كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 1 ـ 10
الغدير
في الكتاب والسنة والأدب
كتاب ديني ، علمي ، فني ، تاريخي ، أدبى ، أخلاقي
مبتكر في موضوعه فريد في بابه يبحث فيه عن حديث الغدير
كتابا وسنة وأدباً ويتضمن تراجم أمة كبيرة من رجالات العلم
والدين والأدب من الذين نظموا هذه الأثارة من العلم
وغيرهم
تأليف
الحبر العلم الحجة المجاهد شيخنا الأكبر
الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي قدس سره
الجزء الثالث



بسم الله الرحمن الرحيم
    حمدك اللهم ياذا المنن السابغة؟ على ما أنعمت به علينا من ولايتك وولاية محمّد سيدرسلك ، وعترته الاطهار ولاة امرك ، واسألك اللهم أن تصلى على محمد وآله ، وتصلح لناخبيئة اسرارنا وتستعملنا بحسن الايمان ، وأن تأخذ بيدى في خدمتى للمجتمع ، والدعوة الى الحق ، والسير وراء الصالح العام ، واعلاء كلمة التوحيد ، وبثّ مآثر رجالات الامّة وساداتهم ، وما توفيقي إلا بك ، عليك توكلت ، واليك انبت.
عبدالحسين احمد
الامينى


(1)
بقية شعراء الغدير
في القرن الثالث
11 ـ أبو إسماعيل العلوي
وجدي وزير المصطفى وابن عمه أليس ببدر كان أول قاحممن وأول صلى ووحّد ربه وصاحب يوم الدوح إذ قام أحمد جعلتك مني يا علي ؟ بمنزل فصلى عليه الله ما ذر شارق علي شهاب الحرب في كل ملحم يطير بحد السيف هام المقحم !؟ وأفضل زوار الحطيم وزمزم فنادى برفع الصوت لا بتهمهم : كهارون من موسى النجيب المكلم وأوفت حجور البيت أركب محرم (1)
( الشاعر )
    أبو إسماعيل محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم.
    هو من فروع دوح الخلافة ، ومن مفاخر العترة الطاهرة ، كان يرفل في حلة المجد الضافية ، طافحا عليه الشرف الظاهر ، والسؤدد المعلوم ، بين حسب زاك ، و ونسب وضئ ، أحمدي المأثرة ، علوي المنقبة ، عباسي الشهامة ، إلى فضائل كثيرة ينحسر عنها البيان.
    قال المرزباني في ( معجم الشعراء ) ص 435 : شاعر يكثر الافتخار بآبائه رضوان الله عليهم ، وكان في أيام المتوكل وبعده دهرا ، وهو القائل :
1 ـ معجم الشعراء للحافظ المرزباني ص 435.

(2)
وإني كريم من أكارم سادة هم خير من يحفى وأفضل ناعل هم المن والسلوى لدان بودهم أكفهم تندي بجزل المواهب وذروة هضب العرب من آل غالب وكالسم في حلق العدو المجانب
    وله :
بعثت إليهم ناظري بتحية فلما رأيت النفس أوفت على الردى فأبدت لي الأعراض بالنظر الشزر فزعت إلى صبري فأسلمني صبري
    أما إذا افتخر أبو إسماعيل بآبائه فأي أحد يولده أولئك الأكارم من آل هاشم فلا يكون حقا له أن يطأ السماء برجله ؟ وأي شريف يكون المحتبي بفناء بيته قمر بني هاشم أبو الفضل ثم لا تخضع له قمة الفلك مجدا وخطرا ؟ فإن افتخر المترجم بهؤلاء فقد تبجح بنجوم الأرض وأعلام الهدى ، ومنار الفضل وسوى الإيمان.
من تلق منهم تلق كهلا أو فتى علم الهدى بحر الندى المورودا
    وهذا جده أبو الفضل العباس الثاني كان كما قال الخطيب في تاريخ بغداد 12 ص 136 : عالما شاعرا فصيحا من رجال بني هاشم لسانا وبيانا وشعرا ، ويزعم أكثر العلوية : إنه أشعر ولد أبي طالب ، وكان في صحابة هارون ومن شعره يذكر إخاء أبي طالب ( عم النبي ) لعبد الله ( أبي النبي لأبيه وأمه ) من بين إخوته :
إنا وإن رسول الله يجمعنا جاءت بنا ربة من بين أسرته حزنا بها دون من يسعى ليدركها رزقا من الله أعطانا فضيلته أب وأم وجد غير موصوم غراء من نسل عمران بن مخزوم قرابة من حواها غير مسهوم والناس من بين مرزوق ومحروم
    جاء إلى باب المأمون فنظر إليه الحاجب ثم أطرق فقال له : لو أذن لنا لدخلنا ، ولو اعتذر إلينا لقبلنا ، ولو صرفنا لانصرفنا ، فأما اللفتة بعد النظرة لا أعرفها (1) ثم أنشد :
وما عن رضا كان الحمار مطيتي ولكن من يمشي سيرضى بما ركب
    ومن درر كلمه الحكمية قوله :
1 ـ هذه الجملة حكيت عن تاريخ الخطيب في تذكرة السبط 32 بغير هذه الصورة.

(3)
    إعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيئ ، ففرغه للمهم.
    وأن مالك لا يغني الناس كلهم ، فخص به أهل الحق.
    وأن كرامتك لا تطيق العامة ، فتوخ بها أهل الفضل.
    وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك وإن دأبت فيهما ، فأحسن قسمتهما بين عملك ودعتك من ذلك.
    فإن ما شغلك من رأيك في غير المهم إزراء بالمهم.
    وما صرفت من مالك في الباطل فقدته حين تريده للحق.
    وما عمدت من كرامتك إلى أهل النقص أضرك في العجز عن أهل الفضل.
    وما شغلك من ليلك ونهارك في غير الحاجة أزرى بك في الحاجة.
    وأخو العباس هذا : الفضل بن الحسن الذي يأبن جده أبا الفضل شهيد الطف سلام الله عليه بقوله :
أحق الناس أن يبكى عليه أخوه وابن والده علي ومن واساه لا يثنيه شيء فتى أبكى الحسين بكربلاء أبو الفضل المضرج بالدماء وجاد له على عطش بماء
    ذكرها له المؤرخ الهندي أشرف علي في كتابه المطبوع [ روض الجنان في نيل مشتهى الجنان ] وشطرها زميلنا العلامة المتضلع الشيخ محمد علي الأوردبادي حياه الله فقال :
أحق الناس أن يُبكى عليه بجنب العلقمي سري فهر أخوه وابن والده علي صريعا تحت مشتبك المواضي ومن واساه لا يثنيه شيء وقد ملك الفرات فلم يذقه بدمع شابه علق الدماء فتى أبكى الحسين بكربلاء هزير الملتقى رب اللواء أبو الفضل المضرج بالدماء عن ابن المصطفى عند البلاء وجاد له على عطش بماء
    وكان شاعرنا المترجم من رجاحة العقل ، ورصافة العارضة ، في جانب عظيم


(4)
    مثيل جده تجري كلماته مجرى الحكم والأمثال منها قوله في رجل من أهله : إني لأكره أن يكون لعلمه فضل على عقله ، كما أكره أن يكون للسانه فضل على علمه (1).

12 ـ الوامق النصراني
أليس بخم قد أقام ( محمد ) فقال لهم : من كنت مولاه منكم فقال : إلهي كن ولي وليه ( علياً ) بإحضار الملا في المواسم فمولاكم بعدي ( علي بن فاطم ) وعاد أعاديه على رغم راغم
    ويقول فيها :
أما رد عمرا يوم سلع بباتر وعاد ابن معدي نحو أحمد خاضعا وعاديت في الله القبايل كلها وكنت أحق الناس بعد محمد كأن على جنبيه لطخ العنادم (2) كشارب أثل في خطام الغمايم (3) ولم تخش في الرحمن لومة لايم وليس جهول القوم في حكم عالم (4)
( ما يتبع الشعر )
    ربما يستغرب القارئ ما يجده من مدايح النصارى لأمير المؤمنين عليه السلام وهم لا يعتنقون الاسلام فضلا عن الاعتقاد بالخلافة الإسلامية ، ولا غرابة في ذلك فإنه جري منهم مع الحقايق الراهنة ، وسير مع التاريخ الصحيح ، فإن المنصف مهما اعتنق
1 ـ كامل المبرد 1 ص 56.
2 ـ السلع : جبل بالمدينة. العندم : الدم والبقم.
3 ـ أثل : شجر عظيم لا ثمر له ج أثلة. الخطام : كل ما وضع في فم البعير ليقتاد به. الغمايم جمع الغمامة : خريطة فم البعير. كناية عن نهاية الذلة والخضوع.
4 ـ مناقب ابن شهر آشوب 1 ص 286 ، 532.


(5)
    مبدء غير الاسلام فإنه لا يسعه إنكار ما اكتنف مولانا من الفضايل : من نفسيات كريمة ، وعلوم جمة ، وخوارق لا تحصى ، وبطولة وبسالة ، وما قال فيه نبي الاسلام ، الذي لا يعدو عند غير المسلم أن يكون عظيما من عظماء العالم ، وحكيما من حكمائه ، بل أعظم رجالات الدهر كلهم ، لا يرمي القول على عواهنه ، فلا بد أن يكون من يثبت له هو صلى الله عليه وآله وسلم تلك الفضايل عظيما كمثله أو دونه بمرقاة.
    كما أنك تجد الثناء المتواصل على النبي الأعظم أو وصيه في كتب لفيف من النصارى واليهود ككتاب.
    1 ـ أقوال محمد تأليف المستر ستنلي لين بول.
    2 ـ محمد والقرآن تأليف المستر جون وانتبورت.
    3 ـ محمد والقرآن تأليف الأستاذ مونته.
    4 ـ عقيدة الاسلام تأليف غولد يسهر.
    5 ـ العالم الاسلامي تأليف ماكس مايرهوف.
    6 ـ تاريخ العرب تأليف الأستاذ هوار.
    7 ـ مفكري الاسلام تأليف كاداود وفو الافرنسي.
    8 ـ مهد الاسلام تأليف ألاب لامنس.
    9 ـ خلاصة تاريخ العرب تأليف سديو الافرنسي.
    10 ـ حياة محمد تأليف السير ويليام ميور الانكليزي.
    11 ـ سيرة محمد تأليف السير وليم موير.
    12 ـ مدنيات الشرق تأليف ألمسيو غروسه.
    13 ـ الكياسة الاجماعية تأليف الدكتور وغسطون كرسطا الايطالي.
    14 ـ محمد والاسلام تأليف حنادا قنبرت.
    15 ـ حياة محمد تأليف المستر دكالون سل.
    16 ـ محمد والاسلام تأليف المستر بوسرت اسمت.
    17 ـ عرب اسبانيا تأليف ألمسيو دوزي.
    18 ـ عن الشرع الدولي تأليف الدكتور نجيب ارمنازي.


(6)
    19 ـ المعلم الاكبر تأليف المستر هر برت وايل
    20 ـ الابطال تأليف توماس كارليل الانكليزي
    21 ـ الاسلام خواطر وسوانح تأليف هنري دي كاستري الفرنسي
    22 ـ حاضر العالم الاسلامي تأليف لوتروب ستو دارد الاميركي
    23 ـ حكم النبي محمد تأليف تولستوي الروسي
    24 ـ مصير المدنية الاسلامية تأليف هو كنيك الفيلسوف الاميركي
    25 ـ سر تطور الاسلام تأليف غوستاف لوبون الفرنسي
    26 ـ الآراء والمعتقدات تأليف غوستاف لوبون الفرنسي
    27 ـ الحضارات تأليف غوستاف لوبون الفرنسي
    28 ـ التمدن الاسلامي (1) تأليف غوستاف لوبون الفرنسي
    29 ـ الاسلام ومحمد تأليف والافتنرت
    30 محمد والحضارة (2) تأليف عبد المسبيح أفندي وزير
    وغير ذلك مئات من كتبهم حول الاسلام أو نبيه. وما ذلك إلا أن ما وصفوه من صفات الفضيلة حقايق ناصعة لا يسترها التمويه ، ولا يأتي على ذكرها الحدثان ، و ذكريات خالدة يحدث بها الملوان ، ما قام للدهر كيان ، وبما أن حديث ( الغدير ) من هاتيك الحقايق تجد الناس إلبا واحدا في روايته ، يهتف به الموالي ، ويعترف به الناصب ، وينشده المسلم ، ويشدو به الكتابي.
( الشاعر )
    بقراط بن أشوط الوامق الارميني النصراني ، بطريق (3) بطارقة أرمينية ، و قائدهم الأكبر ، وأميرهم المقدم في القرن الثالث ، عده ابن شهر آشوب في ( معالم العلماء ) من مقتصدي المادحين لأهل البيت عليهم السلام.
    قال اليعقوبي في تاريخه 3 ص 213 ، وابن الأثير في الكامل 7 ص 20 : إنه
1 ـ طبعت ترجمته بالفارسية بطهران في 804 صحيفة.
2 ـ مقال نشر في جريدة الاستقلال سنة 1927 م.
3 ـ البطريق : القائد الحاذق بالحرب وشيء ونها. معرب.


(7)
وثب في سنة 237 أهل أرمينية بعاملهم يوسف بن محمد فقتلوه ، وكان سبب ذلك أن يوسف لما سار إلى أرمينية خرج إليه بطريق يقال له : بقراط بن أشوط. ويقال له : بطريق البطارقة. يطلب الأمان فأخذه يوسف وابنه نعمة فسيرهما إلى باب الخليفة ( المتوكل ) فاجتمع بطارقة أرمينية مع ابن أخي بقراط بن أشوط وتحالفوا على قتل يوسف ووافقهم على ذلك موسى بن زرارة وهو صهر بقراط على ابنته فأتى الخبر يوسف ونهاه أصحابه عن المقام بمكانه فلم يقبل فلما جاء الشتاء ونزل الثلج مكثوا حتى سكن الثلج ثم أتوه وهو بمدينة ( طرون ) (1) فحصروه بها فخرج إليهم من المدينة فقاتلهم فقتلوه وكل من قاتل معه ، وأما من لم يقاتل معه فقالوا : له انزع ثيابك وانج بنفسك عريانا ففعلوا ومشوا حفاة عراة فهلك أكثرهم من البرد وسقطت أصابع كثير منهم ونجوا ، وكان ذلك في رمضان ، وكان يوسف قبل ذلك قد فرق أصحابه في رساتيق عماله فوجه إلى كل طائفة منهم طائفة من البطارقة فقتلوهم في يوم واحد ، فلما بلغ المتوكل خبره ووجه بغا الكبير إليهم طالبا بدم يوسف فسار إليهم على الموصل والجزيرة فبدأ بأرزن (2) وبها موسى بن زرارة و له إخوته إسماعيل وسليمان وحمد وعيسى ومحمد وهرون فحمل بغا موسى بن زرارة إلى المتوكل وأباح على قتله يوسف فقتل منهم زهاء ثلاثين ألفا وسبى منهم خلقا كثيرا فباعهم.
    وهناك جمع آخرون من النصارى مدح أمير المؤمنين عليه السلام منهم : شاعرهم زينبا ابن إسحق الرسعني الموصلي النصراني.
    ذكر له البيهقي في [ المحاسن والمساوي ] 1 ص 50 ، والزمخشري في [ ربيع الأبرار ] ، وأبو حيان في تفسيره [ البحر المحيط ] 6 ص 221 ، وأبو العباس القسطلاني في [ المواهب اللدنية ] ، وأبو عبد الله الزرقاني المالكي في [ شرح المواهب ] 7 ص 14 ، والمقري المالكي في [ نفح الطيب ] 1 ص 505. والشيخ محمد الصبان في [ إسعاف الراغبين ] 117 نقلا عن إمامهم أبي عبد الله محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الشاطبي (3) قوله (4) :
1 ـ موضع بأرمينية.
2 ـ أرزن : مدينة من أرباض أرمينية.
3 ـ رضي الدين المولود 601 والمتوفى 680 والمترجم في نفح الطيب 1 ص 1505.
4 ـ وذكره له شيخنا الفتال في ( روضة الواعظين ) 143 ، وابن شهر آشوب في ( المناقب ) 2 ص 237.


(8)
عدي وتيم لا احاول ذكرها وما تعتريني في علي ورهطه يقولون : ما بال النصارى تحبهم فقلت لهم : إني لأحسب حبهم بسوء ولكني محب لهاشم إذا ذكروا في الله لومة لائم وأهل النهى من أعرب وأعاجم ؟! سرى في قلوب الخلق حتى البهايم
    وذكر الخطيب الخوارزمي في المناقب 28 ، وابن شهر آشوب في مناقبه 1 ص 361 ، والأربلي في كشف الغمة 20 لبعض النصارى قوله :
علي أمير المؤمنين صريمة له النسب الأعلى وإسلامه الذي بأن عليا أفضل الناس كلهم فلو كنت أهوى ملة غير ملتي وما لسواه في الخلافة مطمع تقدم فيه والفضايل أجمعوا وأورعهم بعد النبي وأشجع لما كنت إلا مسلما أتشيع
    وذكر شيخنا عماد الدين الطبري في الجزء الثاني من كتابه ( بشارة المصطفى ) لأبي يعقوب النصراني قوله :
يا حبذا دوحة في الخلد نابتة المصطفى أصلها والفرع فاطمة والهاشميان سبطاها لها ثمر هذا مقال رسول الله جاء به إني بحبهم أرجو النجاة غدا ما في الجنان لها شبه من الشجر ثم اللقاح علي سيد البشر والشيعة الورق الملتف بالثمر أهل الروايات في العالي من الخبر والفوز مع زمرة من أحسن الزمر
    أشار بها إلى ما أخرجه الحفاظ (1) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أنا الشجرة ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمرتها ، وشيعتنا ورقها ، وأصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة.
    هذا لفظه عند العامة وأما عند مشايخنا فهو : خلق الناس من أشجار شتى و خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من شجره واحدة ، فما قولكم في شجرة أنا أصلها ، وفاطمة
1 ـ الحاكم في ( المستدرك ) 3 ص 160 ، وابن عساكر في تاريخه ج 4 ص 318 ، ومحب الدين في ( الرياض ) 2 ص 253 ، وابن الصباغ ( في الفصول ) ص 11 ، والصفوري في ( نزهة المجالس ) 2 ص 222.

(9)
فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وشيعتنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها ساقته إلى الجنة ، ومن تركها هوى في النار.
    وممن مدحه عليه السلام من متأخري النصارى عبد المسيح الأنطاكي المصري بقصيدته العلوية المباركة ذات 5595 بيتا ومنها قوله ص 547 فيما نحن فيه :
للمرتضى رتبة بعد الرسول لدى ذو العلم يعرفها ذو العدل ينصفها وإن في ذاك إجماعا بغير خلاف وإن أقربها الاسلام لا عجب وإن تنادى جموع المسلمين بها بل جاوزتهم إلى الأغيار فانصرفت وذي فلاسفة الجحاد معجبة ورددت بين أهل الأرض مدحتها كذا النصارى بحب المرتضى شغفت فلست تسمع منها غير مدحته الغ فارجع لقسانها بين الكنائس مع تجد محبته بالاحترام أتت وانظر إلى الديلم الشجعان خائضة الح تلف استعاذتها بالمرتضى ولقد وآمنت أن ترصيع السيوف بصورة أهل اليقين تناهت في تعاليها ذو الجهل يسرفها ذو الكفر يكميها في المذهب مع شتى مناحيها فإنه منذ بدء الوحي داريها فقد وعت قدرها من هدي هاديها نفوسهم نحوها بالحمد تطريها بها وقد أكبرت عجبا تساميها فيه وقد صدقت وصفا وتشبيها ألبابها وشدت فيه أغانيها ـراء ما ذكرته في نواديها رهبانها وهي في الأديار تأويها نفوسها وله أبدت تصبيها روب والترك في شتى مغازيها زانت بصورته الحسنا مواضيها الوصي ينيل النصر منضيها
    م ـ وفي الآونة الأخيرة نظم الأستاذ بولس سلامة قاضي أمة المسيح ببيروت بعد ما قرأ كتابنا هذا ( الغدير ) قصيدته العصماء تحت عنوان ( عيد الغدير ) في 3085 بيتا ، و فيها تحليل وتدقيق ، وإعراب عن حقايق ناصعة. وجري مع التاريخ الصحيح ، طبعت في 317 صفحة ).


(10)
نعرات الجاهلية الأولى
إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم
الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم
    ربما يجد الباحث في بعض تآليف المستشرقين في التاريخ الاسلامي رمزا من النزاهة في الكتابة والأمانة في النقل وخلو كل محكي عن أي مصدر ( هبه غير وثيق ) من التحريف والتصرف فيه ، وتجرده عن سوء صنيع الكتبة ، وبعده من الاستهتار ، وهذا جمال كل تأليف وشأن كل مؤلف مهما كان شريف النفس ، وهو حق كل رائد ، و الرائد لا يكذب أهله.
    غير أن في القوم من ألف وسخف فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذا كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. فكأن الجهل لم يمت بعد وقد مات أبو جهل ، ولهب الضلال لم يخمد بعد وقد اتقد أبو لهب في درك الجحيم ، وكأن الدنيا ترجع إلى ورائها القهقري ، وعاد الاسلام كشمس كادت تكون صلاء (1)
    جاء من القوم بعد لأي من الدهر من يدعو الناس إلى الجاهلية الأولى وإلى حميتها البائدة ، ولا بقيا للحمية بعد الحرائم (2) نهض يبشر عن مسيح مركب من طبيعتين : ( إلهية وبشرية ) ويحسب نفسه قد أبهر في تأليفه وأتى بأمر جديد ، فأخذ كالمتفلسف يتتعتع ويتلعثم ، ويحرف الكلم عن مواضعه ، ويؤول الكتاب الكريم برأيه الضئيل ، ويتحكم في الحديث بفكرته الخائرة ، ويرى النبي الأعظم من المبشرين بنصرانيته الصحيحة التي ليست هي إلا الضلال المحض ، وهو مع ذلك مائن في نقله ، خائن في حكايته ، غاش في نصحه ، مدنس في كتابته ، مهاجم على قدس صاحب الرسالة
1 ـ مثل يضرب في قلة الانتفاع بالشيء .
2 ـ الحريمة ما فات من كل مطموع فيه.
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس