|
|||
(16)
هم يقولون بعدم النصّ على أبي بكر ويعترفون بهذا ، فتبقى دعوى الافضليّة ، ثمّ دعوى الاجماع على إمامة أبي بكر.
فلننظر إلى أدلّتهم في الافضليّة : الدليل الاول : قوله تعالى ( وَسَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لاَِحَد عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَة تُجْزَى ) (1). يقول في شرح المواقف : قال أكثر المفسرين وقد اعتمد عليه العلماء : إنّها نزلت في أبي بكر ، فهو أتقى ، ومن هو أتقى فهو أكرم عند الله تعالى ، لقوله عزّوجلّ : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (2) ، فيكون أبو بكر هو الافضل عند الله سبحانه وتعالى. ولا ريب أنّ من كان الافضل والاكرم عند الله ، فهو المتعيّن للامامة والخلافة بعد رسول الله ، وهذا لا إشكال فيه ، من كان الاكرم والافضل عند الله فهو المتعيّن للامامة والخلافة بعد رسول الله ، فيكون أبو بكر هو الافضل ، الافضل من الاُمّة كلّها بعد رسول الله ، فهو المتعيّن للخلافة بعده ( صلى الله عليه وسلم ). 1 ـ سورة الليل : 17. 2 ـ سورة الحجرات : 13. (17)
الدليل الثاني :
قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : « إقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر ». فإنّ « اقتدوا » أمر ، والخطاب لعموم المسلمين ، وهذا الخطاب العام يشمل عليّاً ، فعلي أيضاً مأمور بالاقتداء بالشيخين ، فيجب على علي أنْ يكون مقتدياً بالشيخين ، والمقتدى هو الامام. وهذا حديث نبوي يروونه في كتبهم ، فحينئذ يكون دليلاً على إمامة أبي بكر ، وخلافة عمر فرع خلافة أبي بكر ، فإذا ثبتت خلافة أبي بكر ثبتت خلافة عمر ، وليس البحث الان في خلافة عمر بن الخطّاب. الدليل الثالث : إنّ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال لابي الدرداء : « والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على رجل أفضل من أبي بكر ». وهذا في الحقيقة يصلح أنْ يكون نصّاً على إمامة أبي بكر ، والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على رجل أفضل من أبي بكر ، فيكون أبو بكر أفضل من علي ، وتقديم المفضول على الفاضل أو تقديم الفاضل على الافضل قبيح ، فيكون (18)
أبو بكر هو المتعين للخلافة والامامة بعد رسول الله.
الدليل الرابع : قوله ( صلى الله عليه وسلم ) لابي بكر وعمر : « هما سيّدا كهول أهل الجنّة ما خلا النبيين والمرسلين ». ومن كان سيّد القوم ، ومن كان كبير القوم ، فهو الامام بينهم ، هو المقتدى بينهم ، هو المتّبع لهم ، وعلي أيضاً من الناس ، فيكون علي من جملة من عليه أن يتّبع الشيخين وهما سيّدا كهول أهل الجنّة. الدليل الخامس : قوله ( عليه السلام ) : « ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أنْ يتقدم عليه غيره ». إذن ، غير أبي بكر لا يجوز أنْ يتقدّم على أبي بكر ، وهذا يشمل عليّاً أيضاً ، فعلي لا يجوز له أنْ يتقدم على أبي بكر ، ولا يجوز لاحد أن يدّعي التقدم لعلي على أبي بكر ، لانّه سيخالف قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ). الدليل السادس : تقديمه ـ أي تقديم النبي أبا بكر ـ في الصلاة مع أنّها أفضل (19)
العبادات ، فأبو بكر صلّى في مكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في مرض النبي ، وكانت صلاته تلك على ما يروون بأمر من النبي ، والصلاة أفضل العبادات ، فإذا صلّى أحد في مكان النبي وأمّ المسلمين بأمر من النبي ، فيكون هذا الشخص صالحاً لانْ يكون إماماً للمسلمين بعد النبي.
الدليل السابع : قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : « خير أُمّتي أبو بكر ثمّ عمر ». وهذا أيضاً حديث يروونه في كتبهم. الدليل الثامن : قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : « لو كنت متّخذاً خليلاً دون ربي لاتّخذت أبا بكر خليلاً ». الدليل التاسع : قوله ( صلى الله عليه وسلم ) وقد ذكر عنده أبو بكر فقال رسول الله : « وأين مثل أبي بكر ، كذّبني الناس وصدّقني ، وآمن بي وزوّجني ابنته ، وجهّزني بماله ، وواساني بنفسه ، وجاهد معي ساعة الخوف ». (20)
الدليل العاشر :
قول علي ( عليه السلام ) : « خير الناس بعد النبيين أبو بكر ثمّ عمر ثمّ الله أعلم ». هذه هي عمدة أدلّتهم على أفضليّة أبي بكر ، تجدون هذه الادلّة في : كتب الفخر الرازي ، وفي الصواعق المحرقة ، وفي شرح المواقف ، وفي شرح المقاصد ، وفي عامة كتبهم من المتقدمين والمتأخرين ، وحتى المعتزلة ، أي المعتزلة أيضاً يشاركون الاشاعرة في الاستدلال بمثل هذه الادلّة على إمامة أبي بكر ، إلاّ المعتزلة المتأخّرين الذين لا يقولون بأفضليّة أبي بكر ، وإنّما يقولون بأفضليّة علي ، لكن المصلحة اقتضت أن يتقدّم أبو بكر على علي في الامامة. (21)
هذه عامّة أدلّتهم ، ولو سألتني عن أهمّ هذه الادلّة لذكرت لك : قضيّة الصلاة أوّلاً ، وحديث « إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » ، فهما أهم هذه الادلّة العشرة.
لكنّا نبحث عن كل هذه الادلّة واحداً واحداً ، على ضوء كتبهم ، وعلى أساس رواياتهم ، وأقوال علمائهم. الدليل الاول : قوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لاَِحَد عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَة تُجْزَى ) . هذه آية قرآنية ، وكما ذكرنا في مباحثنا حول الايات المستدل بها على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إنّ دلالة الاية على إمامة علي تتوقّف على ثبوت نزولها في علي وبدليل معتبر ، وإلاّ فالاية من (22)
القرآن ، وليس فيها اسم علي ولا اسم غير علي.
قوله تعالى : ( سَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى ) يتوقّف الاستدلال به على مقدمات ، حتّى تتمّ دلالة الاية على إمامة أبي بكر ... أوّلاً : الاستدلال بهذه الاية على إمامة أبي بكر يتوقّف على سقوط جميع الادلّة التي أقامها الامامية على عصمة علي ( عليه السلام ) ، وإلاّ فالمعصوم أكرم عند الله سبحانه وتعالى ممّن يؤتي ماله يتزكّى ، فإذن ، يتوقّف الاستدلال بهذه الاية على إمامة أبي بكر ـ لو كانت نازلةً فيه ـ على عدم تماميّة تلك الادلّة التي أقامها الامامية على عصمة علي ( عليه السلام ) ، وإلاّ فلو تمّ شيء من تلك الادلّة لكان علي أكرم عند الله سبحانه وتعالى ، وحينئذ يبطل هذا الاستدلال. وثانياً : يتوقف الاستدلال بهذه الاية المباركة لاكرميّة أبي بكر ، على أنْ لا يتمّ ما استدلّ به لافضليّة علي ( عليه السلام ) ، وإلاّ لتعارضا بناء على صحة هذا الاستدلال وحجيّة هذا الحديث الوارد في ذيل هذه الاية المباركة ، ويكون الدليلان حجّتين متعارضتين ، ويتساقطان ، فلا تبقى في الاية هذه دلالة على امامته. ولكنّ ممّا لا يحتاج إلى أدلّة إثبات هو : أنّ عليّاً ( عليه السلام ) لم يسجد لصنم قط ، وأبو بكر سجد ، ولذا يقولون ـ إذا ذكروا عليّاً ـ : كرّم الله وجهه ، وهذا يقتضي أن يكون علي أكرم عند الله سبحانه وتعالى. (23)
ثالثاً :
يتوقف الاستدلال بهذه الاية المباركة على نزول الاية في أبي بكر ، والحال أنّهم مختلفون في تفسير هذه الاية على ثلاثة أقوال : القول الاول : إنّ الاية عامّة للمؤمنين ولا اختصاص لها بأحد منهم. القول الثاني : إنّ الاية نازلة في قصّة أبي الدحداح وصاحب النخلة ، راجعوا الدر المنثور في التفسير بالمأثور (1) ، يذكر لكم هذه القصة في ذيل هذه الاية ، وإنّ الاية بناء على هذا القول نازلة بتلك القصة ولا علاقة لها بأبي بكر. القول الثالث : إنّ الاية نازلة في أبي بكر. فالقول بنزول الاية المباركة في أبي بكر أحد الاقوال الثلاثة عندهم. لكن هذا القول ـ أي القول بنزول الاية في أبي بكر ـ يتوقف على صحة سند الخبر به ، وإذا لم يتمّ الخبر الدال على نزول الاية في أبي بكر يبطل هذا القول. وإليكم المصدر الذي ذكر فيه خبر نزول الاية في أبي بكر 1 ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور 6 / 358. (24)
وتصريحه بضعف سند هذه الرواية :
الرواية يرويها الطبراني ، ويرويها عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ، ثمّ يقول : فيه ـ أي في سنده ـ مصعب بن ثابت ، وفيه ضعف (1). فالقول الثالث الذي هو أحد الاقوال في المسألة يستند إلى هذه الرواية ، والرواية ضعيفة. ومصعب بن ثابت هو حفيد عبدالله بن الزبير ، مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير ، وآل الزبير منحرفون عن أهل البيت كما هو مذكور في الكتب المفصلة المطولة ، ومصعب بن ثابت : ضعّفه يحيى بن معين ، ضعّفه أحمد بن حنبل ، ضعّفه أبو حاتم قال : لا يحتجّ به ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وهكذا قال غير هؤلاء (2). فكيف يستدل بالاية المباركة على أكرميّة أبي بكر وأفضليّته ، وفي المسألة ثلاثة أقوال ، والقول بنزولها في أبي بكر يستند إلى رواية ، وتلك الرواية ضعيفة ؟ مضافاً : إلى أنّ هذا الاستدلال موقوف على عدم تماميّة أدلّة الاماميّة على أفضليّة أمير المؤمنين وإمامته. 1 ـ مجمع الزوائد 9 / 50. 2 ـ تهذيب التهذيب 10 / 144. (25)
الدليل الثاني :
الحديث : « إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ». هذاالحديث من أحسن أدلّتهم على إمامة الشيخين ... ، يستدلون بهذا الحديث في كتب الكلام ، وفي كتب الاُصول أيضاً ، واستناداً إلى هذا الحديث يجعلون اتفاق الشيخين حجة ، ويعتبرون سنّة الشيخين إستناداً إلى هذا الحديث حجة ، فالحديث مهمّ جدّاً ، لاسيّما وأنّه في مسند أحمد بن حنبل (1) ، وأيضاً في صحيح الترمذي (2) ، وأيضاً في مستدرك الحاكم (3) ، فهو حديث موجود في كتب معتبرة مشهورة ، ويستدلّون به في بحوث مختلفة. ولكن بإمكانكم أن ترجعوا إلى أسانيد هذا الحديث ، وتدقّقوا النظر في حال تلك الاسانيد ، على ضوء أقوال علمائهم في الجرح والتعديل ، ولو فعلتم هذا ودقّقتم النظر وتتبعتم في الكتب ، لرأيتم جميع أسانيده ضعيفة ، وكبار علمائهم ينصّون على كثير من رجال هذا الحديث بالضعف ، ويجرحونهم بشتّى أنواع الجرح. 1 ـ مسند أحمد 5 / 382 ، 385. 2 ـ صحيح الترمذي 5 / 572. 3 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 75. (26)
لكنّكم لابدّ وأنْ تطلبون منّي أن أذكر لكم خلاصة ما يقولونه بالنسبة إلى هذا الحديث ، وأُقرّب لكم الطريق ولا تحتاجون إلى مراجعة الكتب ، فأقول :
قال المنّاوي في شرح هذا الحديث في فيض القدير في شرح الجامع الصغير (1) : أعلّه أبو حاتم [ أي قال : هذا الحديث عليل ]وقال البزّار كابن حزم لا يصح (2). فهؤلاء ثلاثة من أئمّتهم يردّون هذا الحديث : أبو حاتم ، أبو بكر البزّار ، وابن حزم الاندلسي. والترمذي حيث أورد هذا الحديث في كتابه بأحسن طرقه ، يضعّفه بصراحة ، فراجعوا كتاب الترمذي وهو موجود (3). وإذا ما رجعتم إلى كتاب الضعفاء الكبير لابي جعفر العُقيلي لرأيتموه يقول : منكر لا أصل له (4). وإذا رجعتم إلى ميزان الاعتدال يقول نقلاً عن أبي بكر 1 ـ وقد ذكرت لكم من قبل إنّنا في فهم الاحاديث والدقّة في أسانيدها لابدّ وأن نرجع إلى ماقيل في شرحها والكتب المؤلّفة في شروح الاحاديث ، من قبيل المرقاة وفيض القدير وشروح الشفاء للقاضي عياض ، وأمثال ذلك. 2 ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير 2 / 56. 3 ـ صحيح الترمذي 5 / 572. 4 ـ كتاب الضعفاء الكبير 4 / 95. (27)
النقّاش : وهذا الحديث واه (1).
ويقول الدارقطني ـ وهو أمير المؤمنين في الحديث عندهم في القرن الرابع الهجري ـ : هذا الحديث لا يثبت (2). وإذا رجعتم إلى كتاب العلاّمة العبري الفرغاني المتوفّى سنة 743هـ ، يقول في شرحه على منهاج البيضاوي : إنّ هذا الحديث موضوع (3). ولو رجعتم إلى ميزان الاعتدال لرأيتم الحافظ الذهبي يذكر هذا الحديث في مواضع عديدة من هذا الكتاب ، وهناك يردّ هذا الحديث ويكذّبه ويبطله ، فراجعوا (4). وإذا رجعتم إلى تلخيص المستدرك ترونه يتعقّب الحاكم ويقول : سنده واه جدّاً (5). وإذا رجعتم إلى مجمع الزوائد للهيثمي حيث يروي هذا الحديث عن طريق الطبراني يقول : وفيه من لم أعرفهم (6). 1 ـ ميزان الاعتدال 1 / 142. 2 ـ لسان الميزان 5 / 237. 3 ـ شرح المنهاج : مخطوط. 4 ـ ميزان الاعتدال 1/105 ، 141 و 43/610. 5 ـ تلخيص المستدرك ـ ط في ذيل المستدرك 3 / 75. 6 ـ مجمع الزوائد 9 / 53. (28)
وإذا رجعتم إلى لسان الميزان لابن حجر العسقلاني الحافظ شيخ الاسلام لرأيتم يذكر هذا الحديث في أكثر من موضع وينصّ على سقوط هذا الحديث ، فراجعوا لسان الميزان (1).
وإذا رجعتم إلى أحد أعلام القرن العاشر من الهجرة ، وهو شيخ الاسلام الهروي ، له كتاب الدر النضيد من مجموعة الحفيد ـ وهذا الكتاب مطبوع موجود ـ يقول : هذا الحديث موضوع (2). وابن درويش الحوت يورد هذا الحديث في كتابه أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب ، ويذكر الاقوال في ضعف هذا الحديث وسقوطه وبطلانه (3) (4). فهذا الحديث ـ إذن ـ لا يليق أنْ يُستدلّ به على مبحث الامامة ، سواء كان يستدل به الشيعة الامامية أو السنّة ، حتّى لو 1 ـ لسان الميزان 1/188 ، 272 و 5/237. 2 ـ الدر النضيد من مجموعة الحفيد : 97. 3 ـ أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب : 48. 4 ـ هذا ، وللحافظ ابن حزم الاندلسي في الاستدلال بهذا الحديث كلمة مهمة جدّاً ، إنّه يقول ما هذا نصّه : ولو أننا نستجيز التدليس والامر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً لاحتججنا بما روي : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » ، ولكنّه لم يصح ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح. الفصل في الملل والنحل 4 / 88. (29)
أردنا أن نستدلّ عليهم بمثل هذا الحديث لامامة علي ( عليه السلام ) ، وهو حديث تبطله هذه الكثرة من الائمّة ، فلا يمكن الاحتجاج به على القوم لاثبات الامامة أصلاً ، ولا يمكن الاستدلال به في مورد من الموارد.
ولذا نرى بعضهم لمّا يرى سقوط هذا الحديث سنداً ، ومن ناحية أُخرى يراه حديثاً مفيداً لاثبات إمامة أبي بكر دلالة ومعنىً ، يضطر إلى أن ينسبه إلى الشيخين والصحيحين كذباً. فالقاري ـ مثلاً ـ ينسب هذا الحديث في كتابه شرح الفقه الاكبر إلى صحيحي البخاري ومسلم ، وليس الحديث موجوداً في الصحيحين ، ممّا يدلّ على أنّهم يعترفون بسقوط هذا الحديث سنداً ، لكنّهم غافلون عن أنّ الناس سينظرون في كتبهم وسيراجعونها ، وسيحقّقون في المطالب التي يذكرونها. ثمّ كيف يأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالاقتداء بالشيخين ، مع أنّ الشيخين اختلفا في كثير من الموارد ، فبمن يقتدي المسلمون ؟ وكيف يأمر رسول الله بالاقتداء بالشيخين ، مع أنّ الصحابة خالفوا الشيخين في كثير ممّا قالا وفعلا ؟ وهل بإمكانهم أن يفسّقوا أولئك الصحابة الذين خالفوا الشيخين في أقوالهما وأفعالهما ، وتلك الموارد كثيرة جدّاً ؟! (30)
الدليل الثالث :
قول رسول الله لابي الدرداء : « ما طلعت شمس ولا غربت ... » إلى آخره. هذا الحديث ضعيف للغاية عندهم ، فقد رواه الطبراني في الاوسط بسند قال الهيثمي : فيه إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذّاب. وفيه أيضاً ـ أي في مجمع الزوائد بسند آخر يرويه عن الطبراني ويقول : فيه بقيّة ـ بقيّة بن الوليد ـ وهو مدلّس وهو ضعيف (1). وهو ساقط عند علماء الرجال. الدليل الرابع : « هما سيّدا كهول أهل الجنّة ». هذا الحديث يرويه البزّار ، ويرويه الطبراني ، كلاهما عن أبي سعيد. 1 ـ مجمع الزوائد 9 / 44. |
|||
|