المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: 661 ـ 675
(661)
يزيد تمثَّل بهذه الأبيات :
ليت أشياخي ببدر شَهِدُوا جَزَعَ الْخَزْرَجِ من وَقْعِ الأَسَلْ
    قال مجاهد : نافق فيها  ، والله ثمَّ والله ما بقي في جيشه أحد إلاّ تركه; أي ذَمَّه وعابه (1). وفي رواية الطبري أنه قال :
ليت أشياخي ببدر شَهِدُوا قد قَتَلْنا القَرْمَ من سَادَاتِكُمْ فأَهَلُّوا واستهلُّوا فَرَحاً لَسْتُ من خندفَ إِنْ لم أَنْتَقِمْ لَعِبَتْ هاشمُ بالملكِ فلا جَزَعَ الْخَزْرَجِ من وَقْعِ الأَسَلْ وَعَدَلْنَا مَيْلَ بدر فَاعْتَدَلْ ثمَّ قالوا يا يزيدُ لاَ تُشَلْ من بني أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلْ خبرٌ جاء ولا وَحْىٌ نَزَلْ
    قال الطبري : هذا هو المروق من الدين  ، وقول من لا يرجع إلى الله  ، ولا إلى دينه  ، ولا إلى كتابه  ، ولا إلى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولا يؤمن بالله  ، ولا بما جاء من عند الله.. (2).
    وروى سبط ابن الجوزي  ، عن الزهري  ، قال : لمَّا جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة على رُبى جيرون فأنشد لنفسه :
لمَّا بَدَتْ تلك الحُمُولُ وأشرقت نَعَبَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ صِحْ أَوْلاَ تَصِحْ تلك الشُّمُوسُ على رُبَا جَيْرُونِ فلقد قَضَيْتُ مِنَ الغريمِ دُيُوني (3)
    ونقل ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر أنه قال : وأمّا مروان فأخبث عقيدة  ، وأعظم إلحاداً وكفراً  ، وهو الذي خطب يوم وصل إليه رأس الحسين ( عليه السلام ) إلى المدينة  ، وهو يومئذ أميرها  ، وقد حمل الرأس على يديه  ، فقال :
1 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/209.
2 ـ تاريخ الطبري : 8/187 ـ 188  ، مقتل الحسين ( عليه السلام )   ، الخوارزمي : 2/58  ، الفتوح ابن الأعثم : 5/241  ، مقاتل الطالبيين  ، أبو الفرج الأصفهاني : 120.
3 ـ تذكرة الخواص  ، سبط ابن الجوزي : 235.


(662)
يا حَبَّذا بردُكَ في اليدينِ وَحُمْرَةٌ تجري على الْخَدَّيْنِ
كأنَّما بِتَّ بِمَسْجِدَينِ
    ثمَّ رمى بالرأس نحو قبر النبي ( صلى الله عليه وآله )   ، وقال : يا محمد! يوم بيوم بدر  ، وهذا القول مشتقٌّ من الشعر الذي تمثَّل به يزيد بن معاوية ـ وهو شعر ابن الزبعرى ـ يوم وصل الرأس إليه  ، والخبر مشهور (1).
    وقد صرَّح بذلك أيضاً عمرو بن سعيد  ، وقد كان على المدينة يوم قُتل الإمام السبط ( عليه السلام )   ، قال عوانة بن الحكم : لمَّا قُتل الحسين بن علي ( عليه السلام ) دعا عبيدالله بن زياد عبد الملك بن أبي الحرث السلمي  ، وبعثه إلى المدينة ليبشِّر عمرو بن سعيد  ، فدخل السلمي على عمرو  ، فقال : ما وراءك ؟ فقال : ما سرَّ الأمير  ، قُتل الحسين ابن علي ( عليه السلام )   ، فقال : نادِ بقتله  ، فناديت بقتله  ، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين ( عليه السلام )   ، فقال عمرو وضحك :
عَجَّتْ نساءُ بني زياد عَجَّةً كعيجيجِ نِسْوَتِنَا غَدَاةَ الأَرْنَبِ (2)
    ثمَّ قال عمرو : هذه واعية بواعية عثمان بن عفان  ، ثمَّ صعد المنبر فأعلم الناس قتله (3).
    وفي كتاب المثالب لأبي عبيدة قال : ثمَّ أومأ إلى القبر الشريف وقال : يا محمد! يوم بيوم بدر  ، فأنكر عليه قوم من الأنصار (4)   ، وقد تمثَّل مروان بن الحكم بهذا المثل لمَّا بلغه خبر مقتل الحسين ( عليه السلام ) فقال : يوم بيوم الحفض المجور (5)   ، يعني
1 ـ شرح نهج البلاغة  ، ابن ابي الحديد : 4/71 ـ 72.
2 ـ وقعة الأرنب كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبد المدان  ، والبيت المذكور لعمرو بن معد يكرب.
3 ـ تاريخ الطبري : 4/356 ـ 357  ، حوادث سنة 61 هـ.
4 ـ شرح نهج البلاغة  ، ابن أبي الحديد : 4/72.
5 ـ الحفض : الخباء  ، المجور : الساقط.


(663)
يوم بيوم عثمان (1)   ، وروي أيضاً أن هذا المثل قاله سعيد بن العاص حين سمع صراح النساء لمقتل الحسين ( عليه السلام ) (2).
    وفي بعض الروايات ثمَّ خرج عمرو بن سعيد إلى المنبر فخطب الناس  ، ثمَّ ذكر حسيناً وما كان من أمره  ، فقام ابن أبي حبيش ـ أحد بني أسد بن عبد العزى بن قصي ـ فقال : أما لو كانت فاطمة ( عليها السلام ) حيَّةً لأحزنها ما ترى! (3). فقال عمرو : اسكت لا سكتَّ... (4).
    ولله درّ السيد جعفر الحلي رحمه الله إذ يقول :
اللهُ أيُّ دَم في كربلا سُفِكا وأيُّ خيلِ ضلال بالطفوفِ عَدَتْ يومٌ بحاميةِ الإسلامِ قد نَهَضَتْ رأى بأنَّ سبيل الغَيِّ مُتَّبَعٌ والناسُ عَادَتْ إليهم جَاهِلِيَّتُهُمْ وقد تَحَكَّمَ بالإسلامِ طَاغِيةٌ لم أَدْرِ أينَ رجالُ المسلمينَ مَضَوا العاصِرُ الخَمْرِ من لُؤْم بعُنْصُرِهِ لَئِنْ جَرَتْ لَفْظَةُ التوحيدِ في فَمِهِ قد أصبح الدينُ منه يشتكي سَقَماً فَمَا رأى السِّبْطُ للدينِ الحنيفِ شِفَاً لم يَجْرِ في الأرضِ حتَّى أَوْقَفَ الفَلَكا على حريمِ رسولِ اللهِ فانْتُهِكَا له حَمِيَّةُ دينِ اللهِ إِذْ تُرِكا والرُّشْدُ لم يَدْرِ قومٌ أيَّةً سَلَكا كأنَّ مَنْ شَرَعَ الإسلامَ قَدْ أَفِكَا يُمْسِي ويُصْبِحُ بالْفَحْشَاءِ مُنْهَمِكَا وكيف صار يزيدٌ بينَهُمْ مَلِكَا ومن خَسَاسَةِ طَبْع يَعْصُرُ الْوَدَكا فسيفُهُ بسوى التوحيدِ مَا فَتَكا وَمَا إلى أَحَد غيرِ الحسينِ شَكَا إلاَّ إذا دَمُهُ في كربلا سُفِكَا

1 ـ لاحظ : نثر الدرّ  ، الآبي : 6/170  ، رقم : 774 وص 221  ، رقم 1451.
2 ـ نثر الدرّ : 6/221 ( الهامش ).
3 ـ وفي بحار الأنوار  ، العلامة المجلسي : 45/122  ، قال : فقام عبدالله بن السائب فقال : لو كانت فاطمة ( عليها السلام ) حيَّةً فرأت رأس الحسين ( عليه السلام ) لبكت عليه  ، فجبهه عمرو بن سعيد.
4 ـ ترجمة الإمام الحسين  ، ابن عساكر : 339. ( في الهامش ) تحقيق العلامة المحمودي رحمه الله تعالى.


(664)
وَمَا سَمِعْنا عليلا لا علاجَ له بِقَتْلِهِ فَاحَ للإسلامِ نَشْرُ هُدَىً إلاَّ بِنَفْسِ مُدَاويهِ إِذَا هَلَكَا فكلَّما ذَكَرَتْه المسلمون ذَكَا (1)

    روى الشيخ المفيد عليه الرحمة عن عبدالله بن سنان  ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) أنه قال في مصرع سيد الشهداء ( عليه السلام ) وأهل بيته : يعزّ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مصرعهم  ، ولو كان في الدنيا يومئذ حيّاً لكان ( صلى الله عليه وآله ) هو المعزَّى بهم (2).
    وروي عن محمد بن عمرو بن حسن  ، قال : كنّا مع الحسين ( عليه السلام ) بنهري كربلاء  ، فنظر إلى شمر بن ذي الجوشن فقال : صدق الله ورسوله  ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كأنّي أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي  ، وكان شمر قبَّحه الله أبرص (3).
    وروي عن أبي ضمرة أنس بن عياض  ، قال : قيل للإمام جعفر صلوات الله عليه : كم تتأخَّر الرؤيا ؟ فقال ( عليه السلام ) : رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كأن كلباً أبقع يلغ في دمه  ، فكان شمر بن ذي الجوشن لعنه الله قاتل الحسين ( عليه السلام )   ، وكان أبرص  ، فكان تأويل الرؤيا بعد خمسين سنة (4).
1 ـ رياض المدح والرثاء  ، الشيخ حسين القديحي : 230.
2 ـ المزار  ، محمد بن المشهدي : 473 ـ 474  ، بحار الأنوار  ، العلامة المجلسي : 45/63 ح 3.
3 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/205.
4 ـ بهجة المجالس وأنس المجالس : 3/149  ، حياة الحيوان  ، الدميري : 1/87 و 2 ـ 255  ، نثر الدرّ  ، الآبي : 7/253 : تاريخ الخميس : 2/334.


(665)
    فدم الحسين ( عليه السلام ) هو من دم رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، وهو منه  ، وقد استفاض الخبر أنه قال في حقّه : حسين مني وأنا من حسين  ، فكيف لا يكون مفجوعاً به ؟ وكيف لا يكون أعظمَ الناس حسرةً وتفجُّعاً وحزناً عليه ؟ ورحم الله منصور النمري إذ يقول في حزن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على سبطه وريحانته الحسين ( عليه السلام ) :
وَيْلَكَ يَا قَاتِلَ الحسينِ لَقَدْ أيَّ حِباً حَبَوْتَ أحمدَ في تَعَالَ فاطْلُبْ غداً شَفَاعَتَهُ بُؤْتَ بحَمْل يَنُوءُ بالحاملِ حُفْرَتِهِ من حرارةِ الثَّاكِلِ وانْهَضْ فَرِدْ حَوْضَه مع الناهلِ (1).
    فمما لا شك فيه أن أول من يُعزَّى بالحسين ( عليه السلام ) هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جدّه  ، الذي طالما كان يفدّيه بنفسه الشريفة  ، وقد كان يحمله وأخاه على منكبيه  ، وهو سبطه وفرخه وثمرة فؤاده  ، والحسين ( عليه السلام ) هو المذكِّر برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومحيي سنّته  ، وحافظ شريعته  ، وكان الناس إذا رأوا الحسين ( عليه السلام ) يرون في وجهه رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، ويتذكَّرون مكانه منه  ، وكيف كانت منزلته عنده  ، قال زهير بن القين رضي الله تعالى عنه ـ لعذرة بن قيس لما عاتبه على اتباعه للحسين ( عليه السلام ) ـ : فلمَّا رأيته ذكرت به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومكانه منه  ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوِّه  ، فرأيت أن أنصره  ، وأن أكون في حزبه  ، وأن أجعل نفسي دون نفسه  ، حفظاً لما ضيَّعتم من حق الله وحقَّ رسوله ( صلى الله عليه وآله ) (2).
    فإنّا لله وإنا إليه راجعون  ، فقد انتهكوا حرمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقتلهم الحسين وأهل بيته وأولاده  ، ومن يشكّ في ذلك ؟ فقد روي عن سيّد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه أنه قال لما قُتل علي الأكبر ( عليه السلام ) : قتل الله قوماً قتلوك  ، يا بنيّ ما أجرأهم على الله  ، وعلى انتهاك حرمة الرسول ( صلى الله عليه وآله )   ، ثمَّ قال : على الدنيا بعدك
1 ـ أسد الغابة  ، ابن الأثير : 2/21 ـ 22.
2 ـ تاريخ الطبري : 3/314.


(666)
العفا (1).
    وقال ( عليه السلام ) أيضاً ـ وهو قائم على رأس القاسم ( عليه السلام ) بعد أن ضُرب بالسيف على رأسه وسقط إلى الأرض وصار يفحص برجليه في التراب : بعداً لقوم قتلوك  ، ومَنْ خَصمُهم يوم القيامة فيك جدُّك ( صلى الله عليه وآله ) (2).
    وممن احتجَّ على القوم وذكّرهم بحقّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حفظ عترته وأهل بيته ( عليهم السلام ) زهير بن القين رضي الله عنه  ، إذ أقبل على القوم حينما رآهم مصرّين على قتل الحسين ( عليه السلام ) وسفك دمه ودماء أهل بيته فرفع صوته قائلا : عباد الله  ، لا يغرّنّكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ـ يعني عمر بن سعد ـ فوالله لا تنال شفاعة محمد ( صلى الله عليه وآله ) قوماً أراقوا دماء ذرّيّته وأهل بيته  ، وقتلوا من نصرهم وذبَّ عن حريمهم (3).
    هذا وقد ذكَّر جماعة من الصحابة بحبِّ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) للحسين ( عليه السلام ) وبإكثاره من تقبيله  ، روي عن أنس بن مالك قال : لمَّا قُتل الحسين أُتي برأسه إلى عبيدالله بن زياد  ، فجعل ينكت بقضيبه على ثناياه  ، وقال : إنه كان لحسن الثغر  ، فقلت : أما والله لأسوأنَّك  ، فقال : لقد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقبِّل موضع قضيبك من فيه (4). وفي رواية قال : إنه كان أشبههم برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (5).
    ولله درّ بعض الشعراء إذ يقول :
كان النبيُّ يُحِبُّ يَلْثُمُ ثَغْرَهُ وغدا يُعَفِّرُ خَدَّه فَوْقَ الثَّرَى قَعَدَ اللعينُ يَدُقُّ أَكْرَمَ مَلْثَمِ ظُلْماً وَضَرَّجَ عَارِضَيْهِ بالدَّمِ

1 ـ مقاتل الطالبيين  ، أبو الفرج الإصفهاني : 76  ، تاريخ الطبري : 3/331.
2 ـ تاريخ الطبري : 3/331.
3 ـ تاريخ الطبري : 3/320.
4 ـ مسند أبي يعلى : 7/61 ح 3981  ، سير أعلام النبلاء  ، الذهبي : 3/314.
5 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/206.


(667)
قُتِلَ الحسينُ فَيَا سَمَاءُ تَفَطَّري يَا أَعْيُنَ السُّحْبِ اقتدي بي في البُكَا حُزْناً وَيَادَارَ السُّرُورِ تَهَدَّمي يَا وِرْقُ مِنْ نَوْحي عليه تعلَّمي (1)
    وروي عن أبي داود السبيعي  ، عن زيد بن أرقم قال : كنت عند عبيد الله فأتي برأس الحسين ( عليه السلام )   ، فأخذ قضيباً فجعل يفترّ به عن شفتيه  ، فلم أر ثغراً كان أحسن منه كأنَّه الدرّ  ، فلم أملك أن رفعت صوتي بالبكاء  ، فقال : ما يبكيك أيُّها الشيخ ؟ قلت : يبكيني ما رأيت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، رأيته يمصُّ موضع هذا القضيب ويلثمه  ، ويقول : اللهم إني أحبُّه فأحبَّه (2).
    وروى ابن الأثير  ، قال : ولمّا قُتل الحسين ( عليه السلام ) أرسل عمر رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد  ، فجمع الناس وأحضر الرؤوس  ، وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين  ، فلمَّا رآه زيد بن أرقم لا يرفع قضيبه قال له : اعل بهذا القضيب  ، فوالذي لا إله غيره  ، لقد رأيت شفتي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على هاتين الشفتين يقبِّلهما  ، ثمَّ بكى  ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك  ، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك  ، فخرج وهو يقول : أنتم ـ يا معشر العرب ـ العبيد بعد اليوم  ، قتلتم الحسين بن فاطمة ( عليها السلام ) وأمَّرتم ابن مرجانة  ، فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم (3).
    وقال أبو مخنف : عن سليمان بن أبي راشد  ، عن حميد بن مسلم قال : دعاني عمر بن سعد فسرَّحني إلى أهله لأبشِّرهم بما فتح الله عليه وبعافيته  ، فأجد ابن زياد قد جلس للناس  ، وقد دخل عليه الوفد الذين قدموا عليه  ، فدخلت فيمن دخل  ، فإذا رأس الحسين ( عليه السلام ) موضوع بين يديه  ، وإذا هو ينكت فيه بقضيب بين ثناياه ساعة  ، فقال له زيد بن أرقم : ارفع هذا القضيب عن هاتين الثنيتين  ، فوالله
1 ـ المنتخب  ، الطريحي : 187.
2 ـ سير أعلام النبلاء  ، الذهبي : 3/314.
3 ـ أسد الغابة  ، ابن الأثير : 2/21  ، تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 41/365 ـ 366.


(668)
الذي لا إله إلاّ هو  ، لقد رأيت شفتي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على هاتين الثنيتين يقبِّلهما  ، ثم انفضح الشيخ يبكي  ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك  ، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.
    قال : فنهج فخرج  ، فلمّا خرج قال الناس : والله لقد قال زيد بن أرقم كلاماً لو سمعه ابن زياد لقتله  ، قال : فقلت : ما قال ؟ قالوا : مرّ بنا وهو يقول : مَلَكَ عبدٌ عبيداً فاتَّخَذَهُمْ تليداً  ، أنتم ـ يا معشر العرب ـ العبيد بعد اليوم  ، قتلتم ابن فاطمة  ، وأمَّرتم ابن مرجانة  ، فهو يقتل خياركم  ، ويستعبد شراركم  ، فبعداً لمن رضي بالذلّ (1).
    وعن حبيب بن يسار قال : لما أصيب الحسين بن علي ( عليه السلام ) قام زيد بن أرقم على باب المسجد فقال : أفعلتموها ؟ أشهد لسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين  ، فقيل لعبيدالله بن زياد : إن زيد بن أرقم قال كذا وكذا  ، قال : ذاك شيخ قد ذهب عقله (2).
    وقال الطبري في دخول أهل البيت ( عليهم السلام ) على يزيد : ثم أذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه  ، ومع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره  ، ثمَّ قال : إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام المري :
يفلِّقْنَ هَاماً من رِجَال أَحِبَّة إلينا وَهُمْ كانوا أَعَقَّ وَأَظْلمَا
    قال : فقال رجل من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقال له أبو برزة الأسلمي : أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين ؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يرشفه  ، أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك  ،
1 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/207.
2 ـ مجمع الزوائد  ، الهيثمي : 9/194.


(669)
ويجيء هذا يوم القيامة ومحمد ( صلى الله عليه وآله ) شفيعه  ، ثمَّ قام فولَّى (1).
    وعن عمَّار الدهني  ، عن جعفر قال : لمَّا وضع رأس الحسين بين يدي يزيد وعنده أبو برزة وجعل ينكت بالقضيب فقال له : ارفع قضيبك  ، فلقد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يلثمه (39).
    وقال البُري : وأتي يزيد برأس الحسين ( عليه السلام )   ، فلمّا وضع بين يديه جعل ينكت أسنانه بقضيب كان في يده  ، ويقول : كان أبو عبدالله صبيحاً  ، فقال له النعمان بن بشير : ارفع يدك ـ يا يزيد ـ عن فم طالماً رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقبِّله  ، قال : فاستحيى يزيد  ، وأمر برفع الرأس (2).
    قال بعض الرواة : واستشار يزيد أهل الشام فيمن بقي من ولد الحسين ( عليه السلام ) وولد أخيه الصغار  ، فقال له النعمان بن بشير : اصنع بهم.. ما كان يصنع بهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لو رآهم على هذه الحال  ، فأمر بإنزالهم (3).
    ولله درّ السيد الشريف الرضي عليه الرحمة إذ يقول :
يَا رَسُولَ اللهِ لو عَايَنْتَهُمْ لَرَأَتْ عَيْنَاكَ منهم مَنْظَراً وَهُمُ ما بين قَتْل وَسِبَا لِلْحَشَى شَجْواً وللعينِ قَذَى
    ولمَّا جيء برأس الحسين ( عليه السلام ) أمر ابن زياد فنودي : الصلاة الجامعة  ، فاجتمع الناس  ، فصعد المنبر فذكر ما ذكر من بذيء القول  ، فقام إليه عبدالله بن عفيف الأزدي فقال : ويحك يا بن زياد!! تقتلون أولاد النبيين وتتكلَّمون بكلام الصديقين! فأمر به ابن زياد فقتل وصلب (4).
1 ـ تاريخ الطبري : 3/298 و341  ، أسد الغابة  ، ابن الأثير : 5/20.
2 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/209.
3 ـ الجوهرة في نسب الإمام علي وآله  ، البري : 45 ـ 46.
4 ـ الجوهرة في نسب الإمام علي وآله  ، البري : 44 ـ 45  ، البداية والنهاية  ، 8/213.
5 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/208.


(670)
    وعن ابن أبي نعم قال : جاء رجل إلى ابن عمر وأنا جالس  ، فسأله عن دم البعوض  ، قال له : ممن أنت ؟ قال : من أهل العراق  ، قال : ها انظروا إلى هذا  ، يسأل عن دم البعوض  ، قد قتلوا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، وقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : هما ريحانتي من الدنيا (1).
    وروي أنه لمَّا بلغ قتل الحسين ( عليه السلام ) إلى الحسن البصري بكى حتى اختلج منكباه  ، وقال : واذلاّه لأمه قتل ابنُ دعيِّها ابنَ نبيها ( صلى الله عليه وآله ) (2).
    وقال الزهري : لمّا بلغ الحسن البصري خبر قتل الحسين ( عليه السلام ) بكى حتى اختلج صدغاه  ، ثم قال : أذلَّ الله أمة قتلت ابن نبيها  ، والله ليردَّنَّ رأس الحسين إلى جسده  ، ثم لينتقمن له جدّه وأبوه من ابن مرجانة (3).
    وروى شريك  ، عن مغيرة قال : قالت مرجانة لابنها عبيدالله : يا خبيث  ، قتلت ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والله لا ترى الجنة أبداً (4).
    وعن القاسم بن بخيت قال : لما أقبل وفد الكوفة برأس الحسين ( عليه السلام ) دخلوا به مسجد دمشق  ، فقال لهم مروان بن الحكم : كيف صنعتم ؟ قالوا : ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فأتينا والله على آخرهم  ، وهذه الرؤوس والسبايا  ، فوثب مروان وانصرف  ، وأتاه أخوه يحيى بن الحكم فقال : ما صنعتم ؟ فقالوا له مثل ما قالوا لأخيه  ، فقال لهم : حُجبتم عن محمد ( صلى الله عليه وآله ) يوم القيامة  ، لن أجامعكم على أمر أبداً  ، ثم قام فانصرف (5).
    وعن إبراهيم النخعي قال : لو كنت فيمن قتل الحسين  ، ثم غُفر لي ثم أُدخلت
1 ـ مسند أحمد : 2/93 و114  ، المعجم الكبير  ، الطبراني : 3/127 ح 2884.
2 ـ الرد على المتعصب العنيد  ، ابن الجوزي : 45.
3 ـ ينابيع المودة  ، القندوزي : 3/48.
4 ـ تهذيب التهذيب  ، ابن حجر : 2/308  ، تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 37/451.
5 ـ البداية والنهاية  ، ابن كثير : 8/213  ، تاريخ الطبري : 3/341.


(671)
الجنة استحييت أن أمرَّ على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فينظر في وجهي (1).
    وروي عن عمر بن عبدالعزيز أنه قال : لو كنت من قتلة الحسين ( عليه السلام ) وغُفر لي وأدخلني الجنة لما دخلتها حياءً من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (2). وفي رواية أخرى قال : لو كنت في قتلة الحسين ( عليه السلام )   ، وقيل لي إدخل الجنة لما فعلت  ، حياءً أن تقع عليَّ عين محمد ( صلى الله عليه وآله ) (3).
    وقيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد : ويحك! أقتلتم ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟! فقال : عضضت بالجندل  ، إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا  ، ثارت علينا عصابة  ، أيديها في مقابض سيوفها  ، كالأسود الضارية  ، تحطّم الفرسان يميناً وشمالا  ، وتلقي أنفسها على الموت  ، لا تقبل الأمان  ، ولا ترغب في المال  ، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية  ، أو الاستيلاء على الملك  ، فلو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها  ، فما كنّا فاعلين لا أم لك! (4) وقال الربيع بن خثيم لما بلغه قتل الحسين ( عليه السلام ) : لقد قتلوا صبية لو جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من سفر لضمَّهم إليه (5).
    وقال ابن سعد : كان أبو عثمان النهدي من ساكني الكوفة  ، ولم يكن له بها دار لبني نهد  ، فلمّا قُتل الحسين بن علي ( عليه السلام ) تحوَّل فنزل البصرة  ، وقال : لا أسكن بلداً قُتل فيه ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، وكان قد أدرك النبيَّ ( صلى الله عليه وآله ) ولم يره (6).
1 ـ المعجم الكبير  ، الطبراني : 3/112 ح 2829  ، مجمع الزوائد  ، الهيثمي : 9/195  ، قال : رواه الطبراني ورجاله ثقات  ، تهذيب الكمال  ، المزي : 25/153  ، رقم : 5184  ، الإصابة  ، ابن حجر :  2/81.
2 ـ وفيات الأعيان  ، ابن خلكان : 6/353  ، نثرّ الدر  ، الآبي : 5/209  ، العقد الفريد  ، الأندلسي : 2/175.
3 ـ ربيع الأبرار  ، الزمخشري : 3/344  ، نثر الدرّ  ، الآبي : 2/117.
4 ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 3/263.
5 ـ كتاب الرد على المتعصب العنيد  ، ابن الجوزي : 45.
6 ـ الطبقات الكبرى  ، ابن سعد : 7/98  ، المنتخب من ذيل المذيل  ، الطبري : 121.


(672)
    وذكر الحسين بن علي الكاتب أن عبيدالله بن سليمان تلاحى مع ابن الأشنب  ، وتشاجر معه على أي شيء كان أشدَّ ما كان في الإسلام على المسلمين ؟ فقال عبيدالله بن سليمان  ، هو قتل الحسين ( عليه السلام )   ، لأن المسلمين يئسوا بعد قتله من كل فرج يرتجونه  ، وعدل ينتظرونه  ، ولما سُئل الكاتب عن ذلك قال : إن أشدَّه على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهو الأشدَّ على المسلمين (1).
    ولله در السيد المرتضى عليه الرحمة إذ يقول :
ألا إن يوم الطف أدمى محاجراً وان مصيبات الزمان كثيرة أرى طخية فينا فأين صباحها وهل لي سلوان وآل محمّد وأودى قلوباً مالهن دواء ورب مصاب ليس منه عزاء وداء على داء فأين شفاء  ؟ شريدهم ما حان منه ثواء (2)

1 ـ ثمار القلوب في المضاف والمنسوب  ، الثعالبي : 688 ـ 690.
2 ـ الغدير  ، الاميني : 4/292.


(673)
    الخاتمة :
في يوم الأربعين
وفيه أربعة مجالس
    جاء في الزيارة الناحية الشريفة : السلام على الشيب الخضيب  ، السلام على الخد التريب  ، السلام على البدن السليب  ، السلام على الثغر المقروع بالقضيب  ، السلام على الودج المقطوع  ، السلام على الرأس المرفوع  ، السلام على الأجسام العارية في الفلوات  ، تنهشُها الذئابُ العاديات  ، وتختلفُ إليها السباعُ الضاريات  ، السلام عليك يا مولاي  ، وعلى الملائكة المرفرفين حول قبتك  ، الحافين بتربتك  ، الطائفين بعرصتك  ، الواردين لزيارتك  ، السلام عليك فإني قصدت إليك  ، ورجوت الفوز لديك.
    السلام عليك  ، سلامَ العارف بحرمتك  ، المخلص في ولايتك  ، المتقرب إلى الله بمحبتك  ، البريء من أعدائِك  ، سلام مَنْ قلبُه بمصابك مقروح  ، ودمعُه عندَ ذكرِك مسفوح  ، سلامَ المفجوعِ المحزون  ، الوالهِ المستكين  ، سلامَ من لو كان معك بالطفوف


(674)
لو قاك بنفسهِ حدَ السيوف  ، وبذلَ حشاشَتُه دونك للحُتوف  ، وجاهدَ بين يديك  ، ونصَرك على من بغى عليك  ، وفداك بروحهِ وجسدهِ  ، ومالهِ وولدهِ  ، وروحهِ لروحِكَ فداء  ، وأهلَه لأهلِك وقاء  ، فلإن أخرتني الدهورُ  ، وعاقني عن نَصركِ المقدور  ، ولم أكن لمن حاربك محارباً  ، ولمن نصب لك العداوةَ مناصباً  ، فلأندبك صباحاً ومساء  ، ولأبكينَ عليك بدلَ الدموعِ دماً  ، حسرةً عليك وتأسُفاً على ما دهاك وتلهفاً  ، حتى أموت بلوعةِ المصاب  ، وغصةِ الاكتياب (1).
    روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة  ، عن الحارث بن كعب  ، عن فاطمة بنت علي صلوات الله عليهما : ثمَّ أن يزيد ( لعنه الله ) أمر بنساء الحسين ( عليه السلام ) فحُبسن مع علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في محبس لا يكنُّهم من حرّ ولا قرّ  ، حتى تقشَّرت وجوههم  ، ولم يُرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلاَّ وجد تحته دم عبيط  ، وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنها الملاحف المعصفرة  ، إلى أن خرج علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بالنسوة  ، وردَّ رأس الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء (2).
    وفي كتاب لواعج الأشجان للسيد محسن الأمين عليه الرحمة قال : وكان يزيد وعد علي بن الحسين ( عليهما السلام ) يوم دخولهم عليه أن يقضي له ثلاث حاجات  ، فقال له : اذكر حاجاتك الثلاث اللاتي وعدتك بقضائهن  ، فقال له : الأولى : أن تريني وجه سيِّدي ومولاي وأبي الحسين ( عليه السلام ) فأتزوَّد منه  ، وأنظر إليه وأودّعه  ، والثانية : أن تردَّ علينا ما أُخذ منّا  ، والثالثة : إن كنت عزمت على قتلي أن توجِّه مع هؤلاء النساء مَنْ يردُّهن إلى حرم جدِّهم ( صلى الله عليه وآله ). فقال : أمّا وجه أبيك فلن تراه أبداً  ، وأمَّا قتلك فقد عفوت عنك  ، وأمَّا النساء فما يردُّهن غيرك إلى المدينة  ، وأمَّا ما أُخذ منكم فأنا أعوِّضكم عنه أضعاف قيمته.
1 ـ المزار  ، المشهدي : 500 ـ 501.
2 ـ الأمالي  ، الصدوق : 231 ـ 232 ح 4.


(675)
    فقال ( عليه السلام ) : أمَّا مالك فلا نريده  ، وهو موفَّرٌ عليك  ، وإنما طلبت ما أخذ منّا لأن فيه مغزل فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله )   ، ومقنعتها  ، وقلادتها  ، وقميصها  ، فأمر بردِّ ذلك  ، وزاد فيه من عنده مأتي دينار  ، فأخذها زين العابدين وفرَّقها في الفقراء والمساكين.
    وفي رواية : إن يزيد قال لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) : إن شئت أقمت عندنا فبررناك  ، وإن شئت رددناك إلى المدينة  ، فقال : لا أريد إلاَّ المدينة.
    ثمَّ إن يزيد لعنه الله أمر بردِّ السبايا والأسارى إلى المدينة  ، وأرسل معهم النعمان بن بشير الأنصاري في جماعة  ، فلمَّا بلغوا إلى العراق قالوا للدليل : مرَّ بنا على طريق كربلاء  ، فلمَّا وصلوا إلى موضع المصرع وجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري  ، وجماعة من بني هاشم  ، ورجالا من آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قد وردوا لزيارة قبر الحسين ( عليه السلام )   ، فتوافوافي وقت واحد  ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم  ، وأقاموا المأتم  ، واجتمع إليهم أهل ذلك السواد  ، وأقاموا على ذلك أياماً.
    وعن كتاب بشارة المصطفى وغيره  ، بسنده عن عطية العوفي قال : خرجت مع جابر بن عبدالله الأنصاري ( رضي الله عنه ) زائراً قبر الحسين ( عليه السلام )   ، فلمَّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطىء الفرات فاغتسل  ، ثمّ اتّزر بإزار وارتدى بآخر  ، ثمَّ فتح صرَّة فيها سعد فنثرها على بدنه  ، ثمَّ لم يخطُ خطوة إلاَّ ذكر الله تعالى  ، حتى إذا دنا من القبر قال : ألمسنيه  ، فألمسته إيَّاه  ، فخرَّ على القبر مغشيّاً عليه  ، فرششت عليه شيئاً من الماء  ، فلمَّا أفاق قال : يا حسين ـ ثلاثاً ـ ثمَّ قال : حبيب لا يجيب حبيبه  ، ثمَّ قال : وأنَّى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أثباجك  ، وفُرِّق بين بدنك ورأسك  ، أشهد أنّك ابن خير النبيين  ، وابن سيِّد المؤمنين  ، وابن حليف التقوى  ، وسليل الهدى  ، وخامس أصحاب الكسا  ، وابن سيِّد النقبا  ، وابن فاطمة سيِّدة النساء  ، ومالك لا تكون هكذا وقد غذَّتك كفُّ سيِّد المرسلين  ، وربيت في حجر المتقين  ،
المجالس العاشورية في المآتم الحسينية ::: فهرس