بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 161 ـ 170
(161)
اسماً لمن تابعهم في مسائل علم الكلام ، بل لقد نصّ المحقّقون من المعتزلة والزيدية على أنّ مسألة المنزلة بين المنزلتين هذه قد أخذها واصل بن عطاء من أُستاذه أبي هاشم عبد اللّه ابن محمد بن الحنفية (1).
    وإذا كان لابد من نسبته إلى فرقة من الفرق فينسب إلى الفرقة (العدلية) والعدلية كلمة تطلق على كل من يقول بالعدل والتوحيد وينفي الجبر والتشبيه والتجسيم للّه ، تعالى اللّه عن ذلك ، ولهذا صحّ للقاضي عبد الجبار بن أحمد المتوفى 415 هـ. وللاِمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى ، ان يجعلا من رجال الطبقة الاَُولى للعدلية كلَّ الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة ممن صرح بالعدل ونفي الجبر. وقد جعلا الاِمام زيد بن علي وأبا هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية أُستاذ واصل من رجال الطبقة الثالثة وجعلا واصل بن عطا وعمرو بن عبيد من رجال الطبقة الرابعة.
    وقد توهم البعض من المتأخرين أنّ الطبقات التي أشرت إليها هي طبقات المعتزلة والصحيح غيره. لاَنّ البحث في طبقات القاضي وفي الملل والنحل للمهدي كان عن العدلية ، وليس عن المعتزلة ، ولفظه في الملل والنحل (2) مسألة (له) أي قالت المعتزلة : وأجمعت العدلية على أنّ للعالم محدثاً قديماً قادراً عالماً حياً ... حتى قال : وقد رتب القاضي ـ أي عبد الجبار ـ طبقاتهم ونحن نشير إلى جملتها. ثم أشار في المسألة التي تلتها إلى طبقاتهم.
    فالاِمام المهدي حكى عن المعتزلة روايتهم لما اجمعت عليه العدلية. ثم رتب طبقاتهم كما فعل القاضي عبد الجبار مستدلاً بأقوالهم في العدل ونفي الجبر (3).
    1 ـ شرح الاَُصول الخمسة : 137 ـ 138.
    2 ـ البحر الزخار : 1/44 ـ 45.
    3 ـ علي بن عبد الكريم شرف الدين : الزيدية نظرية وتطبيق : 21.


(162)
    وبعد هذا البيان الضافي من العلمين ، لا يبقى أي شك في أنّه لم يكن لوليد البيت النبوي أية دراسة لدى واصل بن عطاء ، وأقصى ما يمكن أن يقال : كانت بينهما مزاملة أو محادثة في تطبيق أصل الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، على الساحة الاِسلامية. ونضيف في المقام أمرين :
    1 ـ أنّه لو تتلمذ زيد على واصل أو كان معتزلياً في العقائد ، لانعكست آراء أُستاذه في الكتب الموروثة منه ، مع أنّه ليس من تلك الاَُصول فيها عين ولا أثر ، غير التركيز على الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي استنتجه من الكتاب والسنّة واختمر به منذ شبابه إلى التحاقه بربه.
    2 ـ أنّ ابن المرتضى ، جعل زيد بن علي في طبقاته مقدماً على طبقة واصل ابن عطاء (1) ولو صحّ الزعم المعروف كان عليه أن يجعله متأخراً عنه ، لكونه في الاعتزال عيال عليه.
    1 ـ ابن المرتضى : المنية والاَمل : 17و 28 ، تحقيق سوسنة ديفلدفلزر ، بيروت 1380هـ ـ 1961م؛ والقاضي عبد الجبار الهمذاني : فرق وطبقات المعتزلة : 32 و 41 ، تحقيق الدكتور علي سامي النشار وعصام الدين محمد علي ، دار المطبوعات الجامعية ، القاهرة ، 1972م.

(163)
الفصل الثامن
هل كان زيد إماماً
في الاَُصول والعقائد ، والفروع والاَحكام؟
    إنّ للمذهب الزيدي السائد حالياً في اليمن وغيرها بعدين : بعداً فقهياً ـ يُلحقه بالمذاهب الفقهية المعروفة ، وهذا ما يبحث عنه في تاريخ الفقه وطبقات الفقهاء ـ وبُعداً عقائدياً ، وهذا هو المسوّغ لطرحه في كتب الملل والنحل ، ولاشك أنّ المذهب الزيدي الذي تبنّاه أئمة الزيدية طيلة قُرُون ، من عهد أحمد بن عيسى ابن زيد موَلف الاَمالي (ت 247 هـ) إلى عهود الاَقطاب الثلاثة كان يتمتع ببعدين متميزين العقيدة والفقه ، وهوَلاء الاَقطاب عبارة عن :
    1 ـ الاِمام القاسم الرسّـي.
    2 ـ الاِمام الهادي يحيى بن الحسين.
    3 ـ الاِمام الناصر الاَطروش.
    فكان عندهم الفقه والعقيدة ولكل ميزة وسمة ، تضفي له صبغة خاصة في مجاله إنّما الكلام في المذهب الموروث عن نفس الاِمام أي زيد الثائر ، فهل كان لمذهبه بعدان ، فقهي وعقائدي؟ أو كان لمذهبه بعد واحد؟ أو لم يكن هذا ولا ذاك


(164)
بل كان رجلاً ثورياً وإماماً للجهاد والنضال ومفسراً للقرآن ، ومحدّثاً للسنّة النبوية ، ومفتياً في ضوئهما أحياناً؟ وتظهر حقيقة الحال فيما يأتي ولنقدم البحث في العقائد ثم نتبعه بالبحث في الفقه.
    إنّ ربيب البيت العلوي زيداً الثائر قد تعلم الاَُصول والعقائد ، من أئمة أهل البيت وعلى رأسهم والده الاِمام زين العابدين وأخيه الاِمام الباقر ( عليهما السلام ) ، فكان القول بالتوحيد ورفض التجسيم والجهة ، والعدل وتنزيهه سبحانه عن كل سوء وشين ، والقول بعصمة الاَنبياء ومصونيتهم عن الخطأ والزلل ، ونفي القدر بمعنى السالب للاختيار والحرية والموجب للغوية بعث الاَنبياء والرسل ، إلى غير ذلك من الاَُصول الرائجة في باب الاِمامة والمعاد ـ كان القول بهذه الاَُصول ـ أمراً واضحاً لدى الهاشميين والعلويين ورثها كابر عن كابر ، فلو قال به زيد ، فلا يجعله ذا منهج كلامي خاص.
    إنّما الكلام فيما ينسب مناسب إليه من الآراء حول سائر الموضوعات ، وسيوافيك إنّها آراء الزيدية ، لاصلة لها بزيد ، وأنّ ربطها ونسبتها إليه ، خال عن الدليل.
    قال الحاكم أبو سعد المحسَّن بن محمد بن كرامة الجشمي البيهقي (413 ـ 494هـ) في كتابه جلاء الاَبصار :
    وإذ قد بينا المذاهب المحدثة والبدع المولدة ، بقى ما كان عليه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأصحابه وعلماء أهل البيت ، وهو القول بتوحيد اللّه ، ونفي التشبيه ، والقول بعدله ، وبراءته من كل سوء ، والقول بعصمة أنبيائه ، وصدق ما جاءوا به على ما نطق به الكتاب ، ومشايخ العدل ، أخذوها من علماء أهل البيت. أخذها واصل بن عطاء عن محمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم وكان مع ذلك من أصحاب النفس الزكية ، وكان عمرو بن عبيد قد تأهب للخروج إلى زيد بن علي ـ


(165)
عليه السلام ـ فورد الخبر بقتله. وكان مطر الوراق ، وبشير الرحال من أصحاب إبراهيم بن عبد اللّه ، وكان حَكَمُ المعتزلي من أصحاب عيسى بن زيد ، والروايات بذلك من علماء أهل البيت ( عليهم السلام ) ظاهرة ، وكتب القاسم ويحيى والناصر والمهدي ـ يعني أبا عبد اللّه الداعي ـ وأحمد بن عيسى وغيرهم من أئمتهم عليهم السلام مشحونة بذكر العدل والتوحيد.
    وروى أنّ أبا الخطاب وجماعة دخلوا على زيد بن علي ( عليهما السلام ) فسألوه عن مذهبه ، فقال : إنّي أبرأ ، إلى اللّه من المشبهة الذين شبّهوا اللّه بخلقه ، ومن المجبرة الذين حملوا ذنوبهم على اللّه ، ومن المرجئة الذين طمَّعوا الفسّاق في عفو اللّه ، ومن المارقة الذين كفّروا أمير الموَمنين ، ومن الرافضة الذين كفّروا أبا بكر وعمر ، وهذا عين مذهب أهل العدل ، وكان إمام هذه الطائفة بعد أمير الموَمنين والحسن والحسين ومحمد بن علي (1) وعلي بن الحسين ، زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ورحمة اللّه وبركاته وجميع أولاد أمير الموَمنين ، إلاّ أنّ زيداً تقدمهم بالفضل والعلم والجهاد في سبيل اللّه (2).
    هذا مجمل القضاء في الموضوع وقد « شهد شاهد من أهلها » على ما ذكرنا غير أنّ البرهنة على المختار ، وأنّ ما نسب إلى زيد من الآراء فإنّما هي أرآء الزيدية ، لا الاِمام القائد ولاَجل ذلك ، لانجد أثراً من هذه الآراء المعزوّة إليه في الكتب الموروثة منه. حتى لو وجدنا أنّ أئمة الزيدية لهجوا بها ـ كالقاسم الرسي ـ رأس القاسمية (170ـ242هـ) والناصر الاَطروش ـ رأس الناصرية (230 ـ 304هـ) موَسس المذهب الزيدي في بلاد الديلم والجبل ، والاِمام الهادي إلى الحقّ به رأس الهادوية في اليمن (245 ـ 298هـ) لا يكون ذلك دليلاً على ثبوته من إمامهم ، لاَنّ
    1 ـ يريد محمدبن الحنفية بقرينة تقديمه على والد زيد : علي بن الحسين ( عليهما السلام ).
    2 ـ السياغي : الروض النضير : 1/99 ـ 100.


(166)
الاَئمة المتأخرين عن زيد ، اجتهدوا في الاَُصول والفروع فضموا ما ورثوه من إمامهم إلى ما حصلوه بمساعيهم فيهما ، فلا يسوغ لباحث أن ينسب شيئاً إلى زيد ، بحجة تواجده في كتب هوَلاء الاَئمة المتأخرين. وإن أردت التفصيل في الآراء المعزوّة إليه عن كثب فلاحظ ما يلي :

1 ـ مرتكب الكبيرة :
    كانت الخوارج تصفه بالكفر والشرك. والمرجئة بالاِيمان ، وكان الحسن البصري يصفه بالنفاق ، وذهب واصل إلى أنّه لا كافر ولا موَمن بل في منزله بين المنزلتين (1).
    واستظهر الشيخ أبو زهرة أنّ زيداً يوافق المعتزلة في هذا الرأي غير أنّه لا يراه مخلداً في النار على خلاف المعتزلة واستظهره من كتاب أوائل المقالات ، مع أنّه نسبه إلى الزيدية دون زيد حيث قال : وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك وزعموا أنّ مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بموَمن ولا مسلم (2) ولا يصح القضاء البات بهذا المقدار.

2 ـ رأيه في القدر :
    لقد استنبط أبو زهرة مما ذكره ابن المرتضى في المنية والاَمل خصوصاً من الرسالة التي كتبها ابن عباس إلى جبرية أهل الشام ، أنّ عقيدة زيد في القدر ، هو أنّه يجمع بين الاِيمان بالقضاء والقدر ، واعتبار الاِنسان مختاراً في طاعاته ومعاصيه ، وأنّ معاصيه ليس قهراً عن اللّه تعالى ، ولا غلبة عليه (3).
    1 ـ لاحظ دليله حول هذا الاَصل : الجزء الثالث : 225.
    2 ـ الظاهر أن يقول ولا كافر لينطبق على عقيدة المعتزلة.
    3 ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : 209.


(167)
    يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره إنّما هو عقيدة كل آل البيت أخذوه من مستقى الوحي وكلام الوصي علي ( عليه السلام ) وقد أوضح الحال عندما سأله رجل عند منصرفه من صفين بما هو معروف (1) وقد اشتهر عنهم : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الاَمرين » وزيد وغيره وجميع الشيعة أمام هذا الاَصل سواسية.

3 ـ رأيه في البداء :
    لقد كثر اللغط والجَلَبَة حول البداء فمن طاعن عليه بأنّ معنى قولهم بدا للّه ، هو ظهور ما خفي عليه ، وهو يستلزم جهله سبحانه بالمستقبل وتغيير إرادته المستلزمة لحدوث ذاته إلى غير ذلك من المضاعفات ، ومن قائل بأنّ المقصود من بدا للّه ، هو أنّه بدا للناس من اللّه والاِطلاق من باب المشاكلة ، والنبي الاَكرم هو الاَُسوة في الاِطلاق فقد وصفه سبحانه بهذا في كلامه ونقلها البخاري (2) وإلاّ فأي مسلم واع يلهج بتجويز الجهل أو تغيير إرادته ، فمن المأسوف عليه جداً أنّ الناقمين من الشيعة في قولهم بالبداء تساهلوا في بيان عقيدتهم وراجعوا في تبيين مواقفهم إلى كتاب خصمائهم.
    نعم ذكر الشيخ المفيد على أنّ الاِمامية اتفقوا على أنّ إطلاق لفظ البداء في وصف اللّه تعالى وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس وأضاف : وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الاِمامية (3).
    وما ذكره المفيد إنّما هو عقيدة الزيدية ، لا الاِمام زيد ، ولا ملازمة بين الرأيين والمخالف لو وقف على مقصود الاِمامية من البداء لما خالفه وتلقاه أمراً صحيحاً ، ولاَجل أنّ الشيخ أبا زهرة وقف على مقاصدهم البداء بعد الاحتكاك بعلمائهم
    1 ـ الرضي : نهج البلاغة : قصار الحكم برقم 78.
    2 ـ البخاري : الصحيح : 4/171 ، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع.
    3 ـ المفيد : أوائل المقالات : 13/53.


(168)
وكتبهم صرح بما ذكرناه فلاحظ (1).

4 ـ الرجعة والمهدي :
    ذهبت الاِمامية إلى القول بالرجعة وإنّ اللّه سبحانه يرد قوماً من الاَموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها فيعزّ منهم فريقاً ، ويذلّ فريقاً وقد ذكرنا دليلهم من الكتاب والسنّة في الجزء السادس من هذه الموسوعة فلاحظ ، غير أنّ الشيخ المفيد ذكر مخالفة الزيدية لهذا الاَصل في كلامه السابق ، وجعله الشيخ أبا زهرة دليلاً على كونه معتقد زيد والاَصل الذي نشأ عليه (2).
    والعجب أنّه عطف القول بالمهدي على فكرة الرجعة ونسب إلى الاِمام الجليل نفي فكرة المهدي وقال : الاِمام زيد قد نفى فكرة المهدي المنتظر ، فنفى معها فكرة الرجعة ، لاَنّ الرجعة كما تصورها الاِمامية ومن قبلهم الكيسانية تقتضي وجود المهدي ، وبما أنّ لا مهدي في نظر الاِمام زيد ، لاَنّ الاِمام يجب أن يكون غير مستور وأن يدعو لنفسه فلا يوجد إمام مكتوم ولا مغيب (3).
    إنّ ما ذكره الشيخ أبو زهرة زلة لاتستقال ، فكيف يمكن أنّ يستدل على عقيدة إنسان مثل زيد ، بكلمة لم يثبت كونه قائلها ، وعلى فرض كونه قائلها فإنّما قال بها في ظروف خاصة ، لا في الاِمام الذي اتفقت الشرائع السماوية عليه ، ولاسيما مسانيد السنّة وصحاحها.
    أقول : لقد تواترت النصوص الصحيحة والاَخبار المروية من طريق أهل السنّة والشيعة الموَكدة على إمامة أهل البيت ( عليهم السلام ) والمشيرة صراحة إلى أنّ عددهم كعدد نقباء بني إسرائيل ، وأنّ آخر هوَلاء الاَئمة هو الذي يملاَ
    1 ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : 212.
    2 ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : 212.
    3 ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : 212.


(169)
الاَرض ـ في عهـده ـ عـدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجورا ، وأنّ أحاديث الاِمام الثاني عشر الموسوم بالمهدي المنتظر قد رواها جملة من محدثي السنّة في صحاحهم المختلفة كأمثال الترمذي (المتوفى عام 297هـ) وأبي داود (المتوفى عام 275هـ) وابن ماجة (المتوفى عام 275هـ) وغيرهم ، حيث أسندوا رواياتهم هذه إلى جملة من أهل بيت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصحابته ، أمثال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وعبد اللّه بن عباس ، وعبد اللّه بن عمر ، وأُم سلمة زوجة الرسول الاَكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة وغيرهم :
    1 ـ روى الاِمام أحمد في مسنده عن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم واحد لبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يملاَها عدلاً كما ملئت جورا » (1).
    2 ـ أخرج أبو داود عن عبد اللّه بن مسعود : أنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىَ اسمه اسمي » (2).
    3 ـ أخرج أبو داود عن أُم سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ قالت : سمعت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « المهدي من عترتي من ولد فاطمة » (3).
    4 ـ أخرج الترمذي عن ابن مسعود : أن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « يلي رجل من أهل بيتي يواطىَ اسمه اسمي » (4).
    إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة التي بلغت أعلى مراتب التواتر على وجه. يقول الدكتور عبد الباقي : إنّ المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين أو راو أو راويين ، إنّها مجموعة من الاَحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريباً ، اجتمع
    1 ـ مسند أحمد : 1/99 و 3/17 ، 70.
    2 ـ جامع الاَُصول : 11/48 برقم 7810.
    3 ـ جامع الاَُصول : 11/48 برقم 7812.
    4 ـ المصدر نفسه : برقم 7810.


(170)
على تناقلها مئات الرواة وأكثر من صاحب كتاب صحيح (1).

5 ـ لا معجزة للاَئمة :
    إذا كانت الاِمامة رئاسة عامّة في أُمور الدين والدنيا ، وإمرة إلهية (لاشعبية) واستمراراً لوظائف النبوة كلّها ، سوى تحمل الوحي الاِلهي ، ومحتاجاً إلى تنصيب النبي الاَكرم بأمر من اللّه سبحانه ، فالتعرف على الاِمام المنصوب ، يتوقف على دليل يعرفه كالنبي الاَعظم ، وهو أحد الاَُمور التالية :
    1 ـ نص صريح متواتر لايدع شكاً للاِنسان أنّه خليفة الرسول.
    2 ـ أو كرامة خارقة للعادة مقارنة لدعوى الاِمامة والخلافة عن الرسول مورثة لليقين بصلته باللّه سبحانه.
    3 ـ أو وجود قرائن وشواهد تفيد القطع أنّه منصوب من اللّه سبحانه لهداية الاَُمّة.
    نعم لو كانت الاِمامة مقاماً شعبياً ، تختاره الاَُمّة الاِسلامية لقيادتها وتنظيم أمرها. فهو لا يحتاج إلى شيء من النص ، والكرامة الخارقة للعادة ، ولا إلى العلم المفاض من اللّه سبحانه.
    وبما أنّ الاِمامة عند الشيعة إنّما هي بالمعنى ، الاَوّل ، وهي عندهم من الاَُصول اشترطوا فيها : النص ، والعلم بما تحتاج إليه الاَُمّة في مجال الدين والقيادة ، أو الكرامة الخارقة للعادة المورثة لليقين بكونه رجلاً إلهياً صادقاً فيما يدعي من الخلافة والاِمامة. وهذا على خلاف ما يذهب إليه أهل السنّة فإنّها عندهم حكومة عرفية ، وإمارة زمنية ، يُنصب ويعزل بأمر الشعب وإرادته وعزله ونصبه. أو يُنصب بإرادة الحاكم السابق.
    1 ـ الدكتور عبد الباقي : بين يدي الساعة 123.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس