المكاسب ـ جلد الأول ::: 381 ـ 386
(381)
عند علمائنا (1).
    وقال أيضا : لا يجوز المسابقة على مناطحة الغنم ومهارشة الديك ، بعوض ولا بغير عوض.
    قال : وكذلك لا يجوز المسابقة على (2) ما لا ينتفع به في الحرب (3). وعد في ما مثل به اللعب بالخاتم والصولجان ، ورمي البنادق والجلاهق ، والوقوف على رجل واحدة ، ومعرفة ما في اليد من الزوج والفرد ، وسائر الملاعب ، وكذلك اللبث في الماء ، قال : وجوزه بعض الشافعية ، وليس بجيد (4) ، انتهى.
    [ ظاهر المسالك وغيره الميل إلى الجواز ]
    وظاهر المسالك الميل إلى الجواز (5) ، واستجوده في الكفاية (6) ، وتبعه بعض من تأخر عنه (7) ، للأصل ، وعدم ثبوت الإجماع ، وعدم النص عدا ما تقدم من التذكرة من عموم النهي ، وهو غير دال ، لأن السبق في الرواية يحتمل التحريك ، بل في المسالك : أنه المشهور في الرواية (8) ، وعليه فلا تدل إلا على تحريم المراهنة ، بل هي غير ظاهرة في التحريم أيضا ، لاحتمال إرادة فسادها ، بل هو الأظهر ، لأن نفي العوض ظاهر
1 ـ التذكرة 2 : 354.
2 ـ كذا في ف والمصدر ، وفي سائر النسخ : وكذلك لا يجوز المسابقة بما ....
3 ـ في ف : ما لا ينفع في الحرب.
4 ـ التذكرة 2 : 354.
5 ـ المسالك ( الطبعة الحجرية ) 1 : 301.
6 ـ كفاية الأحكام : 137.
7 ـ الظاهر المراد به هو المحدث البحراني ، انظر الحدائق 22 : 366.
8 ـ المسالك 1 : 301.


(382)
في نفي استحقاقه ، وإرادة نفي جواز العقد عليه في غاية البعد.
    وعلى تقدير السكون ، فكما يحتمل نفي الجواز التكليفي يحتمل نفي الصحة ، لوروده مورد الغالب ، من اشتمال المسابقة على العوض.
    [ الاستدلال للتحريم بأدلّة القمار ]
    وقد يستدل للتحريم أيضا بأدلة القمار ، بناء على أنه مطلق المغالبة ولو بدون العوض ، كما يدل عليه ما تقدم من إطلاق الرواية (1) بكون اللعب بالنرد والشطرنج بدون العوض قمارا.
    ودعوى أنه يشترط في صدق القمار أحد الأمرين : إما كون المغالبة بالآلات المعدة للقمار وإن لم يكن عوض ، وإما المغالبة مع العوض وإن لم يكن بالآلات المعدة للقمار ـ على ما يشهد به إطلاقه في رواية الرهان في الخف والحافر (2) ـ في غاية البعد ، بل الأظهر أنه مطلق المغالبة.
    ويشهد له أن إطلاق آلة القمار موقوف على عدم دخول الآلة في مفهوم القمار ، كما في سائر الآلات المضافة إلى الأعمال ، والآلة غير مأخوذة في المفهوم ، وقد عرفت أن العوض أيضا غير مأخوذ فيه (3) ، فتأمل.
1 ـ أي رواية أبي الربيع الشامي أو رواية أبي الجارود ، المتقدمتان في الصفحة : 372 و 373 ، ويحتمل أن يراد بها الجنس ، فيكون المراد بها جميع الروايات المذكورة في المسألة الثانية.
2 ـ رواية العلاء بن سيابة ، المتقدمة في الصفحة : 377.
3 ـ لم نعرف منه فيما تقدم إلا ما ذكره آنفا من إطلاق الرواية بكون اللعب بالنرد والشطرنج بدون العوض قمارا ، والكلام هنا في المفهوم العرفي للقمار ، ولعله إلى ذلك أشار بقوله : فتأمل.


(383)
    [ إمكان الاستدلال بعموم التعليل في أخبار حرمة الشطرنج والنرد ]
    ويمكن أن يستدل على التحريم أيضا بما تقدم من أخبار حرمة الشطرنج والنرد ، معللة بكونهما (1) من الباطل واللعب ، وأن كل ما ألهى عن ذكر الله عزوجل فهو الميسر (2). وقوله عليه السلام في بيان حكم اللعب بالأربعة عشر : لا نستحب (3) شيئا من اللعب غير الرهان والرمي (4). والمراد رهان الفرس ، ولا شك في صدق الله واللعب فيما نحن فيه ، ضرورة أن العوض لا دخل له في ذلك.
    [ التأييد بما دلّ على أنّ كلّ لهو المؤمن باطل خلا ثلاثة ]
    ويؤيده ما دل على أن كل لهو المؤمن باطل خلا ثلاثة ، وعد منها إجراء الخيل ، وملاعبة الرجل امرأته (5) ولعله لذلك كله استدل في الرياض (6) تبعا للمهذب (7) [ في مسألتنا ] (8) بما دل على حرمة اللهو. لكن قد يشكل الاستدلال في ما إذا تعلق بهذه الأفعال غرض صحيح يخرجه عن صدق اللهو عرفا ، فيمكن إناطة الحكم باللهو ويحكم
1 ـ كذا في مصححة ن ، وفي سائر النسخ : بكونها.
2 ـ تقدم في الصفحة : 373.
3 ـ كذا في ف و ن ، وفي غيرهما : لا تستحب ، وفي الوسائل : لا يستحب.
4 ـ الوسائل 12 : 235 ، الباب 100 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 14.
5 ـ الوسائل 11 : 107 ، الباب 58 من أبواب جهاد العدو ، الحديث 3 ، وفيه : كل لهو المؤمن باطل إلا في ثلاث : في تأديبه الفرس ، ورميه عن قوسه ، وملاعبته امرأته ... الحديث.
6 ـ الرياض 2 : 41.
7 ـ لم نقف عليه في مهذب القاضي ، والاستدلال المذكور موجود في المهذب البارع 3 : 82.
8 ـ لم يرد في ن ، م و ش ، وشطب عليه في ف.


(384)
في غير مصاديقه بالإباحة ، إلا أن يكون قولا بالفصل ، وهو غير معلوم. وسيجيء بعض الكلام في ذلك عند التعرض لحكم اللهو وموضوعه إن شاء الله.


(385)
المسألة السادسة عشر
    [ حرمة القيادة ]
    [ تفسير ( الواصلة والمستوصلة ) بالقيادة ]

    القيادة حرام (1) ، وهي السعي بين الشخصين لجمعهما على الوط ء المحرم ، وهي من الكبائر ، وقد تقدم تفسير الواصلة والمستوصلة بذلك في مسألة تدليس الماشطة (2).
    وفي صحيحة ابن سنان : أنه يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني ، خمسة وسبعين سوطا ، وينفى من المصر الذي هو فيه (3).
1 ـ من ش وهامش م
2 ـ في رواية سعد الاسكاف : ... قلنا له : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن الواصلة والمستوصلة ، فقال : ليس هناك ، إنما لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الواصلة لاتي تزني في شبابها فإذا كبرت قادت النساء إلى الرجال ، فتلك الواصلة ، راجع الصفحة 168.
3 ـ الوسائل 18 : 429 ، الباب 5 من أبواب حد السحق والقيادة ، الحديث الأول.



(386)
انتهى الجزء الأوّل
من
المكاسب المحرّمة
ويليه
الجزء الثاني
وأوّله
القيافة
المكاسب ـ جلد الأول ::: فهرس