغي ثوابا من الله تعالى فلا يزال حزينا حتى يفارقها ، فإذا فارقها أفضى إلى الراحة والكرامة. (462)
يا أباذر : ما عبد الله عزوجل على مثل طول الحزن.
يا أباذر : من أوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد أوتي علما لا ينفعه ، إن الله نعت العلماء فقال عزوجل : ( إن الذين أوتو العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ). يا أباذر : من استطاع أن يبكي فليبك. ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك ، إن القلب القاسي بعيد من الله تعالى ولكن لا يشعرون. يا أباذر : يقول الله تعالى : ( لا أجمع على عبد خوفين ولا أجمع له أمنين ، فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة ). يا أباذر : لو أن رجلا كان له كعمل سبعين نبيا لاحتقره وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة. يا أباذر : إن العبد ليعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمن ذنب ذنوبه فيقول : أما إني كنت خائفا مشفقا فيغفر له. يا أباذر : إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وهو عليه غضبان. وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها يأتي آمنا يوم القيامة. يا أباذر : إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة ، فقلت : وكيف ذلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه قارا إلى الله عزوجل حتى يدخل الجنة. يا أباذر : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجز من أتبع نفسه وهواها وتمنى على الله عزوجل الاماني. يا أباذر : إن أول شيء يرفع من هذه الامة : الامانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا. يا أباذر : والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عندالله جناح بعوضة أو ذباب ما سقى الكافر منها شربة من ماء. يا أباذر : إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله. وما من شيء أبغض إلى الله تعالى من الدنيا خلقها ثم عرضها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها حتى (463)
تقوم الساعة. وما من شيء أحب إلى الله من الايمان به وترك ما أمر بتركه.
يا أباذر : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام : يا عيسى : لا تحب الدنيا فإني لست احبها وأحب الاخرة ، فإنما هي دار المعاد. يا أباذر : إن جبرئيل ( عليه السلام ) أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شه باء فقال لي : يا محمد : هذه خزائن الدنيا ولا تنقصك من حظك عند ربك ، فقلت : حبيبي جبرئيل لا حاجة لي بها ، إذا شبعت شكرت ربي وإذا جعت سألته. يا أباذر : إذا أراد الله عزوجل بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه. يا أباذر : ما زهد عبد في الدنيا إلا أنبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره بعيوب الدنيا ودائها ودوائها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام. يا أباذر : إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنه يلقن الحكمة ، فقلت : يا رسول الله : من أزهد الناس ؟ فقال : من لم ينس المقابر والبلى وترك فضل زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه وعد نفسه في الموتى. يا أباذر : إن الله تبارك وتعالى لم يوح إلي أن أجمع المال [ إلى المال ] ولكن أوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. يا أباذر : إني ألبس الغليظ واجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا أباذر : حب المال والشرف أذهب لدين الرجل من ذئبين ضاريين في زرب الغنم فأغارا فيها حتى أصبحا فماذا أبقيا منها ؟ قال : قلت : يا رسول الله الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا ، أهم يسبقون الناس إلى الجنة ؟ فقال : لا ، ولكن فقراء المسلمين ، فإنهم يأتون يتخطون رقاب الناس ، فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى تحاسبوا ، فيقولون : بم نحاسب ؟ فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل ولا افيض علينا فنقبض ونبسط ولكن عبدنا ربنا حتى دعانا فأجبنا. يا أباذر : إن الدنيا مشغلة للقلوب والابدان وإن الله تبارك وتعالى سائلنا عما نعمنا في حلاله فكيف بما أنعمنا في حرامه ؟ يا أباذر : إني قد دعوت الله جل ثناؤه إن يجعل رزق من يحبني كفافا وأن (464)
يعطني من يبغضني كثرة المال والولد.
يا أباذر : طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الاخرة الذين اتخذوا أرض الله بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا واتخذوا كتاب الله شعارا ودعاءه دثارا ، يقرضون الدنيا قرضا. يا أباذر : حرث الاخرة العمل الصالح. وحرث الدنيا المال والبنون. يا أباذر : إن ربي أخبرني ، فقال : وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء وإني لابني لهم في الرقيق الاعلى قصرا لا يشركهم فيه أحد. قال : قلت : يا رسول الله : أي المؤمنين أكيش ؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا. يا أباذر : إذا دخل النور القلب انفسح القلب واتسع ، قلت : فما علامة ذلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الانابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله. يا أباذر : اتق الله ولا تر الناس إنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر. يا أباذر : ليكن لك في كل شيء نية صالحة حتى في النوم والاكل. يا أباذر : لتعظم جلال الله في صدرك ، فلا تذكره كما يذكره الجاهل عند الكلب : اللهم اخزه عند الخنزير : اللهم اخزه. يا أباذر : إن لله ملائكة قياما من خيفة الله ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الاخرة فيقولون جميعا : سبحانك [ ربنا ] وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد. يا أباذر : لو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ ، ولو أن دلوا من غسلين صب في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها ، ولو زفرت جهنم زفرة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه يقول : رب [ ارحم ] نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحق ويقول : يا رب أنا خليلك إبراهيم فلا تنسني. يا أباذر : لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لاضاءت الارض أفضل مما يضيئها القمر ليلة البدر ، ولوجد ريح نشرها جميع أهل الارض. ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم. (465)
يا أباذر : اخفض صوتك عند الجنائز وعند القتال وعند القرآن.
يا أباذر : إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع واعلم أنك لاحق به. يا أباذر : اعلم أن كل شيء إذا فسد فالملح دواؤه فإذا فسد الملح فليس له دواء. واعلم أن فيكم خلقين : الضحك من غير العجب ، والكسل من غير سهو. يا أباذر : ركعتان مقتصدتان في التفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه. يا أباذر : الحق ثقيل مر والباطل خفيف حلو. ورب شهوة ساعة توجب حزنا طويلا. يا أباذر : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الاباعر ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها. يا أباذر : لا تصيب حقيقة الايمان حتى ترى الناس كلهم حمقى في دينهم وعقلاء في دنياهم. يا أباذر : حاسبك نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحاسبك غدا. وزن نفسك قبل أن توزن ، وتجهز للعرض الاكبر يوم تعرض لا تخفى منك على الله خافية. يا أباذر : استح من الله ، فإني والذي نفسي بيده لا أزال حين أذهب إلى الغائط مقنعا بثوبي أستحي من الملكين الذين معي. يا أباذر : أتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت نعم ، فداك أبي ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فاقصر من الامل ، واجعل الموت نصب عينيك. واستح من الله حق الحياء ، قال : قلت : يا رسول الله ، كلنا نستحي من الله ، قال : ليس ذلك الحياء ولكن الحياء من الله أن لا تنسى المقابر والبلى ، وتحفظ الجوف وما وعى ، والرأس وما حوى. ومن أراد كرامة الاخرة فليدع زينة الدنيا ، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله. يا أباذر : يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح. يا أباذر : مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر. يا أباذر : إن الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم. يا أباذر إن ربك عزوجل يباهي الملائكة بثلاثة نفر : رجل في أرض قفر ( مكارم الاخلاق ـ 30 ) |
|||
|