بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 21 ـ 30
(21)
المغيرة بن سعيد في روايات أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) :
    1 ـ روى الكشي عن جعفر بن عيسى وأبي يحيى الواسطي قال : قال أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) : « كان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر ( عليه السلام ) فأذاقه اللّه حرّ الحديد ».
    2 ـ أخرج الكشي عن عبد اللّه بن مسكان عمّن حدثه من أصحابنا عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : لعن اللّه المغيرة بن سعيد إنّه كان يكذب على أبي ، فأذاقه اللّه حرّ الحديد. لعن اللّه من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، ولعن اللّه من أزالنا عن العبودية للّه ، الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا وبيده نواصينا.
    3 ـ أخرج الكشي عن محمد بن عيسى بن عبيد : أنّ بعض أصحابنا سأل يونس بن عبد الرحمن وأنا حاضر ، فقال له : يا أبا محمد ما أشدَّك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا فما الذي يحملك على ردّ الاَحاديث؟ فقال : حدثني هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : لا تقبلوا علينا حديثاً إلاّ ما وافق القرآن والسنّة أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه اللّه دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يُحدِّث بها أبي فاتقوا اللّه ولاتقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإنّا إذا حدّثنا قلنا قال اللّه عزّ وجلّ وقال رسول اللّه.
    4 ـ أخرج الكشي عن هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « كان المغيرة بن سعيد يتعمَّد الكذب على أبي ويأخذ كتب أصحابه ، وكان أصحابه المستترون في أصحاب أبي ، يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة ويُسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يبثّوها في الشيعة فكل ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك مما دسّه المغيرة في كتبهم ».


(22)
    5 ـ أخرج الكشي عن علي بن الحسان عن عمّه عبد الرحمن بن كثير قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) يوماً لاَصحابه : « لعن اللّه المغيرة بن سعيد ولعن اللّه يهودية كان يختلف إليها يتعلّم منها السحر والشعبذة والمخاريق ، إنّ المغيرة كذب على أبي فسلبه اللّه الاِيمان وإنّ قوماً كذبوا عليّ ، ما لهم ، أذاقهم اللّه حرّ الحديد ، فو اللّه ما نحن إلاّ عبيد الذي خلقنا واصطفانا ، مانقدر على ضرّ ولا نفع إن رُحمنا فبرحمته وإن عُذّبنا فبذنوبنا ، واللّه مالنا على اللّه من حجّة ولامعَنا من اللّه براءة وإنّا لميتون ومقبورون ، ومنشرون ، ومبعوثون ، وموقوفون ، ومسوَولون ، ويلهم مالهم ، لعنهم اللّه آذوا اللّه وآذوا رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في قبره وأمير الموَمنين وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن علي ، وها أنا ذا بين أظهركم ، لحم رسول اللّه وجلد رسول اللّه ، أبيت على فراشي خائفاً وجلاً مرعوباً ، يأمنون وأفزع ، وينامون على فرشهم ، وأنا خائف ساهر ، وَجِل اتقلقل بين الجبال والبراري أبرأ إلى اللّه ممّا قال فيّ الاَجدع البّراد عبد بني أسد أبو الخطاب ، لعنه اللّه ، واللّه لو ابتلوا بنا وأمرناهم بذلك لكان الواجب الاّ تقبلوه فكيف وهم يروني خائفاً وجلاً ، استعدى اللّه عليهم وأتبرّأ إلى اللّه منهم أشهدكم إنّي امروَ ولدني رسول اللّه وما معي براءة من اللّه ، إن أطعته رحمني وإن عصيته عذّبني عذاباً شديداً أو أشد عذابه ».
    6 ـ أخرج الكشي عن سلمان الكناني : قال : قال لي أبو جعفر ( عليه السلام ) : هل تدري ما مثل المغيرة؟ قال : قلت : لا ، قال : مثله مثل بلعم بن باعور ، قلت : ومن بلعم قال : الذي قال اللّه عزّ وجلّ : « الّذِي آتَيناهُ آياتِنَا فَانسَلَخَ مِنْها فَأتْبَعَهُ الشَّيطانُ فَكانَ مِنَ الغاوين » (1).
    إلى غير ذلك من الروايات التي وردت في ذمّه ونقلها الكشي في رجاله (2)
    1 ـ الاَعراف : 175.
    2 ـ الكشي : الرجال : 194 ـ 198.


(23)
أبو زينب وأتباعه في روايات أئمة أهل البيت :
    قال الكشي في رجاله : محمد بن أبي زينب اسمه مقلاص بن الخطاب البرّاد الاَجدع الاَسدي ويكنّى أبا إسماعيل ويكنّى أيضاً أبا الضبيان :
    1 ـ أخرج الكشي عن عيسى بن أبي منصور قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول وذكر أبا الخطاب فقال : اللهم العن أبا الخطاب فإنّه خوّفني قائماً وقاعداً وعلى فراشي ، اللهم أذقه حرّ الحديد.
    2 ـ أخرج الكشي عن بريد العجلي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سألته قول اللّه عزّ وجلّ « هل أُنَبِّئَكُم على مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطين * تَنَزَّلُ علَى كُلِّ أفّاكٍ أثِيم » (1) قال : هم سبعة : المغيرة بن سعيد ، وبيان ، والصائد النهدي ، والحارس الشامي ، وعبد اللّه بن حارث ، وحمزة بن عمار البربري وأبو الخطاب (2).
    3 ـ أخرج الكشي عن بشير الدهان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : كتب أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) إلى أبي الخطاب بلغني أنّك تزعم أنّ الزنا رجل ، وأنّ الخمر رجل ، وأنّ الصراط رجل ، وأنّ الصيام رجل ، والفواحش رجل ، وليس هو كما تقول ، أنا أصل الحقّ ، وفروع الحقّ طاعة اللّه ، وعدوّنا أصل الشر وفروعهم الفواحش ، وكيف يطاع من لا يعرف وكيف يعرف من لا يطاع » ؟
    4 ـ أخرج الكشي عن الحمادي رفعه إلى أبي عبد اللّه أنّه قيل له : روي عنكم أن الخمر والميسر والاَنصاب والاَزلام رجال؟ فقال : « ما كان اللّه عزّ وجلّ ليخاطب خلقه بما لا يعلمون ».
    1 ـ الشعراء : 221 ـ 222.
    2 ـ جرى الاِمام ( عليه السلام ) في تفسير الآية بهوَلاء السبعة ، مجرى الجري وتطبيق الكلّـي على مصاديقه الكثيرة.


(24)
    5 ـ أخرج الكشي عن سدير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : كنت جالساً عند أبي عبد اللّه وميسر عنده ونحن في سنة ثمان وثلاثين ومائة فقال ميسر بياع الزطي : جعلت فداك عجبت لقوم كانوا يأتون معنا إلى هذا الموضع فانقطعت آثارهم وفنيت آجالهم ، قال : « ومن هم؟ » قلت : أبو الخطاب وأصحابه ، فكان متكئاً فجلس فرفع اصبعه إلى السماء ثم قال : « على أبي الخطاب لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين فاشهدوا باللّه أنّه كافر ، فاسق مشرك وأنّه يحشر مع فرعون في أشد العذاب غدواً وعشياً ، ثم قال : أما واللّه إنّي لانفس (1) على أجساد أُصيبت معه النار ».
    6 ـ أخرج الكشي عن المفضل بن يزيد قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) وذكر أصحاب أبي الخطاب والغلاة فقال لي : « يامفضل لاتقاعدوهم ولاتواكلوهم ولاتشاربوهم ولاتصافحوهم ولاتوارثوهم ».
    7 ـ أخرج الكشي عن مرازم قال : قال أبو عبد اللّه : « قل للغالية توبوا إلى اللّه فإنّكم فسّاق كفّار مشركون ».
    8 ـ أخرج الكشي عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « يا أبا محمد ابرأ ممن يزعم أنّا أرباب » قلت : برىَ اللّه منه ، فقال : « ابرأ ممن زعم أنّا أنبياء » قلت : برىَ اللّه منه.
    9 ـ أخرج الكشي عن قاسم الصيرفي قال : سمعت أبا عبد اللّه يقول : « قوم يزعمون أنّي لهم إمام واللّه ما أنا لهم بإمام ، مالهم لعنهم اللّه كلما سترتُ ستراً هتكوه ، هتك اللّه ستورهم ».
    10 ـ أخرج الكشي عن الحسن الوشاء عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « من قال بأنّنا أنبياء فعليه لعنة اللّه ومن شك في ذلك فعليه لعنة اللّه ».
    1 ـ نَفسَ به وعليه : ضنَّ به.

(25)
    11 ـ أخرج الكشي عن زرارة عن أبي جعفر قال : سمعته يقول : « لعن اللّه « بيان التبّان » وأنّ « بياناً » لعنه اللّه يكذب على أبي أشهد أنّ أبي علي بن الحسين كان عبداً صالحاً ».
    12 ـ أخرج الكشي عن أبي يحيى الواسطي قال : قال أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) : « كان بيان يكذب على علي بن الحسين ( عليه السلام ) فأذاقه اللّه حر الحديد ، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر ( عليه السلام ) فأذاقه اللّه حرّ الحديد.
    وكان محمد بن بشير يكذب على أبي الحسن موسى فأذاقه اللّه حرّ الحديد.
    وكان أبو الخطاب يكذب على أبي عبد اللّه فأذاقه اللّه حرّ الحديد والذي يكذب عليّ ، محمد بن فرات » قال أبو يحيى : وكان محمد بن فرات من الكتاب فقتله إبراهيم بن شكلة.
    13 ـ أخرج الكشي عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إنّا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصدق البرية لهجة وكان مسيلمة يكذب عليه ، وكان أمير الموَمنين ( عليه السلام ) أصدق من برأ اللّه ، من بعد رسول اللّه وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه بما يفتري عليه من الكذب عبد اللّه ابن سبأ لعنه اللّه ».
    ذكر أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) الحارث الشامي وبيان فقال : كانا يكذبان على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ثم ذكر المغيرة بن سعيد وبزيعاً والسريّ وأبا الخطاب ومعمراً وبشار الاَشعري وحمزة البريري وصائد النهدي فقال : « لعنهم اللّه إنّا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي ، كفانا اللّه موَنة كل كذّاب ، وأذاقهم اللّه حر الحديد ».


(26)
    14 ـ أخرج الكشي عن ابن أبي يعفور قال : كنت عند أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فاستأذن عليه رجل حسن الهيئة ، فقال : اتق السفلة فما تقارّت في الاَرض حتى خرجت فسألت عنه فوجدته غالياً.
    إلى غير ذلك من الروايات التي جمعها الكشي في رجاله (1) وقد اكتفينا بهذا المقدار وإلاّ فالروايات التي تذم هوَلاء الغلاة الكفّار كثيرة. وقد أشار الاِمام في ثنايا كلامه أنّهم كانوا بصدد تشويه سمعة الاَئمة بالكذب عليهم حيث قال : فيسقط صدقنا بكذبهم علينا عند الناس.
    1 ـ الكشي : الرجال : 290 ـ 308. ، ولقد قابلنا الاَحاديث مع الطبعة التي حقّقها العلاّمة المصطفويّ ، ومع ذلك لا تخلو أيضاً من هفوات.

(27)
الكيسانية والاِبهامات المحدقة بها
    قد علمت أنّ الغلاة ليسوا من المسلمين ولا من الشيعة ولا يصح عدّهم من الفرق الاِسلامية ، وإنّ هذا الخطأ صدر من النوبختي والاَشعري وجاء الباقون فساروا على سيرتهما. نعم يظهر من كتب الفرق أنّ فرقاً للشيعة برزت إلى حيّز الوجود قبل ثورة زيد بن علي. وفرقاً أُخرى ظهرت بعد ثورته. ولعل القسم الاَوّل منحصر في الكيسانية التي يدعي أصحاب المقالات أنّها ظهرت بعد ثورة الحسين ( عليه السلام ) أيام إمامة ولده زين العابدين ( عليه السلام ) ، وبدورنا نذكر بعـض نصوصهم حول الكيسانية. ثم نرجع إلى تحرير المتحصل منها ، ولاَجل ذكر النصوص في بدء البحث نستغني عن الاِرجاع إلى المصادر عند التحليل فنقول :
    1 ـ قال الاَشعري : الكيسانية وهي إحدى عشرة فرقة ، وإنّما سمّوا كيسانية لاَنّ المختار الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي ودعا إلى محمد ابن الحنفية كان يقال له كيسان ، ويقال إنّه مولى لعلي بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنه ـ.
    الفرقة الاَُولى من الكيسانية يزعمون أنّ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) نصّ على إمامة ابنه محمد ابن الحنفية ، لاَنّه دفع إليه الراية بالبصرة.
    والفرقة الثانية : منهم يزعمون أنّ علي بن أبي طالب نصّ على إمامة ابنه الحسن بن علي وأنّ الحسن بن علي نصّ على إمامة أخيه الحسين بن علي وأنّ الحسين بن علي نصّ على إمامة أخيه محمد بن علي وهو محمد ابن الحنفية.
    والفرقة الثالثة : من الكيسانية هي الكربية أصحاب أبي كرب الضرير


(28)
يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية حيّ بجبال رضوى ، أسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه ، يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه. ومن القائلين بهذا القول كُثَيِّـر الشاعر وفي ذلك يقول :
ألاّ إنّ الاَئمة من قريش علي والثلاثة من بنيه فسبط ، سبطُ إيمانٍ وبرّ وسبط لا يذوق الموت حتى تغيّب لا يُرى فيهم زمان ولاة الحقّ أربعة سواء هم الاَسباط ليس بهم خفاء وسبطٌ غيّبته كربلاء يقود الخيل يَقْدُمها اللواء برضوى عنده عسل وماء
    الفرقة الرابعة : يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية إنّما جعل بجبال رضوى عقوبة لركونه إلى عبد الملك بن مروان وبيعته إيّاه.
    والفرقة الخامسة : يزعمون أنّ محمد ابن الحنفية مات وأنّ الاِمام بعده ابنه أبو هاشم : عبد اللّه بن محمد الحنفية (1).
    والفرقة السابعة : قالت إنّ الاِمامة بعد موت أبي هاشم لابن أخيه الحسن بن علي بن محمد ابن الحنفية.
    والفرقة الثامنة : قالت إنّ أبا هاشم أوصى إلى أخيه علي بن محمد ، وعليّ أوصى إلى ابنه الحسن ، فالاِمامة عندهم في بني الحنفية لاتخرج إلى غيرهم (2).
    والفرقة التاسعة : يزعمون أنّ الاِمام بعد أبي هاشم محمد بن علي بن عبد
    1 ـ الاَشعري : مقالات الاِسلاميين : 18 ـ 20 ، وقد سقط من الطبع الفرقة السادسة من الكيسانية ولذلك ابتدأنا بالسابعة ، ولما كانت نسخة مقالات الاِسلاميين مشوشة في بيان الفرقة السابعة والثامنة أخذناهما من كتاب الملل والنحل للشهرستاني.
    2 ـ هاتان الفرقتان نقلناهما من الملل والنحل للشهرستاني ثم نتابع النقل من مقالات الاِسلاميين.


(29)
اللّه ابن العباس قالوا : وذلك أنّ أبا هاشم مات بأرض الشراة (1) منصرفة من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس وأوصى محمد بن علي إلى ابنه إبراهيم بن محمد ، ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس ، ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض ، ثم رجع بعض هوَلاء عن هذا القول وزعموا أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نصّ على العباس بن عبد المطلب ونصبه إماماً ، ثمّ نصّ العباس على إمامة ابنه عبد اللّه ونصّ عبد اللّه على إمامة ابنه علي بن عبد اللّه ، ثم ساقوا الاِمامة إلى أن انتهوا بها إلى أبي جعفر المنصور.
    الفرقة العاشرة : يزعمون أنّ أبا هاشم أوصى إلى بيان بن سمعان التميمي وانّه لم يكن له أن يوصي بها إلى عقبه.
    الفرقة الحادية عشرة : يزعمون أنَّ الاِمام بعد أبي هاشم عبد اللّه بن محمد ابن الحنفية وعليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (2).
    وقال النوبختي : وفرقة قالت بإمامة محمد ابن الحنفية ، لاَنّه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة دون أخويه فسمّوا الكيسانية ، وإنّما سمّوا بذلك لاَنّ المختار ابن أبي عبيدة الثقفي كان رئيسهم وكان يلقب « كيسان » وهو الذي طلب بدم الحسين بن علي صلوات اللّه عليهم وثأره حتى قتل من قتلته وغيرهم من قَـتَل ، وادّعى (المختار) أنّ محمد ابن الحنفية أمره بذلك وأنّه الاِمام بعد أبيه ، وإنّما لقّب المختار كيسان لاَنّ صاحب شرطته المكنّى بأبي عمرة كان اسمه كيسان ، وكان أفرط في القول والفعل والقتل من المختار جداً ، وكان يقول : إنّ محمد ابن الحنفية وصيّ علي بن أبي طالب ، وأنّه الاِمام وأنّ المختار قيّمه وعامله ويُكفر من تقدّم
    1 ـ كذا في النسخة المطبوعة والصحيح « السراة » وهي موضع بالشام.
    (2)2 ـ الاَشعري : مقالات الاِسلاميين : 20 ـ 21.


(30)
علياً ويُكَّفِر أهل صفين والجمل ، وكان يزعم أنّ جبرئيل ( عليه السلام ) يأتي المختار بالوحي من عند اللّه عزّ وجلّ فيخبره ولا يراه. وروى بعضهم أنّه سمِّي بكيسان مولى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ودلّه على قتلته ، وكان صاحب سرّه وموَامرته والغالب على أمره (1).
    وقالت فرقة من الكيسانية إنّ محمد بن الحنفية ـ رحمه اللّه تعالى ـ هو المهدي ، وهو وصيّ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ليس لاَحد من أهل بيته أن يخالفه ولا يخرج عن إمامته ولايُشهّر سيفه إلاّ بإذنه ، وإنّما خرج الحسن بن علي ( عليهما السلام ) إلى معاوية محارباً له بإذن « محمّد » وأودعه وصالحه بإذنه ، وأنّ الحسين إنّما خرج لقتال يزيد بإذنه ، ولو خرجا بغير إذنه هلكا وضلاّ وأنّ من خالف محمد ابن الحنفية كافر مشرك وأنّ محمد استعمل المختار بن أبي عبيدة على العراقيين بعد قتل الحسين وأمره بالطلب بدم الحسين ( عليه السلام ) وثأره وقتل قاتليه وطلبهم حيث كانوا ، وسمّاه كيسان لكيسه ولما عرف من قيامه ومذهبه فيهم فهم يسمّون (المختارية) ويدعون (الكيسانية) (2).

معتقدهم :
    إنّ الكيسانية على كثرة فرقهم يجمعهم شيئان :
    أحدهما : القول بإمامة محمد ابن الحنفية.
    والثانية : القول بالبداء على اللّه عزّ وجلّ ، وقالت طائفة منهم بأنّه المهدي المنتظر في الرضوى (3).
    1 ـ النوبختي : فرق الشيعة : 22 ـ 24.
    2 ـ النوبختي : فرق الشيعة : 26.
    3 ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : 52.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس