ابطال ما استدلّ به لامامة أبي بكر ::: 1 ـ 15

مركز الأبحاث العقائدية ـ سلسلة الندوات العقائدية (17)
ابطال ما استدلّ به
لامامة أبي بكر
تأليف
السيّد علي الحسيني الميلاني
سلسلة الكتب العقائدية (79)
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية


(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدّمة المركز
    لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.
    وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.
    ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد


(6)
والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.
    ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.
    كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
    وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.
    وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
    سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون


(7)
بسم الله الرحمن الرحيم
    تمهيد
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاولين والاخرين.
    بعد أنْ انتهينا من الادلة المنتخبة على إمامة أمير المؤمنين من نصوص الكتاب والسنّة ، وانتهينا أيضاً من الدليل العقلي على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، على ضوء ما أسّسه وقرّره علماء الكلام من أهل السنّة ، في الشروط المعتبرة في الامام ، وأنّه لولا تلك الشروط لما جاز انتخاب ذلك الشخص واختياره إماماً بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حيث أنّهم يقولون بأنّ الامامة تكون بالاختيار والانتخاب ، وعلى هذا الاساس يعيّنون له الاوصاف والشروط التي لابدّ من توفّرها فيه حتى يُنتخب ، ونحن تكلّمنا معهم على أساس تلك الشروط


(8)
المعتبرة فيما بينهم بالاجماع وعلى ضوء كلمات كبار علمائهم.
    البحث الان في الادلّة التي يقيمونها على إمامة أبي بكر ، ولولا التعرّض لهذه الادلّة لبقي البحث ناقصاً ، لانّا قد أقمنا الادلّة على إمامة أمير المؤمنين ، لكنّهم أيضاً يقيمون الادلّة على إمامة أبي بكر ، فلا بدّ من النظر في تلك الادلّة أيضاً ، لنرى مدى تمامية تلك الادلّة بحسب الموازين العلميّة.
    وفي هذا الفصل من بحثنا أيضاً ، سنكون ملتزمين بآداب البحث وبقواعد المناظرة ، وسنرى أنّهم يستدلّون بأحاديث أو بأدلّة تختص بهم أو يختصّون هم وينفردون هم بالاستدلال بتلك الادلّة ، وبرواية تلك الاحاديث ، وقد قلنا وقرّرنا وأسّسنا منذ الليلة الاُولى أنّ الادلّة يجب أن تكون مورد قبول عند الطرفين ، أو تكون الادلّة التي يستدل بها كلّ طرف مقبولة عند الطرف المقابل ، ليتمّ لهذا الطرف الالزام والاحتجاج بالادلّة التي يرتضيها الطرف المقابل ويقول باعتبارها.
    لكن الادلّة التي يستدلون بها على إمامة أبي بكر أدلّة ينفردون هم بها ، وإذا كانت روايات ، فإنّها ليست إلاّ في كتبهم وعن طرقهم ، ومع ذلك ننظر في تلك الروايات ونباحثهم عليها ، على أساس كتبهم ورواياتهم وأقوال علمائهم.


(9)
    وكما أشرتُ من قبل ، نكون في هذا الفصل أيضاً ملتزمين بآداب البحث ، ملتزمين بالمتانة في الكلام ، ملتزمين بعدم التعصب ، وكلّ استدلالاتنا ستكون على ضوء رواياتهم وكتبهم ، ليتّضح لهم عدم تماميّة أدلّتهم بحسب كلمات علمائهم ، فكيف لو أرادوا أن يلزمونا بمثل هذه الادلّة التي هم لا يقبلون بها ، وعلماؤهم لا يرتضون بصحّتها وجواز الاستدلال بها ؟
    وعندما نريد أنْ ننقل تلك الادلّة ، نعتمد على أهم كتبهم ، نعتمد على أشهر كتبهم في علم العقائد.


(10)
    وأهم كتبهم : كتاب المواقف في علم الكلام وشرح المواقف وأيضاً شرح المقاصد ، هذه أهم كتبهم الكلامية التي ألّفت في القرن الثامن والتاسع من الهجرة ، وكانت هذه الكتب تدرس في حوزاتهم العلمية ، ولاساتذتهم شروح وحواشي كثيرة على هذه الكتب ، فلو رجعتم إلى كشف الظنون وقرأتم ما يقوله صاحب كشف الظنون عن شرح المواقف وعن شرح المقاصد وعن المواقف (1) نفسها ، لرأيتم كثرة الكتب والشروح والحواشي المؤلفة عليها ، وإنّ هذه الكتب أصبحت محوراً لتلك الكثرة من الكتب الكلامية عندهم.
    ولا خلاف بينهم في اعتبار هذه الكتب وأهميتها ، وكونها المعتمد والمستند عندهم في مباحث العقائد.
1 ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 2 / 1780 ، 1891.

(11)
    إذن ، لننظر في أهمّ أدلّتهم على إمامة أبي بكر ، ولننظر ماذا يقولون هم في هذه الادلّة.
    نصّ عبارة شرح المواقف (1) :
    المقصد الرابع : في الامام الحق بعد رسول الله ، هو عندنا أبو بكر ، وعند الشيعة علي ... لنا وجهان ـ أي دليلان ـ الاول : إنّ طريقه ـ طريق الامام ـ وتعيين الامام إمّا النص أو الاجماع ... أمّا النص فلم يوجد (2) ، وأمّا الاجماع فلم يوجد على غير أبي بكر إتفاقاً من الاُمّة ... الاجماع منعقد على حقيّة إمامة أحد الثلاثة : أبي بكر وعلي والعباس [ أي الشبهة منحصرة ومحصورة بين هؤلاء
1 ـ شرح المواقف 8 / 354.
2 ـ فيعترف على عدم وجود نص على أبي بكر ، وإنْ كان يدّعي عدم وجود نص على علي ، لكن كلامنا الان في أبي بكر.


(12)
الثلاثة ] ثمّ إنّهما [ أي علي والعباس ] لم ينازعا أبا بكر ، ولو لم يكن على الحق [ أبو بكر ] لنازعاه.
    إذن يتم الدليل على إمامة أبي بكر عن طريق الاجماع ، ويعترف بعدم وجود النص.
    فالدليل الاول على إمامة أبي بكر هو الاجماع والنص مفقود.
    ويقول صاحب شرح المقاصد (1) في المبحث الثالث في طريق ثبوت الامامة :
    إنّ الطريق إمّا النص وإمّا الاختيار (2) ، والنص منتف في حقّ أبي بكر ، مع كونه إماماً بالاجماع.
    فظهر إلى الان أنْ لا نصّ على أبي بكر ، وأنّ الدليل هو الاجماع.
    يبقى طريق ثالث ، هم أيضاً يتعرضون لذلك الطريق ، وهو طريق الافضلية ، فكما بحثنا نحن يبحثون هم أيضاً عن الافضلية ، كما أشرنا بالامس ، عندما يبحثون عن الافضلية يختلفون في اشتراطها في الامام ، كما أشرنا من قبل ، فمن أنكر اعتبار الافضليّة
1 ـ شرح المقاصد 5 / 255.
2 ـ لاحظوا : شارح المواقف يقول : الاجماع ، شارح المقاصد يقول : الاختيار ، وفرقٌ بين الاجماع والاختيار ، وكلّ هذا سيتّضح في محلّه بالتفصيل.


(13)
فلا داعي له للاصرار على أفضلية أبي بكر ، كالفضل ابن روزبهان ، وقد أشرنا أمس ، وأمّا الذي يعتبر الافضلية في الامام ، فلابدّ وأن يصرّ على أفضليّة أبي بكر ، لانّه قائل بإمامة أبي بكر ، ومن هؤلاء القائلين بالافضليّة ابن تيميّة ، ولذا يصرّ على أفضليّة أبي بكر ، ويكذّب كلّما يستدلّ به الاماميّة على أفضليّة علي ( عليه السلام ).


(14)

(15)
    حينئذ نرجع إلى بحث الافضليّة في كتاب المواقف وشرح المواقف (1) يقول :
    المقصد الخامس : في أفضل الناس بعد رسول الله ، هو عندنا وأكثر قدماء المعتزلة أبو بكر ، وعند الشيعة وعند أكثر متأخّري المعتزلة علي.
    فيظهر إلى هنا : إنّ الدليل عندهم على إمامة أبي بكر : الاجماع والافضليّة ، بناء على اعتبار الافضليّة في الامام ، والنصّ عندهم مفقود.
    أمّا نحن ، فقد أقمنا الادلّة الثلاثة كلّها على إمامة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
1 ـ شرح المواقف 8 / 365.
ابطال ما استدلّ به لامامة أبي بكر ::: فهرس