351
    أمّا الكتاب :
    فيكفيك منه آية التطهير (1) المتقدّمة التي عرفت اتّفاق الخاصّة والعامّة بأحاديثهم المتواترة على شمولها لفاطمة الزهراء (عليها السلام) ، وتصريحها بإذهاب الرجس عنها ، ونزولها في أهل البيت التي هي سيّدتهم .. سلام الله عليها ، فتدلّ الآية على عصمتها الكبرى .
    وأمّا السنّة :
    فمن وجوه عديدة نكتفي منها بعشرة كاملة هي :
    1 ـ نصّ حديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « منّا خمسة معصومون ، قيل : يارسول الله ! من هم ؟
    قال : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) » .
    ومثله حديث الإمام الباقر (عليه السلام) وقد روى كليهما القاضي في المناقب (2).
    2 ـ وجوب إطاعة جميع الخلق لها حتّى المعصومين المستلزم لعصمتها كما في حديث الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) .
    « ولقد كانت (عليها السلام) مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجنّ والإنس والطير والوحوش والأنبياء والملائكة » (3).
    3 ـ أفضليتها وسيادتها على نساء الأوّلين والآخرين ونساء الجنّة حتّى مريم (عليها السلام) وهو يستلزم عصمتها وإلاّ لم تكن غير المعصومة أفضل من المعصومة ..
(1) سورة الأحزاب : (الآية 33) .
(2) العوالم : (ج11 القسم الأوّل ص86 ب7 ح1 و2) .
(3) دلائل الإمام للطبري : (ص28) ، عنه فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى (صلى الله عليه وآله) : (ص87) .



352
ففي حديث الإمام الصادق (عليه السلام) :
    « ... وإنّ الله عزّوجلّ جعلكِ سيّدة نساء عالمك وعالمها وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين » (1).
    وفي حديث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) :
    « ... وابنتي فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة من الخلق أجمعين » (2).
    4 ـ عدم تكافؤ أحد معها إلاّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يكن لها كفؤ غيره حتّى من الأنبياء المعصومين .
    ففي حديث المفضّل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « لولا أنّ الله تعالى خلق أمير المؤمنين لم يكن لفاطمة كفو على وجه الأرض آدم فمن دونه » (3).
    وفي حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « ... ولولا علي ما كان لفاطمة كفو أبداً » (4).
    5 ـ كونها حجّة على الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) المفيدة لمعصوميتها بل كبرى عصمتها كما في حديث الإمام العسكري (عليه السلام) :
    « إنّ فاطمة حجّة علينا » (5).
(1) علل الشرائع : (ص182 ب146 ح1) .
(2) إحقاق الحقّ : (ج5 ص41 ح65) نقلا عن ابن حسنويه الحنفي في بحر المناقب .
(3) بحار الأنوار : (ج43 ص107 ب5 ح22) .
(4) إحقاق الحقّ : (ج19 ص117) نقلا عن كتاب أهل البيت لتوفيق أبو علم ، ونحوه في أحاديث العامّة الاُخرى المنقولة في الإحقاق : (ج1 ص1) عن ابن شيرويه في الفردوس ، والخوارزمي في المقتل ، والترمذي في المناقب ، والقندوزي في الينابيع ، والمناوي في الكنوز .
(5) تفسير أطيب البيان : (ج3 ص235) .



353
    6 ـ كونها بضعة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المقتضي لأن تكون كالأصل معصومة ، بل هي مهجة قلب النبي وروحه التي بين جنبيه في الأحاديث الواردة عن الفريقين :
    « فاطمة بضعة منّي ، وهي مهجة قلبي ، وهي روحي التي بين جنبيَّ » (1).
    7 ـ كونها اُسوة لحجّة الله الإمام المهدي أرواحنا فداه ، ومعلوم أنّ اُسوة المعصوم لابدّ أن يكون معصوماً كما تلاحظ ذلك في حديث توقيع الشيخ الجليل العمري :
    « وفي إبنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لي اُسوة حسنة » (2).
    8 ـ لزوم معرفتها على القرون الاُولى والأنبياء السلف المستلزم لأفضليتها من جميع الجهات ومنها جهة العصمة ، وإلاّ فلا معنى للزوم معرفة غير المعصوم على المعصوم ، ففي حديث أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) :
    « ... هي الصدّيقة الكبرى ، وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى » (3).
    9 ـ أنّ الله تعالى يرضى لرضاها ويغضب لغضبها ، ولا يكون ذلك إلاّ فيمن عصمه الله تعالى لا من كان عاصياً أو ساهياً أو مخطئاً ، ففي الحديث المتّفق عليه بين الفريقين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها » (4).
(1) تلاحظ أحاديثه من طرق الخاصّة في بحار الأنوار : ج43 ص39 ـ 80 ب3) ، ومن طرق العامّة في إحقاق الحقّ : (ج9 ص198 ، وج10 ص184 ، وج13 ص77) .
(2) الغيبة للشيخ الطوسي : (ص184) ، والإحتجاج للطبرسي : (ج2 ص279) .
(3) بحار الأنوار : (ج43 ص105 ب5 ح19) .
(4) لاحظ الحديث من الخاصّة في البحار : (ج43 ص53) ، ومن العامّة فيما حكاه في إحقاق الحقّ : (ج10 ص116 و122 ، وج19 ص54 و56) .



354
    10 ـ شأنها العالي ومقامها الرفيع المستفاد من محوريتها للمعصومين أبيها وبعلها وبنيها في حديث الكساء الشريف (1).
    وتستفاد العصمة أيضاً من أسمائها عند الله تعالى مثل الطاهرة ، وكذا ألقابها المنصوصة مثل المطهّرة والحوراء (2).
    ومن بدء خلقها وكيفية خلقتها وتكوّنها من ثمرة الجنّة (3).
    ومن سدّ الأبواب كلّها عن مسجد الرسول إلاّ باب بيتها (4).
    .. وغير ذلك من آيات طهارتها ونزاهتها الكاشفة عن عصمتها ، والدالّة على كونها في أعلى مراتب عصمة الله تعالى .
    دليل الإجماع :
    وأمّا دليل الإجماع على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) فهو قائم على وجوب عصمة النبي وخليفته صلوات الله عليهما وآلهما ، وتحقّق عصمة أهل البيت (عليهم السلام) ، ونزول آية التطهير فيهم بلا خلاف بينهم ، بل باتّفاقهم وقيام الإجماع عندهم ، بل هو من معتقدات الإماميّة الحقّة كما تستفيد ذلك من الشيخ الصدوق في الإعتقادات (5) ، والشيخ المفيد في الفصول المختارة (6) ، والسيّد المرتضى في
(1) العوالم : (ج11 القسم الثاني ص933) .
(2) بحار الأنوار : (ج43 ص10 ب2 الأحاديث) .
(3) بحار الأنوار : (ج43 ص18 ب2 ح17) .
(4) إحقاق الحقّ : (ج4 ص408) ، وغاية المرام : (ص639 ـ 642) .
(5) إعتقادات الشيخ الصدوق : (ص98) .
(6) الفصول المختارة : (ص53) .



355
الذخيرة (1) ، والشيخ الطوسي في التلخيص (2) متناً وهامشاً ، والعلاّمة الحلّي في كشف الحقّ (3)، والحرّ العاملي في إثبات الهداة (4) ، والعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار (5) ، والسيّد الشبّر في حقّ اليقين (6).
    فالإجماع على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) ثابت محقّق بلا كلام ، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) منهم بلا خصام .
    دليل العقل :
    وأمّا دليل العقل على عصمتهم فإنّه حاكم بعصمة أهل البيت (عليهم السلام) وطهارتهم بعد استقراء أحوالهم واستقصاء حالاتهم وتتبّع شؤونهم وملاحظة أنّه لم يأخذ العقلاء عليهم زلّةً قطّ مدّة حياتهم وفي حياة جميعهم ، ولم يسجّل عليهم صديق ولا عدوّ خطيئة أبداً في جميع أعمارهم ، ولم يَرَ منهم معاشروهم الأقارب والأباعد قبيحاً واحداً في مدى وجودهم ..
    حتّى أنّ عدوّهم اللدود معاوية الذي شهر عليهم سيف البغي وشرع عليهم السبّ واللعن لم يستطع أن يحصي عليهم صغيرةً ولا أدنى من صغيرة ، وإلاّ لكان ينادي بها على المنابر ، بل على العكس اعترف بغاية الفضل والتقوى في أمير المؤمنين بعد توصيف عدي بن حاتم عليّاً ، حيث قال معاوية : يرحم الله أبا
(1) الذخيرة : (ص479) .
(2) التلخيص : (ج1 ص194) .
(3) كشف الحقّ المطبوع مع دلائل الصدق : (ج2 ص30) .
(4) إثبات الهداة : (ج1 ص14) .
(5) بحار الأنوار : (ج25 ص209) .
(6) حقّ اليقين : (ج1 ص91) .



356
الحسن كان كذلك (1).
    واعترف أعداؤهم بعصمتهم ونزاهتهم وورعهم مضافاً إلى سائر فضائلهم كما تلاحظه في كلمات ابن أبي الحديد المعتزلي حيث قال في شرح نهج البلاغة : « نصّ أبو محمّد بن متويه في كتاب الكفاية على أنّ علياً (عليه السلام) معصوم ... أدلّة النصوص دلّت على عصمته ، والقطع على باطنه ومغيبه » (2).
    ومن ذلك قول عمر بن عبدالعزيز : « ما علمنا أحداً كان في هذه الاُمّة أزهد من علي بن أبي طالب بعد النبي » .
    وقال ابن عيينة : « أزهد الصحابة علي بن أبي طالب » .
    وروى سفيان بن عيينة : « ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ) (3) علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاف فانتهى عن المعصية ونهى عن الهوى نفسه » .
    وروى قتادة : « علي بن أبي طالب (عليه السلام) سيّد من اتّقى عن إرتكاب الفواحش » .
    وروى أبو يوسف : « من اتّقى الذنوب علي بن أبي طالب والحسن والحسين » .
    ممّا يحكم العقل ويقطع العقلاء ويجزم كلّ ذي مسكة بعد ملاحظة هذا أنّهم معصومون طاهرون ، وعن الذنوب والخطايا بعيدون .
    وحيث كان هذا جارياً في جميعهم ومستمرّاً في جميع حياتهم ينكشف كون العصمة ملكة فيهم .
(1) سفينة البحار : (ج6 ص185) .
(2) نقلا عن بحار الأنوار : (ج40 ص318 ب98 الأحاديث) .
(3) سورة النازعات : (الآية 40) .



357
    وكيف يصدر الذنب ممّن أمر الله بطاعتهم ودعى إلى مودّتهم ، وعبّر عنهم بالصادقين ، وجعلهم من المطهّرين ؟!
    وكيف يمكن الخطأ ممّن جُعلوا على لسان الشارع الأعظم مع الحقّ وجُعل الحقّ معهم ، يدور معهم الحقّ حيثما داروا ، وكانوا محور الحقّ إلى يوم القيامة ؟!
    وهل يخالف حكم العقل حكم الشرع ؟
    وكيف يقع الظلم والعصيان ممّن يُقسم بالله وهو الصادق الصدّيق ويقول إنّه :
    « لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت » (1).
    وعلى الجملة ; فإنّ العقل حاكم بلزوم عصمة الإمام وكذا النبي ، والعقلاء يقضون بحتميّة عصمة النبي وخلفائه الأئمّة ، والبرهان يفضي إلى تأكّد وجود العصمة في خلفاء الرسول ..
    هذا ، والأدلّة العقليّة على لزوم عصمتهم ـ التي تجري في البابين ، النبوّة والإمامة ـ كثيرة جدّاً نوّهنا عنها سابقاً ، ونختار منها ما يلي :
    1 ـ أنّه لو لم يكن النبي أو الإمام معصوماً لانتفى الوثوق بقوله ، والإعتماد على وعده ووعيده فلا يطاع ولا تثمر أقواله .. ويصير نصبه عبثاً .
    2 ـ أنّه يلزم علينا شرعاً وعقلا اتّباعهما للأمر بالإطاعة والإمتثال ، فلو جاز عليهم الكذب والخطأ والسهو للزم متابعتهم فيها ، ومن المعلوم أنّ الأمر باتّباع الخطأ والكذب والإشتباه قبيح بفطرة العقل .
    3 ـ أنّ من الوجوه العقلية للإحتياج إليهما هو اللطف وتسديد الخلق .. فلو جاز عليهما الخطأ لاحتاجا إلى من يسدّدهما ويمنعهما من الخطأ ، وذلك المسدّد
(1) نهج البلاغة : (ص243 الخطبة 224 من الطبعة المصرية) .


358
إمّا أن يكون معصوماً فيثبت المطلوب ، أو لا يكون معصوماً فيتسلسل إلى ما لا نهاية وهو باطل عقلا .
    4 ـ أنّ من أغراض النبوّة والإمامة ومن فوائد النبي والإمام إقامة العدل ومنع الظلم ، وإحقاق الحقّ وإبطال الباطل ، وحسم مادّة الفتن ، وحمل الناس على الطاعة ، ومنعهم عن المعصية ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ..
    فلو جاز صدور المعصية منهما لانتفت تلك الفوائد ، وإرتفعت تلك العوائد وناقضت أفعالهما مع أغراضهما .. وبالتالي سقطت وفاتت المصالح الأساسية المقتضية لنصب النبي أو الإمام بعد النبي .
    5 ـ أنّه لو عصى النبي أو الإمام لاُقيمت عليهما الحدود ، ووجب إستنكار الرعيّة إيّاهما وسقط محلّهما من القلوب .. فلا ينقاد الناس لهما في الاُمور وتسقط فائدة البعثة والوصاية .
    6 ـ أنّ الأنبياء والأئمّة حفظة للشرع الأقدس والدين المقدّس ، وخلفاء الله في أرضه ، وحجج الله تعالى على خلقه بأقوالهم وأفعالهم .. فلو جاز عليهم الخطأ والخطيئة والسهو لأدّى ذلك إلى التضليل والتبديل والإغراء بالجهل وهو قبيح قطعاً .. لا يفعله حكيم أبداً ، فلا ينصبهم الله يقيناً .
    لذلك أفاد شيخنا الصدوق في الإكمال : « أنّه يجب عصمة الإمام (عليه السلام) لقوله عزّوجلّ : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَْرْضِ خَلِيفَةً ) (1) والله تعالى لا يستخلف إلاّ من له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة ; لأنّه لو إختار من لا نقاء له في السريرة كان قد خان خلقه .. وحاشاه عن ذلك ! وهو الذي لا يهدي كيد الخائنين » (2).
(1) سورة البقرة : (الآية 30) .
(2) إكمال الدين : (ص10) .



359
    7 ـ أنّه إذا جاز صدور المعصية منهم أمكن صدور أي معصية كانت حتّى القتل والنهب والغصب ، وذلك فساد عظيم يردّه العقل ، ويأباه العقلاء فيمن يكون خليفة الله أو وصيّاً لخليفة الله .
    8 ـ أنّ صدور الذنب من الراعي أفحش من صدور الذنب من الرعية ، وزلّة العالِم زلّة العالَم ، فيلزم من عصيانه أن يكون الراعي أسوء حالا من الرعيّة وأدون مرتبة من آحاد الاُمّة وهو مستهجن جدّاً .. لا يمكن أن يكون في مقام النبوّة والإمامة .
    9 ـ أنّه لو صار النبي أو الإمام عاصياً صار ظالماً ، ولو صار ظالماً لبطلت نبوّته أو إمامته اللتين هما من عهد الله .. لصريح قوله عزّ إسمه : ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (1).
    10 ـ لو كان النبي أو الإمام مثل الاُمّة يمكن عليهما الخطأ والنسيان والسهو والعصيان لكانت رئاستهما وترجيحهما على الاُمّة من هذه الجهة ترجيحاً بلا مرجّح وهو قبيح .. بل الأنبياء والأئمّة أفضل من الاُمم من جميع الجهات .. العلم والحلم ، والنزاهة والتقوى ، والفضل والفضيلة ، والعدل والمروءة ..
    فيلزم رجحانهم على الاُمّة من جميع الجهات ومنها النزاهة والعصمة حتّى يكونوا أولياءهم وحجج الله على سائر الطبقات منهم ..
    فيكون وصف العصمة في النبي والإمام حتميّاً إلزامياً ..
    هذا فيما يخصّ شرط العصمة في الإمامة كبرويّاً ، مع ما عرفت من وجودها في أئمّتنا الطاهرين وأهل البيت صغروياً بالأدلّة الأربعة المتقدّمة .
    وهنا إستدلال عقلي آخر جامع أيضاً في عصمة الإمام (عليه السلام) يحسن بيانه ،
(1) سورة البقرة : (الآية 124) .


360
وقد نقله الصدوق في العلل والعيون والمعاني والأمالي بسنده عن ابن أبي عمير أنّه قال : ما إستفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إيّاه شيئاً أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام ، فإنّي سألته يوماً عن الإمام أهو معصوم ؟ قال : نعم ، قلت له : فما صفة العصمة فيه ؟ وبأي شيء تُعرف ؟
    قال : إنّ جميع الذنوب لها أربعة أوجه : الحرص ، والحسد ، والغضب ، والشهوة ، فهذه منتفية عنه ..
    لا يجوز أن يكون ـ الإمام ـ حريصاً على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه ; لأنّه خازن المسلمين فعلى ماذا يحرص ؟
    ولا يجوز أن يكون حسوداً ; لأنّ الإنسان إنّما يحسد من هو فوقه ، وليس فوقه أحد فكيف يحسد من هو دونه ؟
    ولا يجوز أن يغضب لشيء من اُمور الدنيا إلاّ أن يكون غضبه لله عزّوجلّ فإنّ الله قد فرض عليه إقامة الحدود ، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا رأفة في دينه حتّى يقيم حدود الله عزّوجلّ .
    ولا يجوز أن يتّبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة ; لأنّ الله عزّوجلّ حبّب إليه الآخرة كما حبّب إلينا الدنيا ، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا .. فهل رأيت أحداً ترك وجهاً حسناً لوجه قبيح ؟ وطعاماً طيّباً لطعام مرّ ؟ وثوباً ليّناً لثوب خشن أو نعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية (1) ؟
    وعلى الجملة ; فبالأدلّة الأربعة نستنتج بنحو القطع واليقين عصمة أهل البيت الطاهرين وسيّدهم الرسول الأمين وأولادهم الأئمّة المهديين صلوات الله عليهم أجمعين ، وأنّهم معصومون مطهّرون مبرّؤون من كلّ ذنب وقذارة ، وخطأ
(1) بحار الأنوار : (ج25 ص192 ب5 ح1) .