بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 151 ـ 160
(151)
    روى الصدوق :
    30 ـ محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، عن علي ( عليه السلام ) في رجل قذف امرأته ثم خرج فجأة وقد توفيت قال : « يخير واحدة من ثنتين يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب فيقام عليك الحد وتعطى الميراث ، وإن شئت أقررت فلاعَنْت أدنى قرابتها إليها ولا ميراث لك » (1).

في الديات
    روى الشيخ الطوسي :
    31 ـ محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبي الجوزاء ، عن
    1 ـ الطوسي : التهذيب : 8/194 ، الباب 8 باب اللعان ، الحديث 38؛ الصدوق : من لا يحضره الفقيه : 3/539 ، الباب2 الحديث 4856.

(152)
الحسين ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : لاتعقل العاقلة إلاّ ما قامت عليه البينة ، قال : وأتاه رجل فاعترف عنده فجعله في ماله خاصة ولم يجعل على العاقلة شيئاً (1).
    روى الشيخ الطوسي :
    32 ـ محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) قال : « المعتق على دبر فهو من الثلث وما جنى هو والمكاتب وأُم الولد فالمولى ضامن لجنايتهم » (2).

في القصاص
    روى الشيخ الطوسي :
    33 ـ عن محمد بن أحمد بن يحيـى ، عن أبي جعفر ، عن أبي الجـوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : « ليس بين الرجل والنساء قصاص إلاّ في النفس » (3).
    روى الشيخ الطوسي :
    34 ـ عـن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبي الجـوزاء عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) قال : « ليس بين الرجال والنساء قصاص إلاّ في النفس ، وليس بين الاَحرار والمماليك قصاص إلاّ في النفس عمداً ، وليس بين الصبيان قصاص في شيء إلاّ في النفس » (4).
    1 ـ الطوسي : التهذيب : 10/175 ، باب البينات على القتل ، الحديث 24؛ والاستبصار : 4/262 ، الباب 152 ، الحديث5؛ لاحظ المسند : 306.
    2 ـ الطوسي : التهذيـب : 8/262 ، التدبير الباب2 ، الحديث17؛ و الاستبصار : 4/31 ، الباب 15 ، الحديث 19.
    3 ـ الطوسي : الاستبصار : 4/266 ، الباب 154 ، الحديث7.
    4 ـ الطوسي : التهذيب : 10/279 ، باب القصاص ، الحديث 18؛ لاحظ المسند : 307.


(153)
ما لا يختص بباب
    روى الشيخ الطوسي :
    35 ـ عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) قال : أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل فقال : يارسول اللّه أنّ أبي عمد إلى مملوك لي فاعتقه كهيئة المضرة لي فقال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « أنت ومالك من هبة اللّه لاَبيك ، أنت سهم من كنانته يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ويجعل من يشاء عقيماً ، جازت عتاقة أبيك ، يتناول والدك من مالك وبدنك ، وليس لك أن تتناول من ماله ولا من بدنه شيئاً إلاّ بإذنه » (1).
    روى الشيخ الطوسي :
    36 ـ محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن الحسن ابن الحسين الاَنصاري ، عن يحيى بن معلى الاَسلمي ، عن هاشم بن يزيد قال : سمعت زيد بن علي ( عليه السلام ) يقول : كان علي ( عليه السلام ) في حربه أعظم أجراً من قيامه مع رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حربه قال : قلت بأي شيء تقول أصلحك اللّه؟ قال : فقال لي : لاَنّه كان مع رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تابعاً ولم يكن له إلاّ أجر تبعيته وكان في هذه متبوعاً وكان له أجر كل من تبعه (2).
    روى الكليني :
    37 ـ عنه [أي عن علي بن إبراهيم] ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي
    1 ـ الطوسي : التهذيب : 8/235 ، كتاب العتق الباب 1 ، الحديث 82.
    2 ـ الطوسي : التهذيب : 6/170 ، الباب 179 ، الحديث4.


(154)
خالد الواسطي ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما » (1).
    روى الشيخ الطوسي :
    38 ـ محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) قال : « أتيت أنا ورسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلاً من الاَنصار فإذا فرس له يكيد بنفسه ، فقال له رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : انحره يضعف لك به أجران : بنحرك إيّاه واحتسابك له ، فقال : يارسول اللّه إلي منه شيء؟ قال : نعم كل وأطعمني قال : فأهدى للنبي ( عليه السلام ) فخذاً منه فأكل منه وأطعمني » (2).
    روى الشيخ الطوسي :
    39 ـ عنه (3) عن أبي جعفر ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام ) : قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا التقى المسلمان بسيفهما على غير سنّة ، القاتل والمقتول في النار » فقيل : يارسول اللّه القاتل فما بال المقتول؟! قال : « لاَنّه أراد قتلاً » (4).
    هذه هي 39 حديثاً نقلها مصنّفو الكتب الاَربعة عن الاِمام زيد التي نقلها عن أبيه عن آبائه.
    1 ـ الكلينـي : الكافي : 6/ 48 ، الحديث5. الطوسي : التهذيب : 8/12 ، الباب 5 من أبواب الطلاق ، الحديث 35.
    2 ـ التهذيب : 9/48 ، كتاب الصيد والذبائح ، الباب 1 ، الحديث 101.
    3 ـ أي عن محمد بن أحمد بن يحيى.
    4 ـ الطوسي : التهذيب : 6/174 ، الباب 79 ، الحديث 25.


(155)
الفصل السابع
هل كان زيد معتزليّ المبدأ والفكرة
    ولمّا كان أحد الاَُمور الدافعة إلى القول بأنّ زيداً كان ذا منهاج كلامي خاص ، هو صلته بواصل رئيس المعتزلة ، نطرح الموضوع على طاولة البحث ليتبيّـن مدى صحة ذلك الوهم.
    هل كانت الصلة بين زيد وواصل بن عطاء على أساس أنّهما يذهبان إلى وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو أحد الاَُصول الخمسة لدى المعتزلة (1) أو أنّ الصلة بينهما كانت على أساس أنّ زيداً تتلمذ على واصل وتخرج عليه في الاَُصول. المعروف هو الثاني ، والحقّ هو الاَوّل لوجوه :
    أوّلاً : كانت العاصمة العلمية للمسلمين يوم ذاك (أوائل القرن الثاني الهجري) هي المدينة المنورة ، فكانت تزدحم بالعلماء والمفكرين ، وعلى رأسهم محمد الباقر ( عليه السلام ) وبعده شيخ الهاشميين عبد اللّه بن الحسن بن الحسن وغيرهما من مشاهير المحدثين والمفسرين وعلى ضوء ذلك فلم يكن في ذلك أي حافز لمغادرة المدينة إلى العراق ثم البصرة. ولم تكن البصرة يوم ذاك إلاّ
    1 ـ الانتصار : 5؛ ومقالات الاِسلاميين : 1/278.

(156)
مركزاً أدبياً لغوياً ثم مركز الاَهواء والملل والآراء والنحل.
    ثانياً : قد عرفت فيما سبق أنّ زيداً الثائر من مواليد عام 67 هـ ، وواصل بن عطاء من مواليد 80 هـ. فهو أكبر منه بكثير. فلو صحّ أن يتتلمذ على أحد في العراق فيجب أن يتتلمذ على شيخ واصل ، الحسن البصري ، في البصرة أو يتتلمذ على شيخه في المدينة المنورة وهو أبو هاشم ابن محمد الحنفية أُستاذ واصل. وبعد ذلك كله ، فلم يكن عند واصل شيء بديع قصرت عنه يد زيد. فإنّه أخذ ما أخذ عن أبي هاشم ، كما حققناه في الجزء الثالث (1) من تلك الموسوعة ، فالذي شهّر واصل في الاَوساط الاِسلامية هو القول بالتوحيد والعدل والتركيز على كون الاِنسان مختاراً ، ورد القضاء والقدر بالمعنى السالب عن الاِنسان الاختيارَ والحريةَ وهو قد أخذه من أبي هاشم وهو عن أبيه ، وهو عن وصي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمير الموَمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فربيب البيت الهاشمي ، أعني : زيداً ، كان غنياً عن التوسل بواصل في معرفة ما كان يجده في بيته العامر بالعلم والمعرفة.
    وثالثاً : لم يذكر أحد من الموَرخين ولا أصحاب المقالات تتلمذ زيد على واصل قبل الشهرستاني وإنّما انفرد هو بذلك وتبعه غيره ، فلا تجد منه أثراً في فرق الشيعة للنوبختي ، ولا في مقالات الاِسلاميين للاَشعري ، ولا الفرق بين الفرق للبغدادي ولا لابن حزم في الفصل. وعلى ذلك فلا يركن إلى كلام تفرد به الشهرستاني البعيد عن بيئة زيد وعصره ، وقد استشهد الاِمام في أوائل القرن الثاني ، وتوفي الشهرستاني عام 548هـ.
    هذا هو الحقّ القراح الذي لا مرية فيه ، ولا أظن بزيد ولا بإنسان دونه تربّى في أحضان البيت النبوي ، أن يتتلمذ في الاَُصول والعقائد على أمثال واصل ، صنيع أبي هاشم في المدينة ، ثم الحسن البصري في البصرة ، والمتفردّ بآراء وعقائد لا
    1 ـ السبحاني : بحوث في الملل والنحل : 3/189.

(157)
يساندها علماء أهل البيت وأئمتهم. وأظن أنّ المصدر لما ذكره ، هو تعاطف الزيديين مع المعتزلة في العصور اللاحقة على وجه صارت الاَُصول الخمسة مقبولة لدى الزيديين ، فصار ذلك سبباً لحدس الشهرستاني أنّ زيداً تتلمذ على واصل ، ومنه أخذ الاَُصول وسرى إلى أتباعه ومقتفيه ، غافلاً عن عدم الملازمة بين الاعتقادين ، ولو خضعت الزيدية لهذه الاَُصول فلجهة أُخرى سيوافيك بيانها. ولنذكر عبارة الشهرستاني ثم نذكر ماذكره بعض المحقّقين من السنّة والزيدية.
    يقول : « وزيد بن علي لمّا كان مذهبه هذا المذهب : (كل فاطمي عالم زاهد شجاع ، سخيّ خرج بالاِمامة يكون إماماً واجب الطاعة) أراد أن يحصـل الاَُصول والفروع حتى يتحلى بالعلم ، فتتلمذ في الاَُصول لواصل بن عطاء الغزال الاَلثغ رأس المعتزلة ورئيسهم. مع اعتقاد واصل أنّ جده علي بن أبي طالب (رض) في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأهل الشام ما كان على يقين من الصواب. وأنّ أحد الفريقين منهما كان على الخطأ لابعينه وصارت أصحابه كلهم معتزلة » (1).
    وقد سرى هذا الخطاء إلى غير واحد ممن كتب عن زيد فاتخذه حقيقة راهنة.
    قال ابن أبي الدم في « الفرق الاِسلامية » : الزيدية أصحاب زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وكان زيد قد آثر تحصيل علم الاَُصول. فتتلمذ لواصل بن عطاء رئيس المعتزلة ورأسهم وأوّلهم فقرأ عليه واقتبس منه علم الاعتزال وصار زيد وجميع أصحابه معتزلة في المذهب والاعتقاد ، وكان أخوه الباقر محمد بن علي يعيب عليه كونه قرأ على واصل بن عطاء وتتلمذ له واقتبس منه مع كونه يجوِّز الخطأ على جده علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بسب خروجه إلى حرب الجمل والنهروان ، ولاَنّ واصلاً كان يتكلم
    1 ـ الشهرستاني : الملل والنحل : 1/138.

(158)
في القضاء والقدر على خلاف مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) (1).
    كلام الشيخ أبو زهرة :
    لقد تلقى الشيخ أبو زهرة ما ذكره الشهرستاني أمراً صحيحاً واستنتج من كلامه أُموراً ثلاثة ولكنه تنظر فيه بما يلي :
    « ولكن أيصح أن نقول إنّ زيداً تتلمذ على واصل في هذه المرحلة؟ إنّ الرجلين كانا في سن واحدة فقد ولد كلاهما في سنة 80 (2) من الهجرة النبوية أو قريباً من ذلك ويظهر أنّهما عندما التقيا كان زيد في سن قد نضجت لاَنّ واصلاً لا يمكن أن يكون في مقام من يدرس مستقلاً إلاّ إذا كان في سن ناضجة.
    ولهذا نرى أنّ التقاء زيد ـ رضي اللّه عنه ـ بواصل بن عطاء كان التقاء مذاكرة علمية وليس التقاء تلميذ عن أُستاذ ، فإنّ السن متقاربة وزيد كان ناضجاً فهو قد أراد أن يعرف النواحي المختلفة حول أُصول العقائد ، كما تلقي فروع الاَحكام عن أُسرته وفي المدينة مهد علم الفروع ـ إلى أن قال ـ : وقبل رحلة زيد إلى البصرة أيسوغ لنا أن نقول إنّه ما كان من قبل ، على علم بأُصول المعتزلة؟ لعل الاِجابة عن هذا السوَال توجب علينا أن نرجع إلى علماء آل البيت قبل زيد والذين عاصروه وهنا نجد من الاَخبار ، ما يذكر أنّ علماء آل البيت تكلموا في العقائد وكانوا قريبين مما قاله واصل بن عطاء بل إنّا نجد من يقول إنّ واصلاً تلقى عقيدة الاعتزال عن آل البيت فقد كانوا على علم به وخصوصاً محمد ابن الحنفية ابن علي رضي اللّه عنهما ، فقد كان عالماً غواصاً في العلوم ، وقد قال فيه الشهرستاني : « وكان كثير العلم ، غزير المعرفة ، وقّاد الفكر ، مصيب الخواطر ، قد أخبره أمير الموَمنين (أي علي) عن أحوال الملاحم وأطلعه على مدارج المعالم ، قد اختار العزلة ، وآثر
    1 ـ الصفدي : الوافي بالوفيات : 15/35.
    2 ـ عرفت ما هو الحقّ في ميلاده.


(159)
الخمول على الشهرة » (1).
    هذا كلامه وياليت الاَُستاذ رافق كلامه بذكر المصادر ، ولا يقضي في الموضوع بشكل قاطع.
    وهذا ما نلمسه من كتب الاَُستاذ أبي زهرة مع كثرة ما كتب. وعلى كل تقدير فلا دليل على تتلمذ زيد لواصل ، لو لم يكن دليل على عدمه ، وكون اتباعه معتزليين في العقيدة لا يكون دليل على كون إمامهم كذلك.

كلام بعض المعاصرين من الزيدية :
    إنّ لبعض المعاصرين من علماء الزيدية تحقيقاً رائعاً في المقام نأتي بنصه ـ مع طوله ـ :
    « من الاَغلاط الشائعة نسبة الزيدية إلى المعتزلةـ في أُصول الدين والتوحيد وعلم الكلام ـ والقول بأنّ الاِمام زيد بن علي قد تتلمذ على رئيس المعتزلة واصل ابن عطاء.
    ولعل الشهرستاني المتوفى 548هـ هو أوّل من سجّل هذه الغلطة في كتابه (الملل والنحل) ثم تابعه أكثر من بحث عن الاعتزال والمعتزلة. إمّا لاِهمالهم الفحص والتمحيص لما يروونه ، وإمّا لاَنّه قد وافق ما يريدون قوله عن الزيدية والزيديين.
    ولا أعتقد أنّ للشهرستاني أيَّ دليل قوي على قوله. وربّما أنّه جعل من التوافق بين الزيدية والمعتزلة في أكثر مسائل الاَُصول الدينية دليلاً على قوله ، ولكن هذا غير كاف قطعاً لاِلحاق فرقة بأُخرى. لاَنّه لو اعتبر التوافق في رأي ما ، دليلاً على توحيد فرقة مع أُخرى لما تميزت فيما بينها كل المذاهب الاِسلامية المعروفة اليوم وقبل اليوم ، لاَنّها تتوافق في كثير من المسائل وبالاَخص الفقهية الفرعية منها.
    1 ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : 39 ـ 40.

(160)
    أمّا القول بأنّ الاِمام زيداً قد تتلمذ لواصل بن عطاء. من أجل أن يحصل على علم الاَُصول والفروع حتى يتحلّـى بالعلم كما يقول الشهرستاني ـ فهو أغرب وأعجب. ذلك لاَنّ المعلوم عند جميع الموَرخين والباحثين والعالمين ـ أنّ المدينة المنورة ـ وليست البصرة ـ هي معدن العلم ومدينته ، كما قال الاِمام أبو حنيفة ـ رحمه اللّه ـ لمن سأله عمن تلقى علمه فقال : كنت في معدن العلم ولزمت فقيهاً من فقهائهم. وهو يعني الاِمام جعفر الصادق ـ رحمه اللّه ـ حيث لازمه عامين ، وكان يقول : لولا السنتان لهلك النعمان » (1).
    فهل من المعقول أن يخرج الاِمام زيد من معدن العلم وينبوعه ومدينته ليذهب إلى البصرة ليحصل على علم الفروع والاَُصول حتى يتحلّـى بالعلم كما قال الشهرستاني؟ إنّه لاَمر غريب وعجيب حقاً!! وهو مع ذلك قول مخالف لما أجمع عليه الموَرخون فقد قالوا إنّ واصل بن عطاء هو الذي أخذ العلم من معدن العلم ومدينته ، ولازم أهل البيت النبوي الشريف الذي يعد من مشاهيره في عصره الاِمام زيد بن علي. وأجمعوا على أنّ واصل بن عطاء كان مولى لآل محمد بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ـ أي آل محمد بـن الحنفيــة ـ وأخذ العلم عن ابنـه أبي هاشم عبد اللّه بن الحنفية. وأنّه بعد 21 عاماً من عمره سافر إلى البصرة سنة 101 هـ حيث التقى فيها بالزاهد عمرو بن عبيد فزامله في حلقة الحسن البصري حتى حدث الخلاف بين واصل وأُستاذه الحسن البصري في تسمية مرتكب الكبيرة من المسلمين حيث قالت الخوارج هو كافر. وقالت المرجئة : هو موَمن. فقال الحسن البصري : هو منافق. فقال واصل : هو فاسق. والفسق منزلة بين المنزلتين : منزلة الكفر والنفاق. ومنزلة الاِيمان ، وبعد أن رجع عمرو بن عبيد إلى قوله وفارقا حلقة الحسن ، أطلق عليهما لاعتزالهما الحلقة (اسم المعتزلة) ثم صار
    1 ـ أبو زهرة : الاِمام الصادق ( عليه السلام ) : 28.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس