بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 191 ـ 200
(191)
    3 ـ قال شيخنا المجلسي : إعلم أنّ الاَخبار اختلفت وتعارضت في أحوال زيد وأضرابه كما عرفت لكن الاَخبار الدالة على جلالة زيد ومدحه ، وعدم كونه مدعياً لغير الحقّ أكثر ، وقد حكم أكثر الاَصحاب بعلو شأنّه (1).
    وقال أيضاً : « وكان يدعو إلى الرضا من آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنّه كان عازماً على أنّه إن غلب على الاَمر فوضه إلى أفضلهم وإليه ذهب أكثر أصحابنا ولم أر في كلامهم غيره (2).
    4 ـ وقال الزنوزي في رياض الجنّة : إنّ زيد بن علي كان دائماً في فكر الانتقام والاَخذ بثأر جده الحسين ( عليه السلام ) ومن هذه الجهة توهم بعضهم أنّه ادّعى الاِمامة وهذا الظن خطأ لاَنّه كان عارفاً برتبة أخيه وكان حاضراً في وقت وصية أبيه ووضع أخيه في مكانه وكان متيقناً أنّ الاِمامة لاَخيه وبعده للصادق ( عليه السلام ) (3).
    5 ـ وعن السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد النبلي النجفي رضوان اللّه عليه في كتابه الاَنوار المضيئة أنّه قال : زعم طوائف ممن لا رشد لهم أنّ زيد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) خرج يدعو لنفسه وقد افتروا عليه الكذب ، وبهتوه بما لم يدّعه لاَنّه كان عين إخوته بعد أبي جعفر ( عليه السلام ) وأفضلهم ورعاً وفقهاً وسخاءً وشجاعة وعلماً وزهداً وكان يُدعى حليف القرآن وحيث إنّه خرج بالسيف ودعا إلى الرضا من آل محمد زعم كثير من الناس لا سيما جهال أهل الكوفة هذا الزعم ، وتوهموا أنّه دعا إلى نفسه ولم يكن يريدها له لمعرفته باستحقاق أخيه الاِمامة من قبله وابن أخيه لوصية أخيه إليه بها من بعده ـ إلى أن قال : ـ وقد انتشرت الزيدية فكثروا وهم الآن طوائف كثيرة في كل صقع أكثرهم باليمن ومكة وكيلان (4).
    1 ـ المجلسي : البحار : 46/205 ومرآة العقول : 1/261.
    2 ـ المجلسي : البحار : 46/205 ومرآة العقول : 1/261.
    3 ـ السيد الاَمين : زيد الشهيد : 35 ، نقلاً عن رياض الجنّة وهي بعد مخطوطة.
    4 ـ المصدر نفسه : 35 ـ 36.


(192)
    6 ـ وقال السيد صدر الدين : « لو لم يظهر الصادق ( عليه السلام ) عدم الرضا بخروجه ، ويصوب أصحابه في معارضتهم وإسكاتهم إياه ، ولم يجب بالاِبهام والاعجام عند السوَال عن خروجه ، لكان في ذلك نقض الغرض والتعريض بهلاك الاِمام (1).
    7 ـ قال السيد علي خان المشعشعي الحويزي في كلام له : « ولا ريب أنّ قصده ونيته إن استقام له الاَمر إرجاع الحقّ إلى أهله ويدلّ على ذلك رضاهم عنه ، وإنّما لم يمنعه أبو عبد اللّه الصادق ( عليه السلام ) من الخروج مع علمه بأنّ هذا الاَمر لا يتم له وأنّه يقتل لاَنّهم ( عليهم السلام ) يعلمون ما يقع بهم وبذريتهم ، وماقدر لهم لاَنّ عندهم علم ما كان وما يكون ، وكان يعلم أن لا مفر مما قدر فلا وجه للمنعاً (2).
    8 ـ وقال المحقق المامقاني : « إنّما ادعى الاِمامة ليتبعوه فيستنقذ الحقّ من المتغلبين ، ثم يسلمه إلى أهله والظاهر أنّ هذا هو الضرب من التدبير الذي أشار إليه العياشي في كتابه مقتضب الاَثر (3).
    لما كانت الروايات المروية عن زيد على قسمين ، قسم ورد التصريح فيه بأسماء الاَئمه الاثني عشر كالرواية الرابعة وقسم أجمل فيه الكلام ، كسائر الروايات التالية ، علّق عليها السيّد عبد الرزاق المقرم بما يلي :
    9 ـ وقال السيّد المقرّم : وهذه الاَحاديث وإن لم تصرح بأسماء الاَئمة الذين يلون الخلافة من عترة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكن تفيدنا القطع ببراءته
    1 ـ السيد صدر الدين بن الفقيه السيد محمد العاملي في تعليقته على ترجمة زيد من منتهى المقال وهي مخطوطة. لاحظ زيد الشهيد للسيد المقرم : 87.
    2 ـ الحويزي : نكت البيان : كما في وقائع الاَيام لشيخنا الخياباني قسم الصيام : 44.
    3 ـ المامقاني : تنقيح المقـال : 1/469 ـ 470. ما نقله من كتـاب مقتضب الاَثر للعياشي فإنّما هو الخزاز في كتابه : كفاية الاَثر ، وليس في الكتاب الاَوّل عين ولا أثر ممّا نقله.


(193)
من تلك الدعاوى الفارغة من كل حقيقة ، وأنّه طاهر الضمير ، قابل لاِيداع أسرار الاِمامة فيه ومع ملاحظة رواية ابنه يحيى (الرابعة) يتضح المراد مما أجمل في هذه الاَحاديث.
    ولو أعرضنا عن جميع ذلك لاَفادنا اعترافه باستحقاق الصادق ( عليه السلام ) للخلافة بعد الباقر ( عليه السلام ) وأنّه الحجّة التي لايضل من تبعه ، ولا يهتدي من خالفه ، سلوكه المحجّة البيضاء والطريق اللاحب في الاِمامة. وهل يقع الشك في اعترافه بإمامة الصادق ( عليه السلام ) وهو يقول لعبد اللّه بن أبي العلاء (الرواية السادسة) وقد قال له : « أنت صاحب هذا الاَمر ، قال : لا ولكنّي من العترة ـ قال له : ـ فإلى من تأمرني ، قال : عليك بصاحب الشعر ».
    روى الكشي عن سورة بن كليب قال : قال لي زيد بن علي : ياسورة كيف علمتم أن أصاحبكم على ما تذكرونه؟
    قال : قلت على الخبير سقطت. قال فقال : هات! فقلت له : كنّا نأتي أخاك محمد بن علي ( عليه السلام ) نسأله فيقول : قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال اللّه عزّ وجلّ في كتابه حتى مضى أخوك فأتيناكم وأنت فيمن أتينا ، فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه ، حتى أتينا ابن أخيك جعفراً فقال لنا كلما قال أبوه قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال تعالى ، فتبسّم وقال : أما واللّه إنّ قلت بذا فانّ كتب علي صلوات اللّه عليه عنده (1).
    ثم إنّ السيد المقرم ـ بعد المناقشة في دلالة أو سند الروايات الذامّة ونقدها نقداً علمياً ـ يقول : « من جميع ما مر فقد تجلّـى الحقّ ، وانكشف بطلان دعواه الاِمامة لنفسه عن جد وعقيدة ، وما هي إلاّ أساطير لفقهاء دعاة الباطل للحطّ من كرامة تلك الذات الطاهرة بغضاً وعدواناً ، وإن تكن تلك الدعاوى ، فإنّما الغرض منها استنقاذه الحقّ من أيدي المتغلبين عليه ، ولاة الجور وأرباب الباطل وإعادته
    1 ـ الكشي : الرجال : ترجمة سورة بن كليب برقم 240.

(194)
إلى أهله كما يفصح عنه قول الصادق ( عليه السلام ) : « كان زيد عالماً وصدوقاً ولم يدعكم إلى نفسه وإنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه » وهذا من أهم الوسائل إلى استحصال الحقّ المغصوب ، وإعادة سلطان العدل إلى أهله ، ولو أعلن الدعوة للاِمام الصادق ـ كما يريده ضعيف النظر ، قاصر البصيرة ، لرأيت هناك الاَضرار البالغة التي تلحق الاِمام من أئمة الجور « تَكادُ السَّمواتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الاََرْضُ وَتَخرُّ الجِبال » (1).
    1 ـ السيد المقرم : زيد الشهيد : 63 و 86.

(195)
الفصل العاشر
موقف أئمة أهل البيت
من خروج زيد وجهاده
    إنَّ موقف أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) من خروج ثائرهم ، كان إيجابياً ، لا سلبياً وكانوا يرون أنّ خروجه ونضاله ، مطابق للكتاب والسنّة ، بمعنى أنّ الخروج حين ذاك لم يكن تكليفاً إلزامياً على الاِمام ولا على غيره ، ولكنه لو خرج مسلم لاِزالة الطغاة عن منصّة الحكم ، وتبديد هياكل الفساد والظلم ، من دون أن يدعو إلى نفسه ، كان على المسلمين عونه ومناصرته ، وإجابة دعوته.
    وكان خروج زيد على هذا الخط الذي رسمناه وهذا ما يستفاد من الروايات المستفيضة ، وإليك بعض ما وقفنا عليه :
    1 ـ لمّا بلغ قتـل زيد إلى الاِمام الصـادق ( عليه السلام ) قال : « إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، عند اللّه أحتسب عمي إنّه كان نعم العم. إنّ عمي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا ، مضى واللّه عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول اللّه وعلي والحسين صلوات اللّه عليهم » (1).
    1 ـ الصدوق : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1/252 ح6 ، الباب 25.

(196)
    2 ـ وقال أيضاً في حديث : « إنّ الباكي على زيد فمعه في الجنّة ، فإمّا الشامت فشريك في دمه » (1).
    3 ـ وقال الشيخ المفيد : لما قتل زيد بلغ ذلك من أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) كل مبلغ ، وحزن له حزناً عظيماً حتى بان عليه وفرّق من ماله في عيال من أُصيب معه من أصحابه ألف دينار. روى ذلك أبو خالد الواسطي قال : سلّم إليَّ أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) ألف دينار أمرني أن أُقسمها في عيال من أُصيب مع زيد ، فأصاب عيال عبد اللّه بن الزبير أخي فضيل الرسان أربعة دنانير (2).
    4 ـ روى ابن سيابة قال : دفع إليّ أبو عبد اللّه الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ألف دينار وأمرني ان أُقسمها في عيال من أُصيب مع زيد بن علي ( عليه السلام ) فقسمتها فأصاب عبد اللّه بن الزبير أخا فضيل الرسّان أربعة دنانير (3).
    5 ـ روى الصدوق عن عبد اللّه بن سيابة أنّه أتى رسول بسـام الصيرفي بكتاب فيه : أمّا بعد ، فإنّ زيد بن علي قد خرج يوم الاَربعاء غرة صفر ، ومكث الاَربعاء والخميس وقتل يوم الجمعة ، وقتل معه فلان وفلان ، فدخلنا على الصادق ( عليه السلام ) فدفعنا إليه الكتاب ، فقرأه وبكى ، ثم قال : « إنّا للّه وإنّا إليه راجعون. عند اللّه أحتسب عمي ، إنّه نعم العم ، إنّ عمي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا ... » إلى آخر ما مر في الحديث الاَوّل (4).
    6 ـ روى ابن شهر آشوب بلغ الصادق ( عليه السلام ) قول الحكيم بن عباس الكلبي :
    1 ـ بحار الاَنوار : 46/193 ح 63.
    2 ـ المفيد : الاِرشاد : 269 ، الباب 175 ، حياة الاِمام علي بن الحسين ، لاحظ الحديث العاشر أيضاً.
    3 ـ الصدوق : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1/249 ، بحار الاَنوار : 46/170.
    4 ـ الصدوق : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1/249؛ الباب 25.


(197)
    
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة وقستم بعثمان علياً سفاهة ولم أر مهدياً على الجذع يصلب وعثمان خير من علي وأطيب
    فرفع الصادق ( عليه السلام ) يديه إلى السماء وهما يرعشان. فقال : « اللهم إن كان عبدُك كاذباً فسلط عليه كلبك » ، فبعثه بنو أُمية إلى الكوفة فبينما هو يدور في سككها افترسه الاَسد واتصل خبره بجعفر ( عليه السلام ) ، فخر للّه ساجداً ، ثم قال : « الحمد للّه الذي أنجزنا وعده » (1).
    7ـ روى الصدوق في معاني الاَخبار ، قال : كنّا عند أبي عبد اللّه فذكر زيد ، ومن خرج معه ، فهمَّ بعض أصحاب المجلس أن يتناوله ، فانتهره أبو عبد اللّه ، وقال : « مهلاً ليس لكم أن تدخلوا فيما بيننا إلاّ بسبيل خير ، إنّه لم تمت نفس منّا إلاّ وتدركه السعادة قبل أن تخرج نفسه ولو بفواق الناقة » قلت : وما فواق الناقة؟ قال : « حلابها » (2).
    8 ـ روى الحلبي : قال قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إنّ آل أبي سفيان : قتلوا الحسين بن علي ( صلوات اللّه عليه ) فنزع اللّه ملكهم ، وقتل هشام زيد بن علي فنزع اللّه ملكه ، وقتل الوليد يحيى بن زيد فنزع اللّه ملكه » (3).
    9ـ روى الصدوق بإسناده عن الفضيل بن يسار قال : انتهيت إلى زيد بن علي صبيحة يوم خرج بالكوفة ، فسمتعه يقول : من يعينني منكم على قتال أنباط أهل الشام؟ فو الذي بعث محمداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالحقّ بشيراً ونذيراً لا يعينني على قتالهم منكم إلاّ أخذت بيده يوم القيامة ، فأدخلته الجنّة بإذن اللّه تعالى ، فلمّا قتل ـ رضي اللّه عنه ـ اكتريت راحلة وتوجهت نحو المدينة فدخلت
    1 ـ المناقب : 3/360 ، بحار الاَنوار : 46/192.
    2 ـ معاني الاَخبار : 392 ، بحار الاَنوار : 46/179.
    3 ـ الصدوق : ثواب الاَعمال وعقابها : 198 ، بحار الاَنوار : 46/182.


(198)
على أبي عبد اللّه فقلت في نفسي واللّه لا أخبرته بقتل زيد فيجزع عليه ، فلما دخلت عليه قال : « ما فعل بعمي زيد ؟! » فخنقتني العبرة ، فقال : « قتلوه؟ » قلت : أي واللّه قتلوه ، قال : « فصلبوه؟ » قلت : أي واللّه فصلبوه ، فأقبل يبكي ودموعه تنحدر من جانب خده كأنّها الجمان ثم قال : « يافضيل شهدت مع عمي زيد قتال أهل الشام؟ » قلت : نعم ، قال : « فكم قتلتَ منهم ؟ » قلت : ستة ، قال : « فلعلك شاك في دمائهم؟ » فقلت : لو كنت شاكاً في دمائهم ماقتلتهم ، فسمتعه يقول : « أشركني اللّه في تلك الدماء ، مضى واللّه عمي وأصحابه مثل مامضى عليه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأصحابه » (1).
    10 ـ وروى الصـدوق عن حمزة بن حمران قـال : دخلت على الصادق ( عليه السلام ) فقال لي : « يا حمزة من أين أقبلت؟ » فقلت : من الكوفة ، فبكى حتى بلّت دموعه لحيته!فقلت له : يا بن رسول اللّه! مالك أكثرت من البكاء؟ فقال : « ذكرت عمي زيد وماصنع به فبكيت » فقلت له : وما الذي ذكرت منه؟ قال : مقتله وقد أصاب جبينه سهم ، فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه وقال له : أبشر يا أبتاه! فإنّك ترد على رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) قال : أجل يابنيّ! ثم دعا بحدّاد فنزع السهم من جبينه ، فكانت نفسه معه ، فجيء به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة ، فحفر له فيها ودفن وأُجري عليه الماء ، وكان معهم غلام سنديّ لبعضهم ، فذهب إلى يوسف بن عمر ـ لعنه اللّه ـ من الغد ، فأخبره بدفنهم إيّاه ، فأخرجه يوسف وصلبه في الكناسة أربع سنين ، ثم أمر به فأُحرق بالنار وذري في الرياح ، فلعن اللّه قاتله وخاذله ، وإلى اللّه جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته ، وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان (2).
    1 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1/253.
    2 ـ أمـالي الصـدوق : 321 ، المجلـس : 62 ح3؛ وأمـالي الطوسـي : 2/48؛ والمجلـسي : البحـار : 46/172.


(199)
    11 ـ قال الصادق ( عليه السلام ) لاَبي ولاّد الكاهلي : « رأيت عمي زيداً؟ » قال : نعم رأيته مصلوباً ، ورأيت الناس بين شامت وبين محزون محترق ، فقال : « أمّا الباكي فمعه في الجنّة وأمّا الشامت فشريك في دمه » (1).
    12 ـ روى الراوندي عن الحسن بن راشد قال : ذكرت زيد بن علي فتنقَّصته عند أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : « لاتفعل ، رحم اللّه عمي أتى أبي ، فقال : إنّي أُريد الخروج على هذا الطاغية. فقال : لاتفعل ، فإنّي أخاف أن تكون المقتول المصلوب على ظهر الكوفة ـ إلى أن قال الاِمام ( عليه السلام ) للحسن : ـ ياحسن إنّا أهل بيت لا يخرج أحدنا من الدنيا حتى يقرّ لكل ذي فضل فضله » (2).
    13ـ روى الصدوق عن أبي عبدون عن أبيه قال : لمّا حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون ، وكان قد خرج بالبصرة ، وأحرق دور ولد العباس ، ووهب المأمون جرمه لاَخيه علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) وقال له : لئن خرج أخوك وفعل ما فعل ، لقد خرج من قبله زيد بن علي فقتل ولولا مكانتك لقتلته فليس ما أتاه بصغير! فقال : ( عليه السلام ) له :
    « لا تقس أخي زيداً إلى زيد بن علي فإنّه كان من علماء آل محمد ( عليهم السلام ) غضب له ، فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله ، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنّه سمع أباه جعفر بن محمد يقول : رحم اللّه عمي زيداً إنّه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ، ولقد استشارني في خروجه فقلت له : ياعم إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك ، فلما ولي قال جعفر بن محمد ( عليه السلام ) : ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه ».
    فقال المأمون : أليس قد جاء في من ادّعى الاِمامة بغير حقها ما
    1 ـ الاَربلي : كشف الغمة : 2/442.
    2 ـ الخرائج والجرائح : 232 ، البحار : 46/185.


(200)
جاء؟ فقال : ( عليه السلام ) : « إنّ زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق ، وإنّه كان أتقى من ذلك ، إنّه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمد ( عليهم السلام ) إنّما جاء ما جاء في من يدّعي أنّ اللّه نصَّ عليه ، ثم يدعو إلى غير دين اللّه ويضل عن سبيله بغير علم ، وكان زيد بن علي واللّه ممن خوطب بهذه الآية :
    « وَجاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجتَباكُم » » (1).
    14 ـ روى الشيخ الطوسي عن مهزم بن أبي بردة الاَسدي قال : دخلت المدينة حِدثان صلب زيد ـ رضي اللّه عنه ـ فدخلت على أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فساعة رآني قال : « يامهزم ما فعل بزيد؟ » قال : قلت : صلب ، قال : « أين؟ » قال : قلت : في كناسة بني أسد ، قال : « أنت رأيته مصلوباً في كناسة بني أسد؟ » قال : قلت : نعم ، قال : فبكى حتى بكت النساء خلف الستور ثم قال : « أما واللّه لقد بقي لهم عنده طلبة ما أخذوها منه بعد » قال فجعلت أُفكر وأقول أي شيءٍ طلَبتهم بعد القتل والصلب؟ قال : فودعته وانصرفت حتى انتهيت الكناسة ، فإذا أنا بجماعة فأشرفت عليهم ، فإذا زيد قد أنزلوه من خشبته يريدون أن يحرقوه قال قلت : هذه الطلبة التي قال لي (2).
    15 ـ روى الكليني عن سليمان بن خالد قال : قال لي أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « كيف صنعتم بعمي زيد؟ » قلت : إنّهم كانوا يحرسونه فلما شفّ الناس أخذنا خشبته فدفناه في جرف على شاطيء الفرات فلما أصبحوا جالت الخيل يطلبونه فوجدوه فأحرقوه فقال : « أفلا أوقرتموه حديداً وألقيتموه في الفرات ـ صلى اللّه عليه ـ » ولعن قاتله (3).
    1 ـ الصدوق : عيون الاَخبار : 1/249 ، الباب 25.
    2 ـ الطوسي : الاَمالي : 682.
    3 ـ الكليني : الكافي : 8/161.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس