مفاهيم القرآن ـ جلد السابع ::: 51 ـ 60
(51)
    فلمّا سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود.
    فقال : فأين هو ؟ قال : جالس في الحجر وإنّهم لا يخرجون من شعبهم إلاّ في الموسم فلا تسمع منه ولا تكلَّمه فإنّه ساحر يسحرك بكلامه ، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب.
    فقال له أسعد : فكيف أصنع وأنا معتمر ؟ لابدّ أن أطوف بالبيت ، فقال له : ضع في أُذنيك القطن.
    فدخل أسعد المسجد وقد حشّى اُذنيه من القطن ، فطاف بالبيت ورسوله اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم فنظر إليه فجأة.
    فلمّا كان الشوط الثاني قال في نفسه : ما أجد أجهل منّي أيكون مثل هذا الحديث بمكّة فلا أعرفه حتّى أرجع إلى قومي فأخبرهم ، ثمّ أخذ القطن من اُذنيه ورمى به ، وقال لرسول اللّه : « أنعم صباحاً » فرفع رسول اللّه رأسه إليه وقال : قد أبدلنا اللّه به ما هو أحسن من هذا ، تحيّة أهل الجنّة : السلام عليكم.
    فقال أسعد : إنّ عهدي بهذا لقريب ، إلى ما تدعو يا محمّد ؟
    فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إلى شهادة اَن لاَ إلَه إلاّ اللّه وإنّي رسولُ اللّهِ وأدعوكم :
    1 ـ أنْ لاَ تُشْركُوا بهِ شيئاً.
    2 ـ وبِالوَالِدَينِ إحْسَاناً.
    3 ـ وَلاَ تَقْتُلُوا أوْلاََدَكُمْ مِنْ اِمْلاَق نَحْنُ نَرْزقُكُمْ و َاِيّاهُمْ.
    4 ـ وَلاَ تَقْربُوا الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنَ.
    5 ـ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّنفسَ ا لَّتي حَرَّمَ ا للّهُ إلاّ بالحَقِّ ذَلِكُمْ وصَّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ.
    6 ـ وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاّ بِالَّتي هِيَ أحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أشُدَّهُ.
    7 ـ وَاَوفُوا الكَيْلَ والمِيْزانَ بِالقِسْطِ.


(52)
    8 ـ لانُكَلِّف نَفسْاً إلاّ وُسْعَهَا.
    9 ـ وَإذا قُلْتُم فَاعْدِلُوا وَلوْ كَانَ ذَا قُرْبى.
    10 ـ وَبِعَهْدِ اللّهِ أوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّروُنَ ( الأنعام/151و152 ).
    فلمّا سمع أسعد هذا قال : أشهد أنْ لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له وإنّك رسول اللّه ، يا رسول اللّه بأبي أنت وأُمّي ، أنا من أهل يثرب من الخزرج ، بيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها اللّه بك ، فلا أحد أعزّ منك ، ومعي رجل من قومي فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن ينعم اللّه لنا أمرنا فيه ، واللّه يا رسول اللّه لقد كنّا نسمع من اليهود خبرك ، كانوا يبشّروننا بمخرجك ويخبروننا بصفتك وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك ، وعندنا مقامك ، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد للّه الذي سا قني إليك ، واللّه ما جئت إلاّ لنطلب الحلف على قومنا ، وقد آتانا اللّه بأفضل ممّا أتيت له .... (1).
    إنّ هذا النص التاريخي يدفعنا إلى القول بأنّ رئيس الخزرج كان قد وقف على داء قومه العيّاء ، ودوائه الناجع ، وإنّ قومه لن يسعدوا أبداً بالتحالف مع هذا وذاك وشن الغارات وإن انتصروا على الأوس ، وإنّما يسعدون إذا رجعوا إلى مكارم الأخلاق ، وتحلّوا بفضائلها التي جاءت أُصولها في هاتين الآيتين اللتين تلاهما رسول ا للّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حجر إسماعيل.
    عرف وافد الخزرج على أنّ مجتمع يثرب ومن والاه قد أشرفوا على الدمار والإنهيار ، لأجل أنّهم غارقين في غمرات ا لشرك ، ووأد البنات ، واقتراف الفواحش ، وقتل النفس المحترمة ، وأكل مال اليتيم ، وبخس الأموال عند الكيل والتوزين ، وترك العدل والقسط في القول والعمل ، ونقض عهود اللّه إلى غير ذلك من الأعمال السيئة فلا يصلحهم إلاّ إذا خرجوا عن شراك هذه المهالك والموبقات.
1 ـ أعلام الورى بأعلام الهدى ، ص57 ، و للقصة ذيل جدير بالمطالعة و قدأخذنا منها موضع الحاجة.

(53)
    فخرج إلى يثرب ومعه مبعوث من قبل رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعني « مُصعبَ بن عُمير » فبشّر أهل يثرب بما عرف من الحقّ ، وصار ذلك تمهيداً لقدوم الرسول الأكرم إلى بلده ، بعد ما بعثوا وفوداً إلى مكّة ليتعرّفوا على رسول اللّه ويبايعوه على ما هو مذكور في السيرة والتاريخ.
    فنقول : كان هذا هو موطن النبي ودار ولادته وهذه هي ثقافة قومه وحضارة بيئته ، وهذه صفاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، وهذه هي علومهم ومعارفهم ، حروبهم وغاراتهم ، عطفهم وحنانهم ، كل ذلك يعرب عن إنحطاط حضاري ، وإنحلال خلقي ، كاد أن يؤدي بهم إلى الهلاك والدمار لو لا أن شاء ا للّه حياتهم الجديدة وميلادهم الحديث.
    وأين هذا ممّا جاء به القرآن الكريم والسنّة النبويّة من الدعوة إلى التوحيد ، ورفض الأصنام والأوثان ، وحرمة النفوس ، والأعراض والأموال ، والدعوة إلى العلم ، والقراءة والكتابة ، والحث على العدل والقسط في القول والعمل ، والتجنّب عن الدعارة والفحشاء ، ومعاقرة الخمر والميسر ، فلو دلّ ذلك على شيء فإنّما يدل على أنّ ما جاء به من الأُصول لا يمتّ إلى بيئته بصلة.
    هذا ما في الذكر الحكيم حول الوضع الإجتماعي والثقافي والعقائدي والعسكري للعرب في العصر الجاهلي وما كانوا عليه من حيرة وضلال ، وسقوط وانهيار ، فهلمّ معي ندرس وضع العرب الجاهلي عن طريق آخر وهو الإمعان في كلمات الإمام أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) الذي عاين الوضع الجاهلي بأُمّ عينيه ، فقد قام الإمام في خطبه ورسائله وقصار كلماته ببيان أحوال العرب قبل البعثة ، وما كان يسودهم من الوضع المؤسف ، وبما أنّ الإمام هو الصادق المصدّق ، نقتطف من كلامه في مجال الخطب والرسائل والكلم القصار ما يمتّ إلى الموضوع بصلة ، وفي ذلك غنى وكفاية لمن أراد الحقّ :


(54)
أ ـ الفوضويّة العقائديّة
    1 ـ « وَأَهْلُ الأَرْضِ يَوْمئِذ مِلَلٌ مُتَفَرِّقةٌ ، وَأهْواءٌ مُنتَشِرَةٌ ، وَطَرائِقُ مُتَشَتِّتةٌ ، بَيْنَ مُشَبِّه للّهِ بِخَلْقِهِ ، اَوْ مُلْحِد فِي اسْمِهِ اَوْ مُشِير إلَى غَيْرِه ، فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَاَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الجَهَالَةِ » (1).
    2 ـ « بَعَثَهُ وَ النَّاسُ ضُلاَّلٌ فِى حَيْرَة ، وَ حَاطِبُونَ فِى فِتْنَة ، قَدِاسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ ، وَ اسْتَزَلَّتْهُمُ الكِبْرِيَاءُ ، وَ اسْتَخَفَّتْهُمُ الجَاهِلِيَّةُ الجَهْلاَءُ ، حَيَارَى فِى زَلْزَال مِنَ الأَمْرِ ، وَبَلاَء مِنَ الجَهْلِ فَبَالَغَ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فِى النَّصِيْحَةِ وَ مَضَى عَلَى الطَّرِيقَةِ وَدَعَا اِلَى الحِكْمَةِ وَ المَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ » (2).
    3 ـ « وَ النَّاسُ فِى فِتَن انْجَزَمَ فِيْهَا حَبْلُ الدِّينِ ، وَ تَزَعْزَعَتْ سَوَارِى اليَقِينِ ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ ، وَ تَشَتَّتَ الأَمْرُ ، وَ ضَاقَ المَخْرَجُ ، وَ عَمِىَ المَصْدَرُ ، فَالهُدَى خَامِلٌ ، وَالعَمَى شَامِلٌ ، عُصِيَ الرَّحْمنُ ، وَ نُصِرَ الشَّيْطَانُ ، وَ خُذِلَ الاِيمَانُ ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ ، وَ تَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ ، وَ دَرَسَتْ سُبُلُهُ ، وَ عَفَتْ شُرُكُهُ. اَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَهُ وَوَرَدُوا مَنَاهِلَهُ ، بِهِمْ سَارَتْ اَعْلاَمُهُ ، وَ قَامَ لِوَاؤُهُ. فِى فِتَن دَاسَتْهُمْ بِاَخْفَافِهَا ، وَوَطِئَتْهُمْ بِاَظْلاَفِهَا ، وَ قَامَتْ عَلَى سَنَابِكِهَا ، فَهُمْ فِيْهَا تَائِهُونَ ، حَائِرُونَ ، جَاهِلُونَ ، مَفْتُونُونَ ، فِى خَيْرِ دَار وَ شَرِّ جِيْرَان ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ ، وَ كُحْلُهُمْ دُمُوعٌ ، بِاَرْض عَالِمِهَا مُلْجَمٌ ، وَجَاهِلُهَا مُكْرَمٌ » (3).
    4 ـ « وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، ابْتَعَثَهُ وَ النَّاسُ يَضْرِبُونَ فِى غَمْرَة ، وَيَمُوجُونَ فِى حَيْرَة ، قَدْقَادَتْهُمْ اَزِمَّةُ الحَيْنِ ، وَ اسْتَغْلَقَتْ عَلَى اَفْئِدَتِهِمْ اَقْفَالُ الرَّيْنِ » (4).
1 ـ نهج البلاغة ، الخطبة1.
2 ـ نهج البلاغة ، الخطبة95.
3 ـ نهج البلاغة ، الخطبة2.
4 ـ نهج البلاغة ، الخطبة191.


(55)
    5 ـ « ثُمَّ اِنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بِالحَقِّ حِيْنَ دَنَا مِنَ الدُّنْيَا الاِنْقِطَاعُ ، وَ اَقْبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الإِطِّلاعُ ، وَ اَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ اِشْرَاق ، وَ قَامَتْ بِاَهْلِهَا عَلَى سَاق ، وَ خَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ ، وَ اَزِفَ مِنْهَا قِيادٌ ، فِى انْقِطَاع مِنْ مُدَّتِهَا ، وَاقْتِرَاب مِنْ اَشْرَاطِهَا ، وَ تَصَرُّم مِنْ اَهْلِهَا ، وَ انْفِصَام مِنْ حَلْقَتِهَا ، وَ انْتِشَار مِنْ سَبَبِهَا ، وَ عَفَاء مِنْ اَعْلاَمِهَا ، وَ تَكَشُّف مِنْ عَوْرَاتِهَا ، وَ قِصَر مِنْ طُولِهَا ، جَعَلَهُ اللّهُ بَلاَغاً لِرِسَالَتِهِ ، وَ كَرَامَةً لاُِمَّتِهِ ، وَ رَبِيعاً لاَِهْلِ زَمَانِهِ ، وَ رِفْعَةً لاَِعْوَانِهِ ، وَ شَرَفاً لاَِنْصَارِهِ » (1).
     ب ـ الوضع الإجتماعي في العصر الجاهلي
    6 ـ « اَرْسَلَهُ عَلَى حِيْنِ فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ ، وَ طُوْلِ هَجْعَة مِنَ الاُمَمِ ، وَ اعْتِزَام مِنَ الفِتَنَ وَ انْتِشَار مِنَ الاُمُورِ ، وَ تَلَظّ مِنَ الحُرُوبِ ، وَ الدُّنْيَا كَاسِفَةُ النٌّورِ ، ظَاهِرَةُ الغُرُورِ ، عَلَى حِيْنِ اصْفِرَار مِنْ وَرَقِهَا ، وَ اِيَاس مِنْ ثَمَرِهَا ، وَ اغْوِرَاء مِنْ مَائِهَا ، قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ الهُدَى ، وَ ظَهَرَتْ اَعْلاَمُ الرَّدَى ، فَهِىَ مُتَجَهِّمَةٌ لاَِهْلِهَا ، عَابِسَةٌ فِى وَجْهِ طَالِبِهِا ثَمَرُهَا الفِتْنَةُ ، وَ طَعَامُهَا الجِيْفَةُ ، وَ شِعَارُهَا الخَوْفُ ، وَ دِثَارُهَا السَّيْفُ ، فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللّهِ وَاذْكُرُوا تِيْكَ الَّتِى آبَاؤُكُمْ وَ اِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ » (2).
     ج ـ المستوى الثقافي لأهل الجاهلية
    7 ـ « وَ لاَتَكُونُوا كَجُفَاةِ الجَاهِلِيَّةِ ، لاَ فِى الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ ، وَ لاَ عَنِ اللّهِ يَعْقِلُونَ ، كَقَيْضِ بَيْض فِى اَدَاح يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْراً وَ يُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً ». (3)
1 ـ نهج البلاغة ، الخطبة 198.
2 ـ نهج البلاغة ، الخطبة89.
3 ـ نهج البلاغة ، الخطبة166.


(56)
    8 ـ « اَمَّا بَعْدُ فَاِنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وَ لَيْسَ اَحَدٌ مِنَ العَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً ، وَ لاَيَدَّعِي نُبُوَّةً ، وَ لاَ وَحْياً » (1).
     د ـ سيادة الوثنية
    9 ـ « فَبَعَثَ اللّهُ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بِالحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ اِلَى عِبَادَتِهِ ، وَ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ اِلَى طَاعَتِهِ بِقُرْآن قَدْبَيَّنَهُ وَ اَحْكَمَهُ » (2).
    10 ـ « بَعَثَهُ حِينَ لاَعَلَمٌ قَائِمٌ ، وَ لاَمَنَارٌ سَاطِعٌ ، وَ لاَمَنْهَجٌ وَاضِحٌ » (3).
     هـ ـ العصبية الجاهليّة
    11 ـ « اَضَاءَتْ بِهِ البِلاَدُ بَعْدَ الضَّلاَلَةِ المُظْلِمَةِ ، وَ الجَهَالَةِ الغَالِبَةِ ، وَ الجَفْوَةِ الجَافِيَةِ ، وَ النَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ الحَرِيمَ وَ يَسْتَدِلُّونَ الحَكِيمَ ، وَ يَحْيَونَ عَلَى فَتْرَة ، وَيَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَة » (4).
     و ـ مأكلهم و مشربهم
    12 ـ « اِنَّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ ، وَ اَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ ، وَ اَنْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ عَلَى شَرِّ دِين وَ فِى شَرِّ دَار ، مُنْيِخُونَ بَيْنَ حِجَارَة خُشْن ، وَ حَيَّات صُمّ ، تَشْرَبُونَ الكَدِرَ ، وَ تَأْكُلُونَ الجَشِبَ وَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ،
1 ـ نهج البلاغة ، الخطبة104و33.
2 . نهج البلاغة ، الخطبة147.
3 ـ نهج البلاغة ، الخطبة196.
4 ـ نهج البلاغة ، الخطبة151.


(57)
    وَتَقْطَعُونَ اَرْحَامَكُمْ ، الاَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ ، وَ الآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ ». (1)
     ز ـ مكانة المرأة في الجاهلية
    13 ـ كلامه في المرأة الجاهلية مخاطباً عسكره قبل لقاء العدوّ بصفّين : « وَلاَتَهِيْجُوا النِّسَاءَ بِأَذىً وَ اِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ ، وَ سَبَبْنَ اُمَرَاءَكُمْ ، فَاِنَّهُنَ ضَعِيفَاتُ القُوَى وَ الاَنْفُسِ وَ العُقُولِ ، اِنْ كْنَّا لَنُؤْمَرُ بِالكَفِّ عَنْهُنَّ وَ إِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ وَ اِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ المَرْأَةَ فِى الجَاهِلِيَّةِ بِالفَهْرِ ، أَوِ الهِرَاوَةِ فَيُعَيَّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ » (2).
    ( إِنَّ فِى ذلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ )
1 ـ نهج البلاغة ، الخطبة26.
2 ـ نهج البلاغة ، الكتاب رقم14 من وصيّته له ( عليه السلام ).


(58)

(59)
(3)
ميلاد النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم )
أو
تبلّج النور في الظلام الحالك
    إنّ التعرّف على حياة النبي يتوقّف على دراسة مراحل ثلاث تشكّل فصول عمره المبارك وهي :
    1 ـ من ولادته إلى بعثته.
    2 ـ من بعثته إلى هجرته.
    3 ـ من هجرته إلى رحلته.
    إنّ أصحاب السير والتواريخ درسوا الفصول الثلاثة على ضوء الروايات والأحاديث التي تلقّوها عن الصحابة والتابعين ، ونحن ندرسها على ضوء القرآن الكريم ، فنقول :
    اتّفق المؤرخون على أنّ النبي الأكرم ولد عام الفيل ، وهي السنة الّتي عمد أبرهة إلى تدمير الكعبة وهدمها ولكنّه باء بالفشل وهلك هو وجنوده بأبابيل ، كما يحكي عنه قوله سبحانه : ( ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجّيل * فجعلهم كعصف مأكول ) ( الفيل/1 ـ 5 ).
    ومن أراد الوقوف على تفصيل القصّة فعليه المراجعة إلى كتب السيرة والتفسير والتاريخ.


(60)
    ويظهر ممّا أخرجه مسلم أنّ هذا اليوم يوم مبارك ، قال : إنّ أعربياً قال : يارسول اللّه ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟ فقال : ذلك يوم ولدت فيه ، واُنزل عليّ فيه (1).
    لم يذكر القرآن ما يرجع إلى المرحلة الاُولى من حياته إلاّ شيئاً قليلاً نشير إليها إجمالاً :
    1 ـ عاش يتيماً فآواه سبحانه.
    2 ـ كان ضالاًّ فهداه.
    3 ـ كان عائلاً فأغناه.
    4 ـ كما ذكر أسماءه في غير واحد من السور.
    5 ـ جاءت البشارة باسمه « أحمد » في الإنجيل.
    6 ـ كان أُمّياً لم يدرس ولم يقرأ ولم يكتب.
    7 ـ كان قبل البعثة مؤمناً موحّداً عابداً للّه فقط.
    فإليك البحث عن هذه الاُمور واحد بعد آخر :

1 ـ الإيواء بعد اليُتمْ
    ولد النبيّ الأكرم من والدين كريمين فوالده عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم.
    واتّفقت الإماميّة والزيديّة وجملة من محقّقي السنّة على أنّه كان موحّداً مؤمناً.
    ويستدل من صفاته المحمودة ، وفضائله المرموقة ، والأشعار المأثورة ، على
1 ـ مسند أحمد ، ج5 ص297 ـ 299 ، و السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص293 ، و صحيح مسلم ـ كتاب الصيام باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ج1 ص97.
مفاهيم القرآن ـ جلد السابع ::: فهرس