|
|||
(31)
قال الهيثمي حيث رواه عنهما في مجمع الزوائد : فيه علي بن عابس وهو ضعيف.
ويرويه الهيثمي عن البزّار عن عبيدالله بن عمر ويقول في راويه عبد الرحمن بن ملك : هو متروك (1). وليس لهذا الحديث سند غير هذين السندين. الدليل الخامس : « ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أنْ يتقدّم عليه غيره ». ومن حسن الحظ أنّ الحافظ ابن الجوزي أورد هذا الحديث في كتاب الموضوعات وقال : هذا حديث موضوع على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) (2). وإذا كانت فتاوى ابن الجوزي معتبرة عند ابن تيميّة وأمثاله ، فليكنْ قوله وفتواه في هذا المورد أيضاً حجة. الدليل السادس : وأمّا صلاة أبي بكر ، وهي مسألة مهمة جدّاً لسببين : 1 ـ مجمع الزوائد 9 / 53. 2 ـ كتاب الموضوعات 1 / 318. (32)
السبب الاوّل :
إنّ خبر صلاة أبي بكر وارد في الصحيحين لا بسند بل أكثر ، ووارد في المسانيد والسنن ، وفي أكثر كتبهم المعتبرة المشهورة. وثانياً : الصلاة أفضل العبادات ، وإذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أرسل أبا بكر ليصلّي في مكانه في حال مرضه ودنوّ أجله ، فإنّه سيكون دليلاً على أنّه يريد أنْ يرشّحه للخلافة من بعده ، فيكون هذا الحديث ـ حديث صلاة أبي بكر في مكان رسول الله ـ من أحسن الادلّة على إمامة أبي بكر. ولو راجعتم الكتب لرأيتم اهتمامهم بهذا الحديث ، واستدلالهم بهذا الخبر على رأس جميع الادلّه وفي أوّل ما يحتجّون به لامامة أبي بكر. رووا هذا الحديث عن عدّة من الصحابة ، وعلى رأسهم عائشة بنت أبي بكر ، ولكنّك لو تأمّلت في الاسانيد لرأيت الصحابة يروون هذا الخبر مرسلاً ، أو يسمعون الخبر عن عائشة وتكون هي الواسطة في نقل هذا الخبر ، وحينئذ تنتهي جميع أسانيد هذا الخبر إلى عائشة ، وعائشة متّهمة في نقل مثل هذه القضايا لسببين : الاوّل : مخالفتها لعلي. الثاني : كونها بنت أبي بكر. (33)
ولكنْ بغضّ النظر عن هذه الناحية ، لو نظرنا إلى ملابسات هذه القضية والقرائن الداخلية في ألفاظ الخبر ، وأيضاً القرائن الخارجية التي لها علاقة بهذا الخبر ، لرأيتم أن إرسال أبي بكر إلى الصلاة كان بإيعاز من عائشة نفسها ، ولم يكن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
فمن جملة القرائن المهمة التي لها الاثر البالغ في فهم هذه القضية : قضية أمر رسول الله بخروج القوم مع أُسامة ، قضية بعث أُسامة ، وتأكيده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على هذا البعث إلى آخر لحظة من حياته المباركة. أمّا أنّ النبي كان يؤكّد على بعث أُسامة ، وإلى آخر لحظة من حياته ، فلم يخالف فيه أحد ، ولا خلاف فيه أبداً ، وهو مذكور في كتبنا وفي كتبهم ، فلا خلاف في هذا. وأمّا أنّ كبار الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر كانا في هذا البعث ، فهذا أيضاً ثابت بالكتب المعتبرة التي نقلت هذا الخبر ، فكيف يأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بخروج أبي بكر في بعث أُسامة ، ويؤكّد على خروجه إلى آخر لحظة من حياته ، ومع ذلك يأمر أبا بكر أنْ يصلّي في مكانه ؟ وهنا يضطرّ مثل ابن تيميّة لان ينكر وجود أبي بكر في بعث أُسامة ، ويقول هذا كذب ، لانّه يعلم بأنّ وجود أبي بكر في بعث (34)
أُسامة ، يعني كذب خبر إرسال أبي بكر إلى الصلاة ، ولكنّ مسألة الصلاة من أهمّ أدلّتهم على إمامة أبي بكر ، إذن ، لابدّ من الانكار والحال أنّ وجود أبي بكر في بعث اُسامة لا يقبل الانكار.
أنقل لكم عبارة واحدة فقط ، يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب فتح الباري بشرح البخاري : قد روى ذلك ـ أي كون أبي بكر في بعث أُسامة ـ الواقدي ، وابن سعد ، وابن إسحاق ، وابن الجوزي ، وابن عساكر ، وغيرهم (1). أي : وغيرهم من علماء المغازي والحديث. ولذا لمّا توفّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان أُسامة بجيشه في خارج المدينة ، ولذا لمّا ولّي أبو بكر اعترض أُسامة ولم يبايع أبا بكر قال : أنا أمير على أبي بكر وكيف أُبايعه ؟ ولذا لمّا سيّر أبو بكر أُسامة بما أمره رسول الله به استأذن منه إبقاء عمر في المدينة المنورة ، ليكون معه في تطبيق الخطط المدبرة. القرائن الداخلية والخارجية تقتضي كذب هذا الخبر ، أي خبر : أنّ النبي أرسل أبا بكر إلى الصلاة. ولكن لا نكتفي بهذا القدر ، ونضيف أنّ عليّاً ( عليه السلام ) كان يعتقد ، 1 ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاري 8 / 124. (35)
وكذا أهل البيت كانوا يعتقدون ، بأنّ خروج أبي بكر إلى الصلاة كان بأمر من عائشة لا من رسول الله.
قال ابن أبي الحديد : سألت الشيخ ـ أي شيخه وأُستاذه في كلام له في هذه القضية ـ أفتقول أنت أنّ عائشة عيّنت أباها للصلاة ورسول الله لم يعيّنه ؟ فقال : أمّا أنا فلا أقول ذلك ، لكن عليّاً كان يقوله ، وتكليفي غير تكليفه ، كان حاضراً ولم أكن حاضراً. ولا نكتفي بهذا القدر فنقول : سلّمنا بأنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الذي أمر أبا بكر بهذه الصلاة ، فكم من صحابي أمر رسول الله بأنْ يصلّي في مكانه في مسجده وفي محرابه ، ولم يدّع أحد ثبوت الامامة بتلك الصلاة لذلك الصحابي الذي صلّى في مكانه ( صلى الله عليه وآله وسلم ). لكنْ لكم أن تقولوا : بأنّ الصلاة في أُخريات حياته تختلف عن الصلاة في الاوقات السابقة ، هذه الصلاة بهذه الخصوصية حيث كانت في أواخر حياته فيها إشعار بالنصب ، بنصب أبي بكر للامامة من بعده ، لك أنْ تقول هذا ، كما قالوا. فاسمع لواقع القضية ، واستمع لما يأتي : إنّه لو كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الامر ، فقد ذكرت تلك الاخبار أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرج بنفسه الشريفة ـ معتمداً على رجلين (36)
ورجلاه تخطّان على الارض ـ ونحّى أبا بكر عن المحراب ، وصلّى تلك الصلاة بنفسه.
لكنّهم يعودون فيقولون : بأنّ صلاة أبي بكر كانت أيّاماً عديدة ، وهذا الذي وقع من رسول الله وقع مرّة واحدةً فقط. قلت : أوّلاً : لم تكن الصلاة أيّاماً ، بل هي صلاة واحدة ، وهي صلاة الصبح من يوم الاثنين ، فكانت صلاة واحدة. وثانياً : على فرض أنّه قد صلّى أيّاماً وصلوات عديدة ، ففعل رسول الله ذلك في آخر يوم من حياته ، وخروجه بهذا الشكل معتمداً على رجلين ورجلاه تخطّان على الارض ، دليل على أنّه عزله بعد أن نصبه لو صحّ هذا النصب. فلو سلّمنا أنّ الامر بهذه الصلاة هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لو سلّمنا هذا ، فرسول الله ملتفت إلى أنّهم سيستدلّون بهذه الصلاة على إمامته من بعده ، وفي هذا الفعل إشعار بالامامة والخلافة العامة من بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فخرج بهذا الشكل ليرفع هذا التوهّم وليزيل هذا الاشعار ، وهذا مذكور وموجود في نفس الروايات التي اشتملت في أوّلها على أنّ رسول الله هو الامر بهذه الصلاة بزعهم. (37)
وهنا نكات :
النكتة الاولى : قالت الروايات : إنّه خرج معتمداً على رجلين ، والراوي عائشة ـ كما ذكرنا ، الاخبار كلّها تنتهي إلى عائشة ـ خرج رسول الله معتمداً على رجلين ورجلاه تخطّان الارض ، وتنحّى أبو بكر عن المحراب ، وصلّى تلك الصلاة بنفسه الشريفة. وخروجه بهذه الصورة دليل على العزل لو كان هناك نصّ. وعائشة ذكرت أحد الرجلين اللذين اعتمد عليهما رسول الله لدى خروجه ، ولم تذكر اسم الرجل الثاني ، والرجل الثاني كان علي ( عليه السلام ) ، ممّا يدلّ على انزعاجها من هذا الفعل. يقول ابن عباس للراوي : أسمّتْ لك الرجل الثاني ؟ قال : لا ، قال : هو علي ، ولكنّها لا تطيب نفساً بأن تذكره بخير. النكتة الثانية : إنّه لمّا رأى بعض القوم أنّ خروج النبي بهذه الصورة وصلاته بنفسه وعزل أبي بكر سيهدم أساس استدلالهم بهذه الصّلاة على إمامة أبي بكر بعد رسول الله ، وضع حديثاً في أنّ رسول الله لم يعزل أبا بكر ، وإنّما جاء إلى الصلاة معتمداً على رجلين ، وصلّى خلف أبي بكر ، فثبتت القضية وقويت. وبعبارة أُخرى : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينصب أبا بكر عملاً ، مضافاً إلى إرساله إلى الصلاة لفظاً وقولاً ، إذ يأتي معتمداً على رجلين (38)
حينئذ ورجلاه تخّطان الارض ويصلّي خلف أبي بكر.
ومن الذي يمكنه حينئذ من أنْ يناقش في إمامة أبي بكر وكونه خليفة لرسول الله ، مع اقتداء رسول الله به في الصلاة ، ألا يكفي هذا لان يكون دليلاً على إمامة أبي بكر لما عدا رسول الله ؟ نعم ، وضعوا هذه الاحاديث الدالّة على أنّ رسول الله اقتدى بأبي بكر. لكن الشيخين لم يرويا هذا الحديث ، أي هذه القطعة من الحديث غير موجودة في الصحيحين ، الموجود في الصحيحين : إنّ رسول الله نحّاه أو تنحّى أو تأخّر أبو بكر ، وصلّى رسول الله بنفسه تلك الصلاة. أمّا هذا الحديث فموجود في مسند أحمد ، وهو حديث كذب قطعاً ، وكذّبه غير واحد من كبار الائمّة من حفّاظ أهل السنّة ، وحتّى أنّ بعضهم كالحافظ أبي الفرج ابن الجوزي ألّف رسالة خاصة في بطلان حديث اقتداء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأبي بكر ، وهل من المعقول أن يقتدي النبي بأحد أفراد أُمّته ، فيكون ذلك الفرد إماماً للنبي ، هذا غير معقول أصلاً. رسالة ابن الجوزي مطبوعة منذ عشرين سنة تقريباً لاوّل مرّة ، (39)
نشرتها أنا بتحقيق منّي والحمد لله (1).
النكتة الثالثة : إنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد أن خرج إلى الصلاة وصلّى بنفسه الشريفة ، ونحّى أبا بكر ، لم يكتف بهذا المقدار ، وإنّما جلس على المنبر بعد تلك الصلاة ، وخطب ، وذكر القرآن والعترة ، وأمر الناس باتّباعهما والاقتداء بهما ، فأكّد رسول الله بخطبته هذه ما دلّ عليه فعله ، أي حضوره للصلاة وعزله لابي بكر عن المحراب ، ثمّ أضاف في هذه الخطبة بعد الصلاة إنّ على جميع المسلمين أن يخرجوا مع أُسامة ، وأكّد على وجوب هذا البعث وعلى الاسراع فيه. وبعد هذا كلّه لا يبقى مجال للاستدلال بحديث تقديمه في الصلاة. الدليل السابع : قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « خير أُمّتي أبو بكر وعمر ». هذا الحديث بهذا المقدار ذكره القاضي الايجي وشارحه 1 ـ هذه الرّسالة ألّفها الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي ، المتوفى سنة 597 هـ ، ردّاً على معاصره الحافظ عبد المغيث الحنبلي ، ولذا أسماها بآفة أصحاب الحديث في الردّ على عبد المغيث ، طبعت لاوّل مرّة بتحقيقنا. (40)
وغيرهما أيضاً.
لكن الحديث ليس هكذا ، للحديث ذيل ، وهم أسقطوا هذا الذيل ليتمّ لهم الاستدلال ، فاسمعوا إلى الحديث كاملاً : عن عائشة ، قلت : يا رسول الله ، من خير الناس بعدك ؟ قال : « أبو بكر » ، قلت : ثمّ مَن ؟ قال : « عمر ». هذا المقدار الذي استدلّ به هؤلاء. لكن بالمجلس فاطمة سلام الله عليها ، قالت فاطمة : يا رسول الله ، لم تقل في علي شيئاً ! قال : « يا فاطمة ، علي نفسي ، فمن رأيتيه يقول في نفسه شيئاً ؟ ». فيستدلّون بصدر الحديث بقدر ما يتعلّق بالشيخين ، ويجعلونه دليلاً على إمامة الشيخين ، ويسقطون ذيله ، وكأنّهم لا يعلمون بأنّ هناك من يرجع إلى الحديث ويقرأه بلفظه الكامل ، ويعثر عليه في المصادر. لكن الحديث ـ مع ذلك ـ ضعيف سنداً ، فراجعوا كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاحاديث الشنيعة الموضوعة (1). 1 ـ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاحاديث الشنيعة الموضوعة 1 / 367. (41)
الدليل الثامن :
قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لو كنت متّخذاً خليلاً دون ربّي لاتّخذت أبا بكر ». ويكفي في الجواب عن هذا الحديث أن نقول : إذا كان رسول الله قال في حقّ أبي بكر : « لو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر » إذا كان قال هكذا في حقّ أبي بكر ، فقد جاءت الرواية عندهم في حقّ عثمان : إنّه اتّخذه خليلاً ! فبالنسبة إلى أبي بكر يقول « لو » أمّا في حقّ عثمان يقول : « اتّخذته خليلاً » ، يقول : « إنّ لكلّ نبيّ خليلاً من أُمّته ، وإنّ خليلي عثمان بن عفّان » فيكون عثمان أفضل من أبي بكر. وأنا أيضاً ـ كما ذكرت هذا مرّة في بعض الليالي الماضية اعتقادي على ضوء رواياتهم في مناقب المشايخ ـ أرى أنّ عثمان أفضل من أبي بكر وعمر ، لمناقبه الموجودة في كتبهم ، ومن جملتها هذا الحديث ، لكنه حديث باطل مثله (1). 1 ـ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاحاديث الشنيعة الموضوعة 1 / 392. (42)
الدليل التاسع :
قوله : وأين مثل أبي بكر فقد فعل كذا وكذا ، زوّجني واساني بنفسه كذا جهّزني بماله إلى آخره. وهذا الحديث : أمّا سنداً ، فقد أدرجه الحافظ السيوطي في كتابه اللالي المصنوعة بالاحاديث الموضوعة (1) ، وأيضاً أدرجه الحافظ ابن عرّاق صاحب كتاب تنزيه الشريعة (2) ، أدرجه في كتابه هذا المؤلف في خصوص الروايات الموضوعة. أمّا دلالة ، فإنّه يدلّ على أنّ أبا بكر كان يعطي من ماله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان يصرف من أمواله الشخصية على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان رسول الله بحاجة إلى مال أبي بكر وإنفاقه عليه ، وهذا من القضايا الكاذبة ، وقد وصل كذب هذا الخبر إلى حدٍّ التجأ مثل ابن تيميّة إلى التصريح عن كذبه ، مثل ابن تيميّة يصرّح بأنّ هذا غير صحيح (3) ورسول الله لم يكن محتاجاً إلى أموال أبي بكر. 1 ـ اللالي المصنوعة في الاحاديث الموضوعة 1 / 295. 2 ـ تنزيه الشريعة المرفوعة في الاحاديث الشنيعة الموضوعة 1 / 344. 3 ـ منهاج السنة 4 / 289. (43)
وهكذا يضع الواضعون الفضائل والمناقب المستلزمة بالطعن في رسول الله ، فإنفاق أبي بكر على رسول الله كذب ، وابن تيميّة ممّن يعترف بهذا.
فهذا الحديث كذب سنداً ودلالة. الدليل العاشر : ما رووه عن علي ( عليه السلام ) في فضل الشيخين ، منها الرواية التي ذكرها هؤلاء أنّه قال : خير الناس بعد النبيين أبو بكر ثمّ عمر ثمّ الله أعلم. ليس هذا اللفظ وحده ، لهم أحاديث أُخرى ، وألفاظ أُخرى أيضاً ينقلونها عن علي في فضل الشيخين ، لكن : أوّلاً : أبو بكر نفسه يعترف بأنّه لم يكن خير الناس ، ألم يقل : ولّيتكم ولست بخيركم؟ ، وهذا موجود في الطبقات لابن سعد (1) ، أو : أقيلوني فلست بخيركم ، كما في المصادر الكثيرة (2). وثانياً : ذكر صاحب الاستيعاب بترجمة أمير المؤمنين (3) 1 ـ الطبقات الكبرى 3 / 139. 2 ـ مجمع الزوائد 5 / 183 ، سيرة ابن هشام 2 / 661 ، تاريخ الخلفاء : 71. 3 ـ الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1090. (44)
سلام الله عليه ، وذكر ابن حزم في كتاب الفصل (1) ، وذكر غيرهما من كبار الحفّاظ : إنّ جماعة كبيرة من الصحابة كانوا يفضّلون عليّاً على أبي بكر.
فإذا كان علي بنفسه يعترف بأفضليّة الشيخين منه ، كيف كان أولئك يفضّلون عليّاً عليهما ؟ لقد ذكروا أسماء عدّة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي ، منهم أبو ذر ، وسلمان ، والمقداد ، وعمّار ، و ... ، وعلي يعترف بأفضليّة الشيخين منه !! هذه أخبار مكذوبة على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سلام الله عليه. إذن ، لم نجد دليلاً من أدلّة القوم سالماً عن الطعن والجرح والاشكال ، إمّا سنداً ودلالة ، وإمّا سنداً ، على ضوء كتبهم وعلى ضوء كلمات علمائهم. فتلك الاحاديث من الاحاديث الموضوعة التي لا أساس لها ، في اعترافهم ، لاسيّما حديث اقتدوا باللذين من بعدي. والمهم قضيّة الصلاة ، فصلاة أبي بكر في حياة رسول الله قد تشعر بإمامته بعده ، لكن رسول الله عزله عن المحراب وصلّى تلك الصلاة بنفسه ، إن صحّ خبر إرساله أبا بكر إلى الصلاة. 1 ـ الفصل في الملل والنحل 4 / 181. (45)
مضافاً إلى أنّ إمامة الشيخين يجب أن تبحث من ناحية أُخرى ، وهي : أنّ هناك موانع ، أنّ هناك قضايا تمنع من أن يكونا إمامين للمسلمين ، تلك القضايا كثيرة ومذكورة في الكتب ، ولم يكن من منهجنا التعرض لتلك القضايا.
|
|||
|