261
الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ (1)

    فقال أبو جعفر (عليه السلام) : « ياحمران إنّ الله تبارك وتعالى ] قد [ كان قدّر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتّمه ، ثمّ أجراه ، فبتقدّم علم ذلك إليهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام علي والحسن والحسين ، وبعلم صَمَت من صَمَت منّا » (1) .
    وفي الزيارة المطلقة الاُولى للإمام الحسين (عليه السلام) : « إرادة الربّ في مقادير اُموره تهبط إليكم ، وتصدر من بيوتكم » (2) .
    (1) ـ أصل الفوز في اللغة هي النجاة ، وجاء بمعنى الظفر بالخير .
    والكرامة : اسم من الإكرام والتكريم ، وهي أنواع الخير والشرف والفضيلة .
    وأهل البيت (عليهم السلام) فازوا بما لم يَفُز به أحدٌ من الخلق أجمعين ، وظفروا بأجزل كرامات ربّ العالمين .
    نالوا كلّ فضيلة ، وحازوا كلّ محمدة ، وأنعم الله عليهم بكلّ كرامة ، من الإمامة والعلم والحكمة والشرف ووجوب إطاعة الناس لهم في الدنيا ، مضافاً إلى شفاعتهم ومكانتهم ومقامهم المحمود في الاُخرى .
    وقد أفاضوا أجزل الكرامات ووهبوا أجمل الخيرات ، وتقدّموا بمعالي الإحسان لمخلوقات الربّ المنّان بجميع صنوفها وأصنافها ، كما ترى ذلك في كراماتهم الإعجازية الشريفة (3) .
    وقد اعترف بمكارمهم وجميل خصالهم كلّ عدوٍّ وصديق ، وصار من العيان الذي لا يحتاج إلى البيان .
(1) الكافي : ج1 ص281 ح3 .
(2) الكافي : ج4 ص575 ح2 .
(3) لاحظ مدينة المعاجز للسيّد البحراني (قدس سره) .



262
اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ (1)

    فازوا (عليهم السلام) بكرامات الخالق الكريم ، وصاروا مظاهر الفيض ، ووسائط الإفاضة والتكريم .
    وكانوا كغيث الرحمة الإلهية العامّة ، الذي يعمّ نفعه الشكور والكفور والصالح والطالح .
    ولا غرو في ذلك فإنّهم أهل بيت من هو سيّد النبيين ومن هو رحمة الله للعالمين .
    وقد أكرمهم الله بشرفه ، وشرّفهم بكرامته ، كما في حديث زياد بن المنذر عن الإمام الباقر (عليه السلام) جاء فيه :
    « هؤلاء أهل البيت أكرمهم الله بشرفه ، وشرّفهم بكرامته ، وأعزّهم بالهدى وثبّتهم بالوحي ، وجعلهم أئمّةً هداة ، ونوراً في الظُلَم للنجاة » (1) .
    وتلاحظ كرامات الله لهم في الحديث الجامع الشريف في الإمامة في رواية طارق بن شهاب المتقدّمة (2) .
    (1) ـ الإصطفاء هو الإختيار ، وصفو الشيء هو : خالصه وخياره وجيّده وأحسنه .
    أي إصطفاكم الله واختاركم على خلقه ، وفضّلكم على عباده ، عالماً بأنّكم أهل لذلك ، فأنتم صفوة الخلق وأحسن العباد .
    فإنّ الله تعالى محيط بكلّ شيء علماً ، عالم بحقائق الأشخاص واقعاً ، وخبيرٌ بعواقب الأفراد حقيقةً ، وعارف بالسرّ والخفيّات ، لا يعزُب عن علمه
(1) بحار الأنوار : ج23 ص245 ب13 ح16 .
(2) بحار الأنوار : ج25 ص169 ب3 ح38 ، الكافي : ج1 ص198 ح1 .



263
    شيء ، لا يسهو ولا يلهو .
    لذلك إذا اختار شيئاً كان إختياره في أعلى مراتب الصواب والإصابة ، ولم يخطأ في ذلك قيد شعرة .
    وقد اختار الله العلاّم محمّداً وآل محمّد وإصطفاهم على الخلق أجمعين ، وكان إختياره لهم بعلم منه ، مع معرفته بالوفاء منهم ، مع أهلّيتهم للإصطفاء على أهل الأرض والسماء .
    وقد تقدّم حديث أبي حمزة الثمالي في إخبار الله تعالى عن الأئمّة (عليهم السلام) في الكلام القدسي : « لقد إصطفيتهم وانتجبتهم » (1) .
    وفي دعاء الندبة الشريفة : « وعلمتَ منهم الوفاءَ به ، فقبلتَهم وقرّبتَهم وقدّمت لهم الذكرَ العليّ ، والثناء الجليّ » (2) .
(1) الكافي : ج1 ص208 ح4 .
(2) لا يخفى أنّ هذا الدعاء الشريف من الأدعية المعتبرة المنقولة عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه لندبة شيعته له ، وطلبهم فرجه من الله تعالى في الأعياد الأربعة ـ الغدير والفطر والأضحى والجمعة ـ .
وقد جاء هذا الدعاء في مصادر كتب الزيارة التي لها الاعتبار واعتمد عليها العلماء الأبرار مثل (مزار محمّد بن المشهدي / ص190) و (مصباح الزائر للسيّد ابن طاووس / 230) و (الإقبال / ص295) وجاء في البحار : ج102 ص104 ب56 الدعاء .
ومعلوم أنّ المصدر الأقدم هو المزار ـ وصاحبه ابن المشهدي ، هو محمّد بن جعفر المعروف بابن المشهدي الحائري ، الذي هو من مشايخ محدّثي الشيعة الأبرار ، واُستاد الشيخ نجيب الدين ابن نما الحلّي .
وقد أفاد الميرزا النوري (قدس سره) في خاتمة المستدرك : ج3 ص368 و477 اعتماد أصحابنا الأبرار على هذا الكتاب وتسميته بالمزار الكبير .
وقد نقل ابن المشهدي دعاء الندبة عن محمّد بن علي بن أبي قرّة الذي هو من المشايخ الثقات للشيخ النجاشي .
عن أبي جعفر محمّد بن الحسين البزوفري الذي هو من مشايخ الشيخ المفيد الذي ترحّم عليه نقل إنّه الدعاء لصاحب الزمان (عليه السلام) .
وسلسلة السند هؤلاء كلّهم من الأجلاّء .
وقد وثّق ابن المشهدي مشايخه الرواة إلى المعصومين (عليهم السلام) بالتوثيق العام في أوّل كتاب المزار بقوله :
(فإنّي قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد المشرّفات ، وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات ، والأدعية المختارات ، وما يُدعى به عقيب الصلوات ، وما يُناجى به القدير تعالى ، من لذيذ الدعوات في الخلوات ، وما يُلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات ، ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلى السادات) .
فتكون أسناد رواياته موثّقة من قبله بالتوثيق العام في جميع سلسلة السند .
ومن ذلك سنده في دعاء الندبة ، فيكون هذا الدعاء من الأدعية المعتبرة ، فهو تامّ سنداً وشريف دلالة .
وقد ذكره العلاّمة المجلسي في ص343 من كتابه الشريف تحفة الزائر الذي صرّح في مقدّمته / ص2 بأنّها مقصورة على ذكر الزيارات والأدعية والآداب المنقولة بأسانيد معتبرة عن أئمّة الدين صلوات الله عليهم أجمعين .



264
هذا معنى ، واحتمل أن يكون بمعنى أنّ الله تعالى اصطفاكم على الخلق بسبب أن كنتم خزّان علمه .
    وقد مضى بيان جهات علومهم في فقرة « وخزّان العلم » .


265
وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ (1)

    وفي زيارة أئمّة البقيع (عليهم السلام) : « إصطفاكم الله على الناس ، وورّثكم علم الكتاب وعلّمكم فصل الخطاب ، وأجرى فيكم مواريث النبوّة ، وفجّر بكم ينابيع الحكمة ، وألزمكم بحفظ الشريعة ، وفرض طاعتكم ومودّتكم على الناس » (1) .
    وفي نسخة الكفعمي بعد هذا (واصطنعكم لنفسه) .
    (1) ـ الرضا : ضدّ السخَطَ والكراهة .
    والغَيب : هو ما غاب وخفى عن الأبصار .
    والارتضاء للغيب بمعنى من رضى به الله وقَبِلَه لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ هو .
    وأهل البيت سلام الله عليهم إرتضاهم الله لعلم الغيب ، وحمّلهم معرفة المغيبات ، وجعلهم مخزن غيبه ، والمطّلعين على الغيب بإذنه .
    وفيه إشارة إلى أنّهم (عليهم السلام) ممّن إرتضاهم في قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول) (2) .
    إمّا بكون الرسول شاملا لهم على التغليب ، أو أنّ علمهم بالغيب واصل إليهم بواسطة الرسول وهو جدّهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كما أفاده في كتاب الأنوار (3) ، وجاء بيانه في حديث حمران (4) .
    وقد استشهد بهذه الآية الشريفة في مفصَّل حديث سلمان رضوان الله
(1) بحار الأنوار : ج100 ص209 ب9 ح8 .
(2) سورة الجنّ : الآية 26 ـ 27 .
(3) الأنوار اللامعة : ص116 .
(4) الكافي : ج1 ص256 ح2 .



266
عليه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ما أراه وأخبره عن الاُمور العجيبة .
    فقال سلمان : كيف هذا ياسيّدي ؟
    فأجاب (عليه السلام) : « ياسلمان أما قرأت قول الله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول) فقلت : بلى ياأمير المؤمنين فقال (عليه السلام) : أنا ذلك المرتضى من الرسول الذي أظهره الله عزّوجلّ على غيبه » (1) .
    وفي الحديث العلوي الجامع في وصف الإمام (عليه السلام) : « عالم بالمغيبات خصّاً من ربّ العالمين ، ونصّاً من الصادق الأمين » (2) .
    ويستفاد علمهم بالغيب بإذن الله تعالى من أحاديث كثيرة وفيرة في مختلف الأبواب من ذلك :
    1 ـ أحاديث اُصول الكافي / ج1 / ص258 / باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) إذا شاؤوا أن يعلموا علموا / ح1 ـ 3 ، وباب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) يعلمون متى يموتون / ح1 ـ 2 .
    2 ـ أحاديث بحار الأنوار / ج41 / ص283 / باب114 باب معجزات كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) من إخباره بالغائبات ، الأحاديث الستّة والستّين .
    وكذا إخبارات باقي أئمّتنا المعصومين (عليهم السلام) التي تجدها مجموعة في سفينة البحار / ج6 / ص699 ـ 702 .
    3 ـ أحاديث كنز الدقائق / ج13 / ص491 .
(1) بحار الأنوار : ج43 ص50 ب117 ح1 .
(2) بحار الأنوار : ج25 ص172 ب4 ح38 .



267
نكتفي من تلك المجموعة الكبيرة بالأحاديث المتواترة الواردة في تفسير قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول) (1) ومن ذلك :
    1 ـ حديث علي بن إبراهيم المتقدّم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن عبدالله بن سليمان ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : « إنّ جبرئيل (عليه السلام) أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) برمّانتين ، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إحداهما وكسر الاُخرى بنصفين ، فأكل نصفاً وأطعم عليّاً نصفاً .
    ثمّ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ياأخي ، هل تدري ما هاتان الرمّانتان ؟
    قال : لا .
    قال : أمّا الاُولى فالنبوّة ، ليس لك فيها نصيب ، وأمّا الاُخرى فالعلم أنت شريكي فيه .
    فقلت : أصلحك الله ، كيف كان يكون شريكه فيه ؟
    قال : لم يعلّم الله محمّداً (صلى الله عليه وآله) علماً إلاّ وأمره أن يعلّمه عليّاً » (2) .
    2 ـ حديث الإحتجاج للطبرسي (رحمه الله) عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وفيه : « وألزمهم الحجّة ، بأن خاطبهم خطاباً يدلّ على انفراده وتوحيده ، وبأنّ له أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ... وعرّف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ) (الآية) .
(1) سورة الجنّ : الآية 26 ـ 27 .
(2) الكافي : ج1 ص263 ح1 .



268
قال السائل : مَن هؤلاء الحجج ؟
    قال : هم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن حلّ محلّه من أصفياء الله ... الذين قال : (فَأَيْنََما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) الذين قرنهم الله بنفسه ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه » (1) .
    3 ـ حديث الخرائج والجرائح المتقدّم : روى محمّد بن الفضل الهاشمي ، عن الرضا (عليه السلام) أنّه نظر إلى ابن هذّاب فقال : إن أنا أخبرتك أنّك مبتلى في هذه الأيّام بدم ذي رحم لك أكنت مصدّقاً لي ؟
    قال : لا ، فإنّ الغيب لا يعلمه إلاّ الله .
    قال : أو ليس يقول : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول) ؟! فرسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة » (الحديث) (2) .
    4 ـ حديث كتاب الخصال في مناقب علي (عليه السلام) وتعدادها : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « وأمّا الثالثة والثلاثون ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) التقم اُذني فعلّمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، فساق الله ذلك إليّ على لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله) » (3) .
    ولا يخفى أنّ علمهم بالغيب لا ينافي قوله تعالى : (قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي
(1) الاحتجاج : ج1 ص252 .
(2) الخرائج والجرائح : ج1 ص243 ح1 .
(3) كنز الدقائق : ج13 ص489 .



269
السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ) (1) .
    وذلك لأنّ علمهم بالغيب ليس ذاتياً كعلم الله بالغيب ، بل هو بإذن الله وإعلامه وتعليمه ، ورضاه ومشيئته كما عرفت ذلك من بعض الأحاديث المتقدّمة ، وبالوراثة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والإستفادة من كتاب الله كما في مثل :
    أ ـ حديث سيف التمّار الذي ورد فيه : « وقد ورثناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وراثة » (2) .
    ب ـ حديث الخثعمي الذي ورد فيه : « علمت ذلك من كتاب الله عزّوجلّ » (3) .
    ج ـ حديث ابن هذّاب الذي ورد فيه : « نحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة » (4) .
    فيكون علمهم بالغيب باعلام الله ، ومن كتاب الله ، وعن رسول الله ، ومن المعلوم أنّ هذا لا ينافي كون الغيب لا يعلمه إلاّ الله .
    ثمّ لا يقال : إنّهم بعد علمهم بالغيب كيف يصحّ لهم الإقدام على أسباب الشهادة التي يعلمونها ؟
    لأنّه يجاب : بعدم المحذور في ذلك لأجل ما يلي :
(1) سورة النمل : الآية 65 .
(2) الكافي : ج1 ص261 ح1 .
(3) الكافي : ج1 ص261 ح2 .
(4) كنز الدقائق : ج13 ص493 ، الخرائج والجرائح : ج1 ص341 ح6 ، بحار الأنوار : ج49 ص73 ب4 ح1 .



270
    أوّلا : من أجل أنّهم يخيّرهم الله تعالى في الشهادة ، ويأذن لهم في نيل الكرامة والسعادة ، ويرضى لهم الوصول إلى الدرجات العالية بالتضحية ، كما يستفاد من أحاديثها (1) .
    وكما يتّضح ذلك من خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) عند المسير إلى كربلاء المقدّسة جاء فيها : « وخيّر لي مصرع أنا لاقيه » (2) .
    فإذا أذن الله تعالى في الشهادة لم تحرم ، حتّى يكون إقدامهم عليها إقداماً على الحرام .
    ثانياً : أنّ التكاليف منوطة بالعلم العادي البَشَري الظاهري ، لا بعلم الغيب حتّى يكون وجود العلم الغيبي بالشهادة موجباً لتكليف حرمة الإقدام عليها .
    فليس الأئمّة (عليهم السلام) مكلّفون بترتيب الآثار على علم الغيب حتّى لا يصحّ إقدامهم على الشهادة التي أذن الله لهم فيها .
    فلا محذور في إقدامهم على الشهادة المعلومة غيباً ، المأذون فيها شرعاً ، كعدم المحذور لمن عَلِم وجداناً بوصوله قطعاً إلى درجة الشهادة ، عند الجهاد بإذن المعصوم (عليه السلام) ، وأقدم عليها تحصيلا لكرامتها ، فهل في ذلك بأس ؟!
    ثمّ إنّه لا يقال : إنّ علم الغيب غير مختصّ بهم حتّى يكون فضيلة لهم لأنّه يمكن معرفة المرتاضين للغيب أيضاً .
    فإنّه يجاب : بأنّ ذلك إن صحّ كونه غيباً فهو غيب شيطاني تدليسي ، يقع
(1) الكافي : ج1 ص259 ح4 و5 و8 ، وص261 ح4 .
(2) إبصار العين : ص6 ، كشف الغمّة : ج2 ص201 .