الغدير ـ الجزء الخامس ::: 81 ـ 90
(81)
    35 ـ الحسين بن حميد التميمي ( أحد رجالات الحديث ) توفي 531 ودفن في داره بباب البريد ثم نقل إلى جبل قاسيون ( كر 4 ص 284 ).
    م 36 ـ أحمد بن جعفر أبو العباس الحربي المتوفى 534 ، دفن بالحربية ثم نقل بعد ذلك إلى مقبرة باب الحرب. ( ظم 10 ص 86 ) ].
    37 ـ الشيخ أبو يعقوب يوسف الهمداني ، توفي 535 ودفن بيامن على طريق مرو مدة ثم حملت جثته إلى مرو ودفن بها ( خل 2 ص 524 ، طش 1 ص 117 ).
    م 38 ـ أحمد بن محمد بن علي أبو جعفر العدل البغدادي المتوفى 536 ، كان يسرد الصوم إلا الأيام المحرم صومها ، دفن في داره بخرابة الهراس ثم نقل بعد مدة إلى مقبرة باب الحرب ، ظم 10 ص 97 ].
    م 39 ـ علي بن طراد أبو القاسم الزينبي البغدادي المتوفى 538 دفن بداره الشاطئية بباب الراتب ثم نقل إلى تربته بالحربية ليلة الثلثاء سادس عشر رجب سنة أربع وأربعين (1) وجمع على نقله الوعاظ فوعظوا في داره إلى وقت السحر ، ثم أخرج والقراء معه والعلماء و الشموع الزائدة في الحد. ظم 10 ص 109 ، 166 ].
    40 ـ شيخ الاسلام محمد بن محمد الخلمي المفتي الحنفي ، إنتهت إليه الرياسة في المذهب توفي 544 ، ودفن ببلخ ثم نقل إلى ناحية خلم فقبر بها ( جم 2 ص 130 ).
    41 ـ علي بن محمد أبو الحسن الدريني توفي 549 ودفن في داره برحبة الجامع ثم نقل إلى باب أبرد قريبا من المدرسة الناجية سنة 574 ( خل 1 ص 245 ).
    42 ـ جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور ، توفي 559 ودفن بالموصل ثم حمل إلى مكة وطيف به حول الكعبة وكان بعد أن صعدوا به ليلة الوقفة إلى جبل عرفات وكانوا يطوفون به كل يوم مرارا مدة مقامهم بمكة ثم حمل إلى المدينة المنورة ودفن بها في رباط بناه في شرقي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (2) بعد أن طيف به حول حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم مرارا ( مل 11 ص 124 ، خل 2 ص 188 ، يه 12 ص 249 ).
    م 43 ـ عمر بن بهليقا الطحان المتوفى 560 ، دفن على باب جامع عمره بعيدا من
م 1 ـ كذا في المنتظم 10 ص 109. وقال في صحيفة 166 : إن حله كان في رجب سنة 551 )
2 ـ في تاريخ ابن خلكان : دفن بالبقيع.


(82)
حائطه ثم نبش بعد أيام وأخرج فدفن ملاصقا لحائط الجامع ليشتهر ذكره بأنه بنى الجامع. ظم 10 ص 212 ].
    44 ـ محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الكناني الشافعي المصري ( الورع الزاهد ) توفي بمصر 562 ، ودفن بالقرب من قبة الإمام الشافعي بالقرافة الصغرى ، ثم نقل إلى سفح المقطم بقرب الحوض المعروف بأم مودود وقبره مشهور هناك يزار وزرته مرارا ( خل 2 ص 121 ).
    م 45 ـ جعفر بن عبد الواحد أبو البركات الثقفي المتوفى 563 ، كان أبوه قد أقام في القضاء أشهرا ثم مات فدفن بدار بدرب بهروز فلما مات الولد أخرجا فدفنا عند رباط الزوزني المقابل لجامع المنصور. ظم 10 ص 224 ].
    46 ـ مهذب الدين سعد الله بن نصر بن الدجاجي الفقيه الحنبلي توفي 564 و دفن بمقبرة الرباط ثم نقل بعد خمسة أيام فدفن عند والديه بمقبرة الإمام أحمد ( يه 12 ص 259 ، هب 4 ص 213 ) م قال ابن الجوزي في المنتظم 10 ص 228 : دفن إلى جانب رباط الزوزني في إرضاء الصوفية لأنه أقام عندهم مدة حياته فبقي على هذا خمسة أيام ، وما زال الحنابلة يلومون ولده على هذا ويقولون : مثل هذا الرجل الحنبلي أي شئ يصنع عند الصوفية ؟ فنبشه بعد خمسة أيام بالليل وقال : كان قد أوصى أن يدفن عند والديه ودفنه عندهما.
    قال الأميني : انظر لأي غايات تنبش القبور عند القوم وتنقل الجنائز من مدفن إلى مدفن ].
    47 ـ الخليفة المستنجد بالله ، توفي 566 في ثامن ربيع الآخر ودفن بدار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة في عشية الاثنين ثامن وعشرين من شعبان سنة وفاته ( ظم 10 ص 235 ، 236 ، يه 12 ص 261 ).
    48 ـ الأمير نجم الدين أيوب الدويني ، توفي 568 ودفن عند أخيه بالقاهرة ثم نقلا سنة 579 / 580 إلى المدينة المنورة ( يه 12 ص 272 ، هب 4 ص 211 ، 227 ).
    49 ـ الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ، توفي 569 ودفن في بيته بقلعة دمشق ثم نقل إلى مدرسته ( خل 2 ص 206 ، جم 2 ص 158 ، هب 4 ص 231 ).
    م 50 ـ أحمد بن علي بن المعمر أبو عبد الله الطاهر الحسيني المتوفى 569 دفن بداره


(83)
من الحريم الطاهري مدة ثم نقل إلى مشهد الصبيان بالمدائن. ظم 10 ص 247 ].
    51 ـ جلال الدين بن جمال الدين الاصبهاني ، توفي 574 بمدينة دنيسر (1) و حمل إلى الموصل ودفن بها ثم نقل إلى المدينة ودفن في تربة والده ( خل 2 ص 188 ).
    م 52 ـ الخليفة الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضئ بأمر الله المتوفى يوم الأحد آخر يوم من شهر رمضان سنة 622 ، دفن في دار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة في ثاني ذي الحجة سنة 622 وكان يوما مشهودا. يه 13 ص 106 ].
    م 53 ـ الخليفة الظاهر بأمر الله العباسي المتوفى 623 ، دفن في دار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة وكان يوما مشهودا. يه 13 ص 113 ، 114.
    54 ـ شرف الدين عيسى الحنفي ( المتصلب في مذهبه ) مؤلف ( السهم المصيب ) في الرد على الخطيب البغدادي ، توفي سنة 624 بدمشق ودفن بقلعتها ثم نقل إلى جبل الصالحية ودفن في مدرسته وكان نقله سنة 627 ( جم 1 ص 402 ، مج 4 ص 58 ).
    55 ـ أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن مظفر الدين صاحب إربل ، توفي 630 ونقل إلى قلعة إربل ودفن بها ثم حمل بوصية منه إلى مكة شرفها الله تعالى وكان قد أعد له بها قبة تحت الجبل يدفن فيها ، فلما توجه الركب إلى الحجاز سنة 631 سيروه في الصحبة فاتفق أن رجع الحاج تلك السنة من لينة ولم يصلوا إلى مكة فردوه ودفنوه بالكوفة بالقرب من المشهد ( خل 2 ص 9 ).
    56 ـ أبو العباس أحمد بن عبد السيد الأربلي ، توفي 631 ودفن بظاهر الرها بمقبرة باب حران ثم نقله ولده إلى الديار المصرية فدفنه في تربته بالقرافة الصغرى سنة 637 ( خل 1 ص 63 ).
    م 57 ـ الأشرف موسى بن العادل المتوفى 645 ، توفي يوم الخميس رابع محرم بالقلعة المنصورة ودفن بها حتى نجزت تربته التي بنيت له شمالي الكلاسة ، ثم حول إليها في جمادى الأولى. يه 13 ص 146 ].
    م 58 ـ الكامل محمد بن العادل المتوفى 635 ، توفي 22 من رجب ، ودفن بالقلعة حتى كملت تربته التي بالحائط الشمالي من الجامع ذات الشباك الذي هناك قريبا من
1 ـ مدينة بالجزيرة الفراتية.

(84)
مقصورة ابن سنان ونقل إليها ليلة الجمعة الحادي والعشرين من رمضان من سنة وفاته. يه 13 ص 149 ].
    م 59 ـ الخليفة المستنصر بالله العباسي المتوفى 640 ، دفن بدار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة. يه 13 ص 159 ].
    60 ـ الأمير عز الدين ، توفي 645 في مصر ودفن بباب النصر ثم نقل إلى تربته التي فوق الوراقة ( يه 13 ص 174 ).
    م 61 ـ الملك الصالح نجم الدين أيوب المتوفى 647 توفي ليلة النصف من شعبان ودفن بالمنصور ونقل إلى تربته بمدرسته سنة 649 يه 13 ص 181 ] 62 ـ الشيخ الحسن بن محمد بن الحسن العدوي العمري الإمام الحنفي من ولد عمر بن الخطاب ، توفي 650 ببغداد ودفن بداره في الحريم الطاهري ثم نقل إلى مكة ودفن بها وكان أوصى بذلك وجعل لمن يحمله ويدفنه بمكة خمسين دينارا ( جم 1 ص 202 ).
    63 ـ الشيخ أبو بكر بن قوام البالسي ، توفي 658 ببلاد حلب ودفن بها ثم نقل تابوته ودفن بجبل قاسيون في أول سنة 670 ( هب 5 ص 695 ).
    64 ـ الملك السعيد بن الملك الطاهر أبو المعالي المتوفى 678 دفن أولا عند قبر جعفر ثم نقل إلى دمشق فدفن في تربة أبيه سنة 680 ( يه 13 ص 290 ).
    م 65 ـ سعد الدين التفتازاني المتوفى 791 / 2 توفي يوم الاثنين الثاني والعشرين من المحرم بسمرقند ، ثم نقل إلى سرخس ودفن بها يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى سنة 792 ( مفتاح السعادة ج 1 ص 177 ).
    م 66 ـ الشيخ زين الدين الخافي المتوفى 738 ، دفن بقرية مالين من أعمال خراسان ثم نقل بأمر منه إلى درويش آباد ودفن هناك ومقامه معمور. روضة الناظرين ص 135 )
    67 ـ الشيخ محمد بن سليمان الجزولي المالكي توفي 870 ونقل تابوته بعد سبع وسبعين سنة ولم يتغير منه شئ ( نيل الابتهاج ص 317 ).
    م 68 ـ عبد الرحمن بن أحمد الجامي المتوفى 898 ، توفي بهراة ودفن بها ولما توجهت الطائفة الأردبيلية إلى خراسان ، أخذه ابنه من قبره ودفنه في ولاية أخرى ،


(85)
فأتت الطائفة إلى قبره وفتشوه فلم يجدوا جسده فأحرقوا ما فيه من الأخشاب ( هب 7 ص 361 ).
    م 69 ـ الشيخ حسين بن أحمد الخوارزمي العابد المتوفى 958 ، توفي بحلب في عشر شعبان ودفن بها في تابوت ثم نقل بعد أربعة أشهر إلى دمشق ولم يتغير أصلا ودفن بها ( هب 8 ص 321 ).
    70 ـ يأتي في بيان البناء على قبر أبي حنيفة إمام الحنفية عن ابن الجوزي : أنهم كانوا يطلبون الأرض الصلبة لأساس القبة فلم يبلغوا إليها إلا بعد حفر سبعة عشر ذراعا في ستة عشر ذراعا فخرج من هذا الحفر عظام الأموات الذين كانوا يطلبون جوار النعمان أربعمائة صن (1) ونقلت جميعها إلى بقعة كانت ملكا لقوم فحفر لها ودفنت.
منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك

1 ـ الصن : شبه السلة ج صنان

(86)
6
زيارة مشاهد العترة الطاهرة
الدعاء عندها الصلاة فيها. التوسل والتبرك بها
    قد جرت السيرة المطردة من صدر الاسلام منذ عصر الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان على زيارة قبور ضمنت في كنفها نبيا مرسلا ، أو إماما طاهرا ، أو وليا صالحا أو عظيما من عظماء الدين ، وفي مقدمها قبر النبي الأقدس صلى الله عليه وآله.
    وكانت الصلاة لديها ، والدعاء عندها ، والتبرك والتوسل بها ، والتقرب إلى الله ، وابتغاء الزلفة لديه بإتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين ، من دون أي نكير من آحادهم ، وأي غميزة من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم ، حتى ولد الدهر ابن تيمية الحراني فجاء كالمغمور مستهترا يهذي ولا يبالي ، فتره وأنكر تلكم السنة الجارية سنة الله التي لا تبديل لها ، ولن تجد لسنة الله تحويلا ، وخالف هاتيك السيرة المتبعة وشذ عن تلكم الآداب الإسلامية الحميدة ، وشدد النكير عليها بلسان بذي ، وبيان تافه ، ووجوه خارجة عن نطاق العقل السليم ، بعيدا عن أدب العلم. أدب الكتابة. أدب العفة ، وأفتى بحرمة شد الرحال لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وعد السفر لأجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة ، فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن والرد الشديد ، فأفرد هذا بالوقيعة عليه تأليفا حافلا (1) وجاء ذلك يزيف آراءه ومعتقداته في طي تآليفه القيمة (2).
    وهناك ثالث يترجمه بعجره وبجره ، ويعرفه للملأ ببدعه وضلالاته.
1 ـ كشفاء السقام في زيارة خير الأنام لتقي الدين السبكي ، والدرة المضية في الرد على ابن تيمية للسبكي أيضا ، والمقالة المرضية لقاضي قضاة المالكية تقي الدين أبي عبد الله الأخنائي ، ونجم المهتدى ورجم المقتدى للفخر ابن المعلم القرشي ، ودفع الشبه لتقي الدين الحصني ، والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة لتاج الدين الفاكهاني المتوفى 834 ، وتأليف أبي عبد الله محمد بن عبد المجيد الفاسي المتوفى 1229.
2 ـ كالصواعق الإلهية في الرد على الوهابية للشيخ سليمان بن عبد الوهاب في الرد على أخيه محمد بن عبد الوهاب النجدي ، والفتاوى الحديثية لابن حجر ، والمواهب اللدنية للقسطلاني وشرح المواهب للزرقاني ، وكتب أخرى كثيرة.


(87)
    وقد أصدر الشاميون فتيا وكتب عليها البرهان ابن الفركاخ الفزاري نحو أربعين سطرا بأشياء إلى أن قال بتكفيره ، ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل ، وكتب تحت خطه كذلك المالكي ، ثم عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعية بمصر البدر بن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى : الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قوله : إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة.
    وما ذكره من نحو ذلك ومن أنه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء باطل مردود عليه ، وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة وسنة مجمع عليها ، وهذا المفتي المذكور ـ يعني ابن تيمية ـ ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمة والعلماء ، ويمنع من الفتاوى الغريبة ، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ، ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به.
    وكتبه محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الشافعي.
    وكذلك يقول محمد بن الجريري الأنصاري الحنفي ، لكن يحبس الآن جزما مطلقا.
    وكذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي ويبالغ في زجره حسبما تندفع تلك المفسدة وغيرها من المفاسد.
    وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي.
    راجع دفع الشبه ص 45 ـ 47 وهؤلاء الأربعة هم قضاة قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيام تلك الفتنة في سنة 726 (1).
    وكان من معاصريه من ينهاه عن غيه كالذهبي فإنه كتب إليه ينصحه ، وإليك نص خطابه إياه : الحمد لله على ذلتي ، يا رب ارحمني وأقلني عثرتي ، واحفظ علي إيماني ، واحزناه على قلة حزني ، وواأسفاه على السنة وأهلها ، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء ، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات ، آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وتبا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه ، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينيك ؟ إلى كم تمدح
1 ـ راجع تكملة السيف الصقيل للشيخ محمد زاهد الكوثري ص 155.

(88)
نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس ؟ مع علمك بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تذكروا موتاكم إلا بخير فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ) بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك : إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الاسلام ، ولا عرفوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو جهاد ، بل والله عرفوا خيرا كثيرا مما إذا عمل به فقد فاز ، وجهلوا شيئا كثيرا مما لا يعنيهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، يا رجل ! بالله عليك كف عنا ، فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام ، إياكم والغلوطات في الدين ، كره نبيك صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال : ( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ) وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام ، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب ، والله قد صرنا ضحكة في الوجود ، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية ؟ لنرد عليها بعقولنا ، يا رجل ! قد بلعت ( سموم ) الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات ، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن والله في البدن ، واشوقاه إلى مجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة ، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما ، بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب ، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال ، قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ، ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار ، ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون وتعد النصارى مثلنا ، والله في القلوب شكوك ، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد ، يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال ، لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا ، لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه ، فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل ؟ أو عامي كذاب بليد الذهن ؟ أو غريب واجم قوي المكر ؟ أو ناشف صالح عديم الفهم ، فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل ، يا مسلم ! أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك ، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار ؟! إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار ؟! إلى كم تعظمها وتصغر العباد ؟! إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد ؟ ! إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح ـ والله ـ بها أحاديث الصحيحين يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك.
    بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والاهدار ، أو بالتأويل


(89)
والانكار ، أما آن لك أن ترعوي ؟! أما حان لك أن تتوب وتنيب ؟! أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل ؟! بلى ـ والله ـ ما أدكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت ، فما أظنك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي ، بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات ، وتقطع لي أذناب الكلام ، ولا تزال تنتصر حتى أقول : ألبتة سكت.
    فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعدائك ؟! وأعداؤك ـ والله ـ فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء ، كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر ، قد رضيت منك بأن تسبني علانية وتنتفع بمقالتي سرا [ فرحم الله امرءا أهدى إلى عيوبي ] فإني كثير العيوب غزير الذنوب ، الويل لي إن أنا لا أتوب ، ووافضيحتي من علام الغيوب ، ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين (1).
    فمن هنا وهناك بادوا عليه ما أبدعته يده الأثيمة من المخاريق التافهة والآراء المحدثة الشاذة عن الكتاب والسنة والاجماع والقياس ونودي عليه بدمشق : من إعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله (2).
    فذهبت تلكم البدع السخيفة إدراج الرياح ، كذلك يضرب الله الحق والباطل ، فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
    ثم قيض المولى سبحانه في كل قرن وفي كل قطر رجالا نصروا الحقيقة ، وأحيوا كلمة الحق ، وأماتوا بذرة الضلال ، وقابلوا تلكم الأضاليل المحدثة بحجج قوية ، وبراهين ساطعة ، فجاءت الأمة الإسلامية تتبع الطريق المهيع.
    وتسلك جدد السبيل ، تباعا وراء الكتاب والسنة ، تعظم شعائر الله ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ، إلى أن ألقى الشر جرانه ، وجاد الدهر بولائد الجهل ، وربتهم أيدي الهوى ، وأرضعتهم أمهات الضلال ، وشاخلتهم رجالات الفساد ، وتمثلوا في الملأ بشرا سويا ، وسجيتهم الضلال ، فجاسوا خلال الديار وضلوا وأضلوا واتبعوا سبيل الغي وصدوا عن سبيل الله ،
1 ـ تكملة السيف الصقيل للكوثري ص 190 كتبه من خط قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة ، وكتبه هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد ابن العلائي ، وقد كتبه من خط الذهبي. وذكر شطرا منه العزامي في الفرقان ص 129.
2 ـ الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني ج 1 ص 147.


(90)
ومن أولئك الجماهير ( القصيمي ) صاحب [ الصراع ] حذا حذو ابن تيمية واتخذ وتيرته واتبع هواه فجاء في القرن العشرين كشيخه يموه ، ويدجل ، ويتسدج ، ويتحرش بالسباب المقذع ، ويقذف مخالفيه بالكفر والردة ، ويرميهم بكل معرة ومسبة ، ويري المجتمع أن هاتيك الأعمال من الزيارة والدعاء عند القبور المشرفة والصلاة لديها والتبرك والتوسل والاستشفاع بها كلها من آفات الشيعة ، وهم بذلك ملعونون خارجون عن ربقة الاسلام ، وبسط القول في هذه كلها بألسنة حداد مقذعا مستهترا خارجا عن أدب المناظرة والجدال ، قال في ( الصراع ) ج 1 ص 54 : وبهذا الغلو الذي رأيت من طائفة الشيعة في أئمتهم ، وبهذا التأليه الذي سمعت منهم لعلي وولده ، عبدوا القبور وأصحاب القبور ، وأشادوا المشاهد ، وأتوها من كل مكان سحيق وفج عميق ، وقدموا لها النذور والهدايا والقرابين ، وأراقوا فوقها الدماء والدموع ، ورفعوا لها خالص الخضوع والخشوع ، وأخلصوا لها ذلك وخصوها به دون الله رب الموحدين.
    وقال في ج 1 ص 178 : الأشياء المشروعة كالصلاة والسلام على الرسول الكريم لا فرق فيها بين القرب والنأي ، فإنها حاصلة في الحالتين ، وأما مشاهدة القبر الشريف نفسه ، ومشاهدة الأحجار نفسها ، فلا فضل فيها ولا ثواب بلا خلاف بين علماء الاسلام ، بل إن مشاهدته عليه الصلاة والسلام حينما كان حيا لا فضل لها بذاتها ، وإنما الفضل في الإيمان به والتعلم منه والاقتداء به والنهج منهجه ومناصرته ، وبالإجمال إن أحدا من الناس لن يستطيع أن يثبت لزيارة القبر الشريف فضلا ما ، وهذا واضح من سيرة المسلمين الأولين. إلى آخر خرافاته ومخاريقه.
    لعل القارئ يزعم من شدة الرجل هذه وحدته في النكير ، والجلبة واللغط في القول ـ التي هي شنشنة يعرف بها ابن تيمية شيخ البدع والضلال والمرجع الوحيد في هذه الخزايات والخزعبلات ـ إن لكلامه مقيلا من الحقيقة ورمزا من الصدق ، ذاهلا عن أن أعلام المذاهب الإسلامية في القرون الخالية ، منذ القرن الثامن من يوم ابن تيمية ، وبعده يوم محمد بن عبد الوهاب الذي أعاد لتلكم الدوارس جدتها وحتى العصر الحاضر ، أنكروا على هذه السفسطات والسفاسف وحكموا من ذهب إلى هذه الآراء
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس