المكاسب ـ جلد الأول ::: 41 ـ 50
(41)
المسألة السادسة
[ حرمة التكسب بالكلب الهراش والخنزير ]
    يحرم التكسب بالكلب الهراش والخنزير البريين إجماعا على الظاهر ـ المصرح به في المحكي عن جماعة (1) ـ وكذلك أجزاؤ هما.
    نعم ، لو قلنا بجواز استعمال شعر الخنزير وجلده جاء فيه ما تقدم في جلد الميتة.
1 ـ منهم : الشيخ في المبسوط 2 : 165 ـ 166. وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 524. والعلامة في المنتهى 2 : 1009 وغيره ، والشهيدان في الدروس : 3 : 168 ، والمسالك 3 : 135 في مورد الكلب خاصة.

(42)
المسألة السابعة
    [ حرمة التكسب بالخمر وكل مسكر مائع والفُقاع ]
    يحرم التكسب بالخمر وكل مسكر مائع والفقاع إجماعا ، نصا وفتوى.
    وفي بعض الأخبار : ( يكون لي على الرجل دراهم فيعطيني خمرا ؟ قال : خذها وأفسدها ، قال ابن أبي عمير : يعني اجعلها خلا (1) ) (2).
    والمراد به إما أخذ الخمر مجانا ثم تخليلها ، أو أخذها وتخليلها لصاحبها ، ثم أخذ الخل وفاء عن الدراهم.
1 ـ كذا في النسخ ، وفي الوسائل : قال علي : واجعلها خلا والمراد به : علي ابن حديد ، الواقع في سند الرواية.
2 ـ الوسائل 17 : 297 ، الباب 31 من أبواب الأشربة المحرمة ، الحديث 6.


(43)
المسألة الثامنة
    [ حرمة المعاوضة على الأعيان المنتجّسة غير القابلة للطهارة ]
    يحرم المعاوضة على الأعيان المتنجسة الغير القابلة للطهارة إذا توقف منافعها المحللة المعتد بها على الطهارة ، لما تقدم من النبوي : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه (1) ونحوه المتقدم عن دعائم الإسلام (2).
    وأما التمسك بعموم قوله عليه السلام في رواية تحف العقول : أو شيء من وجوه النجس ففيه نظر ، لأن الظاهر من وجوه النجس العنوانات النجسة ، لأن ظاهر الوجه هو العنوان.
    نعم ، يمكن الاستدلال على ذلك بالتعليل المذكور بعد ذلك وهو قوله عليه السلام : لأن ذلك كله محرم أكله (3) وشربه ولبسه ... إلى آخر ما ذكر.
    ثم اعلم أنه قيل بعدم جواز بيع المسوخ من أجل نجاستها (4) ،
1 ـ عوالي اللآلي 2 : 110 ، الحديث 301 ، سنن الدارقطني 3 : 7 ، الحديث 20.
2 ـ دعائم الإسلام 2 : 18 ، الحديث 23 ، وقد تقدم مع سابقه في الصفحة : 13.
3 ـ في المصدر : منهي عن أكله.
4 ـ راجع المبسوط 2 : 165 ـ 166 حيث جعل المسوخ من الأعيان النجسة وادعى الإجماع على عدم جواز بيعها.


(44)
ولما كان الأقوى طهارتها لم يحتج إلى التكلم في جواز بيعها هنا.
    نعم ، لو قيل بحرمة البيع لا من حيث النجاسة كان محل التعرض له ما سيجيء من أن كل طاهر له منفعة محللة مقصودة يجوز بيعه.
    وسيجيء ذلك في ذيل القسم الثاني (1) مما لا يجوز الاكتساب به لأجل عدم المنفعة فيه.
1 ـ كذا في النسخ ، والصحيح : القسم الثالث.

(45)
[ المستثنيات من حرمة بيع الأعيان النجسة ]


(46)

(47)
    وأما المستثنى من الأعيان المتقدمة فهي أربعة تذكر في مسائل أربع :

المسَألَةُ الاولى
    [ جواز بيع العبد الكافر بأقسامه ]
    يجوز بيع المملوك الكافر ، أصليا كان أم مرتدا مليا ، بلا خلاف ظاهر ، بل ادعي عليه الإجماع (1) ، وليس ببعيد ، كما يظهر للمتتبع في المواضع المناسبة لهذه المسألة ، كاسترقاق الكفار وشراء بعضهم من بعض ، وبيع العبد الكافر إذا أسلم على مولاه الكافر ، وعتق الكافرة ، وبيع المرتد ، وظهور كفر العبد المشترى على ظاهر الإسلام ، وغير ذلك.
    [ بيع العبد المرتّد عن فطرة ]
    وكذا الفطري على الأقوى ، بل الظاهر أنه لا خلاف فيه من هذه الجهة ، وإن كان فيه كلام من حيث كونه في معرض التلف ، لوجوب قتله.
1 ـ الجواهر 22 : 23.

(48)
    ولم نجد من تأمل فيه من جهة نجاسته ، عدا ما يظهر من بعض الأساطين في شرحه على القواعد حيث احترز بقول العلامة : ما لا يقبل التطهير من النجاسات ، عما يقبل هو لو بالإسلام ، كالمرتد ولو عن فطرة على أصح القولين (1) ، فبنى جواز بيع المرتد على قبول توبته ، بل بنى جواز بيع مطلق الكافر على قبوله للطهر بالإسلام.
    وأنت خبير بأن حكم الأصحاب بجواز بيع الكافر نظير حكمهم بجواز بيع الكلب لا من حيث قابليته للتطهير ـ نظير الماء المتنجس ـ وأن اشتراطهم قبول التطهير إنما هو فيما يتوقف الانتفاع به على طهارته ليتصف بالملكية ، لا مثل الكلب والكافر المملوكين مع النجاسة إجماعا.
    وبالغ تلميذه في مفتاح الكرامة ، فقال : أما المرتد عن فطرة فالقول بجواز بيعه ضعيف جدا ، لعدم قبول توبته فلا يقبل التطهير ، ثم ذكر جماعة ممن جوز بيعه ـ إلى أن قال ـ : ولعل من جوز بيعه بنى على قبول توبته (2) ، انتهى. وتبعه على ذلك شيخنا المعاصر (3).
    أقول : لا إشكال ولا خلاف في كون المملوك المرتد عن فطرة ملكا ومالا لمالكه ، ويجوز له الانتفاع به بالاستخدام (4) ما لم يقتل ، وإنما استشكل من استشكل في جواز بيعه من حيث كونه في معرض
1 ـ شرح القواعد ( مخطوط ) : الورقة 4.
2 ـ مفتاح الكرامة 4 : 12.
3 ـ أي صاحب الجواهر قدس سره ، انظر الجواهر 22 : 8.
4 ـ كذا في ش ، وفي ف : الانتفاع والاستخدام ، وفي سائر النسخ : الانتفاع به والاستخدام.


(49)
القتل ، بل واجب الإتلاف شرعا ، فكأن الإجماع منعقد على عدم المنع من بيعه من جهة عدم قابلية طهارته بالتوبة.
    [ نقل كلمات الأعلام في المسألة ]
    قال في الشرائع : ويصح رهن المرتد وإن كان عن فطرة (1).
    واستشكل في المسالك من جهة وجوب إتلافه وكونه في معرض التلف ، ثم اختار الجواز ، لبقاء ماليته إلى زمان القتل (2). وقال في القواعد : ويصح رهن المرتد وإن كان عن فطرة ، على إشكال (3).
    وذكر في جامع المقاصد : أن منشأ الإشكال أنه يجوز بيعه فيجوز رهنه بطريق أولى ، ومن أن مقصود البيع حاصل ، وأما مقصود الرهن فقد لا يحصل ، لقتل (4) الفطري حتما ، والآخر قد لا يتوب (5) ، ثم اختار الجواز.
    وقال في التذكرة : المرتد إن كان عن فطرة ففي جواز بيعه نظر ، ينشأ من تضاد الحكمين ، ومن بقاء الملك ، فإن كسبه لمولاه ، أما عن غير فطرة فالوجه صحة بيعه ، لعدم تحتم قتله (6) ثم ذكر المحارب الذيلا تقبل توبته ، لوقوعها بعد القدرة عليه.
1 ـ الشرائع 2 : 77.
2 ـ المسالك 4 : 25.
3 ـ القواعد 1 : 159.
4 ـ كذا في ن والمصدر ، وفي سائر النسخ : بقتل.
5 ـ جامع المقاصد 5 : 57.
6 ـ التذكرة 1 : 466.


(50)
    واستدل على جواز بيعه بما يظهر منه جواز بيع المرتد عن فطرة ، وجعله نظير المريض المأيوس عن برئه. نعم ، منع في التحرير والدروس عن بيع المرتد عن فطرة ، والمحارب إذا وجب قتله (1) ، للوجه المتقدم عن (2) التذكرة ، بل في الدروس : أن بيع المرتد عن ملة أيضا مراعى بالتوبة (3). وكيف كان ، فالمتتبع يقطع بأن اشتراط قابلية الطهارة إنما هو في ما يتوقف الانتفاع المعتد به على طهارته ، ولذا قسم في المبسوط المبيع إلى آدمي وغيره ، ثم اشترط الطهارة في غير الآدمي ، ثم استثنى الكلب الصيود (4).
1 ـ التحرير 1 : 165 ، الدروس 3 : 200.
2 ـ كذا في ف و ش ، وفي سائر النسخ : وعن.
3 ـ انظر التخريج السابق.
4 ـ المبسوط 2 : 165 ـ 166.
المكاسب ـ جلد الأول ::: فهرس