|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(391)
وصلى عليه ، ويقال : وضعه مع قتلى أهل بيته ( عليهم السلام ) (1).
ولله درّ الشيخ محمد رضا الخزاعي عليه الرحمة إذ يقول :
المجلس السابع من يوم عاشوراء
روى الصفار عليه الرحمة في بصائر الدرجات : عن أبي الجارود ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : لمّا حضر الحسين ( عليه السلام ) ما حضر دعا ابنته الكبرى فاطمة بنته ، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة ووصية باطنة ، وفي رواية : وكان علي بن الحسين مبطوناً لا يرون إلاَّ لما به (3) ، فقال : يا بنتي! ضعي هذا في أكابر ولدي.
وصايا الإمام الحسين ( عليه السلام ) لولده الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ووداعه للنساء 1 ـ مقتل الحسين ( عليه السلام ) ، المقرم : 273. 2 ـ رياض المدح والرثاء ، الشيخ حسين القديحي : 502. 3 ـ وفي إعلام الورى ، الطبرسي : 1/483 : وكان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) مريضاً لا يرون أنه يبقى بعده. (392)
فلمّا رجع علي بن الحسين ( عليه السلام ) دفعته إليه ، وهو عندنا ، قلت : ما ذاك الكتاب ؟ قال ( عليه السلام ) : ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا حتى تفنى (1).
وروي عن الفضيل بن يسار ، قال : قال لي أبو جعفر ( عليه السلام ) : لمَّا توجَّه الحسين ( عليه السلام ) إلى العراق ، دفع إلى أمِّ سلمة زوج النبيِّ ( صلى الله عليه وآله ) الوصيّة والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليكِ ، فلمَّا قُتل الحسين ( عليه السلام ) أتى عليُّ بن الحسين أمَّ سلمة فدفعت إليه كلَ شيء أعطاها الحسين ( عليه السلام ) (2). وروى أصحاب الحديث : أن الحسين ( عليه السلام ) أوصى إلى ابنه علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، وسلَّم إليه الاسم الأعظم ، ومواريث الأنبياء ، ونصَّ عليه بالإمامة من بعده ، وفي حديث آخر : أن الحسين ( عليه السلام ) في وقت قتاله بكربلاء أحضر علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، وكان عليلا ، فأوصى إليه بالاسم الأعظم ، ومواريث الأنبياء ( عليهم السلام ) ، وعرَّفه أنه قد دفع العلوم والمصاحف والسلاح إلى أمِّ سلمة ، وأمرها أن تدفع جميع ذلك إليه (3). وروى الراوندي عليه الرحمة : عن زين العابدين ( عليه السلام ) ، قال : ضمَّني والدي ( عليه السلام ) إلى صدره يوم قُتل والدماء تغلي ، وهو يقول : يا بنيَّ! احفظ عنّي دعاء علَّمتنيه فاطمة صلوات الله عليها ، وعلَّمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وعلَّمه جبرئيل في الحاجة والمهمِّ والغمِّ ، والنازلة إذا نزلت ، والأمر العظيم الفادح ، قال ادع : بحقِّ يس والقرآن الحكيم ، وبحقِّ طه والقرآن العظيم ، يا من يقدر على حوائج السائلين ، يا من يعلم ما في الضمير ، يا منفِّس عن المكروبين ، يا مفرِّج عن المغمومين ، يا راحم 1 ـ بصائر الدرجات ، الصفار : 184 ح 6 ، و168 ح 9. 2 ـ الغيبة ، الطوسي : 195 ـ 196 ح 159. 3 ـ إثبات الهداة ، الحر العاملي : 5 ح 9. (393)
الشيخ الكبير ، يا رازق الطفل الصغير ، يا من لا يحتاج إلى التفسير ، صلِّ على محمد وآل محمد ، وافعل بي كذا وكذا (1).
وروى الكليني عليه الرحمة عن أبي حمزة ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : لمَّا حضرت أبي علي بن الحسين ( عليهما السلام ) الوفاة ، ضمَّني إلى صدره وقال : يا بنيَّ! أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة ، وممَّا ذكر أن أباه أوصاه به : يا بنيَّ! اصبر على الحقِّ وإن كان مرّاً (2) وفي رواية أخرى أيضاً قال ( عليه السلام ) : قال : يا بنيّ! إيّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلاّ الله (3). وعن محمد بن مسلم ، قال : سألت الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) عن خاتم الحسين بن علي ( عليهما السلام ) إلى من صار ؟ وذكرت له أنّي سمعت أنّه أُخذ من إصبعه فيما أُخذ. قال ( عليه السلام ) : ليس كما قالوا ! إنّ الحسين ( عليه السلام ) أوصى إلى ابنه علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، وجعل خاتمه في إصبعه ، وفوَّض إليه أمره ، كما فعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وفعله أمير المؤمنين بالحسن ، وفعله الحسن بالحسين ( عليهم السلام ) ، ثمَّ صار ذلك الخاتم إلى أبي ( عليه السلام ) بعد أبيه ، ومنه صار إليَّ ، فهو عندي ، وإنّي لألبسه كل جمعة وأصلّي فيه ، قال محمد بن مسلم : فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي ، فلمَّا فرغ من الصلاة مدَّ إليَّ يده فرأيت خاتماً نقشه ( لا إله إلاَّ الله عدّة للقاء الله ) فقال : هذا خاتم جدّي أبي عبدالله الحسين بن علي ( عليه السلام ) (4). وجاء في كتاب الدمعة الساكبة في بعض الروايات : لمَّا ضاق الأمر بالحسين ( عليه السلام ) وقد بقي وحيداً فريداً ، التفت إلى خيم بني أبيه فرآها خاليةً منهم ، ثمَّ التفت إلى خيم بني عقيل فوجدها خاليةً منهم ، ثمَّ التفت إلى خيم أصحابه فلم ير 1 ـ مهج الدعوات ، الراوندي : 54 ح 137. 2 ـ الكافي الكليني : 2/91 ح 13. 3 ـ الكافي الكليني : 2/331 ح 5. 4 ـ الأمالي ، الصدوق : 207 ـ 208 ح 13. (394)
أحداً منهم ، فجعل يُكثر من قول : لا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
ثمّ ذهب إلى خيم النساء ، فجاء إلى خيمة ولده زين العابدين ( عليه السلام ) فرآه ملقى على نطع من الأديم ، فدخل عليه وعنده زينب تمرِّضه ، فلمَّا نظر إليه علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أراد النهوض فلم يتمكَّن من شدة المرض ، فقال لعمَّته : سنِّديني إلى صدرك فهذا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أقبل ، فجلست زينب خلفه وأسندته إلى صدرها ، فجعل الحسين ( عليه السلام ) يسأل ولده عن مرضه ، وهو يحمد الله تعالى ، ثمَّ قال : يا أبتاه! ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين ؟ فقال له الحسين ( عليه السلام ) : يا ولدي! قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، وقد شبَّ الحرب بيننا وبينهم ـ لعنهم الله ـ حتى فاضت الأرض بالدم منّا ومنهم. فقال علي ( عليه السلام ) : يا أبتاه! أين عمّي العباس ؟ فلمَّا سأل عن عمِّه اختنقت زينب بعبرتها ، وجعلت تنظر إلى أخيها كيف يجيبه; لأنه لم يخبره بشهادة عمِّه العباس خوفاً من أن يشتدَّ مرضُه. فقال ( عليه السلام ) : يا بني! إنَّ عمَّك قد قُتل ، وقطعوا يديه على شاطىء الفرات ، فبكى علي بن الحسين ( عليه السلام ) بكاء شديداً حتى غشي عليه ، فلمَّا أفاق من غشيته جعل يسأل عن كل واحد من عمومته والحسين ( عليه السلام ) يقول له : قُتل. فقال : وأين أخي علي ، وحبيب بن مظاهر ، ومسلم بن عوسجة ، وزهير بن القين ؟ فقال له : يا بنيّ! اعلم أنه ليس في الخيام رجل حيٌّ إلاَّ أنا وأنت ، وأمّا هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلُّهم صرعى على وجه الثرى. فبكى علي بن الحسين ( عليه السلام ) بكاءً شديداً ، ثمَّ قال لعمَّته زينب : يا عمّتاه! عليَّ بالسيف والعصا ، فقال له أبوه : وما تصنع بهما ؟ فقال : أمَّا العصا فأتوكَّأ عليها ، وأمَّا السيف فأذبُّ به بين يدي ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فإنّه لا خير في الحياة بعده ، فمنعه الحسين من ذلك ، وضمَّه إلى صدره ، وقال له : يا ولدي! أنت أطيب ذرّيّتي ، (395)
وأفضل عترتي ، وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال ، فإنهم غرباء مخذولون ، قد شملتهم الذلّة واليتم شماتة الأعداء ونوائب الزمان ، سكِّتهم إذا صرخوا ، وآنسهم إذا استوحشوا ، وسلِّ خواطرهم بليِّن الكلام ، فإنّهم ما بقي من رجالهم من يستأنسون به غيرك ، ولا أحد عندهم يشكون إليه حزنهم سواك ، دعهم يشمّوك وتشمّهم ، ويبكوا عليك وتبكي عليهم.
ثمَّ لزمه بيده ، وصاح بأعلى صوته : يا زينب! ويا أمَّ كلثوم! ويا سكينة! ويا رقيّة! ويا فاطمة! اسمعن كلامي ، واعلمن أنّ ابني هذا خليفتي عليكم ، وهو إمامٌ مفترضُ الطاعة ، ثمَّ قال له : يا ولدي! بلِّغ شيعتي عنّي السلام فقل لهم : إنّ أبي مات غريباً فاندبوه ، ومضى شهيداً فابكوه (1).
1 ـ الدمعة الساكبة : 4/351. 2 ـ مثير الأحزان ، الجواهري : 93. 3 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 45/46. (396)
ولله درُّ الشيخ سعيد العسيلي إذ يقول :
ولمَّا كان يوم عاشورا ، وبقي الحسين ( عليه السلام ) وحيداً فريداً ، وأراد أن يودِّع العيال ويمضي إلى القتال ، أقبلت إليه أمُّ المصائب ( عليها السلام ) وقالت له : أخي! اكشف لي عن صدرك وعن نحرك ، فكشف لها الحسين ( عليه السلام ) عن صدره ، فقبَّلته في صدره ، وشمَّته في نحره ، ثمَّ وجَّهت وجهها نحو المدينة صائحةً : يا أمَّاه! قد استُرجعت الوديعة ، وأُخذت الأمانة ، فتعجَّب الحسين ( عليه السلام ) من كلامها ، فقال لها : أخيَّة! وما هي الأمانة ؟ قالت : اعلم يا بن أُم ، لمَّا دنت الوفاة من أمِّنا فاطمة ( عليها السلام ) قرَّبتني إليها ، 1 ـ كربلاء ( ملحمة أدبية ) للشاعر سعيد العسيلي : 517 ـ 518. (397)
وشمَّتني في نحري ، وقبَّلتني في صدري ، وقالت لي : يا بينَّة! هذه وديعةٌ لي عندك فإذا رأيتِ أخاكِ الحسين ( عليه السلام ) فريداً شمِّيه في نحره ، وقبِّليه في صدره.
قال الراوي : فلمَّا سمع بذكر أمِّه بكى ( عليه السلام ) ، وسُمِعَ مناد ينادي بين السماء والأرض : واولداه واحسيناه (1). ولله درّ السيِّد حيدر الحلي عليه الرحمة إذ يقول :
روي في بعض المقاتل : لمَّا أراد الحسين ( عليه السلام ) أن يتقدَّم إلى القتال نظر يميناً وشمالا ، ونادى : ألا هل من يقدِّم لي جوادي ؟ فسمعت زينب ( عليها السلام ) فخرجت 1 ـ ثمرات الأعواد ، السيِّد علي بن الحسين الهاشمي : 1/31 و272. 2 ـ رياض المدح والرثاء ، الشيخ حسين القديحي : 93. (398)
وأخذت بعنان الجواد ، وأقبلت إليه وهي تقول : لمن تنادي ؟ وقد قرحت فؤادي ، وفي ذلك يقول بعض الشعراء :
1 ـ معالي السبطين ، الحائري : 2/27. (399)
فسكَّتهنَّ الحسين ( عليه السلام ) ، وحمل على القوم (1).
وفي رواية أنه ( عليه السلام ) قال : يا نور عيني! كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين ؟! ورحمة الله ونصرته لا تفارقكم في الدنيا ولا في الآخرة ، فاصبري على قضاء الله ولا تشكي ، فإنّ الدنيا فانية ، والآخرة باقية (2). وفي رواية أنه نادى ( عليه السلام ) : يا أمَّ كلثوم! ويا سكينة! ويا رقيّة! ويا عاتكة! ويا زينب!! يا أهل بيتي! عليكنَّ منّي السلام ، فلمَّا سمعن رفعن أصواتهن بالبكاء ، فضمَّ بنته سكينة إلى صدره ، وقبَّل ما بين عينيها ، ومسح دموعها ، وكان يحبُّها حبّاً شديداً ، ثم جعل يسكتها ويقول :
1 ـ المنتخب ، الطريحي : 440 ، الدمعة الساكبة : 4/336. 2 ـ ناسخ التواريخ : 2/360 ، أسرار الشهادة ، الدربندي : 423. 3 ـ شرح إحقاق الحق ، المرعشي : 11/633 ، ينابيع المودّة ، القندوزي : 3/79 ، مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 3/257. 4 ـ معالي السبطين ، الحائري : 2/26. (400)
ثيابي لئلا أُجرَّد ، فأُتي بتبّان ، فقال : لا ، ذاك لباس من ضربت عليه بالذلة فأخذ ( عليه السلام ) ثوباً خَلِقاً فخرَّقه وجعله تحت ثيابه ، فلما قُتل ( عليه السلام ) جرَّدوه منه.
ثم استدعى الحسين ( عليه السلام ) بسراويل من حبرة ففزرها ولبسها ، وإنما فزرها لئلا يُسلبها ، فلمَّا قتل ( عليه السلام ) سلبها أبجر بن كعب وتركه مجرَّداً ، فكانت يدا أبجر بعد ذلك ييبسان في الصيف كأنهما عودان ، ويترطَّبان في الشتاء فينضحان دماً وقيحاً إلى أن أهلكه الله تعالى (1). ثم إنه ( عليه السلام ) أمر عياله بالسكوت وودعهم ، وكانت عليه جبة خز دكناء ، وعمامة مورَّدة أرخى لها ذوابتين ، والتحف ببردة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتقلد بسيفه (2) قال الراوي : ثمَّ قام الحسين ( عليه السلام ) وركب فرسه ، وتقدَّم إلى القتال ، ووقف ( عليه السلام ) قبالة القوم وسيفه مصلت في يده ، آيساً من الحياة ، عازماً على الموت ، وهو يقول :
1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 45/54. 2 ـ مقتل الحسين ( عليه السلام ) ، المقرم : 271. (401)
ليودِّعه فإذا بسهم قد أقبل حتى وقع في لبَّة الصبيِّ فقتله ، فنزل عن فرسه وحفر للصبيّ بجفن سيفه ، ورَمّلهُ بدمه ودفنه ، ثمَّ وثب قائماً وهو يقول... إلى آخر الأبيات (1).
ثم إنّه ( عليه السلام ) دعا الناس إلى البراز ، فلم يزل يقتل كل من دنا منه من عيون الرجال ، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة.
قال السيِّد : ثمَّ إنَّ الحسين ( عليه السلام ) دعا الناس إلى البراز فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل مقتلة عظيمة وهو في ذلك يقول : 1 ـ الاحتجاج ، الطبرسي : 2/25. 2 ـ اللهوف ، ابن طاووس : 69 ـ 70 ، الإرشاد ، المفيد : 2/109 ـ 110. (402)
قال ابن شهر آشوب ومحمد بن أبي طالب : ولم يزل يقاتل حتى قتل ألف رجل وتسعمائة رجل وخمسين رجلا سوى المجروحين ، فقال عمر بن سعد لقومه : الويل لكم ، أتدرون لمن تقاتلون ؟ هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتّال العرب ، فاحملوا عليه من كل جانب ، وكانت الرماة أربعة آلاف ، فرموه بالسهام ، فحالوا بينه وبين رحله (2). قال محمد بن أبي طالب وصاحب المناقب والسيِّد عليهم الرحمة : فصاح بهم : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم ، وارجعوا إلى أحسابكم إذ كنتم أعراباً ، فناداه شمر فقال : ما تقول يا ابن فاطمة ؟ قال : أقول : أنا الذي أقاتلكم وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهنّ جناح ، فامنعوا عتاتكم عن التعرُّض لحرمي مادمت حيّاً ، فقال شمر : لك هذا ، ثمَّ صاح شمر : إليكم عن حرم الرجل ، فاقصدوه في نفسه ، فلعمري لهو كفوٌ كريم. قال : فقصده القوم وهو في ذلك يطلب شربة من ماء ، فكلَّما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم حتى أحلّوه عنه (3). 1 ـ اللهوف ، ابن طاووس : 70 ومثله في تاريخ الطبري : 4/345. 2 ـ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 4/110. 3 ـ اللهوف ، ابن طاووس : 71. (403)
1 ـ شعراء القطيف ، الشيخ علي المرهون : 1/14 ، رياض المدح والرثاء : 28. 2 ـ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 4/5. (404)
قالوا : ثمَّ رماه رجل من القوم ـ يكنّى أبا الحتوف الجعفي ـ بسهم ، فوقع السهم في جبهته ، فنزعه من جبهته فسالت الدماء على وجهه ولحيته ، فقال ( عليه السلام ) : اللهم إنّك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة ، اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحداً ، ولا تغفر لهم أبداً. ثمَّ حمل عليه كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلاَّ بعجه بسيفه فقتله ، والسهام تأخذه من كل ناحية ، وهو يتّقيها بنحره وصدره ، ويقول : يا أمَّة 1 ـ مثير الأحزان ، الجواهري : 115. 2 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصفهاني : 78. (405)
السوء! بئسما خلفتم محمداً في عترته ، أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله فتهابوا قتله ، بل يهون عليكم عند قتلكم إياي ، وأيم الله إني لأرجو أن يكرمني ربّي بالشهادة بهوانكم ، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.
قال : فصاح به الحصين بن مالك السكوني ، فقال : يا ابن فاطمة وبماذا ينتقم لك منّا ؟ قال : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبُّ عليكم العذاب الأليم ، ثم لم يزل يقاتل حتى أصابته جراحات عظيمة. وقال صاحب المناقب والسيِّد : حتّى أصابته اثنتان وسبعون جراحة (1) ، وقال ابن شهر آشوب : قال أبو مخنف : عن جعفر بن محمد بن علي ( عليهم السلام ) قال : وجدنا بالحسين ثلاثاً وثلاثين طعنة وأربعاً وثلاثين ضربة ، وقال الباقر ( عليه السلام ) : أصيب الحسين ( عليه السلام ) ووجد به ثلاث مائة وبضعة وعشرون طعنة برمح ، وضربة بسيف ، أورمية بسهم (2) ، وروي : ثلاثمائة وستون جراحة ، وقيل : ثلاث وثلاثون ضربة سوى السهام ، وقيل : ألف وتسعمائة جراحة ، وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ ، وروي أنها كانت كلها في مقدمه ( عليه السلام ) (3). قال ابن العرندس عليه الرحمة :
1 ـ اللهوف ، السيد ابن طاووس : 71. 2 ـ الأمالي ، الصدوق : 228 ح1. 3 ـ راجع : مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 3/258 و114. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|