الغدير ـ الجزء الخامس ::: 1 ـ 10

الغدير
في الكتاب والسنة والأدب
كتاب ديني ، علمي ، فني ، تاريخي ، أدبى ، أخلاقي
مبتكر في موضوعه فريد في بابه يبحث فيه عن حديث الغدير
كتابا وسنة وأدباً ويتضمن تراجم أمة كبيرة من رجالات العلم
والدين والأدب من الذين نظموا هذه الأثارة من العلم
وغيرهم
تأليف
الحبر العلم الحجة المجاهد شيخنا الأكبر
الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي قدس سره
الجزء الخامس


(1)
الجزء الخامس
بقية شعراء الغدير في القرن
السادس وشعراءه في القرن السابع
وهم اثنى عشر شاعراً
والله المستعان
وفي هذا الجزء من أهمِّ الأبحاث العلميَّة الدينيَّة
مالا غنى عنه لكلِّ دينيّ إبتغى الحقّ وارتاد الحقيقة


(2)
بسم الله الرحمن الرحيم
    أحمدك اللهم يا من تجليت للقلوب بالعظمة ، واحتجبت عن الأبصار بالعزة ، واقتدرت على الأشياء بالقدرة ، فلا الأبصار تثبت لرؤيتك ، ولا الأوهام تبلغ كنه عظمتك ، ولا العقول تدرك غاية قدرتك.
    حمدا لك يا سبحان ! على ما مننت به علينا من النعم الجسيمة وأسبغتها ، وتفضلت بالآلاء الجمة ، وألحمت ما أسديت ، وأجبت ما سئلت ، وهي كما تقول : وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.
    حمدا لك يا متعال ! على ما طهرتنا به من دنس الكفر ودرن الشرك ، وأوضحت به لنا سبل الهداية ، ومناسك الوصول إليك ، من بعث أفضل رسلك وأعظم سفراءك ، وخاتم أنبياءك صلى الله عليه وآله بكتابك العزيز ، لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
    حمدا لك يا ذا الجلال ! على ما أتممت به نعمك ، وأكملت به دين نبيك من ولاية أمير المؤمنين أخي رسولك ، وأبي ذريته ، وسيد عترته ، وخليفته من بعده ، وأنزلت فيها القرآن وقلت : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا.
    حمدا لك يا عزيز ! على ما وفقتنا له من إتباع نبيك المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وخليفتيه في أمته ، كتابك الكريم وعترته أهل بيته الذين فرضت علينا طاعتهم ، وأمرتنا بمودتهم وجعلتها أجر الرسالة الخاتمة وسميتها بالحسنة وقلت : ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور.
    رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين.
الأميني


(3)
بقية شعراء الغدير
في القرن السادس
53
السيد محمد الأقساسي
المتوفى ح 575
وحق علي خـير من وطأ الثرى خليفته حقا ووارث علمه ومن قام في يوم ( الغدير ) بعضده ومن كسر الأصنام لم يخش عارهـا وصهر رسول الله في ابنته التي ألية عبد حق من لا يرى له لأحزنني يوم الوداع وسرني وأفخر من بعد النبي قد افتخر به شرفت عدنان وافتخرت نبي الهدى حقا فسائل به عمر وقد طال ما صلى لها عصبة أخر على فـضلها قد أنزل الآي سوى حبه يوم القيامة مدخر قدومك بالجلى من الأمن والظفر
    عارض الشاعر بهذه الأبيات بيتين لبعض العامة وهما :
وحق أبي بكر الذي هو خير من لقد أحدث التوديع عند وداعنا على الأرض بعد المصطفى سيد البشر لواعجه بين الجوانح تستعر (1)

( الشاعر )
    محمد بن علي بن فخر الدين أبي الحسين حمزة بن كمال الشرف أبي الحسن محمد ابن أبي القاسم الحسن الأديب ابن أبي جعفر محمد بن علي الزاهد ابن محمد الأصغر الأقساسي ابن يحيى بن الحسين ذي العبرة ابن زيد الشهيد بن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام.
    ( آل الأقساسي ) من أرفع البيوت العلوية لها أغصان باسقة موصولة بالدوح
1 ـ الطليعة في شعراء الشيعة 2 مخطوط.

(4)
النبوي اليافع ، بزغت بهم العراق عصورا متطاولة ، وإن كان منبعث غرسهم الزاكي الكوفة من قرية كبيرة أو كورة يقال لها : أقساس مالك (1) وهم بين عالم متبحر ، و محدث ثقة ، ولغوي متضلع ، وشاعر متأنق ، وأمير ظافر ، ونقيب فاضل وأول من عرف بهذه النسبة السيد محمد الأصغر ابن يحيي. وأولاده تتشعب عدة شعب منهم :
    بنو جوذاب وهم : أولاد علي محمد الأصغر. و
    بنو الموضح أولاد أحمد بن محمد الأصغر. و
    بنو قرة العين أولاد أحمد بن علي الزاهد بن محمد الأصغر. و
    بنو صعوة أولاد أحمد بن محمد بن علي الزاهد بن محمد الأصغر.
    ومن بني صعوة طاهر بن أحمد ذكره السمعاني في ( الأنساب ) فقال : طاهر بن أحمد بن محمد بن علي الأقساسي كان يلقب بصعوة ، وكان دينا ثقة يروي عن أبي الحسن بن محمد بن سليمان العربي العدوي عن حراش عن أنس بن مالك.
    والأقساسيون هم سلسلة المترجم. جده الأعلى أبو القاسم الحسن الأقساسي المعروف بالأديب ابن أبي جعفر محمد ترجمه ابن عساكر في ( تاريخ الشام ) 4 ص 247 فقال : إنه قدم دمشق وكان أديبا شاعرا دخل دمشق في المحرم سنة 347 ونزل في الحرمين وكان شيخا مهيبا نبيلا حسن الوجه والشيبة ، بصيرا بالشعر واللغة يقول الشعر ، من أجود آل أبي طالب حظا ، وأحسنهم خلقا ، وكان يعرف بالأقساسي نسبة إلى موضوع نحو الكوفة.
    وقال ابن الفوطي كما في المحكي عن مجمع آدابه : سافر الكثير وكان قد تأدب وكتب مليحا وله جماعة من الأصحاب قرأت بخطه إلى ابن نباتة السعدي :
إن العراق ولا أغشك ثلة بنيانها الخراب وأهلها ملكوا وسامهم الدنية معشر قد نام راعيها فأين الذيب سوط العذاب عليهم مصبوب لا العقل راضهم ولا التهذيب

1 ـ معجم البلدان 1 ص 312 : منسوبة إلى مالك بن عبد هند بن نجم بضم الأول وفتح الثاني بن منعة بن برجان إلى آخر النسب والقس : تتبع الشئ وطلبه ، وجمعه : أقساس فيجوز أن يكون مالك تطلب هذا الموضوع وتتبع عمارته فسمى بذلك.

(5)
كل الفضائل عندهم مهجورة والحر فيهم كالسماح غريب
    وكمال الدين الشرف أبو الحسن (1) محمد بن أبي القاسم الحسن المذكور ولاه الشريف علم الهدى [ المترجم في شعراء القرن الخامس ] نقابة الكوفة وإمارة الحاج فحج بالناس مرارا وتوفي سنة 415 كما في كتب التاريخ (2) ورثاه الشريف المرتضى بقوله (3) :
عرفت ويا ليتني ما عرفت فها أنا ذا طول هـذا الزمان فمن راحل لا إياب له فلا الدهر يمتعني بالمقيم أروني إن كنتم تقدرون ومن ليس رهنا لداعي الحمام وما الدهر إلا الغرور الخدوع وما هو إلا كلمح البروق ولم أر يوما وإن ساءني كأني بعد فراق له أخو سفر شاسع ما له وعوضني بالرقاد السهاد فراق وما بعده ملتقى وعاتبت فيك صروف الزمان وقد خطف الموت كل الرجال وما كنت إلا أبي الجنان فمر الحياة لمن قد عرف بين الجوى تارة والأسف وماض وليس لـه من خلف ولا هو يرجـع لي من سلف من ليـس يكرع كأس التلف؟5 إذا ما دعا باسمه أو هتف ؟ فماذا الغرام بـه والكلف ؟ وإلا هبوب خريف عصف كيوم حمـام ( كمال الشرف ) وقطع لأسبـاب تلك الألف 10 من الزاد إلا بقايا لطف وأبدلني بالضياء السرف وصد وليس لـه منعطف ومن عاتب الدهر لم ينتصف ومثلك مـن بيننا ما خطف 15 عـلى الضيم محتميا بالأنف

1 ـ كناه العلم الحجة السيد ابن طاووس في كتاب ( اليقين ) بأبي يعلى.
2 ـ منتظم ابن الجوزي 8 ص 19 ، كامل ابن الأثير 9 ص 127 ، تاريخ ابن كثير 12 ص 18 ، مجالس المؤمنين ص 211.
3 ـ توجد القصيدة في ديوان الشريف المرتضى المخطوط. وذكر منها أبياتا ابن الجوزي في المنتظم 8 ص 20.


(6)
خليا من العار صفر الإزار وأذري الدموع ويا قلما ومن أين ترنو إليك العيون فبن ما مللت وكم بائن وسقي ضريحك بين القبور ولا زال من جانبيه النسيم وصيرك الله من قاطني تجاور آباءك الطاهرين مدى الدهر من دنس أو نطف يرد الفوائت دمع ذرف وأنت ببوغائها في سخف ؟ 20 مضـى موسعا من قلى أو شنف من البر ما شئته واللطف يعاوده والرياض الأنف الجنان وسكان تلك الغرف ويتبع السالفين الخلف
    قال ابن الأثير في ( الكامل ) 9 ص 121 : حج بالناس أبو الحسن الأقساسي سنة 412 فلما بلغوا فيد حصرهم العرب فبذل لهم الناصحي (1) [ أبو محمد قاضي القضاة ] خمسة آلاف دينار فلم يقنعوا ، وصمموا العزم على أخذ الحاج وكان مقدمهم رجلا يقال له حمار بن عدي [ بضم العين ] من بني نبهان فركب فرسه وعليه درعه وسلاحه وجال جولة يرهب بها ، وكان من سمرقند شاب يوصف بجودة الرمي ، فرماه بسهم فقتله وتفرق أصحابه وسلم الحاج فحجوا وعادوا سالمين.
    وقال في ص 127 : في هذه السنة ( يعني 415 ) عاد الحجاج من مكة إلى العراق على الشام لصعوبة الطريق المعتاد ، وكانوا لما وصلوا إلى مكة بذل لهم الظاهر العلوي صاحب مصر أموالا جليلة ، وخلعا نفيسة ، وتكلف شيئا كثيرا وأعطى لكل رجل في الصحبة جملة من المال ليظهر لأهل خراسان ذلك ، وكان على تسيير الحاج الشريف أبو الحسن الأقساسي ، وعلى حجاج خراسان ( حسنك ) نايب يمين الدولة ابن سبكتكين فعظم ما جرى على الخليفة القادر بالله وعبر [ حسنك ] دجلة وسار إلى خراسان ، وتهدد القادر بالله ابن الأقساسي فمرض ومات ورثاه المرتضى وغيره.
    لكمال الشرف شرح قصيدة السلامي (2) التي أولها :
1 ـ من بيوتات نيسابور العلمية تنتمي إلى ناصح بن طلحة بن جعفر بن يحيى ، ذكر السمعاني جمعا من رجالها في ( الأنساب ) في حرف النون.
2 ـ محمد بن عبد الله المخزومي من أولاد الوليد بن المغيرة كان من مقدمي شعراء العراق ولد 336 وتوفي 393 ، ترجمه الثعالبي ، وابن الجوزي في المنتظم ، وابن خلكان في تاريخه.


(7)
سلام على زمزم والصفا ...
    ينقل عنه سيدنا الحجة السيد ابن طاوس في كتاب ( اليقين ) في الباب الخامس والخمسين بعد المائة ، والباب الذي بعده.
    م ـ وقال ابن الجوزي في ( المنتظم ) 8 ص 19 : ولأبي الحسن الأقساسي شعر مليح ومنه قوله في غلام اسمه بدر :
يا بدر وجهك بدر وماء خديك ورد أمرت عنك بصبر تأمرني بالتسلي وغنج عينيك سحر وماء ثغرك خمر وليس لي عنك صبر ما لي من الشوق أمر]
    وجد المترجم فخر الدين أبو الحسين حمزة بن كمال الشرف محمد ذكره النسابة العمري في ( المجدي ) وقال : هو نقيب الكوفة كان صديقي ذا فضل وحلم ورياسة ومواساة.
    ولفخر الدين هذا أخ يسمى أبو محمد يحيى ذكره السمعاني في ( الأنساب ) وقال : كان ثقة نبيلا سمع أبا عبد الله محمد بن عبد الله القاضي الجعفري ، روى لنا عنه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي (1) وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي (2) ببغداد وأبو البركات عمر بن إبراهيم الحسني (3) بالكوفة ، وكانت ولادته في شوال سنة خمس وتسعين وثلثمائة وتوفي سنة نيف وسبعين وأربعمائة.
    وذكره الحموي في معجم البلدان ج 1 ص 312.
    وأما شاعرنا المعني بالترجمة فذكره ابن الأثير في كامله 11 ص 174 وقال : وفيها [ يعني سنة 575 ] توفي محمد بن علي بن حمزة الأقساسي نقيب العلويين بالكوفة وكان ينشد كثيرا :
رب قوم في خلائقهم غرر قد صيروا غررا

1 ـ كان مكثرا من الحديث عالي الرواية ولد بدمشق 454 وتوفي 536.
2 ـ الأرموي من أهل ( أرمية ) احدى بلاد آذربايجان سكن بغداد وتخرجها عليه كثير من أعلامها ، ولد 457 وتوفي 547.
3 ـ مفتي الكوفة كان مشاركا في العلوم ولد سنة 442 وتوفي 539 وصلى عليه ثلاثون ألفا. حسيني النسب من ذرية زيد الشهيد.


(8)
ستر المال القبيح لهم سترى إن زال ما سترا
    وله أخوه علم الدين أبو محمد الحسن النقيب الطاهر ابن علي بن حمزة ولد في الكوفة ونشأ بها توفي 593 ، ذكره ابن كثير في ( البداية والنهاية ) 13 ص 16 فقال : كان شاعرا مطبقا ، امتدح الخلفاء والوزراء ، وهو من بيت مشهور بالأدب والرياسة والمروءة ، قدم بغداد فامتدح المقتفي والمستنجد وابنه المستضئ وابنه الناصر فولاه [ الناصر ] النقابة ، وكان شيخا مهيبا جاوز الثمانين ، وقد أورد له ابن الساعي قصائد كثيرة منها :
إصبر على كيد الزما سبق القضاء فكن به كم قد تغلب مرة ما زال في أولاده ن فـما يدوم على طريقه راض ولا تطلب حقيقة وأراك من سعة وضيقه يجري على هذه الطريقة
    وترجمه سيدنا القاضي المرعشي في [ مجالس المؤمنين ] ص 211 ، وقال : الميرزا في [ رياض العلماء ] كان من أجلة السادات والشرفاء والعلماء والأدباء والشعراء بالكوفة ، يروي عنه الشيخ علي بن علي بن نما وهو من مشايخ أصحابنا.
    ولعلم الدين مقرظا كتاب ( الافصاح عن شرح معاني الصحاح ) (1) كما في ( تجارب السلف ) لابن سنجر ص 310 قوله :
ملك ملكه الفصاحة حتى وأبان البيان حتى لقد وجلا كل غامض من معان في كتاب وحقه ما رعاه ماله في اقتنائها من ملاح أخرس بالنطق كل ذي إفصاح حملتها لنا متون الصحاح قبله ذو هدى ولا إصلاح
    وخلف علم الدين ولده قطب الدين أبا عبد الله الحسين نقيب نقباء العلويين في بغداد ، وكان عالما شاعرا مطلعا على السير والتواريخ قلد النقابة بعد عزل قوام الدين ( أبي علي الحسن بن معد المتوفى 636 ) عن النقابة سنة 624.
1 ـ تأليف عون الدين يحيى بن هبيرة المتوفى 555 وهو يشتمل على تسعة عشر كتابا. راجع تاريخ ابن خلكان 2 ص 394.

(9)
    وفي الحوادث الجامعة ص 220 : توفي فيها ( يعني سنة 645 ) النقيب قطب الدين أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي المعروف بابن الأقساسي العلوي ببغداد ، وكان أديبا فاضلا يقول شعرا جيدا ، بدرت منه كلمة في أيام الخليفة الناصر على وجه التصحيف وهي : ـ أردنا خليفة جديد ـ فبلغت الناصر فقال : لا يكفي حلقة لكن حلقتين ، وأمر بتقييده وحمله إلى الكوفة فحمل وسجن فيها فلم يزل محبوسا إلى أن استخلف الظاهر ( سنة 623 ) فأمر بإطلاقه ، فلما استخلف المستنصر بالله ( 624 ) رفق عليه فقربه وأدناه ورتبه نقيبا وجعله من ندمائه ، وكان ظريفا خليعا طيب الفكاهة حاضر الجواب.
    وصل الملك الناصر ناصر الدين داود بن عيسى في المحرم سنة 633 إلى بغداد واجتاز بالحلة السيفية وبها الأمير شرف الدين علي ، ثم توجه منها إلى بغداد فخرج إلى لقائه النقيب الطاهر قطب الدين أبو عبد الله الحسين ابن الأقساسي ، وفي سلخ ربيع الأول من السنة المذكورة وصل الأمير ركن الدين إسماعيل صاحب الموصل إلى بغداد وخرج إلى لقائه النقيب الحسين بن الأقساسي وخادمان من خدم الخليفة.
    قصد الخليفة المستنصر بالله سنة 634 مشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام في ثالث رجب فلما عاد أبرز ثلاثة آلاف دينار إلى أبي عبد الله بن الحسين الأقساسي نقيب الطالبيين وأمره أن يفرقها على العلويين المقيمين في مشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسين وموسى بن جعفر عليهم السلام (1).
    حضر في سنة 637 (2) الأمير سليمان بن نظام الملك متولي المدرسة النظامية مجلس أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي بباب بدر ، فتاب وتواجد وخرق ثيابه و كشف رأسه ، وقام وأشهد الواعظ والجماعة على أنه قد أعتق جميع ما يملكه من رقيق ، ووقف أملاكه ، وخرج ما يملكه ، فكتب إليه النقيب الطاهر أبو عبد الله الحسين ابن الأقساسي أبياتا طويلة يقول فيها (3) :
يا ابن نظام الملك يا خير من تاب ومن لاقى به الزهد

1 ـ الحوادث الجامعة 77 ـ 79 ملخصا :
2 ـ الحوادث الجامعة ص 95.
3 ـ الحوادث الجامعة ص 124.


(10)
يا ابن وزير الدولتين الذي يا بن الذي أنشأ من ماله قد سرني زهدك عن كل ما بان لك الحق وأبصرت ما وقلت للدنيا : إليك ارجعي ما لذلي بعدك حتى استوى شيمتك الغدر كما شيمتي يروح للمجد كما يغدو مـدرسة طالعها سعد يرغب فيه الحر والعبد 5 أعيننا عن مثله رمد ما عن نزوعي عنك لي بد في في منك الصاب والشهد حـسن الوفاء المحض والود
    إلى أن قال :
لا يقصد الناس إلى دورهم وخدمة الناس لها حرمة والناس قد كانوا رقودا وقد وقسمت فيك ظنون الورى فبعضهم قال : يدوم الفتى وقد أتى تشرين وهو الذي ما يسكن البيت وقد جاءه وكل ما يفعله حيلـة فقلت : لا والله ما رأيه وإنما هذا سليمان قد مثل سليمان الذي أعرضت فعان أن يدخلها قلبه لكن إلى منزلك القصد 10 وكان ما تفعله يبدو أيقظتهم فانتبه الضد وكلهم للقول يعتد وبعضهم قد قال : يرتد إليه عين العيش تمتد 15 إلا مريض مسه الجهد منه ونصب ما له حد هذا ولا فـيكم له ند صفا له في زهده الورد يوما عليه الضمر الجرد 20 والهزل لا يشبهه الجد
    ويقول فيها :
ليهنك الرشد إلى كل ما أسقطت من جيش أبي مرة وقمت لله بما يرتجى يضل عنه الجاهـل الوغد (1) وأكثر الناس له جند بمثله الجنة والخلد

1 ـ أبو مرة كنية لإبليس.
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس