وبصيغة علمية لابد أن نقول : ليس الخلاف في الكلي وإنّما الخلاف هو في تعيين المصداق. ولأجل حل هذه المشكلة لابد ـ أوّلاً ـ من التعرّف على المفهوم الواقعي للعبادة لنميّز في ضوء ذلك : العبادة عن غيرها. وهكذا أيضاً يمكن الوقوف على حقيقة الحال في غير موضوع الزيارة من الأُمور التي يعدها الوهابيون من العبادة كالتوسّل بأولياء اللّه ، وطلب الحاجة منهم ، في حين يخالفهم المسلمون في ذلك ، فيجوّزون هذه التوسّلات ، ويعتبرونها نوعاً من الأخذ والتمسك بالأسباب ، الذي ورد في الشرع الشريف.
لأئمّة اللغة العربية في المعاجم تعاريف متقاربة للفظة العبادة ، فهم يفسرون العبادة بأنّها « الخضوع والتذلّل » وإليك فيما يلي نصَّ أقوالهم : 1. يقول ابن منظور في « لسان العرب » : أصل العبودية : الخضوع والتذلّل. 2. ويقول الراغب في « المفردات » : العبودية إظهار التذلّل ، والعبادة أبلغ منها ، لأنّها غاية التذلّل ، ولا يستحق إلاّ من له غاية الأفضال ، وهو اللّه تعالى ، ولهذا قال : ( أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيّاه ) (1) ». 3. وفي « القاموس المحيط » للفيروز آبادي : العبادة : الطاعة. 4. وقال ابن فارس في المقاييس : العبد له أصلان كأنّهما متضادان ، والأوّل من ذينك الأصلين يدل على لين وذل ، والآخر على شدة وغلظ. ثم أتى بموارد المعنى الأوّل وقال : من الباب الأوّل : البعير المعبد أي المهنوء بالقطران ، وهذا أيضاً يدل على ما
1 ـ يوسف : 40 ، الإسراء : 23.
(443)
قلناه ، لأنّ ذلك يذلّه ويخفض منه. والمعبد : الذلول ، يوصف به البعير أيضاً. ومن الباب : الطريق المعبد ، وهو المسلوك المذلّل. بيد أنّ العبادة وإن فسروها بالطاعة والخضوع والتذلل ، أو إظهار نهاية التذلّل ، لكن جميع هذه التعاريف ما هي إلاّ نوع من التعريف بالمعنى الأعم ، لأنّ الطاعة والخضوع وإظهار التذلّل ليست ـ على وجه الإطلاق ـ عبادة ، لأنّ خضوع الولد أمام والده ، والتلميذ أمام أُستاذه ، والجندي أمام قائده ، لا يعد عبادة مطلقاً مهما بالغوا في الخضوع والتذلّل ، وتدل الآيات ـ بوضوح ـ على أنّ غاية الخضوع والتذلّل ، فضلاً عن كون مطلق الخضوع ، ليست عبادة ، ودونك تلك الآيات : 1. سجود الملائكة لآدم الذي هو من أعلى مظاهر الخضوع حيث قال سبحانه : ( وَإِذْ قُلْنَا للملائكَةِ اسْجدوا لادم ) (1). فالآية تدل على أنّ آدم وقع مسجوداً للملائكة ، ولم يحسب سجودهم شركاً وعبادة لغير اللّه ، ولم تصر الملائكة بذلك العمل مشركة ، ولم يجعلوا بعملهم نداً للّه وشريكاً في المعبودية ، بل كان عملهم تعظيماً لآدم وتكريماً لشأنه. وهذا هو نفسه خير دليل على أنّه ليس كل تعظيم أمام غير اللّه عبادة له ، وأنّ جملة : ( اسجدوا لآدم ) وإن كانت متحدة مع جملة : ( اسجدوا للّه ) إلاّ أنّ الأوّل لا يعد أمراً بعبادة غيره سبحانه ويعد الثاني أمراً بعبادة
اللّه (2). ويمكن أن يتصور ـ في هذا المقام ـ أنَّ معنى السجود لآدم ـ في هذه الآية ـ
1 ـ البقرة : 34. 2 ـ وهذا يدل على أنّ الاعتبار إنّما هو بالنيات والضمائر لا بالصور والظواهر.
(444)
هو الخضوع له ، لا السجود بمعناه الحقيقي والمتعارف ، ومعلوم أنّ مطلق الخضوع ليس عبادة ، بل « غاية الخضوع » التي هي السجود ، هي التي تكون عبادة. أو يمكن أن يتصوّر أنّ المقصود بالسجود لآدم هو جعله « قبلة » لا السجود له سجوداً حقيقياً. ولكن كلا التصوّرين باطلان. أمّا الأوّل فلأنّ تفسير السجود في الآية بالخضوع خلاف الظاهر ، والمتفاهم العرفي إذ المتبادر من هذه الكلمة ـ في اللغة والعرف ـ هو الهيئة السجودية المتعارفة لا الخضوع ، كما أنّ التصوّر الثاني هو أيضاً باطل ، لأنّه تأويل بلا مصدر ولا دليل. هذا مضافاً إلى أنّ آدم ( عليه السَّلام ) لو كان قبلة للملائكة لما كان ثمة مجال لاعتراض الشيطان ، إذ قال : ( ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً ). (1) لأنّه لا يلزم ـ أبداً ـ أن تكون القبلة أفضل من الساجد ليكون أي مجال لاعتراضه ، بل اللازم هو : كون المسجود له أفضل من الساجد ، في حين أنّ آدم لم يكن أفضل في نظر الشيطان منه ، وهذا ممّا يدلّ على أنّ الهدف هو السجود لآدم. يقول الجصاص : ومن الناس من يقول إنّ السجود كان للّه وآدم بمنزلة القبلة لهم ، وليس هذا بشيء ، لأنّه يوجب أن لا يكون في ذلك حظ من التفضيل والتكرمة ، وظاهر ذلك يقتضي أن يكون آدم مفضلاً مكرماً ، ويدل على أنّ الأمر بالسجود قد كان أراد به تكرمة آدم ( عليه السَّلام ) وتفضيله ، قول إبليس فيما حكى اللّه عنه :
1 ـ الإسراء : 61.
(445)
( ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ ) (1) ، فأخبر إبليس أنّ امتناعه من السجود لأجل ما كان من تفضيل اللّه وتكرمته بأمره إيّاه بالسجود له ، ولو كان الأمر بالسجود له على أنّه نصب قبلة للساجدين من غير تكرمة له ولا فضيلة لما كان لآدم في ذلك حظ ولا فضيلة تحسد كالكعبة المنصوبة للقبلة. (2) وعلى هذا فمفهوم الآية هو أنّ الملائكة سجدوا لآدم بأمر اللّه سجوداً واقعياً ، وانّ آدم أصبح مسجوداً للملائكة بأمر اللّه ، وهنا أظهر الملائكة من أنفسهم غاية الخضوع أمام آدم ، ولكنهم ـ مع ذلك ـ لم يكونوا ليعبدوه. وما ربما يتصور من أنّ سجود الملائكة لما كان بأمره سبحانه صح سجودهم له ، إنّما الكلام في الخضوع الذي لم يرد به أمر ، فسيوافيك الجواب عن هذا الاحتمال الذي يردّده كثير من الوهابيين في المقام. 2. انّ القرآن يصرح بأنّ أبوي يوسف وإخوته سجدوا له ، حيث قال : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْويلُ رُؤيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبّي حَقّاً ) . (3) ورؤياه التي يشير إليها القرآن في هذه الآية هو ما جاء في مطلع السورة : ( إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ). (4) وقد تحققت هذه الرؤيا بعد سنوات طويلة في سجود أخوة يوسف وأبويه
1 ـ الإسراء : 61 ـ 62. 2 ـ أحكام القرآن : 1/302. 3 ـ يوسف : 100. 4 ـ يوسف : 4.
(446)
له ، وعبَّر القرآن ـ في كل هذه الموارد ـ بلفظ السجود ليوسف. ومن هذا البيان يستفاد ـ جلياً ـ أنّ مجرد السجود لأحد بما هو هو مع قطع النظر عن الضمائم والدوافع ليس عبادة ، والسجود كما نعلم هو غاية الخضوع والتذلّل. 3. يأمر اللّه تعالى بالخضوع أمام الوالدين وخفض الجناح لهم ، الذي هو كناية عن الخضوع الشديد ، إذ يقول : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) . (1) ومع ذلك لا يكون هذا الخفض : عبادة. 4. إنّ جميع المسلمين يطوفون ـ في مناسك الحج ـ بالبيت الذي لا يكون إلاّ حجراً وطيناً ، ويسعون بين الصفا والمروة وقد أمر القرآن الكريم بذلك ، حيث قال : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ). (2) ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) . (3) فهل ترى يكون الطواف بالتراب والحجر والجبل (4) عبادة لهذه الأشياء؟
1 ـ الإسراء : 24. 2 ـ الحج : 29. 3 ـ البقرة : 158. 4 ـ المسلمون كلهم يستلمون الحجر الأسود ـ في الحج ـ واستلام الحجر الأسود من مستحبات الحج ، وهذا العمل يشبه من حيث الصورة (لا من حيث الواقعية) أعمال المشركين تجاه أصنامهم في حين انّ هذا العمل يعد في صورة شركاً ، وفي أُخرى لا يعد شركاً بل يكون معدوداً من أعمال الموحدين المؤمنين ، وهذا يؤيد ما ذكرناه آنفاً من أنّ الملاك هو النيات والضمائر لا الصور والظواهر وإلاّ فهذه الأعمال بصورها الظاهرية لا تفترق عن أعمال الوثنيين.
(447)
ولو كان مطلق الخضوع عبادة لزم أن تكون جميع هذه الأعمال ضرباً من الشرك المجاز المسموح به ، تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً. 5. انّ القرآن الكريم يأمر بأن نتخذ من مقام إبراهيم مصلّى عندما يقول : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلّىً ). (1) ولا ريب في أنّ الصلاة إنّما هي للّه ، ولكن إقامتها في مقام إبراهيم الذي يرى فيه أثر قدميه أيضاً نوع من التكريم لذلك النبي العظيم ولا يتصف هذا العمل بصفة العبادة مطلقاً. (2) 6. إنّ شعار المسلم الواقعي هو التذلّل للمؤمن والتعزّز على الكافر كما يقول سبحانه : ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنينَ أَعِزة علَى الْكَافِرينَ ). (3) إنّ مجموع هذه الآيات من جانب ومناسك الحج وأعمإله من جانب آخر تدل على أنّ مطلق الخضوع والتذلّل ، أو التكريم والاحترام ليس عبادة ، وإذا ما رأينا أئمّة اللغة فسّروا العبادة بأنّها الخضوع والتذلّل كان هذا من التفسير بالمعنى الأوسع ، أي أنّهم أطلقوا اللفظة وأرادوا بها المعنى الأعم ، في حين أنّ العبادة ليست إلاّ نوعاً خاصاً من الخضوع سنذكره عما قريب.
1 ـ البقرة : 125. 2 ـ ثم إنّ بعض من يفسر العبادة بمطلق الخضوع يجيب عن الاستدلال بهذه الآيات بأنّ السجود لآدم أو ليوسف حيث كان بأمر اللّه سبحانه فبذلك خرج عن كونه شركاً. وسنرجع إلى هذا البحث تحت عنوان « هل الأمر الإلهي يجعل الشرك غير شرك »؟ فلاحظ. 3 ـ المائدة : 54.
(448)
ومن هذا البيان يمكن أيضاً أن نستنتج أنّ تكريم أحد واحترامه ليست ـ بالمرة ـ عبادة ، لأنّه في غير هذه الصورة يلزم أن نعتبر جميع البشر حتى الأنبياء مشركين ، لأنّهم أيضاً كانوا يحترمون من يجب احترامه. وقد أشار المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء (وهو أوّل من أدرك ـ في عصر هـ عقائد الوهابية وأخضعها للتحليل) أشار إلى ما ذكرنا ، إذ قال : لا ريب أنّه لا يراد بالعبادة التي لا تكون إلاّ للّه ، ومن أتى بها لغير اللّه فقد كفر ، مطلق الخضوع والانقياد كما يظهر من كلام أهل اللغة ، وإلاّ لزم كفر العبيد والأُجراء وجميع الخدّام للأُمراء ، بل كفر الأنبياء في خضوعم للآباء (1). تمييز المعنى الحقيقي عن المجازي نعم ربما تستعمل لفظة العبادة وما يشتق منها في موارد في العرف واللغة ، ولكن استعمال لفظ في معنى ليس دليلاً على كونه مصداقاً حقيقياً لمعنى اللفظ ، بل قد يكون من باب تشبيه المورد بالمعنى الحقيقي لوجود مناسبة بينهما ، وإليك هذه الموارد : 1. العاشق الولهان الذي يظهر غاية الخضوع أمام معشوقته ، ويفقد تجاه طلباتها عنان الصبر ، ومع ذلك لا يسمّى مثل هذا الخضوع عبادة ، وإن قيل في حقّه مجازاً انّه يعبد المرأة. 2. الأشخاص الذين يأسرهم الهوى فيفلت من أيديهم ـ تحت نداءات
1 ـ راجع منهج الرشاد : 24 ، طبع 1343 هـ تأليف الشيخ الأكبر المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء (المتوفّ ـ ى عام 1228 هـ). وقد ألّف المرحوم هذا الكتاب في معرض الإجابة على رسالة من أحد أُمراء السعودية الذين كانوا مروّجي الوهابية منذ أول يوم إلى زماننا هذا.
(449)
النفس الأمّارة ـ زمام الاختيار لا يمكن اعتبارهم عبدة واقعيين للهوى ، ولا عدهم مشركين ، كمن يعبد الوثن ، ولو قيل في شأنه أنّه يعبد هواه ، فإنّ ذلك نوع من التشبيه وضرب من التجوّز. فها هو القرآن يسمي الهوى إلهاً ، ويلازم ذلك كون الخضوع للهوى : عبادة له ، لكن مجازاً ، إذ يقول : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ). (1) فكما أنّ إطلاق اسم الإله على الهوى نوع من التجوّز ، فكذا إطلاق العبادة على متابعة الهوى هو أيضاً ضرب من المجاز. 3. هناك فريق من الناس يضحّون بكل شيء في سبيل الحصول على جاه ومنصب ، حتى ليقول الناس في حقّهم : إنّهم يعبدون الجاه والمنصب ، ولكنّهم في نفس الوقت لا يعدّون عبدة حقيقيّين للجاه ، ولا يصيرون بذلك مشركين. 4. انّ المتوغّلين في العنصرية ـ كبني إسرائيل ـ وفي الأنانية ، الذين لا يهمّهم إلاّ المأكل والمشرب رغم أنّهم يطلق عليهم بأنّهم عباد العنصر والنفس والشيطان ، ولكن الوجدان يقضي بأنّ عملهم لا يكون عبادة ، وأنّ اتباع الشيطان شيء وعبادته شيء آخر. وإذا ما رأينا القرآن الكريم يسمّي طاعة الشيطان « عبادة » ، فذلك ضرب من التشبيه ، والهدف منه هو بيان قوة النفرة وشدّة الاستنكار لهذا العمل ، إذ يقول : ( ألَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) . (2) 1 ـ الفرقان : 43. 2 ـ يس : 60 ـ 61.
(450)
ومثل هذه الآية الآيتان التاليتان : 1. ( يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيّاً ). (1) 2. ( أَنُؤمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ). (2) لا شك في أنّ بني إسرائيل ما كانت تعبد فرعون وملأه ، غير أنّ استذلالهم لمّا بلغ إلى حد شديد صح أن يطلق عليه عنوان العبادة على نحو المجاز. والقرآن وإن أطلق على هذه الموارد عنوان العبادة ، لكن لا بمعنى أنّه جعلهم في عداد المشركين ، فلا يمكن التصديق بأنّ كل خضوع وطاعة وكل تكريم واحترام « عبادة » ، وعند ذاك يستكشف أن استعمالها في هاتيك الموارد بعناية خاصة ، وعلاقة مجازية. وبعبارة أُخرى : أنّ عبّاد الهوى والنفس والجاه و ... وإن كانوا يعتبرون مذنبين ، تنتظرهم أشدُّ العقوبات إلاّ أنّه لا يكونون في عداد المشركين في العبادة الذين لهم أحكام خاصة في الفقه الإسلامي. كيف لا ، ونحن نقرأ في الحديث الشريف : « من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان ينطق عن اللّه فقد عبد اللّه ، وإن كان ينطق عن غير اللّه فقد عبد غير اللّه ». (3) فالناس يستمعون اليوم إلى وسائل الإعلام ويصغون إلى أحاديث المتحدّثين والمذيعين من الراديو والتلفزيون ، وأكثر أُولئك المتحدّثين ينطقون عن غير اللّه ، فهل يمكن لنا أن نصف كل من يستمع إلى تلك الأحاديث بأنّهم عبدة لأُولئك
1 ـ مريم : 44. 2 ـ المؤمنون : 47. 3 ـ سفينة البحار : ج2 مادة عبد.