بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثالث ::: 461 ـ 470
(461)
    يعطون للعقل قسطاً أوفر و يقدِّمونه على النّصوص الواردة في الصِّحاح والمسانيد عن الصحابة والتابعين. مثلاً إنّ النّصوص النبويّة الّتي يرويها المحدِّثون من أهل السنّة تركِّز على التجسيم والرؤية والتشبيه والجبر وسلب الاختيار عن الإنسان ، فمعنى كون الفرقة فرقة سنّية ، تكريم هذه الأُصول والأحاديث وعدم الخروج عن خطوطها ، ولكنّهم مع الانتماء واجهوا هذه النّصوص بشدّة و قسوة ، فأخذوا يردّونها و يضربونها عرض الجدار ، وهذان لا يجتمعان.
    فكون الإنسان مقتفياً لمذهب أهل السنّة لا ينفكّ عن اقتفاء هذه الآثار و عدم التخطّي عنها ، والثورة على هذه النّصوص ، إمحاء لمذهب السنّة وهدم لأُسسه ، فكيف يجتمعان. فلازم ذلك أنّهم صاروا يتبنّون مبدأين متناقضين يضربون بواحد منهما المبدأ الآخر.
    فالحقّ أنّ التسنّن بالمعنى الصحيح هو ما كان عليه أحمد بن حنبل و نظراؤه من الجمود على الظواهر ، والأخذ في الصفات الخبريّة بالمعنى الحرفي ، و رفض العقل والبرهان في مجالي العقائد والأحكام ، وترك التفكير والتعقّل في المعارف ، وهذا هو الخطّ السنّي الحقيقيّ الّذي عليه و هّابية اليوم في نجد والحجاز ، فمن أراد الانتماء إلى هذا المذهب ، يجب أن يسلك هذا الطريق و يترك التفكّر والبرهنة في جميع المجالات ، ومن جمع بينهما فقد جمع بين الضدّين والنقيضين.
    إنّا نرى أنّ الشيخ أبا الحسن الأشعريّ بعد ما تاب والتحق بالحنابلة ، وحاول إثبات عقائد أهل الحديث بالبرهنة والدليل ، قابله إنكار شديد من قبل الحنابلة ، ولأجل ذلك لم يترجموه في طبقاتهم ولا عدّوه من أنفسهم ، بل استنكر « البر بهاري » رئيس حنابلة بغداد طريقته بأنّه يتجاوز في طرح الأُصول والعقائد عن النّصوص ويدخل في باب الدليل والبرهان ، وقد صار ذلك سبباً لحدوث مخاصمة شديدة بين الحنابلة والأشاعرة على مدى القرون.
    وقد عرفت في الجزء الثاني شكوى الأشاعرة من المتوسّمين بالحنبليّة ، وما هذا إلاّ


(462)
    لأنّ خطّ الحنابلة خطّ الرواية عن التّابعين والصحابة والاقتفاء بهم من دون أن يقيموا للعقل وزناً ، وهذا على طرف النقيض من كتب الإمام الأشعري ( سوى الابانة ) وكتب أئمّة الأشاعرة ، فإنّها مشحونة بالاستدلال العقليّ على العقائد وإن كان لصالح آراء أهل الحديث.
    وفي ضوء ذلك تقف على أنّ موضع المعتزلة من المجتمع السنّي موضع الرقعة من اللّباس ، فكانوا من أهل السنّة و يدّعون الانتماء إليهم ، غير أنّ أهل السنّة لا يقبلونهم وهذا وحده يكفي في سقوطهم من أعين العامّة و أوساط الناس.
    2 ـ كان لأصحاب الحديث ـ بما أنّهم حفظة السنّة و علماء الدين ـ نفاذ عجيب في نفوس العامّة و كان ذلك كافياً في إثارة سخطهم على المعتزلة ، لأنّهم ما زالوا يذكرونهم على صهوات المنابر وأندية الوعظ والإرشاد بالالحاد ورفض السنّة و مخالفة الدين ، ولم تكن الوقيعة فيهم منحصرة بيوم أو شهر أو سنة ، بل امتدّت طوال قرون في العواصم الإسلاميّة حتّى أيقن بسطاء الأُمّة بل علماؤهم بأنّ الاعتزال خروج على الدّين باسم الدّين ومحو للسنّة باسم البرهنة بالعقل. وكفى هذا في إبعاد المعتزلة عن ساحة المجتمع و إسقاطهم عن أعين النّاس والهجوم عليهم وعلى أموالهم إذا أتيحت للنّاس الفرصة و وافقت عليه السّلطة الحاكمة.
    3 ـ إنّ المعتزلة كانوا يتبنّون عقائد تخدش عواطف العامّة بخلاف أهل الحديث ، فقد كانوا يتبنّون ما يوافق أفكارهم و مصالحهم في الدّنيا و الآخرة ، فأهل الحديث كانوا يدّعون بأنّ شفاعة الشّافعين تعمّ العادل والفاسق و أنّ رسول الله ادّخرها للمذنبين من أُمّته و مثل هذا يوجب التفاف عامّة الناس حول رايتهم ، وهذا بخلاف ما يتبنّاه المعتزلة ، فإنّهم يقولون بأنّها لا تشمل إلاّ صلحاء الأُمّة ، والغرض منها رفع الدّرجة لاإمحاء الذّنوب. فأىُّ العقيدتين أولى بأن تتّبع عند عامّة النّاس؟
    إنّ أهل الحديث يقولون بأنّ الخلود في النّار يختصّ بالكافر ، والمؤمن وإن كان فاسقاً لا يخلّد و إن مات بلا توبة.


(463)
    وهذا بخلاف ما يقوله المعتزلة من خلود مرتكبي الكبائر في النّار إذا ماتوا بلا توبة. فكان لفكرة أهل الحديث جاذبيّة تضمّ العامّة إليهم و هذا بخلاف ما تقوله المعتزلة.
    4 ـ إنّ نجم المعتزلة أفل بعد الواثق عند ما تسنّم المتوكِّل منصّة الخلافة ، فعند ذلك صارت السلطة الحكوميّة سيفاً مصلتاً فوق رقابهم و شبحاً مرعباً يلاحقهم بعد ما كانت أداة طيّعة لهم ، والنّاس على دين ملوكهم وسلاطينهم ، ثمّ اشتدّ غضب الخلفاء عليهم على مرِّ الزمن ، فصار ذلك سبباً لذبح المعتزلة تحت كلّ حجر و مدر ، وقد استغلّ أهل الحديث والحنابلة غضب السّلطة على المعتزلة وقادوهم إلى الحدّ الّذي عرفت من النكاية.
    5 ـ إنّ المعتزلة قد اشتهروا بالقول بحريّة الفرد في أعماله و كانوا يدافعون عن حريّة الإنسان و احترام العقل ، وهذا لا يجتمع مع ما ارتكبوه في أيّام الخلفاء الثلاث ، فناقضوا بذلك أنفسهم و عارضوا تعاليمهم و أظهروا أنّهم لا يقدرون العقل حقّ قدره ، فإذا كانت الحريّة تفرض على المعتزلة أن يدينوا بخلق القرآن ، فهذا بنفسه يفرض عليهم أن لا يسوقوا النّاس بالجبر والحبس والضّرب على الاعتراف بخلق القرآن ، وغاية ما كان على المعتزلة تشكيل أندية الوعظ والارشاد والجدال الصحيح حتّى يتمّوا الحجّة على متحرّي الحقيقة أخذاً بقوله سبحانه: ( اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِين ) (1).
    وأين هذا من الاصرار على تبديل السّرائر والحكومة على الضمائر و فرض العقيدة بالجبر والضّرب؟ « إنّ الحركة الفلسفيّة العلميّة الّتي بدأت تتقوّى و تنتشر بيد المعتزلة وأخذت تلقى أنصاراً و أعواناً ، لو تركت تسير في مجراها الطبيعي ، لاستطاعت أن تقضي على الرّوح الرجعية في الأُمّة على قوّتها و عنفها. ولكتب لها الفوز والنجاح ، ولكنّ
    1 ـ سورة النحل / 125.

(464)
    المعتزلة استبقوا الزمن واستعجلوا الأُمور ، فأرادوا في زمن دولتهم أن يحقِّقوا ما لا يتحقّق إلا بالاقناع ، وأن ينجزوا في برهة و جيزة ما قد يتطلّب قروناً » (1).
    6 ـ إنّ صمود أحمد بن حنبل في طريق عقيدته أضفى له عند الأُمّة بطولة في طريق حفظ السنّة وجعل منه أُسطورة للدّفاع عن العقائد و قبول الاضطهاد في طريق الدّين ولمّا أفرج عنه التفّ النّاس حوله واندفعوا يحاربون أعداءه و يكيدون لهم ، ولم يبرح في الإجهار على ضدّ المعتزلة و إثارة النّاس عليهم.
    7 ـ إنّ الرجعيّة كانت متأصّلة في نفوس العامّة ، متحكّمة في كثير من العلماء وكانوا لا يرغبون في مخالفة السلف قدر شعرة ، وهذا أوجب انتصار أهل الحديث على أهل العقل والاستدلال ، وكان عمل المعتزلة مثيراً لروح التعصّب فيهم أزيد ممّا كانوا عليه ، ولعلّهم كانوا يتقرّبون في ضربهم و شتمهم و قتلهم إلى الله.
    8 ـ وقد كان للشّيخ أبي الحسن الأشعري دور مؤثّر في تأليب العامّة و الخاصّة على المعتزلة ، فإنّه كان معتزليّاً عارفاً بسلاح العقل والمنطق. فقد رجع عن المعتزلة لأجل أنّه رأى الهوّة السحيقة بين أهل السنّة و أهل الاعتزال ، فأراد أن يتّخذ طريقاً وسطاً بين المذهبين ، ولكنّه بدلاً من أن يستعمل ذلك السِّلاح في نصرة الدّين قام بمقاومة الاعتزال وهدمه ، ولم يفعل ذلك إلاّ مجاراة للرأي العامّ و طمعاً في كسب عطفهم و تأييدهم ، وبالتالي خضع للقوى الرجعية إلى حدّ كبير ، فأمضى كلّ ما كان عليه الحنابلة من مسألة القدر والرّؤية بحرفيتّها.
    9 ـ إنّ جنوح السّلطة إلى أصحاب الحديث من عصر المتوكِّل إلى آخر العبّاسيّين وتولّيهم عن المعتزلة دعاة العدل والتّوحيد ، لم يكن خالياً عن الأهداف السياسيّة الّتي كانت لمصالح عروشهم وحكومتهم ، لأنّ من مبادىء أهل الحديث وجوب إطاعة السّلطان الجائر و حرمة الخروج عليه و وجوب الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر إلى غير ذلك من الأحكام الّتي ذكرها إمام الحنابلة في عقيدة أهل الحديث ، ومن المعلوم أنّ هذا هو ما تتوخّاه السّلطة ، فإنّ في ذلك دعماً لجورها و استبدادها.
    وأين هذا من القول بالعدل والدعوة إلى التفكّر و وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و وجوب الخروج على السلطان الجائر و نصب الإمام العادل ، إلى غير ذلك من الأُصول الّتي كانت المعتزلة تتبنّاه ولم تكن لصالح الحكومة.
    هذا و ذاك صار سبباً لرجوع السّلطة إلى أهل الحديث و تقديمهم على المعتزلة.
    10 ـ إنّ للّه سبحانه سنّة في الأقوام و الأُمم عبّر عنها في الكتاب العزيز بقوله:
( وتلك الأيّام نداولها بين النّاس ) ( آل عمران / 140 ) فلا ترى أُمّة في ذروة العزِّ دائماً ولا في حضيض الذلّ كذلك. نعم لتحقّق السنّة و تبلورها في المجتمع أسباب وعلل ربّما يكون ما ذكرنا من الأسباب بعضها.
    1 ـ المعتزلة لحسن زهدي جار الله: ص 252.

(465)
2 ـ الآثار الباقية من المعتزلة. (1)
    كان مشايخ الاعتزال و أئمّتهم ذوي قرائح خصبة ، وكفاءات خاصّة في نضد القريض و ارتجال الخطب. فكان إلقاء الكلام على الوجه البليغ ، المطابق لمقتضى الحال ، أحد أسلحتهم الفتّاكة في باب المناظرة. ومن المحتمل أيضاً أنّ تسمية علم الكلام به لأنّ المعتزلة هم الأُسس لتدوين علم الكلام بين أهل السنّة ، وبما أنّهم قد بلغوا الذّروة والسّنام في البلاغة والفصاحة و إلقاء الكلام ، سمّيت صناعتهم بأوصافهم و خصوصيّاتهم ، فأطلقوا على منهجهم الفكري لفظ الكلام و علمه. ويظهر ذلك من الرّجوع إلى تاريخ حياتهم ، وقد عرفت أنّ واصل بن عطاء مع أنّه كان به لثغة بالرّاء ولكن كان يتجنّب عن الراء في خطبه ، فيتكلّم بالقمح مكان البُرّ ، والغيث مكان المطر. ولم يكن التفوّق في البلاغة مختصّاً به ، بل هو الغالب على أئمّة المعتزلة. فلا عجب لأن يتركوا كتباً قيّمةً في مجالات العقيدة والأدب والتفسير ، غير أنّ الدهر لعب بكتبهم ،
1 ـ هذا هو البحث الثاني الذي وعدنا به في صدر خاتمة المطاف.

(466)
    وأعان على حرقها و إعدامها خصماؤهم ، فلم يصل إلينا إلاّ النّزر القليل الّذي حفظته الصدفة. و نذكر من آثار المعتزلة ما طبع و نشر ، وأمّا المخطوطة منها الموجودة في المكتبات العالميّة فهي على عاتق الفهارس ، ولو قمنا به لطال بنا المقام فنذكر المطبوع حسب التّسلسل التّاريخي للتأليف.
    1 ـ « المعيار والموازنة » لأبي جعفر الاسكافي ( م 240 ) ، في فضائل الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ تحقيق محمد باقر المحمودي ، طبع في بيروت / 1402.
    2 ـ « درّة التنزيل و غرّة التأويل » له أيضاً طبع في مطبعة السعادة ، عام ( 1326هـ ).
    3 ـ « البيان و التبيين » لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ( م 255هـ ) في أربعة أجزاء ، طبع عدّة مرّات ، آخرها طبعة دار الفكر عام 1968.
    4 ـ « المحاسن والاضداد » له أيضاً طبع في القاهرة ( عام 1331هـ ).
    5 ـ « الفصول المختارة من كتب الجاحظ » جمعها الإمام عبيد الله بن حسّان ، طبع على هامش « الكامل » للمبّرد في القاهرة ، ( عام 1324هـ ).
    6 ـ « العثمانيّة » تحقيق محمّد هارون المصري طبع مصر ، واستقصى المحقّق ما بثّه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة من كتاب ( نقض العثمانية ) لأبي جعفر الاسكافي ، فجمعه وطبعه في آخر « العثمانيّة » فجاء الكتاب ونقضه في مجلّد واحد. وتعرّفت على شأن الكتاب في ترجمة الجاحظ.
    7 ـ « رسائل الجاحظ » في جزءين ، تحقيق عبدالسلام هارون ، طبع في القاهرة عام ( 1964م ).
    8 ـ « البخلاء » له أيضاً ، تحقيق طه الحاجزي ، طبع في مصر.
    9 ـ « الانتصار » في الردّ على ابن الرّاوندي ، تأليف أبي الحسين المعروف بالخيّاط ،


(467)
    طبع مع مقدّمة و تحقيق وتعليق للدكتور نيبرج الاستاذ بجامعة ( آبسالة ) في ( مملكة السويد ). وفي آخره قائمة لفهرس الكتب المذكورة في هذا الكتاب أكثرها للمعتزلة يبلغ عددها أربعين كتاباً (1).
    10 ـ « فضل الاعتزال أو ذكر المعتزلة » لأبي القاسم البلخي ( م 317 أو 319 هـ ) تحقيق فؤاد سيّد ، طبع الدّار التونسية ، عام ( 1406هـ ).
    11 ـ « شرح الأُصول الخمسة » لقاضي القضاة عبدالجبّار بن أحمد ( 415هـ ). حقّقه وقدّم له الدّكتور عبدالكريم عثمان ، المطبوع بمصر ، عام ( 1364هـ ) ، في ( 804 ) صفحة وراء الفهارس وهو أجمع كتاب لتبيين الأُصول الخمسة الّتي تتبنّاها المعتزلة في مجال العقائد.
    12 ـ « المغني » له أيضاً ، وهو إملاء القاضي لتلاميذه ، وقد طبع منه لحدّ الآن أربعة عشر جزءاً وهو في عشرين جزءاً ، وقد اكتشفته البعثة العلميّة المصريّة باليمن ، وهو أبسط كتاب للمعتزلة في مجال الكلام ، والجزء الأخير منه في الإمامة ، الّذي نقضه السيّد المرتضى بكتاب أسماه ب ـ « الشافي » ولخّصة الشيخ الطُّوسي ، والأصل والملخّص مطبوعان.
    13 ـ « تنزيه القرآن عن المطاعن » طبع عن النسخة المخطوطة بدار الكتب المصريّة. له أيضاً ما يلي:
    14 ـ « متشابه القرآن » له في جزءين. طبع في القاهرة ، دار التراث ، تحقيق الدكتور عدنان زرزور.
    15 ـ « المجموع المحيط بالتكليف له ».
    16 ـ « المختصر في أُصول الدّين » من رسائل العدل والتوحيد تحقيق محمد عمارة.
    1 ـ الانتصار: قسم الفهرس ، ص 249 ـ 252.

(468)
    17 ـ « طبقات المعتزلة » له أيضاً ، تحقيق فؤاد سيّد ، طبع الدار التونسية ، عام ( 1406هـ ).
    18 ـ « ديوان الأُصول في التوحيد » لأبي رشيد سعيد بن محمّد النيسابوري رئيس المعتزلة بعد القاضي عبدالجبّار ، طبع مصر ، عام ( 1968م ) ، تحقيق محمّد عبدالهادي أبو ريدة ، وقد تبعنا في نسبة الكتاب إليه ، رأي محقِّق الكتاب.
    19 ـ « الطبقتان الحادية عشرة والثانية عشرة من طبقات المعتزلة » لأبي السعد المحسن بن محمّد كلام الجشمي البيهقي ( م 494 هـ ) ، وكأنّه ذيل لكتاب « طبقات المعتزلة » للقاضي حيث ترجم فيه الطبقتين الحادية عشرة والثانية عشرة من المعتزلة ، تحقيق فؤاد سيّد ، طبع الدّار التونسية ، وهو جزء من كتابه « شرح العيون ».
    20 ـ « رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس » له أيضاً ، تحقيق حسين المدرسي الطباطبائي ، طبع عام ( 1406 ) ، وقد ألّفه بصورة روائيّة على النهج المعروف اليوم.
    21 ـ « تفسير الكشّاف » للشّيخ محمود بن عمر بن محمود الزمخشري ( م 538 هـ ) وقد طبع عدّة مرّات ، وهو أحد التفاسير الّتي يرجع إليها جميع المسلمين في الوقوف على بلاغة القرآن ، ولا يزال إلى اليوم ينظر إليه كأحد التفاسير المهمّة ، وقد أدرج في تفسيره حسب تناسب الآيات آراء المعتزلة و أخضع الآيات لتلك المبادىء. وله أيضاً ما يلي:
    22 ـ « أساس البلاغة » في اللّغة ، طبع في مصر.
    23 ـ « أطواق الذهب في المواعظ والخطب » تحتوي مائة مقالة في النصايح ، طبع في مصر و بيروت و استنبول.
    24 ـ « عجب العجاب في شرح لامية العرب » طبع في القاهرة و استنبول.
    25 ـ « الانموذج » طبع في ايران مع شرح عبدالغني الأردبيلي.
    26 ـ « الجبال و الأمكنة والمياه » طبع في ليدن.
    27 ـ « ربيع الأبرار و نصوص الأخبار ».
    28 ـ « الفائق في غريب الحديث » طبع في حيدرآباد.


(469)
    29 ـ « الكلم النوابغ أو نوابغ الكلم » طبع في القاهرة و بيروت.
    30 ـ « المفصّل في صناعة الإعراب » طبع في مصر و غيرها.
    31 ـ « مقدّمة الأدب » في اللّغة ، طبع في ليبسيك.
    32 ـ « شرح نهج البلاغة » لعز الدين عبدالحميد بن أبي الحديد البغدادي المدائني ( م655هـ ) وهو أعظم الشّروح و أطولها و أشملها بالعلوم والآداب والتّاريخ والمعارف ، ألّفه لمؤيّد الدّين محمد بن أحمد بن العلقمي وزير المستعصم بالله آخر الخلفاء والملوك العبّاسيّين ، وكان له كتب فيها عشرة آلاف مجلّد من نفاس الكتب (1) طبع في عشرين جزءاً بتحقيق محمّد أبي الفضل إبراهيم في القاهرة.
    33 ـ « طبقات المعتزلة » لأحمد بن يحيى بن المرتضى أحد أئمّة الزّيدية ، ولد عام ( م 764هـ ) وتوفّي بظفار عام ( 840هـ ) ، وهو جزء من كتابه الآخر « المنية والأمل » في شرح كتاب الملل والنحل.
    34 ـ البحر الزخّار دورة فقهية على مذهب الإمام زيد طبع في ستة أجزاء.
    35 ـ « كتاب الأساس لعقائد الأكياس » تأليف القاسم بن محمّد بن علىّ الزيديّ العلويّ ( م 1029هـ ). حقّقه و قدّم له الدكتور البيرنصري نادر ، طبع دار الطليعة بيروت ، عام 1980.
    36 ـ « العلم الشامخ في إيثار الحقّ على الآباء والمشايخ » للشيخ صالح المقبلي ( م 1108 هـ ) ، طبع القاهرة عام ( 1331هـ ) (2).
    هذه هي المعتزلة و تأريخها ، هذه تعاليمها و مشايخها و آثارها ، فمن أراد الكتابة
    1 ـ مقدمة نهج البلاغة ، بقلم المحقق.
    2 ـ ولعل الفائت منّي أكثر من المذكور ، والتكليف على حدّ المقدور ، وقد اكتفينا بذكر ما وقفنا على المطبوع من كتبهم ، أمّا المخطوط منها فحدّث عنه ولا حرج ، يقف عليها من راجع فهرس مخطوطات المكتبة المتوكلية في جامع صنعاء باليمن ، وقد صور أكثرها دار الكتب المصرية ونشر قسماً كبيراً منها.


(470)
    عن المعتزلة فعليه الرجوع إلى هذه المصادر وإن كانت قليلة ، لكنّها تغنيه عن الرجوع إلى كتب خصمائهم كـ « الفرق بين الفرق » للبغدادي ، فإنّه أخذ ما أخذه عن خصمهم ابن الراونديّ فنسب إليهم فى كتابه فضائح لا يمكن الرّكون عليه ، فإنّ الخصم لا يصدّق في النّسبة والنقل.
    نعم ، كان انقراض المعتزلة انهزاماً لدعاة الحرّيّة و انتصاراً للتحجّر و تقوية لقوى الجهل والأُميّة ، ولو كانت الحرّيّة سائدة على الأُمّة الإسلاميّة لكان الوضع غير ما نشاهده بين الأُمّة ، والحكم لله العليّ القدير.
    بلغ الكلام إلى هنا و فرغنا من تأليف هذا الجزء و ترصيفه و تبييضه يوم الجمعة يوم تحرير القدس العالمي التاسع والعشرين من شهر رمضان من شهور عام 1409هـ / ق.
والحمدللّه أوّلاً و آخراً و ظاهراً و باطناً.

قم ـ مؤسسة الإمام الصادق ( عليه السلام )
جعفر السبحاني
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الثالث ::: فهرس