المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: 676 ـ 690
(676)
ورضعت من ثدي الإيمان  ، وفطمت بالإسلام  ، فطبت حيّاً وطبت ميّتاً  ، غير أن قلوب المؤمنين غير طيِّبة بفراقك  ، ولا شاكَّة في حياتك  ، فعليك سلام الله ورضوانه  ، وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.
    ثمَّ جال ببصره حول القبر وقال : السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلَّت بفناء الحسين ( عليه السلام ) وأناخت برحله  ، أشهد أنكم أقمتم الصلاة  ، وآتيتم الزكاة  ، وأمرتم بالمعروف  ، ونهيتم عن المنكر  ، وجاهدتم الملحدين  ، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين  ، والذي بعث محمداً بالحقّ  ، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
    قال عطية : فقلت لجابر : فكيف ولم نهبط وادياً  ، ولم نعلُ جبلا  ، ولم نضرب بسيف  ، والقوم قد فرِّق بين رؤوسهم وأبدانهم  ، وأوتمت أولادهم  ، وأرملت الأزواج ؟! فقال لي : يا عطيَّة! سمعت حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : من أحبَّ قوماً حُشر معهم  ، ومن أحبَّ عمل قوم أُشرك في عملهم  ، والذي بعث محمداً ( صلى الله عليه وآله ) بالحقّ  ، إن نيّتي ونيَّة أصحابي على ما مضى عليه الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه (1).
    قال عطية : فبينما نحن كذلك وإذا بسواد قد طلع من ناحية الشام  ، فقلت : يا جابر! هذا سواد قد طلع من ناحية الشام  ، فقال جابر لعبده : انطلق إلى هذا السواد وأتنا بخبره  ، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ  ، وإن كان زين العابدين فأنت حرٌّ لوجه الله تعالى.
    قال : فمضى العبد  ، فما كان بأسرع من أن رجع وهو يقول : يا جابر! قم واستقبل حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، هذا زين العابدين ( عليه السلام ) قد جاء بعمَّاته وأخواته  ، فقام جابر يمشي  ، حافي الأقدام  ، مكشوف الرأس  ، إلى أن دنا من زين العابدين ( عليه السلام ) فقال الإمام : أنت جابر ؟ فقال : نعم يا ابن رسول الله  ، فقال : يا جابر!
1 ـ بشارة المصطفى  ، الطبري : 125 ـ 126 ح 72.

(677)
ههنا والله قتلت رجالنا  ، وذبحت أطفالنا  ، وسبيت نساؤنا  ، وحرقت خيامنا (1).
    وفي بعض الأخبار قال الراوي : فتلاقوا في وقت واحد  ، وأخذوا بالبكاء والنحيب واللطم  ، وأقاموا العزاء  ، واجتمع إليهم نساء أهل السواد  ، فخرجت زينب في الجمع  ، وأهوت إلى جيبها فشقَّته  ، ونادت بصوت حزين يقرح القلوب : وا أخاه  ، وا حسيناه  ، وا حبيب رسول الله  ، وا ابن مكة  ، ومنى  ، وا ابن فاطمة الزهراء  ، وا ابن علي المرتضى  ، آه آه  ، ثمَّ آه  ، ووقعت مغشيّاً عليها  ، فاجتمعن النساء إليها  ، ورششن الماء عليها حتى أفاقت  ، وكأني بها تنادي بلسان الحال :
يَا نَازِلينَ بكربلا هَلْ عِنْدَكُمْ مَا حَالُ جُثَّةِ ميِّت في أَرْضِكُمْ باللهِ هَلْ وَارَيتُمُوها في الثَّرَى خَبَرٌ بقَتْلاَنا وَمَا أَعْلاَمُها بَقِيَتْ ثلاثاً لاَ يُزَارُ مُقَامُها وَهَل استقرَّت في اللُّحُودِ رِمَامُها
    وكأنّي بقائل يقول في جوابها ( عليها السلام ) :
مَا غَسَّلُوه وَلاَ لَفُّوه في كَفَن عَار تَجُولُ عليه الخيلُ عاديةً يومَ الطفوفِ وَلاَ مَدُّوا عليه رِدَا حَاكَتْ له الريحُ ضَافِي مِئْزَر وَرِدَا
    فأقاموا هناك ثلاثة أيام  ، ملازمين لإقامة المآتم  ، وإجراء الدموع السواجم  ، ثمَّ بعد ذلك أمر علي بن الحسين ( عليه السلام ) بشدِّ الرحال فشدُّوها  ، فصاحت سكينة بالنساء لتوديع قبر أبيها  ، فدرن حول القبر  ، فحضنت سكينة قبر أبيها  ، وبكت بكاء شديداً وحنَّت  ، وأنشأت تقول :
أَلاَ يَا كربلا نُوْدِعكِ جسماً أَلاَ يَا كربلا نُوْدِعك رُوْحَاً بلا كَفَن وَلاَ غُسْل دَفِينا لأحْمَدَ والوصيِّ مَعَ الأمينا
    وانكبَّت ـ أيضاً ـ فاطمة ابنة الحسين ( عليه السلام ) على قبر أبيها  ، وبكت بكاء شديداً حتى غشي عليها.
1 ـ لواعج الأشجان  ، السيد محسن الأمين : 238 ـ 242.

(678)
أَحُسَينُ بَعْدَكَ لاَ هَنَا هَا نَحْنُ بَعْدَكَ يَا غَرِ وَعَلَى الشَّدَائِدِ يَا شَهِـ عيشٌ ولاَ لَذَّتْ مَشَارِبْ يبَ الدَّارِ أمسينا غَرَائِبْ يدَ الطفِّ شَدَّينا العصائب (1)
    وروي : قيل لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) : دع النساء تتزود من أهلها  ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا قوم إنكم لا ترون ما أرى  ، إنّي أخشى على عمتي زينب أن تموت  ، إنّها تقوم من قبر إلى قبر.
    ولما قيل لزينب ( عليها السلام ) : قومي  ، قالت : إلى أين  ؟ قالوا : إلى المدينة  ، قالت : ومن ذا بقي لي في المدينة (2).
لا والدٌ لي ولا عمٌ الوذُ به أخي ذبيح ورحلي قد أُبيح وبي ولا أخٌ لي بقي أرجوه ذُو رحمي ضاق الفسيح وأطفالي بغير حمي

    مما روي من الأحاديث في فضل زيارة سيد الشهداء الحسين بن علي ( عليه السلام ) ما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : إن موسى بن عمران سأل ربَّه عزَّ وجلَّ زيارة قبر الحسين بن علي  ، فزاره في سبعين ألف من الملائكة (3). وروي عن الإمام علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام )   ، قال : سُئل جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) عن زيارة قبر الحسين ( عليه السلام )   ، فقال : أخبرني أبي أن من زار قبر الحسين ( عليه السلام ) عارفاً بحقّه كتبه الله في
1 ـ وفيات الأئمة ( عليهم السلام ) ، مجموعة من علماء البحرين والقطيف : 167 ـ 168  ، معالي السبطين  ، الحائري : 197 ـ 198 بتفاوت.
2 ـ مجمع المصائب  ، الهنداوي : 2/167.
3 ـ الفردوس بمأثور الخطاب  ، الديلمي : 1/227 ح 870.


(679)
علّيّين  ، وقال : إن حول قبر الحسين ( عليه السلام ) سبعين ألف ملك  ، شعثاً غبراً  ، يبكون عليه إلى يوم القيامة (1).
    وقال دعبل الخزاعي يحثُّ على زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) :
زُرْ خَيْرَ قَبْر بالعراقِ يُزَارُ لِمَ لا أَزُورُكَ يَا حُسَينُ لَكَ الفِدَا ولك المودَّةُ في قُلُوبِ ذوي النُّهَى يا ابنَ الشهيدِ وَيَا شهيداً عمُّهُ عَجَباً لمصقول أَصَابَكَ حَدُّهُ وَاعْصِ الحِمَارَ فَمَنْ نَهَاكَ حِمَارُ قومي وَمَنْ عَطَفَتْ عليه نزارُ وعلى عَدُوِّكَ مَقْتَةٌ وَدَمَارُ خيرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرُ الطيَّارُ في الْوَجْهِ منك وقد عَلاَكَ غُبَارُ (2)
    وقال حسام الدولة أبو الشوك  ، فارس بن محمد  ، عليه الرحمة في زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) :
يَا زائراً أَرْضَ العراقِ مُسَدَّداً بَلِّغْ أميرَ المؤمنين تَحِيَّتي وَزُرِ الحسينَ بكربلاءَ وَقُلْ له ضَامُوكَ وانتهكوا حَريمَكَ عُنْوَةً ولو انّني شَاهَدْتُ نَصْرَك أوَّلا منِّي السلامُ عليكَ يابنَ المصطفى وَعَلى أبيكَ وَجَدِّك الُْمختَارِ و سَلِّم سَلِمْتَ على الإمام السيِّدِ واذْكُرْ له حُبّي وَصِدْقَ تَوَدُّدي يَابنَ الوَصِيِّ وَيَا سُلاَلَةَ أحمدِ وَرَمَوك بالأَمْرِ الفظيعِ الأَنْكَدِ رَوَّيْتُ منهم ذابلي ومُهَنَّدِي أَبَداً يروحُ مَعَ الزَّمَانِ وَيَغْتدي الثَّاوينَ مِنْهُمْ في بَقِيعِ الْغَرْقَدِ (3)
    قال شيخنا البهائي عليه الرحمة في الكشكول : روي أن الحسين ( عليه السلام ) اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم  ، وتصدَّق بها
1 ـ ذخائر العقبى  ، محب الدين الطبري : 151  ، بحار الأنوار  ، المجلسي : 98/69 ح 1.
2 ـ مقتل الحسين ( عليه السلام )   ، الخوارزمي : 2/114.
3 ـ دمية القصر وعصرة أهل العصر  ، الباخرزي : 1/385 ـ 386.


(680)
عليهم  ، وشرط أن يُرشدوا إلى قبره  ، ويُضيِّفوا من زاره ثلاثة أيام.
    وروى محمد بن أحمد بن داوود القمي عن مولانا الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : حرم الحسين ( عليه السلام ) الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال  ، فهو حلال لولده ومواليه  ، حرام على غيرهم ممن خالفهم  ، وفيه البركة  ، وذكر السيِّد الجليل السيّد رضي الدين ابن طاووس : أنها إنّما صارت حلالا بعد الصدقة لأنهم لم يفوا بالشرط. قال : وقد روى محمد بن داود عدم وفائهم بالشرط في باب نوادر الزيارات (1).
    وروى هارون بن خارجة  ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : وكَّل الله بقبر الحسين ( عليه السلام ) أربعة آلاف ملك شعث غبر  ، يبكونه إلى يوم القيامة  ، فمن زاره عارفاً بحقّه شيَّعوه حتى يبلغوه مأمنه  ، وإن مرض عادوه غدوة وعشيَّة  ، وإن مات شهدوا جنازته  ، واستغفروا له إلى يوم القيامة (2).
    ومما جاء في فضل زيارة الحسين ( عليه السلام ) أيضاً ما رواه ابن قولويه عليه الرحمة  ، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : يا حسين! من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي ( عليه السلام ) إن كان ماشياً كتب له بكل خطوة حسنة  ، ومحي عنه سيئة  ، حتى إذا صار في الحَير كتبه الله من المفلحين المنجحين  ، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين  ، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرئك السلام  ، ويقول لك : استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى.
    وروي عن عبدالله بن الطمحان  ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سمعته وهو يقول : ما من أحد يوم القيامة إلاَّ وهو يتمنَّى أنه من زوَّار الحسين بن علي ( عليه السلام ) ; لما
1 ـ مستدرك الوسائل  ، النوري : 10/321 ح 6 و7.
2 ـ الكافي  ، الكليني : 4/581 ح 6.


(681)
يرى مما يُصنع بزوَّار الحسين من كرامتهم على الله (1).
    ولله درّ الشاعر إذ يقول :
إذا شِئْتَ النَّجَاةَ فَزُرْ حُسَيناً فَإِنَّ النَّارَ ليس تَمَسُّ جِسْماً لكي تَلْقَى الإلهَ قَرِيْرَ عَينِ عليه غُبَارُ زُوَّارِ الْحُسَينِ
    وروى ابن قولويه عليه الرحمة  ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : كان الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ذات يوم في حجر النبي ( صلى الله عليه وآله ) يلاعبه ويضاحكه  ، فقالت عائشة : يا رسول الله  ، ما أشدَّ إعجابك بهذا الصبي! فقال لها : ويلك! وكيف لا أحبُّه ولا أعجب به  ، وهو ثمرة فؤادي وقرَّة عيني ؟! أما إنَّ أمَّتي ستقتله  ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حَجَّة من حججي  ، قالت : يا رسول الله  ، حجَّة من حججك ؟! قال : نعم  ، وحجَّتين من حججي  ، قالت : يا رسول الله  ، حجّتين من حججك ؟! قال : نعم  ، وأربعاً  ، قال : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجَّة من حجج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأعمارها (2).
    وعن زيد الشحام قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : ما لمن زار الحسين ( عليه السلام ) ؟ قال : كمن زار الله في عرشه  ، قال : قلت : فما لمن زار أحداً منكم ؟ قال : كمن زار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (3)   ، وعن محمد بن مسلم  ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين ( عليه السلام )   ، فإن إتيانه يزيد في الرزق  ، ويمدُّ في العمر  ، ويدفع مدافع السوء  ، وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقرُّ للحسين بالإمامة من الله.
    وعن منصور بن حازم قال : سمعناه يقول : من أتى عليه حول لم يأتِ قبر الحسين ( عليه السلام ) أنقص الله من عمره حولا  ، ولو قلت : إن أحدكم ليموت قبل أجله
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 89/72.
2 ـ كامل الزيارات  ، ابن قولويه : 144 ح 1.
3 ـ كامل الزيارات  ، ابن قولويه : 283 ح 4.


(682)
بثلاثين سنة لكنت صادقاً  ، وذلك لأنكم تتركون زيارة الحسين ( عليه السلام )   ، فلا تَدعوا زيارته يمدّ الله في أعماركم  ، ويزيد في أرزاقكم  ، وإذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم وأرزاقكم  ، فتنافسوا في زيارته  ، ولا تدعوا ذلك  ، فإن الحسين شاهد لكم في ذلك عند الله وعند رسوله  ، وعند أمير المؤمنين وعند فاطمة ( عليهم السلام ) (1).
    ومما جاء في فضل زيارة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أيضاً ما رواه ابن قولويه عليه الرحمة عن معاوية بن وهب  ، قال : استأذنت على أبي عبدالله ( عليه السلام ) فقيل لي : ادخل  ، فدخلت  ، فوجدته في مصلاه في بيته  ، فجلست حتى قضى صلاته  ، فسمعته وهو يناجي ربه وهو يقول : اللهم يا من خصنا بالكرامة  ، ووعدنا بالشفاعة  ، وخصنا بالوصية  ، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي  ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا  ، اغفر لي ولإخواني  ، وزوار قبر أبي عبدالله الحسين  ، الذين أنفقوا أموالهم  ، وأشخصوا أبدانهم  ، رغبة في برنا  ، ورجاء لما عندك في صلتنا  ، وسروراً أدخلوه على نبيك  ، وإجابةً منهم لإمرنا  ، وغيظاً أدخلوه على عدونا  ، أرادوا بذلك رضوانك  ، فكافهم عنا بالرضوان  ، واكلأهم بالليل والنهار  ، واخلُف على آهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف  ، واصحبهم  ، واكفهم شرّ كل جبار عنيد  ، وكل ضعيف من خلقك وشديد  ، وشر شياطين الإنس والجن  ، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم  ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.
    اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم  ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافا منهم على من خالفنا  ، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس  ، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة أبي عبدالله الحسين ( عليه السلام )   ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا  ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا  ، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا  ، اللهم إني أستودعك تلك الأبدان وتلك
1 ـ كامل الزيارات  ، ابن قولويه : 284 ـ 285  ، ح 1 و2.

(683)
الأنفس  ، حتى توافيهم من الحوض يوم العطش إلى أن قال ( عليه السلام ) : يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض (1).
    ولله درّ الشيخ محمد علي اليعقوبي عليه الرحمة إذ يقول :
يا من بأرض الطفوفِ مشهده ويا أبا التسعة الأولى كَرُمت أمّت حِماك الوفودُ زائرةً تطوف فيه الملوكُ خاضعةً كالركن بين الحجيج يُستلمُ منها السجايا وطابت الشيمُ لا نصب عاقها ولا سأمُ له وأهلُ السما به خَدمُ (2)
    وأول من زار قبر الحسين ( عليه السلام ) هو جابر بن عبدالله الأنصاري ( رضي الله عنه ) ، فالتقى في وقت واحد هو والإمام زين العابدين ( عليه السلام ) مع عمَّاته وأخواته  ، فأخذوا بالبكاء والنحيب واللطم  ، وأقاموا العزاء  ، واجتمع إليهم نساء أهل السواد  ، فخرجت زينب في الجمع  ، وأهوت إلى جيبها فشقَّته  ، ونادت بصوت حزين يُقرح القلوب : وا أخاه  ، وا حسيناه  ، ولله درَّ الحجّة الشيخ علي الجشي عليه الرحمة إذ يقول :
وَلَمْ أنسَ لَمَّا عُدْنَ ثكلى فَوَاقِداً وَمَا شَاقَها للطفِّ إلاَّ مَضَاجِعٌ وَقَدْ عَرَّجَتْ تَنْحُو مَصَارِعَ قَومِها فلمَّا بَدَتْ أَعْلامُ عَرْصَةِ كَرْبلا وَطُفْنَ بهاتيك الْقُبُورِ بِرَنَّة ولم تَسْتَطِعْ تُبدي السَّلامَ من البُكَا وَلَمْ تَسْأَلِ النُّزَّالَ إلاَّ شَجَىً فَقَدْ تَهَاوَتْ على تلك القُبُورِ كأنَّها فَحَنَّ لها نَحْوَ الطفوفِ ضميرُ لِفِتْيَتِها حَلَّت بها وَقُبُورُ تُجَدِّدُ عَهْداً عِنْدَهَا وتزورُ عَلَتْ رَنَّةٌ منها وَدَامَ زفيرُ طَوَافَ حجيج والقلوبُ تفورُ فَرَاحَتْ إليها بالسَّلاَمِ تُشيرُ هَدَى زَائِرِيها لِلْمَزُورِ عبيرُ طُيُورٌ تَهَاوَتْ نَالَهُنَّ هجيرُ

1 ـ كامل الزيارات : ابن قولويه : 228 ـ 229 ح 2.
2 ـ الشيخ اليعقوبي دراسة نقدية في شعره  ، للدكتور عبد الصاحب الموسوي : 346.


(684)
فراحت تَشَمُّ التُّرْبَ شَوْقاً وقد هَمَتْ أَحِبَّتَنا قَدْ حَالَت التُّرْبُ بَيْنَنا أَحِبَّتَنا كيفَ اللُّحُودُ تَضُمُّكُمْ أَحِبَّتَنا لو يُرْجِعُ الميِّتَ الْبُكَا لها أَعْيُنٌ مِنْهُنَّ فَاضَ غَدِيرُ وَلَمْ يَخْلُ منكم خَاطِرٌ وضميرُ مَتَى غِبْنَ في بَطْنِ اللُّحُودِ بُدُورُ لَسَالَتْ مِنَ الْقَلْبِ المُذَابِ بُحُورُ (74)

    جاء في الزيارة الناحية ( عليه السلام ) للإمام الحجة ( عليه السلام ) : السلام على الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته  ، السلام على من أطاع الله في سره وعلانيته  ، السلام على من جُعل الشفاء في تربته  ، السلام على من الإجابة تحت قبته  ، السلام على من الأئمة من ذريته (1).
    جاء في الآمالي للشيخ الصدوق عليه الرحمة عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر و جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يقولان : إن الله تعالى عوض الحسين ( عليه السلام ) من قتله أن جعل الإمامة في ذريته  ، والشفاء في تربته  ، وإجابة الدعاء عند قبره  ، ولا تُعد أيام زائريه جائياً وراجعاً.
    قال محمد بن مسلم : فقلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : هذه الخلال تُنال بالحسين ( عليه السلام ) فما له في نفسه  ؟ قال : إن الله تعالى ألحقه بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) فكان معه في درجته ومنزلته ثم تلا أبو عبدالله ( عليه السلام ) « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَان أَلْحَقْنَا
1 ـ ديوان العلامة الجشي : 151 ـ 152.
2 ـ المزار  ، المشهدي : 497.


(685)
بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » الآية (1).
    وروي عن أبي بكار قال : أخذت من التربة التي عند رأس الحسين بن علي ( عليه السلام ) طينا أحمر فدخلت على الرضا ( عليه السلام ) فعرضتها عليه فأخذها في كفه ثم شمها ثم بكى حتى جرت دموعه ثم قال : هذه تربة جدي.
    وروي عن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : طين قبر الحسين ( عليه السلام ) شفاء من كل داء وأمان من كل خوف وهو لما أخذ له (2).
    وروى مؤلف المزار الكبير بإسناده  ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أبيه  ، عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : إن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات  ، وكانت ( عليها السلام ) تديرها بيدها تكبر وتسبح حتى قتل حمزة بن عبد المطلب فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس  ، فلما قتل الحسين صلوات الله عليه عدل بالأمر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية.
    وقال أيضاً في المزار الكبير  ، وروي أن الحور العين إذا أبصرن بواحد من الأملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما يستهدين منه السبح والتربة من طين قبر الحسين ( عليه السلام ) (3).
    وروى معاوية بن عمار قال : كان لأبي عبدالله ( عليه السلام ) خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله ( عليه السلام ) فكان إذا حضرت الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه  ، ثم قال ( عليه السلام ) : السجود على تربة الحسين ( عليه السلام ) يخرق الحجب السبع (4).
    وقال بعض الشعراء :
1 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 89/69 ح 2.
2 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 98/131.
3 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 98/133 ـ 134.
4 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 98/135 ـ 136.


(686)
به تدرك المرضى بتربتك الشفا ويغدو مجابا تحت قبتك الدعا
    وقال آخر عليه الرحمة :
مولى بتربته الشفاء وتحت قبته فيه الإمام أبو الأئمة والذي الدعاء من كل داع يسمع هو للنبوة والإمامة مجمع
    ولله در ابن العرندس عليه الرحمة إذ يقول :
حبي بثلاث ما أحاط بمثلها له تربة فيها الشفاء وقبة وذرية ذرية منه تسعة أيقتل ظمآنا حسين بكربلا ووالده الساقي على الحوض في غد ولي فمن زيد هناك ومن عمرو  ؟ يجاب بها الداعي إذا مسه الضر أئمة حق لا ثمان ولا عشر وفي كل عضو من أنامله بحر  ؟ وفاطمة ماء الفرات لها مهر (1)

    روي عن الإمام الرضا  ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : كأني بالقصور وقد شيدت حول قبر الحسين ( عليه السلام ) وكأني بالأسواق قد حفت حول قبره فلا تذهب الأيام والليالي حتى يُسار إليه من الآفاق  ، وذلك عند انقطاع ملك بني مروان (2).
    ولله در الحجة الشيخ فرج العمران عليه الرحمة إذ يقول :
1 ـ الغدير  ، الأميني : 7/15.
2 ـ بحار الأنوار  ، المجلسي : 98/114 ح 36.


(687)
قبةٌ كان زينة العرش فيها كان فيها الحسينُ ربُ المعالي هو من كانت الأئمة منه فعليه ربُ السماوات صلى بل هو العرشُ لا الذي في سماها وارثُ العلم مِن لدن أنبياها وهم سادةُ الورى شُفعاها صلاةً لا منتهى لمداها (1).
    وروى ابن قولويه عليه الرحمة : عن قدامة بن زائدة  ، عن أبيه عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) : في حديث له عن زيارة الحسين ( عليه السلام ) قال : أبشر  ، ثم أبشر  ، ثم أبشر  ، فلأخبرنك بخبر كان عندي في النخب المخزون إنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا وقتل أبي ( عليه السلام ) وقتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله وحملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يراد بنا الكوفة  ، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا فيعظم ذلك في صدري  ، ويشتد لما أرى منهم قلقي فكادت نفسي تخرج  ، وتبينت ذلك مني عمتي زينب بنت علي الكبرى ( عليها السلام ) فقالت : مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي  ؟ فقلت : وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي  ، وأهلي مضرجين بدمائهم  ، مرملين بالعراء  ، مسلبين لا يُكفنون ولا يُوارون  ، لا يعرج عليهم أحد  ، ولا يقربهم بشر  ، كأنهم أهل بيت من الديلم والخزر.
    فقالت : لا يجزعنك ماترى فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى جدك وأبيك وعمك  ، ولقد أخذ الله ميثاق أُناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنةُ هذه الأرض  ، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها  ، وهذه الجسوم المضرجة  ، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء  ، لا يَدرس أثرُه  ، ولا يعفو رسمُه على كرور الليالي والأيام  ، وليجتهدَنَّ أئمةُ الكفرِ وأشياعُ الضلالة في محوه وتطميسه  ، فلا يزدادُ أثرُه إلا ظهوراً  ، وأمرُه إلا
1 ـ شعراء القطيف  ، الشيخ علي المرهون : 2/29.

(688)
علواً (1).
    فمن الثوابت التأريخية التي لا تُنكر اعتداء المتوكِّل العباسي الناصبي (2) الجاحد لحقّ أهل البيت ( عليهم السلام ) على قبر سيِّد الشهداء الإمام الحسين ( عليه السلام )   ، فعمد أولا إلى منع الناس من زيارة قبره الشريف  ، ومعاقبة كل من يزوره بالقتل  ، ومع ذلك وجدهم مصرّين على تعاهد زيارته  ، ولثم تربته الطاهرة  ، ولكنه وجدهم يتفانون في إتيان قبره الشريف  ، حتى ولو كلَّفهم ذلك أنفسهم  ، ولمَّا رأى أن الناس لا ينتهون عن نهيه  ، ولا يكترثون به عمد إلى هدم القبر الشريف  ، ولم يكتف بذلك حتى عمد إلى حرثه وتخريبه  ، وقلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرقه  ، وأجرى الماء عليه  ، فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق  ، وعمد إلى ذلك كله كي يضيِّع معالمه على زوَّاره ومحبّيه  ، وليمحو ذكره  ، لكن أنَّى له ذلك  ، وإذا تمكَّن من تخريب القبر الشريف وهدمه فأنّى له أن يزيل محبَّته من قلوب شيعته ونفوس محبّيه ؟
    قال المسعودي : وكان آل أبي طالب قبل خلافة المنتصر في محنة عظيمة  ، وخوف على دمائهم  ، وقد منعوا زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) والغري من أرض الكوفة  ، وكذلك منع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد  ، وكان الأمر بذلك من المتوكِّل سنة ست وثلاثين ومائتين  ، وفيها أمر المعروف بالديزج بالسير إلى قبر الحسين بن علي ( عليه السلام ) وهدمه  ، ومحو أرضه وإزالة أثره  ، وأن يعاقب من وجد به  ، فبذل الرغائب لمن تقدَّم على هذا القبر  ، فكلٌّ خشي العقوبة  ، وأحجم  ، فتناول الديزج مسحاة وهدم أعالي قبر الحسين ( عليه السلام )   ، فحينئذ أقدم الفعلة فيه  ، وإنهم انتهوا إلى الحفرة وموضع اللحد فلم يروا فيه أثر رمّة ولا غيرها  ، ولم تزل الأمور
1 ـ كامل الزيارات  ، ابن قولويه : 445 ح 1  ، بحار الأنوار  ، المجلسي : 45/179 ـ 180 ح 30 و 28/57 ح 23.
2 ـ قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : 12/18 : وكان المتوكل فيه نصب.


(689)
على ما ذكرنا إلى أن استخلف المنتصر (1).
    وروى أبو الفرج الأصفهاني في ذكر أيام المتوكل  ، ومن ظهر فيها فقتل أو حبس من آل أبي طالب ( عليه السلام )   ، قال : وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب  ، غليظاً على جماعتهم  ، مهتمّاً بأمورهم  ، شديد الغيظ والحقد عليهم  ، وسوء الظن والتهمة لهم  ، واتفق له أن عبيدالله بن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأي فيهم  ، فحسَّن له القبيح في معاملتهم  ، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله  ، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين ( عليه السلام ) وعفَّى آثاره  ، ووضع على سائر الطرق مسالح له  ، لا يجدون أحداً زاره إلاَّ أتوه به فقتله  ، أو أنهكه عقوبة.
    قال : وبعث برجل من أصحابه يقال له : الديزج ـ وكان يهودياً فأسلم ـ إلى قبر الحسين ( عليه السلام )   ، وأمره بكرب قبره ومحوه  ، وإخراب كل ما حوله  ، فمضى إلى ذلك وخرَّب ما حوله  ، وهدم البناء  ، وكرب ما حوله نحو مائتي جريب  ، فلمَّا بلغ إلى قبره لم يتقدَّم إليه أحد  ، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه  ، وأجرى الماء حوله  ، ووكَّل به مسالح  ، بين كل مسلحتين ميل  ، لا يزوره زائر إلاَّ أخذوه ووجَّهوا به إليه.
    قال : فحدَّثني محمد بن الحسين الإشناني  ، قال : بَعُد عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً  ، ثمَّ عملت على المخاطرة بنفسي فيها  ، وساعدني رجل من العطَّارين على ذلك  ، فخرجنا زائرين  ، نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية  ، وخرجنا منها نصف الليل  ، فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا  ، فجعلنا نشمُّه ونتحَّرى جهته حتى أتيناه  ، وقد قُلع الصندوق الذي كان حواليه وأُحرق  ، وأُجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق  ، فزرناه وأكببنا عليه  ، فشممنا منه رائحة ما شممت
1 ـ مروج الذهب  ، المسعودي : 4/51.

(690)
مثلها قط كشيء من الطيب  ، فقلت للعطّار الذي كان معي : أيُّ رائحة هذه ؟ فقال : لا والله  ، ما شممت مثلها كشيء من العطر  ، فودَّعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدّة مواضع  ، فلمَّا قُتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر  ، فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه.
    واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي  ، فمنع آل أبي طالب من التعرّض لمسألة الناس  ، ومنع الناس من البرّ بهم  ، وكان لا يبلغه أن أحداً أبرَّ أحداً منهم بشيء وإن قلَّ إلاَّ أنهكه عقوبة  ، وأثقله غرماً  ، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويّات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة  ، ثمَّ يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر  ، إلى أن قُتل المتوكِّل  ، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم  ، ووجَّه بمال فرَّقه فيهم  ، وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله  ، ومضادّة مذهبه طعناً عليه  ، ونصرة لفعله (1).
    وقال الطبري في أحداث سنة مائتين وست وثلاثين : وفيها أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي ( عليهما السلام )   ، وهدم ما حوله من المنازل والدور  ، وأن يحرث ويبذر ويُسقى موضع قبره  ، وأن يمنع الناس من إتيانه  ، فذكر أن عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية : من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق  ، فهرب الناس  ، وامتنعوا من المصير إليه  ، وحُرث ذلك الموضع وزُرع ما حواليه (2).
    وقال ابن كثير : ثمَّ دخلت سنة ست وثلاثين ومائتين  ، فيها أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) وما حوله من المنازل والدور  ، ونودي في الناس : من وجد هنا بعد ثلاثة أيام ذهبت به إلى المطبق  ، فلم يبق هناك بشر  ، واتخذ ذلك الموضع مزرعة تحرث وتستغل (3)   ، وذكر هشام بن الكلبي أن الماء لمَّا
1 ـ مقاتل الطالبيين  ، أبو الفرج الأصفهاني : 394 ـ 397.
2 ـ تاريخ الطبري : 7/365.
3 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 10/347.
المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: فهرس