كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 141 ـ 150
(141)
لم يحر كه حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أللهم إن عبدك عليا احتبس نفسه على نبيه فرد عليه شرقها. قالت أسماء : فطلعت الشمس حتى رفعت على الجبال فقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم غابت الشمس.
    وهناك لفظ آخر نصفح عنه روما للاختصار.
    ويعرب عن شهرة هذه الأثارة بين الصحابة الأقدمين احتجاج الإمام أمير المؤمنين بها على الملأ يوم الشورى بقوله : أنشدكم الله أفيكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري ؟ قالوا : لا. (1)
    وأخرج الخوارزمي في ( المناقب ) ص 260 عن مجاهد عن ابن عباس قال : قيل له : ما تقول في علي بن أبي طالب ؟! فقال : ذكرت والله أحد الثقلين ، سبق بالشهادتين ، وصلى بالقبلتين ، وبايع البيعتين ، وأعطي السبطين ، وهو أبو السبطين الحسن والحسين وردت عليه الشمس مرتين بعد ما غابت من الثقلين.
    ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الأولى حتى اليوم يوجد منه شطر مهم في غضون كتابنا.
    راجع ج 2 ص 293 ج 3 ص 29 ، 57.
    فبهذه كلها نعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه ، ونحن لا يسعنا إيقاف القارئ على كل ما في ( الفصل ) من الطامات ولا على شطر مهم منه إذ جميع أجزاءه ولا سيما الجزء الرابع مشحون بالتحكم والتقول والتحريف والتدجيل والإفك والزور ، وهناك مذاهب مختلقة لا وجود لها إلا في عالم خيال مؤلفه.
    وأما ما فيه من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له بحيث لو أردنا استيفائه لكلفنا ذلك جزءا ، ولا يسلم أحد من لدغ لسانه لا في فصله ولا في بقية تآليفه حتى نبي العظمة قال في ( الأحكام ) 5 ص 171 : قد غاب عنهم ( يعني الشيعة ) إن سيد الأنبياء هو ولد كافر وكافرة.
    أيساعده في هذه القارصة أدب الدين ؟! أدب التأليف ؟! أدب العلم ؟! أدب العفة ؟!
أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر
سيعلمون غدا من الكذاب الأشر

القمر 25 ، 26

1 ـ مر الايعاز إلى حديث المناشدة يوم الشورى ج 1 ص 159 ـ 163.

(142)
5
الملل والنحل (1)
    هذا الكتاب وإن لم يكن يضاهي ( الفصل ) في بذاءة المنطق غير أن في غضونه نسبا مفتعلة ، وآراء مختلقة ، وأكاذيب جمة ، لا يجد القارئ ملتحدا عن تفنيدها ، فإليك نماذج منها :
    1 ـ قال : قال هشام بن الحكم متكلم الشيعة : إن الله جسم ذو أبعاض في سبعة أشبار بشبر نفسه في مكان مخصوص وجهة مخصوصة (2).
    3 ـ وقال هشام بن سالم : إن الله على صورة إنسان أعلاه مجوف ، وأسفله مصمت ، وهو نور ساطع يتلألأ ، وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأذن وعين وفم ، وله وفرة سوداء وهو نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم ، وإن هشام هذا أجاز المعصية على الأنبياء مع قوله بعصمة الأئمة.
    4 ـ وقال زرارة بن أعين : لم يكن الله قبل خلق الصفات عالما ولا قادرا ولا حيا ولا بصيرا ولا مريدا ولا متكلما.
    5 ـ قال أبو جعفر محمد بن النعمان : إن الله نور على صورة إنسان ويأبى أن يكون جسما.
    6 ـ وزعم يونس بن عبد الرحمن القمي : إن الملائكة تحمل العرش والعرش تحمل الرب ، وهو من مشبهة الشيعة ، وصنف لهم في ذلك كتبا.
    جهذه عقايد باطلة عزاها إلى رجالات الشيعة المقتصين أثر أئمتهم عليهم السلام اقتصاص الظل لذيه ، فلا يعتنقون عقيدة ، ولا ينشرون تعليما ، ولا يبثون حكما ، ولا يرون رأيا إلا ومن ساداتهم الأئمة على ذلك برهنة دامغة ، أو بيان شاف ، أو فتوى سديدة ، أو نظر ثاقب.
1 ـ تأليف الفيلسوف الأشعري أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى 548.
2 ـ في المطبوع في هامش الفصل 2 ص 25.


(143)
على أن أحاديث هؤلاء كلهم في العقايد والأحكام والمعارف الإلهية مبثوثة في كتب الشيعة تتداولها الأيدي ، وتشخص إليها الأبصار ، وتهش إليها الأفئدة ، فهي وما نسب إليهم من الأقاويل على طرفي نقيض ، وهاتيك كتبهم وآثارهم الخالدة لا ترتبط بشيء من هذه المقالات بل إنما هي تدحرها وتضادها بألسنة حداد.
    وإطراء أئمة الدين عليهم السلام لهم بلغ حد الاستفاضة ، ولو كانوا يعرفون من أحدهم شيئا من تلكم النسب لشنوا عليهم الغارات ، كلائة لملأهم عن الاغترار بها كما فعلوا ذلك في أهل البدع والضلالات.
    وهؤلاء علماء الرجال من الشيعة بسطوا القول في تراجمهم وهم بقول واحد ينزهونهم عن كل شائنة معزوة إليهم ، وهم أعرف بالقوم من أضداد هم البعداء عنهم الجهلاء بهم وبترجمتهم ، غير مجتمعين معهم في حل أو مرتحل.
    وليس في الشيعة منذ القدم حتى اليوم من يعترف أو يعرف بوجود هذه الفرق هشامية. زرارية. يونسية. المنتمية عند الشهرستاني ونظرائه إليهم ككثير من الفرق التي ذكرها للشيعة ، وقد نفاها الشيخ العلامة أبو بكر ابن العتايقي الحلي في رسالة له في النحل الموجودة بخط يمينه ، وحكم سيدنا الشريف المرتضى علم الهدى في الشافي والسيد العلامة المرتضى الرازي ( في تبصرة ) العوام بكذب ما عزوه إلى القوم جميعا وأنها لا توجد إلا في كتب المخالفين لهم في المبدء إهباطا لمكانتهم عند الملأ ، لكن الشيعة الذين هم ذووهم وأعرف الناس بمبادءهم لا يعرفون هاتيك المفتريات ، ولا يعترفون بها ، ولا يوجد شيء منها في كتبهم ، وإنما الثابت فيها خلاف ذلك كله ، كما لا يعتمد على تحقيق شيء من هاتيك الفرق آية الله العلامة الحلي في ( مناهج اليقين ) وغيرهم من أعلام الشيعة.
    فهل في وسع الرجل أن يخصم الإمامية بحجة مثبتة لتلكم الدعاوي ؟! لاها الله.
    وهل نسب في كتب الكلام والتاريخ قبل خلق الشهرستاني إلى هشام القول بألوهية علي ؟! لاها الله.
    وهل رأت عين بشر أو سمعت أذناه شيئا ولو كلمة من تلكم الكتب المعزوة إلى يونس بن عبد الرحمن المصنفة في التشبيه ؟! لاها الله. والشهرستاني أيضا لم يره ولم يسمعه. ( وإن تعجب فعجب قوله ) :


(144)
    7 ـ قال : إختلف الشيعة بعد موت علي بن محمد العسكري أيضا فقال قوم : بإمامة جعفر بن علي وقال فوم بإمامة الحسن بن علي وكان لهم رئيس يقال له : علي بن فلان الطاحن وكان من أهل الكلام قوى أسباب جعفر بن علي وأمال الناس إليه وأعانه فارس بن حاتم بن ماهويه ، وذلك أن محمدا قد مات وخلف الحسن العسكري قالوا : امتحنا الحسن ولم نجد عنده علما.
    ولقبوا من قال بإمامة الحسن ( الحمارية ) وقووا أمر جعفر بعد موت الحسن ، واحتجوا بإن الحسن مات بلا خلف ، فبطلت إمامته لأنه لم يعقب والإمام لا يكون إلا ويكون له خلف وعقب ، وحاز جعفر ميراث الحسن بعد دعوى ادعاها عليه أنه فعل ذلك من حبل في جواريه وغيره وانكشف أمرهم عند السلطان والرعية وخواص الناس وعوامهم ، وتشتت كلمة من قال بإمامة الحسن وتفرقوا أصنافا كثيرة ، فثبت هذه الفرقة على إمامة جعفر ورجع إليهم كثير ممن قال بإمامة الحسن منهم : الحسن بن علي بن فضال وهو من أجل أصحابهم وفقائهم كثير الفقه والحديث ، ثم قالوا بعد جعفر بعلي بن جعفر وفاطمة بنت علي أخت جعفر ، و قال قوم : بإمامة علي بن جعفر دون فاطمة السيدة ، ثم اختلفوا بعد موت علي وفاطمة إختلافا كثيرا.
    ج ـ إن الرجل يدخل المراقص والمسارح لينظر إلى المفرحات والمضحكات أو يسمع أشياء سارة ولو من بعض النواحي ، وقد غفل عن أن كتاب الشهرستاني أوفى بمقصده من تلك المنتديات.
    غير أنه إن كان مضحكا بجهل صاحبه فهو مبك من ناحية أن يوجد في بحاثة المسلمين من تروقه الوقيعة في أمم من قومه ، لكنه لا يعرف كيف يقع ، فيثبت ما يتراوح بين جهل شائن ، وإفك مفترى ، وليته قبل أن يكتب فحص عن أحوال القوم وعقائدهم وتاريخ رجالهم فلا يتحمل إثم ما افتعله ، ولا يخبط في ذلك خبط عشواء ، ولا يثبت ما لا يعرف.
فإن كان لا يدري ؟! فتلك مصيبة وإن كان يدري ؟! فالمصيبة أعظم
    ليت شعري متى وقع الخلاف في الإمامة بين الإمام الحسن العسكري عليه السلام و بين أخيه جعفر الذي ادعى الإمامة بعد وفاة أخيه ؟!


(145)
    ومن هو علي بن فلان الطاحن الذي قوى أسباب جعفر وأمال الناس إليه ؟! و متى خلق ؟! ومتى مات ؟! ولست أدري أي هي بن بي هو ؟! وهل وجد لنفسه مقيلا في مستوى الوجود ؟! أنا لا أدري ، والشهرستاني لا يدري ، والمنجم أيضا لا يدري.
    وكيف أعان جعفرا فارس بن حاتم بن ماهويه وقد قتله جنيد بأمر والده الإمام علي الهادي عليه السلام ؟ !.
    ومن هو محمد الذي خلف الإمام الحسن العسكري ؟! أهو الإمام محمد الجواد ؟! ولم يخلف إلا ابنه الإمام الهادي سلام الله عليه.
    أو هو أبو جعفر محمد بن علي ؟! صاحب البقعة المعظمة بمقربة من بلد ، وقد مات بحياة أبيه الطاهر والامامة مستقرة لوالده ، ومتى كان إماما أو مدعيا للإمامة حتى يخلف غيره عليها ؟! ومن هؤلاء الذين امتحنوا الحسن الزكي العسكري فلم يجدوا عنده علما ؟! ثم وجدوه في جعفر الذي لم يعرف منه شيء غير أنه ادعى الإمامة باطلا بعد أخيه ، و قصارى ما عندنا أنه أدركته التوبة ، ولم يوجد له ذكر بعلم أو ترجمة فيها فضيلة في أي من الكتب ، ولا نشرت عنه كتب الأحاديث شيئا من علومه المدعاة له عند الشهرستاني لو صدقت الأحلام ، وهذا الحسن العسكري عليه السلام تجده في التراجم والمعاجم من الفريقين مذكورا بالعلم والثقة وملأ كتب العلم والحديث تعاليمه ومعارفه.
    ومن هم الذين لقبوا أتباع الحسن عليه السلام بالحمارية ؟! نعم : أهل بيت النبوة محسودون في كل وقت فكان يحصل لكل منهم في وقته من يسبه حسدا ويسب أتباعه لكن لا يذهب ذلك لقبا له أو لأشياعه ، وإنما يتدهور في مهوى الضعة.
    ومتى كان الحسن بن علي بن فضال في عهد الإمام الحسن العسكري ؟! حتى يرجع عنه إلى جعفر وقد توفي ابن فضال سنة 221 ونطفة الحسن وجعفر بعد لم تنعقد ، وقبل أن يبلغ الحلم والدهما الطاهر الإمام الهادي المتولد سنة 212.
    ومن ذا الذي ذكر للإمام علي الهادي بنتا إسمها فاطمة ؟! حتى يقول أحد بإمامتها ، فإن الإمام عليه السلام لم يخلف من الذكور إلا الحسن والحسين وجعفرا ومن الإناث إلا علية ، باتفاق المؤرخين.
    هذا كل ما في علبة الشهرستاني من جهل وفرية سود بهما صحيفة من كتابه


(146)
أو صحيفة من تاريخ حياته ، وكم له من لداتها صحايف ، ولم يدهوره إلى تلك الهوة إلا عدم معرفته بما يقول حتى أنه يقول في الإمام الهادي الذي خبط فيه وفي ولده هذا الخبط العظيم أن مشهده بقم (1) وهذه سامراء المشرفة تزدهي بمرقده الأطهر وإلى جنبه ولده الإمام الزكي منذ دفنا فيه قبل الشهرستاني وبعده ، وتلك قبته الذهبية تحك السماء بذخا ، وتفوق الذكاء سناء ، وهذه المعاجم والتواريخ مفعمة بتعيين هذا المرقد الأقدس له ولولده لكن الشهرستاني يجهل ذلك كله 8 خاصة الشيعة عند الشهرستاني.
    قال : ومن خصايص الشيعة القول بالتناسخ والحلول والتشبيه. 2 ص 25.
    جهل أنبئكم على من تنزل الشياطين ؟ ! تنزل على كل أفاك أثيم ، يلقون السمع وأكثرهم كاذبون.
    ليس بينك وبين عقايد الشيعة حجز وهي مدونة في مؤلفاتهم الكلامية قديما وحديثا ، فلن تجد من يضرب على يدك إذا مددتها إلى أي منها أو من يغشي على بصرك إذا نظرت فيها ، فأمعن فيها بصرك وبصيرتك ، أو سل من شيء ت من علماء الشيعة و عارفيها ، وأتنازل معك إلى جهالها عن هذه العقايد المعزوة إلى الشيعة على لسان الشهرستاني في القرون الوسطى ، وعلى لسان طه حسين وأمثاله في القرن الأخير ، و سلهم أنهم هل يرون لمعتنقي هاتيك العقايد مقيلا في مستوى الدين ؟! أو مبوء على باحة الاسلام ؟! أما وإنك لا تجد فردا من أفراد الشيعة إلا وهو يقول بكفر من يكون هذه معتقده ، إذن فاعرف قيمة كتاب الشهرستاني ومحله من الأمانة في النقل.
    أنا لم أجد في قاموس البيان ما يعرب عن حقيقة الشهرستاني وكتابه ، وكل ما ذكر من تقولاته وتحكماته يقصر عن استكناه بجره وعجره ، غير أن لمعاصره أبي محمد الخوارزمي كما في معجم البلدان 5 ص 315 كلاما ينم عن روحياته وإليك نصه ، قال بعد ذكر مشايخه في الفقه وأصوله والحديث :
    ولولا تخبطه في الاعتقاد وميله إلى هذا الالحاد لكان هو الإمام ، وكثيرا ما كنا نتعجب من وفور فضله وكمال عقله وكيف مال إلى شيء لا أصل له ، واختار أمرا
1 ـ 2 ص 5 هامش الفصل.

(147)
لا دليل عليه لا معقولا ولا منقولا ، ونعوذ بالله من الخذلان والحرمان من نور الإيمان ، وليس ذلك إلا لإعراضه عن نور الشريعة واشتغاله بظلمات الفلسفة ، وقد كان بيننا محاورات ومفاوضات ، فكان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب عنهم ، وقد حضرت عدة مجالس من وعظه فلم يكن فيها لفظ : قال الله ، ولا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا جواب من المسائل الشرعية والله أعلم بحاله.
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه
و جعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون

الجاثية 23


(148)
6
منهاج السنة
    إذا أردت أن تنظر إلى كتاب سمى بضد معناه فانظر إلى هذا الكتاب الذي استعير له اسم ( منهاج السنة ) وهو الحرى بأن يسمى ، منهاج البدعة. وهو كتاب حشوه ضلالات وأكاذيب و تحكمات ، وإنكار المسلمات ، وتكفير المسلمين ، وأخذ بناصر المبدعين ، ونصب وعداء محتدم على أهل بيت الوحي عليهم السلام ، فليس فيه إلا تدجيل محض ، وتمويه على الحقايق ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وقول بالبذاء ، ورمى بالمقذعات ، وقذف بالفواحش ، وتحكك بالوقيعة ، وتحرش بالسباب ، وإليك نماذج منها :
    1 ـ قال : من حماقات الشيعة أنهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة ولا بعشرة جذوع ونحو ذلك ، لبغضهم العشرة المبشرة إلا علي بن أبي طالب ، ومن العجب أنهم يوالون لفظ التسعة وهم يبغضون التسعة من العشرة. ج 1 ص 9.
    وقال ج 2 ص 143 : من تعصب الرافضة أنهم لا يذكرون إسم العشرة بل يقولون : تسعة وواحد ، وإذا بنوا أعمدة أو غير هالا يجعلونها عشرة وهم يتحرون ذلك في كثير من أمورهم.
    ج ـ أو ليس عارا على من يسمي نفسه شيخ الاسلام أن ينشر بين المسلمين في كتابه مثل هذه الخزاية ويكررها في طيه ؟ كأنه جاء بتحقيق أنيق ، أو فلسفة راقية ، أو حكمة بالغة تحيي الأمة.
    وإن تعجب فعجب أن رجلا ينسب نفسه إلى العلم والفضيلة ثم إذا قال قولا كذب ، أو إذا نسب إلى أحد شيئا مان ، وكان ما يقوله أشبه شيء بأقاويل رعاة المعزى ، لا ، بل هو دونهم وقوله دون ما يقولون ، وكأن الرجل مهما ينقل عن الشيعة شيئا يحدث
1 ـ تأليف ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم الحراني الحنبلي المتوفى في محبس مراكش 728.

(149)
به عن أمة بائدة لم تبق منها صروف العبر من يعرف نواميسها ، ويدافع عنها ، و يدرأ عنها القول المختلق.
    هذا وأديم الأرض يزدهي بملائين من هذه الفرقة ، والمكتبات مفعمة بكتبهم ، فعند أي رجل منهم ؟! وفي أي من هاتيك الكتب تجد هذه المهزأة ؟! نعم في قرآن الشيعة تلك عشرة كاملة. ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. والفجر وليال عشر. فأتوا بعشر سور مثله. وأمثالها وهي ترتلها عند تلاوته في آناء الليل وأطراف النهار ، وهذه دعاء العشرات يقرئها الشيعة في كل جمعة. وهذه الصلوات المندوبة التي تكرر فيها السورة عشر مرات. وهذه الأذكار المستحبة التي تقرء بالعشرات. وهذه مباحث العقول العشرة. ومباحث الجواهر والأعراض العشرة في كتبهم.
    وهذا قولهم : إن أسماء النبي عشرة.
    وقولهم : إن الله قوى العقل بعشرة.
    وقولهم : عشرة خصال من صفات الإمام.
    وقولهم : كانت لعلي من رسول الله عشر خصال.
    وقولهم : بشر شيعة علي بعشر خصال.
    وقولهم : عشر خصال من مكارم الأخلاق.
    وقولهم : لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات.
    وقولهم : لا يكون المؤمن عاقلا إلا بعشر خصال.
    وقولهم : لا يؤكل عشرة أشياء.
    وقولهم : عشرة أشياء من الميتة ذكية.
    وقولهم : عشرة مواضع لا يصلي فيها.
    وقولهم : الإيمان عشرة درجات.
    وقولهم : العافية عشرة أجزاء.
    وقولهم : الزهد عشرة أجزاء.
    وقولهم : الشهوة عشرة أجزاء.
    وقولهم : البركة عشرة أجزاء.


(150)
    وقولهم : الحياء عشرة أجزاء.
    وقولهم : في الشيعة عشر خصال.
    وقولهم : الاسلام عشرة أسهم.
    وقولهم : في السواك عشر خصال.
    وهذه قصور الشيعة المشيدة ، وأبنيتهم العامرة ، وحصونهم المنيعة كلها تكذب ابن تيمية ، ولا يخطر على قلب أحد من بانيها ما لفقه ابن تيمية من المخاريق.
    هذا والشيعة لاتزى للعدد قيمة بمجرده ، ولا يوسم أحد منهم بحبه وبغضه مهما كان المعدود مبغوضا له أو محبوبا ، ولم تسمع أذن الدنيا من أحدهم في العشرة : تسعة وواحد. نعوذ بالله من هذه المجهلة.
    2 ـ قال : ومن حماقاتهم : ( يعني الشيعة ) إنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها كالسرداب الذي بسامرا يزعمون أنه غائب فيه ومشاهد أخر ، وقد يقيمون هناك دابة إما بغلة وإما فرسا وإما غير ذلك ليركبها إذا خرج ، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج : يا مولانا اخرج.
    و يشهرون السلاح ولا أحد هناك يقاتلهم ، وفيهم من يقوم في أوقاته دائما لا يصلي خشية أن يخرج وهو في الصلاة ، فيشتغل بها عن خروجه وخدمته ، وهم في أماكن بعيدة عن مشهده كمدينة النبي صلى الله عليه وسلم إما في العشرة الأواخر من شهر رمضان ، وإما غير ذلك يتوجهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه.
    3 ـ قال : ومن حماقاتهم : اتخاذهم نعجة وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى حميراء يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها وغير ذلك ، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة.
    4 ـ واتخاذهم حلسا مملؤا سمنا ثم يشقون بطنه فيخرجون السمن فيشربونه ويقولون : هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.
    5 ـ ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما بأبي بكر والآخر بعمر ، ثم عقوبة الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة عقوبة لأبي بكر وعمر. وكرر هذه النسب الثلاث في ج 2 ص 145.
    6 ـ قال : وتارة يكتبون أسمائهم على أسفل أرجلهم حتى أن بعض الولاة جعل
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس