كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 321 ـ 330
(321)
ذلك سببا في حدوث إنقسام كبير بين الشيعة كما أشار إلى ذلك ابن خلدون.
    وبمثل قوله في ص 128 : ادعى عبد الله بن علي بن عبد الله بن الحسين (1) الإمامة ، ويروى أن وفدا مؤلفا من اثنين وسبعين رجلا جاء إلى المدينة من خراسان ، ومعهم أموال يحملونها إلى الإمام وهم لا يعرفونه ، فذهبوا إلى عبد الله أولا فأخرج لهم درع النبي صلى الله عليه وسلم وخاتمه وعصاه وعمامته ، فلما خرجوا من عنده على أن يرجعوا غدا لقيهم رجل من أتباع محمد الباقر فخاطبهم بأسمائهم ودعاهم إلى دار سيده فلما حضروا كلهم طلب الإمام محمد الباقر من ابنه جعفر أن يأتيه بخاتمه فأخذه بيده وحركه قليلا وتكلم بكلمات فإذا بدرع الرسول وعمامته وعصاه تسقط من الخاتم ، فلبس الدرع ووضع العمامة على رأسه وأخذ العصا بيده فاندهش الناس ، فلما رأوها نزع العمامة والدرع وحرك شفتيه فعادت كلها إلى الخاتم ، ثم التفت إلى زواره وأخبرهم أنه لا إمام إلا وعنده مال قارون فاعترفوا بحقه في الإمامة ودفعوا له الأموال. وقال في تعليقه : انظر دائرة المعارف (2) الإسلامية. مادة قارون.
    سبحانك اللهم ما كنا نحسب أن رجلا يسعه أن يكتب عن أمة كبيرة ويأخذ معتقداتها عمن يضادها في المبدء ، ويتقول عليها بمثل هذه الترهات من دون أي مصدر ، وينسب إليها بمثل هذه المخازي من دون أي مبرر ، فما عساني أن أكتب عن مؤلف حائر بائر ساح بلاد الشيعة ، وجاس خلال ديارهم ، وحضر في حواضرهم وعاش بينهم ( كما يقول في مقدمة كتابه ) ست عشر سنة ، ولم ير منهم في طيلة هذه المدة أثرا مما تقول عليهم ، ولم يسمع منه ركزا ، ولم يقرأه في تآليف أي شيعي ولو لم يكن فيهم وسيطا (3). ولم يجد في طامور قصاص ، فجاء يفصم عرى الأخوة الإسلامية ، ويفرق صفوف أهل القرآن ، بما لفقته يد الإفك والزور من شاكلته ،
1 ـ ليته دلنا على مدعي الإمامة هذا من ولد الحسين من هو ؟ ومتى ولد ؟ وأين ولد ؟ وأين عاش ؟ وأين مات ؟ وأين دفن ؟ ومتى كان دعواه ؟ لم يكن ممن عاصر الإمام الباقر من ولد جده الحسين غير أخيه عبد الله بن علي بن الحسين ، وكان فقيها فاضلا مخبتا إلى إمامة أخيه الباقر فالقضية بهذا الاسم سالبة بانتفاء الموضوع ، وفيها ما ينافي أصول الشيعة وقد خفى على الواضع.
2 ـ هذا الكتاب فيه من البهرجة والباطل شيء هائل يحتاج جدا إلى نظارة التنقيب.
3 ـ وسيط القوم : أرفعهم مقاما وأشرفهم نسبا. ومن هنا يقال : الحكمة الوسطى.


(322)
ويبهت أرقى الأمم بما هم بعداء منه ، ويعزو إليهم بما يكذبه به أدب الشيعة وتحرمه مبادئهم الصحيحة ، ويقذفهم بما وضعته يد الإحن والشحنا من أمثال هذه الأفائك الشائنة ، فكأن في أذنيه وقرا لم تسمع ذكرا مما ألفه أعلام الشيعة قديما وحديثا في أصول عقائدهم ، وكأن في بصره غشاوة لم ير شيئا من تلك التآليف التي ملأت مكتبات الدنيا.
    نعم : إن الذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى.
    فأتعس الله حظ مؤلف هذا شأنه ، وجدع أنفه ويريه وبال أمره في الدنيا قبل عذاب الآخرة.
    والخطب الفظيع إن هذا الكيذبان [ وليد عالم التمدن ] مهما ينقل عن تأليف شيعي تجده تارة يمين في نقله كقوله في ترجمة الكليني ص 284 : يقال إن قبره فتح فوجد في ثيابه وعلى هيئته لم يتغير وإلى جانبه طفل كان قد دفن معه فبني على قبره مصلى. ويذكر في التعليق أنه كذلك ص 207 فهرست الطوسي رقم 709.
    ولم يوجد في فهرست الطوسي من هذه القيلة أثر.
    وتارة تراه يحرف الكلم عن مواضعها ويشوه صورتها كما فعل فيما ذكره من زيارة مولانا أمير المؤمنين ص 80 ناقلا عن الكافي للكليني ج 2 (1) ص 321 فإنه أدخل فيها من عند نفسه ألفاظا لم توجد قط فيها لا فيه ولا في غيره من كتب الشيعة.
    أضف إلى هذه فظيعة جهله برجال الشيعة وتاريخهم قال في ترجمة الصحابي الشيعي العظيم سلمان الفارسي :
    يزور كثير من الشيعة قبره عند عودتهم من كربلاء وهو في قرية اسبندور من المدائن ويقول بعضهم (2) :
    إنه دفن في جوار إصفهان.
    و قال ص 268 : والمقداد الذي توفي في مصر ودفن بالمدينة.
    وحذيفة بن اليمان الذي قتل مع أبيه وأخيه في غزوة أحد ودفن في المدينة.
    وقال ص 268 : إن الكليني مات في بغداد ودفن بالكوفة (3) وأكثر النقل عن تبصرة العوام للسيد المرتضى الرازي أحد أعلام القرن السابع ونسبه في ذلك كله إلى السيد الشريف علم الهدى المرتضى مؤرخا وفاته 436.
1 ـ والصحيح : ج 1.
2 ـ ليته دلتا على ذلك البعض.
3 ـ خفى عليه أنه ( باب الكوفة ) وهو من محلات بغداد.


(323)
    ولعلنا نبسط القول حول ما في طيه من أباطيل ومخاريق بتأليف مفرد ونبرهن فساد ما هنالك في ص 20 ، 21 ، 24 ، 34 ، 36 ، 43 ، 47 ، 59 ، 60 ، 63 ، 72 ، 77 ، 80 ، 83 ، 91 ، 92 ، 100 ، 101 ، 110 ، 111 ، 114 ، 115 ، 122 ، 126 ، 128 ، 151 ، 158 ، 161 ، 170 ، 174 ، 185 ، 192 ، 208 ، 211 ، 235 ، 253 ، 268 ، 280 ، 282 ، 284 ، 295 ، 296 ، 304 ، 320 ، 329 ، وغيرها.
    ولا يفوت المترجم عرفاننا بأن يده الأمينة على ودايع العلم لعبت بهذا الكتاب وإنه زاد شوها في شوهه ، وبذل كله في تحريفه ، وأخنى عليه ورمجه ، وقلب له ظهر المجن ، وأدخل فيه ما حبذته نفسيته الضئيلة ، فتعسا لمترجم راقه ما في الكتاب من التحامل على الشيعة والوقيعة فيهم ، فجاء يحمل أثقال أوزار الغرب وينشرها في الملأ ولم يهمه التحفظ على ناموس الاسلام ، وعصمة الشرق ، وكيان العرب ودينه.
وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ، وليسئلن يوم القيمة
عما كانوا يفترون

سورة العنكبوت : 13


(324)
16
الوشيعة
في نقد عقائد الشيعة
تأليف موسى جار الله
    كنت أود أن لا أحدث لهذا الكتاب ذكرا ، وأن لا يسمع أحد منه ركزا ، فإنه في الفضائح أكثر منه في عداد المؤلفات ، لكن طبع الكتاب وانتشاره حداني إلى أن أوقف المجتمع على مقدار الرجل ، وعلى أنموذج مما سود به صحائفه ، وكل صحيفة منه عار على الأمة وعلى قومه أشد شنارا.
    لست أدري ما أكتب عن كتاب رجل نبذ كتاب الله وسنة نبيه وراءه ظهريا ، فجاء يحكم وينقد ، ويتحكم ويفند ، وينبر وينبز ، ويبعث بكتاب الله ويفسره برأيه الضئيل ، وعقليته السقيمة كيف شاء وأراد ، فكأن القرآن قد نزل اليوم ولم يسبقه إلى معرفته أحد ، ولم يأت في آية قول ، ولم يدون في تفسيره كتاب ، ولم يرد في بيانه حديث ، وكأن الرجل قد أتى بشرع جديد ، ورأي حديث ، ودين مخترع ، ومذهب مبتدع ، لا يساعده أي مبدء من مبادئ الاسلام ، ولا شيء من الكتاب أو السنة.
    ما قيمة مغفل وكتابه وهو يرى الأمة شريكة لنبيها في كل ما كان له ، و في كل فضيلة وكمال تستوجبها الرسالة ، وشريكة لنبيها في أخص خصايص النبوة ، ويرى رسالة الأمة متصلة بسورة رسالة النبي من غير فصل ، ويستدل على رسالة الأمة بقوله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم (1).
    وبقوله : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم (2)
1 ـ سورة التوبة آية 128.
2 ـ سورة الفتح آية 29.


(325)
    والكلام معه في هذه الأساطير كلها يستدعي فراغا أوسع من هذا ، ولعله يتاح لنا في المستقبل الكشاف إنشاء الله تعالى ، وقد أغرق نزعا في تفنيد أباطيله العلامة المبرور الشيخ مهدي الحجار النجفي نزيل المعقل (1).
    ولو لم يكن للرجل في طي كتابه إلا أساطيره الراجعة إلى الأمة لكفاه جهلا وسوءة وإليك نماذج منها قال :
    1 ـ الأمة معصومة عصمة نبيها. معصومة في تحملها وحفظها. وفي تبليغها وأدائها. حفظت كل ما بلغه النبي مئل حفظ النبي. وبلغت كل ما بلغه النبي مثل تبليغ النبي. حفظت كليات الدين وجزئيات الدين أصلا وفرعا. وبلغت كليات الدين وجزئيات الدين أصلا وفرعا.
    لم يضع من أصول الدين ومن فروع الدين شيئ. 1 ـ حفظه الله 2 ـ حفظه نبيه محمد ، 3 ـ حفظته الأمة :
    كافة عن كافة ، عصرا بعد عصر ، ولا يمكن أن يوجد شيئ من الدين غفل عنه أو نسيه الأمة.
    فالأمة بالقرآن والسنة أعلم من جميع الأئمة ، وأقرب من اهتداء الأئمة ، و علم الأمة بالقرآن وسنن النبي اليوم أكثر وأكمل من علم علي ومن علوم كل أولاد علي.
    ومن عظيم فضل الله على نبيه ، ثم من عموم وعميم فضل الله على الأمة أن جعل في الأمة من أبناء الأمة كثيرا هم أعلم بكثير من الأئمة ومن صحابة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. لز.
    وكل حادثة إذا وقعت فالأمة لا تخلو من حكم حق وصواب وجواب يريه الله الواحد من الأمة التي ورثت نبيها وصارت رشيدة ببركة الرسالة وختمها أرشد إلى الهداية وإلى الحق من كل إمام ، والأمة مثل نبيها معصومة ببركة الرسالة و كتابها ، ومعصومة بعقلها العاصم.
    الأمة بلغت وصارت رشيدة لا تحتاج إلى الإمام ، رشدها وعقلها يغنيها عن كل إمام... إلخ.
    أنا لا أنكر على الشيعة عقيدتها أن الأئمة معصومة ، وإنما أنكر عليها عقيدتها
1 ـ أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر يأتي هناك شعره وترجمته.

(326)
أن أمة محمد لم تزل قاصرة ولن تزال قاصرة ، تحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة ، والأمة أقرب إلى العصمة والاهتداء من كل إمام معصوم ، وأهدى إلى الصواب والحق من كل إمام معصوم ، لأن عصمة الإمام دعوى ، أما عصمة الأمة فبداهة وضرورة بشهادة القرآن. لط.
    ليس يمكن في العالم نازلة حادثة ليس لها جواب عند الأمة : وعقلنا لا يتصور احتياج الأمة إلى إمام معصوم ، وقد بلغت رشدها ، ولها عقلها العاصم ، وعندها كتابها المعصوم ، وقد حازت بالعصوبة كل مواريث نبيها ، وفازت بكل ما كان للنبي بالنبوة.
    الأمة بعقلها وكمالها ورشدها بعد ختم النبوة أكرم وأعز وأرفع من أن تكون تحت وصاية وصي تبقى قاصرة إلى الأبد. ما
    جهذه سلسلة أوهام ، وحلقة خرافات تبعد عن ساحة أي متعلم متفقه فضلا عمن يرى نفسه فقيها ، فكأن الرجل يتكلم في الطيف في عالم الأضغاث والأحلام.
    ألا من يسائله عن أن الأمة إذا كانت معصومة حافظة لكليات الدين وجزئياته أصلا وفرعا ، ومبلغة جميع ذلك كافة عن كافة وعصرا بعد عصر ، ولم يوجد هناك شيئ منسي أو مغفول عنه ، فما معنى أعلميتها من جميع الأئمة ؟ وأقربية اهتدائها من اهتدائهم ؟ أيراهم خارجين عن الأمة غير حافظين ولا مهتدين ، في جانب عن الدين الذي حفظته الأمة ، لا تشملهم عصمتها ولا حفظها ولا اهتدائها ولا تبليغها ؟.
    وعلى ما يهم الرجل يجب أن لا يوجد في الأمة جاهل ، ولا يقع بينها خلاف في أمر ديني أو حكم شرعي ، وهؤلاء جهلاء الأمة الذين سدوا كل فراغ بين المشرق والمغرب ، وتشهد عليهم أعمالهم وأقوالهم بأنهم جاهلون وفي مقدمهم هو نفسه وما شجر بين الأمة من الخلاف منذ عهد الصحابة وإلى يومنا الحاضر مما لا يكاد يخفى على عاقل ، وهل يتصور الخلاف إلا بجهل أحد الفريقين بالحقيقة الناصعة ؟ لأنها وحدانية لا تقبل التجزية ، أيرى من الدين الذي حفظته الأمة وبلغته جهل علي و أولاده من بينهم بالقرآن والسنن ؟ أم يراهم أنهم ليسوا من الأمة ؟ فيقول : إن علم الأمة بالقرآن وسنن النبي اليوم أكثر وأكمل من علم علي ومن علوم كل أولاد علي. ومتى أحاط هو بعلم علي وأولاده عليهم السلام وبعلم الأمة جمعاء ؟ حتى يسعه


(327)
هذا التحكم البات والفتوى المجردة.
    والعجب أنه يرى أن الأمة إذا وقعت حادثة يري الله لواحد منها الحكم و صواب الجواب ، وأنها ورثت نبيها ، ورشدت ببركة الرسالة وبها وبكتابها ما تلت نبيها في العصمة ، وإنها معصومة بعقلها العاصم ، فما بال الأئمة [ علي وأولاد علي ] لا يكون من أولئك الآحاد الذين يريهم الله الحق والصواب ؟! وما بالهم قصروا عن الوراثة المزعومة ؟! وليس لهم شركة في علم الأمة ؟ ولم تشملهم بركة الرسالة وكتابها ؟ ولا يماثلون النبي في العصمة ؟ ولا يوجد عندهم عقل عاصم ؟ وأعجب من هذه كلها هتاف الله بعصمتهم في كتابه العزيز ، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ؟ أم على قلوب أقفالها ؟.
    ولعلي يسعني أن أقول بأن النبي صلى الله عليه وآله كان أبصر وأعرف بأمته من صاحب هذه الفتاوى المجردة ، وأعلم بمقادير علومهم وبصائرهم ، فهو بعد ذلك كله خلف لهداية أمته من بعده الثقلين : كتاب الله وعترته [ ويريد الأئمة منهم ] وقال : ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فحصر الهداية بالتمسك بهما واقتصاص آثارهما إلى غاية الأمد يفيدنا أن عندهما من العلوم والمعارف ما تقصر عنها الأمة ، وإنه ليس في حيز الامكان أن تبلغ الأمة وهي غير معصومة من الخطأ ولم تكشف لها حجب الغيب مبلغا يستغنى به عمن يرشدها في مواقف الحيرة.
    فأئمة العترة أعدال الكتاب في العلم والهداية بهذا النص الأغر ، وهم مفسروه والواقفون على مغازيه ورموزه ، ولو كانت الأمة أو أن فيها من يضاهيهم في العلم والبصيرة فضلا عن أن يكون أعلم بكثير منهم لكان هذا النص الصريح مجازفة في القول لا سيما وأن الهتاف به كان له مشاهد ومواقف منها مشهد ( يوم الغدير ) وقد ألقاه صاحب الرسالة على مائة ألف أو يزيدون ، وهو أكبر مجتمع للمسلمين على العهد النبوي ، هنالك نعى نفسه وهو يرى أمته [ وحقا ما يرى ] قاصرة ( ولن تزل قاصرة ) عن درك مغازي الشريعة فيجبره ذلك بتعيين الخليفة من بعده.
    وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لا يعترض صدوره أي ريب ، وللعلامة السمهودي كلام حول هذا الحديث أسلفناه ص 80. وكان يرى صلى الله عليه وآله مسيس حاجة


(328)
أمته إلى الخليفة من يوم بدء دعوته يوم أمر بإنذار عشيرته كما مر حديثه ج 2 ص 278 (1) ومما يماثل هذا النص حديث سفينة نوح حيث شبه فيه نفسه وأهل بيته ( ويريد الأئمة منهم ) بسفينة نوح التي من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، فحصر النجاة باتباعهم المستعار له ركوب السفينة ، ولولا أن لهم علوما وافية بإرشاد الأمة وأنها لا تهتدي إليها إلا بالأخذ منهم لما استقام هذا التشبيه ولا اتسق ذلك الكلام.
    ومثله حديث تشبيهه صلى الله عليه وآله أهل بيته بالنجوم ، فأهل بيته أعلام وصوى للهداية يهتدى بهم في ظلمات الغي والخلاف ، كما أن النجوم يهتدى بها في غياهب الليل البهم ، ولولا أنهم أركان العلم والهداية لما يتم التمثيل.
    ولو كان علم الأمة اليوم بالقرآن والسنن أكثر وأكمل من علم علي ومن علوم كل أولاد علي ( كما زعمه المسكين ) فكيف خفي ذلك على رسوله الله فقال و كأنه لم يعرف أمته : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ؟
    وكيف اتخذه وعاء علمه وبابه الذي يؤتى منه ؟
    وكيف رآه باب علمه ومبين أمته بما أرسل به من بعده ؟
    وكيف أخبر أمته بأنه خازن علمه وعيبته ؟
    وكيف خصه بين أمته بالوصية والوارثة لعلمه ؟
    وكيف صح عن أمير المؤمنين قوله : والله إني لأخوه ووليه وابن عمه و وارث علمه ، فمن أحق به مني ؟
    وكيف حكم الحافظ النيسابوري بإجماع الأمة على أن عليا ورث العلم من النبي دون الناس ؟
    وعلى هذه كلها فلازم كون الأمة أعلم من علي كونها أعلم من رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه ورث علمه كله.
    ثم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرى أن الله جعل الحكمة في أهل بيته وفي الأمة من هو أعلم منهم ؟ وقد صح عنه صلى الله عليه وآله قوله : أنا دار الحكمة وعلي بابها.
    وكيف يأمر أمته بالاقتداء بأهل بيته من بعده ويعرفهم بأنهم خلقوا من طينتي
1 ـ في الطبعة الثانية. وص 251 من الأولى.

(329)
ورزقوا فهمي وعلمي ؟
    وكيف يراهم أئمة أمته ويقول : في كل خلوف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطين ، وتأويل الجاهلين ، ألا إن أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا بمن توفدون (1).
    موالأمة إن كانت غير قاصرة لا تحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة كما زعمه المغفل ولا يتصور عقله احتياجها إلى إمام معصوم فلماذا أخرت الأمة تجهيز نبيها صلى الله عليه وآله ودفنه ثلاثة أيام ؟ وهذه كتب القوم تنص على أن ذلك إنما كان لاشتغالهم بالواجب الأهم ألا وهو. أمر الخلافة وتعيين الخليفة.
    قال ابن حجر في الصواعق ص 5 : إعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا علي أن نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب ، بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلافهم في التعيين لا يقدح في الإجماع المذكور.
    والباحث يجد نظير هذه الكلمة في غضون الكتب كثيرا ، فكيف يتصور عندئذ عقل الرجل مسيس حاجة الأمة يوم ذلك إلى إمام غير معصوم وهي لا تحتاج إلى إمام معصوم قط إلى يوم القيامة ؟! ].
    2 ـ بسط القول في المتعة وملخصه : إنها من بقايا الأنكحة الجاهلية ، ولم تكن حكما شرعيا ، ولم تكن مباحة في شرع الاسلام ، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعي وإنما كان نسخ أمر جاهلي ، ووقع الإجماع على تحريمها ، ولم ينزل فيها قرآن ، ولا يوجد في غير كتب الشيعة قول لأحد أن فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن نزل فيها ، ولا يقول به لا جاهل يدعي ولا يعي ، وكتب الشيعة ترفع القول به إلى الباقر والصادق وأحسن الاحتمالين أن السند موضوع وإلا فالباقر والصادق جاهل 32 ـ 166.
    جهذه سلسلة جنايات على الاسلام وكتابه وحكمه ، وتكذيب على ما جاء به نبيه وأقر به السلف من الصحابة والتابعين والعلماء من فرق المسلمين بأسرهم.
    وقد فصلنا القول فيها في رسالة تحت نواحي خمس نأخذ منها فهرستها ألا وهو :
    1 ـ المتعة في القرآن.
1 ـ راجع في هذه الأحاديث المذكورة ص 80 ، 81 ، 95 ، 101 ، 123 من هذا الجزء


(330)
    فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ، إن الله كان عليما حكيما [ سورة النساء 24 ] ذكر نزولها في المتعة في أوثق مصادر التفسير منها :
    1 ـ صحيح البخاري 2 ـ صحيح مسلم 3 ـ مسند أحمد 4 ص 436 ، بإسنادهم عن عمران بن حصين.
    وتجده في تفسير الرازي 3 ص 200 ، 202. وتفسير أبي حيان 3 ص 218.
    4 ـ تفسير الطبري 5 ص 9 عن ابن عباس وأبي بن كعب والحكم وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وشعبة وأبي ثابت.
    5 ـ أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178 حكاه عن عدة.
    6 ـ سنن البيهقي 7 ص 205 رواه عن ابن عباس.
    7 ـ تفسير البغوي 1 ص 423 عن جمع ، وحكى عن عامة أهل العلم أنها منسوخة.
    8 ـ تفسير الزمخشري 1 ص 360.
    9 ـ أحكام القرآن للقاضي 1 ص 162 رواه عن جمع.
    10 ـ تفسير القرطبي 5 ص 130 قال : قال الجمهور : إنها في المتعة.
    11 ـ تفسير الرازي 3 ص 200 ذكر عن الصحيحين حديث عمران أنها في المتعة.
    12 ـ شرح صحيح مسلم للنووي 9 ص 181 عن ابن مسعود.
    13 ـ تفسير الخازن 1 ص 357 عن قوم وقال : ذهب الجمهور أنها منسوخة.
    14 ـ تفسير البيضاوي 1 ص 269. يروم إثبات نسخها بالسنة.
    15 ـ تفسير أبي حيان 3 ص 218 عن جمع من الصحابة والتابعين.
    16 ـ تفسير ابن كثير 1 ص 474 عن جمع من الصحابة والتابعين.
    17 ـ تفسير السيوطي 2 ص 140 رواه عن جمع من الصحابة والتابعين بطريق الطبراني.
    وعبد الرزاق. والبيهقي. وابن جرير. وعبد بن حميد. وأبي داود. و ابن الأنباري.
    18 ـ تفسير أبي السعود 3 ص 251.
    قال الأميني : أليست [ أيها الباحث ] هذه الكتب مراجع علم القرآن عند أهل
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس