31 ـ باب الحج وما يستعمل فيه

إعلم ـ يرحمك الله ـ أن الحج فريضة من فرائض الله ـ جل وعزّ ـ اللازمة منه، الواجبة على من استطاع إليه سبيلاً، وقد وجب في طول العمر مرة واحدة، ووعد عليها من الثواب الجنة، والعفو من الذنوب، وسمي تاركه كافراً وتوعد على تاركه بالنار، فنعوذ بالله.
وروي أن منادياً ينادي بالحاج إذا قضوا مناسكهم: قد غفر لكم ما مضى، فاستأنفوا العمل (1).
أروي عن العالم عليه السلام أنه لا يقف أحد ـ من موافق أو مخالف ـ في الموقف إلا غفر له (2) فقيل له عليه السلام: إنه يقفه الشاري (3) والناصب وغيرهما، فقال: يغفر للجميع، حتى أن أحدهم لو لم يعاود، إلى ما كان عليه، ما وجد شيئاً ممّا تقدم، وكلهم معاود قبل الخروج من الموقف.
وروي أن حجة مقبولة خير من الدنيا بما فيها، وجعله في شهر معلوم، مقرون العمرة، إلى الحج.
فأدنى ما يتم به فرض الحج: الإحرام بشروطه، والتلبية، والطواف، والصلاة عند المقام ، والسعي بين الصفا والمروة، والموقفين، وأداء الكفارات، والنسك، والزيارة، وطواف النساء.
والذي يفسد الحج ويوجب الحج من قابل، الجماع للمحرم في الحرم، وما سوى ذلك
____________
(1) ورد مؤداه في ثواب الأعمال: 71|6، والمحاسن: 64|115.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 136|582 و583، وثواب الأعمال: 71|5.
(3) في نسخة « ش » و« ض »: « الشادي » وما أثبتناه من البحار 99: 11|33 عن فقه الرضا عليه السلام و الشاري: من دان بدين الشراة وهم الخوارج « القاموس المحيط ـ شرى ـ 4: 348 ».

(215 )

ففيه الكفارات، وهي مثبتة في باب الكفارات.
ثم يجب عليه بالسنة الحج نافلة بقدر اتساعه وصحة جسمه وقوته على السفر، والذي فرض الله على عباده الحج والعمرة ـ لمن وجد طولاً ـ فقال ( فمن تمتع بالعمرة الى الحج ) (2).
والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد للحج، ومتمتع بالعمرة الى الحج.
ولا يجوز لأهل مكة وحاضريها التمتع إلى الحج، وليس لهما إلا القران أو الإفراد، لقول الله تبارك وتعالى: ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ـ ثم قال جل وعزّ ـ ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) (3) مكة ومن حولها على ثمانية وأربعين ميلاً، ومن كان خارجاً من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعاً بالعمرة إلى الحج، ولا يقبل الله غيره منه (4).
فإذا أردت الخروج إلى الحج، فوفر شعرك شهر ذي القعدة وعشرة من ذي الحجة، واجمع أهلك وصلّ ركعتين، ومجد (5) الله عز وجل، وصلّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وارفع يديك إلى الله وقل: اللهم اني أستودعك اليوم ديني ومالي ونفسي وأهلي وولدي وجميع جيراني وإخواني المؤمنين الشاهد منا والغائب عنا.
فإذا خرجت فقل: بحول الله وقوته أخرج.
فإذا وضعت رجلك في الركاب، فقل: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
فإذا استويت على راحلتك، واستوى بك محملك، فقل: الحمد الله الذي ( هدانا إلى الإسلام، ومنَّ علينا بالإيمان، وعلّمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمد صلى الله عليه وآله، سبحان الذي ) (6) سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنّا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين (7).
وعليك بكثرة الإستغفار، والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله، و
____________
(1) ورد مضمونه في الففقيه 2: 213|971، والمقنع: 76، والكافي 4: 374|3، والتهذيب 5: 318|1096.
(2) (3) البقرة 2: 196.
(4) الفقيه 2: 203|926، والمقنع: 67، والهداية: 54، من « ولا يجوز لأهل مكة ...».
(5) في نسخة « ش »: واحمد.
(6) ما بين القوسين ليس في نسخة « ش ».
(7) الفقيه 2: 311، والمقنع: 67، والهداية: 54 باختلاف يسير.

(216 )

حسن الخلق، وحسن الصحابة لمن صحبك، وكظم الغيظ، وقلة الكلام، وإياك والمماراة.
فإذا بلغت أحد المواقيت التي وقتها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم (1) فإنه صلى الله عليه وآله وقت لأهل العراق العقيق، وأوله المسلخ، ووسطه غمرة، وآخره ذات عرق، وأوله أفضل.
ووقت لأهل الطائف قرن المنازل.
ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة ـ وهي مسجد الشجرة ـ.
ووقت لأهل اليمن يلملم.
ووقت لأهل الشام المهيعة وهي الجحفة (2).
ومن كان منزله دون هذه المواقيت ـ ما بينهما وبين مكة ـ فعليه أن يحرم من منزله (3)، ولا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلل أو تقيّة، فإذا كان الرجل عليلاً أو اتَّقى، فلا بأس بأن يؤخر الإحرام إلى ذات عرق (4).
فإذا بلغت الميقات فاغتسل أو توضأ والبس ثيابك، وصلّ ست ركعات، تقرأ فيها ( فاتحة الكتاب ) و( قل هو الله أحد ) و( قل ياأيها الكافرون ) فإن كان وقت صلاة الفريضة فصلّ هذه الركعات قبل الفريضة ثم صلّ الفريضة.
وروي أن أفضل ما يحرم، الإنسان في دبر الصلاة الفريضة، ثم احرم في دبرها ليكون أفضل، وتوجه في الركعة الاُولى منها (5).
فإذا فرغت فارفع يديك، ومجّد الله كثيراً وصلّ على محمد وآله كثيراً وقل: اللهم اني اُريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج، على كتابك وسنة نبيك صلّى الله عليه و آله وسلم، فإن عرض لي عارض يحبسني، عحلني حيث حبستني، لقدرك الذي قدرت عليّ، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة (6).
ثم تلبي سرّاً بالتلبيات الأربع ـ وهي المفترضات ـ تقول: لبّيك اللهم لبيك،
____________
(1) شرط جوابه يأتي في قوله: « فإذا بلغت الميقات فاغتسل أو توضأ ».
(2) الفقيه 2: 312، المقنع: 68، الهداية: 54 باختلاف يسير، من « فإذا بلغت... ».
(3) الفقيه 2: 200|912.
(4) الفقيه 2: 199|907.
(5) الهداية: 55 بإختلاف في ألفاظه.
(6) المقنع: 69، والهداية: 55، والكافي 4: 331|2، والتهذيب 5: 77|253، باختلاف يسير.

(217 )

لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه الأربعة مفروضات (1).
وتقول لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك تبدئ وتعيد والمعاد اليك لبّيك، لبّيك داعياً إلى دار السلام لبّيك، لبّيك كشاف الكرب العظام لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك، لبّيك عبدك وابن عبيدك بين يديك لبّيك، لبّيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد لبّيك. وأكثر من ذي المعارج (2).
واتق في إحرامك: الكذب واليمين الكاذبة والصادقة ـ وهو الجدال الذي نهاه الله ـ.
والجدال: قول الرجل: لا والله وبلى والله، فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شيء عليك، وإن جادلت ثلاثاً وأنت صادق فعليك دم شاة وإن جادلت مرة وأنت كاذب فعليك دم شاة، وإن جادلت مرتين كاذباً فعليك دم بقرة، وإن جادلت ثلاثاً وأنت كاذب فعليك بدنة.
واتق الصيد والفسوق وهو الكذب، فاستغفر الله منه، وتصديق بكف طُعَيم.
والرفث: الجماع، فإن جامعت وأنت محرم ـ في الفرج ـ فعليك بدنة والحج من قابل. ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تؤدي المناسك ثم تجتمعان، فإذا حججتما من قابل، وبلغتما الموضع الذي واقعتها فرق بينكما حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعان.
فإن أخذتما على غير الطريق الذي كنتما أحدثتما فيه العام الأول، لم يفرق بينكما.
وتلزم المرأة بدنة إذا طاوعت الرجل، فإن أكرهها لزمه بدنتان ولم يلزم المرأة شيء.
فإن كان الرجل جامعها دون الفرج، فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل.
فإن كان الرجل جامعها بعد وقوفه بالمشعر، فعليه دم وليس عليه الحج من
____________
(1) الفقيه 2: 313.
(2) الفقيه 2: 314، والمقنع: 69، والهداية: 55 بتقديم وتأخير.

(218 )

قابل (1).
وإن لبس ثوباً من قبل أن يلبي نزعه من فوق وأعاد الغسل ولا شيء عليه. وإن لبسه بعد ما لبى فينزعه من أسفله وعليه دم شاة، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه (2).
وإذا لبيت فارفع صوتك بالتلبية، ولب متى ما صعدت اكمة، أو هبطت وادياً، أو لقيت راكباً، أو انتبهت من نومك، أو ركبت أو نزلت، وبالأسحار.
فإن أخذت على طريق المدينة، لبيت سراً قبل أن تبلغ الميل الذي على يسار الطريق، فإذا بلغته فارفع صوتك بالتلبية، ولا تجوز الميل إلا ملبياً (3).
فإذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية. وحد بيوت مكة من عقبة المدنيين أو بحذاها، ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة وهو عقبة ذي طوى (4).
فإذا بلغت الحرم فاغتسل قبل أن تدخل مكة، وامش هنيهة وعليك السكينة والوقار.
فإذا دخلت مكة ونظرت إلى البيت فقل: الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً وهدى للعالمين (5). ثم ادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار (6)، وإن كنت مع قوم تحفظ عليهم رحالهم ـ حتى يطوفوا ويسعوا ـ كنت أعظمهم ثواباً.
وادخل المسجد من باب بني شيبة فقل: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
ثم تطوف بالبيت، وتبدأ بركن الحجر الأسود وقل: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي لا موافاة، آمنت بالله عز وجل، وكفرت بالجبت والطاغوت، واللات والعزّى وهبل والأصنام، وعبادة الأوثان والشيطان، وكل ندّ
____________
(1) الفقيه 2: 212|968 عن رسالة أبيه، والمقنع: 70 باختلاف يسير.
(2) الفقيه 2: 202|924، والمقنع: 70 باختلاف يسير.
(3) الفقيه 2: 314 بتقديم وتأخير.
(4) الفقيه 2: 315، والمقنع: 80، والهداية: 56.
(5) الفقيه 2: 215، المقنع: 80، الهداية: 56 باختلاف يسير. من « فإذا دخلت مكة... ».
(6) الفقيه 2: 315، الكافي 4: 400|6 و401|1، التهذيب 5: 100|327 باختلاف يسير.

(219 )

يعبد من دون الله جل سبحانه عما يقولون علوّا كبيراً، تطوف أسبوعاً، وتقارب بين خطاك، وتستلم الحجر في كل شوط، فإن لم تقدر عليه فأشر إليه بيدك.
وقل عن باب البيت، سائلك ببابك مسكينك ببابك، عبيدك بفنائك فقيرك نزل بساحتك، تفضل عليه بجنتك (1).
فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل: اللهم اعتق رقبتي من النار، وادرأ عني شرّ فسقة العرب والعجم، واظللني تحت ظل عرشك، واصرف عني شر كل ذي شر، وشر فسقة الجن والإنس (2).
وتقول في طوافك: اللهم اني أسألك باسمك الذي يمشي به على ظلل (3) الماش كما يمشي به على جدد الأرض، وباسمك المخزون المكنون عندك، وباسمك العظيم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن تصلي على محمد وآل محمد (4) وأن تغفر لي وترحمني، وتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم حبيبك.
فإذا بلغت الركن اليماني فاستلمه فإن فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح (5)، وتسير منه إلى زاوية المسجد مقابل هذا الركن وتقول: اُصلي عليك يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
وتقول بين الركن اليماني وبين ركن الحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
فإذا كنت في الشوط السابع، فقف عند المستجار وتعلق بأستار الكعبة، وادع الله كثيراً وألح عليه، وسل حوائج الدنيا والآخرة، فإنه قريب مجيب (6).
فإذا فرغت من اسبوعك فائت مقام إبراهيم وصلّ ركعتين للطواف، واقرأ فيها ( فاتحة الكتاب ) و( قل يا أيها الكافرون ) و( قل هو الله أحد ) (7).
____________
(1) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه: 2: 316، والمقنع: 80، والهداية: 57.
(2) الهداية: 57 باختلاف يسير.
(3) ظُلَل: جمع ظُلَّة، وهي أمواج البحر. « لسان العرب ـ ظلل ـ 11: 417 ».
(4) الفقيه 2: 317، والهداية: 57.
(5) الفقيه 2: 134|571 من « فإذا بلغت الركن اليماني.... ».
(6) الفقيه 2: 317، والمقنع: 81، والهداية: 58 باختلاف يسير. من « وتقول بين الركن اليماني... ».
(7) الفقيه 2: 318، والمقنع: 81، والهداية: 58.

(220 )

ثم تخرج إلى الصفا، ما بين الإسطوانتين تحت القناديل، فإنه طريق النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إلى الصفا، فابتدئ بالصفا وقف عليه وأنت مستقبل البيت، فكبر تسع (1) تكبيرات، واحمد الله، وصلّ على محمد وعلى آله، وادع لنفسك ولوالديك وللمؤمنين.
ثم تنحدر إلى المروة وأنت تمشي، فإذا بلغت حد السعي ـ وهو الميلين الأخضرين ـ هرول واسع ملء فروجك، وقل: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت الأعز الأكرم.
فإذا جزت حد السعي، فاقطع الهرولة وامش على السكون والتؤدة والوقار، وأكثر من التسبيح والتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد لله، والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم حتى تبلغ المروة، فاصعد عليه، وقل ما قلت على الصفا، وأنت مستقبل البيت.
ثم انحدر منها حتى تأتي الصفا، تفعل ذلك سبع مرات، يكون وقوفك على الصفا أربع مرات، وعلى المروة أربع مرات، والسعي ما بينهما سبع مرات، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة.
ثم تقصر من شعر رأسك من جوانبه ( وحاجبيك ومن لحيتك ) (2) وقد أحللت من كل شيء أحرمت منه (3).
ويستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكة ثلاثمائة وستين اُسبوعاً ـ بعد أيام السنة ـ فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستين شوطاً (4).
فإن سهوت وطفت طواف الفريضة ثمانية أشواط، فزد عليها ستة أشواط، وصلّ عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتي الطواف، ثم اسع [ بين ] (5) الصفا والمروة ثم تأتي المقام فصلّ خلفه ركعتي الطواف.
واعلم أن الفريضة هي الطواف الثاني، والركعتين الأُولتين لطواف الفريضة،
____________
(1) في نسخة « ض »: « بسبع ».
(2) في نسخة « ش »: « أو حاجبيك أو من لحيتك ».
(3) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 318، والمقنع: 82، والهداية: 59، ومصباح المتهجد: 624.
(4) الفقيه 2: 55|1236، الكافي 4: 429|14، التهذيب 5: 135|445، والخصال : 602|7.
(5) أثبتناه من البحار99: 207|9 عن فقه الرضا عليه السلام.

(221 )

والركعتين الأخرتين للطواف الأول، والطواف الأول تطوع.
فإن شككت فلم تدر سبعة طفت أم ثمانية (1) ـ وأنت في الطواف ـ فابن على سبعة واسقط واحدة واقطعه، وإن لم تدرستة طفت أم سبعة فأتمها بواحدة.
وإن نسيت شيئاً من الطواف فذكرته ـ بعد ما سعيت بين الصفا والمروة ـ فابن على ما طفت وتمم طوافك بالبيت، إن كنت قد طفت أربعة أشواط، وإن طفت أقل من أربعة أشواط أعدت الطواف.
وإن نسيت شيئاً من الطواف فذكرته بعد ما سعيت، فطف اسبوعا، وصلّ ركعتين، وأعد السعي بين الصفا والمروة.
وإن نسيت الركعتين خلف المقام، ثم ذكرتها وأنت تسعى، فافرغ منه ثم صلّ ركعتين، وليس عليك إعادة السعي (2).
وإن سهوت وسعيت بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطاً، فليس عليك شيء (3).
وإن سعيت ستة أشواط ( وقصرت، ثم ذكرت بعد ذلك أنك سعيت ستة أشواط ) (4)، فعليك أن تسعى شوطاً آخر.
وإن جامعت أهلك وقصرت، سعيت شوطاً آخر، وعليك دم بقرة.
وإن سعيت ثمانية، فعليك، الإعادة.
وإن سعيت تسعة فلا شيء عليك، وفقه ذلك أنك إذا سعيت ثمانية، كنت بدأت بالمروة وختمت بها، وكان ذلك خلاف السنة.
وإذا سعيت تسعاً كنت بدأت بالصفا وختمت بالمروة (5).
ولما أتيته من الصيد في عمرة أو متعة، فعليك أن تنحر ما لزمك من الجزاء بمكة عند الحزورة (6) قبالة الكعبة موضع المنحر ، وإن شئت أخرته إلى أيام التشريق فتنحره بمنى. وقد روي ذلك أيضاً.
____________
(1) في نسخة « ش » و« ض »: « خمسة » والظاهر اشتباه، وصوابه ما أثبتناه من البحار 99: 207|9.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 253|1224 و1225. من « وان نسيت الركعتين... ».
(3) ورد مؤداه في التهذيب 5: 152|501، والاستبصار 2: 239|834.
(4) ما بين القوسين ليس في نسخة « ش ».
(5) الفقيه 2: 256|1245 باختلاف يسير. من « وإن جامعت أهلك... ».
(6) الحزورة: كانت سوق مكة ثم دخلت في المسجد لما زيد فيه « معجم البلدان 2: 255 ».

(222 )

وإذا وجب عليك في متعة ـ وما أشبهها عليك فيه من جزاء الحج ـ فلا تنحره إلا يوم النحر بمنى (1) وإن كان عليك دم واجب قلدته أو جللته أو أشعرته فلا تنحره إلا في يوم النحر بمنى.
وإذا أردت أن تشعر بدنتك فاضربها بالشفرة على سنامها من الجانب الأيمن (2)، فإن كانت البدن كثيرة، فادخل بينها واضربها بالشفرة يميناً وشمالاً (3)، وإذا أردت نحرها فانحرها وهي قائمة مستقبل القبلة، وتشعرها وهي باركة (4).
وكل من أضحيتك، واطعم القانع والمعتر، القانع: الذي يقنع بما تعطيه، والمعتر: الذي يعتريك (5)، ولا تعطي الجزار منها شيئاً، ولا تأكل من فداء الصيد إن اضطررته فإنه من تمام حجك.
وأكثر الصلاة في الحجر، وتعمد تحت الميزاب وادع عنده كثيراً (6)، وصلّ في الحجر على ذراعين من طرفه مما يلي البيت، فإنه موضع شبير وشبر ابني هارون عليه السلام (7)، وإن تهيأ لك أن تصلي صلاتك (8) كلها عند الحطيم فافعل فإنه أفضل بقعة على وجه الأرض، والحطيم ما بين الباب والحجر الأسود، وهو الموضع الذي فيه تاب الله على آدم عليه السلام.
وبعده الصلاة في الحجر أفضل، وبعده ما بين الركن العراقي والباب، وهو الموضع الذي كان فيه المقام في عهد إبراهيم عليه السلام إلى عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وبعده خلف المقام الذي هو الساعة، وما قرب من البيت فهو أفضل إلا أنه لا يجوز أن تصلي ركعتي طواف الحج والعمرة إلا خلف المقام حيث هو الساعة (9).
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 2: 235|1120، والمقنع: 79.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 209|955.
(3) ورد مؤداه في الكافي 4: 297|5، والتهذيب 5: 43|128.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 2: 209|955، والتهذيب 5: 43|127.
(5) ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 88.
(6) ورد مؤداه في المقنع: 81.
(7) الكافي 4: 214|9، باختلاف في الفاظه.
(8) في نسخة « ض »: صلواتك.
(9) الفقيه 2: 135|579، باختلاف يسير.

(223 )

ولا بأس أن تصلي ركعتين لطواف النساء وغيره حيث شئت من المسجد الحرام (1).
وإذا كان يوم التروية فاغتسل والبس ثوبيك اللذين للإحرام، وائت المسجد حافياً عليك السكينة والوقار (2)، وصلّ عند المقام الظهر والعصر، واعقد إحرامك دبر العصر، وإن شئت في دبر الظهر (3)، تقول: اللهم إنّي اُريد ما أمرت به من الحج، على كتابك وسنة نبيك عليه السلام فإن عرض لي عرض حبسني فحلّني أنت حيث حبستني، لقدرك الذي قدرت عليَّ (4). ولبّ مثل ما لبيت في العمرة، ثم أخرج إلى منى وعليك السكينة والوقار، واذكر الله كثيراً في طريقك.
فإذا خرجت إلى الأبطح، فارفع صوتك بالتلبية.
فإذا أتيت منى فبت بها وصلّ بها الغداة، واخرج منها إلى عرفات، وأكثر من التلبية في طريقك (5).
فإذا زالت الشمس فاغتسل ـ أو قبل الزوال ـ وصلّ الظهر والعصر بأذان واقامتين، ثم ائت الموقف فادع بدعاء الموقف، واجتهد في الدعاء والتضرع، وألح ـ قائماً وقاعداً ـ إلى أن تغرب الشمس.
ثم افض منها بعد المغيب وتقول: لا إله إلا الله. وإياك أن تفيض قبل الغروب فيلزمك دم (6)، ولا تصلّ المغرب ولا العشاء الآخرة ليلة النحر إلا بمزدلفة وإن ذهب ربع الليل.
فإذا أتيت المزدلفة ـ وهي الجمع ـ صليت بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ثم تصلي نوافلك للمغرب بعد العشاء، وإنما سميت الجمع المزدلفة لأنه يجمع فيها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، فإذا أصبحت فصلّ الغداة وقف بها كوقوف بعرفة وادع الله كثيراً (7).
____________
(1) ورد مؤداه في الكافي 4: 424|8.
(2) الكافي 4: 454|1 باختلاف يسير.
(3) في نسخة « ض » زيادة: « بالحج مفرداً ».
(4) الهداية: 55 باختلاف يسير.
(5) الهداية: 60 باختلاف في الفاظه.
(6) الفقيه 2: 322، والهداية: 60، باختلاف في الفاظه.
(7) الفقيه2: 325|1549، والهداية: 61 باختلاف في الفاظه.

(224 )

فإذا طلعت الشمس على جبل ثبير فافض منها إلى منى، وإياك أن تفيض منها قبل طلوع الشمس، ولا من عرفات قبل غروبها، فيلزمك الدم. وروي أنه يفيض من المشعر إذا انفجر الصبح، وبان في الأرض خفاف البعير وآثار الحوافر.
فإذا بلغت طرف وادي محسر فاسع فيه مقدار مائة خطوة، و إن كنت راكباً فحرك راحلتك قليلاً (1).
فإذا أتيت منى فاشتر هديك واذبحه، فإذا أردت ذبحه أو نحره فقل: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك اُمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك وبك ولك وإليك، بسم الله الرحمن الرحيم، الله أكبر، أللهم تقبّل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، ومحمد حبيبك صلى الله عليهم. ثم أمّر السّكين عليها، ولا تنخعها حتى تموت (2).
ولا يجوز الأضاحي من البدن إلا الثنيّ ـ وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية (3) ـ ومن الضأن الجذع ـ لسنة (4) ـ وتجزي البقرة عن خمسة. وروي عن سبعة إذا كانوا من أهل بيت واحد، وروي أنها لا تجزي إلا عن واحد.
فإذا نحرت أضحيتك أكلت منها وتصدقت بالباقي، وروي أن شاة تجزي عن سبعين إذا لم يوجد شيء(5).
وإذا عجزت عن الهدي ـ ولم يمكنك ـ صمت قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجعت إلى اهلك، وإن فاتك صوم هذه الثالثة أيام صمت صبيحة ليلة الحصبة (6) ويومين بعدها (7). وإن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي، فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة يشتري ذلك في ذي الحجة ويذبح عنك،
____________
(1) الفقيه 2: 327 بتقديم وتأخير.
(2) الفقيه 2: 299|1489، والمقنع: 88، والهداية: 62 باختلاف يسير.
(3) في الفقيه والهداية: « وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة ».
(4) المقنع: 88 عن رسالة أبيه، والفقيه 2: 294|1455، والهداية: 62.
(5) المقنع: 88 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.
(6) يعني بلية الحصبة: الليلة التي في صبيحتها رمي الجمار.
(7) الفقيه 2: 302|1504 باختلاف يسير.

(225 )

فإن مضت ذو الحجة ولم يشتر لك، أخرها إلى قابل ذي الحجة فإنها أيام الذبح (1).
ثم احلق شعرك، وإذا أردت أن تحلق رأسك فاستقبل القبلة، وابدأ بالناصية، واحلق من العظمين النابتين بحذاء الاُذنين، وقل: اللهم اعطني بكل شعرة نوراً يوم القيامة. واذفن شعرك بمنى (2).
وخذ حصيات الجمار من حيث شئت، وقد روي أن أفضل ما يؤخذ الجمار من المزدلفة، وتكون منقّطة كُحلية مثل رأس الأنملة، واغسلها غسلاً نظيفاً، ولا تأخذ من الذي رمي مرة (3).
وارم إلى جمرة العقبة في يوم النحر بسبع حصيات، وتقف في وسط الوادي مستقبل القبلة (4)، يكون بينك وبين الجمرة عشر خطوات ـ (أو خمس عشرة خطوة ) (5) ـ وتقول ـ وأنت مستقبل القبلة والحصى في كفك اليسرى ـ: اللهم هذه حصياتي فاحصهن لي عندك، وارفعهن في عملي، ثم تناول منها واحدة وترمي من قبل وجهها ولا ترمها من أعلامها، وتكبر مع كل حصاة (6).
وترمي يوم الثاني والثالث والرابع، في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة: إلى الجمرة الاُولى بسبع وتقف عليها وتدعو، وإلى الجمرة الوسطى بسبع وتقف عندها وتدعو، إلى جمرة العقبة بسبع ولا تقف عندها (7).
فإن جهلت ورميت مقلوبة، فأعد الجمرة الوسطى وجمرة العقبة (8). وإن سقطت منك حصاة فخذ من حيث شئت من الحرم، ولا تأخذ من الذي قد رمي (9).
وإن كان معك مريض لا يستطيع أن يرمي الجمار، فاحمله إلى الجمرة ومره أن يرمي من كفه إلى الجمرة، وإن كان كسيراً أو مبطوناً أو ضعيفاً ـ لا يعقل ولا يستطيع
____________
(1) في نسخة « ش »: « الحج »، وقد أورده الصدوق في الفقيه 2: 304 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.
(2) الفقيه 2: 329، والمقنع: 88، والهداية: 63 باختلاف يسير.
(3) ورد باختلاف في الفاظه في الفقيه 2: 326.
(4) في نسخة « ش »: « الكعبة ».
(5) ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».
(6) الفقيه 2: 327 باختلاف في ألفاظه.
(7) ورد مؤداه في الفقيه 2: 331، والمقنع: 93، والهداية: 65.
(8) ورد مؤداه في الفقيه 2: 285|1399، والكافي 4: 483|1 و2، والتهذيب 5: 265|902 و903.
(9) ورد مؤداه في الفقيه 2: 285|1397 و1398.

(226 )

الخروج ولا الحملان ـ فارم أنت عنه (1).
وإن جهلت ورميت إلى الاُولى بسبع، وإلى الثانية بست، وإلى الثالثة بثلاث، فارم إلى الثانية بواحدة وأعد الثالثة. ومتى لا تجز النصف فأعد الرمي من أوله، ومتى ما جزت النصف فابن على ذلك. وإن رميت إلى الجمرة الاولة دون النصف، فعليك أن تعيد الرمي إليها وإلى ما بعدها من أوله (2).
فإذا رميت يوم الرابع فاخرج منها إلى مكة، ومطلق لك رمي الجمار من أول النهار إلى زوال الشمس.
وقد روي من أول النهار إلى آخره، وأفضل ذلك ما قرب من الزوال (3)، وجائز للخائف والنساء الرمي بالليل، فإن رميت ودفعت في محمل وانحدرت منه إلى الأرض اجزأت عنك، وإن بقيت في المحمل لم تجز عنك وارم مكانها اُخرى (4).
وزر البيت يوم النحر أو من الغد، وإن أخرتها إلى آخر اليوم أجزاك. وتغتسل لزيارة البيت، وإن زرت نهاراً فدخل عليك الليل في طريقك أو في طوافك أو في سعيك فلا بأس به ما لم ينقض الوضوء، وإن نقضت الوضوء أعدت الغسل، وكذلك إذا خرجت من منى ليلاً وقد اغتسلت، وأصبحت في طريقتك أو في طوافك وسعيك فلا شيء عليك فيما لا ينقض الوضوء، فإن نقضت الوضوء أعدت الغسل وطفت بالبيت طواف الزيارة ـ وهو طواف الحج سبعة أشواط ـ وصليت عند المقام ركعتين، وسعيت بين الصفا والمروة كما فعلت عند المتعة سبعة أشواط، ثم تطوف بالبيت اسبوعاً وهو طواف النساء.
ولا تبت بمكة فيلزمك دم.
واعلم أنك إذا رميت جمرة العقبة، حل لك كل شيء إلا الطيب والنساء.
وإذا طفت طواف الحج، حل لك كل شيء إلا النساء.
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 2: 286|1404 و1405، والكافي 4: 485|1 و2، والتهذيب 5: 268|914 ـ 919.
(2) المختلف: 311 عن علي بن بابويه.
(3) الفقيه 2: 331 باختلاف يسير.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 2: 285|1399، والكافي 4: 483|3، والتهذيب 5: 267|907، من « فإن رميت... ».

(227 )

فإذا طفت طواف النساء، حلّ لك كل شيء إلا الصيد، فإنه حرام على المحل في الحرم ، وعلى المحرم في الحل والحرم (1).
ثم ترجع إلى منى فتقيم بها إلى يوم الرابع، فإذا رميت الجمار يوم الرابع ـ ارتفاع النهار ـ فامض منها إلى مكة فإذا بلغت مسجد الحصبة دخلته واستلقيت فيه على قفاك بقدر ما تستريح، ثم تدخل مكة وعليك السكينة والوقار (2) فتطوف بالبيت ما شئت تطوعاً.
وإذا كان الرجل من حاضري المسجد الحرام أفرد بالحج، وإن شاء ساق الهدي ويكون على إحرامه حتى يقضي المناسك كلها، وليس على المفرد الهدي، ولا على القارن إلا ما ساقه (3).
وكل شيء أتيته في الحرم بجهالة ـ وأنت محل أو محرم ـ أو أتيت في الحل ـ وأنت محرم ـ فليس عليك شيء إلا الصيد فإنّ عليك فداءَه فإن تعمدته كان عليك فداؤه واثمه، وإن علمت أو لم تعلم فعليك فداؤه (4).
فإن كان الصيد نعامة فعليك بدنة، فإن لم تقدر عليها أطعمت ستين مسكيناً ـ لكل مسكين مد ـ فإن لم تقدر صمت ثمانية عشر يوماً. فإن أكلت بيضها فعليك دم كذلك وإن وطئتها ـ وكان فيها فراخ تتحرك ـ فعليك أن ترسل فحولة من البدن على عددها من الإناث بقدر عدد البيض، فما نتج منها فهو هدي لبيت الله (5).
وإن كان الصيد بقرة أو حمار وحش فعليك بقرة، فإن لم تقدر أطعمت ثلاثين مسكيناً، فإن لم تقدر صمت تسعة أيام (6). وإن كان الصيد ظبياً فعليك دم شاة، فإن لم تقدر أطعمت عشرة مساكين، فإن لم تقدر صمت ثلاثة أيام.
فإن رميت ظبياً فكسرت يده أو رجله ـ فذهب على وجهه لا تدري ما صنع ـ
____________
(1) المختلف: 308 عن علي بن بابويه، من « واعلم انك اذا رميت... ».
(2) ورد باختلاف في الفاظه في الفقيه 2: 332، والمقنع: 93، والهداية: 65 من « فإذا بلغت... ».
(3) ورد مؤداه في الفقيه 2: 203|926، والمقنع: 93، والهداية: 65. من « واذا كان الرجل... ».
(4) الفقيه 2: 235|1118 باختلاف في ألفاظه.
(5) ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 78.
(6) ورد مؤداه في الفقيه 2: 233|1112، والمقنع: 77 وفيهما بالنسبة لحمار الوحش مثل النعامة بدنة.

(228 )

فعليك فداؤه، وإن رأيته بعد ذلك يرعى ويمشي فعليك ربع قيمته (1)، وإن كسرت قرنه او جرحته تصدقت بشيء من الطعام.
وإن قتلت جرادة تصدقت بتمرة، وتمرة (2) خير من جرادة، فإن كان الجراد كثيراً ذبحت الشاة (3).
واليعقوب الذكر والحجلة الاُنثى ففي الذكر شاة.
وإن قتلت زنبوراً تصدقت بكف طعام (4).
وإن قتلت الحجلة أو بلبلاً أو عصفوراً فدم شاة.
وإن أكلت جرادة واحدة، فعليك دم شاة (5).
وفي الثعلب والأرنب دم شاة.
وفي القطاة حمل (6) قد فطم من اللبن ورعى من الشجر، وفي بيضه إذا أصبته قيمته، فإن وطأتها وفيها فراخ تتحرك، فعليك أن ترسل الذكران من المعز على عددها من الإناث، على قدر عدد قدر البيض، فما نتج فهو هدي لبيت الله (7).
وفي اليربوع والقنفذ والضّب، جدي والجدي خير منه (8). ولا بأس للمحرم أن يقتل الحية والعقرب والفأرة، ولا بأس برمي الحداة (9)، وإن كان الصيد أسداً ذبحت كبشاً (10).
ومتى أصبت شيئاً من الصيد في الحل وأنت محرم فعليك دم ـ على ما وصفناه ـ ومتى ما أصبته في الحرم وأنت محل فعليك قيمة الصيد، فإن أصبته وأنت محرم في الحرم فعليك الفداء والقيمة، فإن كان الصيد طيراً اشتريت بقيمته علفاً
____________
(1) الفقيه 2: 233|1112 و1113، والمقنع: 77 باختلاف في ألفاظه.
(2) في نسخة « ض »: « بتمرات وتميرات ».
(3) الفقيه 2: 235|1118، المقنع: 79.
(4) الفقيه 2: 235|1119، المقنع: 79، التهذيب 5: 345|1195.
(5) ورد مؤداه في التهذيب 5: 364|1266. من « وان اكلت جرادة... ».
(6) الحمل: الخروف أو الجذع من أولاد الضأن فما دونه « القاموس المحيط ـ حمل ـ 3: 362 ».
(7) المقنع: 78.
(8) الكافي 4: 387|9.
(9) ورد مؤداه في الفقيه 2: 233|1109، والمقنع: 77.
(10) ورد مؤداه في الكافي 4: 237|26، والتهذيب 5: 366|1275.

(229 )
علفت به حمام الحرم، وإن كنت محرماً وأصبته وأنت محرم في الحرم فعليك دم، وقيمة الطير درهم، فإن كان فرخاً فعليك دم ونصف درهم، فإن كان أكلت بيضة تصدقت بربع درهم، وإن كان بيض حمام فربع درهم ودرهم (1) وإن كان الصيد قطاة فعليك حمل قد رضع وفطم اللّبن ورعى الشجر، وإن كان غير طائر تصدقت بقيمته ، وإن كان فرخاً تصدقت بنصف درهم (2).
وإن نفّرت حمام الحرم فرجعت فعليك في كلّها شاة، وإن لم ترها رجعت فعليك لكل طير دم شاة (3).
وإذا فرغت من المناسك كلها وأردت الخروج، تصدقت بدرهم تمراً، حتى يكون كفارة لما دخل عليك في إحرامك من الخلل والنقصان وأنت لا تعلم (4).
فإذا قرن الرجل الحج والعمرة فأحصر، بعث هدياً مع هدي أصحابه، ولا يحل حتى يبلغ الهدي محلّه، فإذا بلغ محلّه أحل وانصرف إلى منزله، وعليه الحج من قابل، ولا تقرب النساء حتى تحج من قابل (5).
وإن صد رجل عن الحج وقد أحرم، فعليه الحج من قابل، ولا بأس بمواقعة النساء، لأن هذا مصدود وليس كالمحصور (6).
ولو أن رجلاً حبسه سلطان جائر بمكة ـ وهو متمتع بالعمرة إلى الحج ـ ثم أطلق عنه ليلة النحر، فعليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى ويذبح ويلحق ولا شيء عليه، وإن خلّى يوم النحر بعد الزوال فهو مصدود عن الحج.
وإن كان دخل مكة متمتعاً بالعمرة إلى الحج، فليطف بالبيت اسبوعاً ويسعى اسبوعاً، ويلحق رأسه، ويذبح شاة.
وإن كان دخل مكة مفرداً للحج، فليس عليه ذبح ولا شيء عليه (7).
____________
(1) « ودرهم » ليس في نسخة « ض ».
(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 234|1117.
(3) مختلف الشيعة: 280 باختلاف في الألفاظ عن علي بن بابويه.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 2: 332، والمقنع: 93، والهداية: 65.
(5) الفقيه 2: 305|1512.
(6) مختلف الشيعة: 318 عن علي بن بابويه.
(7) مختلف الشيعة: 319 عن علي بن بابويه.

(230 )
وإن نسي المتمتع التقصير حتى يهل بالحج كان عليه دم، وروي أنه يستغفر الله (1).
وإذا حلق المتمتع رأسه بمكة فليس عليه شيء إن كان جاهلاً وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوماً منها فليس عليه شيء، وإن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دم شاة (2).
فإذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك، لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه، إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج، فإن علم وخرج ثم رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلاً وإن رجع في غير ذلك الشهر دخلها محرماً (3).
وإذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم، فعليها أن تحتشي، إذا بلغت الميقات، وتغتسل وتلبس ثياب إحرامها وتدخل مكة وهي محرمة، ولا تقرب المسجد الحرام. فإن طهرت ما بينها وبين يوم التروية قبل الزوال فقد أدركت متعتها، فعليها أن تغتسل، وتطوف البيت، وتسعى بين الصفا والمروة، وتقتضي ما عليها من المناسك (4) وإن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها فتجعلها حجة مفردة (5)، وإن حاضت بعد ما سعت بين الصفا والمروة، وفرغت من المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت وهي متمتعة بالعمرة إلى الحج، وعليها ثلاثة أطواف: طواف للمتعة، وطواف للحج، وطواف للنساء.
ومتى لم يطف الرجل طواف النساء، لم يحل له النساء حتى يطوف، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء (6).
ومتى حاضت المرأة في الطواف خرجت من المسجد، فإن كانت طافت ثلاثة أشواط فعليها أن تعيد، وإن كانت طافت أربعة أقامت على مكانها، فإذا طهرت بنت
____________
(1) المقنع: 83.
(2) الفقيه 2: 238|1137، والمقنع: 83، والكافي 4: 441|7.
والتهذيب 5: 158|526، باختلاف يسير في الألفاظ.
(3) الفقيه 2: 238|1139، باختلاف يسير في الفاظ.
(4) ورد مؤداه في المقنع: 84.
(5) ورد مؤداه في التهذيب 5: 390|1362.
(6) مختلف الشيعة: 291 عن رسالة علي بن بابويه.

(231 )

وقضت ما بقي عليها (1)، ولا تجوز على المسجد حتى تتيمم وتخرج منه.
وكذلك الرجل إذا أصابه علة وهو في الطواف ولم يقدر إتمامه، خرج وأعاد بعد ذلك طوافه ما لم يجز نصفه، فإن جاز نصفه فعليه أن يبني على ما طاف (2)، وإن احتلم في المسجد الحرام يتيمم، ولا يخرج منه إلا متيمماً، وكذلك يفعل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله(3).
وإذا أردت الخروج من مكة فطف بالبيت أسبوعاً طواف الوداع، وتستلم الحجر والأركان كلها في كل شوط، وتسأل الله أن لا يجعله آخر العهد منه. فإذا فرغت من طوافك، فقف مستقبل القبلة بحذاء ركن الحجر الأسود، وادع الله كثيراً واجتهد في الدعاء، ثم تفيض وتقول: آئبون تائبون، لربنا حامدون، إلى الله راغبون، وإليه راجعون. واخرج من أسفل مكة، فإذا بلغت باب الحناطين تستقبل الكعبة بوجهك، وتسجد وتسأل الله أن يتقبل منك، وألا يجعل آخر العهد منك (4).
ثم تزور قبر محمد المصطفى صلّى الله عليه وآله فإنه صلى الله عليه وآله: « من حج ولم يزرني فقد جفاني » وتزور قبور السادة في المدينة عليهم السلام وأنت على غسل إن شاء الله، وبالله الإعتصام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (5).
____________
(1) ورد مؤداه في المقنع: 84، من « ومتى حاضت المرأة ».
(2) ورد مؤداه في الكافي: 4: 414|5، والتهذيب 5: 124|407. من « وكذلك الرجل... ».
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 60|224، والمقنع: 9، والهداية: 15.
(4) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 333، والمقنع: 94، والهداية: 66.
(5) الهداية: 67 باختلاف يسير.