بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: 331 ـ 340
(331)
    هذه جملة الأخبار التي تحدث بها الذكر الحكيم ولكنّها لم تحقق ، فلا محيص لتفسيرها إلاّ القول بوقوفهم على المقتضي دون العلّة التامة ، فعندما يظهر عدم التحقّق يطلق عليه البداء ، والمراد أنّه بدا من اللّه لنبيّه وللناس ما خفى عليهم ، على غرار قوله سبحانه : ( وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتْسِبُونَ ) (1) فالبداء إذا نسب إلى اللّه سبحانه فهو بداء منه ، وإذا نسب إلى الناس فهو بداء لهم ، وبعبارة اُخرى ، البداء من اللّه هو اظهار ما خفى على الناس ، والبداء من الناس بمعنى ظهور ما خفى لهم ، وهذا هو الحق القراح الذي لا يرتاب فيه أحد.
    وأمّا ما ورد في الروايات ، فهو بين خمسة أو أزيد بقليل :
    1 ـ إنّ المسيح ( عليه السلام ) مرّ بقوم مجلبين ، فقال : ما لهؤلاء ؟ قيل : يا روح اللّه فلانة بنت فلانة تهدى إلى فلان في ليلته هذه. فقال : يجلبون اليوم ويبكون غداً ، فقال قائل منهم : ولم يا رسول اللّه ؟ قال : لأنّ صاحبتهم ميّتة في ليلتها هذه ... فلمّا أصبحوا وجدوها على حالها ، ليس بها شيء ، فقالوا : يا روح اللّه إنَّ التي أخبرتنا أمس انّها ميّتة لم تمت. فدخل المسيح دارها فقال : ما صنعت ليلتك هذه ؟ قالت : لم أصنع شيئاً إلاّ وكنت أصنعه فيما مضى ، انّه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها. فقال المسيح : تنحّ عن مجلسك فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة ، عاضّ على ذنبه ، فقال ( عليه السلام ) : بما صنعت ، صرف عنك هذا (2).
    2 ـ روى الكليني عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : إنّه مرّ يهودي بالنبي فقال : السام عليك. فقال النبيّ عليك. فقال أصحابه : إنّما سلّم عليك بالموت فقال :
1 ـ الزمر / 47.
2 ـ المجلسي : بحارالأنوار 4 / 94.


(332)
الموت عليك. فقال النبيّ : وكذلك رددت. ثمّ قال النبيّ : إنّ هذا اليهودي يعضّه أسود في قفاه فيقتله ، قال : فذهب اليهودي فاحتطب حطباً كثيراً فاحتمله ، ثمّ لم يلبث أن انصرف ، فقال له رسول اللّه : ضعه ، فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاضّ على عود ، فقال : يا يهودي ما عملت اليوم ؟ قال : ما عملت عملاً إلاّ حطبي هذا حملته فجئت ومعي كعكتان ، فأكلت واحدة وتصدّقت بواحدة على مسكين ، فقال رسول اللّه : بها دفع اللّه عنه ، قال : إنّ الصدقة تدفع ميتة السوء عن الانسان (1).
    ولا يمكن لأحد تفسير مضامين الآيات الماضية وهذين الحديثين إلاّ عن طريق البداء بالمعنى الذي تعرّفت عليه ، وهو اتّصال النبي بلوح المحو والاثبات والوقوف على المقتضي والاخبار بمقتضاه دون الوقوف على العلّة التامة.
    3 ـ عرض اللّه عزّوجلّ على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم ، فمرّ بآدم اسم داود النبي ( عليه السلام ) فإذا عمره في العالم أربعون سنة ، فقال آدم : يا رب ما أقل عمر داود وما أكثر عمري يا رب إنّي أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أتثبت ذلك له ؟ قال اللّه : نعم يا آدم ، فقال آدم : فانّي قد زدته من عمري ثلاثين سنة ، فأثبت اللّه عزّوجلّ لداود في عمره ثلاثين سنة (2).
    ترى أنّه سبحانه أثبت شيئاً ، ثمّ محاه بدعاء نبيه ، وهذا هو المراد من قوله سبحانه : ( يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت وعنده اُمّ الكتاب ) فلو أخبر نبي اللّه عن عمر داود بأربعين سنة لم يكن كاذباً في إخباره ، لأنّه وقف على الاثبات الأوّل ولم يقف على محوه.
1 ـ المجلسي : بحارالانوار 4 / 121.
2 ـ المجلسي : بحارالأنوار 4 / 95 ـ 102.


(333)
    4 ـ أخبر اللّه نبياً بأنّ يخبر ملكاً بأنّه تعالى متوفّيه إلى كذا وكذا ، فأخبره بذلك ولمّا دعا الملك وقال : ربّ أجلّني حتّى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى اللّه عزّوجلّ إلى ذلك النبي أن ائت فلاناً الملك واخبره انّي قد زدت في عمره خمس عشرة سنة (1).
    5 ـ روى عمرو بن الحمق ، قال : دخلت على أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) حين ضرب على قرنه ، فقال لي : يا عمرو إنّي مفارقكم ، ثمّ قال : سنة السبعين فيها بلاء ـ قالها ثلاثاً ـ فقلت : فهل بعد البلاء رخاء ؟ فلم يجبني واُغمي عليه ، فبكت اُمّ كلثوم فأفاق ... فقلت : بأبي أنت واُمّي قلت : إلى السبعين بلاء ، فهل بعد السبعين رخاء ؟ قال : نعم يا عمرو إنّ بعد البلاء رخاء و ( يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت وعنده اُمّ الكتاب ) (2).
    هذه جملة ما ورد في البداء في مقام الاثبات وإن شئت قلت في ثمرات البداء في الثبوت ولا تجد في الأحاديث الشيعية بداء غير ما ذكرنا ، ولو عثر المتتبع على مورد ، فهو نظير ما سبق من الموارد ، والتحليل في الجميع واحد.
    إذا وقفت على ذلك تعرفت قيمة ما ذكره الرازي في ختام محصّله ، وقال : إنّ أئمّة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم ، لا يظهر معهما أحد عليهم.
    الأوّل : القول بالبداء ، فاذا قال : إنّه سيكون لهم قوّة وشوكة ، ثمّ لا يكون الأمر على ما أخبروا ، قالوا : بدا للّه فيه (3).
1 ـ المجلسي : بحارالأنوار 4 / 121 ( وفي رواية اُخرى أنّ ذلك النبي هو حزقيل ، البحار 4 / 112 وذكر مثله في قضية شعيا ص 113.
2 ـ المجلسي : بحارالأنوار 4 / 119 ، برقم 60.
3 ـ الرازي : نقد المحصل 421 ، نقله عن سليمان بن جرير الزيدي ، والأمر الثاني هو التقية كما ستعرف.


(334)
    إنّ الذي نقله أئمة الشيعة هو ما تعرّفت عليه من الروايات فليس فيها ما يدعم ذلك ، فقد نقلوا قصة رسول اللّه مع اليهودي وقصة المسيح مع العروس ، كما نقلوا قصة عمر داود وعمر الملك ، فهل ورد فيها ما أشار إليه الرازي ؟
    وأمّا ما رواه عمرو بن الحمق فإنّما هو خبر واحد فإنّ الامام ذيّل كلامه بالآية قائلاً : بأنّ هذا ليس خبراً قطعياً وأنّه في مظان المحو والاثبات. أفيصح لأجل مثله رمي أئمّة الشيعة « بأنّهم وضعوا قاعدتين وأنّهم كلّما يقولون سيكون لهم قوّة ثم لا يكون ، قالوا بدا للّه تعالى فيه » ؟.
    وقد سبق الرازي في هذا الزعم ، أبو القاسم البلخي المعتزلي على ما حكاه شيخنا الطوسي في تبيانه (1) ثمّ إنّ اكمال البحث يتوقّف على ذكر اُمور :

    الأمر الأوّل :
    إنّ البداء بالمعنى المذكور يجب أن يكون على وجه لا يستلزم تكذيب الأنبياء ووحيهم بان تدل قرائن على صحة الإخبار الأوّل كما صحّ الخبر الثاني ، كما هو واضح قرأ قصة يونس وإبراهيم الخليل فإنّ القوم قد شاهدوا طلائع العذاب فأذعنوا بصحة خبر يونس كما أنّ التفدية بذبح عظيم دلّت على صحة اخبار الخليل ، وهكذا وجود الأفعى تحت الثياب أو في جوف حطب اليهودي يدلاّن على صحة اخبار النبي الأعظم.
    كل ذلك يشهد على أنّ الخبر الأوّل كان صحيحاً ومقدّراً ، غير أنّ الإنسان يمكن له أن يغيّر مصيره بعلمه الصالح أو الطالح كما في غير تلك المقامات.
1. الطوسي : التبيان 1 / 13 ـ 14 ، طبع النجف ، وقد عرفت بعض المتشدقين بهذه الكلمة الكاذبة.

(335)
    وبالجملة يجب أن يكون وقوع البداء مقروناً بما يدل على صحة اخبار النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) ولا يكون البداء على وجه يعد دليلا على كذبه ، ففي هذه الموارد دلّت القرائن على أنّ المخبر كان صادقاً في خبره.

    الأمر الثاني :
    إنّ البداء لا يتحقّق فيما يتعلّق بنظام النبوّة والولاية والخاتمية والملاحم الغيبية التي تعدّ شعاراً للشريعة فإذا أخبر المسيح بمجيئ نبي اسمه أحمد أو أخبر النبي بكونه خاتماً للرسل أو أنّ الخلافة بعده لوصيّه أو أنّه يخرج من ولده من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونظير ذلك ، فلا يتحقّق فيه البداء قطعاً ، لأنّ احتمال البداء فيه ناقض للحكمة ، وموجب لضلال العباد ، ولو كان احتمال هذا الباب مفتوحاً في تلك المسائل الاُصولية ، لما وجب لأحد أن يقتفي النبي المبشر به ، ولا يوالي الوصي المنصوص ولا يتلقى دين الإسلام خاتماً ولا ظهور المهدي أمراً مقضيّاً بحجة أنّه يمكن أن يقع فيها البداء ، ففتح هذا الباب في المعارف والعقائد والاُصول والسنن الإسلامية مخالف للحكمة وموجب لضلالة الناس. وهذا ما يستحيل على اللّه سبحانه وانّما مصبّ البداء هو القضايا الجزئية أو الشخصيّة ، كما هو الحال في الأخبار الماضية.

    الأمر الثالث :
    إنّ اطلاق البداء في هذه الموارد ، إنّما هو بالمعنى الذي عرفت ، وانّ حقيقته بداء من اللّه للناس واظهار منه ولو قيل بدا للّه ، فإنّما هو من باب المشاكلة والمجاز ، والقرآن مليء به ، فقد نسب الذكر الحكيم إليه سبحانه المكر وقال : ( وَمَكَرُوا


(336)
وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ ) (1) وليست المناقشة في التعبير من دأب المحقّقين ، فلو كان أهل السنّة لا يروقهم التعبير عن هذا الأصل بلفظ البداء للّه. فليغيّروا التعبير ويعبّروا عن هذه الحقيقة الناصعة بتعبير يرضيهم.
    ولكن الشيعة تبعت النبي الأكرم في هذا المصطلح وهو أوّل من استعمل تلك اللفظة في حقّه سبحانه ، روى البخاري في كتاب النبوّة « قصة بدء الخليفة » وفيها هذه اللفظة التي يستوحش منها أهل السنّة ، روى أبو هريرة :
    انّه سمع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) يقول : إنّ ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، بدا للّه أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص فقال : أىّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، قد قذّرني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه فاُعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً ، فقال : أىّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الإبل أو قال : البقر ـ هو شك في ذلك انّ الأبرص والأقرع قال أحدهما : الإبل وقال الآخر : البقر ـ فاُعطي ناقة عشراء ، فقال : يبارك اللّه لك فيها.
    وأتى الأقرع فقال : أىّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : شعر حسن ويذهب عنّي هذا قذرني الناس. قال : فمسحه ، فذهب ، واُعطي شعراً حسناً ، قال : فأيّي المال أحبّ إليك ؟ قال : البقر. قال : فأعطاه بقرة حاملاً ، وقال : يبارك لك فيها.
    وأتى الأعمى فقال : أىّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : يرد اللّه إلىّ بصري ، فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فردّ اللّه إليه بصره. قال : فأىّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الغنم ، فأعطاه شاة والداً فأنتج هذان وولّد هذا ، فكان لهذا واد من إبل ، ولهذا واد من بقر ، ولهذا واد من الغنم.
1 ـ آل عمران / 54 ، وهنا آيات اُخرى يستدل بها على المشاكلة في التعبير عن الحقائق العلوية.

(337)
    ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال : رجل مسكين تقطّعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلاّ باللّه ثمّ بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيراً اتبلّغ عليه في سفري فقال له : إنّ الحقوق كثيرة. فقال له : كأنّي أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس. فقيراً فأعطاك اللّه ؟ فأجابه : لقد ورثت لكابر عن كابر ؟ فقال : إن كنت كاذباً فصيّرك اللّه إلى ما كنت.
    وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثلما رد عليه هذا ، فقال : إن كنت كاذباً فصيّرك اللّه إلى ما كنت.
    وأتى الأعمى في صورته فقال : رجل مسكين وابن سبيل وتقطّعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلاّ باللّه ، ثمّ بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلَّغ بها في سفري فقال : قد كنت أعمى فرد اللّه بصري وفقيراً فقد أغناني فخذ ما شئت ، فواللّه لا أجحدك اليوم بشيء أخذته للّه ، فقال : امسك مالك فإنّما ابتليتم فقد رضي اللّه عنك وسخط على صاحبيك (1).
    هذه حقيقة البداء ، وهذا هو مفهومه في الثبوت والاثبات ، قد ادعمه الذكر الحكيم والسنَّة النبوية فماذا بعد الحقِّ إلاّ الضلال.
1 ـ البخاري : الصحيح 4 / 172 ، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني اسرائيل.
(338)

(339)
    المسألة الخامسة :
التقيّة
    التقية من المفاهيم القرآنية التي وردت في أكثر من موضع في القرآن الكريم ، وفي تلك الآيات إشارات واضحة إلى الموارد التي يلجأ فيها المؤمن إلى استخدام هذا المسلك الشرعي خلال حياته أثناء الظروف العصيبة ، ليصون بها نفسه وعرضه وماله ، أو نفس من يمتّ إليه بصلة وعرضَه ومالَه ، كما استعملها مؤمن آل فرعون لصيانة الكليم عن القتل والتنكيل (1) ولاذبها عمّار عندما أُخذ وأُسِر وهُدِّد بالقتل (2) إلى غير ذلك من الموارد الواردة في الكتاب والسنّة ، فمن المحتّم علينا أن نتعرف عليها ، مفهوماً وغايةً ودليلاً وحدّاً ، حتّى نتجنَّب الافراط والتفريط في مقام القضاء والتطبيق.
    إنّ التقية ، إسم لـ « إتّقى يتّقي » (3) والتاء بدل من الواو وأصله من الوقاية ،
1 ـ القصص / 20.
2 ـ النحل / 106.
3 ـ قال ابن الأثير في النهاية 5 / 217 : وأصل اتقى : أوتقى فقلبت الواو ياء لكسرة قبلها ثمّ أُبدلت تاء وأُدغمت. ومنه حديث علي ( عليه السلام ) : كنّا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) ، أي جعلناه وقاية من العدوّ. ولاحظ لسان العرب مادة « وقى ».


(340)
ومن ذلك اطلاق التقوى على اطاعة اللّه ، لأنّ المطيع يتخذها وقاية من النار والعذاب. والمراد هو التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ.

    مفهومها :
    إذا كانت التقية هي اتخاذ الوقاية من الشرِّ ، فمفهومها في الكتاب والسنّة هو : إظهار الكفر وإبطال الإيمان ، أو التظاهر بالباطل وإخفاء الحق. وإذا كان هذا مفهومها ، فهي تُقابل النفاق ، تَقابُل الإيمان والكفر ، فإنّ النفاق ضدها وخلافها ، فهو عبارة عن إظهار الإيمان وابطان الكفر ، والتظاهر بالحقّ واخفاء الباطل ، ومع وجود هذا التباين بينهما فلا يصحّ عدها من فروع النفاق.
    نعم : من فسر النفاق بمطلق مخالفة الظاهر للباطن ، وبه صوَّر التقية ـ الواردة في الكتاب والسنّة ـ من فروعه ، فقد فسره بمفهوم أوسع ممّا هو عليه في القرآن ، فإنّه يُعرَّف المنافقين بالمتظاهرين بالإيمان والمبطنين للكفر بقوله تعالى : ( إذَا جَاءَكَ المَنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ المَنافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) (1) فإذا كان هذا حدُّ المنافق فكيف يعمُ من يستعمل التقية تجاه الكفار والعصاة فيخفي إيمانه ويظهر الموافقة لغاية صيانة النفس والنفيس ، والعرض والمال من التعرض ؟!
    ويظهر صدق ذلك إذا وقفنا على ورودها في التشريع الإسلامي ، ولو كانت من قسم النفاق ، لكان ذلك أمراً بالقبح ويستحيل على الحكيم أن يأمر به : ( قُلْ إِنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (2).
1 ـ المنافقون / 1.
2 ـ الأعراف / 28.
بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: فهرس