بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: 201 ـ 210
(201)
    16 ـ روى الكليني عن الحسن بن الوشاء عمن ذكره عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إنّ اللّه عزّ وجلّ أذن في هلاك بني أُمية بعد إحراقهم زيداً بسبعة أيام » (1).
    17 ـ روى أيضـاً عن أبـي هاشـم الجعفري قـال : سـألـت الرضا عن المصلوب؟ فقال : « أما علمت أنّ جدي صلّـى على عمه » (2).
    18 ـ روى الكشـي في ترجمة السيـد الحميري عن فضيل الرسان ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) بعد ماقتل زيد بن علي ( عليه السلام ) فادخلت بيتاً في جوف بيت ، وقال لي : « يا فضيل ، قتل عمي زيد بن علي؟ » قلت : نعم جعلت فداك ، فقال : « رحمه اللّه ، أما إنّه كان موَمناً وكان عارفاً وكان عالماً ، وكان صدوقاً ، أما إنّه لو ظفر لوفى ، أما إنّه لو ملك لعرف كيف يضعها ، قلت : ياسيدي ألا أُنشدك شعراً؟ قال : « أمهل » ثم أمر بستور فسدلت ، وبأبواب فتحت ، ثم قال : « أنشد » فأ نشدته :
لاَُمّ عمرو باللوى مربع طامسة أعلامها بلقع (3)
    هذه نماذج مما ورد عن أئمة أهل البيت حول جهاد زيد واستشهاده ، ولو ضمت إليها ما ورد عنهم من المدائح حال حياته وقبل ميلاده ، مما تقدم لما بقي شك في أنّ ثائر أهل البيت كان رجلاً مثالياً متقياً ، عادلاً ، مخالفاً لهواه ، لايهمه سوى تجسيد الاِسلام بين الورى ، وتبديد هياكل الظلم والطغيان.
    يقول السيد المقـرم ـ بعد نقـل الاَحاديث المادحـة ـ : « على ضـوء هـذه
    1 ـ الكليني : الكافي : 8/161.
    2 ـ الكليني : الكافي : 3/215.
    3 ـ الكشي : الرجال : 242 برقم 133 ، وذكر قسماً من عينية السيد الحميري المعروفة.


(202)
الاَحاديث الكريمة نعرف من الحقيقة أنصعَها ويتجلّـى من أعماق الاَصداف لوَلوَها ، وانّ تلك الشخصية الشامخة على سبب وثيق من معادن الحقّ ، وذات كرامة قدسية تهبط من الملاَ الاَعلى ، وأنّ الاَئمة الهداة يتفألون من غرة تلك النهضة الهاشمية أن يعود الحقّ إلى نصابه ، وهي القوة التي تتحطم بها هياكل الباطل وتعقد عليها الآمال ، وهي التي أظهرت مظلومية الاَئمة ، ومثّلت للملاَ أحقيتهم بالخلافة ، من غيرهم ذوي الاَطماع وأرباب الشهوات ، وانكشف لنا بكل وضوح امتثاله أمر الاِمام في نقض دعائم الاِلحاد وتبديد جيش الظلم والباطل ، وتفريق جماهير الشرك وأحزاب الضلال ، وعبدة المطامع والاَهواء ، خصوصاً إذا قرأنا قول الباقر ( عليه السلام ) : « ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه » وقول الصادق ( عليه السلام ) : « إذا دعاكم فأجيبوه وإذا استنصركم فانصروه » وقوله : « أشركني اللّه في تلك الدماء » وقوله عندما سئل عن مبايعته : « بايعوه » وقوله : « خرج على ما خرج عليه آباوَه » وقوله : « برىَ اللّه ممن تبرّأ من عمي زيد ». فإنّ هذه الاَحاديث تدلنا على أنّه لم يقصد إلاّ إصلاح أُمّة جده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يدع إلاّ إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة.
    وهناك جملة أُخرى من الاَحاديث حكت لنا مقايسة الاِمام ( عليه السلام ) شهادة زيد بالشهداء الذين استشهدوا مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي والحسين ( عليهما السلام ) وقد استشهد هنالك رجال كانت لهم منازل عالية ومقامات رفيعة يغبطهم عليها جميع الشهداء ، وقد نال زيد بذلك التشبيه والمقايسة تلك المراتب العاليه وحاز ذلك الشرف الباهر ، فحقيق إذاً إذا قال الباقر ( عليه السلام ) في دعائه : « اللهم أُشدد أزري بزيد » ، وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « يأتي زيد وأصحابه يوم القيامة يتخطّون رقاب الناس غُرّاً محجلين يدخلون الجنّة بغير حساب ، وكانوا فرحين مسرورين بما أُوتي لهم من النعيم الدائم » (1).
    1 ـ المقرم : زيد الشهيد : 59.

(203)
الفصل الحادي عشر
الخط الثوري
المدعَم من قبل أئمة أهل البيت
    كان الاِمام الصادق ( عليه السلام ) يعيش في جو مفعم بالمراقبة والملاحقة من جانب الحكومة الاَموية وكانت عيون النظام ترصده عن كثب وترفع تقارير عن حياته اليومية إلى العاصمة ، ولاَجل ذلك كان الاِمام يتجنب عن التظاهر بأية ثورة ضد النظام إذ نتيجة ذلك هو إلقاء القبض على الاِمام ، وإنهاء حياته ، وإطفاء نور الاِمامة والقضاء على الجامعة العلمية التي أسسها الاِمام في عاصمة الاِسلام وربّى في حجره وحضنه مئات المفسرين والمحدثين وقد أعاد بذلك ، السنّة النبوية والاَحكام الشرعية إلى الساحة الاِسلامية بعد اندراسها ، كما فعل أبوه الاِمام الباقر ( عليه السلام ) كذلك ، وفي القضاء على حياته أو الحيلولة بينه وبين الاَُمّة خسارة كبرى لا تجبر بشهادته.
    ومن جانب آخر ، كان خروج زيد الثائر مورد الرغبة من الاِمام فكيف لا يرضى بذلك وهو يثير المسلمين ضد النظام ويحرضهم على تقويضه وقلبه ، وهي خطوة كبرى للمنية العظيمة.


(204)
    وبملاحظة هذين الاَمرين يعلم أنّه لم يكن للاِمام بد من الاِبهام في الكلام بشكل تفهم البطانة موقفه من استشهاده ويتحيّر الاَجانب فيه ، وهذا هو السبب لوجود الاِبهام والاِعجام في كلامه.
    ففي موقف يبكي على عمّه ويسيل دموعه على خديه ، وتبكي من كانت وراء الستار من الهاشميات ، يُعرِّف عمّه شهيداً ويعرّف الشهداء في موكبه كالشهداء الذين أراقوا دماءهم مع رسول اللّه وعلي والحسين ( عليهم السلام ) وربما يزيد على ذلك ويقول : « إنّ الباكي على زيد معه في الجنّة والشامت له شريك في دمه » إلى غير ذلك من الاِطراء والثناء على عمّه والذين استشهدوا في طريقه (1).
    وفي موقف آخر يتظاهر بالابتعاد عن خروج زيد واستشهاده ، فكل من يرد عليه من الكوفة يسأله عن عمه ويكرر السوَال ، وكأنّه لم يكن مطلعاً عما جرى عليه من المصائب ، كل ذلك كان ضرباً من التدبير للاِمام ( عليه السلام ) فأي رضى أولى من دعائه على الحكيم بن عباس الذي أنشأ شعراً في حقّ زيد ، وقال :
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة ولم أر مهدياً على الجذع يصلب
    فرفع الصادق ( عليه السلام ) يديه إلى السماء وهما ترتعشان ، وقال : « اللهم إن كان عبدك كاذباً فسلط عليه كلبك » (2).
    إنّ بقاء الاِسلام رهن دعامتين :
    الاَُولى : التعليم والتربية وتثقيف الاَُمّة ووعيها وتعليم الكتاب والسنة وغير ذلك مما يرجع إلى الثقافة الاِسلامية العامة.
    الثانية : إصلاح المجتمع والحفاظ على البيئة وتفويض الاَمر إلى صلحاء
    1 ـ أُنظر إلى الروايات الواردة تحت « عنوان موقف الاَئمة من استشهاده » في هذا الجزء.
    2 ـ مضى مصدره في ص 197 ، الرواية السادسة ، فراجع.


(205)
الاَُمّة الذين عليهم تجسيد الاِسلام في الساحة الاجتماعية ولايتم ذلك إلاّ بالكفاح ضدَّ الظالمين وإبادتهم وتسليم الاَمر إلى صلحاء الاَُمّة.
    وكانت المصالح الزمنية تفرض الاَمر الاَوّل على عاتق الاِمام الصادق ( عليه السلام ) إذ كان هو عالم الاَُمّة وراعيها ، والواقف بأسرار الكتاب والسنّة ، ولولاهما لما قامت هذه الدعامة وسقطت يومذاك ، وأمّا الدعامة الثانية فكان على عاتق زيد الثاثر ، والثائرون بعده على خط الاِمام زيد كيحيى بن زيد ، وعيسى بن زيد ، والحسين بن زيد ، ومحمد بن زيد (دون الحسنيّين الذين ثاروا في عصر العباسيين) وكانوا هم القائمون بهذه الفريضة فكيف يمكن للاِمام أن يُخطّئهم من صميم ذاته لذلك يرى أنّه يصف الزيدية ، وقاء ، ويقول لاَصحابه : كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم فإنّه لا يصبكم أمر تخصون به أبداً ولا تزال الزيدية لكم وقاءً أبدا (1).
    إنّ بعض المتحمسين من الشبان في عصر الاِمام الصادق ( عليه السلام ) كانوا يفرضون عليه أن يودع زيداً عند الوفود إلى العراق ، ويدعو له ويتظاهر بدعم نضاله وجهاده وعندما بلغه استشهاده ، يعلن الحداد العام ويجلس في بيته للعزاء وما أشبه ذلك ، لكن كانت هذه أفكاراً فوضوية تختمر في صدور أُناس لم يكن لهم إلمام بالظروف المحدقة بالاِمام ، فما قام به الاِمام من السير بين الخطين كان هو الموَمّن لحياته ، ونضاله العلمي وخدماته المشكورة ولم يكن القضاء على حياة الاِمام الصادق ( عليه السلام ) وجامعته العلمية عند الخلفاء أشد من القضاء على حياة زيد الثائر.
    وفي نهاية المطاف نقول : لم يكن قيام زيد وخروجه أقل قيمة من خروج المختار الثائر ، نرى أنّ الاِمام علي بن الحسين وعمه محمد بن الحنفية والهاشميات يخرجون من حدادهم على الاِمام الحسين ( عليه السلام ) عندما
    1 ـ الكليني : الكافي : 2/باب التقية ، الحديث13.

(206)
بعث المختار بروَوس الخونة وقتلة الاِمام الحسين ( عليه السلام ) حتى أنّ الاِمام السجاد ( عليه السلام ) يخر ساجداً ويعد عمل المختار مشكوراً ، فأين المختار من زيد الثائر وإن كان عمل الجميع مشكوراً.
    ومع أنّ الاِمام الصادق ( عليه السلام ) قام بمواقف مشكورة في عيال زيد ، ومن أُصيب معه ، ولكن لما كان المتطرفون غير راضين بهذا الحد ، وكانوا يطلبون من الاِمام نضالاً باهراً مثل زيد ، فقاموا بوجه الاِمام ( عليه السلام ) في مواقف عديدة لم تكن محمودة ، ولو نرى في بعض الاَحاديث أنّ الاِمام يتبرّأ من الزيدية فإنّما تبرّأ من المتطرفين غير العارفين بالمواقف الصحيحة في تلك الاَيام الخطيرة لا من زيد الثائر ، ولا المستشهدين بين يديه ولا المقتفين أثره بعد استشهاده ، عارفين بواجباتهم وواجبات أئمة أهل البيت ، وبذلك تقدر على فهم الروايات الواردة في ذم بعض الزيدية فليس الذم راجعاً إلى زيد الطاهر ، ولا إلى المقتفين أثره في ميدان النضال ، ولا إلى مجيبيه بل راجع إلى المتطرفين المنتمين إليه ، وكان هو ـ قدّس اللّه سرّه ـ بريئاً عنهم. فلنذكر بعضها إيقافاً للقارىء بمفادها :
    1 ـ عن عمر بن يزيد قال : سألته عن الصدقة على النصَّاب وعلى الزيدية؟ فقال : « لا تصدق عليهم بشيء ولا تسقهم من استطعت » وقال : « الزيدية هم النصاب » (1).
    2 ـ قد كان من المعروف أنّ الاِمام من كان عنده سلاح رسول اللّه ومتاعه وكان ذلك كلّه عند الاِمام الصادق ( عليه السلام ) كما سنذكر ، وقد كان ذلك الاَمر ثقيلاً على بعض الزيدية ، فكانوا يحاجون الاِمام الصادق ( عليه السلام ) وينكرون وجود السلاح ومتاع رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عنده ويقولون : إنّه عند عبد اللّه بن الحسن المثنى.
    1 ـ الحر العاملي : وسائل الشيعة : 6/ كتاب الزكاة ، الباب 5 من أبواب المستحقين ، الحديث5 ، لاحظ التهذيب : 4/54 ، الحديث12.

(207)
    روى الكليني عن سعيد السمان ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) إذ دخل عليه رجلان من الزيدية ، فقالا له : أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال : فقال : « لا » (1) ، قال : فقالا له : قد أخبرنا عنك الثقات إنك تفتي ، وتقر وتقول به (بأنّ فيكم إماماً مفترض الطاعة) ونسمّيهم لك فلان وفلان وهم أصحاب ورع وتشمير وهم ممّن لا يكذب ، فغضب أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : « ما أمرتهم بهذا » (بوجود إمام مفترض الطاعة) فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا ، فقال لي : « أتعرف هذين؟ » قلت : نعم هما من أهل سوقنا ، وهما من الزيدية ، وهما يزعمان أنّ سيف رسول اللّه عند عبد اللّه بن الحسن ، فقال : « كذبا لعنهما اللّه واللّه ما رآه عبد اللّه بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه. اللّهم إلاّ أن يكون رآه عند علي بن الحسين ( عليه السلام ) ... » (2).
    ترى أنّ موقف الرجلين أمام الاِمام الصادق ( عليه السلام ) هو موقف أخذ الاِقرار منه بإمامة زيد ومن بعده وتكذيب إمامته وقيادته وأنّه ليس عنده سلاح رسول اللّه ولا متاعه فلم يكن بد من الاِمام ( عليه السلام ) من التعرض عليهم.
    والذي يدلّ على ذلك ما رواه الكليني عن إسماعيل بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين ( عليه السلام ) عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لما حضر علي بن الحسين الوفاة قبل ذلك أخرج سفطاً أو صندوقاً عنده قال : يا محمد احمل هذا الصندوق. قال : فحمل بين أربعة فلما توفي جاء إخوته يدعون [ما] في الصندوق ، فقالوا : أعطنا نصيباً من الصندوق ، فقال : واللّه مالكم فيه شيء ، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليّ ، فكان في الصندوق سلاح رسول اللّه وكتبه (3).
    1 ـ قاله ( عليه السلام ) تقية أو تورية اتّقاء شرهما.
    2 ـ الكليني : الكافي : 1/232 ـ 233 ، كتاب الحجّة ، باب ما عند الاَئمة من سلاح رسول اللّه ومتاعه.
    3 ـ الكافي : 1/305 ، كتاب الحجّة ، باب الاِشارة والنص على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، الحديث1.


(208)
    وفي رواية أُخرى : التفت علي بن الحسين إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ، ثم التفت إلى محمد بن علي ، فقال : « يامحمد هذا الصندوق ، اذهب به إلى بيتك ، قال : أما إنّه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكن كان مملوءاً علماً » (1).
    3 ـ روى الكليني عن عبد اللّه بن المغيرة قال : قلت لاَبي الحسن ( عليه السلام ) : إنّ لي جارين أحدهما ناصب ، والآخر زيدي ولابد من معاشرتهما فمن أُعاشر ؟ فقال : « هما سيّان ، من كذَّب بآية من آيات اللّه فقد نبذ الاِسلام وراء ظهره ، وهو المكذب بجميع القرآن والاَنبياء والمرسلين » قال : ثم قال : « إنَّ هذا نصب لكم ، وهذا الزيدي نصب لنا » (2).
    فكما أنّ المتشابه من الآيات تردّ على المحكمات وتستوضح بها ، فهكذا الخبر المتشابه يفسر بالمحكم منه ، فأين استرحامه لعمه وبكاءه عليه ، ودعاءه على شاعر السوء ، من هذه التعرضات والنقاشات ، فتحمل الطائفة الثانية ، على المتطرفين غير العارفين بمقام الاِمام الصادق ( عليه السلام ) مضافاً إلى أنّ في مضمونهما من القرائن المثبتة. فلاحظ.

الخط الثوري الثابت لاَئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) :
    كان لزيد عند الاِمام الصادق ( عليه السلام ) ، حساب خاص لا يعدل به إلى غيره ، ويفضّله على الهاشميين ويتلقاه عالماً صدوقاً ، غير متجاوزٍ عن طريق الحقّ وكان يعلن على أصحابه ، أنّه لو ظفر لوفى بما نوى ودعا إليه ، ولاَجل ذلك ليس من البعيد أن يقال إنّه كان مأذوناً من قبل الاِمام سراً كما نقله شيخنا المجلسي (3)
    1 ـ الكليني : الكافي : 1/305 ، كتاب الحجّة ، باب الاِشـارة والنـص على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، الحديث 2.
    2 ـ الكليني : الكافي : 8/235 ، برقم 314.
    3 ـ المجلسي : مرآة العقول : 1/261.


(209)
ويكفي في المقام ما يرويه الكليني : عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « فانظروا على أي شيء تخرجون ولاتقولوا خرج زيد ، فإنّ زيداً كان عالماً وكان صدوقاً ولم يدعكم إلى نفسه إنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمد ( عليهم السلام ) ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه ، إنّما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم ، إلى الرضا من آل محمد ( عليهم السلام ) فنحن نشهدكم أنّا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم » (1).
    ولم يكن له ذلك الموقف مع الحسنيّين الذين خرجوا ، بعد زيد وابنه يحيى ، وصاروا أئمة للزيدية للفرق الواضح بين زيد وابنه ، وبين بني عبد اللّه بن الحسن ، أعني :
    1 ـ محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية خرج بالمدينة لليلتين بقيتا من جمادي الآخرة من سنة خمسة وأربعين ومائة وقتل في شهر رمضان تلك السنة قتله أبو جعفر المنصور.
    2 ـ إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، خرج بالبصرة وقتل هناك في نفس السنة التي قتل فيها أخوه محمد بن عبد اللّه ، وأُخذ رأسه وحمل إلى أبي جعفر المنصور ودفن بباخمرى.
    وسيوافيك ترجمتهم في القسم الثاني من الكتاب.
    والذي يعرب عن ذلك ما رواه أبو الفرج في كتابه عن عبد اللّه بن محمد بن علي ، قال : إنّ جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالاَبواء وفيهم :
    1 ـ إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس.
    2 ـ وأبو جعفر المنصور.
    1 ـ الكليني : الكافي : 8/264 ، برقم 381.

(210)
    3 ـ وصالح بن علي.
    4 ـ وعبد اللّه (1) بن الحسن بن الحسن بن علي.
    5 ـ ومحمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي.
    6 ـ وإبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي.
    7 ـ ومحمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان.
    فقال صالح بن علي : قد علمتم أنّكم الذين تمد الناس أعينهم إليهم ، وقد جمعكم اللّه في هذا الموضع ، فاعقدوا بيعة لرجل منكم ، تعطونه إياها من أنفسكم وتوافقوا على ذلك ، حتى يفتح اللّه وهو خير الفاتحين.
    فحمد اللّه عبد اللّه بن الحسن وأثنى عليه ثم قال : قد علمتم أنّ ابني هذا هو المهدي فهلم لنبايعه.
    وقال أبو جعفر : لاَيّ شيء تخدعون أنفسكم ، واللّه لقد علمتم ما الناس إلى أحدٍ أصور (2) أعناقاً ، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى ، يريد به محمد بن عبد اللّه (3) ، قالوا : قد واللّه صدقت ، إنّ هذا الذي نعلم ، فبايعوا محمداً جميعاً ومسحوا على يده.
    قال عيسى (4) : وجاء رسول عبد اللّه بن الحسن إلى أبي : أن أئتنا ، فإنّا مجتمعون لاَمر ، وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد ( عليه السلام ).
    وقال غير عيسى : إنّ عبد اللّه بن الحسن قال لمن حضر : لاتريدوا جعفراً
    1 ـ وعبد اللّه بن الحسن كان أكبر سناً من الاِمام الصادق ( عليه السلام ) وكان من مواليد عام سبعين من الهجرة.
    2 ـ أصور : بمعنى (أميل) كما في مكان آخر من مقاتل الطالبيين ص 257 وفي الاِرشاد (أطول).
    3 ـ أُنظر إلى هذا الخداع السياسي والنفاق المبطن فيصوره المنصور في هذا المجلس بما سمعت ، ثم بعد تصدّره منصّة الحكم يقتله.
    4 ـ عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي.
بحوث في الملل والنحل ـ جلد السابع ::: فهرس