بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: 621 ـ 630
(621)
أربع ملايين والجميع يعيشون في حرّية وسلام. يلمسها كل من ورد الجمهورية الإسلامية.
    إنّ هنا اُموراً لا محيص ، عن طرحها وتحليلها لأنّها من المواضع التي كثر فيها اللغط وقد أكثر المستشرقون وغيرهم فيها الصخب والهياج وهي :
    1 ـ ما هو السبب الحقيقي لدخول الفرس في الاسلام ؟
    2 ـ ما هو السبب الحقيقي لجنوحهم آل البيت ؟
    3 ـ سببان مزعومان : الاصهار ، وإرادة هدم الإسلام وإليك تحليل تلك النقاط.

    1 ـ ما هو السبب لدخول الفرس في الإسلام
    إنّ الفرس دخلوا في الإسلام كدخول سائر الشعوب والعلّة في الجميع واحدة أو متقاربة وحاصلها أنّهم وقفوا على أنّ في هذه الشريعة الغرّاء ، من سمات العدل والمساواة ، ورفض التمييز العنصري ، والنظام الطبقي ، وأنّ الناس فيه كأسنان المشط لافضل لعجمي على عربي ، ولا لعربي على عجمي إلاّ بالتقوى ، وكانت الثورة الإسلامية تحمل يوم تفجّرها رايات العدل ، وكان ذلك هو الدافع المهم للشعوب للدخول في الإسلام والانضواء تحت رايته ، من غير فرق بين قوم دون قوم وشعب دون شعب.

    2 ـ ما هو السبب الحقيقي لولائهم آل البيت :
    إنّ السبب الحقيقي لولائهم وجنوحهم إلى أهل البيت هو أنّهم شاهدوا أنّ علياً وأهل بيته ـ خلافاً للخلفاء عامتهم ـ يكافحون فكرة القومية ويطبّقون المساواة فأخذوا يتحنّنون إليهم حيناً بعد حين ، وشبراً بعد شبر ، فكان ذلك نواة لبذر الولاء في


(622)
قلوب بعضهم ، يرثه الأبناء من الآباء وإن لم يكن الحب ـ يوم ذاك ـ ملازماً للقول بخلافتهم عن الرسول وامامتهم بعده ، بل كان حبّاً وودّاً خالصاً لأسباب نفسية لا قيادية ، ويدل على ذلك عشرات من القضايا نذكر بعضها.
    1 ـ روى الفضل بن أبي قرة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : أتت الموالي أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) فقالوا : نشكوا إليك هؤلاء العرب. انّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية وزوّج سلمان ، وبلالا وصهيباً ، وأبوا علينا هؤلاء ، وقالوا : لا نفعل ، فذهب إليهم أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) فكلّمهم فيهم فصاح الأعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن ، أبينا ذلك ، فخرج وهو مغضب يجرّ رداءه وهو يقول : يا معشر الموالي إنّ هؤلاء قد صيّروكم بمنزلة اليهود والنصارى يتزوّجون إليكم ولا يزوّجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون ، فاتَّجروا بارك اللّه لكم ، فانّي قد سمعت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) يقول : الرزق عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها (1).
    2 ـ روى أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي في غاراته : عن عباد ابن عبداللّه الأسدي ، قال : كنت جالساً يوم الجمعة ، وعلي ( عليه السلام ) يخطب على منبر من آجر ، وابن صوحان جالس فجاء الأشعث فقال : يا أميرالمؤمنين غلبتنا هذه الحمراء على وجهك ، فغضب ، فقال ابن صوحان : ليبين اليوم من أمر العرب ما كان يخفي ، فقال علي ( عليه السلام ) : من يعذرني من هؤلاء الضياطرة يقبل أحدهم يتقلب على حشاياه ، ويهجِّد قوم لذكر اللّه ، فيأمرني أن أطردهم فأكون من الظالمين ؟ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت محمّداً ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) يقول : ليضربنّكم واللّه على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً.
1 ـ الكليني : الكافي 5 / 318.

(623)
    قال مغيرة : كان علي ( عليه السلام ) أميل إلى الموالي وألطف بهم ، وكان عمر أشدّ تباعداً منهم (1).
    3 ـ روى ابن شهر آشوب : لمّا ورد بِسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيد العرب ، وعزم على أن يحملوا العليل والضعيف ، والشيخ الكبير في الطواف وحول البيت على ظهورهم ، فقال أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : إنّ النبي ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) قال : أكرموا كريم قوم ، وإن خالفوكم ، وهؤلاء الفرس حكماء كرماء ، فقد ألقوا إلينا بالسلم ، ورغبوا في الإسلام وقد أعتقت منهم لوجه اللّه حقّي وحقّ بني هاشم ، فقالت المهاجرون والأنصار : وقد وهبنا حقّنا لك يا أخا الرسول اللّه فقال : اللّهمّ فاشهد انّهم قد وهبوا ، وقبلت وأعتقت ، فقال عمر : سبق إليها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ونقض عزمتي في الأعاجم (2).
    4 ـ روى الصدوق عن الامام الصادق ، قال : قال رجل له : إنّ الناس يقولون : من لم يكن عربياً صلباً ، أو مولى صريحاً ، فهو سفلي فقال : وأي شيء المولى الصريح ، فقال له الرجل : من ملك أبواه ، فقال : ولم قالوا هذا ؟ قال : يقول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) مولى القوم من أنفسهم فقال سبحان اللّه : أما بلغك أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) قال : أنا مولى من لا مولى له ، أنا مولى كل مسلم ، عربيها وعجميها ، فمن والى رسول اللّه أليس يكون من نفس رسول اللّه ؟ ثمّ قال : أيّهما أشرف ، من كان من نفس رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) أو من كان
1 ـ الثقفي : الغارات 340 طبع بيروت ، الحمراء : الموالي ، الضياطرة جمع الضياطر : الضخام الذين لا عناد عندهم.
2 ـ ابن شهر آشوب : مناقب آل أبي طالب 4 / 48.


(624)
من نفس أعرابي جلف بايل على عقبيه ؟ ثمّ قال : من دخل في الإسلام رغبة ، خير ممن دخل رهبة ، ودخل المنافقون رهبة ، والموالي دخلوا رغبة (1).
    5 ـ روى الفضل بن شاذان ( ت 260 ) أنّ عمر بن الخطاب نهى عن أن يتزوّج العجم في العرب وقال : لأمنعنّ فروجهنّ إلاّ من الأكفّاء (2).
    6 ـ روى المفيد أنّ سلمان الفارسي ـ رضي اللّه عنه ـ دخل مسجد رسول اللّه ذات يوم فعظّموه وقدّموه وصدّروه اجلالاً لحقّه ، واعظاماً لشيبته واختصاصه بالمصطفى ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) فدخل عمر فنظر إليه ، فقال : من هذا العجمي المتصدّر فيما بين العرب ؟ فصعد رسول اللّه المنبر وخطب ، فقال : إنّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي على العجمي ، ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى ، سلمان بحر لا ينزف ، وكنز لا ينفذ ، سلمان منّا أهل البيت ، سلسل يمنح الحكمة ويؤتي البرهان (3).
    7 ـ روى الثقفي في « الغارات » عن مغيرة أنّه قال : كان علي أميل إلى الموالي وألطف بهم ، كان عمر أشد تباعداً منهم (4).
    8 ـ وروى أيضاً : إنّ امرأتين أتتا علياً ( عليه السلام ) عند القسمة ، إحداهما من العرب ، والاُخرى من الموالي ، فأعطى كل واحدة خمسة وعشرين درهماً ، وكرّاً من الطعام ، فقالت العربية : يا أميرالمؤمنين! إنّي امرأة من العرب ، وهذه امرأة من العجم ، فقال علي ( عليه السلام ) إنّي لا أجد لبني إسماعيل في هذا
1 ـ الصدوق : معاني الأخبار كما في سفينة البحار 2 مادة ولى.
2 ـ الايضاح 280.
3 ـ المفيد : الاختصاص 341.
4 ـ الغارات 46.


(625)
الفيء فضلا على بني إسحاق (1).
    9 ـ روى المفيد عن ربيعة وعمارة وغيرهما : انّ طائفة من أصحاب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب مشوا إليه عند تفرّق الناس عنه ، وفرار كثير منهم إلى معاوية ، طلباً لما في يديه من الدنيا ، فقالوا له : يا أميرالمومنين اعط هذه الأموال ، وفضّل هؤلاء الأشراف من العرب ، وقريش على الموالي والعجم ، ومن يخاف خلافه عليك من الناس ، وفراره إلى معاوية ، فقال لهم أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟! لا واللّه ما أفعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم (2).
    10 ـ روى المبرد : قال الأشعث بن قيس لعلي بن ابي طالب ( رحمه اللّه ) وأتاه يتخطّى رقاب الناس وعلي على المنبر ، فقال : يا أميرالمؤمنين غلبتنا هذه الحمراء على قربك ، قال : فركض على المنبر برجله ، فقال صعصعة بن صوحان العبدي : ما لنا ولهذا ؟ ـ يعني الأشعث ـ ليقولن أميرالمؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر ، فقال علي : من يعذرني من هذه الضياطرة يتمرّغ أحدهم على فراشه تمرّغ الحمار ، ويهجر قوم للذكر ، فيأمرني أن أطردهم ، ما كنت لأطردهم فأكون فأكون من الجاهلين ، والذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ليضربنّكم على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً (3).
    هذه الشواهد الكثيرة توقفنا على السبب الحقيقي لتوجّه الفرس والموالي إلى آل البيت وأنّه لم يكن إلاّ لصمودهم في طريق تحقيق العدل والمساواة ، والمكافحة
1 ـ الغارات 341.
2 ـ المفيد : المجالس 57 طبع النجف.
3 ـ الكامل 2 / 53 طبع مصر سنة 1339 هـ.


(626)
ضد العنصرية.

    1 ـ هل الاصهار كان سبباً للولاء :
    روى الزمخشري في ربيع الأبرار وغيره : انّ الصحابة جاءوا بسبي فارس في خلافة الخليفة الثاني كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد ، فباعوا السبايا وأمر الخليفة ببيع بنات يزدجرد فقال الامام علي : « إنّ بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن » فقال الخليفة : كيف الطريق إلى العمل معهن ؟ فقال : « يقوّمن ومهما بلغ ثمنهنّ قام به من يختارهنّ « فقوّمن فأخذهنّ » علي فدفع واحدة لعبداللّه بن عمر واُخرى لولده الحسين واُخرى لمحمّد بن أبي بكر ، فأولد عبداللّه بن عمر ولده سالماً ، وأولد الحسين زين العابدين ، وأولد محمّد ولده القاسم ، فهؤلاء أولاد خالة واُمّهاتهم بنات يزدجرد (1).
    وقد استند إلى هذه القصة أحمد أمين في فجر الإسلام ، والدكتور حسن إبراهيم في التاريخ السياسي للاسلام (2) وذهبا إلى أنّ الاصهار صار سبباً لتشيّع الفرس.
    نحن لا نقوم حول هذه القصة وأنّها هل هي صادقة أو ممّا وضعها أصحاب الأساطير ، وكفانا لتكذيب هذه القصة من رأسها ما ألّفه زميلنا العزيز الدكتور السيد جعفر شهيدي (3) ولو وقفنا إلى جانب هذه القصة وسلمنا بها نسأل : أيّ صلة بين دخول الفرس في التشيّع ومصاهرة الامام الحسين يزدجرد ، فلو كانت تلك علّة فليكن تسنّن
1 ـ ربيع الأبرابر.
2 ـ التاريخ الإسلام السياسي 2 / 7.
3 ـ الامام علي بن الحسين ـ باللغة الفارسية ـ.


(627)
الفرس لاصهار عبداللّه بن عمر ومحمّد بن أبي بكر لهم ، فانّ الرجلين من أبناء الخليفتين ، على أنّ هناك من الخلفاء الاُمويين والعباسيين ينسبون من جانب الاُم إلى البلاط الايراني ، والحق أنّ تفسير إنتماء التشيّع وجنوحهم إلى آل البيت على هذا الحدث منطق ضئيل أشبه بمنطق الصبيان.

    3 ـ إرادة هدم الإسلام :
    دخل الفرس في المذهب الشيعي وتستّر بحب أهل البيت لغاية هدم الإسلام تحت ذلك الغطاء وقد اعتمد عليه أحمد أمين وقال : والحق أنّ التشيّع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد ، ومن كان يريد ادخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية ، ومن يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته ، كل هؤلاء كانوا يتّخذون حبّ أهل البيت ستاراً (1).
    وقد استغلّ الفكرة الكاتب الأمريكي « لو تروب ستودارد » في كتابه « حاضر العالم الاسلامي » الذي نقله إلى العربية الأمير شكيب أرسلان ، وتجد الفكرة أيضاً عند صاحب المنار ومحبّ الدين الخطيب وغيرهم من كتّاب العصر.
    وهذا الكلام أشبه بكلام من أعمى اللّه بصره وبصيرته ، فإنّ من نظر إلى تاريخ الفرس وجد أنّهم خدموا الإسلام بنفسهم ونفيسهم وأقلامهم وآرائهم من غير فرق بين الشيعي والسنّي ، وهؤلاء أصحاب الصحاح فانّ أكثرهم فارسي الأصل والمنشأ فقد نصّ من بينهم على أنّ مسلم بن الحجاج القشيري عربي وما عداه فارسي ، وقد كفانا في ذلك كتب الرجال والتراجم. على أنّ المذهب السائد بين الفرس يوم أسلموا ، إلى أوائل القرن العاشر ، كان هو التسنّن فلو كانت الفرس أسلموا لغاية هدم الاسلام
1 ـ فجر الإسلام : فصل الشيعة.

(628)
فقد تستروا بالسنّة لا بالشيعة.

    دول الشيعة :
    حاول الأمويون القضاء على التشيّع وأراد العباسيّون الوقوف في وجه انتشاره بعد اليأس عن استئصاله. ولكن نما وازدهر عبر القرون بالرغم من تلك العوائق بل قامت لهم هنا وهناك دول ودويلات نظير :
    1 ـ دولة الأدراسة في المغرب 194 ـ 305.
    2 ـ دولة العلويين في الديلم 205 ـ 304.
    3 ـ دولة البويهيين في العراق وما يتّصل به من بلاد فارس 321 ـ 447.
    4 ـ دولة الحمدانيين في سوريا والموصل وكركوك 293 ـ 392.
    5 ـ دولة الفاطميين في مصر 296 ـ 567.
    6 ـ دولة الصفويين في إيران 905 ـ 1133.
    7 ـ دولة الزنديين 1148 ـ 1193.
    8 ـ دولة القاجاريين 1200 ـ 1344.
    أضف إلى ذلك وجود امارات للشيعة في نقاط مختلفة.
    إنّ افاضة القول في مؤسّسي هذه الدول وترجمة أحوالهم وما آل إليه مصيرهم يحوجنا إلى تأليف كتاب مستقل في ذلك (1) فنترك المقال في ذلك فعلى القرّاء مراجعة الكتب المؤلفة في هذه المواضيع.
1 ـ ومن أراد الالمام على وجه الايجاز فعليه الرجوع إلى كتاب « الشيعة والتشيّع » للكتاب القدير محمّد جواد مغنية ـ رضوان اللّه عليه ـ.

(629)
    الجامعات العلمية للشيعة :
    الإسلام دين العلم والمعرفة ، دفع الإنسان من حضيض الجهل والاُمّية إلى أعلى مستويات العلم والكمال من خلال تشجيعه على القراءة والكتابة (1) ، والتدبّر في آثار الكون ومظاهر الطبيعة ونبذ التقليد في تبنّي العقيدة فأراد للانسان حياة نابضة بالفكر والثقافة.
    وقد كانت للشيعة خلال القرون الماضية جامعات وحوزات علمية نشير إلى بعضها اجمالا :

    1 ـ المدينة المنورة :
    إنّ المدينة المنوّرة هي المنطلق العلمي الأوّل ، لنشر العلم والثقافة فهي المدرسة الاُولى للمسلمين نشأ فيها عدّة من الأعلام من شيعة أمير المؤمنين وعلى رأسهم ابن عباس حبر الاُمّة ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع. الذي هو من خيار شيعة الامام علي مؤلّف كتاب السنن والأحكام والقضاء (2) وغيرهم.
    جاءت بعدهم طبقة من التابعين تخرّجوا من تلك المدرسة على يد الامام علي بن الحسين زين العابدين ( عليهما السلام ) ولقد روى الكليني عن الامام الصادق أنّه قال : كان سعيد بن المسيب والقاسم بن محمّد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من
1 ـ قال سبحانه : ( إقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقْ ) وهي أوّل سورة نزلت على النبي الأكرم. وأقسم اللّه عزّوجلّ بالقلم وقال سبحانه : ( ن والقلم ). وبذلك أوقف المجتمع الانساني ، على قيمة وعلو شأنه.
2 ـ النجاشي : الرجال 64 برقم 1.


(630)
ثقات علي بن الحسين ( عليهما السلام ) (1).
    وازدهرت تلك المدرسة في عصر الامامين الصادق والباقر ( عليهما السلام ) وزخرت بطلاّب العلوم ووفود الأقطار الإسلامية فكان بيتهما ، جامعة إسلامية يزدحم فيها رجال العلم وحملة الحديث ، يأتون إليها من كل فجّ عميق ، وقد عرفت دور الامامية في بسط العلوم في الفصل الثاني عشر.

    2 ـ الكوفة وجامعها الكبير :
    قد سبق أنّ الامام أمير المؤمنين هاجر من المدينة إلى الكوفة واستوطن معه خيار شيعته ومن تربّى على يديه من الصحابة والتابعين.
    ولقد أتى ابن سعد في طبقاته الكبرى على ذكر جماعة من التابعين الذين سكنوا الكوفة (2) ولقد أعان على ازدهار مدرسة الكوفة مغادرة الامام الصادق المدينة المنوّرة إلى الكوفة أيّام أبي العباس السفاح حيث بقى فيها مدّة سنتين.
    اغتنم الامام فرصة ذهبيّة أو جدتها الظروف السياسية آنذاك وهي أنّ الحكومة العباسية كانت جديدة العهد وقد سقطت الحكومة الاموية. فلم يكن للعباسيين يومذاك قدرة على الوقوف في وجه الامام لانشغالهم باُمور الدولة. بالاضافة إلى أنّهم كانوا قد رفعوا شعار العلويين للوصول إلى السلطة وقد نشر زمن اقامته بها علوماً جمّة.
    ولمّا انتشر نبأ وروده الحيرة تقاطرت وفود للارتواء من منهله العذب. وهذا الحسن بن علي بن زياد الوشاء يحكي لنا ازدهار مدرسة الكوفة في تلك الظروف ويقول :
1 ـ الكليني : الكافي ، كما في تأسيس الشيعة 299.
2 ـ الطبقات الكبرى 6و قسّمهم على تسع طبقات.
بحوث في الملل والنحل ـ الجزء السادس ::: فهرس