المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: 376 ـ 390
(376)
ثمَّ أَبَاك ذَا النَّدَى عَلِيّا وَالْحَسَنَ الخيرَ الرَّضِي الْوَلِيّا ذَاكَ الّذي نَعْرِفُهُ وَصِيّا وَذَا الْجَنَاحَيْنِ الْفَتَى الكَمِيّا
وَأَسَدَ اللهِ الشهيدَ الحيّا
    ثمَّ حمل فقاتل حتى قُتل رحمه الله.
    ثمَّ خرج من بعده زهير بن القين رضي الله عنه  ، وهو يرتجز ويقول :
أَنَا زُهيرٌ وأنا ابنُ الْقَيْنِ إِنَّ حسيناً أَحَدُ السِّبْطَيْنِ ذَاكَ رَسُولُ اللهِ غَيْرَ المينِ أذُودُكُمْ بالسيفِ عَنْ حُسَيْنِ مِنْ عِتْرَةِ البَّرِ التقيِّ الزَّيْنِ أَضْرِبُكُمْ وَلاَ أَرَى من شَيْنِ
يَا ليت نفسي قُسِمَتْ قِسْمَيْنِ
    وقال محمد بن أبي طالب : فقاتل حتى قتل مائة وعشرين رجلا  ، فشدَّ عليه كُثير بن عبدالله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه  ، فقال الحسين ( عليه السلام ) حين صُرع زهير : لا يبعدك الله يا زهير! ولعن قاتلك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير.
    ثمَّ خرج سعيد بن عبدالله الحنفي وهو يرتجز :
اقْدِمْ حسينُ اليومَ تلقى أحمدا وَحَسَناً كالبدرِ وَافَى الأَسْعَدَا حَمْزَةَ لَيْثَ اللهِ يُدْعَى أَسَدَا وشيخَكَ الحبرَ عليّاً ذا النَّدَا وَعَمَّكَ القرمَ الهُمَامَ الأَرْشَدا وَذَا الجناحينِ تَبَوَّى مَقْعَدَا
في جَنَّةِ الفردوسِ يَعْلُو صُعُدَا
    قال : فلم يزل يقاتل حتى قُتل.
    ثمَّ برز حبيب بن مظاهر الأسدي وهو يقول :
أَنَا حبيبٌ وأبي مظهَّرُ وأنتُمُ عِنْدَ العديدِ أَكْثَرُ وأنتُمُ عِنْدَ الْوَفَاءِ أَغْدَرُ فَارِسُ هَيْجَاء وَحَرْب تَسْعَرُ ونحن أعلى حُجَّةً وَأَظْهَرُ ونحن أوفى منكُمُ وَأَصْبَرُ
حَقّاً وأنمى مِنْكُمُ وَأَعْذَرُ


(377)
    وقاتل قتالا شديداً  ، ثمَّ حمل عليه رجل من بني تميم فطعنه  ، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن نمير ـ لعنه الله ـ على رأسه بالسيف  ، فوقع  ، ونزل التميمي فاجتزَّ رأسه  ، فهدَّ مقتله الحسين ( عليه السلام )   ، فقال : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي. وقال محمد بن أبي طالب : فقتل اثنين وستين رجلا  ، فقتله الحصين بن نمير وعلَّق رأسه في عنق فرسه.
    قال الراوي : ثمَّ برز هلال بن نافع البجلي وهو يقول :
أَرْمِي بها مُعْلَمَةً أفواقُها مسمومةً تجري بها أَخْفَاقُها والنفسُ لاَ يَنْفَعُها إشْفَاقُها لََيمْلأَنَّ أَرْضَها رِشَاقُها
    فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه  ، ثمَّ ضرب يده إلى سيفه فاستلَّه  ، وجعل يقول :
أَنَا الْغُلاَمُ الَْيمَنِيُّ الْبَجَلِي إِنْ أُقْتَلِ اليومَ فَهَذَا أَمَلِي ديني على دينِ حُسين وعلي فَذَاكَ رَأْيي وَأُلاَقِي عَمَلِي
    فقتل ثلاثة عشر رجلا  ، فكسروا عضديه  ، وأخذ أسيراً  ، فقام إليه شمر فضرب عنقه.
    قال : ثمَّ خرج شابٌّ قُتل أبوه في المعركة  ، وكانت أمُّه معه  ، فقالت له أمُّه : اخرج ـ يا بنيَّ! ـ وقاتل بين يدي ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )  ، فخرج  ، فقال الحسين : هذا شابٌّ قُتل أبوه  ، ولعلَّ أمَّه تكره خروجه  ، فقال الشابُّ : أمّي أمرتني بذلك  ، فبرز وهو يقول :
أميري حسينٌ وَنِعْمَ الأميرْ عَلِيٌّ وفاطمةٌ وَالِدَاهُ له طَلْعَةٌ مِثْلُ شَمْسِ الضُّحَى سُرُورُ فُؤَادِ البشيرِ النذيرْ فَهَلْ تعلمون له مِنْ نَظِيرْ ؟ له غُرَّةٌ مِثْلُ بَدْر مُنِيرْ
    وقاتل حتى قُتل  ، وجُزَّ رأسه ورمي به إلى عسكر الحسين ( عليه السلام )   ، فحملت


(378)
أمُّه رأسه وقالت : أحسنت يا بنيّ! يا سرور قلبي! ويا قرَّة عيني! ثمَّ رمت برأس ابنها رجلا فقتلته  ، وأخذت عمود خيمته وحملت عليهم وهي تقول :
أنا عَجُوزٌ سيِّدي ضعيفه أضربُكُمْ بضربة عنيفه خَاويةٌ باليةٌ نحيفه دون بني فَاطِمَةَ الشريفه
    وضربت رجلين فقتلتهما  ، فأمر الحسين ( عليه السلام ) بصرفها ودعا لها.
    قال محمد بن أبي طالب : وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري معه شوذب مولى شاكر  ، وقال : يا شوذب! ما في نفسك أن تصنع ؟ قال : ما أصنع ؟ أُقاتل حتى أُقتل  ، قال : ذاك الظنُّ بك  ، فتقدَّم بين يدي أبي عبدالله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك  ، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه  ، فإنه لا عمل بعد اليوم وإنما هو الحساب.
    فتقدَّم فسلَّم على الحسين ( عليه السلام ) وقال : يا أبا عبدالله! أما والله ما أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعزُّ عليَّ ولا أحبُّ إليَّ منك  ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء  ، أعزَّ عليَّ من نفسي ودمي لفعلت  ، السلام عليك يا أبا عبدالله! أشهد أنّي على هُداك وهُدى أبيك  ، ثمَّ مضى بالسيف نحوهم.
    قال ربيع بن تميم : فلمَّا رأيته مقبلا عرفته  ، وقد كنت شاهدته في المغازي  ، وكان أشجع الناس  ، فقلت : أيُّها الناس! هذا أسد الأسود  ، هذا ابن أبي شبيب  ، لا يخرجنَّ إليه أحد منكم  ، فأخذ ينادي : ألا رجل ؟ ألا رجل ؟
    فقال عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة من كل جنب  ، فلمَّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره  ، ثم شدَّ على الناس  ، فوالله لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس  ، ثمّ إنّهم تعطَّفوا عليه من كل جانب  ، فقُتل  ، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة  ، هذا يقول : أنا قتلته  ، والآخر يقول كذلك  ، فقال عمر بن سعد : لا تختصموا  ، هذا لم يقتله إنسان واحد  ، حتى فرَّق بينهم بهذا القول.


(379)
    ثمَّ جاءه عبدالله وعبد الرحمن الغفّاريّان  ، فقالا : يا أبا عبدالله! السلام عليك  ، جئنا لنقُتل بين يديك  ، وندفع عنك  ، فقال : مرحباً بكما  ، ادنوا منّي  ، فدنوا منه وهما يبكيان  ، فقال : يا ابني أخي! ما يبكيكما ؟ فوالله إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعة قريري العين  ، فقالا : جعلنا الله فداك  ، والله ما على أنفسنا نبكي  ، ولكن نبكي عليك  ، نراك قد أُحيط بك ولا نقدر على أن ننفعك  ، فقال : جزاكما الله ـ يا ابني أخي ـ بوجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين  ، ثم استقدما وقالا : السلام عليك يا ابن رسول الله  ، فقال : وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته  ، فقاتلا حتى قتلا.
    قال : ثمَّ خرج غلام تركيٌّ كان للحسين ( عليه السلام )   ، وكان قارئاً للقرآن  ، فجعل يقاتل  ، فقتل جماعة  ، ثمَّ سقط صريعاً  ، فجاءه الحسين ( عليه السلام ) فبكى  ، ووضع خدَّه على خدِّه  ، ففتح عينه فرأى الحسين ( عليه السلام ) فتبسَّم  ، ثمَّ صار إلى ربِّه رضي الله عنه.
    قال : ثم رماهم يزيد بن زياد بن الشعثاء بثمانية أسهم  ، ما أخطأ منها بخمسة أسهم  ، وكان كلَّما رمى قال الحسين ( عليه السلام ) : اللهم سدِّد رميته واجعل ثوابه الجنَّة  ، فحملوا عليه فقتلوه.
    قال الراوي : وجاء رجل فقال : أين الحسين ؟ فقال : ها أنا ذا  ، قال : أبشر بالنار تردها الساعة  ، قال : بل أبشر بربٍّ رحيم  ، وشفيع مطاع  ، من أنت ؟ قال : أنا محمد بن الأشعث  ، قال : اللهم إن كان عبدك كاذباً فخذه إلى النار  ، واجعله اليوم آية لأصحابه  ، فما هو إلاَّ أن ثنى عنان فرسه فرمى به  ، وثبتت رجله في الركاب  ، فضربه حتى قطعه  ، ووقعت مذاكيره في الأرض  ، فوالله لقد عجبت من سرعة دعائه.
    ثمَّ جاء آخر فقال : أين الحسين ؟ فقال : ها أنا ذا  ، قال : أبشر بالنار  ، قال : أبشر بربٍّ رحيم  ، وشفيع مطاع  ، من أنت ؟ قال : أنا شمر بن ذي الجوشن  ، قال


(380)
الحسين ( عليه السلام ) : الله أكبر! قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : رأيت كأنّ كلباً أبقع يلغ في دماء أهل بيتي  ، وقال الحسين : رأيت كأنّ كلاباً تنهشني  ، وكأنّ فيها كلباً أبقع كان أشدَّهم عليَّ  ، وهو أنت  ، وكان أبرص.
    وعن الترمذي : قيل للصادق ( عليه السلام ) : كم تتأخَّر الرؤيا ؟ فذكر منام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فكان التأويل بعد ستين سنة.
    قال محمد بن أبي طالب وغيره : وكان يأتي الحسين ( عليه السلام ) الرجل بعد الرجل فيقول : السلام عليك يا ابن رسول الله  ، فيجيبه الحسين ويقول : وعليك السلام  ، ونحن خلفك  ، ثم يقرأ فـ « مِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ » حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم  ، ولم يبق مع الحسين ( عليه السلام ) إلاَّ أهل بيته (1).
    ولله در السيد رضا الهندي عليه الرحمة إذ يقول :
صالوا وجالوا وأدّوا حق سيدهم وعاد ريحانةُ المختار منفرداً يكرُّ فيهم بماضيه فيهزمُهم لو شئت يا علة التكوين محوَهمُ في موقف فيه عقَّ الوالدَ الولدُ بين العدى ما له حام ولا عضدُ وهم ثلاثون ألفاً وهو منفردُ ما كان يثبُتُ منهم في الوغى أحدُ (2)

    قال بعض الرواة كما في بحار الأنوار : ولمَّا قتل أصحاب الحسين ( عليه السلام ) ولم يبق إلاَّ أهل بيته ـ وهم ولد عليٍّ  ، وولد جعفر  ، وولد عقيل  ، وولد الحسن  ، وولده ( عليهم السلام ) ـ
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/20 ـ 32.
2 ـ رياض المدح والرثاء : 132.


(381)
اجتمعوا يودِّع بعضهم بعضاً  ، وعزموا على الحرب (1).
    وروى أبو الفرج في المقاتل عن جعفر بن محمد  ، عن أبيه ( عليهما السلام ) أنّ أوَّل قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي ( عليهما السلام ) (2).
    قالوا : ثمَّ تقدَّم عليُّ بن الحسين ( عليه السلام )   ، ورفع الحسين ( عليه السلام ) شيبته نحو السماء وقال : اللهم اشهد على هؤلاء القوم  ، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك  ، كنّا إذا اشتقنا إلى نبيِّك نظرنا إلى وجهه  ، اللهم امنعهم بركات الأرض  ، وفرِّقهم تفريقاً  ، ومزِّقهم تمزيقاً  ، واجعلهم طرائق قدداً  ، ولا تُرضِ الولاة عنهم أبداً  ، فإنّهم دعونا لينصرونا  ، ثم عدوا علينا يقاتلوننا.
    ثمَّ صاح الحسين ( عليه السلام ) بعمر بن سعد : ما لك ؟ قطع الله رحمك! ولا بارك الله لك في أمرك  ، وسلَّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك  ، كما قطعت رحمي  ، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، ثمَّ رفع الحسين ( عليه السلام ) صوته وتلا : « إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » (3) ثم حمل علي بن الحسين على القوم  ، وهو يقول :
أَنَا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ عَلِي واللهِ لا يَحْكُمُ فينا ابنُ الدَّعِي أَضْرِبُكُمْ بَالسَّيْفِ أَحْمِي عَنْ أَبِي من عُصْبَة جَدُّ أَبيهِمُ النبي أَطْعَنُكُمْ بالرُّمْحِ حَتَّى يَنْثَنِي ضَرْبَ غُلاَم هَاشِمِيٍّ عَلَوِي
    فلم يزل يقاتل حتى ضجَّ الناس من كثرة من قتل منهم  ، وروي أنه قتل على عطشه مائة وعشرين رجلا  ، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة  ، فقال : يا أبه! العطش قد قتلني  ، وثقل الحديد أجهدني  ، فهل إلى شربة من ماء سبيل  ،
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/32.
2 ـ مقاتل الطالبيين  ، الإصفهاني : 85.
3 ـ سورة آل عمران  ، الآية : 33 ـ 34.


(382)
أتقوَّى بها على الأعداء ؟ فبكى الحسين ( عليه السلام ) وقال : يا بنيَّ! يعزُّ على محمد وعلى علي ابن أبي طالب وعليَّ أن تدعوهم فلا يجيبوك  ، وتستغيث بهم فلا يغيثوك  ، يا بنيَّ! هاتِ لسانك  ، فأخذ بلسانه فمصَّه  ، ودفع إليه خاتمه وقال : أمسكه في فيك وارجع إلى قتال عدوِّك  ، فإني أرجو أنك لا تُـمسي حتى يسقيك جدُّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً. فرجع إلى القتال وهو يقول :
الحربُ قد بانت لها الحَقَائِقُ وَاللهِ رَبِّ الْعَرْشِ لاَ نُفَارِقُ وَظَهَرَتْ مِنْ بَعْدِهَا مَصَادِقُ جُمُوعَكم أَوْ تُغْمَدَ الْبَوَارِقُ
    فلم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين  ، ثمَّ ضربه منقذ بن مرّة العبدي على مفرق رأسه ضربة صرعته  ، وضربه الناس بأسيافهم  ، ثم اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء  ، فقطَّعوه بسيوفهم إرباً إرباً.
    فلمَّا بلغت الروح التراقي قال رافعاً صوته : يا أبتاه! هذا جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً  ، وهو يقول : العجل العجل! فإنّ لك كأساً مذخورة حتى تشربها الساعة  ، فصاح الحسين ( عليه السلام ) وقال : قتل الله قوماً قتلوك  ، ما أجرأهم على الرحمان وعلى رسوله  ، وعلى انتهاك حرمة الرسول  ، وعلى الدنيا بعدك العفا.
    قال حميد بن مسلم : فكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل والثبور  ، وتقول : يا حبيباه! يا ثمرة فؤاداه! يا نور عيناه! فسألت عنها فقيل : هي زينب بنت علي ( عليه السلام )   ، وجاءت وانكبَّت عليه  ، فجاء الحسين فأخذ بيدها فردَّها إلى الفسطاط  ، وأقبل ( عليه السلام ) بفتيانه وقال : احملوا أخاكم  ، فحملوه من مصرعه  ، فجاؤوا به حتى وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
    قال الراوي : وشدَّ عثمان بن خالد الهمداني على عبدالرحمان بن عقيل بن أبي


(383)
طالب فقتله (1).
    وبرز من أهل بيته عبدالله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب  ، قال محمد بن أبي طالب : فقاتل حتى قتل ثمانية وتسعين رجلا في ثلاث حملات  ، ثم قتله عمرو بن صبيح الصيداوي وأسد بن مالك.
    وقال أبو الفرج : عبدالله بن مسلم  ، أمُّه رقيَّة بنت علي بن أبي طالب ( عليه السلام )   ، قتله عمرو بن صبيح فيما ذكرناه عن المدائني وعن حميد بن مسلم  ، وذكر أن السهم أصابه وهو واضع يده على جبينه  ، فأثبته في راحته وجبهته  ، ومحمد بن مسلم بن عقيل  ، أمُّه أمُّ ولد قتله ـ فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) ـ أبوجرهم الأزدي ولقيط بن إياس الجهني (2).
    وقال محمد بن أبي طالب وغيره : ثمَّ خرج من بعده جعفر بن عقيل فقتل خمسة عشر فارساً  ، وقال ابن شهر آشوب : وقيل : قتل رجلين ثمَّ قتله بشر بن سوط الهمداني.
    وقالوا : ثمَّ خرج من بعده أخوه عبدالرحمان بن عقيل فقتل سبعة عشرة فارساً  ، ثمَّ قتله عثمان بن خالد الجهني.
    وقال أبو الفرج : وعبدالله بن عقيل بن أبي طالب  ، أمُّه أمُّ ولد  ، وقتله عثمان بن خالد بن أشيم الجهني وبشر بن حوط القابضي  ، وعبدالله الأكبر ابن عقيل  ، أمُّه أمُّ ولد  ، قتله ـ فيما ذكر المدائني ـ عثمان بن خالد الجهني ورجل من همدان.
    ثمَّ قال : ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب الأحول  ، وأمُّه أمُّ ولد  ، قتله لقيط بن ياسر الجهني رماه بسهم  ، وذكر محمد بن علي بن حمزة أنه قُتل معه جعفر بن محمد بن عقيل.
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/42 ـ 44.
2 ـ راجع : مقاتل الطالبيين  ، الإصفهاني : 66 ـ 67.


(384)
    وذكر أيضاً محمد بن علي بن حمزة أن علي بن عقيل ـ وأمُّه أمُّ ولد ـ قُتل يومئذ (1).
    ثمَّ قالوا : وخرج من بعده محمد بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قاتل حتى قتل عشرة أنفس  ، ثمَّ قتله عامر بن نهشل التميمي.
    ثمَّ خرج من بعده عون بن عبدالله بن جعفر وهو يقول :
إِنْ تُنْكِرُوني فَأَنَا ابنُ جَعْفَرِ يَطِيرُ فيها بِجَنَاح أَخْضَرِ شَهِيدِ صِدْق في الجِنَانِ أَزْهَرِ كَفَى بهذا شَرَفاً في الَمحْشَرِ
    ثمَّ قاتل حتى قتل من القوم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا  ، ثم قتله عبدالله ابن بطّة الطائي.
    قال أبو الفرج ـ بعد ذكر قتل محمد وعون ـ : وإن عوناً قتله عبدالله بن قطنة التيهاني  ، وعبيدالله بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب  ، ذكر يحيى بن الحسن ـ فيما أخبرني به أحمد بن سعيد عنه ـ أنه قتل مع الحسين ( عليه السلام ) بالطف (2).
    قالوا : ثمَّ تقدَّمت إخوة الحسين ( عليه السلام ) عازمين على أن يموتوا دونه  ، فأول من خرج منهم أبو بكر بن علي ( عليه السلام )   ، واسمه عبيدالله  ، وأمُّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي التميمية  ، فتقدَّم وهو يرتجز :
شَيْخِي عليٌّ ذوالفخارِ الأطولِ هذا حسينُ ابنُ النبيِّ المرسلِ مِنْ هاشِمِ الصِّدْقِ الكريمِ المفضلِ عنه نُحَامي بالحُسَامِ المصقلِ
تَفْدِيه نفسي من أخ مُبَجَّلِ
    فلم يزل يقاتل حتى قتله زحر بن بدر النخعي  ، وقيل : عبدالله بن عقبة الغنوي  ، وذكر أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) أن رجلا من همدان قتله.
1 ـ راجع : مقاتل الطالبيين  ، الإصفهاني : 65 ـ 67.
2 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/32 ـ 34.


(385)
    قالوا : ثمَّ برز من بعده أخوه عمر بن علي ( عليه السلام ) وحمل على زحر قاتل أخيه فقتله  ، واستقبل القوم وجعل يضرب بسيفه ضرباً منكراً  ، وهو يقول :
خَلُّوا عِدَاةَ اللهِ خَلُّوا عَنْ عُمَرْ يَضْرِبُكُمْ بسيفِهِ وَلاَ يفَرْ خَلُّوا عن الليثِ الْعَبُوسِ المُكْفَهِرْ وَلَيْسَ فيها كالجَبَانِ المُنْجَحِرْ
    فلم يزل يقاتل حتى قُتل.
    ثمَّ برز من بعده أخوه عثمان بن علي ( عليه السلام )   ، وأمُّه أمُّ البنين بنت حزام بن خالد من بني كلاب  ، وهو يقول :
إِنّي أنا عُثَْمانُ ذو المَفَاخِرِ وَإبنُ عَمٍّ للنبيِّ الطَّاهِرِ وَسيِّدُ الكِبَارِ وَالأَصَاغِرِ شيخي عليٌّ ذو الفِعَالِ الظاهرِ أخي حسينٌ خِيْرَةُ الأَخَايرِ بَعْدَ الرسولِ والوصيِّ النَّاصِرِ
    فرماه خولي بن يزيد الأصبحي على جبينه فسقط عن فرسه  ، وجزَّ رأسه رجل من بني أبان بن حازم.
    وروى أبو الفرج عن عبيدالله بن الحسن وعبدالله بن العباس  ، قالا : قُتل عثمان بن علي ( عليه السلام ) وهو ابن إحدى وعشرين سنة  ، وقال الضحاك بإسناده : إن خولي بن يزيد رمى عثمان بن علي ( عليه السلام ) بسهم فأسقطه  ، وشدَّ عليه رجل من بني أبان دارم وأخذ رأسه  ، وروي عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : إنّما سمَّيته باسم أخي عثمان بن مظعون (1).
    قالوا : ثمَّ برز من بعده أخوه جعفر بن علي ( عليه السلام )   ، وأمُّه أمُّ البنين أيضاً  ، وهو يقول :
إِنّي أَنَا جَعْفَرُ ذوالمَعَالي حَسْبي بعمِّي شَرَفاً وخالي إبنُ عليِّ الخيرِ ذوالنَّوَالِ أَحْمِي حسيناً ذي النَّدَى المِفْضَالِ
    ثمَّ قاتل فرماه خولي الأصبحي فأصاب شقيقته أو عينه.
1 ـ مقاتل الطالبيين  ، أبو الفرج الإصفهاني : 58.

(386)
    ثمَّ برز أخوه عبدالله بن علي ( عليه السلام ) وهو يقول :
أَنَا ابنُ ذي النَّجْدَةِ وَالإِفْضَالِ سيفُ رَسُولِ اللهِ ذوالنَّكَالِ ذَاكَ عليُّ الخيرُ ذو الفِعَالِ في كُلِّ قوم ظَاهِرُ الأهوالِ
    فقتله هانىء بن ثبيت الحضرمي.
    روى أبو الفرج عن عبيدالله بن الحسن وعبدالله بن العباس  ، قالا : قُتل عبدالله بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو ابن خمس وعشرين سنة  ، ولا عقب له  ، وقُتل جعفر بن علي ( عليه السلام ) وهو ابن تسع عشرة سنة.
    وعن ضحاك المشرقي قال : قال العباس بن علي ( عليه السلام ) لأخيه من أبيه وأمِّه عبدالله بن علي ( عليه السلام ) : تقدَّم بين يديَّ حتى أراك وأحتسبك  ، فإنه لا ولد لك  ، فتقدَّم بين يديه  ، وشدَّ عليه هانىء بن ثبيت الحضرمي فقتله.
    وروي أن العباس بن علي ( عليه السلام ) قدَّم أخاه جعفراً بين يديه  ، فشدَّ عليه هانىء بن ثبيت الذي قتل أخاه فقتله.
    وروى نصر بن مزاحم عن أبي جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) أن خولي بن يزيد الأصبحي قتل جعفر بن علي ( عليه السلام ).
    ثمَّ قال : ومحمد الأصغر ابن علي بن أبي طالب ( عليه السلام )   ، وأمُّه أمُّ ولد  ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أن رجلا من تميم من بني أبان بن دارم قتله (1).
    قال العلامة المجلسي عليه الرحمة : وفي بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأى وحدته ( عليه السلام ) أتى أخاه وقال : يا أخي هل من رخصة  ؟ فبكى الحسين ( عليه السلام ) بكاء شديدا ثم قال : يا أخي أنت صاحب لوائي وإذا مضيت تفرق عسكري ! فقال العباس : قد ضاق صدري وسئمت من الحياة وأريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين.
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/36 ـ 42.

(387)
    فقال الحسين ( عليه السلام ) : فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء  ، فذهب العباس ووعظهم وحذرهم فلم ينفعهم فرجع إلى أخيه فأخبره فسمع الأطفال ينادون : العطش العطش ! فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة  ، وقصد نحو الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات  ، ورموه بالنبال فكشفهم وقتل منهم على ما روي ثمانين رجلا حتى دخل الماء.
    فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء  ، ذكر عطش الحسين وأهل بيته  ، فرمى الماء وملأ القربة وحملها على كتفه الأيمن  ، وتوجه نحو الخيمة  ، فقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كل جانب  ، فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها  ، فحمل القربة على كتفه الأيسر فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند  ، فحمل القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها  ، ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره  ، فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين : أدركني  ، فلما أتاه رآه صريعا فبكى وحمله إلى الخيمة.
    قالوا : ولما قتل العباس قال الحسين ( عليه السلام ) : الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي (1).
    قال أبو الفرج ومحمد بن أبي طالب وغيرهما : ثمَّ خرج القاسم بن الحسن ( عليه السلام ) ـ وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم  ، فلمَّا نظر الحسين إليه قد برز اعتنقه  ، وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما  ، ثمَّ استأذن الحسين ( عليه السلام ) في المبارزة فأبى الحسين أن يأذن له  ، فلم يزل الغلام يُقبِّل يديه ورجليه حتى أذن له  ، فخرج ودموعه تسيل على خدّيه وهو يقول :
إِنْ تُنْكِرُوني فَأَنَا إِبْنُ الحَسَنْ هذا حسينٌ كالأسيرِ المُرْتَهَنْ سِبْطِ النبيِّ المصطفى والمؤتمنْ بينَ أُنَاس لاَ سُقُوا صَوْبَ الْمُزُنْ

1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/41 ـ 42.

(388)
    وكان وجهه كفلقة القمر  ، فقاتل قتالا شديداً حتى قتل على صغره خمسة وثلاثين رجل.
    قال حميد : كنت في عسكر ابن سعد  ، فكنت أنظر إلى هذا الغلام عليه قميص وإزار  ، ونعلان قد انقطع شسع أحدهما  ، ما أنسى أنه كان اليسرى  ، فقال عمرو بن سعد الأزدي : والله لأشدّنَّ عليه  ، فقلت : سبحان الله! وماتريد بذلك ؟ والله لو ضربني ما بسطت إليه يدي  ، يكفيه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه  ، قال : والله لأفعلنَّ  ، فشدَّ عليه فما ولَّى حتى ضرب رأسه بالسيف  ، ووقع الغلام لوجهه  ، ونادى : يا عمَّاه!
    قال : فجاء الحسين كالصقر المنقضِّ  ، فتخلَّل الصفوف  ، وشدَّ شدَّة الليث الحرب  ، فضرب عمراً قاتلَه بالسيف  ، فاتّقاه بيده  ، فأطنَّها من المرفق فصاح  ، ثمَّ تنحَّى عنه  ، وحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوا عمراً من الحسين  ، فاستقبلته بصدورها  ، وجرحته بحوافرها  ، ووطأته حتى مات  ، فانجلت الغبرة فإذا بالحسين قائم على رأس الغلام  ، وهو يفحص برجله  ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : يعزُّ ـ والله ـ على عمِّك أن تدعوه فلا يجيبك  ، أو يجيبك فلا يعينك  ، أو يعينك فلا يغني عنك  ، بعداً لقوم قتلوك.
    ثمَّ احتمله  ، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض  ، وقد وضع صدره على صدره  ، فقلت في نفسي : ما يصنع ؟ فجاء حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته  ، ثمَّ قال : اللهم أحصهم عدداً  ، واقتلهم بدداً  ، ولا تغادر منهم أحداً  ، ولا تغفر لهم أبداً  ، صبراً يا بني عمومتي  ، صبراً يا أهل بيتي  ، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً.
    قال : ثمَّ خرج عبدالله بن الحسن ( عليه السلام ) الذي ذكرناه أولا ـ وهو الأصح; أنه برز بعد القاسم ـ وهو يقول :


(389)
إِنْ تُنْكِرُوني فَأنَا ابنُ حَيْدَرَ ضرغامُ آجَام وَلَيْثٌ قَسْوَرَ
عَلَى الأعادي مِثْلُ ريح صَرْصَرَ
    فقتل أربعة عشر رجلا  ، ثم قتله هانىء بن ثبيت الحضرمي فاسودَّ وجهه.
    قال أبو الفرج : كان أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) يذكر أن حرملة بن كاهل الأسدي قتله.
    ثمَّ قال : وأبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام )   ، وأمُّه أمُّ ولد  ، وفي حديث عمرو بن شمر  ، عن جابر  ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أن عقبة الغنوي قتله (1).
    قالوا : وخرج غلامٌ وبيده عمود من تلك الأبنية  ، وفي أذنيه درّتان  ، وهو مذعور  ، فجعل يلتفت يميمناً وشمالا  ، وقرطاه يتذبذبان  ، فحمل عليه هانىء بن ثبيت فقتله  ، فصارت شهربانو تنظر إليه ولا تتكلَّم كالمدهوشة.
    ثمَّ التفت الحسين ( عليه السلام ) عن يمينه فلم ير أحداً من الرجال  ، والتفت عن يساره فلم ير أحداً  ، فخرج علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام )   ، وكان مريضاً لا يقدر أن يقلَّ سيفه  ، وأمُّ كلثوم تنادي خلفه : يا بنيَّ! ارجع  ، فقال : يا عمَّتاه! ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله  ، فقال الحسين : يا أمَّ كلثوم! خذيه لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) (2).

    قال الراوي : ولمَّا فُجع الحسين ( عليه السلام ) بأهل بيته وولده  ، ولم يبق غيره وغير
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/34 ـ 36.
2 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/32 ـ 46.


(390)
النساء والذراري نادى : هل من ذابٍّ يذبُّ عن حُرم رسول الله ؟ هل من موحِّد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟ وارتفعت أصوات النساء بالعويل  ، فتقدَّم ( عليه السلام ) إلى باب الخيمة  ، فقال : ناولوني عليّاً ابني الطفل حتى أودِّعه  ، فناولوه الصبيَّ.
    وقال الشيخ المفيد عليه الرحمة : دعا ابنه عبدالله  ، قالوا : فجعل يقبِّله وهو يقول : ويل لهؤلاء القوم إذا كان جدُّك محمد المصطفى خصمهم  ، والصبيُّ في حجره  ، إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه في حجر الحسين ( عليه السلام )   ، فتلقَّى الحسين دمه حتى امتلأت كفُّه  ، ثمَّ رمى به إلى السماء.
    وقال السيِّد عليه الرحمة : ثمَّ قال : هوَّن عليَّ ما نزل بي أنه بعين الله  ، قال الباقر ( عليه السلام ) : فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض.
    قالوا : ثمَّ قال ( عليه السلام ) : لا يكون أهون عليك من فصيل  ، اللهم إن كنت حبست عنّا النصر فاجعل ذلك لما هو خير لنا.
    وقال أبو الفرج : عبدالله بن الحسين ( عليه السلام )   ، وأمُّه الرباب بنت امرىء القيس قال : وحدَّثني محمد بن الحسين الأشناني بإسناده عمَّن شهد الحسين ( عليه السلام )   ، قال : كان معه ابن له صغير  ، فجاء سهم فوقع في نحره  ، قال : فجعل الحسين يمسح الدم من نحر لبّته فيرمي به إلى السماء فما يرجع منه شيء  ، ويقول : اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح (1).
    وفي بعض الروايات الشريفة قال ( عليه السلام ) : اللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم )  ، وسمع ( عليه السلام ) قائلا يقول : دعه يا حسين فإن له مُرضِعاً في الجنة  ، ثم نزل ( عليه السلام ) عن فرسه  ، وحفر له بجفن سيفه ودفنه مرملا بدمه

1 ـ مقاتل الطالبيين  ، الإصفهاني : 59 ـ 60.
المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: فهرس