الغدير ـ الجزء الخامس ::: 331 ـ 340
(331)
بأسمائهم وأشخاصهم. وما وضعوا من الأحاديث الكثيرة من المناقب والمثالب في العباس عم النبي وبنيه عامة والخلفاء منهم خاصة. وشفعها بما افتعلوه في آحاد غوغاء الناس مثل حديثهم في وهب وغيلان : يكون في أمتي رجل يقال له : وهب. يهب الله له الحكمة ورجل يقال له : غيلان هو أشر على أمتي من إبليس [ م 3 ص 160 ]. ومثل حديثهم : يجيئ في آخر الزمان رجل يقال له : محمد بن كرام تحيى السنة به [ لم 1 ص 375 ].
    وجل هذه الروايات تعارض متونها أحاديث صحيحة لو بسطنا القول فيها لتأتي أجزاء حافلة غير أنا نذكر ما يعارض الحديث الأخير خاتم المائة المكذوب على جبريل ليكون الباحث على بصيرة فمما يعارضه :
    1 ـ يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب. أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والدارمي وأبو داود.
    2 ـ يبعث من هذه المقبرة ـ البقيع الغرقد ـ سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. أخرجه الطبراني في الكبير مز 4 ص 13.
    3 ـ ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا. أخرجه أحمد والطبراني والبزار.
    4 ـ لقد وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا لا حساب عليهم. أخرجه الطبراني والبزار.
    5 ـ ليبعثن الله من مدينة بالشام يقال له ( حمص ) تسعين ألفا لا حساب عليهم. أخرجه البزار.
    6 ـ إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساءا يدخلون الجنة بغير حساب. أخرجه الطبراني بإسناد جيد.
    7 ـ رأيت منكم خمسين ألفا أو سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. أخرجه الطبراني بإسناد رجاله ثقات.
    8 ـ إني وجدت ربي ماجدا كريما أعطاني مع كل واحد من السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب سبعين ألفا.
    أخرجه الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح غير شيخه.


(332)
    9 ـ أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. إلى أن قال : فزادني مع كل واحد سبعين ألفا. أخرجه أحمد وأبو يعلى.
    راجع مجمع الزوائد ج 10 ص 405 ـ 412.
    10 ـ في حديث ليلة الاسراء : يا محمد ! حملة القرآن لا يعذبون ولا يحاسبون يوم القيامة. خزينة الأسرار ص 88.
    11 ـ أول زمرة من أمتي يدخلون الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم. طب 2 ص 160.
    12 ـ ليبعثن من بين حائط ( حمص ) و ( الزيتون ) في الترب الأحمر سبعون ألفا ليس عليهم حساب. ك 3 ص 89.
    13 ـ من مات في هذا الوجه من حاج أو معتمر لم يعرض ولم يحاسب وقيل له : ادخل الجنة. طب 2 ص 170.
    14 ـ يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا يدخلون الجنة بلا حساب. طب 12 ص 190.
    15 ـ في حديث عرض الأمم عليه صلى الله عليه وآله : يا محمد إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. مسند أحمد 1 ص 418 ، 454.
    16 ـ بشرني [ ربي ] إن أول من يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب. مسند أحمد 5 ص 393.
    م 17 ـ وفي حديث عمير مرفوعا : إن الله عز وجل وعدني أن يدخل من أمتي ثلثمائة ألف الجنة بغير حساب. أخرجه البغوي وابن أبي خيثمة وابن المسكن والطبراني وغيرهم كما في الإصابة 3 ص 37 ].
    م ـ وقبل هذه كلها ما أخرجه الخجندي عن أبي أمامة قال : سمعت أبا بكر الصديق يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : من أول من يحاسب ؟ قال : أنت يا أبا بكر. قال : ثم من ؟ قال : عمر. قال : ثم من ؟ قال : علي. قال : فعثمان ؟ قال : سألت ربي أن يهب لي حسابه فلا يحاسبه فوهب لي. الرياض النضرة 1 : 31 ) (1).
فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم
[ الأنعام 144 ]

1 ـ هذه الرواية أيضا من تلكم الموضوعات التي يعارض بعضها بعضا.

(333)
سلسلة الموضوعات
في الخلافة فحسب
    أهم موضوع لعبت به أيدي الهوى ، وعبثت به العواطف المضلة ، هو موضوع الخلافة في السنة والحديث ، وضع القوم فيها أحاديث مكذوبة على الله وعلى أمين وحيه ونبيه الطاهر صلى الله عليه وآله وسلم ، وبثها في الملأ أرباب التآليف المزورة روما لطمس الحق ، وتمويها على الحقيقة ، وتعمية على الجاهل المسكين ، عالمين بأنها آثار مفتعلة تضاد مبادئ الاسلام عند جميع فرقه ، ولا توافق أيا من المذاهب الإسلامية ، بل لازمها اجتماع الأمة على الخطأ ـ وهي لا تجتمع على الخطأ ـ إذ لا تخلو ممن يرى النص في علي أمير المؤمنين ، ومن يقول بالانتخاب وعدم النص على أي أحد ، فالأمة مجتمعة على الخطأ في رفض تلكم النصوص والصفح عنها ، وإليك نماذج مما وقفنا عليه من تلكم المخازي :
    1 ـ عن أنس بن مالك قال : جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل إلى بستان فأتى آت فدق الباب فقال : يا أنس ؟ قم فافتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة من بعدي. قال : قلت يا رسول الله أعلمه ؟ قال : أعلمه. فإذا أبو بكر. قلت : أبشر بالجنة وأبشر بالخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم جاء آت فدق الباب فقال. يا أنس ؟ قم فافتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة من بعد أبي بكر. قلت : يا رسول الله أعلمه ! قال : أعلمه. فخرجت فإذا عمر قال قلت له : أبشر بالجنة وأبشر بالخلافة من بعد أبي بكر. ثم جاء آت فدق الباب فقال : قم يا أنس ؟ وافتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد عمر وأنه مقتول. قال : فخرجت فإذا عثمان قلت : أبشر بالجنة وبالخلافة من بعد عمر وإنك مقتول. قال : فدخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله لمه ؟ والله ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك. قال : هو ذاك يا عثمان !.
    من موضوعات الصقر بن عبد الرحمن أبي بهز الكذاب. حكى الخطيب البغدادي في تاريخه 9 ص 339 عن علي بن المديني أنه سئل عن هذا الحديث ، فقال : كذب هذا موضوع


(334)
وذكره الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) 1 ص 467 فقال حديث كذب. وحكى ابن حجر في ( لسان الميزان ) 3 ص 192 عن علي المديني أنه قال : كذب موضوع. وقال في ص 193 : لو صح هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع.
    وذكره الذهبي في ميزانه 2 ص 91 بلفظ : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا لرجل فقرع الباب فقال : يا أنس افتح وبشره بالجنة وإنه سيلي الأمر من بعدي ففتحت فإذا أبو بكر. ثم قال : وفي سنده عبد الأعلى بن أبي المساور وهو متروك ضعيف ليس بشئ. وذكر صدره في ج 1 ص 162 عن بكر بن المختار بن فلفل وقال : قال ابن حبان : لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. وقال المقدسي في ( تذكرة الموضوعات ) ص 15 : افتح له و بشره بالجنة. وفيه ذكر الخلافة وترتيبها رواه بكر بن المختار الصائغ وهو كذاب.
    قال الأميني : وفي ترك هؤلاء الثلاثة الاحتجاج بهذه الرواية يوم فاقتهم إليها عند طلب الخلافة وقد بلغ الجدال أشده حتى كاد أن يكون جلادا دليل واضح على أنهم لم يدخلوا ذلك البستان الخيالي ، ولا سمعوا تلك البشارة الموهومة ، وإن الله سبحانه لم يبرء ذلك البستان ليوطد فيها أساس الفتن المدلهمة ، ثم لماذا لم يروها لهم أنس يوم تزلفه إليهم وتركاضه معهم وتركها لأحد الرجلين بعده : الصقر وعبد الأعلى ؟.
    م ـ ألا تعجب من حافظين كبيرين كأبي نعيم في متقدمي القوم ، والسيوطي في متأخريهم ؟! يروي الأول هذه الرواية بإسناده الوعر في دلائل النبوة 2 ص 201 من طريق أبي بهز الكذاب ويركن إليها ، ويرويها الثاني في الخصائص الكبرى 2 : 122 ويتبهج بها ولم ينبس أحد منهما مما في إسنادها من الغمز ببنت شفة.
    2 ـ عن عايشة قالت : كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ضمني وإياه الفراش قلت : يا رسول الله ألست أكرم أزواجك عليك ؟ قال : بلى يا عايشة. قلت : فحدثني عن أبي بفضيلة قال : حدثني جبريل إن الله تعالى لما خلق الأرواح اختار روح أبي بكر الصديق من بين الأرواح وجعل ترابها من الجنة وماؤها من الحيوان ، وجعل له قصرا في الجنة من درة بيضاء مقاصيرها فيها من الذهب والفضة البيضاء ، وإن الله تعالى آلى على نفسه أن لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيئة ، وإني ضمنت على الله كما ضمن الله على نفسه أن لا يكون لي ضجيعا في حفرتي ولا أنيسا في وحدتي ولا خليفة على أمتي من بعدي ،


(335)
إلا أبوك. يا عايشة ! بايع على ذلك جبريل وميكائيل ، وعقدت خلافته براية بيضاء وعقد لواؤه تحت العرش قال الله للملائكة : رضيتم ما رضيت لعبدي ؟ فكفى بأبيك فخرا أن بايع له جبريل وميكائيل وملائكة السماء وطائفة من الشيطان يسكنون البحر فمن لم يقبل هذا فليس مني ولست منه. قالت عايشة : فقبلت أنفه وما بين عينيه فقال : حسبك يا عايشة فمن لست بأمه فوالله ما أنا بنبيه ، فمن أراد أن يتبرأ من الله ومني فليتبرأ منك يا عايشة.
    قال الخطيب البغدادي في تاريخه 14 ص 36 : لا يثبت هذا الحديث ورجال إسناده كلهم ثقات ولعله شبه لهذا الشيخ القطان ـ أو ادخل عليه ـ مع إني قد رأيته من حديث محمد بن بابشاذ البصري عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق ، وابن بابشاذ راوي مناكير عن الثقات.
    وذكر الذهبي منه جملا في ( ميزان الاعتدال ) 3 ص 31 وحكم بأنه موضوع.
    وذكر جملا في ص 246 وقال : حديث باطل كأنه المسكين ـ يعني هارون القطان ـ ادخل عليه ولا يشعر ، وله إسناد آخر باطل.
    وقال : هذا لا يحتمله سلمة والظاهر أنه دس على ابن بابشاذ هذه فروى حديثا موضوعا راج عليه ولم يهتد.
    وذكر الفيروز آبادي شطرا من صدره في خاتمة ( سفر السعادة ) ، والعجلوني في ( كشف الخفاء ) ، وعداه من أشهر المشهورات من الموضوعات ، ومن المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل ، وأبطله السيوطي في لي 1 ص 150.
    3 ـ عن عايشة قالت : أول حجر حمله النبي صلى الله عليه وسلم لبناء المسجد ، ثم حمل أبو بكر حجرا آخر ، ثم حمل عمر ، ثم حمل عثمان حجرا آخر.
    فقلت : يا رسول الله ! ألا ترى إلى هؤلاء كيف يساعدونك ؟ فقال : يا عايشة هؤلاء الخلفاء من بعدي.
    أخرجه الحاكم في ( المستدرك ) 3 ص 97 وقال : صحيح وإنما اشتهر بإسناد واه من رواية محمد بن الفضل بن عطية فلذلك هجر.
    وقال الذهبي في تلخيص المستدرك : قلت : أحمد منكر الحديث وممن نقم على مسلم إخراجه في الصحيح.
    ويحيى وإن كان ثقة فقد ضعف.
    ثم لو صح هذا لكان نصا في خلافة الثلاثة ولا يصح بوجه ، فإن عايشة لم تكن يومئذ دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي محجوبة صغيرة فقولها هذا يدل على بطلان الحديث. إلخ.


(336)
    أسفي على الحاكم فإنه يخرج عن عائشة هذه الرواية ويصححها وقد أخرج عنها قبلها في ( المستدرك ) ج 3 ص 78 أنها قالت : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا لاستخلف أبا بكر وعمر. وصححه هو وأقره الذهبي.
    4 ـ عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال أذن في الناس : إن الخليفة بعدي أبو بكر. يا بلال ناد في الناس : إن الخليفة بعد أبي بكر عمر. يا بلال ناد في الناس : إن الخليفة من بعد عمر عثمان. يا بلال امض أبى الله إلا ذلك ـ ثلاث مرات ـ
    أخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة. والخطيب في تاريخه 7 ص 429 من دون أي غمز فيه. وابن عساكر في تاريخ الشام ، ورواه الذهبي بإسناد الدارقطني وعمرو بن شاهين في ميزانه 1 ص 387 فقال : هذا موضوع. وقال في سعيد بن عبد الملك أحد رجال الاسناد : قال أبو حاتم يتكلمون فيه يروي أحاديث كذب.
    لم لم تسمع أذن الدنيا قط نداء بلال حينما أذن في الناس بالخلافة ؟ هل خالف بلال أمر النبي صلى الله عليه وآله ولم يناد ؟ حاشاه.
    أو ضرب الله في آذان أمة محمد وقرا فلم يسمع أحد ذلك النداء ؟ لاها الله.
    بل ما أمر صلى الله عليه وآله وسلم بشئ من هذا ، ولا أذن بلال ولا أسمع ، لكن الهوى خلق بعد لأي من عمر الدهر أذانا سمعه من لا يؤمن به.
    5 ـ مرفوعا : أبو بكر يلي أمتي من بعدي.
    ذكره الذهبي في ميزانه 3 ص 93 وقال : خبر كذب جاء به محمد بن عبد الرحمن وهو لا يعرف أو هو ابن قراد ـ الكذاب الوضاع المذكور ص 260.
    6 ـ عن الزبير بن العوام قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : الخليفة بعدي أبو بكر وعمر ثم يقع الاختلاف.
    فقمنا إلى علي فأخبرناه فقال : صدق الزبير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
    من موضوعات عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة.
    ذكره الذهبي في ميزانه 1 ص 147 فقال : هذا باطل والآفة من عبد الرحمن.
    إن كان أمير المؤمنين عليه السلام سمع ما سمعه زبير من رسول الله صلى الله عليه وآله فما باله يدعيها لنفسه عند طلب البيعة ويخالف رسول الله صلى الله عليه وآله فيما نص عليه ؟ وكيف يكون ما شجر بينه وبين القوم من الخلاف الذي ملأ الخافقين حديثه ؟ وما بال الزبير الراوي عن رسول


(337)
الله صلى الله عليه وآله تخلف عن بيعة أبي بكر يوم ذاك واخترط سيفه وهو يقول : لا أغمده حتى يبايع علي ؟.
    7 ـ مرفوعا : إن جبرائيل قال : أبو بكر وزيرك في حياتك وخليفتك بعد موتك.
    من موضوعات أبي هارون إسماعيل بن محمد الفلسطيني.
    قال الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) 1 ص 114 : ذكره ابن الجوزي بإسناد مظلم وقال : أبو هارون كذاب.
    سبحانك اللهم ما أجرأهم على المهيمن الجبار وعلى أمين وحيه وعلى قدس صاحب الرسالة فعزوا إليه حكما نزل به الروح الأمين لأن يصدع به في الملأ من أمته ليسلكوا طريقه المهيع باتباع الخليفة من بعده لكنه صلى الله عليه وآله جعجع بتبليغه إلى أن يأتي الرجل من فلسطين فأنهاه إليه صلى الله عليه وآله ليبلغ من حوله من المهاجرين والأنصار. نعم : هكذا يكون الأكل من القفا. لا. هكذا يكون أمر دبر بليل ، أو يتزلف الفلسطيني إلى صاحب السلطة الوقتية بالافتعال له.
    8 ـ عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : قال لما عرج بي قلت : اللهم اجعل الخليفة من بعدي عليا قال : فارتجت السماوات وهتف بي الملائكة يا محمد إقرأ : وما تشاؤن إلا أن يشاء الله ، وقد شاء الله أبا بكر.
    من موضوعات يوسف بن جعفر الخوارزمي.
    ذكره الذهبي في ميزانه 3 ص 329 وقال : ذكره ابن الجوزي ، إن هذا من وضع يوسف.
    وأخرجه الجوزقاني وفي آخره : قد شاء الله أن يكون الخليفة من بعدك أبو بكر الصديق.
    ثم قال : موضوع وضعه يوسف بن جعفر ـ لي 1 ص 156 ـ وفي لفظ : إن الله يفعل ما يشاء الخليفة بعدك أبو بكر.
    9 ـ عن علي [ أمير المؤمنين ] مرفوعا : يا علي سألت الله ثلاثا أن يقدمك فأبي علي إلا أن يقدم أبا بكر.
    أخرجه الخطيب في تاريخه 11 ص 213 بسند تافه ساكتا عن الغمز فيه جريا على عادته.
    وذكره الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) 2 ص 222 من طريق الخطيب عن أبي حجيفة وقال : خبر باطل لعل آفته علي بن الحسين الكلبي.
    وزيفه ابن حجر في ( الفتاوى الحديثية ) ص 126.
    وعده السيوطي في ( الجامع الكبير ) كما في ترتيبه 6 ص 139 من فضائل أبي بكر نقلا عن الديلمي ، وذكره محب الدين الطبري في الرياض 1 : 150 باللفظ المذكور و


(338)
لفظ : نازلت الله فيك ثلاثا فأبى أن يقدم إلا أبا بكر ثم قال : غريب.
    قال الأميني : إني مسائل مفتعل هذا الرواية وأعضاده من حفاظ الحديث ـ الأمناء على ودايع العلم والدين ـ بعد الفراغ عن أن أمر الخلافة لا يستقر في أحد إلا بتعين المولى سبحانه ومشيئته. والله يفعل ما يشاء. وما تشاؤن إلا أن يشاء الله. وقد شاء أبا بكر ، أين يكون محل دعاء النبي صلى الله عليه وآله في أن يجعلها في علي عليه السلام من قبل أن يعلم مستقره عند الله تعالى ؟ فكان من واجبه أن يسئله عن محله عنده لا أن يطلب منه طلبة ترتج لها السماوات والملائكة وما ذلك إلا لكونه منكرا من الطلب. نجل نبينا عن الاسفاف إلى هذه الضعة.
    وكيف خفي عليه صلى الله عليه وآله من يستأهل الخلافة من أمته ويختار لها من يأبى الله والسماوات ومن فيها والمؤمنون (1) له ذلك ؟ نعوذ بالله من السفاسف.
    ثم ما بال النبي الأعظم يتأخر علمه بذلك عن علم الملائكة والسماوات والحاجة له ولأمته ، وخطاب التبليغ متوجه إليه ، والتكليف بالخضوع متوجه إلى أمته ؟ و لم يكن جميع الملائكة والسماوات حملة الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله حتى يتقدم علمهم على علمه (2) وما الذي دعاه صلى الله عليه وآله إلى ذلك التأكيد وتكرار المسألة مرة بعد أخرى وقد أبى الله أن يجيبها وشاء خلاف تلك الدعوة ؟.
    إلى أسؤله هامة تأتي وهي مشكلات لا أحسب أن يجد كل من يعتمد على هذه الرواية إلى حلها سبيلا.
    اف تف لمؤلف يذكر مثل هذه الأفيكة ويراها لطيفة (3) ولآخر يراها غريبا ويقول : يعتضد بالأحاديث الصحيحة (4) اللهم إليك المشتكى.
    10 ـ أخرج الخطيب في تاريخه 14 ص 24 بإسناده عن إبراهيم بن هاني عن هارون المستملي المتوفى 247 عن يعلى (5) بن الأشدق عن عبد الله بن جراد قال : أتي
1 ـ كما يأتي في حديث آخر.
2 ـ هذا على سبيل المماشاة والجدل وإن لنا في علمه صلى الله عليه وآله بالوحي خطة أخرى مع الاعتراف بنزول جبريل في كل واقعة للأذن في التبليغ ولتثبيت قلوب الأمة.
3 ـ راجع نزهة المجالس 2 ص 186.
4 ـ راجع الرياض النضرة 1 ص 150.
5 ـ في تاريخ الخطيب : علي. والصحيح ما ذكرناه.


(339)
رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرس فركبه وقال : يركب هذا الفرس من يكون الخليفة من بعدي. فركبه أبو بكر الصديق.
    قال الأميني : كأن الخطيب أدهشه فرس الخلافة ـ ذاهلا عن أنه لم يخلق بعد ـ فسكت عما في سند الرواية من الغمز الفاحش الذي لا يخفى على مثل الخطيب فارس الجرح والتعديل ، وإليك مجمل القول في رجاله : 1 ـ إبراهيم بن هاني ، قال ابن عدي : مجهول يأتي بالبواطيل.
    2 ـ هارون المستملي ، قال له أبو نعيم : يا هارون أطلب لنفسك صناعة غير الحديث فكأنك بالحديث قد صار على مزبلة.
    3 ـ يعلى بن الأشدق : أحد الكذابين كما مر في سلسلتهم.
    4 ـ عبد الله بن جراد عم يعلى ، قال الذهبي في ميزانه : مجهول لا يصح خبره لأنه من رواية يعلى بن أشدق الكذاب عنه ، وقال أبو حاتم : لا يعرف ولا يصح خبره.
    وقال ابن حجر في ( الإصابة ) 2 ص 288 : يعلى بن أشدق أحد الضعفاء ، وعبد الله بن جراد واه ذاهب الحديث ولم يثبت حديثه.
    وذكر السيوطي الرواية في الموضوعات ـ لي 1 ص 156 ـ وأردفه بقوله : موضوع ، ابن جراد ليس بشئ.
    ثم نقل كلمات الحفاظ في تضعيف ابن جراد وتزييفه.
    11 ـ عن جابر مرفوعا : أبو بكر وزيري والقائم في أمتي من بعدي. وعمر حبيبي ينطق على لساني. وعثمان مني. وعلي أخي وصاحب لوائي. وفي كنز العمال 6 ص 160 عن أنس : أبو بكر وزيري يقوم مقامي. وعمر ينطق بلساني. وأنا من عثمان وعثمان مني. من موضوعات كادح بن رحمة الكذاب ، أخرجه ابن السمان في ( الموافقة ) كما في ( الرياض النضرة ) ج 1 ص 28.
    وذكره الذهبي في ميزانه من طريق كادح وقال : قال ابن عدي عامة أحاديثه غير محفوظة ولا يتابع في أسانيده ولا في متونه. وقال الحاكم وأبو نعيم روى عن مسعر والثوري أحاديث موضوعة. [ لسان الميزان 4 : 481 ].
    12 ـ أخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إئتني بدواة وكنت أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا. ثم قال : يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر. كنز 6 ص 139.


(340)
    13 ـ عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه : ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فأني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى و يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر.
    أخرجه مسلم وأحمد وغيره من طرق عنها وفي بعضها : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه : ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه أحد. ثم قال : دعيه معاذ الله أنه يختلف المؤمنون في أبي بكر.
    وفي لفظ عن عبد الله بن أحمد : أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر. ( الصواعق ) لابن حجر ص 13. شرح ( مشارق الأنوار ) 2 ص 258.
    14 ـ عن عائشة مرفوعا : لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه [ أراد به عبد الرحمن ] وأعهد [ أي أوصي أبا بكر بالخلافة بعدي ] أن يقول القائلون [ أي كراهة أن يقول قائل : أنا أحق منه بالخلافة ] أو يتمنى المتمنون [ أي أو يتمنى أحد أن يكون الخليفة غيره ] ثم قلت : يأبى الله ويدفع المؤمنون [ يعني تركت الايصاء اعتمادا على أن الله تعالى يأبى عن كون غيره خليفة وأن يدفع المؤمنون غيره ] أو : يدفع الله ويأبى المؤمنون.
    أخرجه الصغاني في ( مشارق الأنوار ) عن البخاري. وفي هامشه : لم نجده في صحيح البخاري فليراجع. وشرحه ابن الملك بما جعلناه بين القوسين في شرحه 2 ص 90. وذكره ابن حزم في الفصل 4 ص 108 فقال : فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده.
    هذه صورة ممسوخة من حديث الكتف والدواة المروي بأسانيد جمة في الصحاح والمسانيد وفي مقدمها الصحيحان حولوه إلى هذه الصورة لما رأوا الصورة الصحيحة من الحديث لا تتم بصالحهم ، لكنها الرزية كل الرزية كما قاله ابن عباس في الصحيح ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله منع في وقته عن كتابه ما رامه من الايصاء بما لا تضل الأمة بعده وكثر هناك اللغط ، ورمي صلى الله عليه وآله بما لا يرصف به ، أو قال قائلهم : إن الرجل ليهجر. أو : إن الرجل غلبه الوجع. وبعد وفاته صلى الله عليه وآله قلبوا ذلك التاريخ الصحيح إلى هذا المفتعل وراء أمر دبر بليل.
    قال ابن أبي الحديد في شرح ( نهج البلاغة ) 3 ص 17 : وضعوه في مقابلة الحديث
الغدير ـ الجزء الخامس ::: فهرس